المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالات وتقارير عن التنصير



أبو مريم السني
2012-12-13, 12:23 AM
التنصير فكرا وواقعا وخطرا
يحيي البوليني
وعلى الرغم من اختلاف أعداء الإسلام في الكثير من العقائد والأفكار والرؤى إلا أنهم اتحدوا في مواجهة الإسلام فكريا بعد أن اتفقوا عسكريا مرارا , فبعد هزيمة جيش الحملة الفرنسية وجلائها عن مصر عام 1801 م , توجه رفقاء المعلم يعقوب القبطي المصري إلى مرسيليا وكتبوا إلى بونابرت مراسلات يعرضون عليه فيها التعاون للعمل المشترك على إحلال القانون الفرنسي محل الشريعة الإسلامية في مصر.


بين طوفان عارم وارد من المذاهب الفكرية المخالفة للفكرة الإسلامية يسبح الناس , وتتقاذفهم الأمواج يمنة ويسرة يتخبطون , فمنهم من يثبته الله فيعتصم به سبحانه ويتمسك بحبل الله المتين بالمعين الصافي النقي , ومنهم من تستغرقه تلك الأهواء فلا يدري إلى أي نهاية تورده , ومنهم من يعجبه سيره ويغتر بعقله فيكون ممن " ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " .


وفي ظل حالة التيه التي يحياها الكثير من البشر , والتي لا يميزون فيها بين غث وسمين , أو بين ما هو حقيقي وزائف , ولا يوجد معيار ثابت يحكم الناس به على المذاهب والأفكار والرؤى , فيكثر المزيفون السراق الذين يحاولون طمس الحقائق وتزييف النتائج والأحكام , ويزينون للناس حديثهم ويكثرون في ترديدها لكي تكون الفتنة ظلماء دهماء " إذا أخرج يده فلا يكد يراها " , فلا يكاد يصدق المسلم أن كثيرا جدا مما تردده الإذاعات والقنوات والمواقع الإخبارية والجرائد الرسمية هراء كاذب لا أصل له ولا وجود , فيتصوره لفرط الدعاية له حقا صراحا لا لبس فيه .
وللمذاهب القضايا الفكرية خطورتها الشديدة على واقع الناس بل على دينهم , وقد لا يشعرون بخطرها الكبير إلا بعد فترة طويلة من الزمن , فالفكرة التي تلقى في الطريق ولا يلتفت لها أحد قد تعاني في إزالتها عدة أجيال حتى تستطيع أن تزحزحها من الوجود – إن استطاعت - , فمجرد فكرة صغيرة مثل " حاجة الناس للتجديد في الدين وأن الدين قد نزل منذ خمسة عشر قرنا " , فهذه الفكرة التي يختلف باطنها عن ظاهرها المعلن , والتي نبتت بها العلمانية في بلادنا المسلمة , لازلنا نعاني منها ومن آثار تفريط جيل لم ينتبه لها ولم يدرك حجم خطورتها , ولا زالت إلى الآن معاناة المسلمين في كثير من البلدان الإسلامية في وضع مادة في دساتيرهم تؤكد أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع .


والحرب الفكرية أشد خطورة من الحرب العسكرية بالجيوش , وهي أكثر فعالية لهم وأجدى من الحرب بالأسلحة التقليدية , فقد جرب الغرب مرارا الدخول في حروب عسكرية مع المسلمين وفشل , حتى نصحهم قائدهم العسكري المأسور في المنصورة والذي سمي بالقديس لويس وذلك في وثيقة لا تزال محفوظة في دار الوثائق القومية بباريس " لا سبيل إلى النصر والتغلب على المسلمين عن طريق القوى الحربية لان تدينهم بالإسلام يدفعهم إلى المقاومة والجهاد وبذل النفس في سبيل الله لحماية ديار الإسلام وصون الحرمان والأعراض به , والمسلمون قادرون دوما للانطلاق من عقيدتهم إلى الجهاد ودحر الغزاة وانه لابد من سبيل آخر وهو تحويل التفكير الإسلامي وترويض المسلمين عن طريق الغزو الفكري بان يقوم العلماء الأوربيون بدراسة الحضارة الإسلامية ليأخذوا منها السلاح الجديد الذي يغزون به الفكر الإسلامي " .


وأسست تلك الوصية لرؤية فكرية جديدة , بدأت في الدعوة لغزو فكري جديد لبلاد الإسلام , فيقول أحد مفكريهم وهو "فرانسوا شاتلي " وهو مستشرق ومنصر وذلك في كتاب شهير له يسمى " غزو العالم الإسلامي " : " إذا أردتم أن تغزوا الإسلام وتخضدوا شوكته ، وتقضوا على هذه العقيدة التي قضت على كل العقائد السابقة واللاحقة لها ، والتي كانت السبب الأول والرئيسي لاعتزاز المسلمين وشموخهم ، وسبب سيادتهم وغزوهم العالم ، عليكم أن توجهوا جهود هدمكم إلى نفوس الشباب المسلم والأمة الإسلامية ، بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم وتاريخهم ، وكتابهم القرآن ، وتحويلهم عن كل ذلك بوساطة نشر ثقافتكم وتاريخكم ونشر ورح الإباحية ، وتوفير عوامل الهدم المعنوي ، وحتى لو لم نجد إلا المغفلين منهم ، والسذج البسطاء لكفانا ذلك ، لأن الشجرة يجب أن يتسبب لها في القطع أحد أغصانها " .


وعلى الرغم من اختلاف أعداء الإسلام في الكثير من العقائد والأفكار والرؤى إلا أنهم اتحدوا في مواجهة الإسلام فكريا بعد أن اتفقوا عسكريا مرارا , فبعد هزيمة جيش الحملة الفرنسية وجلائها عن مصر عام 1801 م , توجه رفقاء المعلم يعقوب القبطي المصري إلى مرسيليا وكتبوا إلى بونابرت مراسلات يعرضون عليه فيها التعاون للعمل المشترك على إحلال القانون الفرنسي محل الشريعة الإسلامية في مصر كما عرضوا التعاون مع اليهود ضد الإسلام وأهله , فطلبت فرنسا المعاونة من كثير من الطوائف اليهودية كي تساعدها في مشروعها الاستعماري في الشرق المسلم مقابل مساعدة لليهود لإقامة وطن في أرض فلسطين .


ثم أغار على العالم الإسلامي ما سمي بالاستعمار الأوروبي ومن قبله الحروب الصليبية مغلفين بمسوح دينية كنسية ومطامع دنيوية ومن بعدهم انتشرت جمعيات التنصير في المجتمعات الإسلامية مصحوبة بالعديد من الإمكانيات المادية والبشرية وبالكثير من الوسائل الاتصالية التي تتطور يوما بعد يوم .


ولم يكن هدف التنصير دوما إدخال المسلم في النصرانية أو إدخالهم " ملكوت الله " كما يزعمون , بل كان الهدف دوما هو إخراج المسلم عن دينه وهذا ما صرح به أكابر منصريهم مثل صموئيل زويمر عام 1910 م " لقد جربت الدعوة إلى النصرانية فى أنحاء الكرة من الوطن الإسلامي ؛ وأن تجاربى تخوّلنى أن أعلن بينكم على رؤوس الأشهاد ، أن الطريقة التى سرنا عليها إلى الآن لا توصلنا إلى الغاية التي ننشدها , فقد صرفنا من القوت شيئاً كثيراً ومع ذلك فإننا لم ننقل من الإسلام إلى النصرانية إلا عاشقاً بنى دينه الجديد على أساس الهوى ، أو نصاباً سافلاً لم يكن داخلاً فى دينه من قبل ، حتى نعده قد خرج عنه بعد ذلك ، ولا محل لديننا فى قلبه حتى نقول إنه دخل فيه , ومع ذلك فالذين تنصّروا ، لو بيعوا بالمزاد لا يساوون ثمن أحذيتهم , يجب علينا قبل أن نبنى النصرانية في قلوب المسلمين أن نهدم الإسلام من نفوسهم ، حتى إذا أصبحوا غير مسلمين سهل علينا ، أو على من يأتى بعدنا أن يبنوا النصرانية فى نفوسهم أو فى نفوس من يتربون على أيديهم " .


جانب آخر من المهم ملاحظته , وهو الإجابة على تساؤل يقول هل نحن أمام دعوة أمرت بالعالمية ؟ أم أنها كدعوة كثير من الأنبياء خاصة لقوم معينين ؟!


إن الإجابة على هذا التساؤل وهي التي تفسر لنا أن هؤلاء المتنصرين لا يسعون بالفعل لتنصير غير النصارى من دافع ديني بل هو بهدف صرفهم فقط عن ديانتهم تكمن في كتابهم الذي ينعتونه بالمقدس ونحن نؤمن أن الكثير منه بل الأغلب محرف ومزور , ففي انجيل متى تأتي امرأة للمسيح عليه السلام لتطلب معونته فيرفض " ثم خرج يسوع من هناك وانصرف إلى نواحي صور وصيدا. * وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة ارحمني يا سيد يا ابن داود.ابنتي مجنونة جدا.* فلم يجبها بكلمة.فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين اصرفها لأنها تصيح وراءنا.* فأجاب وقال لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة.* فأتت وسجدت له قائلة يا سيد أعنّي.* فأجاب وقال ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكــلاب.* فقالت نعم يا سيد.والكلاب ايضا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها " . (متى 15 : 21 – 28) وأيضا (مرقص 7 : 24 – 30) .


وفي نص آخر بانجيل متى أيضا في إرساله لتلامذته " قاله فى الإصحاح العاشر من نفس إنجيل متّى : "هؤلاء الإثنى عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا : إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا. بل إذهبوا بالحرى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة " (متى : آية 5 و 6 ).


فهذه هي نصوصهم التي يؤمنون به , وهي واضحة في أن النصرانية لا تُبذل ولا يُتقدم بها كديانة إلا لبني إسرائيل جنسا ولليهود ديانة فقط , وان ما يفعلونه الآن من إقامة تلك الشبكات الهائلة من المنصرين والمنصرات تحت كل المسميات والخدع الإنسانية لهو من السيطرة السياسية التي ترتدي ثوب الدين زيفا .


ومن العجيب أنه لا توجد للمنصرين تلك الشبكات التنصيرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بين اليهود بقدر نسبتها وكثافتها بين المسلمين في كل أرجاء العالم بل وداخل فلسطين نفسها , وهناك جماعات يهودية منها حركة شاس تقدمت بقانون لأكثر من مرة يجرم ويعاقب قانونا على التبشير بالنصرانية بين أوساط اليهود في " إسرائيل " .


السياسة الغربية مخلب الكنيسة:
ظلت السياسة الغربية مرهونة بالكنيسة علنا بلا صدام لفترات طويلة في التاريخ ثم باتت مخفاة ظاهريا فقط في الفترات التي تلتها , وقد اقترنت السياسة الاستعمارية بالنشاط التنصيري في كل مكان حل به أحدهما , فكان كل منهما معينا للآخر وجالبا له وداعما على كل المستويات , ولهذا كان التخلص من أيهما سلما للتخلص من ويلات الآخر , وهذا ما أكدته كل الحوادث أمثال ما قاله الجنرال غورو عندما دخل سوريا بعد وقوعها تحت الاحتلال الفرنسي , فكان أول ما فعله أن ذهب إلى المسجد الأموي في دمشق حتى وصل إلى قبر البطل صلاح الدين الأيوبي ليرفسه بقدمه ثم يقول: ها قد عدنا يا صلاح الدين .


ويقر قس نصراني يدعى " مايكل بريور " معترفا بالدور الكبير للإنجيل في مساندة الاستعمار الغربي, فقال في كتابه " الكتاب المقدس والاستعمار " والذي طبع لأول مرة بالانجليزية عام 1995 وبالفرنسية عام 2001 , وجعله لبحث علاقة كانت خافية عليه بين النشاط الاستعماري ونصوص والكتاب المقدس , فقال : " قدمت الحروب الصليبية مثالا صارخا عن العلاقة بين الدين والسلطة السياسية ووضحت بشكل جلي كيف استخدم الكتاب المقدس في قمع الشعوب، ويرجع التفسير البابوي لهذا العنف إلى القديس " أوغسطين " الذي يعتمد على العهد القديم ليثبت أن الله يمكن أن يأمر بذلك , فالحرب التي تقوم باسم الله هي المثل الأفضل عن حرب عادلة، وأعلن البابا “أوربان الثاني” الحرب الصليبية الأولى في كنيسة “كليرمون” يوم 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 1095م باسم المسيح وضمن للجنود المغفرة لجميع خطاياهم، فقد كانوا يفعلون ذلك وفقا للرغبة الإلهية " من لا يحمل صليبه ويتبعني فلا يستحقني ".

ولا تزال السياسة الغربية لا تنفك عن نصوص كتابهم المقدس وليس أدل عليها من الجملة الشهيرة التي خرجت من فم جورج بوش إبان الحرب العراقية والتي سماها بالحرب الصليبية الجديدة , ولم تتغير تلك السياسة في عهده ولا عهد الذي تلاه وأظنها لن تتغير .

الغرب وتصدير فهم للعلمانية خاص بالمسلمين:
للعلمانية فهم لمصطلحها حاول كل المنتسبين لها تثبيته في اذهان الجميع , ألا وهو فصل الدين عن واقع الحياة وبالمفهوم الكنسي النصراني " دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله " , وبمفهوم البلاد الإسلامية أن الدين الإسلامي لا يخرج أبدا من حيز أربعة جدران وهي المسجد وينبغي ألا يتدخل في أي شأن من شئون الناس فهم أعلم بما يصلحهم ولهم أن يستوردوا أي مذهب من شرق أو من غرب ليحكموا به حياتهم وواقعهم .


وبالتالي فالمتدين في نظرهم هو الذي يتمسك ويتفاعل مع الدين داخل هذه الجدران فقط وأن كل من يخرج بها خارج الجدران ينبغي محاربته لمحاربته للعلمانية والتقدم – كما يدعون – ويرمى بالجهل والسطحية والظلامية والتخلف وغيرها من التهم المعلبة الجاهزة والتي تنتهي للاسم الجديد الذي رافق كل المتدينين في العالم الإسلامي وهو " الإرهابيين " .
لكن الغرب لا يتعامل بهذه الطريقة ولا ينظر هذه النظرة للمتدين الغربي , فالمتدين عندهم يلقى قبولا واحتراما , بل إن كل الساسة الذين يريدون أن يكسبوا أصواتا انتخابية فلابد وان تمر عبر بوابة الدين والتدين ولا يمكن لأي مرشح في أي انتخابات أن يتجاهل دور الدين والتدين في حياته .

والمواقف الدالة على ذلك كثيرة ومتنوعة ومنها ما قالته هيلاري كلينتون حين ترشحت كمنافسة أمام أوباما فقال مادحة تدينها وهي تذم في نفس الوقت غريمها فقالت في تصريحات دعائية لها : " الله معي , وأوباما لا يحترم الدين " , وفي الانتخابات الفرنسية الأخيرة حاول كل من المتباريين الولوج للناخب الفرنسي عبر الدين والتدين فقال ساراكوزي " إن فرنسا تعاني نقصا في أعداد القساوسة الشباب القادرين على تقديم الإجابة على الكم الهائل من تساؤلات الشباب " , وكذلك كان شان كل المرشحين الآخرين فكانت كلماتهم مثل فرانسوا بايرو الذي قال " أنه مسيحي ممارس لشعائره الدينية " وقالت مرشحة أخرى " أن بعض القيم التي تؤمن بها تعود إلى تعليمها الكاثوليكي الذي تلقته في الصغر " .
وهكذا فان الغزو الفكري الذي قام به الغرب على ديار الإسلام كان بدفع ديني من الكنيسة لا لتنصير المسلمين بل لإبعادهم عن دينهم وتركهم مسخا لا روح فيه , وكان أيضا ماديا بحتا لسرقة واغتصاب كل الثروات ومنعهم من تنمية مواردهم وثرواتهم التي تجعلهم لو استغلوها أمة ناهضة في يوم من الأيام .


الرابط
http://taseel.com/display/pub/default.aspx?id=2099&ct=4&ax=5

أبو مريم السني
2012-12-13, 12:30 AM
وهذه بعض المقالات من شبكة الألوكة
(ملفات خاصة عن قضايا التنصير في العالم الإسلامي (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/))

تعرف الإسلام كي تعرف المسيح أكثر

أشواق عبد الله العرفج

تتفق الديانتان الإسلامية والمسيحية في نقاط عدة تجعلهما أكثر تقاربا", حتى أن في القران الكريم آية فيها ثناء على المسيحيين أو النصارى فقد قال تعالى: {ولتجدن أقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون} سورة المائدة .

ومن المسلم به أن الله خلق الكون وحدد له نهاية مؤكدة وهي يوم القيامة , وقد خلق البشر لحكمة جليلة ألا وهي إفراده بالعبادة , ثم تجزى كل نفس بما كسبت ليحدد المصير الأبدي إما جنة عرضها السماوات والأرض فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من النعيم العظيم , أو نار جهنم وعذاب عظيم من يدخلها لا يموت فيرتاح من العذاب ولا يحيى فهو في حال أسوء من الموت نفسه .

والديانات السماوية من إسلام ونصرانية ويهودية لديها هذا الاعتقاد فكلها مصدرها واحد ألا وهو الخالق سبحانه .

وقد اقتضت حكمة الخالق أن يرسل للبشر رسولا" يهدونهم ويرشدونهم إلى ما فيه الصلاح والخير لهم في الدنيا والآخرة. فأولهم آدم وآخرهم محمد( الذي جاء بالإسلام دين العدل والرحمة وهو آخر الأديان والمنذر بقرب الساعة,وهو الدين الذي لم تحرفه أهواء البشر لأن الله تكفل بحفظة,فالقرآن نزل بالغة العربية والتي تعتبر من أشهر لغات العالم و العالمون بها كثر, بخلاف الكتب السماوية الأخرى فلغاتها اندثرت , والباقي منها ترجمات متناقضة ),وبين هذين النبيين أنبياء كثر منهم إبراهيم علية السلام وأبنائه إسماعيل وإسحاق ثم ابن إسحاق يعقوب الذي تنسب إليه الديانة اليهودية أو الإسرائيلية , ثم موسى , وعيسى الذي جاء بالمسيحية,صلوات الله وسلامه عليهم جميعا . فهذا اعتقادنا كمسلمين ( تعظيم أنبياء الله واحترامهم ).

فهؤلاء الأنبياء خير البشر وأكملهم , وكلهم متفقين على إفراد الله بالعبادة , أرسلهم الله مبشرين ومنذرين ,لألى يكون للناس حجه على الله حينما يحاسبهم يوم القيامة.

أما بعد .. فالواجب على البشر كلهم تعظيم الأنبياء و إجلالهم لأنهم رسل الله ,بعثهم لإنقاذ الناس من الظلمات والتخبط ,إلى النور و الهداية والإيمان ,فهم الموجهون المصلحون وهم أعظم البشر أخلاقا" وعدلا" وصدقا" صلوات الله وسلامة عليهم .

وهذه مجموعة من الأقوال المنصفة من أناس مختلفي الأعراق الأجناس والديانات :
1) القسيس دافيد بنجامين كلداني[من طائفة الكلدانيين الموحدين, التابعة للكنيسة الكاثلوكية الروماتية ,وكان يحمل شهادة الليسانس في علم اللاهوت] , الذي صار أسمة بعدما أسلم البرفسور . عبد الأحد داوود , الذي ألف كتاب بالغة الإنجليزية عنوانة: محمد في الكتاب المقدس الطبعة الأولى سنة1985يقول في كتابة:وإن( الهادي ) وهو (روح الحق)الذي بشر به المسيح,لم يكن غير (محمد) نفسه. وفد فسر سفر التكوين فصل 21الجملة 21(وجاء الرب من سيناء , وأشرق لهم من ساعير , وتلألأ قدما" من جبل فاران , وجاء معه عشرة الآف قديس, ومن يده اليمنى برزت نار شريعة لهم ) بقولة: فإذا كان محمد وكما هو معروف للجميع قد جاء من نسل إسماعيل , وابنه قيدار (عدنان),ثم ظهر بعد ذلك نبيا" في قفار فاران, ثم دخل مكة مع عشرة آلاف قديس (مؤمن), وجاء بالشريعة النارية إلى شعبه , أو ليست هذه النبوءة السالفة الذكر في سفر التكوين هي التي تحققت بالحرف الواحد؟؟

2) يقول الأديب العالمي تولستوي : لا ريب أن محمد ا"( صلى الله عليه وسلم) كان أعظم الرجال المصلحين الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة , ويكفيه فخرا" أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام , وأنه هو الذي منعها من سفك الدماء وتقديم الضحايا البشرية , وفتح لها طريق الرقي والمدنية.

3) ويقول برناردشو:يجب أن يدعى( محمد صلى الله عليه وسلم) منقذ الإنسانية .. فلو أن رجلا" مثله تولى زعامة العالم الحديث لنجح في حل مشكلاته, وأحل السلام والسعادة في العالم.

4) وهذا يوسف إسلام المغني البريطاني الشهير ونجم البوب سابقا" يقول: حينما درست سيرة الرسول( صلى الله عليه وسلم) أدركت الثروة الهائلة في حياته وسنته ووجدت الواحد واحدا" في الإسلام.

من هدي محمد صلى الله عليه وسلم :
1) رحمة البشر والحيوانات فمن أقواله (صلى الله عليه وسلم):((ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء))
2) العدل والمساواة بين جميع البشر فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى
3) التواضع ولين الجانب وبر الوالدين وصلة الأرحام
4) تحريم نقض العهود والمواثيق حتى مع الأعداء
5) تكريم النفس البشرية وحرمة الاعتداء عليها أو قتلها إلا إذا أعتدت, وحرمة تعذيبها.
6) الحث على حسن التعامل والأخلاق الكريمة.
7) احترام الناس وعدم الاستهزاء والسخرية بهم

وهذه رسالة خاصة للمسيحيين .. إننا لنعجب من إساءتكم لمحمد (صلى الله عليه وسلم) !؟ ونتساءل هل تعرفتم على سيرته العطرة , وعظيم أخلاقة , وبما جاء به من نصرة ودفاع وتكريم للنبي عيسى وأمه مريم عليهما السلام ؟

وتبرئته لمريم من التهمه الشنيعة التي إفتراها اليهود عليها حينما قالوا إنها زانية . فقد جاء في القرآن قوله تعالى {إن مثل عيسى كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} المائدة. حتى أنه في القرآن سورة كاملة باسم مريم تنزيها" وإكراما" لها وابنها . وتعتبر في الإسلام من أعظم نساء البشر وأكملهم , وكذلك قد أعلمنا الله على لسان نبيه محمد صلى الله علية وسلم عن قصة النبي عيسى عليه السلام ومصيره و نزوله في آخر الزمان ليحكم في الأرض بأخر الأديان التي أنزلها الله ألا وهو الإسلام .

رسالة إلى جميع الناس ... قبل أن تحكموا على الإسلام وعلى ( محمد صلى الله عليه وسلم ),أرجو منكم أن تتعرفوا عليه وعلى هدية ,فحقا سوف تحبونه وتنصفونه , كما فعل كثير من الناس .



رابط الموضوع

http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/30/#ixzz2EsK8v4sm

أبو مريم السني
2012-12-13, 12:45 AM
أساليب المنصريْن للوُصُول إلى أهدَافهم في المجتمعَات الإِسلاميَّة المُعاصِرة
د. مهدي رزق الله أحمد
المصدر: مجلة البحوث الإسلامية، العدد 22، 297-327
قال الله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهلِ الكِتَابِ لَو يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّن عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ}[1] {وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُل إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعتَ أَهْوَاءَهُم بَعدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلمِ مَالَكَ مِنَ اللهِ مِن وَليٍّ وَلاَ نَصِير}[2] {وَدَّت طَّائِفَةٌ مِّن أَهلِ الكِتَابِ لَو يُضِلُّونَكُم وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشعُرُونَ}[3] {لَتُبلَوُنَّ فِي أَموَالِكُم وَأَنفُسِكُم وَلَتَسمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلِكُم وَمِنَ الَّذِينَ أَشرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِن تَصبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِن عَزمِ الأُمُورِ}[4] صدق الله العظيم.
والكفر ملة واحدة.. اتفقوا في الأهداف.. وتشابهت وسائل وأساليب تحقيق تلك الأهداف. وفي الصفحات التالية خلاصة لأهم الأهداف والوسائل والأساليب التي تضمنتها حركة التنصير في العصر الحديث بصفة خاصة.

الأهداف:
1 - نشر المسيحية من منطلق عقدي.
2 - نشر المسيحية لتكون عاملاً عظيماً في توطين الحكم الاستعماري.
3 - توهين القيم الإسلامية، وبالتالي تفتيت وحدة الشعوب العربية الإسلامية والشعوب الإسلامية غير العربية وإبعاد المسلمين عن دينهم، وذلك حتى يسهل القضاء عليهم[5].

ومن الواضح من خلال تاريخ التنصير في العالم أنّ نشر الدين المسيحي من الأمور الثانوية جداً عند المنصرين، وقليل منهم هم الذين يسعون لنشر المسيحية من منطلق عقدي بحت، بل إن الكثيرين من الذين يمولون حملات التنصير ومن الذين يأتون في بعثاته لا صلة بين أهدافهم الحقيقية وبين الدين الذي يزعمون أنهم قد جاءوا لنشره، والدليل على ذلك أن الغرب النصراني نفسه أحوج من الشرق الإسلامي للحياة الروحية والمحبة والسلام الديني. فبينما نرى فرنسا دولة علمانية في بلادها نجدها الدولة التي تحمي رجال الدين في الخارج، ونجد أن اليسوعين المطرودين من فرنسا هم خصوم فرنسا في الداخل وأصدقاؤها الحميمون في مستعمراتها. وكذلك إيطالية التي ناصبت الكنيسة العداء وحجزت البابا في الفاتيكان، كانت تبني جميع سياساتها الاستعمارية على جهود المنصرين، ودعت إلى مجمع مسكوني في موسكو وحملت إليه المؤتمرين في طائراتها، وشرّف ستالين نفسه أولئك المؤتمرين بمقابلته، كل ذلك عندما أرادت أن تحقق لنفسها توسعاً إقليمياً وسياسياً تنافسياً مع الدول الغربية، وكثيراً ما كان العسكريون الإنجليز يحضون حكوماتهم على بث المنصرين في العالم. وجاء كثير من أفراد المنصرين إلى الشرق من منطلقات وطموحات شخصية[6].

وقد كتب رشيد الخوري في العصبة الأندلسية عام 1947م، ع4 متألماً من أمثال هؤلاء[7]. وأمثال هؤلاء هم الذين عناهم ((حسب)) عند حديثه عن التنصير في سورية. وفي ذلك يقول: "إن بعض هذه الأديرة كان مقراً للفاحشة".

إذن فالأهداف السياسية هي المحرك الأساسي لحركة التنصير، وإن هذا الهدف السياسي هو إضعاف المسلمين ليكونوا أداة طيعة في أيدي الشرق والغرب والصهيونية العالمية.

ولعل الإنسان يعجب إذا علم أن لليهود أصابع وبصمات بارزة في هذا المجال إذ أن العامل الأول في تطوير سلاحي الاستشراق والتنصير في القرنين التاسع عشر والعشرين عائد إلى اليهود الذين تظاهروا باعتناق النصرانية لهدمها من الداخل ومن ثم الزحف على أي قوى روحية دينية أخرى عند الإنسان، أي الدين عموماً. ووجهوا الحكومات الغربية ضد الدين[8].

إضافة إلى ذلك نجد – مثلاً – أن صمويل زويمر، الذي عمل في التنصير لمدة ستين سنة في البلاد العربية، لم يكشف عن يهوديته إلا عند احتضاره سنة 1952م، وذلك عندما طلب حاخاماً يهودياً يلقنه الشهادة. واحتفظت الكنيسة بهذا السر لأسباب تعلمها، كما يقول التل[9].

والذي نراه أن هدف اليهود من ذلك هو استغلال المسيحية الغربية لحرب الإسلام بسلاح التنصير، وفي النهاية إضعاف الدين عند المسلمين كما أضعفوه عند الغربيين. ومن الشخصيات البارزة في هذا المجال إلى جانب زويمر: وليام جيفورد بالكراف، الذي قال: "متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في سبيل الحضارة التي لم يبعده عنها إلا محمد وكتابه"[10].

وهاهو بلفور اليهودي – وزير خارجية بريطانية سنة 1917م، وصاحب الوعد المعروف – وعد بلفور – يعلن عن أهمية مؤسسات التنصير في خدمة أهداف السياسة[11].

لقد بدأ التنصير في البلاد الإسلامية بصفة خاصة والعالم بصفة عامة يدخل مرحلة جديدة بأساليب جديدة بعد أفول شمس الاستعمار العسكري، منطلقاً من فكرة الشاعر في قوله:

ينال الفكر ما تعيا الجيوش به كالموت مستعجلاً يأتى على مهل

ومنطلقاً من وصية القديس لويس التاسع، ملك فرنسة وقائد الحملة الصليبية الثامنة، الذي اندحرت جيوشه أمام عزيمة وإيمان قوات المسلمين في مصر ووقوعه في الأسر بمدينة المنصورة المصرية، إذ أنه عندما فدى نفسه من الأسر وعاد إلى بلاده، أدرك عدم جدوى الحرب المكشوفة مع المسلمين، لأن روح الجهاد والاستشهاد كانت أقوى مما يتصور. ورأى أن من الحكمة اتخاذ سبيل آخر للدخول إلى بلاد المسلمين وكان ذلك السبيل الذي أوصى به النصارى هو الغزو الفكري التنصيري والدخول في بلاد المسلمين تحت أقنعة مختلفة وبأساليب متعددة لإحداث التنصير المطلوب. وقد نفَّذُوا وصيته. ومنذ ذلك الحين كانت البعثات التنصيرية في طليعة عوامل تنصير المسلمين ونشر الثقافة الغربية بينهم خاصة في آسية وأفريقية.

لقد أدت البعثات التنصيرية خدمات كبيرة للإستعمار لتحقيق أهدافه التي عجز عنها بقوة السلاح، إذ عمد المنصرون إلى وسيلتين في غاية الخطورة لتنصير الآسيويين والأفريقيين بصفة خاصة. الوسيلة الأولى هي إنشاء المدارس النصرانية، والثانية هي تقديم الخدمات الطبية المختلفة للناس.

ونتيجة للأثر الفعال للتعليم في التغيير الاجتماعي والثقافي والعقدي فقد لوحظ تركيز مؤتمرات التنصير على أهمية التوسع فيه. ففي البحث رقم (20) من أبحاث مؤتمر المنصرين المنعقد بولاية كلورادو الأمريكية سنة 1978م، وصل الأمر بأن يقترح ريتشارد بيلي إنشاء كلية تكنولوجية في بنجلاديش كوسيلة من وسائل التنصير.

وركز جورج بيترز، مقدم البحث رقم (26) لذات المؤتمر، على أهمية إنشاء المدارس لتمكن الإرساليات من القيام بواجبها نحو تنصير المسلمين وخاصة مدارس البنات في الشرق الأوسط، وَذَكَّرَ المؤتمرين بدور الكليات والجامعات التنصيرية في البلاد الإسلامية، مثل: كلية روبرت باستنبول والجامعة الأمريكية ببيروت والقاهرة والكلية الفرنسية في لاهور بباكستان.

وكان من بين بنود جدول أعمال المؤتمر السنوي للبعثة التنصيرية لشمالي أفريقية المنعقد في عام 1979م: الاهتمام بالتعليم وفتح المدارس في أكبر عدد من البلدان حيث أن هذه المدارس تكون وسيلة فعالة لنشر تعاليم النصرانية واجتذاب أكبر عدد من سكان بلدان شمالي أفريقية.

ومن الأدلة الواضحة على أهمية التعليم النصراني، قول لوشاتليه[12] في مقدمته عن إرساليات التنصير البروتستانتية: "ينبغي لفرنسة أن يكون عملها في الشرق مبنياً قبل كل شيء على قواعد التربية العقلية".

وقوله، بعد أن ركز على أن السبيل الوحيد إلى هذا هو التعليم: "... وأنا أرجو أن يخرج هذا التعليم إلى حيز الفعل ليبث في دين الإسلام التعاليم المستمدة من المدرسة الجامعة الفرنساوية"[13].

وقول الكاردينال لافيجري[14] – مؤسس جمعيات التنصير – وهو: "... لا حاجة لنا إلى الدعوة لنفس الدين، بل الحاجة هي إلى التعليم والتمريض".

وقد سجل دعاة التنصير هذه الحقيقة في كثير من تصريحاتهم ومؤلفاتهم. ففي المؤتمر التنصيري لسنة 1924م، وجه المؤتمر إلى الاهتمام بأطفال المسلمين قائلين: "... في كل حقل من حقول العمل يجب أن يكون العمل موجهاً نحو النشئ الصغير من المسلمين.."[15].

وتقول المنصرة أنامليجان: "ليس ثمة طريق إلى حصن الإسلام أقصر مسافة من هذه المدرسة"[16].

ويرى هنري جسب[17]: أن التعليم في مدارس الإرساليات النصرانية إنما هو واسطة إلى غاية فقط، وأن تلك الغاية هي تنصير الناس وليس تعليمهم المهارات المختلفة.

ويقول تاكلي، أحد أعمدة التنصير: "يجب أن نشجع إنشاء المدارس على النمط الغربي العلماني، لأن كثيراً من المسلمين قد زعزع اعتقادهم بالإسلام والقرآن حينما درسوا الكتب المدرسية الغربية وتعلموا اللغات الأجنبية.."[18].

ويقول زويمر – عميد التنصير في الشرق الإسلامي لنصف قرن –: "ما دام المسلمون ينفرون من المدارس المسيحية فلابد أن ننشئ المدارس العلمانية، ونيسر لهم الالتحاق بها، هذه المدارس التي تساعدنا على القضاء على الروح الإسلامية عند الطلاب..."[19].

ولقد أورد الدكتوران مصطفى الخالدي وعمر فروخ[20] كثيراً من آراء المنصرين حول أهمية التعليم في التنصير، وعقدا فصلين – الثالث والرابع – خاصين لذلك في كتابهما المشهور: (التبشير والاستعمار في البلاد العربية..).
و
كذلك الجندي في كتابه: ((الإسلام في وجه التغريب)) تناول هذا الأمر في فصل بعنوان: ((التعليم في أحضان التبشير)) – ص167 – 173.

وممن فطن إلى خطر المدارس الأجنبية في مصر خاصة، الشيخ محمد عبده، ولذلك اقترح على مجلس المعارف الأعلى الذي ألف عام 1881م أن يتقرر جعل جميع مدارس الأجانب في مصر تحت مراقبة الحكومة وتفتيشها.. وتوقف مسعى محمد عبده بعد الاحتلال الإنجليزي لمصر، حيث جاء دنلوب – القسيس والمنصر الإنجليزي ومسئول التعليم في مصر – لينفذ سياسة الاستعمار والنصرانية في مصر[21].

وقد تأكدت النتائج الخطيرة التي حققها التعليم النصراني في تقريب المسافة بين الاستعمار وأهل الأوطان الإسلامية، إذ أن الذين حملوا لواء التشهير بالدولة العثمانية، وعملوا على تمزيق الرابطة الإسلامية بين العرب والأتراك، وتمكين الاستعمار في بلاد نفوذ الأتراك، كانوا ممن تعلموا في المدارس التنصيرية وكان منهم معظم أصحاب الدعوات القومية والعنصرية والإقليمية والعلمانية، والإنحلالية[22].

وقد فرضت أغلب هذه المعاهد على طلابها المسلمين الإلتزام بتقاليدها الخاصة، ومن ذلك حضور الصلوات في الكنيسة[23]. ومما يؤسف له أن تتلقى مثل هذه المؤسسات التنصيرية دعم بعض الحكومات في البلاد العربية الإسلامية[24].

أما الوسيلة الثانية – تقديم الخدمات الطبية المختلفة – فقد كانت واضحة في خطط المنصرين للعمل في المناطق التي يرتادونها. فمثلاً نجد منذ سنة 1959م أن الأمريكيين يعتبرون الطب مشروعاً مسيحياً[25]، ويقول الطبيب الأمريكي بول هاريسون في كتابه: (الطبيب في بلاد العرب): ص277: "لقد وُجِدنا نحن في بلاد العرب لنجعل رجالها ونساءها نصارى"[26].

ويوضح س.ا. موريسون، في مجلة العالم الإسلامي التنصيرية الحكمة من ذلك، وهي أن الطبيب يستطيع أن يصل إلى جميع طبقات البشر حتى أولئك الذين لا يخالطون غيرهم. وفرضوا أن يكون الطبيب المبشر نسخة حية من الإنجيل[27].
ففي عام 1924م أقام المنصرون مؤتمراً عاماً عقدوا جلساته في القدس وإسلامبول وحلوان المصرية وبرقانا اللبنانية وبغداد. واهتموا بصفة خاصة في جلسة القدس بالتطبيب على أنه وسيلة إلى التنصير، وفصلوا طرق ذلك[28].

لا غرو بعد هذا إذا رأينا مستشفياتهم ومستوصفاتهم تملأ الأرض في كل بلاد المسلمين، بل نجد منهم من يصرح أن نفراً من المنصرين قد أنشأوا مستوصفاً في بلدة الناصر بجنوبي السودان، لا يعالجون المريض فيه أبداً إلا بعد أن يحملوه على الاعتراف بأن الذي يشفيه هو المسيح[29].

واستخدموا أسلوب الاستعانة بالموسيقى والفانوس السحري لجذب الناس إلى اجتماعاتهم[30]. ومحاولة كسب الشباب المسلم وذلك بالتحدث إليهم في موضوعات اجتماعية وخلقية وتاريخية ثم ينطلقون منها إلى مباحث الدين[31].

واعتمدوا كثيراً على الصحف والكتب والسينما والمسرح في إذاعة الآراء التي تحقق إخراج المسلمين من مقومات فكرهم[32].

أبو مريم السني
2012-12-13, 12:51 AM
وادعو إنسجام الإسلام مع الحضارة الغربية بغية تقبل الناس للحضارة الغربية ومن ثم قبول المسيحية في المرحلة القادمة[33].

واستغلوا ما تعانيه البشرية في بعض بقاع العالم الثالث من كوارث ومجاعات طارئة، فأخذوا في تقديم العون لها ومن ثم دعوتها إلى النصرانية.. وهذا من الأمور المشاهدة في أفريقية وآسية بالذات.

وفي الحبشة كانت المعالجة لا تبدأ قبل أن يركع المرضى ويسألوا المسيح أن يشفيهم[34]. وللمنصرين حيل لجميع المرضى للعمل وسطهم قبل وصول الطبيب المعلن عن موعد مجيئه لهم[35]. كما فعلوا في الناصر بالسودان وباليمن. كانوا يعلنون هذه النوايا ويتواصلون على استغلال التطبيب في الدعوة إلى النصرانية[36].

وعندما تخفق جميع الوسائل والأساليب في تنصير المسلمين، يلجأ المنصرون إلى أسلوب إخراج المسلم من دينه. ومثال ذلك ما صرح به صمويل زويمر أمام مؤتمر القدس التنصيري سنة 1935م، قائلاً: ".. ولتكن مهمة التبشير التي ندبتكم لها الدول المسيحية في البلاد الإسلامية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريماً، وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها.."[37].

وما صرح به شنودة في الاجتماع المغلق الذي عقده في 5/ 3/ 1973م مع القساوسة والأثرياء بالكنيسة المرقسية بالاسكندرية، قائلاً: "... إن الخطة المرسومة هي التنصير بين الفئات والجماعات وذلك لزحزحة أكبر عدد من المسلمين عن دينهم... على أن يكون ذلك بطريقة ذكية، خشية الإثارة واليقظة وإفشال الخطة..."[38].

بل ظنوا أن استمرار الحرب الإسلامية – اليهودية، فرصة سانحة لخدمة أهدافهم وفي ذلك يقول شنودة: "... إننا يجب أن ننتهز ما هم فيه من نكسة ومحنة (يعني المسلمين المصريين خاصة والمسلمين عامة) – لأن ذلك في صالحنا، ولن نستطيع إحراز أية مكاسب أو أي تقدم إذا انتهت المشكلة مع إسرائيل سواء بالسلم أو بالحرب.."[39].

وظهر أسلوب إرسال الكتيبات والنشرات للأفراد على صناديق بريدهم، ومثال ذلك، ما وقع في يدي من ذلك الذي أرسل إلى المملكة العربية السعودية دعوة لعضوية نادي ((هوني قايد)) – بمعنى دليل العسل – العالمي للصداقة، تدعو لعقد علاقات صداقة بين الشباب من الجنسين، والهدف منها إفساد الحياة الاجتماعية الإسلامية بمثل هذه الوسائل الخبيثة الماكرة[40].

واعتمد المنصرون على أسلوب العمل المعتمد على الدراسات النظرية والميدانية والإحصائية لاكتشاف أفضل السبل والأساليب لتنصير المسلمين. ويعقدون المؤتمرات لمناقشة تلك الدراسات والأساليب والتجارب الميدانية. ومن تلك المؤتمرات:
1 - مؤتمر القاهرة، سنة 1324هـ/ 1906م.
2 - مؤتمر أدنبرة، سنة 1328هـ/ 1910م.
3 - مؤتمر لكنو بالهند، سنة 1329هـ/ 1911م.
4 - مؤتمر القسطنطينية في العام نفسه.
5 - مؤتمر القدس 1343هـ/ 1924م.
6 - مؤتمر جبل الزيتون بلبنان سنة 1346هـ/ 1927م.
7 - مؤتمر مجلس الكنائس العالمي التي يتكرر عقدها وبخاصة مؤتمرات الأعوام 1344هـ/ 1925م، 1346هـ/ 1927م، 1347هـ/ 1928م.
8 - مؤتمر القدس سنة 1380هـ/ 1961م.
9 - المؤتمر الأول حول تنصير العالم في برلين عام 1386هـ/ 1966م.
10 - مؤتمر مدراس بالهند سنة 1347هـ/ 1928م.
11 - مؤتمر السويد سنة 1389هـ/ 1969م.
12 - مؤتمر لوزان بسويسرا سنة 1394هـ/ 1974م.
13 - مؤتمر كلورادوا بأمريكا سنة 1398هـ/ 1978م.
14 - مؤتمر أستراليا سنة 1400هـ/ 1980م.
15 - مؤتمر أكسفورد في أغسطس 1986م.... إلخ.

ولم تبدأ هذه المؤتمرات في القرن الرابع عشر الهجري/ العشرين الميلادي، بل هي قديمة فمثلاً، في أواخر القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي، دعا البابا أوربان الثاني إلى عقد مجمع بهيئة مؤتمر للرهبان لدراسة مقاومة انتشار الإسلام ومبادئه باعتبارها تهدد الأفكار المسيحية.

إن مؤامرة تنصير المسلمين قد نسجت خيوطها بوضوح في مؤتمر كلورادوا المذكور الذي عقد تحت عنوان ((مؤتمر أمريكا الشمالية لتنصير المسلمين في العالم))[41] وتساءلوا في هذا المؤتمر: لِم لم يتم حتى الآن تنصير المسلمين كما يجب وبصورة أفضل؟

ولقد قرروا أن يكون مؤتمراً عملياً تنفيذياً يغير سياسة التنصير ووجهته، واتفقوا على أربعين بحثاً قدمها المنصرون أمام مؤتمرهم هذا.

لقد استمر المؤتمر منعقداً لمدة أسبوعين وكان مغلقاً على أعضائه وانتهى إلى وضع استراتيجية شاملة ذات أهداف معينة يتم تنفيذها في فترة زمنية محددة في كل بقعة من بقاع العالم الإسلامي لاسيما وسط الأقليات المسلمة في العالم. وقال دون مك كري في كتاب له عن هذا المؤتمر: "... إن الاستراتيجية التي وضعها المؤتمر ستبقى سرية لخطورتها"
وهو ما ذكره في بحثه أمام المؤتمر بعنوان: (الوقت المناسب لمنطلقات جديدة)، وقال: "... ولن نستطيع نشر هذه التقارير الكاملة لأنها تحتوي على حقائق ومعلومات حساسة للغاية، من الأفضل أن تظل طي الكتمان".

لقد عالجت الأربعون بحثاً المقدمة إلى هذا المؤتمر موضوعات رئيسة ضمن محاور ثلاثة، إذ تعرضت عشرة أبحاث لموضوع التصورات في العمل ومفاهيمه وعالجت ستة عشر بحثاً أخرى موضوع الطعم المطروح في مواجهة المسيحية للإسلام اليوم، وعالجت الأبحاث الأربعة عشر المتبقية الاستجابات المحددة التي تعد ضرورية للخدمات التنصيرية الفعالة بين المسلمين.

ومن بين الأبحاث التي أولاها المؤتمرون اهتماماً خاصاً، سبل محاولة الاتصال بالمرأة المسلمة التي يمكن عن طريقها الوصول إلى الأسرة المسلمة[42].

لقد أبانت هذه البحوث الأربعون عن كل أساليب ووسائل المنصرين للوصول إلى أهدافهم في البلاد الإسلامية. فمثلاً نجد البحث رقم (1) يعالج أهمية قبول الصيغ الثقافية المؤلفة عند الشخص المراد تنصيره. أما الصور والأشكال الثقافية المألوفة لدى الناس والتي يمكن استخدامها في تفهم الناس النصرانية، ومن الذي يحددها؟ وما المفروض والمقبول منها؟ وما الذي يحتاج إلى تأويل؟ فتلك أسئلة انعقد المؤتمر للإجابة عنها دون غيرها.

وفي البحث رقم (2) بعنوان: (الإنجيل واختلاف الثقافات)، يرى دونالد لاسون أن الأساليب الفعالة في التنصير هي أهمية احترام وجهة نظر المدعو للنصرانية وإجراء الحوار الهاديء معه، وإن هذا الاتجاه هو ما أكده فرانك كولي وآخرون في البحث رقم (2) عند دراستهم لوضع الإسلام والمسيحية في جنوبي شرقي آسية، وما أكده كذلك بشير عبد المسيح في البحث رقم (3)، إذ يلخص إلى أن احتواء الثقافة الإسلامية أمر مقبول استراتيجياً ويمكن الوصول إليه بلا عناء.
ومن الأساليب التي تناولها هارفي كون في البحث رقم (4): استخدام أسلوب التنصير الجماعي عن طريق الزعامات المحلية.

ومن الأساليب التي تناولها آرثر جلاسر في البحث رقم (6): أهمية تجنب الخوض في المسائل الدينية التي يتفوق فيها المسلم على النصراني[43].

أبو مريم السني
2012-12-13, 12:56 AM
ومن أساليبهم في تخطي عقبات وصول النصرانية إلى المسلمين هو دراسة اللاهوت الإسلامي لمعرفة العقبات التي يجب تخطيها والجسور التي يمكن أن يعبروا عليها إلى المسلمين، ذلك حسبما جاء في البحث رقم (11) بقلم كنيس كراج.
هذا بالإضافة إلى أساليب أخرى كثيرة تناولتها بقية الأبحاث، مثل أسلوب أهمية إنشاء الكنائس الوطنية والاعتماد على أناس لا يشغلون وظائف دينية (بحث رقم 15)، واستخدام البث الإذاعي بذكاء، مباشر وغير مباشر (بحث رقم 17، 24)، وترويج العلمانية والمادية في المجتمعات الإسلامية، وتعلم المنصرين للغات المحلية للمدعوين إلى النصرانية والعمل وسط المجموعات ذات العقائد البعيدة عن الإسلام والشباب والبدو (بحث رقم 18)، واستخدام ترجمات الإنجيل (بحث رقم 21، 23) واستخدام الأدب المسيحي (بحث رقم 22) والبحث عن ثغرات ينفذون منها إلى مبادئ الإسلام (بحث رقم 15) والاهتمام بما يسمونهم ((الخيامين)) في تنصير البلاد التي لا تسمح بالوجود العلني لمؤسسات التنصير، مثل بعض دول الخليج العربي!

والخيامون هم المدرسون والممرضون والأطباء والمهندسون والدبلوماسيون ومستشارو الأمم المتحدة والموظفون والعمال عموماً الذين يدخلون البلاد الإسلامية المغلقة في وجه التنصير لأداء مهام وظائف محددة تتعاقد معهم الحكومات والمؤسسات لأدائها.

ونبه المؤتمرون إلى أهمية أن يعمل هؤلاء الخيامون بحذر شديد وتخطيط دقيق مدروس. واستخدام الحوار الذي يفتح باباً للصداقات مع المسلمين ومن ثم التأثير فيهم (بحث رقم 34).

ومثل تقديم المعونات الغذائية والصحية (بحث رقم 37).. إلخ.

ونتيجة لاستخدام النصارى مختلف الوسائل والأساليب لتنصير المسلمين، فقد واجه المجتمع الإسلامي تحدياً كبيراً، تمثل في الوجود النصراني الكبير في آسية وأفريقية بصفة خاصة، ومثال ذلك أن إحصائية مجلس الكنائس الأندونيسي لطائفة البروستات تبين أن عدد كنائسها حتى عام 1972م فقط 9319 كنيسة و 23970 قسيساً و 6504 منصراً متفرغاً وعشرات الجامعات والمعاهد والمستشفيات الكبرى والمتنقلة ودور الأيتام والإذاعات المحلية وامتلاك الصحف الكبرى ودور النشر الكبرى، بينما يملك المسلمون صحيفة واحدة ويمتلكون السفن والطائرات للتنقل بين 30.000 جزيرة في أندونيسية.

وقرر مؤتمرهم التنصيري بجاوا الشرقية مدة عشرين سنة لتنصير جاوا و 50 سنة لتنصير أندونيسية! ويمتلكون مطاراً في منطقة كاليمنتان الغربية وأسطولاً من الطائرات العمودية وأسطولاً بحرياً[44].

لقد أعد أبو هلال الأندونيسي كتاباً خاصاً عن أندونيسية وموقف التنصير منها، بعنوان: (غارة تبشيرية جديدة على أندونيسية) فيه الكثير من أمثال تلك الحقائق والإحصاءات[45].

وفي عام 1911م نشرت مجلة الشرق المسيحي تقريراً عن المؤسسات والأجهزة التي يعمل من خلالها المنصرون في بلاد المسلمين، ومن تلك الإحصاءات التي حواها التقرير: 3838 إرسالية تنصيرية عامة، و34719 إرسالية تنصيرية من الدرجة الثانية، و1.412.044 عدد الأساتذة والتلاميذ، و88 جامعة وكلية بها 8628 طالباً، و552 مدرسة دينية لتخريج المنصرين والمعلمين وبها 12.761 طالباً و1714 مدرسة تنصيرية عليا بها 166.447 طالباً، و30.185 مدرسة ابتدائية بها 1.290.357 تلميذاً، و576 مستشفى، و1077 صيدلية، و11 مجلساً طبياً بها 830 طالباً، و98 معهداً للممرضات فيها 663 طالبة، ويشرف على إرساليات التنصير 520 جمعية عمومية عاملة و433 جمعية لإعانتها و22 جمعية مختلفة... إلخ، وكل ذلك قبل أكثر من ثلاثة أرباع قرن أي منذ سنة 1911[46].

وقبل أكثر من نصف قرن بلغ عدد الإرساليات التنصرية في الهند وحدها 377 إرسالية بالإضافة إلى 50 كلية و318 مدرسة ثانوية و78 مدرسة إجتماعية و65 مدرسة زراعية و11 مدرسة للمنصرين و10 مدارس لتخريج معلمين و170 صحيفة وجريدة ونشرة، وبلغت النفقات السنوية للإرساليات 227.330 مليون روبية[47].

ويذكر الكاتب التركي (ضياء أويغور) في كتابه (جذور الصهيونية) أن عدد ما طبع من الإنجيل بوساطة إرساليات التنصير خلال 150 سنة يزيد عن الألف مليون نسخة مترجمة إلى مائة ألف وثلاثين لغة عدا النشرات والمجلات، وقدرت هذه بسبعة آلاف مليون دولار.

إن من الثابت أن جمعية ترجمة الإنجيل في أفريقية تتولى إعداد أكثر من 442 ترجمة الإنجيل في طريقها إلى أفريقية لتوزيعها هناك كل حسب لغته، وتشتمل هذه الترجمات على: 72 ترجمة حديثة للإنجيل، وكانت قد ترجمت سابقاً وأصبحت غير متمشية، ولا ملائمة للمفاهيم الحديثة، مما حدا بهم إلى إعادة ترجمتها بما يوافق العصر، وهناك حوالي 350 ترجمة جديدة تعتبر الأولى من نوعها، وقد بلغت ميزانية هذه الجمعية سبعة ملايين دولار أمريكي خاصة بأفريقية وحدها[48].

وتجد الإشارة أيضاً إلى أن أكثر من 10 ملايين وثمانمائة ألف نسخة من الإنجيل قد تم توزيعها في العالم من قبل اتحاد جمعيات الإنجيل في العام الماضي فقط، كما تم شحن 5900 نسخة من الإنجيل باللغة العربية من كوريا إلى الشرق الأوسط وشمالي أفريقية، كما تم تزويد لبنان بثلاثة ملايين نسخة.

كما يجب التنبيه إلى أن هناك أكثر من 6 ملايين من الطلاب المسلمين يتعلمون في مدارس تخضع للكنيسة[49].
إن أمريكا وحدها تنفق على الإرساليات التنصيرية، ومنها أفريقية أكثر من 600 مليون دولار سنوياً، كما تنفق إنجلترا على ذلك أكثر من مليون جنيه أسترليني وكذلك بقية الدول الغربية الأخرى.

وفي دول الخليج العربي بالذات تجلت هجمة المنصرين الشرسة من خلال استغلالهم لحاجة أبناء هذه المنطقة لمطالب الحياة الضرورية من طب وتعليم وخبرات فنية[50] وقد ركز على أهمية هذه الأشياء في التنصير البحث الذي قدمه روبرت بيكيت وآخرون في مؤتمر كلورادو (رقم 17، 30).

وكان نتيجة هذا الاهتمام من قبل هذا المؤتمر والمؤتمرات التي قبله والتي من بعده، ذلك الوجود النصراني متمثلاً في مؤسساته التعليمية والطبية وغيرها، ومتمثلاً في نتائجه السلبية على المجتمعات الإسلامية، وتلك النتائج السلبية حدت بالدكتور حسين مؤنس إلى تحذير المسلمين منها، والعمل على تفاديها، ومن ذلك قوله عن التنصير في أفريقية: "وفي أيامنا هذه (أكتوبر 1977م) توقف تقريباً توسع الإسلام في أفريقية جنوبي الصحراء.. الزيادة التي تأتي هي من مواليد المسلمين... في أفريقية المدارية والاستوائية باستثناء زائيري، كان المسلمون عشرة أضعاف المسيحيين، واليوم أصبح المسيحيون أضعاف المسلمين. المعركة اليوم تدور حول كسب 70% من سكان أفريقية – وهو وثنيون – إلى الإسلام أو النصرانية... إذا سارت الأمور على هذا المنوال سنجد أنفسنا في أفريقية 150 مليوناً في مواجهة 300 مليون غير مسلم على الأقل"[51].

وقوله عن التنصير في آسية: "... وأحب ألا يستهين أحد بعمل هذه الأرساليات لقد طالما استهنا بأعمالها وقلنا: إن الإسلام وحد كفيل بإحباط كل جهودها، ولكننا في النهاية نجد أنفسنا أمام مواقف تتحول إلى مشاكل إسلامية قومية، كما في جنوب السودان... إن الأمريكيين يؤيدون أعمال التبشير بكل قواهم لكي يزعزعوا أقدام الإسلام في أندونيسية، فهل ننتظر حتى تتعقد المسألة أو تصبح مشكلة قومية هناك؟ ولماذا لا تتخذ حكومة أندونيسية منذ الآن قراراً حاسماً بإيقاف أعمال التبشير في بلادها لتنقذ نفسها من مشكلة لابد أن تظهر يوماً ما؟ وهل يعلم المسلمون مثلاً أنهم عندما قسموا جزيرة غينية الجديدة إلى قسمين: شرقي يتبع أسترالية؛ وغربي يتبع أندونيسية (إيريان الغربية) ركزت جمعيات التبشير جهدها في إيريان الغربية التابعة لأندونيسيا، لكي يحولوها إلى أرض مسيحية تاركين إيريان الشرقية – وهي تابعة لهم – لأنهم واثقون بأنها بلادهم.. نريد أن نقول هنا إن الإسلام في خطر في أندونيسية.. هل تذكر المثل الذي يقول: من مأمنه يؤتى الحذر؟ إذن فاذكر إلى جانب ذلك أننا سنؤتي في جنوبي شرقي آسية من مأمننا: أندونيسية...".

كل الذي ذكرناه من أساليب ناعمة ماكرة خبيثة غير مباشرة، تنطلي على قصيري النظر من المسلمين، لا يعني أن المنصرين لا يلجأون إلى الأساليب المباشرة في حرب الإسلام، سواء أكانت أساليب مادية أو معنوية، ومن أمثلة ذلك:
1 - عطلوا – مع قوى الاستعمار الأخرى – الدراسات الإسلامية في موزمبيق، ومنعوا استخدام اللغة العربية، ووضعوا جميع نظم التعليم بين أيدي المنصرين الكاثوليك[52].
2 - أغلقوا في الحبشة مكاتب تحفيظ القرآن سنة 1945م، واعتبروا تعليم اللغة العربية جريمة يعاقب عليها القانون[53].
3 - دبروا في نيجيريا الاغتيالات في مسرحية مكشوفة، عندما وجدوا المسلمين في مركز القيادة، ومثال ذلك ما حدث للزعيم النيجيري أحمدو بللو، ورئيس الوزراء النيجيري أبي بكر تفاوا بليوه وعندما حركت الصليبية والصهيونية عملاءها برئاسة (ايرونسي) وقيادة شوكور ما نزيجو من قبيلة أيبو النصرانية، وأصدر أوامره بإلغاء توحيد نيجيريا وفرض سيطرة أيبو على نيجيريا.. وحركوا عميلهم الجنرال أوجوكو ليقوم بمحاولات فصل إقليم بيافرا.. وتدفقت عليه الأسلحة من قوى النصرانية في الغرب المسيحي[54]. وعبر عن أهداف أوجوكو ((البروفيسور)) (النصراني جير يام أم ريك)، قائلاً: "إن الحظ السياسي لدولة بيافرا سيكون في وضع حد للتوسع الإسلامي في كل أرجاء أفريقية".
"إن الثورة البيافرية سوف تنشئ حكومة مسيحية في نظراتها.."[55].
4 - وفي زنجبار تعاونت الصهيونية والاستعمار مع المنصرين، ودبروا مذبحة جماعية عام 1963م، راح ضحيتها ثلاثة وعشرون ألفاً من المسلمين من مجموعة ستة وعشرين ألفاً[56].
5 - وتعاونوا مع ((ملتون أبوتي)) المسيحي المتعصب للإطاحة ((بعيدي أمين)) في أوغندة لأنه مسلم، وقتلوا المسلمين وألجأوهم إلى الهرب إلى البلاد المجاورة[57].
6 - كانوا ومازالوا في السودان وراء الفتن التي تعصف بجنوبي السودان. يذكر هولت في كتابه: (تاريخ السودان الحديث)، ص149 ((إشارة البروفيسور ليبون اليهودي. وعميد كلية الآداب بجامعة الخرطوم في السابق في محاضرة ألقاها في أروقة الجامعة، إذ يقول فيها: ".. إن السودان سيتطور تطوراً ملحوظاً سنة ألفين، هذا في الجزء الشمالي أما الجزء الجنوبي فإنه سينفصل وينضم إلى دولة ستنشأ يومئذ واسمها دولة أواسط أفريقية"[58].
وعندما انكشف دور الأوربيين النصارى في هذه المؤامرة طردوا من البلاد[59].
7 - سعوا إلى تنصيب رؤساء الدول الإسلامية في أفريقية بالذات من بين النصارى الأفريقيين، فعلوا ذلك في السنغال أيام سنغور، وفي غامبيا.. ولكن الله هدى الرئيس الغامبي الحالي فعاد إلى حظيرة الإسلام. وفي تشاد نصبوا تمبال باي.. وفي أفريقية الوسطى نصبوا ((بوكاسا)).. وعندما أسلم تمكنوا من عزله وطردوه[60].
8 - سعوا مع المستشرقين في تشويه صورة الإسلام في شخص الرسول r وفي القرآن الكريم[61].
لم يتركوا ميداناً من ميادين الدراسات الإسلامية إلا اقتحموه لبث سمومهم وافتراءاتهم تلميحاً وتصريحاً.
9 - خططوا عن طريق الضغوط الدبلوماسية إلى علمنة الدساتير الإسلامية، أو على الأقل ضمان ما يسمونه ((حرية تنصير المسلمين بقوة الدستور)).. وذلك عندما فشلوا في فرض حكومات نصرانية في البلاد ذات الثقل الحضاري، مثل مصر[62].
ولذلك نراهم يتحدثون عن تأثير الحضارة الغربية على الشرق كوسيلة من وسائل التغيير لتفريغ الدساتير من محتواها الإسلامي لتصبح شكلاً بلا مضمون أو بلا موضوع..
10 - استغلال الحماية الأجنبية التي كانت تسيطر على البلاد.. ففي مصر – مثلاً – نجد الحكومة الاستعمارية، تفصل بضعاً وسبعين عالماً أزهرياً من وظائفهم بتهمة التصدي لنشاط الإرساليات النصرانية[63].
11 - وفي موزمبيق فتك الدكتور الصليبي الدواردو بالمسلمين الذين شاركوا معه في تحرير موزمبيق من الاستعمار البرتغالي تحت اسم حركة ((فريملو))، وتبنى الرئيس سامورا ماشيل الشيوعي النصراني سياسة فظة ومليئة بالكراهية تجاه المسلمين[64]، وبذلك سار في نفس طريق السياسة الاستعمارية البرتغالية[65].
12 - أما في الكونغو فقد رفضت الدولة الاعتراف بالإسلام، ورفضت أن تكون اللغة السواحلية، لغة رسمية للبلاد لأن بها 60% من الكلمات العربية، وقد جمع المسلمون أنفسهم بعد الاستقلال وطالبوا بالشخصية المدنية ليكون لهم نوابهم وممثلوهم ومدارسهم ومؤسساتهم، ووعدهم رئيس الوزراء السابق ((أدولا)) بكل خير، ولكنه أبعد عن الحكم قبل أن ينفذ شيئاً واتهمه المستعمرون البلجيك والمنصرون بأنه مسلم وأن اسمه ((عبدالله))، وأنا أباه سنغالي مسلم.
لا عجب في ذلك، ففي الكونغو ما يزيد عن 15 ألف بعثة تنصيرية من الدول الأوربية ويعملون وفق خطة مرسومة[66].
13 - وبعد أن أبعدوا الأغلبية الإسلامية عن مراكز القيادة في تشاد، كان ((تومبال باي)) تلك العصا التي يضرب بها النصارى المسلمين، ولهذا كان لابد لمنظمة ((فرولينا)) أن تعمل لتغيير هذا الوضع الذي استمر حتى بعد زوال ((تومبال باي))[67].
14 - وما زال الشعب الأرتيري معزولاً عن سيادة نفسه، بل أجبروه ليظل في فلك الحبشة النصرانية الصليبية[68].
15 - وفي أندونيسية قاموا بكل عمل من شأنه إضعاف انطلاقة الإسلام وتشجيع التنصير والعلمانية[69].

أبو مريم السني
2012-12-13, 12:56 AM
ثبت بأهم مصادر ومراجع البحث
أولاً: الكتب.
ثانياً: الدوريات.

1 – الكتب
1 - القرآن الكريم.
2 - التل، عبدالله: جذور البلاء، ط2، بيروت، المكتب الإسلامي، 1405هـ/ 1985م.
3 - الجبهان، إبراهيم سليمان: ما يجب أن يعرفه المسلم من حقائق عن النصرانية والتبشير، ط1، الرياض، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، 1397هـ/ 1977م.
4 - الجندي، أنور: الإسلام في وجه التغريب – مخصصات التبشير والاستشراق، القاهرة دار الاعتصام، د.ت.
5 - خليل، د. عماد الدين: مأساتنا في أفريقية، ط1، بيروت، مؤسسة الرسالة 1987م.
6 - شاتليه، أ.ل: الغارة على العالم الإسلامي، ترجمة وتلخيص محب الدين الخطيب ومساعد اليافي، جدة، الدار السعودية للطباعة والنشر، د.ت.
7 - شلبي، د. عبدالودود: أفيقوا أيها المسلمون قبل أن تدفعوا الجزية، ط4 جدة، دار المجتمع للنشر والتوزيع، 1406هـ/ 1986م.
8 - فروخ، عمر، ومصطفى الخالدي: التبشير والاستعمار في البلاد العربية، ط5، بيروت، شركة علاء الدين للطباعة والتجليد، 1973م.
9 - مك كري: التنصير والإسلام، ترجمة الأستاذ آدم أبو الرجال وآخرون، الرياض، مؤسسة الراجحي الخيرية، 1986م.
10 - الملكاوي، د. محمد عبدالقادر خليل: المناظرة الكبرى بين الشيخ رحمة الله والدكتور القسيس فندر، جمع وتحقيق وتعليق ونشر الدكتور الملكاوي، ط1، الرياض، دار ابن تيمية للنشر والتوزيع والإعلام، 1405هـ.
11 - نقرة، د. التهامي، وآخرون: مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية، الرياض، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومكتب التربية العربي لدول الخليج 1405هـ/ 1985م، جزءان.
12 - أبو هلال الأندونيسي: غارة تبشيرية جديدة على أندونيسية، ط4، جدة، دار الشروق، 1400هـ/ 1980م.


2 – الدوريات
1 - جريدة البلاغ، العدد 58 – 13 ربيع الآخر، 1390هـ، 17 يونيو 1970م، ((مؤامرة في نيجيريا))، معلومات تنفرد البلاغ بنشرها.
2 - جريدة البلاغ، العدد 414 – 17 يوليو 1977م، ((أنقذوا عيدي أمين، إنه يتعرض لحرب صليبية شرسة)).
3 - جريدة البلاغ، العدد 451 – 4 يونيو 1978م، ((الإسلام في موزمبيق)).
4 - جريدة البلاغ، العدد 395 – 6 مارس 1977م، ((أوغندا.. المبشرون يتآمرون فاحذروهم أيها الغافلون)).
5 - مجلة حضارة الإسلام، مجلدات 1 – 3، سنة 1384هـ، تموز 1964م، العدد الأول، السنة الخامسة، ((ضيف الحضارة الحاج إبراهيم أحمد أبو بكر الهرري)).
6 - حضارة الإسلام، العددان 3 – 4، السنة الثامنة، جمادى الأول والآخر، سنة 1387هـ، أيلول 1967م، ((مأساة المسلمين في نيجيريا)).
7 - حضارة الإسلام، المجلد الثامن، العددان 1 – 2، ربيع أول وآخر، سنة 1387هـ، حزيران – تموز 1967م، ((مأساة المسلمين في أثيوبية)).
8 - حضارة الإسلام، العدد 5، رجب 1388هـ، السنة التاسعة، تشرين 1968م، ((حالة المسلمين في الحبشة)) بقلم الشيخ محمد العبودي، الأمين العام للجامعة الإسلامية.
9 - مجلة كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض العدد 4، سنة 1400هـ، ((تصدي الإرساليات النصرانية لتقدم الإسلام بين الشعوب الوثنية في وادي النيل))، بقلم الدكتور إبراهيم عكاشة علي.
10 - مجلة المسلمون، المجلد الثامن، العدد 3، كانون الأول 1963م، ((حملة التشهير الآثمة على السودان)) بقلم الأستاذ القاضي/ عثمان خالد مضوي.
11 - مجلة المسلمون، المجلد الثامن، العدد 5، سنة 1387هـ ((مغزى كارثة زنجبار)) بقلم الأستاذ محمد المجذوب.
12 - مجلة هذه سبيلي، التابعة للمعهد العالي للدعوة الإسلامية، جامعة الإمام، العدد الثاني سنة 1399هـ، ((أفريقية والنصرانية))، بقلم الدكتور مهدي رزق الله أحمد.
13 - مجلة الهلال، أكتوبر 1977م، ((الإسلام في خطر)) بقلم د. حسين مؤنس.
14 - مجلة الهلال، نوفمبر 1977م، ((إسلام آسية في خطر)) بقلم د. حسين مؤنس.

ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـ
[1] سورة البقرة: 109.
[2] البقرة: 120.
[3] آل عمران: 69.
[4] آل عمران: 186.
[5] في هذه المسألة أنظر: مجلة ((هذه سبيلي))، العدد الثاني، السنة الثانية، 1399هـ، صادرة عن المعهد العالي للدعوة الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، مقال ((أفريقية والنصرانية)) بقلم الدكتور مهدي رزق الله، ص279، قول زويمر سنة 1925م. وتكراره ذلك في أكثر من مناسبة.. انظر قوله بعد هذه الفقرة، نفس ص279.. وانظر قوله أمام مؤتمر القدس التنصيري سنة 1935م.. وخلاصة القول في هذه المسألة أن المنصرين يسعون إلى إخراج المسلم من دينه إذا فشلوا في إدخال النصرانية. وفي هذه الناحية انظر أنور الجندي: الإسلام في وجه التغريب – مخططات التبشير والاستشراق، القاهرة، دار الاعتصام، د.ت.، ص70.
[6] انظر: التبشير والاستعمار في البلاد العربية – الدكتور عمر فروخ والدكتور مصطفى الخالدي، ط5، بيروت، شركة علاء الدين للطباعة والتجليد، 1973م، ص34 – 35.
[7] المرجع نفسه، ص35.
[8] أسد: 43.
[9] التل، عبدالله: جذور البلاء، ط3، بيروت، المكتب الإسلامي، 1405هـ/ 1985م ص28.
[10] التبشير والاستعمار، مرجع سابق، ص55.
[11] أفريقية والنصرانية، مرجع سبق ذكره، ص287.
[12] الغارة على العالم الإسلامي، تحريراً. ل شاتليه، نقلها إلى العربية ولخصها محب الدين الخطيب ومساعد اليافي، جدة، الدار السعودية للطباعة والنشر، ب.ت.، ص13.
[13] المرجع نفسه، ص14.
[14] انظر: أفريقية والنصرانية، بحث للدكتور مهدي رزق الله أحمد – منشور بمجلة هذه سبيلي التي يصدرها المعهد العالي للدعوة الإسلامية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – الرياض – العدد الثاني، سنة 1399هـ، ص284.
[15] المرجع والمكان نفسهما؛ الإسلام في وجه التغريب – أنور الجندي، مرجع سبق ذكره، ص167.
[16] المرجعان والمكانان نفسهما.
[17] انظر: التبشير والاستعمار في البلاد العربية، مرجع سبق ذكره، ص66 – 67.
[18] المرجع نفسه، ص88.
[19] الغارة على العالم الإسلامي، ص82. إن هذا الاتجاه الخطير هو ما تؤكده دائماً الأبحاث التي تقدم في مؤتمرات التنصير ويظهر جلياً من خلال المناقشات في تلك المؤتمرات، ومن الأمثلة على ذلك أن المنصر والمستشرق الكبير كنيث كراج، الذي ترأس مؤتمر التنصير الذي انعقد في إحدى كليات جامعة أكسفورد من 18 – 25 أغسطس 1986م، قال في محاضرة له في هذا المؤتمر، عنونها: ((موضوعات مشتركة بين المسلمين والمسيحيين)) إن نجاح الحضارة العلمانية الغربية في غزو المسلمين يمثل عاملاً حاسماً في التقريب بينهم وبين المسلمين..)) إلخ. إن دور العلمانية في مساندة التغيير من الموضوعات التي اهتم بها كراج في أبحاثه، انظر في ذلك:
K. Cragg: Counsels in Contemporary Islam (Islamic Surveys 3 E.U.P 1965),PP. 9, 192.
[20] التبشير والاستعمار، ص65 – 112.
[21] الإسلام في وجه التغريب، مرجع سبق ذكره، ص29.
[22] انظر: الإسلام في وجه التغريب، مرجع سبق ذكره، ص168.
[23] المرجع نفسه، ص169.
[24] انظر مثال ذلك: أفيقوا أيها المسلمون، ص58 وما بعدها.
[25] التبشير والاستعمار، ص59.
[26] المرجع والمكان نفسهما.
[27] المرجع والمكان نفسهما.
[28] المرجع نفسه، ص60.
[29] صرحت بذلك المنصرة ماليجان في كتابها المطبوع بفلادلفيا سنة 1921، بعنوان: ((Facts and Falks on Field Abroad)) . ص159.. نقلاً عن المرجع السابق، ص62. ومن الأدلة على ذلك ما شاهده علي رياض في مستشفى هرمل بالقاهرة (انظر في ذلك: افيقوا أيها المسلمون قبل أن تدفعوا الجزية)، ص47 – 48.
[30] انظر الإسلام في وجه التغريب، مرجع سبق ذكره، ص93.
[31] المرجع والمكان نفسهما.
[32] المرجع نفسه، ص94.
[33] المرجع نفسه، ص94 – 95.
[34] المصدر نفسه، ص32، ومرجع ومكان النقل نفسهما.
[35] المصدر نفسه، ص142، ومرجع ومكان النقل نفسهما.
[36] التبشير والاستعمار، ص62 – 63.
[37] ما يجب أن يعرفه المسلم من حقائق عن النصرانية والتبشير، إبراهيم سليمان الجبهان، ص105، جذور البلاء: عبدالله التل، مرجع سبق ذكره، ص275 – 276، وهذا القول نفسه ذكره أمام مؤتمر أدنبرج التنصيري سنة 1910م وأمام مؤتمر جبل الزيتون التنصيري سنة 1927م انظر: الإسلام في وجه التغريب، ص70.
[38] المرجع والمكان نفسهما.
[39] المرجع والمكان نفسهما.
[40] عن هذا الأسلوب، راجع: مجلة الإصلاح، عدد رمضان 1402هـ/ ص8 – 11، ومجلة الدعوة السعودية، العدد 798 بتاريخ 14 رجب 1402هـ، ص6، عدد 611، ص13، تحت عنوان: (بيان من رابطة العالم الإسلامي حول المنشورات النصرانية) وقد درجت هذه المنشورات على مهاجمة الإسلام والدعاية للنصرانية، وهي صادرة عن عدة مصادر، أهمها: (1) صوت كلمة الحياة بأسبانية – ملقا، ص.ب. 57. (2) دار الهداية بسويسرا، ويكون، ص.ب 66. (3) مفتاح المعرفة، فرنسة، مرسيليا، ص.ب 14. وانظر: أفيقوا.. مرجع سبق ذكره، ص70 – 73.
[41] نشر أبحاث هذا المؤتمر السيد/ مك كري في أمريكا باسم (The Gospel and Islam ) وترجمته ((الإنجيل والإسلام)) أو ((التبشير والإسلام)).
[42] عن التنصير والمرأة المسلمة انظر: الإسلام في وجه التعريب، مرجع سبق ذكره ص179 – 181.
[43] إن من الدروس البالغة الأهمية التي تلقاها المنصرون من نتائج المناظرة مع المسلمين هي تفوق الشيخ رحمة الله الهندي على الدكتور القسيس فندر وذلك في المناظرة الكبرى التي جرت بينهما في الهند سنة 1270هـ/ 1854م. قام بتحقيق هذه المناظرة والتعليق عليها زميلنا بقسم الدراسات الإسلامية محمد عبدالقادر الملكاوي ونال بهذا العمل درجة الدكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة من كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض. انظر ردة الفعل العنيفة لدى المنصرين، ص376 – 378 من رسالة د. الملكاوي وانظر في تحذير المنصرين من الخوض في مجادلة المسلمين المراجع الآتية:
التبشير والاستعمار، ص50، الغارة على العالم الإسلامي، ص54 – 55.
[44] انظر مجلة الأمة القطرية، رجب 1401هـ، ص43.
[45] انظر: أبو هلال الأندونيسي: غارة تبشيرية جديدة على أندونيسية، ط4 جدة، دار الشروق، 1400هـ/ 1980م.
[46] الغارة على العالم الإسلامي، مرجع سبق ذكره، ص112 – 113.
[47] انظر: الإسلام في وجه التغريب، مرجع سبق ذكره، ص56.
[48] المسلمون – العدد 88، في 8 – 14 صفر 1407هـ، 11 – 17 أكتوبر 1986م، ص10، تحت عنوان (بدون تعليق)، بقلم عبدالرحمن القباع من الدار البيضاء.
[49] راجع: المجتمع الكويتية، عدد 553، في 6 صفر 1402هـ: 22 ديسمبر 1981م، بعنوان ((مذكرة تفصيلية بالإحصاءات عن الوجود النصراني في الخليج، ص20.
[50] في هذا انظر الكتاب الخطير: أفيقوا أيها المسلمون... قبل أن تدفعوا الجزية – الدكتور عبدالودود شلبي – دار المجتمع للنشر والتوزيع – جدة.
[51] مجلة الهلال، أكتوبر 1977م، ((الإسلام في خطر)) بقلم الدكتور حسين مؤنس ص45 – 49.
[52] انطر: جريدة البلاغ – العدد 451 – 4 يونيو 1978م – الإسلام في موزمبيق، ص42.
[53] حضارة الإسلام – العدد 5 – رجب 1388هـ – السنة التاسعة، ((حالة المسلمين في الحبشة)) بقلم الشيخ محمد العبودي، ص72 – 75. وانظر: جريدة حضارة الإسلام – المجلد الثامن – العدد 1، 2 – ربيع أول وآخر 1387هـ، حزيران وتموز 1967م، ((مأساة المسلمين في أثيوبيا))، ص16 – 165.
[54] انظر تفاصيل ذلك في ((عماد الدين خليل)) مأساتنا في أفريقية، ط1، بيروت، مؤسسة الرسالة 1987م.
[55] انظر في ذلك: جريد البلاغ – العدد 58 – الأربعاء 13 ربيع الآخر 1390هـ، الموافق 17 يونيو 1970م، ((مؤامرة في نيجيريا)) – معلومات تنفرد البلاغ بنشرها، ص19 وما بعدها، جريدة البلاغ، العدد 404 – 17 يوليو 1977م، ((مقال بعنوان أنقذوا عيدي أمين، إنه يتعرض لحرب صليبية شرسة))، ص27، مجلة حضارة الإسلام، عدد 9، السنة 6، ذو القعدة 1385هـ/ آذار 1966م. ((نيجيريا والمخالب السود)) بقلم د. محمد أديب الصالح، ص917 – 922.
[56] انظر: مجلة هذه سبيلي – بحث ((أفريقية والنصرانية))، مرجع سبق ذكره، ص291، عماد الدين خليل: مأساتنا في أفريقية، مرجع سبق ذكره، ص110.
[57] انظر: جريدة البلاغ – العدد 414 – 17 يوليو 1977م – ((انقذوا عيدي أمين إنه يتعرض لحرب صليبية شرسة)).
[58] انظر: المرجع نفسه، ص59، مجلة هذه سبيلي، أفريقية والنصرانية، المرجع السابق، ص291.
[59] انظر: ((مجلة المسلمون)) المجلد الثامن – عدد 3 – كانون الأول، 1963م، ((حملة التشهير الآثمة على السودان)) بقلم الأستاذ عثمان خالد مضوي، ص307 وما بعدها.
[60] انظر في ذلك: مأساتنا في أفريقية، مرجع سبق ذكره، ص83 – 86.
[61] انظر في ذلك: جذور البلاء، مرجع سبق ذكره، ص207 – 222، مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية، الجزء الأول – صادر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومكتب التربية العربي لدول الخليج 1405هـ، بحث ((القرآن والمستشرقون)) للدكتور التهامي نقرة، ص19 – 57. وبحث ((المستشرقون والسيرة النبوية)) بقلم الدكتور عماد الدين خليل، ص113 – 201، بحث ((منهج مونتغمري)) و1 ط في دراسة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم))، بقلم د. جعفر شيخ إدريس، ص205 – 247.
[62] انظر: مجلة كلية العلوم الاجتماعية – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العدد 4 سنة 1400هـ، بحث بعنوان: ((تصدي الإرساليات النصرانية لتقدم الإسلام بين الشعوب الوثنية في وداي النيل، بقلم د. إبراهيم عكاشة علي، ص95 – 98.
[63] المرجع نفسه، ص103.
[64] انظر: البلاغ، عدد 451، 4 يونية 1978م، ((الإسلام في موزمبيق)) ص2.
[65] انظر: مأساتنا في أفريقية، ص128.
[66] انظر: مجلة هذه سبيلي، أفريقية والنصرانية، مرجع سبق ذكره، ص290، مأساتنا في أفريقية، ص9.
[67] انظر: البلاغ، عدد 385، ديسمبر 1977م. ((فرولينا ثورة في تشاد))، ص22 – 24، مجلة هذه سبيلي، المرجع السابق، ص292.
[68] انظر: مجلة الأمة، عدد2، السنة الأولى، صفر 1401هـ/ ديسمبر 1980م، ((مأساة المسلمين في أرتيريا))، بقلم الدكتور عبدالعظيم الديب، ص56 – 59.
[69] انظر تفاصيل ذلك في مثل: مجلة الأمة، رجب 1401هـ، ((أندونيسية المسلمة في مواجهة المخططات التنصيرية الاستعمارية))، تحقيق نبيه عبد ربه، ص33 – 43.


رابط الموضوع
http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/263/#ixzz2EsMAPCBL

أبو مريم السني
2012-12-13, 01:03 AM
في مناطق الكوارث والنكبات فتش عن المنصرين!!
أحمد محمود أبو زيد
• أكثر من مئة منظمة تنصيرية دخلت العراق عقب الاجتياح الأمريكي، والمنصِّرون يعتبرون العراق بوابة الحملة الصليبية الشاملة إلى الجزيرة العربية والعالم الإسلامي.
• يحرص المنصِّرون على استغلال الكوارث والأزمات وآلام الشعوب، والعمل وسط المنكوبين واستغلال معاناتهم.
• سارعت منظمات التنصير إلى المناطق المنكوبة في أندونيسيا وسيريلانكا والهند وتايلاند عقب زلزال (تسونامي)، تحت غطاء تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين، وبدأت في نشر أفكارها التنصيرية، خاصةً بين الأطفال والأرامل.
• 100 ألف طفل يتيم فقدوا آباءهم في إقليمَي (أتشيه) و(سومطرة) نتيجة الزلزال، وقد قامت المنظمات التنصيرية بترحيل عدد كبير منهم لتنصيرهم خارج أندونيسيا.
• أعلنت منظمة (كاريتاس) العالمية الكاثوليكية أنها تستهدف 125 ألف مسلم في (دارفور).
• منصِّر يقول: "مليون شخص في (دارفور) معرَّضون للموت، وهذا العدد الضخم يعتبر صيداً سهلاً لمنظمات التنصير".
• بعد سقوط (طالبان) واحتلال أمريكا للأراضي الأفغانية؛ أصبحت أفغانستان مرتعاً لجماعات التنصير، التي دخلت تحت ستار المنظمات الإنسانية.
• إرسال 70 فرقة تنصيرية أمريكية إلى جنوب أفريقيا، مؤهلين ومدربين على العمل في أحلك الظروف، وفي قلب الغابات والحروب والأمراض.

* * *
حملات التنصير ليست وليدة اليوم، ولكنها بدأت منذ قرون طويلة خاصةً في فترات الاحتلال؛ حيث استغلت منظمات التنصير المشبوهة حالة الفقر والجهل التي كانت تعيش فيها الدول المستعمرة لنشر أفكارها التنصيرية، تحت غطاء من الحماية التي توفرها لهم قوات الاستعمار، وكانت عمليات التنصير في ذلك الوقت علنية، وبعد تحرر الشعوب العربية والإفريقية والإسلامية الأخرى بدأت عمليات التنصير تتستر تحت غطاء السرية.

ولتحقيق أهدافهم في حرب الاسلام، وتنصير المسلمين وغير المسلمين، يلجأ المنصِّرون إلى كل الوسائل المتاحة لنشر سمومهم، فيبنون المدارس والمستشفيات والملاجئ، ويستغلون معاناة الشعوب الفقيرة وأمراضهم، ويقدمون التنصير ثمناً للغذاء والدواء والكساء والتعليم، ويصدِّرون الصحف، وينشؤون المحطات الإذاعية والتلفزيونية، ويستغلُّون الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت)، التي تعد من أوسع شبكات الاتصال انتشاراً وتداولاً بين سكان العالم.

ففي الوقت الحالي - وبعد أن فرضت الولايات المتحدة سيطرتها، وأخضعت العالم تحت سطوتها، وفرضت الاحتلال المباشر في أفغانستان والعراق، والاحتلال غير المباشر في دول عربية أخرى - نشطت حركات التنصير بصورة مخيفة؛ بل وبدأت تخلع نقاب السرية، وتنشر أفكارها علناً، وتوزِّع المنشورات والمطبوعات التنصيرية مع وجبة طعام وشربة ماء للجوعي والمتضررين في الحروب والكوارث في العالم، خاصةً في الدول الواقعة تحت سيطرة الاحتلال، والدول المنكوبة من الكوارث الإنسانية.

تنصير المنكوبين:
ويحرص المنصِّرون - دائماً - على استغلال الكوارث والأزمات، والعمل وسط المنكوبين، واستغلال معاناتهم لنشر سمومهم، فأينما وجدت المعاناة والحروب والكوارث الإنسانية؛ تجد جماعات التنصير، والأمثلة على ذلك كثيرة مما حدث ويحدث اليوم في مناطق الكوارث والأزمات، وخاصة زلزال آسيا الأخير، وأزمة العراق.

ففور وقوع زلزال آسيا المدمر وطوفان (تسونامي) الرهيب، الذي أسفر عن مصرع أكثر من 300 ألف شخص في أندونيسيا وسيريلانكا والهند وتايلاند، سارعت منظمات وجماعات التبشير - خاصةً الأمريكية - إلى المناطق المنكوبة، تحت غطاء تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين، وبدأت في نشر أفكارها التكفيرية، خاصةً بين الأطفال والأرامل.

وقد أسفرت الكارثة في أندونيسيا وحدها عن 100 ألف طفل يتيم، فقدوا آباءهم في إقليمَي (أتشيه) و(سومطرة) الشمالية، وهذا ما دفع العديد من المنظمات التنصيرية إلى ترحيل عدد كبير من هؤلاء الأطفال خارج أندونيسيا لتنصيرهم, وسط غضب شعبي عارم، وتهديد من قِبَل حركات إسلامية بالانتقام.

فقد كشفت صحيفة "واشنطن بوست" في نهاية العام قبل الماضي - في وقت وقوع الكارثة - أن جماعة تنصيرية أمريكية تدعي (وورلد هيلب) قامت بنقل 300 طفل يتيم ممن فقدوا آباءهم في الطوفان إلى ملجأ للأيتام، بهدف زرع الأفكار التنصيرية في قلوبهم في هذه المرحلة السنِّية شديدة الخطر.
كما قام القس (فرانكلين جراهام) - زعيم إحدى المنظمات التنصيرية الأمريكية التي تحمل اسمه - بزيارة إلى آسيا؛ لاستغلال هذه الكارثة في أعمال التنصير.
وبدأت العديد من منظمات التنصير الأمريكية حملةً لجمع التبرعات؛ لتنصير الذين شرَّدتهم المأساة الإنسانية الناجمة عن كارثة (تسونامي).
كما نجحت منظمة (جامعة الحرية) التنصيرية - برئاسة القس الأمريكي المتطرف (جيري فالويل) - في جمع تبرعات تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات؛ لاستغلال مأساة (تسونامي) في التنصير؛ حيث جرت عمليات التنصير هناك على قدم وساق.

العراق وحملات التنصير:
ولأن العراق من الدول التي تعرَّضت - ومازالت تتعرض - لكوارث إنسانية نتيجة الحرب الأمريكية السافرة عليها، استغل المنصِّرون هذه الفرصة، وما إن بدأت الحرب حتى حشدوا جيوشهم على بوابة العراق الغربية (الأردن)، في انتظار الدخول مع طلائع الجيوش الأمريكية؛ لنشر رسالة الخلاص في مدنه التي أعياها الفقر، وأحيائه التي أنهكها المرض، وبين أطفاله الذين لم يعرفوا سوى الحرمان رفيقاً!

وقد أعلن البيت الأبيض - كما ذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية في مارس 2003م - أنه لن يمنع ما أسماه (الجمعيات الخيرية المسيحية) من ممارسة مهامِّها التنصيرية داخل العراق.

وكانت منظمتان تنصيريتان أمريكيتان - هما (المؤتمر المعمداني الجنوبي)؛ أكبر التجمعات البروتستانتية في الولايات المتحدة، و(فرانكلين جراهام ساماريتانس بيرس) - قد أعلنتا أواخر شهر مارس 2003م أنهما تعدَّان فرق عمل؛ لدخول العراق، ونشر الديانة المسيحية بين مواطنيه بعد انتهاء الحرب.

فجماعات التنصير الأمريكية وجدت في العراق المحتلّ أرضاً خصبةً لنشر أفكار التنصير، تحت رعاية وحماية ودعم ومساندة قوات الاحتلال الأمريكي؛ بل وبمشاركة المقاتلات الأمريكية نفسها!! التي قامت بإلقاء المنشورات والكتب الدينية على الشعب العراقي في مناطق مختلفة.

وتركِّز جماعات التنصير جهودها لنشر أفكارها بين أكراد الشمال، وتركمان الموصل وكركوك، والسُّنة في تكريت، والشيعة في كربلاء والنجف، وتستخدم هذه الجماعات المساعدات الإنسانية والمعونات الطبية والخدميَّة من أجل التسلل إلى العراقيين؛ لإقناعهم بالأفكار التنصيرية، مع توزيع المواد والقصص التنصيرية، وافتتاح محطات الإذاعة والتليفزيون التي تساعدهم في تحقيق هدفهم، مثل إذاعة "صوت المحبة".

ويمثل العراق أهمية إنجيلية بالغة في الخطاب الصليبي، وهو ما أكَّد عليه (بيلي جراهام) كبير مسؤولي التيار المسيحي الصهيوني في أمريكا، والصديق الحميم للرئيس (جورج بوش) الابن، في البيان الذي أصدره قبل أن تبدأ حرب تحرير الكويت، والذي جاء فيه:
"إذا كان هناك دولة يمكن أن نقول عنها إنها جزء من الأراضي المقدسة؛ فهي العراق!.. لذلك يجب أن نضاعف صلواتنا، فالتاريخ أكمل دورته، ونحن نعود مرة أخرى إلى هذه الأرض"!!
وعقب سقوط العراق تحت الاحتلال الأمريكي قال: "إننا الآن في العراق لتنصير العراقيين، ولا أتخيل أن يأتي علينا يوم نتوقف فيه عن التبشير، ونتمني أن نذهب إلى كل بلدة في العالم لمنحها الخلاص"!!

فالتحالف (المسيحي - الصهيوني) الذي يمثله (جراهام) يضم 20 مليون أمريكي، منهم الرئيس الحالي (بوش)، الذي يؤمن بعودة المسيح، وظهور ما يسمى بـ(العصر الألفي السعيد)، القائم على حتمية عودة المسيح، والدورة الكاملة للتاريخ، التي تبدأ بعودة اليهود إلى الأراضي المقدسة في القدس ثم العراق؛ لأن منفى اليهود الذي عادوا منه كان بابل، وعودة اليهود للقدس والسيطرة على بابل من علامات نهاية العالم!!!

ويعتبر المنصِّرون العراق بوابة الحملة الصليبية الشاملة إلى الجزيرة العربية والعالم الإسلامي؛ حيث قلب العالم الإسلامي النابض، والهدف: تنصير المسلمين في كل أنحاء العالم، وهو ما نصَّ عليه بيان (بابا الفاتيكان) في (المجمع المسكوني)؛ حيث دعا لاستقبال الألفية الثالثة بلا إسلام، وقد استوحى نائب الرئيس الأمريكي من هذا النصّ عبارةً قالها في حفل الأكاديمية البحرية الأمريكية بولاية (ميرلاند)، جاء فيها: "ثلاثة تيارات هي التي واجهتنا في هذا القرن: الشيوعية، والنازية، والأصولية الإسلامية، وقد سقطت الشيوعية والنازية، ولم يتبقَّ سوى الأصولية الإسلامية".

وعلى هذا الأساس يطمح المنصِّرون إلى الوصول لكل بقاع الأرض، وخصوصاً تلك الأراضي التي تعتبر قلاعاً للإسلام، بهدف "السعي لإنشاء جماعات مسيحية في كل مكان، تكون بمثابة علامة الله في العالم، وتنمو حتى تصبح كنائس" حسب تعبير (بابا الفاتيكان)، الذي احتجَّ بشدة على منع المملكة العربية السعودية إقامة كنائس على أرضها، في كتابه الموسوم "الجغرافيا السياسية للفاتيكان"، الصادر عام 1992م.

أنظارهم على العالم الإسلامي:
وقد بدأت المنظمات التنصيرية توجِّه أنظارها تجاه العالم الإسلامي، عندما نادى بذلك زعيم الاستراتيجية التبشيرية (روبرت ونتر) عام 1974م، قائلاً:"إن الواجب هو وعظ الشعوب التي لم يصل إليها نداء المسيح من قبل، عوضاً عن المناطق التي وصل إليها المد المسيحي".
تلك الاستراتيجية انتشرت في المنظمات التبشيرية وفي دعاة التنصير، خصوصاً عندما رأوا النصَّ في "إنجيل متَّى" حرفيّاً، فتصوروا أن بداية النهاية المنتظرة ستبدأ عندما تتحول كل الأمم إلى المسيحية!! وقد أوضح هذا المعنى أكثر المنصر الأرجنتيني (لويس بوش)، عندما أشار إلى أن 97% من سكان العالم - الذين لم تصل إليهم الدعوة المسيحية - يعيشون في المنطقة الواقعة بين خطَّيْ عرض 10 و40، وقال: "إن هذه الشريحة تعيش في فقر مدقع"، وناشد على أثر ذلك المسيحيين "أن يتسلحوا بإيمانهم بالرَّب، ويحاربوا بأسلحتهم الإيمانية؛ لأن الإسلام ينتشر بقوة من منطقته الواقعة بين خطَّيْ عرض 10 و40 إلى كل بقاع الأرض".

لذلك يعتبر المنصِّرون ومنظماتهم أن الحرب على العراق فرصة لن تتكرر لتحقيق نبوءات "الإنجيل" المزعومة باكتمال دورة التاريخ، وهو ما عبَّر عنه (ريتش هايني) زعيم إحدى المنظمات التنصيرية؛ حين قال: "لم تحظَ الحركة التبشيرية الإنجيلية بفرصة جيدة مثل العراق منذ أكثر من عقد من الزمان، بسبب القصف المستمر من قوات التحالف؛ فقد أصبح كثير من المسلمين في شكٍّ من ربهم، حتى يمكن أن نقول إن هذه الحرب نعمة للمبشرين"!!

وكما أن الحرب على العراق لم تكن وليدة اللحظة والتوِّ؛ فإن الحرب الصليبية لم تكن كذلك، فالمنظمات التنصيرية وزعماء التنصير يدركون هذه الحقيقة، وتحت ستارها دخلوا ويدخلون العراق لتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية؛ لتحقيق الأهداف الدينية، فالمنصِّرون يعلنون أنهم يريدون إنقاذ الأرواح، وفي هذا كتب (ديفيد ريني) من ولاية (أوهايو): "إن الدعاة النصارى في الولايات المتحدة أعلنوا حرباً لتخليص الأرواح في العراق"!!

أبو مريم السني
2012-12-13, 01:04 AM
مئة منظمة تنصيرية:
وقد أفادت تقارير صحفية منذ زمن يسير أن أكثر من مئة منظمة تنصيرية دخلت العراق، وأكبر هذه المنظمات: (هيئة الإرساليات الدولية)؛ الذراع التبشيرية للمعمِّدين الجنوبيين، الذين يعدُّون أكبر طائفة (بروتستانتية) في أمريكا، و(مجلس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، ومجموعة من المعمِّدين الجنوبيين من ولاية (نورث كارولينا)، و(هيئة المعونة الأمريكية)، ومنظمة (كريستيان شاريتي ورلد نيشون إنترناشونال)، و(منظمة المجتمع الدولي للإنجيل)، و(منظمة تعليم أمة كاملة) التي تعرف اختصاراً (داون)، و(منظمة سامرتيان بيرس)، و(منظمة المنصِّرين البروتستانت).

وتدخل هذه المنظمات إلى العراق تحت اسم منظمات إغاثة إنسانية، والمسؤولون الأمريكان يعترفون بوجود المنصِّرين، ويؤكدون أنهم يقدِّمون العون للناس لا لينصِّروهم، والعراقيون يفرحون بتلك المعونات، ومن أهم وسائل هذه المنظمات:

1- المعونات الغذائية:
وتعتبر من أهم الذرائع التي دخلت بها المنظمات التنصيرية إلى العراق، فبسبب الحرب عانى العراقيون شُحّاً في الإمدادات الغذائية، وأدخلت المنظمات التنصيرية آلاف الأطنان من المواد الغذائية معها، ووُزعت على الفقراء ومعها "الأناجيل" وكُتب الدعوة إلى المسيحية، وبهذا الخصوص يقول المنصِّر (جيم ووكر)؛ أحد كبار المنصِّرين العاملين في العراق، والذي حمل معه معونات غذائية جرى شحنها في 45 ألف صندوق: "لقد قابلتُ أطفالاً يموتون جوعاً، لكنَّ احتياجهم الأول لم يكن للطعام، وإنما كان لمعرفة حب المسيح".

2- العلاج والدواء:
فمن أشد المصائب التي حلَّت بالشعب العراقي: انتشار الأوبئة والأمراض الخبيثة والمستعصية، بسبب استخدام الأسلحة المحرمة دولياً في الحرب على العراق، واستخدام الأراضي العراقية كحقل للتجارب.
ومع وجود شحٍّ في الدواء وفي الكفاءات الطبية بسبب الحصار، أصبح أهم حاجة ومطلب لعشرات آلاف من العراقيين - بعد الغذاء - هو الدواء، وخصوصاً للأمراض المستعصية؛ مثل (اللوكيميا)، والسرطان، والتهاب الكبد الفيروسي، وغيرها من الأمراض التي ترتفع أثمان أدويتها، ويتعذَّر على السواد الأعظم من المصابين بها تغطية تكاليفها، وكذلك العمليات الجراحية المعقَّدة، ومعظمها غير متيسِّر داخل العراق؛ بسبب نقص المعدات، وتخلف الكفاءات الطبية عن مواكبة التطور التكنولوجي. من هنا؛ تعمد المنظمات التنصيرية إلى سدِّ حاجة هؤلاء الفقراء من الدواء المجاني، والتكفُّل بإجراء العمليات الجراحية، وتسفير المحتاجين إلى الخارج.

3- الاتصال بالمثقفين والمؤسسات الثقافية:
فلم ينسَ المنصِّرون - وهم يقدمون الغذاء والدواء للعامَّة - أن يتواصلوا مع المثقفين ومؤسساتهم في العراق، بهدف إنشاء جيل من المثقفين متأثر بالثقافة والدعوة التنصيرية، فقد قدموا ملايين الدولارات لبناء المدارس وتأسيس الجمعيات والمؤسسات الثقافية.
وبهذه الوسائل وغيرها استطاع المنصِّرون في عام واحد أن يوزعوا مليون نسخة من "الإنجيل" باللغة العربية، وشرائط فيديو تجسد ميلاد المسيح وحياته، وتعليقات تدعو المسلمين للانخراط في النصرانية، ومليون كراسة دعائية إنجيلية، وقالت نشرة لـ(هيئة الإرساليات الدولية): "إن العراقيين فهموا أن الذي يمنحهم المواد الغذائية مسيحيون أمريكيون، وأن عمال الإغاثة يوزعون نسخاً من "إنجيل العهد الجديد" إلى جانب المواد الغذائية"!!
وعلى الرغم من انشغال العراقيين بمصابهم الجلل، وترميم بيتهم الداخلي، وانقسامهم على أنفسهم في مواجهة الوضع الراهن المستحدث فكرياً وحزبياً وسياسياً، ثم اختلافهم في كيفية مقاومة الاحتلال والتعامل معه، لم تغفل عيون طائفة منهم عن رصد تحركات المنصِّرين ومنظماتهم؛ حيث استهدفت المقاومة الإسلامية هناك العديد منهم، وقتلتهم؛ فقد قُتل منصِّر أمريكي، وأصيب ثلاثة آخرون، في هجوم استهدف سيارتهم على الطريق السريع بين بغداد وبابل، في فبراير 2004م، وأعلن الجيش الأمريكي عن مقتل أربعة منصِّرين في مارس 2004م في مدينة الموصل شمال العراق، كما قتل ألمانيان آخران بالقرب من كربلاء، وفي مارس 2004م - أيضاً - قُتل اثنان من المنصرين الأمريكان جنوب العاصمة بغداد، ومجموع هذه الحوادث يشير إلى أن هناك نوعاً من الوعي من قِبَل العراقيين بما يراد بهم.

ويبقى التحدي الأكبر قائماً: هل سيتحوَّل العراق إلى أكبر قاعدة لانطلاق المنصرين نحو قلب العالم الإسلامي؟
إن المسؤولية تقع على عاتق كل المسلمين والخيِّرين من أفراد وحكام وعلماء ومثقفين، وما قدَّمته المنظمات الإغاثية الإسلامية والعربية للعراق يقف متضائلاً أمام ما قدَّمته المنظمات التنصيرية، وأمام الواجب الذي تمليه على الجميع الأخوَّة في الدين والوطن.

المنصِّرون وأزمة (دارفور):
ولننتقل إلى منطقة أخرى من مناطق الكوارث والأزمات بعد دول زلزال آسيا والعراق، وهذه المنطقة هي أقليم (دارفور) بالسودان، فقد تسللت منظمات التنصير إلى الإقليم، تحت غطاء طلقات الرصاص وأعمال العنف المتبادل بين متمردي الإقليم والقوات الحكومية السودانية، وبدأت تركيز جهودها، خاصةً في مخيمات اللاجئين الذين شردتهم الحرب، حتي إن عدد منظمات التنصير في الإقليم وصلت إلى نحو 30 منظمة، تعمل تحت ستار المنظمات الإنسانية.
وقد أعلنت منظمة (كاريتاس) العالمية الكاثوليكية صراحةً أنها تستهدف 125 ألف مسلم في (دارفور)، وهو الإقليم الذي لا توجد به كنيسة واحدة، ونسبة المسلمين فيه 100%.
وزعم (دونكان ماكلارين) - أمين عام المنظمة - أن هناك مليون شخص في (دارفور) معرَّضون للموت، وفي حاجة إلى الحماية، وهذا العدد الضخم يعتبر صيداً سهلاً لمنظمات التنصير.
واعترفت (هيئة المعونة النرويجية الكنسية) بأنها ترعى أكثر من 45 ألف لاجئ من (دارفور)، في ثلاثة معسكرات في تشاد، وبالطبع يخضعون لسيل من الأفكار التنصيرية.

التنصير في أفغانستان:
وفي أفغانستان - وهي الدولة التي اكتوت بنار الحروب والكوارث - لم يخطر ببال أكثر قادة التنصير من قبل أن يأتي اليوم الذي تطأ فيه منظمات التنصير الأراضي الأفغانية، خاصةً أنه إبَّان حكم حركة (طالبان) كانت أفغانستان تمثِّل بالنسبة للمنصِّرين عرين الأسد، الذي يستحيل الاقتراب منه، ولكن بعد سقوط الحركة، واحتلال أمريكا للأراضي الأفغانية؛ أصبحت تلك الأراضي مرتعاً لجماعات التنصير، التي دخلت - كالعادة - تحت ستار المنظمات الإنسانية، التي جاءت لتقديم الطعام والدواء للشعب الأفغاني، ولكن بعد أن تدسَّ السمَّ في العسل.

وفي الصومال – أيضاً - نجد أن الحرب الأهلية الطاحنة التي أنهكت الشعب الصومالي، وشرَّدت مئات الآلاف من المواطنين داخل وخارج الحدود الصومالية، قد دفعت جماعات التنصير للذهاب إلى هناك - خاصةً داخل مخيمات الإيواء - لنشر أفكارهم.

ومنظمات التنصير لديها القدرة علي تلوين جلدها من أجل التعامل مع كل شعب حسب طبيعته، وهدفها النهائي هو التسلل إلى أبناء هذا الشعب؛ من أجل إقناعه بالأفكار التنصيرية، حتى وإن كان ذلك من خلال استغلال حاجة وعوز ومعاناة هذه الشعوب.

وفي مطلع عام 2000م أعلنت الخارجية الأمريكية عن إرسالها لـ70 فرقة تنصيرية إلى جنوب أفريقيا، مؤهلين ومدربين على العمل في أحلك الظروف، في قلب الغابات والحروب والأمراض! وبجانب المنصِّرين المحترفين؛ تضم الفرقة الواحدة الأطباء، والممرضات، والمهندسين، والفلاسفة، والعلماء، وهذه الفرق هي طليعة أكثر من 3.5 مليون منصِّر، أعلنوا استعدادهم للذهاب إلى أيِّ مكان على الأرض للدعوة لدين المسيح، ومعظمهم يعمل الآن في مؤسسات ومعاهد أوربية وأمريكية تخدم المنصِّرين العاملين خارج أوطانهم.

التنصير في الجزائر:
وفي الجزائر: نجد أن دائرة العنف والدم التي دخلت فيها الجزائر في السنوات الأخيرة كانت منفذاً لجماعات التتصير لاقتحام الأراضي الجزائرية، فقد استغلت جماعات التنصير حالة الفوضى والفقر التي أصابت البلاد، ونشرت مبشِّريها في أنحاء الجزائر، خاصةً في منطقة القبائل، وتؤكد مصادر جزائرية أن عمليات التنصير اتَّسع نطاقها في المرحلة الأخيرة، وأخذت تتَّسع إلى ولايات أخرى، مثل (عنَّابة) و(قسنطينة)، واعترفت السلطات الجزائرية بتصاعد نشاط هذه الجماعات في المرحلة الأخيرة، مستغلةً الفقر في بعض المناطق، وحاجة الشباب للعمل في الخارج.

المراجع:
1- 100 ألف طفل يتيم في إندونيسيا بسبب تسونامي - مفكرة الإسلام على (الإنترنت) - الأحد 27 ذو الحجة 1425هـ - 6 فبراير 2005م.
2- المبشِّرون! الجوع والمرض والتشرد.. سلاحهم لغزو مناطق الحروب والكوارث والأزمات الإنسانية - الوفد - الأربعاء 16 فبراير 2005م.
3- أمريكا لن تمنع التبشير في العراق - إسلام أون لاين. نت/ 1-5-2003م.
4- التنصير في العراق على قدم وساق - محمد صادق أمين - مجلة المجتمع – العدد 1597.
5- 9- فرق التنصير تحارب الإسلام فى آسيا وأفريقيا - محيط – رمضان 1420هـ.


رابط الموضوع
http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/638/#ixzz2EsSXXzfo

أبوعاصم أحمد بلحة
2012-12-13, 04:19 PM
من أغرب الأمور التي مرَّت بي الأيام الماضية ؛ أن استوقفني قسٌّ ليدعوني إلى التنصير ، _وكان معي صديقٌ لي_ ثم طفقتُ لأردَّ عليه ؛ إذ بصديقي يجذبني وانطلاقنا............ ..........(هذه الحادثة وقعت لي في "ميدان التحرير" عقب إعلان الرئيس محمد مرسي ، الإعلان الدستوري ) .

أبو مريم السني
2012-12-19, 12:22 AM
غزو تنصيري لأفريقيا
أحمد محمود أبو زيد (http://www.majles.alukah.net/Authors/View/Spotlight/188/)

تحت مظلة الإغاثة ومحاربة الفقر والجهل والمرض

• الخارجية المصرية تحذر.. وتطالب الأزهر بالتصدي.
• أفريقيا تواجه مدا تنصيرياً، أشبه بالطوفان الذي يوشك أن يغرقها وجحافل التنصير بدأت تتغلغل في أدغال القارة وصحاريها وسهولها وتلالها.
• انتشار عمليات التنصير في أوساط المسلمين بالعديد من الدول الأفريقية وعلى رأسها النيجر وسيراليون وتشاد وغينيا وليبيريا.
• الدوائر التنصيرية تسعى بجميع وسائلها الاغاثية والتعليمية والطبية والاعلامية إلى ملاحقة الإسلام في معاقله بأفريقيا.
• ميزانيات التنصير تأتي من كبريات الدول الاستعمارية القديمة والحديثة، وتقدر بمئات المليارات من الدولارات.
• قام البابا بثلاث زيارات خلال خمس سنوات لإفريقيا شرقاً وغرباً.. والكنيسة الكاثوليكية تملك في إفريقيا حوالي مليون ونصف مليون كنيسة.
• المنصرون في أفريقيا يملكون أكثر من 52 إذاعة و163 ملجأ للمكفوفين و8000 مستشفى و17 ألف مركز طبياً و171 كلية ومعهداً.
• لو قام المسلمون بربع الجهد الذي يقوم به المنصرون في أفريقيا لتحولت في غضون سنوات إلى قارة مسلمة خالصة.

* * *
من الحقائق المؤكدة أن أفريقيا تواجه مدا تنصيرياً، أشبه بالطوفان الذي يوشك أن يغرقها، إن لم تؤخذ التدابير اللازمة لمساعدتها على مقاومة هذه الجحافل التنصيرية التي بدأت تتغلغل في أدغال القارة وصحاريها وسهولها وتلالها وقمم جبالها الشامخة.

فالدوائر التنصيرية تسعى بجميع وسائلها التعليمية والطبية والإعلامية إلى ملاحقة الإسلام في معاقله في أفريقيا، وحمل أبنائه على التنصر، ونبذ عقيدتهم الإسلامية الحنيفة، وهذه الدوائر تملك وسائل وإمكانيات مادية وتعليمية وطبية وحتى سياسية هائلة، إلى جانب ميزانياتها التي تأتي من كبريات الدول الاستعمارية القديمة والحديثة، وتقدر بمئات المليارات من الدولارات.

ولقد حذرت وزارة الخارجية المصرية مؤخرا، في خطاب أرسلته إلى الأزهر الشريف، من انتشار عمليات التنصير في أوساط المسلمين بالعديد من الدول الأفريقية وعلى رأسها النيجر وسيراليون وتشاد وغينيا وليبيريا، على أيدي الجماعات التنصيرية التي تستغل المشاكل الاقتصادية والمجاعات والكوارث الإنسانية التي يعاني منها سكان هذه الدول.

وأوضحت أن منظمات التنصير تكثف من عملها خصوصا بالكونغو والنيجر تحت وطأة الفقر، وقد نجحت هذه المنظمات، والتي يأتي على رأسها منظمة "شهود ياهو" و"الإخوة الكومبنيون"، و"كاراتياس"، و"الكنيسة المعمدانية الأمريكية"، و"منظمة العمل من أجل المسيح"، و"منظمة العمل من أجل تنمية النيجر".

وحذرت الخارجية بشكل خاص، من المنظمة الأخيرة التي اتخذت من النيجر مقرًا لها للانطلاق إلى باقي الدول الأفريقية التي تعاني من الفقر، وقالت إن السفارة المصرية هناك أرسلت تقريرًا كاملاً عن أعمال هذه المنظمة وأساليب تنصير المسلمين عبر إلحاقهم بالمدارس وتقديم الخدمات الصحية.

ولفت التقرير إلى تراجع نشاط العديد من المنظمات الخيرية والإغاثة الإسلامية في النيجر، التي يشكل المسلمون 95 من سكانها البالغ عددهم 11 مليون نسمة، بسبب الحملة التي شنها الغرب ضد هذه المنظمات، بدعوى أنها تمول "الإرهابيين"، مما أتاح الفرصة أمام منظمات التنصير لزيادة نشاطها، والتواجد المسيحي في هذه الدولة الأفريقية.

وطالبت الخارجية المصرية في رسالتها إلى الأزهر، بضرورة التحرك وتقديم الدعم لمسلمي النيجر، لصد هذه الحملات التي تستهدف الوجود الإسلامي هناك[1] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn1).

• أفريقيا قارة مسيحية!!
وتحويل أفريقيا الى قارة مسيحية حلم تنصيري قديم، فمنذ عدة سنوات، وبالتحديد عام 1993م، وضع المخطط التنصيري العالمي هدفا رئيسيا، سخر له كل إمكانياته، وهو تحويل أفريقيا الى قارة مسيحية عام 2000م، نظراً لما يتمتع به المسيحيون من سيطرة على الحياة السياسية والتعليمية والاقتصادية في عدد من دول القارة، وأعلن هذا الهدف صراحة البابا " بولس الثاني " في كلمته التي ألقاها بمناسبة ذكرى ميلاد المسيح في روما عام 1993م لدى استقباله وفد أساقفة إفريقيا حيث قال: "ستكون لكم كنيسة إفريقية منكم وإليكم وآن لإفريقيا أن تنهض وتقوم بمهمتها الربانية وعليكم أيها الأساقفة تقع مسؤولية عظيمة ألا وهي تنصير إفريقيا كلها "، وكانت الميزانية الأولية المخصّصة للانطلاقة (3.5) مليار دولار

وقد جند النصارى كل طاقاتهم التنصيرية والمادية والعلمية بالتنسيق الكامل بين الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي وغيرها من الهيئات التنصيرية من أجل تحقيق مطامعهم في تنصير القارة، وقام البابا بثلاث زيارات خلال خمس سنوات زار فيها إفريقيا شرقاً وغرباً.

وعندما حل عام 2000م دون أن يتحقق هذا الحلم التنصيري، حيث استعصت القارة المسلمة على أن تتحول بسهولة إلى قارة مسيحية، سارع المخطط التنصيري إلى تغيير خططه وأساليبه، ووضع استراتيجية جديدة لتنصير القارة عام 2010 أو 2015م.

• اهتمام تنصيري بأفريقيا:
واهتمام المنصرين بهذه القارة له وجاهته، حيث تعد القارة الوحيدة التي يمكن تسميتها بالقارة المسلمة من بين قارات العالم، وكل شيء يشير إلى أن الإسلام هو دين المستقبل في هذه القارة، وأنها قارة المستقبل للإسلام. كما أن حاضر القارة يشهد واقعاً إسلامياً ملموساً تنطق به الحقائق التالية[2] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn2):
1- قرابة 70% من المجتمع العربي المسلم في أفريقيا.

2- 75% من الأراضي العربية الإسلامية في أفريقيا.

3- أكثر من 60% من مجموع السكان مسلمون.

4- تشهد الدعوة الإسلامية صدى وتجاوباً لدى الأفارقة وتسير بخطى واسعة.. ولذلك فهي تستحق بجدارة تسميتها بلقب "القارة المسلمة".

والمنصرون يخافون الإسلام ويعلمون مدى انتشاره وخطورته على دعوتهم في أفريقيا وغيرها من قارات العالم، فقد قال المستر "بلس": "إن الدين الإسلامي هو العقبة القائمة في طريق تقدم التبشير بالنصرانية في إفريقيا، والمسلم فقط هو العدو اللدود لنا، لأن انتشار الإنجيل لا يجد معارضاً لا من جهل السكان، ولا من وثنيتهم، ولا من مناضلة الأمم المسيحية وغير المسيحية.."، ويقول فيليب فونداسي: "الإسلام يؤلف حاجزاً أمام مدنيتنا المبنية كلها على مؤثرات مسيحية ومن مادية ديكارتيهَ.. فإن الإسلام يهدد ثقافتنا الفرنسية في إفريقيا السوداء بالقضاء عليها"[3] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn3).

• التنصير والاستعمار:
ولقد بدأت مخططات التنصير في أفريقيا في وقت مبكر، مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالاستعمار ومواكبة له، بل إنها استمدت منه كل عون وتأييد وسعت لتثبيت نفوذها وانتشارها من خلاله، فدخل المبشرون الكاثوليك ربوع إفريقيا منذ القرن الخامس عشر، أي في أثناء الاكتشافات البرتغالية، وفي أواخر القرن السابع عشر وخلال القرن الثامن عشر أخذت الجمعيات البروتستانتية تظهر للوجود.

وبعد وفاة الرحالة " لنتجستون " عام 1873م، الذي قام برحلته التي رفعت الستار عن إفريقيا الوسطى، كانت منافذ إفريقيا الرئيسة مفتوحة على مصاريعها أمام ألبعثات التبشيرية الأوروبية.

والأرقام والحقائق تبين حجم وقوة النشاط التنصيري في أفريقيا، فتشير إحصائية قديمة صدرت عام 1976م إلى أن الكنيسة الكاثوليكية تملك في إفريقيا الجنوبية وحدها حوالي مليون ونصف مليون كنيسة، ومجموع الإرساليات الموجودة في (38) بلداً أفريقياً يبلغ (111000) إرسالية، وأن بعضها يملك طائرات تنقل الأطباء والأدوية والممرضات لعلاج المرضى في الأحواش.

وقد بلغ عدد المنصرين في إفريقيا عام 1985م أكثر من 113 ألف منصر يشرفون على تعليم أكثر من خمسة ملايين طالب، كما بلغت المستشفيات والمستوصفات التي أقامتها الإرساليات 1600 مستوصفا ومستشفى كنسي. وارتفعت قيمة الدعم المالي للمنصرين فبلغت 3.5 ألف مليون دولار سنوياً، ووصل عدد المدارس اللاهوتية لتخريج المنصرين والقسس في إفريقيا إلى 500 مدرسة لاهوتية بالإضافة إلى عشرين ألف معهد كنسي في أنحاء القارة، وكلها تعد المنصرين إعداداً خاصاً.

وفي عام 1985م زار البابا يوحنا بولس الثاني إفريقيا وتحدث فيها إلى 80 ألف شاب مسلم بملعب الدار البيضاء بالمغرب، ودشن كتدرائية القديس بولس بأبيدجان التي تتسع لثمانية آلاف شخص وهي أوسع معبد نصراني في إفريقيا ولا يتجاوزها في العالم إلا الفاتيكان.

وفي عام 1980م كانت "14" دولة في إفريقيا تمنع دخول المنصرين إليها، ولكنها في عام 1999م لم يبق منها إلا ثلاث دول فقط تمنع دخول المنصرين إليها. وفي عام 1996م كان المنصرون في أفريقيا يملكون أكثر من 52 إذاعة، وللملسمين إذاعة واحدة فقط[4] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn4).

• دعم أمريكي:
ولم يتوقف الدعم الأمريكي للتنصير وخاصة في القارة السوداء، فكارتر الرئيس الأمريكي الأسبق بدلا من أن يقيم ويرعى نشاطا اجتماعياً في أمريكا كغالبية الرؤساء الأمريكيين (مكتبة ريجان - مركز روزفلت - مركز كيندي - مركز هوفر - جامعة ايزنهاور) أقام مع زوجته مركز كارتر في مدينة اطلنطا مدعوما من كنيسته من أجل البحث عن السلام في العالم، أو على حد قوله: "إننا نقوم بفتح صدورنا وقلوبنا للناس ونشر كلمة الله"، وقام المركز الذي يعمل من خلاله بمهام بارزة في العالم مثل تقديم المساعدات الطبية للنساء في جورجيا وبناء مساكن للفقراء في فلوريدا وأفريقيا ولهم نشاط في أكثر من ثلاثين دولة افريقية ويتدخل المركز في جنوب السودان دائماً برجاله وإمكاناته وبمبشريه، ولم يخف كارتر اهتمامه بالسودان وبالذات الجنوب السوداني، وعبر عن ذلك صراحة.

ولأن حملات التبشير في أفريقيا تدخل تحت ستار المساعدات الإنسانية فهناك 5000 طبيب و7000 ممرض وممرضة و289 ملجأ للأيتام و195 ملجأ للعجائز و163 ملجأ للمكفوفين و1050 صيدلية توزع الأدوية مجاناً و8000 مستشفى متكامل الخدمات و17 ألف مركز طبياً و171 كلية ومعهداً عالياً و18 ألفاً و571 مدرسة ابتدائية و10 آلاف مدرسة ثانوية و2000 مدرسة مهنية[5] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn5).

• المنصرون وأزمة دارفور:
وأينما وجدت المعاناة والحروب والكوارث الإنسانية وجدت جماعات التنصير فهي مثل "البراغيث تعيش علي دماء البشر"، فقد تسللت منظمات التنصير الي اقليم دارفور تحت غطاء طلقات الرصاص وأعمال العنف المتبادل بين متمردي الإقليم والقوات الحكومية السودانية وبدأت تركيز جهودها خاصة في مخيمات اللاجئين الذين شردتهم الحرب حتي أن عدد منظمات التبشير في الإقليم وصلت الي نحو 30 منظمة تعمل تحت ستار المنظمات الإنسانية.

وأعلنت منظمة "كاريتاس" العالمية الكاثوليكية صراحة أنها تستهدف 125 ألف مسلم في دارفور، وهو الإقليم الذي لا توجد به كنيسة واحدة ونسبة المسلمين فيه 100%.وزعم دونكان ماكلارين - أمين عام المنظمة - أن هناك مليون شخص في دارفور معرضون للموت وفي حاجة الي الحماية وهذا العدد الضخم يعتبر صيدا سهلا لمنظمات التبشير.

واعترفت هيئة المعونة النرويجية الكنسية بأنها ترعي أكثر من 45 ألف لاجئ من دارفور في ثلاثة معسكرات في تشاد، وبالطبع يخضعون لسيل من الأفكار التبشيرية[6] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn6).

• الصومال والتنصير:
كما نجد أن الحرب الأهلية الطاحنة التي أنهكت الشعب الصومالي وشردت مئات الآلاف من المواطنين داخل وخارج الحدود الصومالية، دفعت جماعات التنصير الي الذهاب الي هناك خاصة داخل مخيمات الإيواء لنشر أفكارهم التنصيرية، ومنظمات التنصير لديها القدرة علي تلوين جلدها من أجل التعامل مع كل شعب حسب طبيعته وهدفها النهائي هو التسلل الي أبناء هذا الشعب من أجل إقناعه بالأفكار التنصيرية حتي وإن كان ذلك من خلال استغلال حاجة وعوز ومعاناة هذه الشعوب[7] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn7).

وفي مطلع عام 2000م أعلنت الخارجية الأمريكية عن إرسالها لـ70 فرقة تنصيرية الى جنوب أفريقيا، مؤهلين ومدربين على العمل في أحلك الظروف في قلب الغابات والحروب والأمراض. وبجانب المنصرين المحترفين تضم الفرقة الواحدة الأطباء والممرضات والمهندسين والفلاسفة والعلماء، وهذه الفرق هي طليعة أكثر من 3.5 مليون منصر أعلنوا استعدادهم للذهاب إلى أي مكان على الأرض للدعوة لدين المسيح ومعظمهم يعمل الآن في مؤسسات ومعاهد أوربية وأمريكية تخدم المنصرين العاملين خارج أوطانهم[8] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn8).

• التنصير في تشاد:
وتعتبر تشاد من الدول الأفريقية التي نالت اهتماما تنصيريا كبيرا، فالاستراتيجية الجديدة لتنصير القارة عام 2010 أو 2015م، تضمنت خطّطا جديدة لتنصير المسلمين في تشاد لكونهم أهل شوكة في هذه المنطقة.

وتاريخ الارساليات التنصيرية في تشاد تعود الى وقت مبكر، فقد كانت أول بدايات التنصير عام 1820م، و كان المنصرون يعملون تحت ستار الاستكشاف، وأخفي المنصرون أهدافهم، لأن الحكومة آنذاك كانت حكومة إسلامية، وهي مملكة ودّاي في شرق تشاد، وبعد بقاء المنصرين مدة طويلة في البلاد، دون أن يعرف الناس هويتهم وأهدافهم قرّروا الذهاب إلى جنوب البلاد.

وفي عام 1894م، عندما وصلت القوات الفرنسية بكثافة كبيرة الى تشاد، انتشرت فرق تنصيرية تابعة للكنيسة الكاثوليكية، وكان لوجود القوات الفرنسية دور كبير في تنصير مجموعة كبيرة من السكان. ومن ذلك التاريخ إلى يومنا هذا والتنصير يعمل بجميع إرسالياته، وقدراته، وأساليبه لإخراج المسلمين في تشاد من دينهم، وتنصير الوثنيين الذين لا دين لهم[9] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn9).

وقد بدا الاهتمام التنصيري الكبير بتشاد واضحا في الميزانية المخصصة لها من قبل المخطط التنصيري والتي بلغت عام 1993 م ثلاثة مليارات دولار، فعندما أجمع الكرادلة في روما لوضع خطّة شاملة لتنصير أفريقيا كلّها عام 1993م، أشاروا إلى تنصير الجزء المسلم من تشاد، فقالوا: "إنّ تشاد منطقة هامة وإنّ أيّة فكرة تظهر فيها تلقى سرعة انتشار كبيرة لوقوعها في مفترق الطرق في قلب أفريقيا، وهي مقبلة على مرحلة جديدة من الحياة الاقتصادية، وربّما تُصبح ثالث أهمّ منطقة اقتصادية في إفريقيا حسب الدوائر الاقتصادية الأمريكية"[10] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn10).

كما بدا واضحا في عدد المنظمات التنصيرية العاملة هناك والتي بلغت عام 2002م: (2160) منظمة كنسية من أهمّها: أوكسفام و الإغاثة الكاثوليكية، وورد فيزيون وهذه بلغت ميزانيتها عام 2002م: (40) مليون دولار أمريكي. أما عدد المنصّرين فقد بلغ في نفس العام (6534) منصّر، بينهم (260) منصر يتقنون اللغات المحليّة، و (15) يتقنون اللغة العربية الفصحى، و(7) يحفظون للقرآن الكريم، و(3) علماء في الحديث وأصول الفقه، و(30) منصر من أبناء المسلمين الذين تعلّموا في مدارسهم وتنصّروا بعد ان ارتدوا عن الاسلام. وهؤلاء جميعا يحصلون على رواتب عالية، ومزودين بوسائل المواصلات الحديثة من طائرات خفيفة وطائرات شحن، وسيارات وقوارب ودراجات نارية عادية أو صحراوية.

يُضاف إلى هذه الغارة الصليبية الهائلة، الصراع الفرنسي الأمريكي للهيمنة على ثروات تشاد، وسعي أمريكا الحثيث لنشر الثقافة الأمريكية والعلمانية وسط المسلمين، لتشكّل تحدّياً آخر أمام حركة الإسلام والمسلمين في تشاد، ومحاولة وضعها قوانين ولوائح تضمن لها البقاء في تشاد وفرض هيمنتها الصليبية البروتستنتية. ومن تلك المحاولات الداعية إلى العلمانية محاولتها طرح قانون تنظيم الأسرة (الأحوال الشخصية للمسلمين)، ومن أخطر بنود هذا القانون الحريّة الجنسية التي يدّعونها ويسمّونها بغير اسمها وهي تحرير المرأة!

ولتأكيد فرض هيمنتها على تشاد فإن 97% من مشروع بترول تشاد والذي تكلفته تُقدّر بنحو ( 5.24) مليار دولار، ممولة من مجموعة الشركات الأمريكية (أكسون موبيل 40% وبتروناس 35% وشفرون 25% ). أمّا الثروات الأخرى كالذهب فإن هناك شركات كورية تعمل لحساب أمريكا بدأت عملها في مناطق شاسعة من البلاد[11] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn11).

ومع ضخامة هذه الغارة وإمكانياتها الكبيرة يبقى أمام التشاديين كما أمام المسلمين جميعاً أن يعدّوا العدّة لمواجهة هذه الغارة، فليس من المعقول أن يوجد في تشاد 2160 منظمة تنصيرية، في مقابل ثماني منظمات دولية إسلامية فقط.

أبو مريم السني
2012-12-19, 12:24 AM
• أوغندا والمد التنصيري:
وتعتبر أوغندا من الدول الأفريقية التي تركز عليها إرساليات التنصير، فقد عانى مسلمو أوغندا في العقود الأخيرة من حالات تهميش سياسي واقتصادي، رغم أنهم كانوا يشكلون 40 % من سكان البلاد، إلا أن هذه النسبة قد تراجعت إلى 20% من عدد السكان البالغ تتعداهم 25 مليون، أي أن أعداد المسلمين تصل إلى حوالي 5 ملايين نسمة.

ويعاني مسلمو أوغندا حزمة من المشكلات يأتي في مقدمتها الفقر والمرض والجهل والتخلف، وذلك بسبب الأمية التي تتفشى فيهم، فكلنا يعلم أن التعليم في أوغندا قد بدأ على يد الإرساليات التبشيرية، مما أدى لابتعاد الأغلبية العظمى من المسلمين عنها خوفا على عقيدة أطفالهم الدينية، خصوصا أن أوغندا قد شهدت طوال تاريخها موجات تنصيرية شديدة استهدفت مناطق المسلمين مستغلة الفقر والحاجة، ومدت يدها إلى أهالي هذه المناطق عبر إنشاء المستشفيات والمدارس ورعاية الأيتام والجوعى متزامناً مع وجود يهودي مكثف خصوصا أن الصهيونية العالمية لم تنس أن أوغندا كانت إحدى ثلاث بلدان اختارهما وزير المستعمرات البريطاني تشمبرلين وطناً قومياً لليهود.

من ثم فإن هذا الإرث النصراني الصهيوني الشديد أثر بشدة على أوضاع المسلمين في أوغندا، فهم يعانون الفقر الشديد في مناطق توينا وامبالي وانكانكافورت وبورتل وسوروبي، وخلوها من أي خطط تنموية، مما أسهم في تزايد الفقر في أوساطهم وسمح لمنظمات التنصير التي تغرق البلاد، في مقدمتها الكنيسة الإنجيلية التي تعد أوغندا أرضا خصبة للعمل التنصيري، ومنظمة بلا حدود كموميشون والإرساليات المعمدانية، ويعزز عمل هذه الإرساليات وجود شبكة قوية من الإذاعات المحلية تضم 4 إذاعات على رأسها كرتولايف، وراديو أوغندا وراديو ماريا توب وراديووعد، ومن الأندية الماسونية مثل الروتاري والليونز[12] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn12).

ورغم المناخ المهيأ للجماعات التنصيرية وإمكاناتها الصحية إلا أن النتائج التي حققتها لا تقاس بقدر النفقات التي أنفقت عليها، فالمسلمون في أوغندا تحدوا كل الظروف وما زالوا متمسكين بدينهم، ناهيك عن أن أوغندا تعد من أكثر الدول التي يقبل فيها الوثنيون على اعتناق الإسلام يومياً؛ غير أن هذا الوجود المكثف لجماعات التنصير أسهم في تنامي نفوذها لدرجة أنها أوعزت إلى البرلمان الذي يضم 35 عضواً مسلما من جملة أعضائه الـ 308 ليتبنى تغييراً في قوانين الأحوال الشخصية.

وقد شجعت هذه الخطوة المسلمين على الشعور بأهميتهم في المجتمع وضرورة استغلال هذا الدور في انتزاع تنازلات من الحكومة وزيادة نصيب المسلمين في التشكيلة الوزارية التي يشغل المسلمون 3 مناصب وزارية فيها، ووصل الطموح الإسلامي في الدعوة التي أطلقها مفتي أوغندا شعبان رمضان موباجي الذي طالب فيها بحق المسلمين في الحصول على منصب نائب رئيس الجمهورية ونقل موباجي هذا الطلب إلى الرئيس موسيفيني الذي رحب به مما يدلل على أن المسلمين في أوغندا قد بدؤوا ينفضون غبار الماضي ليستعدوا للحصول على حقوق توازي أعدادهم.

هذا ولم يشهد المسلمون صعودا سياسيا إلا في عهد الرئيس الأوغندي الراحل الجنرال عيدي أمين الذي وصل إلى الحكم بانقلاب عسكري في ظل الرئيس الأوغندي حينذاك ميليون أبوتي وعمل خلالها على إعلاء شأن الإسلام في بلاده فقام بالحد من الحريات التي كانت تتمتع بها الإرساليات التبشيرية فطرد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية من كمبالا، وألقى القبض على أفرادها وقرر انضمام أوغندا إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، وشن حرباً على الجماعات المرتدة مثل البهائية و القاديانية، التي عملت على إشعال الحرب بين أوغندا وتنزانيا وانتهت باندحار قوات عيدي وطرده من السلطة وعودة أبوتي إلى الحكم ومنذ ذلك التاريخ أي في نهاية حقبة السبعينات من القرن الماضي يعاني المسلمون من تهميش سياسي رهيب، فرغم أنهم يشكلون 20 % من سكان البلاد إلا أنهم محرومون من الوصول إلى مناصب قيادية في السلطة أو في الجيش[13] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn13).

• تقدم الإسلام في أفريقيا:
والسؤال المطروح الآن: هل ينجح المخطط التنصيري بكل هذه الإمكانيات في تحويل أفريقيا إلى قارة نصرانية ؟ ان واقع القارة يؤكد غير ذلك، فهناك أكثر من 365 مليون مسلم أفريقي تزيد نسبتهم عن 65% من سكان إفريقيا في مطلع الألفية الجديدة.

وقد يستطيع المنصرون بما في أيديهم من إمكانيات إغراء بعض فقراء القارة ممن يقتلهم الفقر والجوع والمرض، ولكن يظل الإسلام شامخا قويا في معقله الأفريقي، وهو يشهد مدا متناميا رغم قلة جهود الدعوة السلامية، ولو قام المسلمون بربع الجهد الذي يقوم به المنصرون في هذه القارة لتحولت في غضون سنوات الى قارة مسلمة خالصة ولتقلص عدد المسيحيين والوثنيين أمام المد الإسلامي الهادر.

ولقد أدرك المنصرون ما يحرزه الإسلام من تقدم مستمر في أفريقيا وأخذوا يحذرون من هذا التقدم، فقال الدكتور "ساس كونرادي"، من المنظمة التنصيرية (العالم الفقير) إن بعض قادة العمل التنصيري في أفريقيا، ومنهم "ديف سيفير" مدير الدراسات العليا في الكلية الإنجيلية في ألينوى، أصيب بصدمة كبيرة لتقدم العمل الدعوى الإسلامي في أفريقيا، إلى حد أنه طالب بعقد مؤتمر في أفريقيا للمنظمات التنصيرية، لبحث تقدم الإسلام في مناطق نفوذ النصرانية.

حذر الدكتور كونرادي منظمات التنصير من أن مستقبل التنصير والنصرانية في خطر كبير بسبب انتشار الإسلام بين النصارى بعد مغادرة المنصرين الأجانب الغربيين، وإن مناطق الحدود بين الإسلام والنصرانية في أفريقيا تواجه فيها الكنائس والعمل المسيحي حاجة ماسة للدعم المالي، لأنها تواجه مصاعب مالية، وإنه إذا نفذت الأموال لدى الكنيسة على نشاطاتها فإن الإسلام سوف يخترق هذه الحدود، ويتقدم إلى قلب مناطق المسيحية في أفريقيا، وسيبقى أهل هذه المناطق فقراء ويكونون هدفا سهلا للدعاة المسلمين.

• سبل المواجهة:
ولا شك أن حاضر الإسلام ومستقبله في أفريقيا يدعونا إلى التيقظ والصحوة، فعلينا أن نقوم بتوعية إخواننا وتبصيرهم ومد يد المساعدة إليهم قدر الاستطاعة حتى يصمدوا أمام المد التنصيري الذي يجتاح القارة الأفريقية.

واذا بحثنا عن سبل مكافحة التنصير سنجد ان المكافحة هي مهمة كل مسلم، بما يستطيع تقديمه وحسب إمكاناته، حتى تتضافر الجهود ويتحد المسلمون في وجه أعدائهم، وما دمنا قد أدركنا خطر التنصير في إفريقيا والمأساة التي أحدثها في هذه القارة المسلمة فعلينا أن نقوم بواجبنا تجاه ديننا وإخواننا.. وقد حدد علماء الاسلام مجموعة من الوسائل المفيدة في هذا الشأن، منها[14] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftn14):
1- أن يعمل كل مسلم على إقامة دين الله عز وجل في نفسه وأهله ومن ولاه الله أمرهم فإن المجتمع يتكون من مجموع الأفراد.

2- الانتباه لنشاط المنصرين واليقظة التامة وإيجاد لجان أو جمعيات لمتابعة التنصير وكشف مخططاته وإصدار الكتب والنشرات التي تلاحقه بجميع لغات القارة الأفريقية.

3- إيجاد إذاعات قوية تصل إلى ربوع أفريقيا كلها وبجميع لغاتها لنشر الدين الإسلامي.

4- إقامة المؤتمرات العالمية الإسلامية لمناقشة خطط المنصرين وفضحهم، ونشر الدين الإسلامي.

5- إنشاء المؤسسات الطبية الخيرية الإسلامية من مستشفيات ومستوصفات مع وجود جهود دعوية فيها.

6- إنشاء المدارس الخيرية الإسلامية والجامعات والمعاهد العلمية والفنية لتعليم الناس الدين الإسلامي والعقيدة الصحيحة وإكسابهم خبرات علمية وانتشالهم من الجهل.

7- كفالة الدعاة في القارة الإفريقية من أبنائها حتى ينشروا الدين الإسلامي ويحاربوا التنصير والبدع والخرافات.

8- إنشاء مراكز رئيسة للدعوة الإسلامية وإنشاء فروع لها في كافة أنحاء إفريقيا وتزويدها بالكتب والنشرات والأشرطة الإسلامية.

9- إنشاء دور للعجزة والأيتام والأرامل والاهتمام بهم وتخريج الدعاة من بينهم.

10- استخدام جميع وسائل الإعلام في محاربة التنصير ونشر الدين الإسلامي من قنوات وشبكات كمبيوتر وإنترنت وصحف ومجلات وأشرطة وكتب ونشرات.

11- استخدام وسيلة المراسلة من خلال البريد والفاكس والبريد الإلكتروني.

12- التحرك في أوقات الكوارث والحروب والأزمات لإغاثة المسلمين ودعوتهم إلى دين الله الحق.

13- نشر اللغة العربية في إفريقيا وتدريب المعلمين الأفارقة وتعليمهم اللغة العربية والعلوم الشرعية للقيام بواجبهم التربوي والدعوي في بلادهم.

14- إرسال الدعاة وطلبة العلم من جميع أنحاء العالم الإسلامي إلى إفريقيا لتعليم الناس ودعوتهم إلى دين الإسلامي الحنيف.

15- إعمار المساجد في مختلف المناطق الإفريقية المحتاجة وتزويدها بالمكتبات والدعاة المؤهلين.

16- إنشاء المراكز الإسلامية المتكاملة التي تحوي المساجد والمدارس والمكتبات.

17- إيجاد برامج المنح الدراسية في الدول الإسلامية للطلاب الأفارقة في كافة التخصصات الشرعية والعلمية، وتأهيلهم ليصبحوا دعاة.

18- الدعوة إلى الله في أوساط غير المسلمين من النصارى وغيرهم وكما قيل خير وسيلة للدفاع الهجوم.

19- أن تعمل المؤسسات الإسلامية على تكثيف نشاطها في أوساط المسلمين في إفريقيا لاسيما الشباب وإقامة المخيمات لهم وبيان الأخطار التي تواجههم في عقر دارهم.

20- سعي الجماعات الإسلامية الموجودة في مناطق إفريقيا لمحاربة التنصير ووضع برامج لهذا الغرض.

21- نشر قصص المهتدين إلى الدين الإسلامي من النصارى.
ـــــــــــــــ ــــــ
[1] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref1) الخارجية المصرية تطالب الأزهر بالتصدي للمنظمات التنصيرية بالنيجر وتشاد - مجدي رشيد – موقع المصريون 11 - 3 – 2007م.
[2] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref2) حاضر العالم الإسلامي - د. جميل عبد الله محمد المصري – الجزء الثاني.
[3] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref3) الغارة على العالم الإسلامي أ.ل. شاتليه - ترجمة محب الدين الخطيب – ص25.
[4] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref4) التنصير في أفريقيا - د. مانع بن حماد الجهني - الجندي المسلم – العدد 99 – ربيع الأول 1421هـ.
[5] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref5) المرجع السابق.
[6] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref6) المبشرون! الجوع والمرض والتشرد.. سلاحهم لغزو مناطق الحروب والكوارث والأزمات الإنسانية - الوفد - الأربعاء 16 فبراير 2005م.
[7] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref7) المرجع السابق.
[8] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref8) فرق التنصير تحارب الإسلام فى آسيا وأفريقيا - محيط – رمضان 1420هـ.
[9] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref9) تشاد واحة إفريقيا المنسية - الشبكة الإسلامية - 16/12/2002م.
[10] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref10) الغارة الصليبية على تشاد - محمد البشير أحمد موسى - موقع المختار الإسلامي – 5/1/2005م.
[11] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref11) د. حقار محمد أحمد: التنصير في تشاد، ص:
[12] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref12) مسلمو أوغندا بين التهميش والمد التنصيري - الشبكة الإسلامية - 21/05/2006م.
[13] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref13) المرجع السابق.
[14] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#_ftnref14) التنصير في أفريقيا - د. مانع بن حماد الجهني – مرجع سابق.


رابط الموضوع
http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/775/#ixzz2FROwuWe0

أبو مريم السني
2012-12-19, 12:26 AM
التنصيرُ في بلد الأزهر.. ومخططُ الإساءة للإسلام
أحمد محمود أبو زيد (http://www.majles.alukah.net/Authors/View/Spotlight/188/)
التنصيرُ في بلد الأزهر.. ومخططُ الإساءة للإسلام وازدرائه
محمد البورسعيدي وزوجتُه نموذجًا

ما زلنا نواصلُ حديثَنا مع القارئ حول التنصير وخططه وأساليبه في العالم الإسلامي، ونقفُ في هذا المقال مع التنصير في معقل من معاقل الإسلام، وهي مصر بلد الأزهر، التي تمتد الجهود التنصيرية فيها لعشرات بل مئات السنين.

فقضية (محمد حجازي البورسعيدي) الذي تنصّر هو وزوجته على أيدي جماعات التنصير في مصر، بعد أن أغروهما بالمال والثروة والسكن والوظيفة المرموقة والسفر للخارج، تعد مثالا صارخا للحرب المعلنة على الإسلام في الداخل والخارج، والنية المبيتة من منظمات التنصير في مصر للإساءة إلى الإسلام وازدرائه.

وبداية لا بد أن نؤكد أن هذا الشاب المرتد عن الإسلام، والذي أغراه المنصرون بمتاع الدنيا الزائل، لا يساوي عند الله جناح بعوضة، بعد أن ضل وأضل، ومَثَلُه عند الله سبحانه -كما وصفه القرآن- كمثل الكلب؛ قال تعالي: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} [الأعراف: 175-176].

وهذا الشاب الضال المرتد التارك لدينه المفارق لجماعة المسلمين، لو أن ردته عن الإسلام كانت بينه وبين نفسه، لانتهى الأمرُ، فعددُ المسلمين في العالم يزيد عن مليار و200 مليون مسلم، ولا يضير الإسلامَ أن يفارقَه مليون ضال أغوتهم شياطين الجن والإنس.

ولكن القضية أن هذا القزم البورسعيدي المرتد قد جاهر بردته، وأعلنها على الملأ، لتصبح قضية رأي عام، وتتبارى الصحف والمجلات في نشر تفاصيلها، ويستغلها ضعافُ النفوس من مردة الإنس -أولئك النفر من العلمانيين والماركسيين والشيوعيين والمنصّرين- في الهمز واللمز والإساءة للإسلام، فقد خرج علينا قس مصري يزعم أن الملايين من الشباب في مصر يريدون أن يرتدوا عن الإسلام ويعتنقوا المسيحية، ويسلكوا مسلك محمد حجازي، ولكنهم يخافون من حد الردة المسلط على رقابهم!!

وواصل هذا القس ويدعى "الأب يوتا" افتراءاته على الإسلام بقوله: "لقد شن المسلمون حملة مسعورة لتشويه صورة محمد المسيحي، والحقيقة.. فالمسلمون معذورون في ذلك؛ لأنهم شعروا بالرعب من أن يجاهر مسلم بأنه اعتنق المسيحية، ويرفع دعوى أمام المحاكم، في حين إن الإسلام كان دائمًا مرعبًا لأي شخص يفكر في ترك الإسلام وفي كل مكان وزمان، فالقتل هو الرد على ترك المسلم للإسلام (والشرع يأمر بقتل المرتد عن الإسلام)، وما حدث أيام خليفة نبي الإسلام أبي بكر من قتل ما يزيد على 20 ألفا في يوم واحد من الذين ارتدوا، أوقف انهيارَ الإسلام، وجعل الرعبَ داخل كل مسلم، وبقي الإسلام مبنيًا على الخوف من القتل، لا على الاقتناع به، وهذا سبب بقاء الإسلام إلى اليوم. ومن ثم (فإن مجاهرة محمد المسيحي باعتناقة المسيحية، ورفع قضية، وبهذه الجرأة، قد يشجِّعُ ويقوّي قلوبَ كثير من المسلمين الخائفين لترك الإسلام، ومن ثم ينهار الإسلام)، وهذه النقطة بالذات تذكر المسلمين بانهيار الشيوعية برغم الحكم بالحديد والنار، وأعتقد أنه في يوم من الأيام سينهار الإسلامُ بطريقة قريبة الشبه من انهيار الشيوعية، بعد زوال الخوف من قلوب المسلمين، وهذا هو السبب الرئيس لانزعاج المسلمين من قضية محمد المسيحي وتدخل جميع المسئولين المسلمين في البلد، وعلى أعلى المستويات، وخاصة الأجهزة الأمنية لإنهاء هذه القضية، بعد التحقق من أن الأكاذيب التي رددها الإعلام لتشويه صورة محمد أتت بنتيجة عكسية"!!
وهكذا استغل المسيحيون في مصر قضية محمد حجازي وأخذوا يهرفون بما لا يعرفون عن الإسلام دين الله الحق.

• مَن محمد حجازي؟
فمَنْ (محمد حجازي) إذن ذاك الذي أقاموا له جنازة حارة، وجعلوا رِدته قضية رأي عام، لكي يشعلوا بها نار الفتنة الطائفية في مصر، وهو كما ذكرت نكرة، ولا يساوي عند الله جناح بعوضة؟

من محمد حجازي الذي تسعى بعض المنظمات المسيحية في مصر إلى (تدويل) قضيته، لكي يجعلوا منه بطلا، وهو أهون عند الله من الكلب اللاهث؛ لأنه انسلخ من الحق ونور الهداية والإسلام بعد إذ جاءه؟

هو شاب ضائع من بين ملايين الشباب الضائعين في مصر الذين يلهثون وراء المال والثراء والشهرة والظهور في وسائل الإعلام، حتى لو كان ثمن ذلك أن يترك دينة ويتنصر أو يصبح شيوعيا أو ماركسيا أو ملحدا لا دين له؟

أليس هذا هو طريق الشهرة الذي سلكه (سلمان رشدي) و(نصر أبو زيد) و(صبحي منصور) و(نوال السعداوي) ومن على شاكلتهم من عملاء الغرب والصهيونية؟

فمحمد حجازي هذا من مواليد محافظة بورسعيد، حصل على بكالوريوس معهد الخدمة الاجتماعية، وانضم لتيارات اشتراكية، ودخل المعتقل باتهامات سياسية.

وتقول بعض المصادر إنه تنصر وهو في العام الدراسي الثاني بالمعهد. وسبق القبض عليه عام 2002 بسبب تأليفه كتابًا ينتقد فيه الدولة والأديان وبعض الرموز الخاصة بها. وهو عضو حركة (كفاية) ببورسعيد. وقد ترك بورسعيد بعد اكتشاف أمر تحوله إلى المسيحية خوفاً من تهديدات عائلته وعائلة زوجته ونظرات المحيطين به.

أما السبب الحقيقي في تحوله إلى المسيحية، فهو سبب لا علاقة له بالأديان على الإطلاق، ولكنه أراد تغيير دينه فقط ودخول المسيحية، حتى يتعرض للاضطهاد في مصر ثم يسافر إلى الولايات المتحدة بمساعدة أقباط المهجر كلاجئ سياسي، وتفتح له أبواب الشهرة والمال والثراء، شأنه شأن معظم من يهاجرون إلى أمريكا ودول الغرب، ممن يعادون الإسلام ويحاربونه، والأمثلة أمامنا كثير لهؤلاء، بداية من (رشاد خليفة) و(صبحي منصور) و(نصر أبو زيد) و(نوال السعداوي).

وهذا ما تؤكده شهادة (محمد فوزي) أحد زملاء محمد حجازي في الدراسة، إذ أكد أنه كان يحلم بالشهرة والتشبه بسلمان رشدي، وكان يتحرش بالشرطة حتي يتم القبض عليه ثم يدعي الاضطهاد، وقال: إن حجازي اشترك في 4 أحزاب معارضة في وقت واحد بهدف تحقيق الشهرة التي يريدها.

• تورط منظمات مسيحية:
وبعيدا عن الخوض في تفاصيل قضية حجازي هذا الذي رفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري المصرية، يختصم فيها مع وزير الداخلية المصري بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الأحوال المدنية؛ لأنه رفض إلغاء كلمة "مسلم" من خانة الديانة فى بطاقة الهوية الخاصة به واستبدالها بكلمة "مسيحي".

فإن الذي يهمنا هنا هو تورط بعض المنظمات المسيحية في مصر في تنصير هذا الشاب وغيره من الشباب، فقد قررت نيابة أمن الدولة العليا في 10 من أغسطس حبس (عادل فوزي) ممثل "منظمة مسيحيي الشرق الأوسط" و(بيتر عزت) مصور موقع "الأقباط المتحدون" على شبكة الإنترنت، لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات. وتضمنت لائحة الاتهامات الموجهة إلى كل منهما: ازدراء الدين الإسلامي، وإثارة الفتنة الطائفية، والعمل على تنصير المسلمين، ونشر مواد على شبكة الإنترنت من شأنها إلحاق الضرر بالأمن، ونشر نسخة محرفة من القرآن الكريم.

وجاء في التحقيقات أن المتهم الأول نشر على موقع "منظمة مسيحيي الشرق الأوسط" مواد تشكك في صحة العقيدة الإسلامية وتسخر منها، وتدعو إلى إلغاء خطبة الجمعة بزعم أنها سبب الفتن الطائفية التي تشهدها مصر، كما نشر مواد أخرى مشابهة على مواقع الدردشة التي تناقش العقيدتين الإسلامية والمسيحية، ويعمل المتهمان على ترويج أفكارهما بين المسلمين عن طريق النشر.

وتقدم محمد فوزي النجار، أحد أصدقاء حجازي، ببلاغ إلى مكتب النائب العام عن وجود شبكة تنصيرية تعمل بين القاهرة وبورسعيد واليونان، تغري الشباب بالمال والجنسية اليونانية.

وكشف عن أنه ذهب مع محمد حجازي للغداء في منزل شخص يدعى "بيتر" بحي المطرية بالقاهرة، وأن بيتر وجه انتقادات حادة للإسلام، مستشهداً بفتوى إرضاع الكبير، وأن مضيفهما اصطحبهما إلى مكان قريب يدعى "بيت آيل"، حيث التقيا كاهناً أبلغهما أن الشيطان يتلبس جسديهما، وأنه يستطيع إخراجه، وبعد ذلك قال لهما الكاهن: إذا كنتما خائفين من توابع تحولكما للمسيحية فسوف نحميكما ونرسلكما إلى اليونان لتحصلا على الجنسية اليونانية.

وكشف أسامة الهيتمي (أمين شباب حزب العمل) أن حجازي كان وثيق الصلة بجورج إسحاق المنسق العام السابق لـ((كفاية)) ودفع له إسحاق أجرة المأذون حينما ترك منزله، وجاء إلى القاهرة للزواج من زميلته.

وقال: إن حجازي قضى ليلة واحدة عنده في المنزل، وبعدها لم يره إلا في نقابة الصحفيين، بعد حوالي 5 أشهر، وكانت هيئته قد تغيرت هو وزوجته، وبدا عليهما مظاهرُ النعيم والثراء إلى حد ما، وفسر الهيتمي ذلك بالأخبار التي قرأها بعد ذلك في الصحف عن دخول حجازي المسيحية وتركه الإسلام.

ومن ناحية أخرى اتهمت أسرة محمد حجازي المتنصر، المحامي ممدوح نخلة (مدير مركز الكلمة لحقوق الإنسان) باستغلال ضعف أحوال ابنهم المادية وإغرائه بالأموال، مقابل اعتناقه الدين المسيحي.

وقامت الأسرة بتحريك دعاوى قضائية ضد المحامي القبطي، واتهمته باستغلال الظروف المعيشية الصعبة للأسرة، وإغراء شاب فقير معروف عنه التدين وحب الإسلام بغرض تنصيره، وأن المحامي القبطي حاول التغرير بالشاب لاعتناق المسيحية، ووعده بالحصول على "جرين كارد" والإقامة في أمريكا كلاجئ سياسي، كما قررت الأسرة في الوقت نفسه تحريك دعوى قضائية ضد ابنها للحجر عليه بتهمة السفه وعدم القدرة على تحمل المسؤولية مع عرضه على طبيب نفسى لعلاجه، وهي دعوى لاقت تعاطفا كبيرا من أهل مدينة بورسعيد شمال القاهرة محل ميلاد الشاب المرتد.

• التنصير في مصر:
وهكذا يعمل المنصّرون في مصر، ويستغلون ظروف الشباب المسلم، وما يعانونه من فقر وبطالة، ويقدّمون لهم الإغراءات المادية، ويُمَنُّونهم بالشهرة والمال والثراء، في مقابل ترك الإسلام واعتناق المسيحية.

وجهودُ التنصير في مصر ليست وليدةَ اليوم، بل تعود لأكثر من مئة سنة، يوم اختارت منظمات التنصير العالمية القس زويمر زعيمًا للمنصرين في الشرق الأوسط، والذي كان يعمل في إرساليات الخليج العربي الأمريكية، ثم أصبح رئيسَ الإرسالية التنصيرية في البحرين.

فمع بداية القرن التاسع عشر، انطلقت إرساليات التنصير الأجنبية في قرى ونجوع مصر تحت مظلة (الامتيازات الأجنبية)، وأدّى حكامُ القرن التاسع عشر في مصر دورًا غريبًا في تمكين الأجانب والمحتلين والمنصّرين من البلاد، وتركوا لهم حرية العمل على إفساد العقائد والتغلغل بين أفراد الشعب.

وهذه الإرساليات التنصيرية تعد امتدادًا لحلقات الحروب الصليبية، ولكن بطرق سلمية، فبعد أن أخفقت الحملات الصليبية في مهمتها، أخذت القوى المسيحية الغربية، تعمل على تحويل العالم الإسلامي إلى المسيحية، أو القضاء على الإسلام فيه باعتباره قوة أساسية، وذلك عن طريق إرساليات التنصير، التي تقوم بمحاولات صليبية لإخراج المسلمين عن الإسلام، وإخضاع العالم الإسلامي كله للغرب وللثقافة الغربية والنفوذ المسيحي.

وبدأت حركة التنصير تظهر أعمالها في مصر، عقب الحملة الفرنسية مباشرة، عندما امتد نطاق نشاطها من جزيرة مالطة عام 1815م إلى الحبشة وفلسطين وولايات دولة الخلافة الإسلامية، التي كانت تضم في ذلك الحين 35 مليون مسلم.

وفي عهد محمد على بدأ إنشاء المؤسسات التعليمية التنصيرية الأجنبية في مصر، وذلك عام 1840م، واتسع نشاط هذه الإرساليات التنصيرية في عهد الخديوي إسماعيل، الذي شجع هذه الإرساليات إرضاءً للدول الأوربية، التي كانت تمده بالقروض التي طلبها، وركزت الإرساليات في هذا الوقت على التعليم، وذلك بإنشاء المدارس والمعاهد المسيحية، التي انتشرت بكثرة في الأقاليم المصرية، ثم على الخدمات الطبية عن طريق إنشاء كتائب طبية للتنصير.

وهكذا وطّدت الإرساليات وجودَها في مصر، وأخذت الحركة التنصيرية تمارس نشاطها من خلال بعض المراكز العلمية الأجنبية، وتحت سمع وبصر الحكومة، وفي حماية الاحتلال البريطاني، الذي سيطرت قواتُه على مقاليد الأمور في مصر منذ عام 1882م وحتى عام 1952م.

ومع بداية الاحتلال عادت الإرسالية الإنجليزية لممارسة نشاطها في مصر، التي أغلقت أبوابها رسميا عام 1862م، وعادت الإرسالية الأمريكية، وجاءت إرسالية مصر البريطانية العمومية عام 1898م، فأسست "الجمعية العامة لتبشير مصر" عام 1899م، وبدأ كرومر في معاونة الإرساليات التنصيرية الأجنبية، وظهرت الصحافة التنصيرية.

أبو مريم السني
2012-12-19, 12:30 AM
• مؤتمر القاهرة التنصيري 1906م:
ولأن المجال كان متسعا لنشاط المنصرين في مصر وللإرساليات التنصيرية الأمريكية وغيرها، التي تمتعت بنظام الامتيازات الأجنبية، انعقد في القاهرة مؤتمرٌ تنصيري، في 4 من إبريل عام 1906م بمنزل زعيم الثورة العرابية "أحمد عرابي"، وفكرة هذا المؤتمر تعود للمنصّر الأمريكي زويمر، الذي ابتكر فكرة عقد مؤتمر عام بالقاهرة، لجمعية إرساليات التنصير العالمية، للتفكير في بحث (مسألة نشر الإنجيل بين المسلمين).

وقد بلغ عدد مندوبي إرساليات التنصير التي حضرت المؤتمر 62 مندوبا، وكانت جلسات المؤتمر سرية، وتناول هذا المؤتمرُ -الذي استمر خمسة أيام ورأسَه القس زويمر- وسائلَ تنصير المسلمين، وتم وضعها في كتاب خاص، بعنوان "وسائل العمل التبشيري بين المسلمين"، وكتب على غلافه الخارجي "نشرة خاصة"؛ ليكون مقصورًا على فئة من المنصرين، لما يحويه من مؤامرة خطيرة ضد الإسلام والمسلمين، لا في مصر وحدها، ولكن في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وهذا الكتاب من إعداد المنصّر الأمريكي القس فليمنح.

وتعرض المؤتمر للأزهر، ونعى أن باب التعليم فيه مفتوح للجميع، خصوصا وأن أوقاف الأزهر الكثيرة تساعد على التعليم فيه مجانا، وطالب سكرتير المؤتمر في مواجهة ذلك بإنشاء معهد مسيحي في القاهرة يكون في مواجهة الأزهر. وقد قيل: إن أساس إنشاء الجامعة الأمريكية في مصر كان تنفيذا لتلك التوصية.

ثم عرض المؤتمر لخريطة تنصير العالم الإسلامي في هذا العصر، وقدم القس زويمر رئيس المؤتمر، بمعاونة بعض زملائه كتابًا بعنوان: "العالم الإسلامي اليوم"، أشار فيه إلى صلابة عقيدة المسلمين وقال: "لم يسبق وجودُ عقيدة مبنية على التوحيد، أعظم من عقيدة الدين الإسلامي، الذي اقتحم قارتي آسيا وأفريقيا، وبث في مئتي مليون من البشر عقائدَه وشرائعَه وتقاليده، وأحكم عروة ارتباطهم باللغة العربية".

وقدم زويمر بعض النصائح للحاضرين في هذا المؤتمر من بينها:
أ- وجوب إقناع المسلمين أن النصارى ليسوا أعداءهم.

ب- يجب تنصير المسلمين بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحدُ أعضائها.

وأخيرا بشَّر المنصرين ألا يقنطوا، إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوروبيين وإلى تحرير النساء.

وها هي ذي نتيجة مؤتمر القاهرة التنصيري، وما تقوم به إرساليات التنصير، فمصر اليوم -وهي أكبر دولة إسلامية في الشرق الأوسط من حيث عدد سكانها- توجد بها الجامعة الأمريكية وجامعة سنجور الفرنسية التي افتتحت منذ سنوات بالإسكندرية، كما يوجد بها مئات المدارس المسيحية التي تؤدي دورًا تنصيريًا خفيًا.

وقد تم الحصول على وثيقة منذ سنوات تكشف لأول مرة عن جمعية تسمى "جمعية الصعيد المسيحية" تدير عدة مدارس ومؤسسات مختلفة في مصر بتشجيع من السفارة الأمريكية، وظهرت إلى عالم الوجود مؤسساتٌ ثقافية ومكتبات تعرض الكتب التنصيرية بأبخس الأثمان، كما بدأت الكنائس البروتستانتية تمارس دورًا خطيرا في الحركة التنصيرية وفي مقدمتها كنيسة قصر الدوبارة القريبة جدًا من مبني السفارة الأمريكية في جاردن سيتي بالقاهرة.

وقد تضمن كتاب "العالم الإسلامي اليوم"، الذي وضعه زويمر في أثناء الاحتلال البريطاني لمصر، فصلا عن ملخّص أعمال المنصّرين البروتستانت في مصر والوسائل التي يتذرعون بها والنتيجة التي توصلوا إليها. ففي مدارس المنصرين في القطر المصري –كما ذكر الكتاب– 3000 طالب مسلم، وخمس هؤلاء من البنات المسلمات. وكانت نتيجة هذه المجهودات، أن تنصر مئة وخمسون مسلما مصريا، وأهم ما وقع من ذلك كان عام 1903 و1904م، فقد تنصر في الأولي 14 شخصا وفي الثانية 12 شخصا.

• معاهد تنصيرية:
وأهم معاهد التنصير في مصر، هو المعهد الذي أسسته جمعيةُ اتحاد مبشري أمريكا الشمالية سنة 1854م، وفي سنة 1882م تأسس في مصر معهدٌ علمي للتنصير تابعٌ لجمعية تنصير الكنيسة، وله أربعة أفرع: الأول قسم طبي، والثاني مدرسة للصبيان، والثالث للبنات، والرابع لنشر الإنجيل، وينشر مبشِّرو هذا المعهد مجلة أسبوعية، ولهم مكتبة خاصة بهم.

وبعد المعهدين السابق ذكرهما، تأتي "جمعية تبشير شمال إفريقيا"، وهذه الجمعية أسست معهدًا في مصر سنة 1892م، وأهم وظائفها تنصير المسلمين، ولها ثلاثة وكلاء في الإسكندرية واثنان في شبين الكوم، وأعمال هذا المعهد مقصورة على فتح المدارس لتعليم الإنجيل بوجه خاص، وأن يزور المبشراتُ منازل المسلمين ويجتمعن بنسائهم، وأن يوزعن المؤلفات والكتب التنصيرية على المسلمين، وأن يلقين محاضرات دينية لدرس الإنجيل في أيام الأسبوع.

وفي سنة 1898م تأسست "الجمعية العامة لتبشير مصر"، وغايتها تنصير المسلمين أيضا، ولها معاهد في الدلتا والسويس، وتدير مدارس للصبيان والبنات، وتبث فيهم مبادئ النصرانية، ولها خزائن كتب تحوي كتبا عربية ذات علاقة بالإسلام، ولها أيضا مجلة شهرية منتشرة جدا وخاصة بين المسلمين.

وأقل إرساليات التنصير أهمية في القطر المصري الإرسالية الهولندية التي توطنت في قليوب، وفي مدارسها المتعددة تلاميذُ من كل المذاهب، وهي تنشر الإنجيل في القرى بواسطة بائعي الكتب، ومن أعمالها: أنها أنشأت ملجأ للأيتام، وجهودُها موزعة بين الأولاد المسلمين والنصارى على السواء.

• وثيقة سرية:
وأمامنا وثيقة سرية عن نشاط المسيحيين في مصر، وهي عبارة عن تقرير لاجتماع سري عقده البابا شنودة مع القساوسة والأثرياء بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية في 5 مارس 1973م، وسجلته الأجهزة الخاصة.

وقد بدأ البابا شنودة كلمته أمام الاجتماع بأن بشر الحاضرين بأن كل شيء يسير على ما يرام حسب الخطة الموضوعة والتخطيط المرسوم لكل جانب من جوانب العمل على حدة في إطار الهدف الموحد.

وتحدث في عدة موضوعات تشمل عدة نشاطات هي كما يلي:
1- عدد شعب الكنيسة:
صرح بأن مصادرهم في إدارة التعبئة والإحصاء أبلغتهم أن عدد المسيحيين في مصر أصبح ما يقارب ثمانية ملايين نسمة (يلاحظ أن ذلك عام 1973م).
والتخطيط العام الذي تم الاتفاق عليه بالإجماع، والذي صدرت بشأنه التعليمات، وضع على أساس بلوغ شعب الكنيسة إلى نصف الشعب المصري، حتى يتساوى عدد شعب الكنيسة مع عدد المسلمين لأول مرة، والمدة المحددة في التخطيط للوصول إلى هذا العدد هي بين 12-15 سنة من الآن.

ولذلك فإن الكنيسة تحرّم تحديد النسل أو تنظيمه، وتعد كل من يفعل ذلك خارجا عن تعليمات الكنيسة، ومطرودا من رحمة الرب، وقاتلا لشعب الكنيسة ومضيعا لمجدة، وذلك باستثناء الحالات التي يقرر فيها أطباء الكنيسة خطر الحمل والولادة على حياة المرأة، وقد اتخذت الكنيسة من الخطوات لتحقيق هذه الخطة بالنسبة لزيادة عدد المسيحيين ما يلي:
أ- تحريم تحديد النسل وتنظيمه بين شعب الكنيسة.

ب- تشجيع تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين، خاصة وأن أكثر من 65% من الأطباء وبعض الخدمات الصحية تتبع شعب الكنيسة.

ج- تشجيع الإكثار من النسل بين شعب الكنيسة، بوضع الحوافز والمساعدات المادية والمعنوية للأسر الفقيرة من شعبنا.

د- التنبيه على العاملين بالخدمات الصحية على المستوى الحكومي وغير الحكومي بمضاعفة الخدمات الصحية بين شعبنا المسيحي، وبذل العناية والجهد الوافرين، وذلك من شأنه تقليل نسبة الوفيات بين شعبنا المسيحي على أن يكون تصرفهم غير ذلك مع المسلمين.

هـ- تشجيع الزواج بالسن المبكر بتخفيض تكاليفه، وذلك بتخفيض رسوم فتح الكنائس، ورسوم الإكليل بالكنائس الكائنة بالأحياء الشعبية.

و- تحرم الكنيسة تحريما باتا على أصحاب العمارات والمساكن تأجير أي مسكن أو شقة أو محل تجاري للمسلمين، ويعد من يفعل ذلك من الآن مطرودا من رحمة الرب ورعاية الكنيسة، كما يجب العمل بشتى الوسائل على إخراج المسلمين الذين يسكنون العمارات والبيوت المملوكة لشعب الكنيسة، وهذه السياسة الإسكانية إذا استطعنا تنفيذها بقدر الامكان فإن من شأنها تشجيع الزواج بين الشباب المسيحي، وتصعيبه وتضييقه بقدر الإمكان على المسلمين، والغرض من هذه القرارات هو انخفاض معدل الزيادة بين المسلمين، وارتفاع هذا المعدل بين الشعب المسيحي.

2- اقتصاد شعب الكنيسة:
وعن اقتصاد المسيحيين في مصر قال البابا شنودة: إن المال يأتينا مما نطلب، وأكثر مما نطلب، من ثلاثة مصادر هي: أمريكا والحبشة والفاتيكان، ولكن يجب أن يكون الاعتماد الأول في تخطيطنا الاقتصادي على مالنا الخاص الذي نجمعه من الداخل وبالتعاون والزيادة من فعل الخير بين أفراد الشعب المسيحي.

كذلك يجب الاهتمام بشراء الأراضي وإعطاء القروض والمساعدات لمن يقومون بذلك لمساعدتهم على البناء، وقد أثبتت الإحصاءات الرسمية أن أكثر من 60% من تجارة مصر الداخلية بأيدي المسيحيين، ويجب العمل على زيادة هذه النسبة، وتخطيطها في المستقبل يركز على إفقار المسلمين، ونزع الثروة من أيديهم بالقدر الذي يؤدي إلى إثراء شعبنا. لذلك يلزم المداومة على تذكير شعب الكنيسة والتنبيه عليهم مشددا من حين لآخر لمقاطعة المسلمين اقتصاديا والنهي عن التعامل معهم تماما إلا في حالات الضرورة، وذلك يعني مقاطعة المسلمين ممن هم في سلك المحاماة والمحاسبين والمدرسين والأطباء والصيادلة، وكذلك مقاطعة العيادات والمستشفيات التي يملكونها والمحلات التجارية والجمعيات الاستهلاكية ما أمكن، وما دام يمكن التعامل مع شعب الكنيسة لسد حاجتهم، وكذلك مقاطعة صناع المسلمين وحرفييهم والتعامل مع الصناع والحرفيين المسيحيين، ولو كلف ذلك الفرد الجهد والمشقة.

3- الجانب التعليمي:
وأما التعليم فقال البابا شنودة: يجب الاهتمام بالسياسة التعليمية حاليا في الكنائس مع مضاعفة الجهد، خاصة وأن بعض المساجد بدأت تقوم بمهمات تعليمية كالتي تقوم بها كنائسُنا، وذلك سيجعل مضاعفة الجهود المبذولة أمرًا حتميا حتى تستمر النسبة التي نحصل عليها من مقاعد الجامعات وخاصة الكليات العملية. ولقد وصلت نسبة الوظائف الخطيرة العامة كالطب والهندسة والصيدلة إلى أكثر من 60% من الشعب المسيحي.

4- التبشير:
وعن التبشير الذي تقوم به الكنائس في مصر قال شنودة: يجب مضاعفة الجهود التبشيرية الحالية، والخطة التنصيرية التي وضعت بنيت على أساس أن الهدف الذي اتفق عليه من التبشير في المرحلة القادمة هو التركيز على التبشير بين الفئات والجماعات أكثر من التبشير بين الأفراد، وذلك لزحزحة أكبر عدد من المسلمين عن دينهم، وألا يكون من الضروري دخولهم في المسيحية، ويكون التركيز في بعض الحالات على زعزعة الدين في نفوس المسلمين وتشكيك الجموع الفقيرة في كتابهم وفي صدق نبيهم. على أن يراعى في تنفيذ هذا المخطط أن يتم بطريقة "لبقة ذكية" حتى لا يكون ذلك سببا في إثارة حفيظة المسلمين ويقظتهم؛ لأن هذه اليقظة من شأنها أن تفسد علينا مخططاتنا المدروسة وتؤثر في نتائجها وثمارها وتضيع جهودنا هباء.

لذلك فقد أصدرت التعليمات بهذا الخصوص، وستنشر في جميع الكنائس لكي يتصرف الجميع من شعبنا مع المسلمين بطريقة ودية لا تثير غضبهم. كما تم التنبيه على رعاة الكنائس والآباء والقساوسة لمشاركة المسلمين احتفالاتهم الدينية وتهنئتهم بأعيادهم وإظهار المودة والمحبة لهم، وعلى شعب الكنيسة في المصالح والوزارات والمؤسسات وكل أماكن الاحتكاك بإظهار هذه الروح لمن يخالطونهم من المسلمين.

ثم قال البابا شنودة: "إننا يجب أن ننتهز ما هم فيه "يقصد المسلمين" من نكسة ومحنة؛ لأن ذلك في صالحنا، ولن نستطيع إحراز أية مكاسب أو أي تقدم إذا انتهت المشكلة مع إسرائيل سواء بالسلم أو الحرب".

وقد أصر البابا على أن يتقدم رسميا إلى الحكومة المصرية بالمطالب التي عددها في الآتي:
1- أن يصبح مركز البابا الرسمي في البروتوكول السياسي للدولة بعد رئيس الجمهورية وقبل رئيس الوزراء.
2- أن يخصص لهم ثمانية وزارات في الوزارة.
3- أن يحدد لهم ربع القيادات العليا في الجيش والبوليس.
4- أن يحدد لهم ربع القيادات المدنية كرؤساء مجالس المؤسسات والشركات والمحافظين ووكلاء الوزارات والمديرين ورؤساء مجالس المدن.
5- أن يؤخذ رأي البابا عند شغل هذه النسبة في الوزارات والمراكز العسكرية والمدنية الرئيسية، وسيكون له حق ترشيح بعض العناصر والتعديل.
6- أن يسمح لهم بإقامة إذاعة خاصة بهم من تمويلهم الخاص.
7- أن يسمح بإقامة جامعة خاصة بهم. وقد وضعت الكنيسة بالفعل تخطيطَ هذه الجامعة، وهي تضم معاهدَ للاهوت والكليات العملية والنظرية.

وهكذا يفكر المسيحيون في مصر، ويخططون منذ ما يقرب من 35 عاما، ولعل مطالبهم هذه قد تحقق منها الكثيرُ، على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وها هي ذي جهودهم التنصيرية واضحة، ويبذلون في سبيلها الغالي والرخيص، لكي يحاربوا الإسلام من خلال أبنائه الذين يغرونهم بالمال والشهرة والثراء.

وللحديث عن مخطط التنصير بقية في المقالات القادمة إن شاء الله.

• المراجـع:
1- الجذور التاريخية لإرساليات التنصير الأجنبية في مصر – الدكتور خالد محمد نعيم – دار المختار الإسلامي – القاهرة 1988م.
2- أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي – الدكتور علي جريشة ومحمد شريف الزيبق – دار الاعتصام – الطبعة الأولى – القاهرة.
3- ما يجب أن يعرفه المسلم من حقائق عن التبشير والنصرانية – محمد السليمان الجبهان – الرياض 1976م.
4- الزحف إلى مكة – الدكتور عبد الودود شلبي – دار الزهراء للإعلام العربي – الطبعة الأولى – القاهرة 1989م.
5- الغارة على العالم الإسلامي – أ.ل شاتليه.
6- حبس عادل وبيتر المتهمين بتنصير ((حجازي)) 15 يوماً - جريدة المصري اليوم - 11/8/2007م.
7- موقع منظمة أقباط الولايات المتحدة - 6/8/2007م.


رابط الموضوع
http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/1305/#ixzz2FRPlVSQM

أبو مريم السني
2012-12-19, 12:44 AM
المنصّرون.. ذئابٌ في جلود نعاج
أحمد محمود أبو زيد (http://www.majles.alukah.net/Authors/View/Spotlight/188/)
مُجرمون مُخرّبون يعيثون في الأرض فسادًا باسم المسيح

المنصّرون.. ذئابٌ في جلود نعاج

• يستغلّون آلامَ البشر أبشعَ استغلال، ويتخذون من التطبيب والعلاج وسيلةً لنشر سمومهم، وحملاتُهم تستهدفُ الأقلياتِ والأكثريات المسلمةَ على السواء.
• يطوّرون أنفسهم ويستخدمون كل الوسائل لمواجهة الإسلام وإبعاد المسلمين عنه.
• 17 مليون منصر يعملون ضد الإسلام في أنحاء العالم، و50 إذاعة تنصيرية في إفريقيا تبث برامجها بمختلف اللغات واللهجات.
• 1300 منصر في الشرق الأوسط معظمُهم يديرون مراكز طبية.
• المنصّرون يدخلون البلاد والمناطق الإسلامية في صورة أطباء ومعلمين ومهندسين وخبراء، ويستغلون الظروف الاجتماعية للمسلمين من فقر وجهل وكوارث طبيعية.
• يبنون المدارس والمستشفيات والملاجئ ودور الرعاية، ويقدمون الإعانات المادية من غذاء وكساء ودواء، والمقابل لكل هذا هو التنصّر!
• يعملون على إخراج المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقا لا صلة له بالله، ولا بالأخلاق التي تعتمد عليها الأممُ في حياتها.
• هدفهم أجيالٌ مسلمة لا تهتم للعظائم، تحب الراحة والكسل، ولا تصرف همها في الدنيا إلا للشهوات.

• • • •
من يسمع عن التنصير وإرسالياته التي تجوب العالم شرقًا وغربًا، ومؤسساته وهيئاته المنتشرة في كل مكان، ويقرأ الأرقام التي ترد عنه، يدرك لأول وهلة أنه خطر داهم، وأن أخطاره قد وصلت إلى ديار الإسلام ذاتها، سعيًا لضرب الهوية الإسلامية، وتشويه عقيدة الإسلام وإخراج المسلمين من دينهم الحق.

ففي العالم الإسلامي اليوم جيوش جرارة مرئية وخفية من أولئك الذين يدعون بلا خجل أنهم (مبشرون)، وهم في الحقيقة ضالون مضلون، والحملات التنصيرية الشرسة على التجمعات الإسلامية -سواء الأقليات منها أو الأكثريات- تزداد يوما بعد يوم، وتطور نفسها، وتزيد من أعداد العاملين فيها، وتستخدم من الوسائل والأساليب التي تمكنها من نشر سمومها، ما لا يستخدمه دعاةُ الإسلام في نشر الحق الذي يدعون إليه، فالمنصرون اليوم يسخّرون -لتحقيق أهدافهم- وسائلَ الإعلام كافة، من نشراتٍ وكتبٍ وصحف وإذاعة وتلفزيون وفيديو وأقمار صناعية وشبكة إنترنت، ويملكون وسائل الانتقال السريعة من سيارات وطائرات و(لنشات) وأساطيل بحرية ومطارات، في كثير من الدول، هذا بالإضافة إلى الدعم المالي الكبير الذي يصلهم من مجلس الكنائس العالمي ودول المسيحية وأغنيائها.

• لغة الأرقام:
ويكفي أن نعرض بعض الأرقام التي وقعت تحت أيدينا عن التنصير خلال السنوات الماضية، لكي يدرك القارئُ المسلم فداحةَ هذا النشاط التخريبي المدمر، الذي يسعى لمحو الهوية الإسلامية وتنصير المسلمين، أو إخراجهم من الإسلام وتركهم بلا دين.

فالأرقام تبين أن 17 مليونَ منصرٍ يعملون ليل نهار لإطفاء نور الله في الأرض وَفق استراتيجيات بعيدة المدى، ولديهم ميزانياتٌ فلكية ينفقون منها بلا حساب. وأنهم يستهدفون جميع المسلمين في شتى أنحاء المعمورة، ولا يُستثنى من ذلك العرب.

وأن جيشا من المنصرين قوامه 112 ألف منصر يستهدف تحويل إفريقيا كلها إلى قارة صليبية.

وأن 50 إذاعة تنصيرية في إفريقيا تبث برامجها بمختلف اللغات واللهجات.

وأن في إفريقيا 500 مدرسة لاهوتية و20 ألف معهد كنسي، لتخريج المنصرين والقسيسين.

وأن هناك 500 منظمة تنصيرية تعمل في ليبيريا، ومثلها في ماليزيا، و1500 منظمة تعمل في بنجلاديش، تحت شعار هيئات الإغاثة الدولية وجمعيات حقوق الإنسان.

وأن بالشرق الأوسط 1300 منصر متفرغ معظمهم يُديرون مراكزَ طبية.

وأن دائرة تنصير الشعوب في الفاتيكان تشرف على 58 ألف مدرسة و26 ألف معهد وجامعة في أنحاء العالم.

وأن الدعم المالي للتنصير وصل إلى 151 مليار دولار أمريكي عام 1989م، وهذا المبلغ لعله قد تضاعف خلال السنوات الأخيرة.

وأن المنصرين يشرفون على تعليم 5 مليون طالب وطالبة في أنحاء إفريقيا.

وأن عدد أجهزة الكمبيوتر التي تستغلها المنظماتُ المسيحية في خدمة أعمال التنصير تبلغ 45 مليون جهاز.

وأن محطات الإذاعة والتلفزيون المسيحية في العالم تبلغ 1900 محطة.

فهذه الأرقام هي ما ظهر لنا وما عرفناه، أما ما خفي منها فهو أعظم، وهي تدق ناقوس الخطر، وتبين فداحة هذا المخطط الرهيب، الذي يتوغل في كل بقاع الأرض بإرسالياته ومنصريه، وهدفه الأوحد ليس اليهودية ولا الهندوسية ولا البوذية، ولكن الإسلام سعيا لضربه والوقوف في وجه دعوته وتشويه صورته.

فالمنصرون اليوم لا يدخلون البلاد والمناطق الإسلامية في صورة قساوسة يحملون الأناجيل في أيديهم ويدعون الناس إليها، فهذه صورة تقليدية ثبت إخفاقها، ولكنهم يدخلون في صورة أطباء ومعلمين ومهندسين وخبراء، ويستغلون الظروف الاجتماعية للمسلمين من فقر وجهل وكوارث طبيعية، ويدخلون بإمكانيات ضخمة، فيبنون المدارس والمستشفيات والملاجئ ودور الرعاية ويقدمون الإعانات المادية من غذاء وكساء ودواء، والمقابل لكل هذا هو التنصير أو على الأقل التخلي عن عقيدة الإسلام.

إنهم يدخلون كذئاب في جلود نعاج.. ظاهرهم فيه الرحمة والعطف والشفقة، وباطنهم من قبله العذاب.. وأي عذاب أشد مما يخرج المرء من دينه الحق ليدخله في دين باطل ومحرف؟!

إن هؤلاء الذئاب يستغلون آلام الإنسانية أبشعَ استغلال، حين يتخذون من التطبيب والعلاج وسيلةً لنشر سمومهم، عملا بالقاعدة التي وضعها زعماؤهم: "حينما يوجد بشر يوجد مرضى، وحينما يوجد مرضى تكون الحاجة إلى الطبيب ماسة، وهي الفرصة الذهبية لإدخال الخرفان إلى الحظيرة المقدسة".

ولقد بلغت الخسة والدناءة في بعض المستشفيات التنصيرية، أنهم لا يعالجون المريض إلا بعد أن يركع للصليب! أو يعترف على الأقل بأن شفائه في يد المسيح!

• قطع صلة المسلمين بالله:
وإذا بحثنا عن أهدافهم التي يعملون من أجلها منذ عشرات السنين، نجد أنهم يسعون إلى هدف أساسي في حربهم للإسلام، وهو قطع صلة المسلمين بالله، ففي مؤتمر القدس التنصيري، الذي عقد عام 1928م إبان الاحتلال البريطاني لفلسطين، ألقى القس زويمر، كبير المنصرين في هذا الوقت –الذي رأس المؤتمر ودعا إليه– خطبة مشهورة، حدد فيها أغراضَ التنصير، وظهر منها كيف أن الكنيسة تتعاون مع الاستعمار لمحاربة الإسلام، ومما قاله في هذه الخطبة:
"أيها الأبطال والزملاء، الذين كتب لهم الجهاد في سبيل المسيحية واستعمارها لبلاد الإسلام، فأحاطتهم عناية الرب بالتوفيق الجليل المقدس، لقد أديتم الرسالة التي نيطت بكم أحسن أداء، ووفقتم لها أسمى التوفيق، وإن كان يخيل إليّ أنه مع إتمامكم العمل على أكمل الوجوه لم يفطن بعضكم إلى الغاية الأساسية فيه.

إنني أقركم على أن الذين دخلوا من المسلمين في حظيرة المسيحية لم يكونوا مسلمين حقيقيين لقد كانوا أحد ثلاثة:
1- إما صغير لم يكن له من أهله ما يعرفه ما الإسلام.

2- أو رجل مستخف بالأديان، لا يبغي غير الحصول على قوت يومه، وقد اشتد به الفقر وعزت عليه لقمة العيش.

3- وآخر يبغي الوصول إلى غاية من الغايات الشخصية.

ولكن مهمة التبشير، التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريما، وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقا لا صلة له بالله، ومن ثم فلا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها، وبذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية، وهذا ما قمتم به خلال هذه الأعوام المئة السالفة خير قيام، وهذا ما أهنئكم عليه وتهنئكم عليه المسيحية والمسيحيون جميعا".

ثم يقول: "لقد سيطرنا منذ ثلث القرن التاسع عشر على جميع برامج التعليم في الممالك الإسلامية، ونشرنا فيها مكامن التبشير والكنائس والجمعيات والمدارس المسيحية الكثيرة التي تهيمن عليها الدول الأوروبية والأمريكية.

ولقد أعددتم في ديار الإسلام شبابا لا يعرف الصلة بالله، ولا يريد أن يعرفها وأخرجتم المسلم من الإسلام، ولم تدخلوه في المسيحية، ومن ثم جاء النشء طبقا لما أراده الاستعمار: لا يهتم للعظائم، ويحب الراحة والكسل، ولا يصرف همه في دنياه إلا للشهوات. إن مهمتكم قد تمت على أكمل الوجوه، وانتهيتم إلى خير النتائج وباركتكم المسيحية، ورضي عنكم الاستعمار، فاستمروا فقد أصبحتم بفضل جهادكم موضع بركات الرب".

• نشر الفساد باسم المسيح:
وهذا الخطاب الذي ألقاه زويمر يكشف العديد من أسرار التنصير وخباياه وأهدافه الخبيثة في العالم الإسلامي، وهي أهداف تجعل المرء يصب اللعنات على هؤلاء المجرمين المخربين، الذين يعيثون في الأرض فسادا باسم المسيحية والسيد المسيح، وهو بريء من كل ما يفعلوه.

إن زويمر يوضح لمن يخطب فيهم من المنصرين، أن ما يقومون به في البلاد الإسلامية سعيا لاستعمارها باسم المسيحية، إنما هو جهاد تحيطه عناية الرب.
ويعود ليؤكد لهم عدم فطنتهم للغاية الأساسية للتنصير، فليست الغاية إدخال المسلمين في المسيحية؛ لأن في ذلك هداية لهم وتكريما، وإنما الغاية هي: إخراج المسلم من الإسلام وتركه بلا دين، ليصبح مخلوقا لا صلة له بالله، ومن ثم فلا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها.

وفي مؤتمر آخر يقول زويمر موجها خطابه إلى جموع المنصرين: "لتكن لكم نعومة الأفعى في الزحف إلى قلوب المسلمين، إن المسلم لا يغير دينه بسهولة؛ لذلك كان لا بد من تخديره قبل فتح بطنه كما يفعل الجراحون..أنا لا أهتم بالمسلم كإنسان، إنه لا يستحق شرف الانتساب إلى المسيح، فلنغرقه بالشهوات، ولنطلق لغرائزه العنان حتى يصبح مسخا لا يصلح لأي شيء".
فهل هناك هدف إجرامي أكبر من هذا.. أن يتم تشكيك المسلم في عقيدته حتى يتخلى عنها ويصبح بلا دين؟!

ويؤكد زويمر في خطابه أن الذين دخلوا حظيرة المسيحية من المسلمين لم يكونوا مسلمين حقيقيين فهم: إما صغير لم يجد من أهله من يعرّفه حقيقة الإسلام، أو رجل مستخف بالأديان، لا يبغي غير الحصول على قوت يومه، وقد اشتد به الفقر وعزت عليه لقمة العيش فخضع للمنصرين وانساق وراء دعوتهم، بعد أن قدموا له الطعام والشراب والكساء والدواء وأغروه بالمال، أو رجل يبغي الوصول إلى غاية من الغايات الشخصية ولا يجد هذه الغاية إلا في ترك دينه والاستجابة لغيره من الدعوات الهدامة.

• استغلال آلام البشر:
والحق أن المنصرين قد نجحوا نجاحا كبيرا مع هذه العناصر الثلاثة في العديد من المناطق الإسلامية، وخاصة تلك التي تعاني الفقر والجهل والمرض والمجاعات والكوارث، حيث يغزوها المنصرون بإمكانيات ضخمة فيقدمون كل متطلبات الحياة، ويبنون المستشفيات والملاجئ والمدارس ودور الرعاية.

فالأرقام تذكر: أنه تم تنصير ربع مليون مسلم في إندونيسيا خلال عشرين عاما فقط، وأن 300 ألف مسلم قد تقبلوا المسيحية في عدد من البلاد الإفريقية، وأن عدد المسلمين في ملاوي قد انخفض من 70% إلى 30% فقط، بسبب نشاط التنصير، وأن المنصرين قاموا عام 1985م بتنصير 8 آلاف شخص في إقليم السند بالهند.
فأين الحق ورجاله؟.. أين الدعوة الإسلامية ودعاتها ومؤسساتها مما يحدث للمسلمين في هذه الدول وغيرها؟
وأين هيئات الإغاثة الإسلامية؟ أين هؤلاء جميعا كي يقفوا في وجه هذا التخريب المسمى بالتنصير والذي يسعى لمحاربة الإسلام؟

أبو مريم السني
2012-12-19, 12:45 AM
إن الدعوة الإسلامية اليوم في حاجة ماسة إلى الدعاة المخلصين وإلى الأموال الطائلة لتحقيق هذا الغرض.

• السيطرة على التعليم:
وينتقل زويمر إلى نقطة أخرى في خطابه، وهي سعي المنصرين للسيطرة على التعليم في البلدان الإسلامية، باعتبار أن التعليم وسيلة من أخطر الوسائل التي يمكن عن طريقها زعزعة العقائد وتنصير المسلمين. فقد حرَص المنصرون كل الحرص على اختراق مجال التعليم في البلدان التي يعملون فيها، وإنشاء المدارس الخاصة بهم، وركزوا نشاطهم على الشباب وعلى الأجيال الجديدة بهدف احتوائها، ولذلك يقول زويمر في خطابه: "لقد أعددتم في ديار الإسلام شبابا لا يعرف الصلة بالله، ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية ومن ثم جاء النشء طبقا لما أراده الاستعمار، لا يهتم بالعظائم، ويحب الراحة والكسل، ولا يصرف همه في دنياه إلا للشهوات".

والمنصرون في سبيل ذلك، يستخدمون الشيوعية والعلمانية وأكاذيب فرويد وضلالات سارتر وغيرها من الدعوات، لتدمير القيم الأخلاقية في نفوس الشباب، وجعله لقمة سائغة للقوى التي تعمل على احتواء العالم الإسلامي، ولقد ركزت هذه الإرساليات التخريبية –كما جاء في أخطر وثيقة لها عن التعليم– على عدة أمور هي:

1- أن تحتضن الفتاة المسلمة، لذلك كانت أولى الإرساليات هي مدارس البنات لتعليم المرأة المسلمة في ظل مفاهيم مسيحية وعلمانية، وقد قالت المنصرة (آنا ميلجان): "ليس ثمة طريق إلى حصن الإسلام أقصر مسافة من هذه المدارس".

2- أن يكون التعليم وسيلة لعقد الولاء مع الأمة صاحبة المدرسة أو الجامعة، ولقد تردد طويلا أن الجامعات الأمريكية كانت وسيلة لتمهيد الطريق أمام المصالح الأمريكية، وكانت منطلقَ العملِ لتأييد الصهيونية في العالم الإسلامي ودعمها، كما كانت الجامعات الفرنسية وسيلة لتثبيت النفوذ الفرنسي، وكذلك الجامعات الإنجليزية.

3- أن يكون التعليم في الإرساليات وسيلة لهدم مفهوم العقيدة، وذلك بالدعوة إلى وحدة الأديان والعقائد والنحل والمذاهب، وحرية الجمع والمساواة بين الأديان المنزلة وبين الأديان الوثنية، وفتح الطريق أمام نقد الدين والسخرية به.

4- تقوية العنصريات، والدعوة إلى الإقليميات والعصبيات والقوميات كالبربرية والتركية والفارسية، وإحياء الحضارات القديمة لخلق ثقافات وتاريخ سابق للإسلام وضرب الحضارة الإسلامية.

5- الدعوة إلى العاميات واللغة المحلية، والقضاء على اللغة العربية الفصحى، والحيلولة بين النشء وبين تعلم لغته، التي هي المفتاح للإسلام وللقرآن، والتركيز على تعليم اللغات الأجنبية التي هي المدخل إلى مفاهيم الفكر الوافد، والادعاء بأن اللغة العربية لم تعد صالحة لاستيعاب كل الأغراض مع تفريغها من الروح الإسلامي، عن طريق كتابات الصحف والمسرحيات والإذاعة والأغاني التي تقدم مضامين غربية منقولة باللغة العربية، وإقامة ثقافة خفيفة مستمدة من التفاهات مقام الثقافة الأصيلة ذات البيان العربي الرصين.

6- الاعتماد على الترجمات من اللغات الأجنبية، وخاصة ترجمة قصص الجنس والإباحية وكتابات (سارتر) و(كافكا) و(نيتشه) وغيرها، مما يثير في نفوس الشباب شبهات الشكوك والإلحاد.

7- طرح الأيديولوجيات المختلفة والنظريات الفلسفية المتعددة في علم الاجتماع والنفس والأخلاق وكلها ترمي إلى تحطيم مفاهيم الدين الحق وخلق روح حرية الشباب والجنس والفساد الأخلاقي.

8- محاولة التشكيك في تاريخ الإسلام وسيرة رسوله –صلى الله عليه وسلم– وذلك بالادعاء بأن القرآن مستمد من التوراة والإنجيل، واستغلال الآيات التي مجد القرآن فيها السيد المسيح والسيدة مريم للتبشير بالمسيحية، والادعاء بأن الفكر الإسلامي مستمد من الفلسفة اليونانية.

9- تقديم مفاهيم فاسدة عن الموسيقى والمسرح والفن والحضارة والتقدم والمعاصرة، تختلف عن مفهوم الإسلام الأصيل.

10- إغراء الشباب المسلم بالبعثات الخارجية، وهي التي تستهدف تغيير شخصيته بعد صهره في معاهد خاصة، ووضع الفتيات الأجنبيات في طريقه لعقد صلة اجتماعية تستمر مدى الحياة، وتكون عاملا من عوامل خدمة أهداف التغريب، وحصار رجال البعثات بعد عودتهم ليكونوا خادمين للثقافات الأجنبية.

وقد وصل استغلال المنصرين للتعليم في تحقيق أغراضهم إلى حد إنشاء آلاف المدارس المسيحية في العديد من البلاد الإسلامية، ودعم هذه المدارس بكل الإمكانيات، كي تجذب إليها أطفال المسلمين وشبابهم، فما من بلد إسلامي إلا وتنتشر فيه هذه المدارس، التي تعمل في الخفاء دون إعلان عن أغراضها الحقيقية.

فباكستان –وهي دولة إسلامية كبرى– توجد بها مدارس تنصيرية كثيرة، تنتشر في عموم البلاد، وقد أقيمت في عهد سابق، علاوة على مدارس تعليم الإنجيل بالمراسلة، والحقيقة أن نسبة المسلمين في هذه المدارس تفوق 85%، فمدرسة القديس باتريك في كراتشي يوجد بها 2500 طالب، منهم 2100 مسلم، ومدرسة القديس يوسف 2200 طالب، منهم 2100 مسلم، ومدرسة القديس لورانس بها 1200 طالب، منهم 1050 مسلم، وفي مدرسة القديس جوز 1000 طالب، كلهم مسلمون، ومدرسة المسيح الملك بها 1000 طالب، منهم 700 مسلم، ومدرسة القديس جون بها 900 طالب، منهم 700 مسلم، ومدرسة القديس يونايونتشر في حيدر أباد بها 1600 طالب، منهم 1560 مسلم، ومدرسة القديسة ماري في حيدر أباد أيضا بها 1697 طالب، منهم 1558 مسلم.

ولقد نشرت مجلة "لافيد الإيطالية" تقريرا نسب إلى دائرة تنصير الشعوب في عاصمة النصرانية (الفاتيكان)، يذكر التقرير أن عدد المدارس والمعاهد التي تشرف عليها هذه الدائرة قد بلغ 58 ألف مدرسة و26 ألف معهد وجامعة، وقد بلغ عدد المدرسين العاملين في المدارس التابعة لهذه المؤسسة 417 ألف مدرس ومدرسة.

كما يذكر التقرير أن الفاتيكان تقوم بتدبير الأموال اللازمة لتشغيل هذه المدارس والمعاهد.

وفي أكتوبر 1967م، عقد مؤتمر تنصيري بإحدى الجزر الإندونيسية، وخرج هذا المؤتمر بمشروع يستهدف إتمام تنصير جزيرة جاوه وحدها في عشرين عاما، وإندونيسيا كلها في خمسين عاما، وكان من أهم توصيات هذا المؤتمر: التوسع في نشر المدارس المسيحية في ديار المسلمين.

ولقد أكدت الأرقام والإحصائيات قيام المنصرين في أنحاء إفريقيا المختلفة بالإشراف على تعليم 5 ملايين طالب وطالبة، معظمهم من المسلمين.

• إننا هنا ندق ناقوس الخطر تجاه هذا المخطط التخريبي الرهيب، ونكشف عن أهدافه الخبيثة وأساليبه ونشاطاته في العديد من مناطق العالم، حتى لا ينخدع أحد بتلك النشاطات، التي قد تأتي في صورة إعانات وخدمات طبية واجتماعية ونشاطات ثقافية وإعلامية، ولكي ينتبه المسلمون ويصحوا من غفلتهم للدفاع عن دينهم الحق، الذي صار هدفا لقوى شريرة تسعى لضربه وتشويه صورته ومنع انتشاره.

فالإسلام أمانه في أعناق المسلمين، وإن لم يهبوا لنصرته والدفاع عنه في وجه الباطل الذي يعترض طريقه، لن تقوم لهم قائمة، ولن تتحقق لهم عزة، وعقابهم عند الله شديد على تفريطهم في حق هذا الدين الذي هو مصدر قوتهم وعزتهم ونصرهم.

وما زال حديثنا مفتوحا عن هذا المخطط الرهيب وخططه وأساليبه في العالم الإسلامي، وسوف نتواصل مع القارئ في مقالات أخرى قادمة بإذن الله.

• المراجـع:
1. حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر – أحمد عبد الوهاب – مكتبة وهبة – الطبعة الأولى – القاهرة 1981م.
2. التبشير الغربي – أنور الجندي – دار الاعتصام – القاهرة.
3. الزحف إلى مكة – الدكتور عبد الودود شلبي – دار الزهراء للإعلام العربي – الطبعة الأولى – القاهرة 1989م.
4. الاستعمار والتنصير في إفريقيا السوداء – عبد العزيز الكحلوت – منشورات جمعية الدعوة الإسلامية – الطبعة الأولى – ليبيا 1991م.


رابط الموضوع
http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/1034/#ixzz2FRRM0MRb

أبو مريم السني
2012-12-21, 10:17 PM
التنصيرُ في بلد الأزهر.. ومخططُ الإساءة للإسلام وازدرائه

محمد البورسعيدي وزوجتُه نموذجًا
أحمد محمود أبو زيد

ما زلنا نواصلُ حديثَنا مع القارئ حول التنصير وخططه وأساليبه في العالم الإسلامي، ونقفُ في هذا المقال مع التنصير في معقل من معاقل الإسلام، وهي مصر بلد الأزهر، التي تمتد الجهود التنصيرية فيها لعشرات بل مئات السنين.

فقضية (محمد حجازي البورسعيدي) الذي تنصّر هو وزوجته على أيدي جماعات التنصير في مصر، بعد أن أغروهما بالمال والثروة والسكن والوظيفة المرموقة والسفر للخارج، تعد مثالا صارخا للحرب المعلنة على الإسلام في الداخل والخارج، والنية المبيتة من منظمات التنصير في مصر للإساءة إلى الإسلام وازدرائه.

وبداية لا بد أن نؤكد أن هذا الشاب المرتد عن الإسلام، والذي أغراه المنصرون بمتاع الدنيا الزائل، لا يساوي عند الله جناح بعوضة، بعد أن ضل وأضل، ومَثَلُه عند الله سبحانه -كما وصفه القرآن- كمثل الكلب؛ قال تعالي: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} [الأعراف: 175-176].

وهذا الشاب الضال المرتد التارك لدينه المفارق لجماعة المسلمين، لو أن ردته عن الإسلام كانت بينه وبين نفسه، لانتهى الأمرُ، فعددُ المسلمين في العالم يزيد عن مليار و200 مليون مسلم، ولا يضير الإسلامَ أن يفارقَه مليون ضال أغوتهم شياطين الجن والإنس.

ولكن القضية أن هذا القزم البورسعيدي المرتد قد جاهر بردته، وأعلنها على الملأ، لتصبح قضية رأي عام، وتتبارى الصحف والمجلات في نشر تفاصيلها، ويستغلها ضعافُ النفوس من مردة الإنس -أولئك النفر من العلمانيين والماركسيين والشيوعيين والمنصّرين- في الهمز واللمز والإساءة للإسلام، فقد خرج علينا قس مصري يزعم أن الملايين من الشباب في مصر يريدون أن يرتدوا عن الإسلام ويعتنقوا المسيحية، ويسلكوا مسلك محمد حجازي، ولكنهم يخافون من حد الردة المسلط على رقابهم!!

وواصل هذا القس ويدعى "الأب يوتا" افتراءاته على الإسلام بقوله: "لقد شن المسلمون حملة مسعورة لتشويه صورة محمد المسيحي، والحقيقة.. فالمسلمون معذورون في ذلك؛ لأنهم شعروا بالرعب من أن يجاهر مسلم بأنه اعتنق المسيحية، ويرفع دعوى أمام المحاكم، في حين إن الإسلام كان دائمًا مرعبًا لأي شخص يفكر في ترك الإسلام وفي كل مكان وزمان، فالقتل هو الرد على ترك المسلم للإسلام (والشرع يأمر بقتل المرتد عن الإسلام)، وما حدث أيام خليفة نبي الإسلام أبي بكر من قتل ما يزيد على 20 ألفا في يوم واحد من الذين ارتدوا، أوقف انهيارَ الإسلام، وجعل الرعبَ داخل كل مسلم، وبقي الإسلام مبنيًا على الخوف من القتل، لا على الاقتناع به، وهذا سبب بقاء الإسلام إلى اليوم. ومن ثم (فإن مجاهرة محمد المسيحي باعتناقة المسيحية، ورفع قضية، وبهذه الجرأة، قد يشجِّعُ ويقوّي قلوبَ كثير من المسلمين الخائفين لترك الإسلام، ومن ثم ينهار الإسلام)، وهذه النقطة بالذات تذكر المسلمين بانهيار الشيوعية برغم الحكم بالحديد والنار، وأعتقد أنه في يوم من الأيام سينهار الإسلامُ بطريقة قريبة الشبه من انهيار الشيوعية، بعد زوال الخوف من قلوب المسلمين، وهذا هو السبب الرئيس لانزعاج المسلمين من قضية محمد المسيحي وتدخل جميع المسئولين المسلمين في البلد، وعلى أعلى المستويات، وخاصة الأجهزة الأمنية لإنهاء هذه القضية، بعد التحقق من أن الأكاذيب التي رددها الإعلام لتشويه صورة محمد أتت بنتيجة عكسية"!!


وهكذا استغل المسيحيون في مصر قضية محمد حجازي وأخذوا يهرفون بما لا يعرفون عن الإسلام دين الله الحق.

• مَن محمد حجازي؟
فمَنْ (محمد حجازي) إذن ذاك الذي أقاموا له جنازة حارة، وجعلوا رِدته قضية رأي عام، لكي يشعلوا بها نار الفتنة الطائفية في مصر، وهو كما ذكرت نكرة، ولا يساوي عند الله جناح بعوضة؟

من محمد حجازي الذي تسعى بعض المنظمات المسيحية في مصر إلى (تدويل) قضيته، لكي يجعلوا منه بطلا، وهو أهون عند الله من الكلب اللاهث؛ لأنه انسلخ من الحق ونور الهداية والإسلام بعد إذ جاءه؟

هو شاب ضائع من بين ملايين الشباب الضائعين في مصر الذين يلهثون وراء المال والثراء والشهرة والظهور في وسائل الإعلام، حتى لو كان ثمن ذلك أن يترك دينة ويتنصر أو يصبح شيوعيا أو ماركسيا أو ملحدا لا دين له؟

أليس هذا هو طريق الشهرة الذي سلكه (سلمان رشدي) و(نصر أبو زيد) و(صبحي منصور) و(نوال السعداوي) ومن على شاكلتهم من عملاء الغرب والصهيونية؟

فمحمد حجازي هذا من مواليد محافظة بورسعيد، حصل على بكالوريوس معهد الخدمة الاجتماعية، وانضم لتيارات اشتراكية، ودخل المعتقل باتهامات سياسية.

وتقول بعض المصادر إنه تنصر وهو في العام الدراسي الثاني بالمعهد. وسبق القبض عليه عام 2002 بسبب تأليفه كتابًا ينتقد فيه الدولة والأديان وبعض الرموز الخاصة بها. وهو عضو حركة (كفاية) ببورسعيد. وقد ترك بورسعيد بعد اكتشاف أمر تحوله إلى المسيحية خوفاً من تهديدات عائلته وعائلة زوجته ونظرات المحيطين به.

أما السبب الحقيقي في تحوله إلى المسيحية، فهو سبب لا علاقة له بالأديان على الإطلاق، ولكنه أراد تغيير دينه فقط ودخول المسيحية، حتى يتعرض للاضطهاد في مصر ثم يسافر إلى الولايات المتحدة بمساعدة أقباط المهجر كلاجئ سياسي، وتفتح له أبواب الشهرة والمال والثراء، شأنه شأن معظم من يهاجرون إلى أمريكا ودول الغرب، ممن يعادون الإسلام ويحاربونه، والأمثلة أمامنا كثير لهؤلاء، بداية من (رشاد خليفة) و(صبحي منصور) و(نصر أبو زيد) و(نوال السعداوي).

وهذا ما تؤكده شهادة (محمد فوزي) أحد زملاء محمد حجازي في الدراسة، إذ أكد أنه كان يحلم بالشهرة والتشبه بسلمان رشدي، وكان يتحرش بالشرطة حتي يتم القبض عليه ثم يدعي الاضطهاد، وقال: إن حجازي اشترك في 4 أحزاب معارضة في وقت واحد بهدف تحقيق الشهرة التي يريدها.

• تورط منظمات مسيحية:
وبعيدا عن الخوض في تفاصيل قضية حجازي هذا الذي رفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري المصرية، يختصم فيها مع وزير الداخلية المصري بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الأحوال المدنية؛ لأنه رفض إلغاء كلمة "مسلم" من خانة الديانة فى بطاقة الهوية الخاصة به واستبدالها بكلمة "مسيحي".

فإن الذي يهمنا هنا هو تورط بعض المنظمات المسيحية في مصر في تنصير هذا الشاب وغيره من الشباب، فقد قررت نيابة أمن الدولة العليا في 10 من أغسطس حبس (عادل فوزي) ممثل "منظمة مسيحيي الشرق الأوسط" و(بيتر عزت) مصور موقع "الأقباط المتحدون" على شبكة الإنترنت، لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات. وتضمنت لائحة الاتهامات الموجهة إلى كل منهما: ازدراء الدين الإسلامي، وإثارة الفتنة الطائفية، والعمل على تنصير المسلمين، ونشر مواد على شبكة الإنترنت من شأنها إلحاق الضرر بالأمن، ونشر نسخة محرفة من القرآن الكريم.

وجاء في التحقيقات أن المتهم الأول نشر على موقع "منظمة مسيحيي الشرق الأوسط" مواد تشكك في صحة العقيدة الإسلامية وتسخر منها، وتدعو إلى إلغاء خطبة الجمعة بزعم أنها سبب الفتن الطائفية التي تشهدها مصر، كما نشر مواد أخرى مشابهة على مواقع الدردشة التي تناقش العقيدتين الإسلامية والمسيحية، ويعمل المتهمان على ترويج أفكارهما بين المسلمين عن طريق النشر.

وتقدم محمد فوزي النجار، أحد أصدقاء حجازي، ببلاغ إلى مكتب النائب العام عن وجود شبكة تنصيرية تعمل بين القاهرة وبورسعيد واليونان، تغري الشباب بالمال والجنسية اليونانية.

وكشف عن أنه ذهب مع محمد حجازي للغداء في منزل شخص يدعى "بيتر" بحي المطرية بالقاهرة، وأن بيتر وجه انتقادات حادة للإسلام، مستشهداً بفتوى إرضاع الكبير، وأن مضيفهما اصطحبهما إلى مكان قريب يدعى "بيت آيل"، حيث التقيا كاهناً أبلغهما أن الشيطان يتلبس جسديهما، وأنه يستطيع إخراجه، وبعد ذلك قال لهما الكاهن: إذا كنتما خائفين من توابع تحولكما للمسيحية فسوف نحميكما ونرسلكما إلى اليونان لتحصلا على الجنسية اليونانية.

وكشف أسامة الهيتمي (أمين شباب حزب العمل) أن حجازي كان وثيق الصلة بجورج إسحاق المنسق العام السابق لـ((كفاية)) ودفع له إسحاق أجرة المأذون حينما ترك منزله، وجاء إلى القاهرة للزواج من زميلته.

وقال: إن حجازي قضى ليلة واحدة عنده في المنزل، وبعدها لم يره إلا في نقابة الصحفيين، بعد حوالي 5 أشهر، وكانت هيئته قد تغيرت هو وزوجته، وبدا عليهما مظاهرُ النعيم والثراء إلى حد ما، وفسر الهيتمي ذلك بالأخبار التي قرأها بعد ذلك في الصحف عن دخول حجازي المسيحية وتركه الإسلام.

ومن ناحية أخرى اتهمت أسرة محمد حجازي المتنصر، المحامي ممدوح نخلة (مدير مركز الكلمة لحقوق الإنسان) باستغلال ضعف أحوال ابنهم المادية وإغرائه بالأموال، مقابل اعتناقه الدين المسيحي.

وقامت الأسرة بتحريك دعاوى قضائية ضد المحامي القبطي، واتهمته باستغلال الظروف المعيشية الصعبة للأسرة، وإغراء شاب فقير معروف عنه التدين وحب الإسلام بغرض تنصيره، وأن المحامي القبطي حاول التغرير بالشاب لاعتناق المسيحية، ووعده بالحصول على "جرين كارد" والإقامة في أمريكا كلاجئ سياسي، كما قررت الأسرة في الوقت نفسه تحريك دعوى قضائية ضد ابنها للحجر عليه بتهمة السفه وعدم القدرة على تحمل المسؤولية مع عرضه على طبيب نفسى لعلاجه، وهي دعوى لاقت تعاطفا كبيرا من أهل مدينة بورسعيد شمال القاهرة محل ميلاد الشاب المرتد.

• التنصير في مصر:
وهكذا يعمل المنصّرون في مصر، ويستغلون ظروف الشباب المسلم، وما يعانونه من فقر وبطالة، ويقدّمون لهم الإغراءات المادية، ويُمَنُّونهم بالشهرة والمال والثراء، في مقابل ترك الإسلام واعتناق المسيحية.

وجهودُ التنصير في مصر ليست وليدةَ اليوم، بل تعود لأكثر من مئة سنة، يوم اختارت منظمات التنصير العالمية القس زويمر زعيمًا للمنصرين في الشرق الأوسط، والذي كان يعمل في إرساليات الخليج العربي الأمريكية، ثم أصبح رئيسَ الإرسالية التنصيرية في البحرين.

فمع بداية القرن التاسع عشر، انطلقت إرساليات التنصير الأجنبية في قرى ونجوع مصر تحت مظلة (الامتيازات الأجنبية)، وأدّى حكامُ القرن التاسع عشر في مصر دورًا غريبًا في تمكين الأجانب والمحتلين والمنصّرين من البلاد، وتركوا لهم حرية العمل على إفساد العقائد والتغلغل بين أفراد الشعب.

وهذه الإرساليات التنصيرية تعد امتدادًا لحلقات الحروب الصليبية، ولكن بطرق سلمية، فبعد أن أخفقت الحملات الصليبية في مهمتها، أخذت القوى المسيحية الغربية، تعمل على تحويل العالم الإسلامي إلى المسيحية، أو القضاء على الإسلام فيه باعتباره قوة أساسية، وذلك عن طريق إرساليات التنصير، التي تقوم بمحاولات صليبية لإخراج المسلمين عن الإسلام، وإخضاع العالم الإسلامي كله للغرب وللثقافة الغربية والنفوذ المسيحي.

وبدأت حركة التنصير تظهر أعمالها في مصر، عقب الحملة الفرنسية مباشرة، عندما امتد نطاق نشاطها من جزيرة مالطة عام 1815م إلى الحبشة وفلسطين وولايات دولة الخلافة الإسلامية، التي كانت تضم في ذلك الحين 35 مليون مسلم.

وفي عهد محمد على بدأ إنشاء المؤسسات التعليمية التنصيرية الأجنبية في مصر، وذلك عام 1840م، واتسع نشاط هذه الإرساليات التنصيرية في عهد الخديوي إسماعيل، الذي شجع هذه الإرساليات إرضاءً للدول الأوربية، التي كانت تمده بالقروض التي طلبها، وركزت الإرساليات في هذا الوقت على التعليم، وذلك بإنشاء المدارس والمعاهد المسيحية، التي انتشرت بكثرة في الأقاليم المصرية، ثم على الخدمات الطبية عن طريق إنشاء كتائب طبية للتنصير.

وهكذا وطّدت الإرساليات وجودَها في مصر، وأخذت الحركة التنصيرية تمارس نشاطها من خلال بعض المراكز العلمية الأجنبية، وتحت سمع وبصر الحكومة، وفي حماية الاحتلال البريطاني، الذي سيطرت قواتُه على مقاليد الأمور في مصر منذ عام 1882م وحتى عام 1952م.

ومع بداية الاحتلال عادت الإرسالية الإنجليزية لممارسة نشاطها في مصر، التي أغلقت أبوابها رسميا عام 1862م، وعادت الإرسالية الأمريكية، وجاءت إرسالية مصر البريطانية العمومية عام 1898م، فأسست "الجمعية العامة لتبشير مصر" عام 1899م، وبدأ كرومر في معاونة الإرساليات التنصيرية الأجنبية، وظهرت الصحافة التنصيرية.

• مؤتمر القاهرة التنصيري 1906م:
ولأن المجال كان متسعا لنشاط المنصرين في مصر وللإرساليات التنصيرية الأمريكية وغيرها، التي تمتعت بنظام الامتيازات الأجنبية، انعقد في القاهرة مؤتمرٌ تنصيري، في 4 من إبريل عام 1906م بمنزل زعيم الثورة العرابية "أحمد عرابي"، وفكرة هذا المؤتمر تعود للمنصّر الأمريكي زويمر، الذي ابتكر فكرة عقد مؤتمر عام بالقاهرة، لجمعية إرساليات التنصير العالمية، للتفكير في بحث (مسألة نشر الإنجيل بين المسلمين).

وقد بلغ عدد مندوبي إرساليات التنصير التي حضرت المؤتمر 62 مندوبا، وكانت جلسات المؤتمر سرية، وتناول هذا المؤتمرُ -الذي استمر خمسة أيام ورأسَه القس زويمر- وسائلَ تنصير المسلمين، وتم وضعها في كتاب خاص، بعنوان "وسائل العمل التبشيري بين المسلمين"، وكتب على غلافه الخارجي "نشرة خاصة"؛ ليكون مقصورًا على فئة من المنصرين، لما يحويه من مؤامرة خطيرة ضد الإسلام والمسلمين، لا في مصر وحدها، ولكن في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وهذا الكتاب من إعداد المنصّر الأمريكي القس فليمنح.

وتعرض المؤتمر للأزهر، ونعى أن باب التعليم فيه مفتوح للجميع، خصوصا وأن أوقاف الأزهر الكثيرة تساعد على التعليم فيه مجانا، وطالب سكرتير المؤتمر في مواجهة ذلك بإنشاء معهد مسيحي في القاهرة يكون في مواجهة الأزهر. وقد قيل: إن أساس إنشاء الجامعة الأمريكية في مصر كان تنفيذا لتلك التوصية.

ثم عرض المؤتمر لخريطة تنصير العالم الإسلامي في هذا العصر، وقدم القس زويمر رئيس المؤتمر، بمعاونة بعض زملائه كتابًا بعنوان: "العالم الإسلامي اليوم"، أشار فيه إلى صلابة عقيدة المسلمين وقال: "لم يسبق وجودُ عقيدة مبنية على التوحيد، أعظم من عقيدة الدين الإسلامي، الذي اقتحم قارتي آسيا وأفريقيا، وبث في مئتي مليون من البشر عقائدَه وشرائعَه وتقاليده، وأحكم عروة ارتباطهم باللغة العربية".

وقدم زويمر بعض النصائح للحاضرين في هذا المؤتمر من بينها:
أ- وجوب إقناع المسلمين أن النصارى ليسوا أعداءهم.

ب- يجب تنصير المسلمين بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحدُ أعضائها.

وأخيرا بشَّر المنصرين ألا يقنطوا، إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوروبيين وإلى تحرير النساء.

وها هي ذي نتيجة مؤتمر القاهرة التنصيري، وما تقوم به إرساليات التنصير، فمصر اليوم -وهي أكبر دولة إسلامية في الشرق الأوسط من حيث عدد سكانها- توجد بها الجامعة الأمريكية وجامعة سنجور الفرنسية التي افتتحت منذ سنوات بالإسكندرية، كما يوجد بها مئات المدارس المسيحية التي تؤدي دورًا تنصيريًا خفيًا.

وقد تم الحصول على وثيقة منذ سنوات تكشف لأول مرة عن جمعية تسمى "جمعية الصعيد المسيحية" تدير عدة مدارس ومؤسسات مختلفة في مصر بتشجيع من السفارة الأمريكية، وظهرت إلى عالم الوجود مؤسساتٌ ثقافية ومكتبات تعرض الكتب التنصيرية بأبخس الأثمان، كما بدأت الكنائس البروتستانتية تمارس دورًا خطيرا في الحركة التنصيرية وفي مقدمتها كنيسة قصر الدوبارة القريبة جدًا من مبني السفارة الأمريكية في جاردن سيتي بالقاهرة.

وقد تضمن كتاب "العالم الإسلامي اليوم"، الذي وضعه زويمر في أثناء الاحتلال البريطاني لمصر، فصلا عن ملخّص أعمال المنصّرين البروتستانت في مصر والوسائل التي يتذرعون بها والنتيجة التي توصلوا إليها. ففي مدارس المنصرين في القطر المصري –كما ذكر الكتاب– 3000 طالب مسلم، وخمس هؤلاء من البنات المسلمات. وكانت نتيجة هذه المجهودات، أن تنصر مئة وخمسون مسلما مصريا، وأهم ما وقع من ذلك كان عام 1903 و1904م، فقد تنصر في الأولي 14 شخصا وفي الثانية 12 شخصا.

أبو مريم السني
2012-12-21, 10:25 PM
• معاهد تنصيرية:
وأهم معاهد التنصير في مصر، هو المعهد الذي أسسته جمعيةُ اتحاد مبشري أمريكا الشمالية سنة 1854م، وفي سنة 1882م تأسس في مصر معهدٌ علمي للتنصير تابعٌ لجمعية تنصير الكنيسة، وله أربعة أفرع: الأول قسم طبي، والثاني مدرسة للصبيان، والثالث للبنات، والرابع لنشر الإنجيل، وينشر مبشِّرو هذا المعهد مجلة أسبوعية، ولهم مكتبة خاصة بهم.

وبعد المعهدين السابق ذكرهما، تأتي "جمعية تبشير شمال إفريقيا"، وهذه الجمعية أسست معهدًا في مصر سنة 1892م، وأهم وظائفها تنصير المسلمين، ولها ثلاثة وكلاء في الإسكندرية واثنان في شبين الكوم، وأعمال هذا المعهد مقصورة على فتح المدارس لتعليم الإنجيل بوجه خاص، وأن يزور المبشراتُ منازل المسلمين ويجتمعن بنسائهم، وأن يوزعن المؤلفات والكتب التنصيرية على المسلمين، وأن يلقين محاضرات دينية لدرس الإنجيل في أيام الأسبوع.

وفي سنة 1898م تأسست "الجمعية العامة لتبشير مصر"، وغايتها تنصير المسلمين أيضا، ولها معاهد في الدلتا والسويس، وتدير مدارس للصبيان والبنات، وتبث فيهم مبادئ النصرانية، ولها خزائن كتب تحوي كتبا عربية ذات علاقة بالإسلام، ولها أيضا مجلة شهرية منتشرة جدا وخاصة بين المسلمين.

وأقل إرساليات التنصير أهمية في القطر المصري الإرسالية الهولندية التي توطنت في قليوب، وفي مدارسها المتعددة تلاميذُ من كل المذاهب، وهي تنشر الإنجيل في القرى بواسطة بائعي الكتب، ومن أعمالها: أنها أنشأت ملجأ للأيتام، وجهودُها موزعة بين الأولاد المسلمين والنصارى على السواء.

• وثيقة سرية:
وأمامنا وثيقة سرية عن نشاط المسيحيين في مصر، وهي عبارة عن تقرير لاجتماع سري عقده البابا شنودة مع القساوسة والأثرياء بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية في 5 مارس 1973م، وسجلته الأجهزة الخاصة.

وقد بدأ البابا شنودة كلمته أمام الاجتماع بأن بشر الحاضرين بأن كل شيء يسير على ما يرام حسب الخطة الموضوعة والتخطيط المرسوم لكل جانب من جوانب العمل على حدة في إطار الهدف الموحد.

وتحدث في عدة موضوعات تشمل عدة نشاطات هي كما يلي:
1- عدد شعب الكنيسة:
صرح بأن مصادرهم في إدارة التعبئة والإحصاء أبلغتهم أن عدد المسيحيين في مصر أصبح ما يقارب ثمانية ملايين نسمة (يلاحظ أن ذلك عام 1973م).
والتخطيط العام الذي تم الاتفاق عليه بالإجماع، والذي صدرت بشأنه التعليمات، وضع على أساس بلوغ شعب الكنيسة إلى نصف الشعب المصري، حتى يتساوى عدد شعب الكنيسة مع عدد المسلمين لأول مرة، والمدة المحددة في التخطيط للوصول إلى هذا العدد هي بين 12-15 سنة من الآن.

ولذلك فإن الكنيسة تحرّم تحديد النسل أو تنظيمه، وتعد كل من يفعل ذلك خارجا عن تعليمات الكنيسة، ومطرودا من رحمة الرب، وقاتلا لشعب الكنيسة ومضيعا لمجدة، وذلك باستثناء الحالات التي يقرر فيها أطباء الكنيسة خطر الحمل والولادة على حياة المرأة، وقد اتخذت الكنيسة من الخطوات لتحقيق هذه الخطة بالنسبة لزيادة عدد المسيحيين ما يلي:
أ- تحريم تحديد النسل وتنظيمه بين شعب الكنيسة.

ب- تشجيع تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين، خاصة وأن أكثر من 65% من الأطباء وبعض الخدمات الصحية تتبع شعب الكنيسة.

ج- تشجيع الإكثار من النسل بين شعب الكنيسة، بوضع الحوافز والمساعدات المادية والمعنوية للأسر الفقيرة من شعبنا.

د- التنبيه على العاملين بالخدمات الصحية على المستوى الحكومي وغير الحكومي بمضاعفة الخدمات الصحية بين شعبنا المسيحي، وبذل العناية والجهد الوافرين، وذلك من شأنه تقليل نسبة الوفيات بين شعبنا المسيحي على أن يكون تصرفهم غير ذلك مع المسلمين.

هـ- تشجيع الزواج بالسن المبكر بتخفيض تكاليفه، وذلك بتخفيض رسوم فتح الكنائس، ورسوم الإكليل بالكنائس الكائنة بالأحياء الشعبية.

و- تحرم الكنيسة تحريما باتا على أصحاب العمارات والمساكن تأجير أي مسكن أو شقة أو محل تجاري للمسلمين، ويعد من يفعل ذلك من الآن مطرودا من رحمة الرب ورعاية الكنيسة، كما يجب العمل بشتى الوسائل على إخراج المسلمين الذين يسكنون العمارات والبيوت المملوكة لشعب الكنيسة، وهذه السياسة الإسكانية إذا استطعنا تنفيذها بقدر الامكان فإن من شأنها تشجيع الزواج بين الشباب المسيحي، وتصعيبه وتضييقه بقدر الإمكان على المسلمين، والغرض من هذه القرارات هو انخفاض معدل الزيادة بين المسلمين، وارتفاع هذا المعدل بين الشعب المسيحي.

2- اقتصاد شعب الكنيسة:
وعن اقتصاد المسيحيين في مصر قال البابا شنودة: إن المال يأتينا مما نطلب، وأكثر مما نطلب، من ثلاثة مصادر هي: أمريكا والحبشة والفاتيكان، ولكن يجب أن يكون الاعتماد الأول في تخطيطنا الاقتصادي على مالنا الخاص الذي نجمعه من الداخل وبالتعاون والزيادة من فعل الخير بين أفراد الشعب المسيحي.

كذلك يجب الاهتمام بشراء الأراضي وإعطاء القروض والمساعدات لمن يقومون بذلك لمساعدتهم على البناء، وقد أثبتت الإحصاءات الرسمية أن أكثر من 60% من تجارة مصر الداخلية بأيدي المسيحيين، ويجب العمل على زيادة هذه النسبة، وتخطيطها في المستقبل يركز على إفقار المسلمين، ونزع الثروة من أيديهم بالقدر الذي يؤدي إلى إثراء شعبنا. لذلك يلزم المداومة على تذكير شعب الكنيسة والتنبيه عليهم مشددا من حين لآخر لمقاطعة المسلمين اقتصاديا والنهي عن التعامل معهم تماما إلا في حالات الضرورة، وذلك يعني مقاطعة المسلمين ممن هم في سلك المحاماة والمحاسبين والمدرسين والأطباء والصيادلة، وكذلك مقاطعة العيادات والمستشفيات التي يملكونها والمحلات التجارية والجمعيات الاستهلاكية ما أمكن، وما دام يمكن التعامل مع شعب الكنيسة لسد حاجتهم، وكذلك مقاطعة صناع المسلمين وحرفييهم والتعامل مع الصناع والحرفيين المسيحيين، ولو كلف ذلك الفرد الجهد والمشقة.

3- الجانب التعليمي:
وأما التعليم فقال البابا شنودة: يجب الاهتمام بالسياسة التعليمية حاليا في الكنائس مع مضاعفة الجهد، خاصة وأن بعض المساجد بدأت تقوم بمهمات تعليمية كالتي تقوم بها كنائسُنا، وذلك سيجعل مضاعفة الجهود المبذولة أمرًا حتميا حتى تستمر النسبة التي نحصل عليها من مقاعد الجامعات وخاصة الكليات العملية. ولقد وصلت نسبة الوظائف الخطيرة العامة كالطب والهندسة والصيدلة إلى أكثر من 60% من الشعب المسيحي.

4- التبشير:
وعن التبشير الذي تقوم به الكنائس في مصر قال شنودة: يجب مضاعفة الجهود التبشيرية الحالية، والخطة التنصيرية التي وضعت بنيت على أساس أن الهدف الذي اتفق عليه من التبشير في المرحلة القادمة هو التركيز على التبشير بين الفئات والجماعات أكثر من التبشير بين الأفراد، وذلك لزحزحة أكبر عدد من المسلمين عن دينهم، وألا يكون من الضروري دخولهم في المسيحية، ويكون التركيز في بعض الحالات على زعزعة الدين في نفوس المسلمين وتشكيك الجموع الفقيرة في كتابهم وفي صدق نبيهم. على أن يراعى في تنفيذ هذا المخطط أن يتم بطريقة "لبقة ذكية" حتى لا يكون ذلك سببا في إثارة حفيظة المسلمين ويقظتهم؛ لأن هذه اليقظة من شأنها أن تفسد علينا مخططاتنا المدروسة وتؤثر في نتائجها وثمارها وتضيع جهودنا هباء.

لذلك فقد أصدرت التعليمات بهذا الخصوص، وستنشر في جميع الكنائس لكي يتصرف الجميع من شعبنا مع المسلمين بطريقة ودية لا تثير غضبهم. كما تم التنبيه على رعاة الكنائس والآباء والقساوسة لمشاركة المسلمين احتفالاتهم الدينية وتهنئتهم بأعيادهم وإظهار المودة والمحبة لهم، وعلى شعب الكنيسة في المصالح والوزارات والمؤسسات وكل أماكن الاحتكاك بإظهار هذه الروح لمن يخالطونهم من المسلمين.

ثم قال البابا شنودة: "إننا يجب أن ننتهز ما هم فيه "يقصد المسلمين" من نكسة ومحنة؛ لأن ذلك في صالحنا، ولن نستطيع إحراز أية مكاسب أو أي تقدم إذا انتهت المشكلة مع إسرائيل سواء بالسلم أو الحرب".

وقد أصر البابا على أن يتقدم رسميا إلى الحكومة المصرية بالمطالب التي عددها في الآتي:
1- أن يصبح مركز البابا الرسمي في البروتوكول السياسي للدولة بعد رئيس الجمهورية وقبل رئيس الوزراء.
2- أن يخصص لهم ثمانية وزارات في الوزارة.
3- أن يحدد لهم ربع القيادات العليا في الجيش والبوليس.
4- أن يحدد لهم ربع القيادات المدنية كرؤساء مجالس المؤسسات والشركات والمحافظين ووكلاء الوزارات والمديرين ورؤساء مجالس المدن.
5- أن يؤخذ رأي البابا عند شغل هذه النسبة في الوزارات والمراكز العسكرية والمدنية الرئيسية، وسيكون له حق ترشيح بعض العناصر والتعديل.
6- أن يسمح لهم بإقامة إذاعة خاصة بهم من تمويلهم الخاص.
7- أن يسمح بإقامة جامعة خاصة بهم. وقد وضعت الكنيسة بالفعل تخطيطَ هذه الجامعة، وهي تضم معاهدَ للاهوت والكليات العملية والنظرية.

وهكذا يفكر المسيحيون في مصر، ويخططون منذ ما يقرب من 35 عاما، ولعل مطالبهم هذه قد تحقق منها الكثيرُ، على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وها هي ذي جهودهم التنصيرية واضحة، ويبذلون في سبيلها الغالي والرخيص، لكي يحاربوا الإسلام من خلال أبنائه الذين يغرونهم بالمال والشهرة والثراء.

وللحديث عن مخطط التنصير بقية في المقالات القادمة إن شاء الله.

• المراجـع:
1- الجذور التاريخية لإرساليات التنصير الأجنبية في مصر – الدكتور خالد محمد نعيم – دار المختار الإسلامي – القاهرة 1988م.
2- أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي – الدكتور علي جريشة ومحمد شريف الزيبق – دار الاعتصام – الطبعة الأولى – القاهرة.
3- ما يجب أن يعرفه المسلم من حقائق عن التبشير والنصرانية – محمد السليمان الجبهان – الرياض 1976م.
4- الزحف إلى مكة – الدكتور عبد الودود شلبي – دار الزهراء للإعلام العربي – الطبعة الأولى – القاهرة 1989م.
5- الغارة على العالم الإسلامي – أ.ل شاتليه.
6- حبس عادل وبيتر المتهمين بتنصير ((حجازي)) 15 يوماً - جريدة المصري اليوم - 11/8/2007م.
7- موقع منظمة أقباط الولايات المتحدة - 6/8/2007م.

رابط الموضوع

http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/1305/#ixzz2FiPnW6wA

أبو مريم السني
2012-12-21, 10:28 PM
[الكاتب خاض التجرِبة بنفسه وتلقى إحدى رسائلهم]

التنصيرُ عبرَ الإذاعاتِ والمراسلات
أحمد محمود أبو زيد (http://www.majles.alukah.net/Authors/View/Spotlight/188/)
نواصلُ مع القارئ سلسلةَ المقالات والدراسات التي بدأناها حول المخطط التنصيري في العالم وخططه وأساليبه لحرب الإسلام، ونقف هنا مع بعض الوسائل التي يعتمدون عليها في نشر دعوتهم، وهي الإذاعاتُ التنصيرية، والمراسلات البريدية، التي تنتشر على مستوى العالم انتشارَ النار في الهشيم.

فمع التطور الكبير الذي شهده العصرُ الحديث في العلم والتكنولوجيا، ومع ظهور وسائل الإعلام الحديثة من إذاعة وتلفزيون وأقمار صناعية وفضائيات وإنترنت، كان من الطبيعي أن يحرص المخططُ التنصيري العالمي على استغلال هذه الوسائل فى نشر أفكاره، ومحاربة الاسلام، وكانت الإذاعاتُ التنصيرية في مقدمة تلك الوسائل، فقد أكدت المؤتمراتُ التنصيرية كافةً ضرورةَ إنشاء الإذاعات في كل مكان، وإنشاء معاهدَ لإعداد الإذاعيين، وإقامة مؤسسات لإنتاج المواد الإذاعية، وتزويدها بجميع الإمكانات.

• هيئات ومنظمات إذاعية:
وتجسيدًا لهذا الاهتمام بالإذاعة كوسيلة تنصيرية، أنشأت عشراتُ الهيئات والمنظمات الإذاعية المسيحية في أنحاء متفرقة من العالم المحطاتِ الإذاعيةَ، وخططت لها، وتبادلت الخبرات والبرامج والاستشارات والخبراء، وعقدت المؤتمرات، وأقامت الدورات التأهيلية والتدريبية للذين يعملون في هذه المحطات، وأجرت البحوث والدراسات على جماهير المستمعين للكشف عن مدى تأثير هذه المحطات وفاعليتها، فضلا عن تقويم خططها وبرامجها.

ولعل أنشط هذه المؤسسات والهيئات والمنظمات -على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر- المؤسسات التالية:
1- الرابطة الكاثوليكية للراديو والتلفزيون: ومقرها سويسرا، وهي الرابطة التى تضم مئة محطة إذاعية كاثوليكية، وينصب نشاطُها على خدمة التنصير، وعقد المؤتمرات، وتبادل الخبرات والمعلومات في هذا المجال، فضلا عن التعاون المنظم مع الروابط والهيئات والمنظمات الإذاعية التنصيرية، وإجراء البحوث والدراسات وتقديم التوصيات اللازمة.

2- الرابطة العالمية للإذاعة المسيحية: وكانت هي البديل الذي حل محل اللجنة التى أنشأها مجلسُ الكنائس العالمي عام 1961م، وتعمل هذه الرابطة -التي تتخذ من جنيف مقرًا لها- على خدمة الإذاعات الدينية في تطوير برامجها ورفع مستواها، ومن ثم فهي تُولي البحثَ والدراسات في هذا المجال أهميةً فائقة، كما تقدم منحًا للكنائس والمنظمات المسيحية والأفراد للتدريب على استخدام الإذاعة في مجال التنصير وإعداد المتخصصين عقائديًا وفنيًا.

3- الاتحاد العالمي للاتصالات المسيحية، الذي أنشئ عام 1968م في لندن، ويمنح حق العضوية للأفراد والكنائس ووكالات الاتصال والهيئات المسيحية المختلفة العاملة في مجال الاتصال، إلى جانب تزويد محطات الإذاعة التنصيرية بالخبرات والاستشارات الفنية وإعداد الفنيين والمتخصصين المدربين.

4- الرابطة الدولية للإذاعيين المسيحيين: وهي رابطة خاصة بالإذاعيين العاملين في مجال الإذاعات التنصيرية في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أنشئت بناءً على توصية من المؤتمر العالمي للراديو التنصيري. وتبذل الرابطة جهدًا واضحًا في متابعة محطات الراديو العاملة في مجال التنصير، وإصدار النشرات التي توزع مجانًا عن هذه المحطات وبرامجها ونشاطاتها، فضلا عن إجراء البحوث والدراسات لتعرُّف مدى تأثير هذه المحطات على جمهور المستمعين والمشاهدين.

5- جمعية التنصير العالمية بالراديو: وهي جمعية بروتستانتية، مقرها "نيوجرسي" بالولايات المتحدة الأمريكية، وتتولى الإشراف وإدارة عدد من المحطات التنصيرية الدولية، تأتي في مقدمتها إذاعة "حول العالم" الناطقة بالعربية من مونت كارلو.

6- الهيئة التنصيرية العالمية في "هونج كونج": وهي الهيئة التى تقود مسئولية الإشراف وإدارة عدد من الإذاعات الموجهة إلى دول جنوب شرق أسيا، وإن كانت تولي عناية فائقة للمحطات الموجهة إلى إندونيسيا على نحو خاص.

7- الاتحاد الفليني للإذاعيين الكاثوليك: ومقره"تايلند"، ويتولى الإشراف على عدد من المحطات التنصيرية، ويقدم لها المعلومات وخدمات التدريب والتخطيط.
ولا جرم ليست هذه هي كل المؤسسات والهيئات الإذاعية التنصيرية في العالم، فقد بلغ عددُها عام 1980م أكثرَ من خمس وثلاثين هيئة ومؤسسة إذاعية دولية، يمتلك بعضُها محطات كاملة، ويستأجر بعضُها الآن ساعات للبث من محطات دينية أو تجارية أخرى. وقد بلغ عدد المحطات التى تملكها أو تستأجرها الطائفةُ المعمدانية وحدها أكثر من مئة محطة تنصيرية في أكثر من ثمانين بلدًا.

• تاريخ الإذاعات التنصيرية:
والحقيقة أن تاريخ هذه المحطات الإذاعية التنصيرية يعود إلى بداية العشرينيات من القرن الماضي (1920م)، وفي الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص، إذ اتجهت بعضُ المحطات الأمريكية للعمل في مجال "التنصير" وأصبحت جزءًا رئيسًا من برامجه وامتدادًا له، فاستخدمت هذه المحطات للتوجه بتعاليم المسيحية وأفكارها إلى أولئك الذين لم يعتنقوا المسيحية، أو الذين لم يعتنقوا دينًا أو عقيدة على الإطلاق، ومن هنا بدأت فكرةُ المحطات الدينية الدولية، ونشأت أولى محطات من هذا النوع، وهي محطة "نداء المسيح" أو "صوت يسوع المبارك"، وبدأت المحطةُ إرسالَها من إكوادور في 25 من ديسمبر عام 1931م، في حين بدأ راديو الفاتيكان إرساله في شهر فبراير من العام نفسه، ومن مدينة الفاتيكان نفسها، وهو يسعى إلى خدمة المسيحيين الكاثوليك أينما كانوا. أما محطة "صوت المسيح" فقد كانت معنية بالوصول إلى الذين اعتنقوا المسيحيةَ أو لم يعتنقوها على حد سواء.

وفي عام 1948م ظهرت محطة ثالثة أنشأتها إحدى منظمات التنصير الأمريكية في "مانيلا"، وعرفت باسم "اتحاد إذاعات الشرق الأقصى"، وسرعان ما امتد إرسالُها ليغطي مناطق واسعة من بقية القارة الآسيوية.

وقد شهد العقدان التاليان توسعًا هائلا في إقامة المحطات الإذاعية الدولية للتنصير في قارتي أسيا وإفريقيا، وبدعم خاص من قبل منظمات وهيئات ومؤسسات التنصير الأمريكية بالذات.

ففي عام 1954م، بدأت إذاعة "awla"، ومعناها: "بالحب الأبدي نكسب إفريقيا"، ويعد ذلك الاسمُ الشعارَ والهدفَ الذي حددته المحطة دليلاً لعملها منذ بدأت إرسالها من منروفيا عاصمة ليبيريا، وقد بدأت البث باللغة العربية عام 1957م. وبلغ عدد اللغات التي تذيع بها هذه المحطة برامجَها ما يقرب من خمسين لغة حتى الآن.

وفى عام 1954م أيضا بدأت محطة طنجة إرسالها من مدينة طنجة بالمغرب، وهي المحطة التي استمرت وواصلت إرسالَها من مكان آخر فيما بعد عام 1960م تحت اسم "إذاعة حول العالم" من "موناكو"- مونت كارلو.

وفي عام 1956م، بدأت محطة "جماعة الراديو" إرسالَها من جنوب كوريا.

وفي عام 1963م بدأت محطة "راديو كورداك" إرسالها من بورندي، وهي محطة تنطق باسم المذهب البروتستانتي، وفي العام نفسه أيضًا بدأت من إثيوبيا إذاعة "راديو صوت الإنجيل"، وهي المحطة التى أغلقتها الحكومة الإثيوبية عام 1975م.

وفي عام 1969م بدأت محطة إذاعة "فيرتياس"، وهي محطة دولية كاثوليكية قرب مانيلا، يديرها الاتحادُ الفليني للإذاعيين الكاثوليك بالتشاور مع الكنيسة الكاثوليكية الألمانية الغربية، وهي محطة موجهة إلى مناطق آسيوية فقط.

وفي عام 1973م، بدأت محطة "ويفر" إرسالها من ولاية فلوريدا، وهي تبث برامجها باللغة العربية على مدى ثلاث ساعات ونصف أسبوعيا، مع أنها غير مسموعة في البلاد العربية لبعدها الشديد عن العالم العربي.

وإلى جانب هذه المحطات يمكن القولُ بأنَّ هناك مئاتِ المحطات التنصيرية المعروفة ومئاتٍ أخرى ما زالت مجهولة، وقد يكون مفيدًا أن ندرج فيما يلي بعضَ أسماء هذه المحطات "المعروفه"- على سبيل المثال لا الحصر – وهي:
إذاعة راديو الفاتيكان- إذاعة حول العالم "موناكو"- إذاعة صوت الغفران "جزيرة سيشل"- إذاعة صوت الشبيبة – إذاعة المحبة والوفاء – إذاعة المركز المعمدان- إذاعة مقدم الحق – إذاعة مركز النهضة – إذاعة صوت الإصلاح – إذاعة نور على نور "مرسيليا" – إذاعة المدرسة الإنجيلية "مرسيليا" – إذاعة صوت كلمة الحياة "أسبانيا" – إذاعة نداء الرجاء – إذاعة دار الهداية "سويسرا" – إذاعة ميجانوسا "إندونيسيا"- إذاعة أدفنت "إندونيسيا" – إذاعة بكما "إندونيسيا" – الإذاعة الإنجيلية "إندونيسيا" – إذاعة زيون "إندونيسيا" – إذاعة تي "إندونيسيا" – إذاعة تليستار "زائير" – إذاعة صوت الإنجيل "إثيوبيا" – إذاعة صوت الحق "لبنان".

أبو مريم السني
2012-12-21, 10:29 PM
• 14 محطة عربية:
ومع عدم وجود إحصاء دقيق لعدد المحطات الدينية التنصيرية في العالم، إلا أن أهم ما يلفِت النظر في هذا الصدد أن هناك أربعَ عشرةَ محطة تنصيرية تبث إرسالَها باللغة العربية، على مدى 1500 ساعة أسبوعيا، تبث أربعة من قبرص، وأربعة أخرى من موناكو، وتبث واحدة من روما، وثلاثة أخرى من جزيرة سيشل. وقد لوحظ من خلال رصد هذه المحطات ومتابعتها خلال السنوات الماضية أنها تستبدل أسماءها وتغيرها بين حين إلى آخر.

كما جرى ضم بعضها إلى بعض في إطار محطة واحدة تنطق باسم واحد، وتمثل كل محطة من المحطات المنضمة برنامجًا يحمل اسمها في إطار المحطة العامة، ونجد مثالا واضحًا لذلك في الإذاعة الناطقة باسم "صوت الغفران" التي كانت تنطق باسم "صوت الإنجيل" في البداية، ثم غيرت اسمها إلى "صوت الحق" ثم "صوت الغفران"، وهذه المحطة أصبحت تضم ثلاث محطات هي: صوت الغفران- نداء الرجاء- ساعة الإصلاح. وهي ثلاثة برامج يقدم كل منها تحت الاسم نفسه في وقت معين لكل منها، وفي مساحة زمنية متصلة تحت الاسم الرئيس "إذاعة صوت الغفران". وهنا تجدر الإشارة إلى أن كلا من ساعة الإصلاح ونداء الرجاء وصوت الغفران منظمات تنصيرية أصلا، وليست محطات إذاعية فقط.

وهذه المحطات الثلاث المندمجة، ومعها محطة راديو الفاتيكان، ومحطة حول العالم من مونت كارلو، تعد أهم المحطات التنصيرية الموجهة إلى العالم العربي شرقه وغربه.

وقد واكب ذلك الانتشارَ الواسع للمحطات الإذاعية التنصيرية ظهورُ الكثير من مراكز إنتاج البرامج، حتى أصبح بإمكان محطة ما أن تنتج الكثير من البرامج بمختلف اللغات وأن تذيعها من محطات خاصة بها، أو أن تستأجر وقتًا من محطات تجارية أو دينية أخرى لتذيع من خلالها برامجها المختلفة، ناطقة باللغات التي تريدها.

والحقيقة أن مخططات التنصير تلاحق كل تقدم تكنولوجي يحدث في مجال الاتصال الجماهيري، وتحاول استغلال كل ما يجد من هذه الوسائل، وآخرها الأقمار الصناعية والبث التلفزيوني المباشر وشبكة الإنترنت، فقد وافقت الفاتيكان منذ سنوات على مشروع ضخم، تقدم به الأب الكاثوليكي "جوساي"، يتمثل في بناء محطة تلفزيونية كبيرة للبث منها إلى جميع أنحاء العالم، للتبشير بتعاليم الإنجيل عن طريق ثلاثة أقمار صناعية. وقد سمي هذا المشروع بمشروع "لومين2000"، والذي يعد الأولَ من نوعه، من جهة الحجم واتساع مساحة البث، وإمكان السيطرة إعلاميا على جميع قارات العالم، وخصوصًا قارتي أفريقيا وآسيا حيث يوجد معظم المسلمين.

وهذا المشروع التنصيري الخطير الذي موله مليونير هولندي، يهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق أهداف مجلس الكنائس العالمي في تنصير المسلمين، أو على الأقل زعزعة عقائدهم عن طريق البث الثقافي التلفزيوني اليومي المستمر بلغات متعددة للتبشير بتعاليم المسيح تحت اسم "التنوير والتعاون ومحاربة الجهل"، وكلها مسميات للتمويه على القيادات السياسية والحكام المسلمين.

ولقد عقد في هولندا أخيرًا اجتماع عالمي للتنصير، رأسه المنصر جراهام بللي، وحضره 8194 منصر من أكثر من مئة دولة، وبلغت نفقاته 21مليون دولار، وقد أعلن رئيسه أنه يستعد من الآن ويخطط لحملة صليبية عالمية لنشر المسيحية، تستخدم فيها الأقمار الصناعية وأحدث وسائل الاتصال والمعدات الإعلامية.

• التنصير عبر المراسلة:
وتعد المراسلات البريدية وسيلةً أخرى من الوسائل التي تعتمد عليها هيئاتُ التنصير ومنظماته، وتمارسها الإذاعاتُ التنصيرية أيضًا، إذ تقوم بإرسال الخطابات والنشرات والكتب إلى الكثير من المسلمين، خاصة الشباب منهم، تحت دعاوى التعارف والمحبة، وفي داخل هذه الخطابات والنشرات والكتب تبث سمومَها، فهناك حوالي 150 ألف مغربي ترسل لهم الدروس التنصيرية عبر البريد من أوربا ومن مركز التنصير الخاص بالعالم العربي (A.W.M)، وهذه الوسيلة تركز على المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، خاصة في العالم العربي حيث يصعب الوصول إليها مباشرة عن طريق الإرساليات والبعثات، وتساعد الإذاعات التنصيرية مساعدة كبيرة على استغلال هذه الوسيلة، من خلال الربط بين مراكز التنصير وبين المستمعين، وبث العناوين التي تمكّن المستمع من مراسلتها وطلب الكتب والنشرات التي يرغب فيها.

• الكاتب وإذاعة حول العالم:
وفي بعض البرامج التنصيرية يعلن مقدم البرنامج عن كتاب معين، ويؤكد استعداد الإذاعة لإرساله إلى كل من يطلبه من المستمعين، ويقدم العنوان الذي تكون المراسلة عليه، وهو عنوان الإذاعة، أو مركز من مراكز التنصير.

ولقد خُضتُ هذه التجربة بنفسي مع "إذاعة حول العالم"، وهي إحدى الإذاعات التنصيرية الموجهة للعالم العربي، ففي برنامج "نهر الحياة" أعلن القس الذي يقدمه عن كتاب "ما معني المسيح ابن الله"، وأنه سوف يرسله لمن يرغبُ في قراءته من المستمعين، فأرسلت بالفعل خطابًا أطلبُ فيه الكتاب على العنوان الذي أذاعه في البرنامج.

وبعد مدة ليست طويلة جاءني الكتابُ ومرفق معه رسالة تقول:
"الأخ والصديق/ أحمد أبو زيد
سلام الله يكون معك دائمًا

شكرًا لرسالتك ولحسن استماعك ومتابعتك للبرنامج، ومرفق نسخة من كتاب "ما معني المسيح ابن الله" نرجو أن يكون ذا فائدة ونفع لكم، كما نرجو إفادتنا بوصوله، وأحيي فيك الرغبة في العلم والمعرفة، ونحن على استعداد للرد على أي سؤال أو استفسار.. والله يبارككم ويزيدكم علما ومعرفة به".
إذاعة حول العالم – برنامج نهر الحياة
ص ب 52 رمسيس الجديدة
القاهرة"
وواضح من الرسالة أنها من القاهرة، أما الكتاب فلا يخفى على أحد ما يتضمنُه من تحريف في العقيدة وافتراء على عيسى بن مريم عبد الله ورسوله، فعنوانُ الكتاب يدل على ما فيه.

والحقيقة أنني اكتفيتُ بهذه الرسالة ولم أرد عليهم بوصولها، فلست في حاجة إلى معرفة المسيح بن مريم بالصورة التي يضعونه فيها، ولكن أردتُ أن أقف على بعض أساليبهم في تنصير المسلمين ومحاولة تشكيكهم في عقيدتهم الصحيحة، فهؤلاء لا يستهدفون إلا تخريبَ العقائد، وضرب الأديان، ونشر الكفر والإلحاد باسم رسالة المسيح.

والحق أن تتبع هذه الإذاعات ومراسلتها يستهوي الكثيرين من الشباب العربي المسلم، الذين لا يعون أهدافَها الحقيقية وما ترمي إليه، ولذلك يقعُ كثيرٌ منهم في شراكها؛ إذ تتمادى في جذب انتباههم، وربطهم بها، ومدهم بكل ما يطلبونه وما لا يطلبونه من كتب ونشرات تحمل السم في الدسم، ومن هؤلاء الشباب من يصحو على حقيقة هذه الإذاعات، ومنهم من ينساق ورائها وينتهي به الأمر إلى الفتنة في دينه.

• رسالة وكتاب تنصيري:
ففي عدد صفر 1414هـ نشرت مجلة "التوحيد" الصادرة عن جماعة أنصار السنة المحمدية بالقاهرة رسالة بعث بها المواطن: محمد أحمد دنيا من فارسكو – دمياط – جاء فيها:
"لما عهدته عن مجلتكم بل مجلتنا –جميع المسلمين– نشر كلمة الحق دون تراجع من أي شيء يهدد الإسلام والمسلمين، لذا تجرأت على أن أبعث إليكم بهذه الرسالة لكي نوعي الناس بخطرها قبل فوات الأوان:
منذ سنة تقريبًا اتجه مؤشر الراديو إلى موجة الإذاعة الفرنسية العربية، وكان بها برنامج تنصيري يدعو إلى ديانة المسيح والإيمان به، وكانوا يعلنون عن كتاب اسمه "ثلاث شموع أساسية" في التبشير، فأردت أن أعرف ما به من كلام، فبعثت إليهم لإرسالة إلي، فبعثوا إليّ به مع بعض من الكلمات الجميلة المتألقة عن ديانة المسيح، وعندما قرأتُه علمت ما به من تخاريف وهزالات وقارنته بما جاء في كتاب "مناظرة بين الإسلام والنصرانية" لجماعة من العلماء، فعلمتُ ما به من تحريف، وخفت أن أرسل إليهم الرد كما طلبوا خوف الفتنة على نفسي، فأنا ضعيف الإيمان، واقتصرت على ذلك، ومنذ مدة ليست بالطويلة جاءني خطابٌ مسجل من فرنسا، ففتحت هذا الخطاب لأقرأ ما فيه فإذا أنا أجد فيه هذه الرسالة التي أرسلتها مع تلك الرسالة إليكم، فعلمت أنهم يسعون جاهدين بما لديهم من مال وغيره لنشر رسالتهم بدليل أنهم تذكروني بعد مضي سنة، لذا أرجو من سيادتكم التنويه والكتابة عن دعوة التنصير في هذا العصر في موضوع يوعي الناس ويجعلهم متمسكين بدينهم، ولقد ارتعد جسدي عندما قرأت هذه الفقرة: صديقي: نحن نرحب بأي سؤال يتعلق بحياتك الحاضرة أو أبديتك.

إنهم يغرونني لكي أضعف أمامهم، فأدعو الله أن يثبتني بالإيمان، ويختم أعمالنا بالصالحات، وأن يوفقكم لما فيه صالح الإسلام والمسلمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

إمضاء: محمد أحمد دنيا – دمياط – فارسكور – شارع البوستة".

وفيما يلي نص الرسالة التي بعثوا بها إليه من فرنسا، كما نشرتها مجلة التوحيد:
"الصديق العزيز/ محمد دنيا.. كان قد وصلنا منك يا صديقي العزيز خطاب في الماضي، تطلب فيه بعض الكتب التي كنا قد أعلنا عنها في برنامج "خبز الحياة"، حيث قمنا بالرد الفوري على خطابك، وأرسلنا الكتاب المطلوب، وسألناك إذا كان لديك أي سؤال عن هذا الكتاب، أو أي سؤال آخر نكون مسرورين بالرد عليه، كما يرشدنا الله عز وجل، لكن للأسف لم يصلنا منك أي رد أو دليل يطمئننا عن وصول الكتاب، ونظرًا لأن بعض الجوابات تفقد في البريد، ولما كانت صداقتُك لنا مهمة، لهذا نرسل لك هذا الجواب مصلين أن يجدك في أتم الصحة وآملين أن يصلنا منك ما يطمئننا عن أحوالك.

وإذا كنت قد انقطعت عن الاستماع لإذاعتنا لأي سبب، فنحن نرحب بك مرة ثانية، وندعوك للاستماع لبرنامج "خبز الحياة" والبرامج الأخرى على إذاعة حول العالم مساء كل يوم من الساعة العاشرة والدقيقة 40 إلى الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل بتوقيت القاهرة.

إن الاهتمام بأبديتك يا صديقي هو أمر مهم جدًا، إن الكتاب المقدس يقول: "وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة"، كذلك يقول: "إن نهاية كل شيء قد اقتربت".
وكلنا نتفق أن العالم بما فيه من شرور وحروب وقتل لا يمكن أن يستمر طويلا.

نعم يا صديقي قد تكون النهاية أقرب كثيرًا مما نظن، فهل أنت مستعد لمواجهة الأبدية والوقوف أمام الله لتعطي حسابًا عن أعمالك؟!

يا صديقي: اعلم أنه ليس لك وسيلة للنجاة من العقاب والغضب الآتي إلا اللجوء إلى دم المسيح، إذ قد دفع الرب يسوع الأجرة ومات عني وعنك ليحمل خطايا العالم، ليتك تلجأ إليه الآن طالبا الرحمة والغفران.

أما إذا كنت مطمئنًا من جهة أبديتك، لكن العالم ومشاكله قد ثقل عليك والهموم أضنتك فتذكر يا أخي أن يسوع قال:
"ها أنا آتي سريعًا"، نعم قريب وقريب جدًا سيأتي الفادي وسنكون معه كل حين ولا يكون حزن ولا بكاء فيما بعد.

صديقي: نحن نرحب بأي سؤال يتعلق بحياتك الحاضرة أو أبديتك. اكتب لنا على العنوان الذي في أعلى الصفحة (نرجو كتابة العنوان باللغة الأجنبية) وسنكون سعداء بكتابة الرد الفوري عليك.

نحن في انتظار أن نسمع منك.. وإله السلام يحفظ أفكارك في ذلك الذي مات من أجلك"
صديقك/ سامي من برنامج "خبز الحياة"
20/5/1993م"

ويتضحُ من خلال هذه الرسالة حرصُ الإذاعات التنصيرية ومن يقفون وراءها على الارتباط الوثيق بمن يراسلونهم من الشباب ومطالبتهم بأن يستمروا في المراسلة والاستماع إلى برامجهم دون انقطاع.

ولقد بثوا في رسالتهم من فرنسا إلى المواطن محمد دنيا الكثير من أفكارهم التنصيرية وسمومهم التي يسعون لنشرها في مواجهة عقيدة الإسلام.

فهم يغرونه بأن صداقته لهم مهمة، ودليل ذلك أنهم تذكروه بعد سنة كاملة، وأرسلوا إليه خطابا يسألون فيه عن صحته وأحواله، ويطالبونه بالاستماع إلى إذاعتهم إذا كان قد انقطع عنها، ويحاولون إقناعه باللجوء إلى المسيح وطلب الرحمة والمغفرة منه، لأن في ذلك وسيلةً للنجاة من العقاب والغضب الآتي، وأن المسيح قادم لخلاص العالم من آلامه وأحزانه، ويلحون عليه في نهاية الرسالة بضرورة أن يبعث إليهم بأسئلته التي تتعلق بحياته الحاضرة أو أبديته، وأن يكتب إليهم وسوف يردون عليه على الفور وهم سعداء.

ونواصل مع القارئ حديثنا عن جوانب أخرى من المخطط العالمي للتنصير ووسائله وأساليبه لحرب الإسلام في مقالات أخرى قادمة بإذن الله.

• المراجـع:
- الإذاعات التنصيرية المواجهة إلى المسلمين العرب- د. كرم شلبي- مكتبة التراث الإسلامي - الطبعة الأولى - القاهرة 1991م
- الزحف إلى مكة- د. عبد الودود شلبي- دار الزهراء للإعلام العربي - الطابعة الأولى - القاهرة 1989م.
- مجلة التوحيد - جماعة أنصار السنة المحمدية – القاهرة، صفر 1414هـ.
- مجلة الرابطة – العدد 290 – رابطة العالم الاسلامي، مكة المكرمة، رمضان 1409هـ.

رابط الموضوع
http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/1713/#ixzz2FiR8pTMC

أبو مريم السني
2012-12-24, 12:32 AM
أبواب المنطقة العربية مفتوحة لهمالمنصّرون ومخططاتُ اختراق حصون الإسلام في الشرق الأوسط

• اجتماعٌ سري.. استضافةُ السفارة المصرية بواشنطن لقادة التنصير العاملين في الشرق الأوسط مع سفراء الدول العربية. (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/1976/#سري)
• المطالبة بفتح الباب أمام الكنائس الأمريكية لتقديم المساعدات التعليمية والإنسانية في الدول العربية. (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/1976/#بفتح)


• افتتاح فروع لجامعة "الحرية" الأمريكية المتخصصة في تعليم دراسات وأبحاث التنصير واللاهوت المسيحي في الدول العربية. (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/1976/#الحرية)

• استطاع المنصِّرون اختراقَ عدد من الدول الإسلامية تحت ستار المؤسسات الخيرية، والخبرة الأجنبية، وإنشاء المدارس والمستشفيات. (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/1976/#اختراق)
• قادة التنصير يعترفون: لم يسبق وجودُ عقيدة مبنية على التوحيد أعظم من عقيدة الإسلام الذي اقتحم قارتي آسيا وإفريقيا الواسعتين. (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/1976/#مبنية)
• خططُهم تقومُ على إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم، ونشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين. (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/1976/#خطط)
• تنصير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم، ومن بين صفوفهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها. (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/1976/#الشجرة)


• • • • •

ما زلنا نتواصل مع القارئ في سلسلة المقالات والدراسات حول المخطط العالمي للتنصير وخططه وأساليبه لحرب الإسلام، ونقف هنا مع الجهود التنصيرية التي تبذل منذ سنوات طويلة لاختراق حصون الإسلام في الشرق الأوسط، فقد أفردنا مقالة مستقلة عن "التنصير في مصر بلد الأزهر"، ونواصل هنا الحديث عن التنصير في سائر دول الشرق الأوسط.

فالخبر الذي نشرته أخيرًا بعضُ الصحف الإلكترونية على شبكة الإنترنت حول استضافة السفارة المصرية بواشنطن لقادة التنصير بالدول العربية، في يوليو الماضي، يدل على أن المخطط التنصيري العالمي بدأ يكثّف نشاطه في منطقة الشرق الأوسط.

والخبر يقول: إن السفير المصري لدى الولايات المتحدة "نبيل فهمي" أقام اجتماعًا سريًا بمقر السفارة المصرية في الثاني من يوليو هذا العام (2007م)، حضره 15 قسًا من كبار قادة الحركة الدينية بالعاصمة الأمريكية وسفراء ثماني دول عربية هي: الجزائر والمغرب والكويت وليبيا والعراق واليمن والبحرين، بالإضافة إلى مصر، وسفير الجامعة العربية بالأمم المتحدة.

وقالت المصادر: إن اللقاء جاء بدعوة من أحد الإسرائيليين ويدعى "بني هين" ويعد أحد قادة اللوبي اليهودي في واشنطن، وحضر -عن الجانب الإنجيلي والكنائس الأمريكية- كلٌّ من القس "جوناثان فالويل" ابن القس الراحل "جيري فالويل"، الذي اعتاد سب الإسلام، والقس "جوردون روبرتس" نجل القس "بات روبرتسون"، الذي اعتاد الإساءة للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-. كما حضره القس "بول كراوش" والمنصر الألماني "رايتهارد بونك"، بالإضافة إلى "دون آرج" مدير الجمعية الوطنية للإنجيليين.

ونقل موقع "وورلد نت ديلي" عن القس جوناثان فالويل أن قادة الحركة الدينية الأمريكية طالبوا خلالَ اللقاءِ سفراءَ الدول العربية الإسلامية، بفتح الباب أمام الكنائس الأمريكية، لتقديم ما أسماه (المساعدات التعليمية والإنسانية في الدول العربية). وطالبوا أيضًا سفراءَ الدول العربية بالسماح بافتتاح فروع لجامعة "الحرية" الأمريكية المتخصصة في تعليم دراسات وأبحاث التنصير واللاهوت المسيحي وفق المعتقد الإنجيلي في كل الدول العربية.

وأضاف القس فالويل أنهم طالبوا خلال اللقاءِ الدولَ العربية بالتحرك نحو الحرية الدينية وفتح الباب أمام الديانات الأخرى، وأن وفد الحركة الدينية الأمريكية أبدى استعدادَه لزيارة الدول العربية للتحدث مع قادتها بشأن هذه المطالب.

وأوضح فالويل أن قادة الحركة الدينية الأمريكية أبدوا استعدادهم أن يستضيفوا عددًا من الطلاب العرب لدراسة مقررات جامعتهم الخاصة بالتنصير أو اللاهوت في الولايات المتحدة أو منحهم شهادات عن طريق الإنترنت.

• اختراق الشرق الأوسط:
وحملات التنصير في الشرق الأوسط حقيقة واقعية لا يمكن إنكارها، إذ استطاع المنصرون اختراقَ عدد من الدول الإسلامية تحت ستار المؤسسات الخيرية، والخبرة الأجنبية، وإنشاء المدارس والمستشفيات.

ولقد حصلت مجلةُ "الرابطة" السعودية، في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، على نشرة تنصيرية تصدر في أمريكا تسمى "ديت لاين" تخطط لأن توقع المسلمين في شراكها، والنشرة موجهة أصلا إلى المسيحيين الذين يهتمون بتنصير المسلمين وبأوضاع العالم العربي، فهي تحضهم على التطوع للعمل في البلاد العربية، وتحثهم على القيام بهذا العمل الشاق، كما توضح لهم كيفية نشر أصول الدعوة المسيحية بين المسلمين عن طريق تقريب وجهات النظر فيما يخص مفهوم التوحيد والتثليث.

ويلاحظ في النشرة نداء توجهه إلى المسيحيين في بلاد الإسلام؛ يقول النداء:"يا من لهم فرص أكبر في العمل في ديار المسلمين، أنتم ولا شك تعلمون أنه لا يسمح للمسلم شرعًا أن يرتد عن دينه ويعتنق دينًا آخر، مما ينتج عنه استحالةُ العمل بينهم، وكذلك لا مجال للبعثات التنصيرية للعمل هناك، إذ ليس مصرحًا لها بالنشاط، ويبدو أن الستار قد أسدل وبُني الحصن بقوة قد تبدو غير قابلة للاختراق، ولا سيما في نظر الذين يغفُلون عما يصنعه الرب في العالم العربي.

وتضيف النشرة: هناك إحساس لدى العاملين في البلاد الإسلامية أننا أمام فتح مبين، صحيح أن بعض الجهات في العالم الإسلامي أصبحت أكثر تعصبًا، ولكنها تبقى أقلية شديدة البروز فقط. وذلك يدفعنا إلى مضاعفة جهودنا الآن هو ما نراه من تغير في المواقف والمزاج لدى الأغلبية.

• التركيز على الشباب:
وتوضح النشرة أن ما يربو على 65% من سكان العالم العربي الآن هم دون الثلاثين، وفي دائرة هذا السن تقوى نزعةُ البحث عن الحقيقة والاستقرار والعثور على منارة هادية في خضم الاضطرابات التي تعترضهم وهم يواجهون مشكلات العصر، ومما يزيد تعقيدَ المشكلة الأزماتُ الإسكانية، وعدمُ الاستقرار الاقتصادي، والاضطراباتُ الاجتماعية، في وقت يسعى فيه الجميع إلى تحسين مستوى معيشتهم.

وتواصل النشرة بيانها قائلة: هناك بعثات تنصيريه فعالة تعمل حاليًا بنجاح في هذه البلاد الممنوعِ فيها النشاطُ ظاهرًا، ولكن هذه البعثات تتعرض يوميًا إلى توترات وضغوط لا يمكن تجاوزُها إلا بوسائل روحانية، فلقد عُرف العالم العربي بأنه أشد المناطق صعوبة على وجه الأرض لدخول الإنجيل، ولا يزالُ غيرَ ملتفت إليه التفاتًا كافيًا من قبل رجال الكنيسة نتيجة لجهلهم أن العالم العربي لم يحصل على هذه السمعة إلا لقلة المتطوعين للتضحية في سبيل إعلاء كلمة الإنجيل.

ثم تقول النشرة: فعليكم وعلينا أن ننظر إلى العالم العربي من منظار الرب، فلو أننا استصعبنا هذه المهمة لكنا قد ظننا نقصًا في الرب، وقد وصلنا أخيرًا في اجتماعات مؤتمر الكنائس العالمي في فرنسا إلى اتخاذ قرارات حددنا فيها أهدافنا، وبعد صلواتنا المكثفة الحارة شعرنا أن الرب يحثنا على الانتفاض وعدم التواني في فتح أبواب جديدة على العالم العربي، وسيركز العدد القادم من "ديت لاين" علي الطرق الجزئية التي تدخلك في باب المستحيل.

• العالم الإسلامي اليوم:
ولقد نشر القس زويمر، بمؤازرة زملاء له، كتابًا تحت عنوان "العالم الإسلامي اليوم" في النصف الأول من القرن العشرين، جمعوا فيه تقاريرَ ومباحث تاريخية كتبها المنصرون عن حال المسلمين القاطنين في مناطقهم التنصيرية، وتلي هذه التقاريرَ خلاصةٌ عن أعمال المنصرين التي قاموا بها في البقاع المختلفة وما نتج عنها من انتشار الدين المسيحي.

وقد وضع جامعو هذا الكتاب مقدمةً له، ألحوا فيها على ضرورة تنصير المسلمين، وقالوا: "إنه لم يسبق وجودُ عقيدة مبنية على التوحيد أعظم من عقيدة الدين الإسلامي الذي اقتحم قارتي آسيا وإفريقيا الواسعتين، وبث في مئتي مليون من البشر عقائده وشرائعه وتقاليده، وأحكم عروة ارتباطهم باللغة العربية، فأصبحوا كالأنقاض والآثار القديمة المتراكمة على جبل المقطم، أو هم كسلسلة جبال تناطح السحاب وتطاول السماء، مستنيرة ذرواتها بنور التوحيد ومسترسلة سفوحها في مهاوي تعدد الزوجات وانحطاط المرأة".

ثم يقولون: إن الكنيسة المسيحية ارتكبت خطأ كبيرًا بتركهم وشأنهم (أي المسلمين)، إذ ظهر لها أن أهمية الإسلام في الدرجة الثانية بالنسبة إلى 800 مليون وثني رأت أن تشتغل بهم، ورأت هذا وهي لم تعرف عظمة الإسلام وحقيقة قوته وسرعة نموه إلا منذ ثلاثين سنة فقط.

على أن أبواب التبشير صارت مفتوحة الآن في ممالك الإسلام الواقعة تحت سلطة النصرانية، مثل الهند والصين الجنوبية الشرقية ومصر وتونس والجزائر، وأن في العالم 140 مليون مسلم (في هذه المدة يوم أن كانت البلدان العربية ترزح تحت الاحتلال) يرتقبون الخلاص.

وفي مقدمة الكتاب بعض ملاحظات ونصائح للمنصرين الذين يعملون بين المسلمين في الشرق الأوسط، منها:
1- يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم.
2- يجب نشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين؛ لأنه أهم عمل مسيحي، وقد تم جزء من هذه المهمة بعد أن طبع في بيروت 46 مليون نسخة من الكتاب المقدس.
3- تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها.
4- ينبغي للمبشرين ألا يقنطوا إذا رأوا نتيجة تبشيرهم للمسلمين ضعيفة، إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوربيين وتحرير النساء، وأن تنصير أمثال "كامل" في بيروت "وعماد الدين " في الهند "وميرزا إبراهيم "في تبريز، وكذلك أعمال أخرى من هذا القبيل من شأنها أن تولد لنا مجهودات جديدة يجب علينا أن نحمد بسببها نعمة الله علينا.

وهكذا يخطط المنصرون لمنطقة الشرق الأوسط منذ ما يقرب من قرن من الزمان، إذ جاءوا في صحبة الاستعمار الغربي وكانوا رسلا لهذا الاستعمار في عدد من الدول العربية والإسلامية، ولقد رأينا كيف تتغلغل مؤسسات التنصير في مصر بلد الأزهر في مقالة سابقة نشرت بالموقع، وما يحدث في مصر يحدث في عدد كبير من الدول العربية التي تفتح أبوابها للمنصرين تحت ستار الإغاثة الإنسانية وتقديم المعونات والمساعدات والخبرة الأجنبية.

أبو مريم السني
2012-12-24, 12:34 AM
أبواب المنطقة العربية مفتوحة لهم
المنصّرون ومخططاتُ اختراق حصون الإسلام في الشرق الأوسط
أحمد محمود أبو زيد
• اجتماعٌ سري.. استضافةُ السفارة المصرية بواشنطن لقادة التنصير العاملين في الشرق الأوسط مع سفراء الدول العربية.
• المطالبة بفتح الباب أمام الكنائس الأمريكية لتقديم المساعدات التعليمية والإنسانية في الدول العربية.
• افتتاح فروع لجامعة "الحرية" الأمريكية المتخصصة في تعليم دراسات وأبحاث التنصير واللاهوت المسيحي في الدول العربية.
• استطاع المنصِّرون اختراقَ عدد من الدول الإسلامية تحت ستار المؤسسات الخيرية، والخبرة الأجنبية، وإنشاء المدارس والمستشفيات.
• قادة التنصير يعترفون: لم يسبق وجودُ عقيدة مبنية على التوحيد أعظم من عقيدة الإسلام الذي اقتحم قارتي آسيا وإفريقيا الواسعتين.
• خططُهم تقومُ على إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم، ونشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين.
• تنصير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم، ومن بين صفوفهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها.


• • • • •

ما زلنا نتواصل مع القارئ في سلسلة المقالات والدراسات حول المخطط العالمي للتنصير وخططه وأساليبه لحرب الإسلام، ونقف هنا مع الجهود التنصيرية التي تبذل منذ سنوات طويلة لاختراق حصون الإسلام في الشرق الأوسط، فقد أفردنا مقالة مستقلة عن "التنصير في مصر بلد الأزهر"، ونواصل هنا الحديث عن التنصير في سائر دول الشرق الأوسط.

فالخبر الذي نشرته أخيرًا بعضُ الصحف الإلكترونية على شبكة الإنترنت حول استضافة السفارة المصرية بواشنطن لقادة التنصير بالدول العربية، في يوليو الماضي، يدل على أن المخطط التنصيري العالمي بدأ يكثّف نشاطه في منطقة الشرق الأوسط.

والخبر يقول: إن السفير المصري لدى الولايات المتحدة "نبيل فهمي" أقام اجتماعًا سريًا بمقر السفارة المصرية في الثاني من يوليو هذا العام (2007م)، حضره 15 قسًا من كبار قادة الحركة الدينية بالعاصمة الأمريكية وسفراء ثماني دول عربية هي: الجزائر والمغرب والكويت وليبيا والعراق واليمن والبحرين، بالإضافة إلى مصر، وسفير الجامعة العربية بالأمم المتحدة.

وقالت المصادر: إن اللقاء جاء بدعوة من أحد الإسرائيليين ويدعى "بني هين" ويعد أحد قادة اللوبي اليهودي في واشنطن، وحضر -عن الجانب الإنجيلي والكنائس الأمريكية- كلٌّ من القس "جوناثان فالويل" ابن القس الراحل "جيري فالويل"، الذي اعتاد سب الإسلام، والقس "جوردون روبرتس" نجل القس "بات روبرتسون"، الذي اعتاد الإساءة للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-. كما حضره القس "بول كراوش" والمنصر الألماني "رايتهارد بونك"، بالإضافة إلى "دون آرج" مدير الجمعية الوطنية للإنجيليين.

ونقل موقع "وورلد نت ديلي" عن القس جوناثان فالويل أن قادة الحركة الدينية الأمريكية طالبوا خلالَ اللقاءِ سفراءَ الدول العربية الإسلامية، بفتح الباب أمام الكنائس الأمريكية، لتقديم ما أسماه (المساعدات التعليمية والإنسانية في الدول العربية). وطالبوا أيضًا سفراءَ الدول العربية بالسماح بافتتاح فروع لجامعة "الحرية" الأمريكية المتخصصة في تعليم دراسات وأبحاث التنصير واللاهوت المسيحي وفق المعتقد الإنجيلي في كل الدول العربية.

وأضاف القس فالويل أنهم طالبوا خلال اللقاءِ الدولَ العربية بالتحرك نحو الحرية الدينية وفتح الباب أمام الديانات الأخرى، وأن وفد الحركة الدينية الأمريكية أبدى استعدادَه لزيارة الدول العربية للتحدث مع قادتها بشأن هذه المطالب.

وأوضح فالويل أن قادة الحركة الدينية الأمريكية أبدوا استعدادهم أن يستضيفوا عددًا من الطلاب العرب لدراسة مقررات جامعتهم الخاصة بالتنصير أو اللاهوت في الولايات المتحدة أو منحهم شهادات عن طريق الإنترنت.

• اختراق الشرق الأوسط:
وحملات التنصير في الشرق الأوسط حقيقة واقعية لا يمكن إنكارها، إذ استطاع المنصرون اختراقَ عدد من الدول الإسلامية تحت ستار المؤسسات الخيرية، والخبرة الأجنبية، وإنشاء المدارس والمستشفيات.

ولقد حصلت مجلةُ "الرابطة" السعودية، في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، على نشرة تنصيرية تصدر في أمريكا تسمى "ديت لاين" تخطط لأن توقع المسلمين في شراكها، والنشرة موجهة أصلا إلى المسيحيين الذين يهتمون بتنصير المسلمين وبأوضاع العالم العربي، فهي تحضهم على التطوع للعمل في البلاد العربية، وتحثهم على القيام بهذا العمل الشاق، كما توضح لهم كيفية نشر أصول الدعوة المسيحية بين المسلمين عن طريق تقريب وجهات النظر فيما يخص مفهوم التوحيد والتثليث.

ويلاحظ في النشرة نداء توجهه إلى المسيحيين في بلاد الإسلام؛ يقول النداء:"يا من لهم فرص أكبر في العمل في ديار المسلمين، أنتم ولا شك تعلمون أنه لا يسمح للمسلم شرعًا أن يرتد عن دينه ويعتنق دينًا آخر، مما ينتج عنه استحالةُ العمل بينهم، وكذلك لا مجال للبعثات التنصيرية للعمل هناك، إذ ليس مصرحًا لها بالنشاط، ويبدو أن الستار قد أسدل وبُني الحصن بقوة قد تبدو غير قابلة للاختراق، ولا سيما في نظر الذين يغفُلون عما يصنعه الرب في العالم العربي.

وتضيف النشرة: هناك إحساس لدى العاملين في البلاد الإسلامية أننا أمام فتح مبين، صحيح أن بعض الجهات في العالم الإسلامي أصبحت أكثر تعصبًا، ولكنها تبقى أقلية شديدة البروز فقط. وذلك يدفعنا إلى مضاعفة جهودنا الآن هو ما نراه من تغير في المواقف والمزاج لدى الأغلبية.

• التركيز على الشباب:
وتوضح النشرة أن ما يربو على 65% من سكان العالم العربي الآن هم دون الثلاثين، وفي دائرة هذا السن تقوى نزعةُ البحث عن الحقيقة والاستقرار والعثور على منارة هادية في خضم الاضطرابات التي تعترضهم وهم يواجهون مشكلات العصر، ومما يزيد تعقيدَ المشكلة الأزماتُ الإسكانية، وعدمُ الاستقرار الاقتصادي، والاضطراباتُ الاجتماعية، في وقت يسعى فيه الجميع إلى تحسين مستوى معيشتهم.

وتواصل النشرة بيانها قائلة: هناك بعثات تنصيريه فعالة تعمل حاليًا بنجاح في هذه البلاد الممنوعِ فيها النشاطُ ظاهرًا، ولكن هذه البعثات تتعرض يوميًا إلى توترات وضغوط لا يمكن تجاوزُها إلا بوسائل روحانية، فلقد عُرف العالم العربي بأنه أشد المناطق صعوبة على وجه الأرض لدخول الإنجيل، ولا يزالُ غيرَ ملتفت إليه التفاتًا كافيًا من قبل رجال الكنيسة نتيجة لجهلهم أن العالم العربي لم يحصل على هذه السمعة إلا لقلة المتطوعين للتضحية في سبيل إعلاء كلمة الإنجيل.

ثم تقول النشرة: فعليكم وعلينا أن ننظر إلى العالم العربي من منظار الرب، فلو أننا استصعبنا هذه المهمة لكنا قد ظننا نقصًا في الرب، وقد وصلنا أخيرًا في اجتماعات مؤتمر الكنائس العالمي في فرنسا إلى اتخاذ قرارات حددنا فيها أهدافنا، وبعد صلواتنا المكثفة الحارة شعرنا أن الرب يحثنا على الانتفاض وعدم التواني في فتح أبواب جديدة على العالم العربي، وسيركز العدد القادم من "ديت لاين" علي الطرق الجزئية التي تدخلك في باب المستحيل.

• العالم الإسلامي اليوم:
ولقد نشر القس زويمر، بمؤازرة زملاء له، كتابًا تحت عنوان "العالم الإسلامي اليوم" في النصف الأول من القرن العشرين، جمعوا فيه تقاريرَ ومباحث تاريخية كتبها المنصرون عن حال المسلمين القاطنين في مناطقهم التنصيرية، وتلي هذه التقاريرَ خلاصةٌ عن أعمال المنصرين التي قاموا بها في البقاع المختلفة وما نتج عنها من انتشار الدين المسيحي.

وقد وضع جامعو هذا الكتاب مقدمةً له، ألحوا فيها على ضرورة تنصير المسلمين، وقالوا: "إنه لم يسبق وجودُ عقيدة مبنية على التوحيد أعظم من عقيدة الدين الإسلامي الذي اقتحم قارتي آسيا وإفريقيا الواسعتين، وبث في مئتي مليون من البشر عقائده وشرائعه وتقاليده، وأحكم عروة ارتباطهم باللغة العربية، فأصبحوا كالأنقاض والآثار القديمة المتراكمة على جبل المقطم، أو هم كسلسلة جبال تناطح السحاب وتطاول السماء، مستنيرة ذرواتها بنور التوحيد ومسترسلة سفوحها في مهاوي تعدد الزوجات وانحطاط المرأة".

ثم يقولون: إن الكنيسة المسيحية ارتكبت خطأ كبيرًا بتركهم وشأنهم (أي المسلمين)، إذ ظهر لها أن أهمية الإسلام في الدرجة الثانية بالنسبة إلى 800 مليون وثني رأت أن تشتغل بهم، ورأت هذا وهي لم تعرف عظمة الإسلام وحقيقة قوته وسرعة نموه إلا منذ ثلاثين سنة فقط.

على أن أبواب التبشير صارت مفتوحة الآن في ممالك الإسلام الواقعة تحت سلطة النصرانية، مثل الهند والصين الجنوبية الشرقية ومصر وتونس والجزائر، وأن في العالم 140 مليون مسلم (في هذه المدة يوم أن كانت البلدان العربية ترزح تحت الاحتلال) يرتقبون الخلاص.

وفي مقدمة الكتاب بعض ملاحظات ونصائح للمنصرين الذين يعملون بين المسلمين في الشرق الأوسط، منها:
1- يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم.
2- يجب نشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين؛ لأنه أهم عمل مسيحي، وقد تم جزء من هذه المهمة بعد أن طبع في بيروت 46 مليون نسخة من الكتاب المقدس.
3- تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها.
4- ينبغي للمبشرين ألا يقنطوا إذا رأوا نتيجة تبشيرهم للمسلمين ضعيفة، إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوربيين وتحرير النساء، وأن تنصير أمثال "كامل" في بيروت "وعماد الدين " في الهند "وميرزا إبراهيم "في تبريز، وكذلك أعمال أخرى من هذا القبيل من شأنها أن تولد لنا مجهودات جديدة يجب علينا أن نحمد بسببها نعمة الله علينا.

وهكذا يخطط المنصرون لمنطقة الشرق الأوسط منذ ما يقرب من قرن من الزمان، إذ جاءوا في صحبة الاستعمار الغربي وكانوا رسلا لهذا الاستعمار في عدد من الدول العربية والإسلامية، ولقد رأينا كيف تتغلغل مؤسسات التنصير في مصر بلد الأزهر في مقالة سابقة نشرت بالموقع، وما يحدث في مصر يحدث في عدد كبير من الدول العربية التي تفتح أبوابها للمنصرين تحت ستار الإغاثة الإنسانية وتقديم المعونات والمساعدات والخبرة الأجنبية.

أبو مريم السني
2012-12-24, 12:37 AM
• التنصير في السودان:
ففي دولة مثل السودان نجد المنصرين يسيطرون على الجنوب، وتاريخهم في هذه الدولة يعود لسنوات طويلة، فقد دخل المنصرون السودان منذ عهد الاحتلال الإنجليزي الذي دعمهم وهيأ لهم الطريق وقدم لهم كل التسهيلات، وركزوا نشاطهم في الجنوب حيث توجد بعض المناطق الوثنية، واستهدفوا من وراء ذلك قفل الطريق أمام المسلمين ومنعهم من الوصول إلى هذه المناطق ونشر الدعوة الإسلامية فيها.

وعندما جاءت الكوارث إلى السودان، شعر المنصرون أن هذه فرصة ذهبية يستطيعون النفاذ من خلالها إلى المجتمع المسلم لتنصير السودان، كبداية لتنصير إفريقيا كلها. وعندما أدركوا أن السودان هي البوابة الجنوبية والتي ينطلق منها الإسلام إلى دول القارة فكروا في رسم خطة جديدة لتنصير السودان كله وليس الجنوب فقط، وقد دعموا حركة المتمردين في الجنوب، وهي حركة صليبية تدعمها الصهيونية والشيوعية بالمال والعتاد.

ولقد حذرت وثيقة صليبية وجهها اثنان من رؤساء الأساقفة إلى حاكم الإقليم الاستوائي في السودان وقت الاحتلال، من خطر الدعوة الإسلامية وجاء فيها: "لقد وضع العرب المسلمون خطة واضحة المعالم وبرنامجا للتنفيذ، بهدف تعريب وأسلمة العالم كله وإفريقيا هي أول الأهداف، إن هذه الخطة تطوق إفريقيا من الساحل حتى قلب القارة، وبما أن السودان جزء من وسط إفريقيا، وبما أن شمال السودان قد تم تعريبه وأسلمته، فإن الجنوب قد أصبح الهدف الأول للتعريب والأسلمة حتى تتسارع الخطى لتعريب إفريقيا كلها. إن العرب يعملون بجد لنشر لغتهم وثقافتهم بين الجنوبيين في الوقت الذي يرفضون فيه تعلم لغاتنا أو التخاطب بها، لاعتقادهم أن لغتهم وثقافتهم هي أرقى من لغتنا وثقافتنا، وتقضي خطتهم إلى التزويج بأكبر عدد من بناتنا المسيحيات لإنجاب أطفال يدينون بدين آبائهم وبذلك تضيع هويتنا الإفريقية المسيحية".

• 30 منظمة تنصيرية في دارفور:
وفي إقليم دارفور بالسودان، تسللت منظماتُ التنصير إلى الإقليم في السنوات الأخيرة، تحت غطاء طلقات الرصاص وأعمال العنف المتبادل بين متمردي الإقليم والقوات الحكومية السودانية، وبدأت تركيز جهودها خاصة في مخيمات اللاجئين الذين شردتهم الحرب حتى إن عدد منظمات التنصير في الإقليم وصلت إلى نحو 30 منظمة تعمل تحت ستار المنظمات الإنسانية.

وقد أعلنت منظمة "كاريتاس" العالمية الكاثوليكية صراحة أنها تستهدف 125 ألف مسلم في دارفور، وهو الإقليم الذي لا توجد به كنيسة واحدة، ونسبة المسلمين فيه 100%. وزعم "دونكان ماكلارين" -أمين عام المنظمة- أن هناك مليون شخص في دارفور، معرضون للموت وفي حاجة إلى الحماية، وهذا العدد الضخم يعد صيدًا سهلا لمنظمات التنصير.

واعترفت هيئةُ المعونة النرويجية الكنسية بأنها ترعى أكثر من 45 ألف لاجئ من دارفور في ثلاثة معسكرات في تشاد، وبالطبع يخضعون لسيل من الأفكار التنصيرية.

وما يحدث في السودان يحدث في دول عربية كثيرة، ففي الصومال وموريتانيا تنشط حملاتُ التنصير مستغلة ما يعيشه السكانُ من فقر ومجاعة وجهل ومرض، وتساعدهم هذه الظروف على اختراق هذه البلدان، إذ يدخلون بإمكانياتهم الضخمة، ويبنون المدارس والمستشفيات، ويقدمون الغذاء والكساء والدواء، حتى أصبح التنصير ثمنًا لهذه الخدمات والإعانات.

فالحربُ الأهلية الطاحنة التي أنهكت الشعب الصومالي وشردت مئات الآلاف من المواطنين داخل وخارج الحدود الصومالية، دفعت جماعاتِ التنصير إلى الذهاب هناك خاصة داخل مخيمات الإيواء لنشر أفكارهم التنصيرية، ومنظماتُ التنصير لديها القدرة على تلوين جلدها من أجل التعامل مع كل شعب حسَب طبيعته، وهدفُها النهائي هو التسلل إلى أبناء هذا الشعب من أجل إقناعه بالأفكار التنصيرية، حتى وإن كان ذلك من خلال استغلال حاجة وعوز ومعاناة هذه الشعوب.

ونجد دولةً مثل لبنان -وهي دولة عربية خالصة- قد أصبحت تحت سيطرة المسيحيين من الموارنة، ولم يكتفوا بالحكم فقط، بل يريدون أن يحولوها إلى وطن قومي للمسيحيين في الشرق الأوسط، كما تحولت فلسطين إلى وطن قومي لليهود.

• الجيش المريمي في الأردن:
وفي الأردن تألف في الستينيات من القرن الماضي مجلسٌ أعلى برئاسة المطران "عساف" ومساعديه المسيو سمعان والراهبة سوستيلا، وبإشراف ورعاية المطران الماروني في بيروت، وقد اتخذ هذا المجلس قرارات كثيرة من أهمها:
1- شراء الأراضي، وأن تكون هذه الأراضي من أهم المواقع، ويشترط على المشتري بعد ذلك أن يوقف هذه الأرض لبناء الكنائس.
2- يراعى في تصميم الكنائس أن تكون على هيئة قلاع حربية ومستودعات للأسلحة.
3- إقامة قرى محصنة على الطرق الرئيسة التي تربط الأردن ببقية العالم العربي، وكان يشرف على هذا المشروع عجوز إنجليزية اسمها "مس كوت"، كانت تسكن في مدينة الزرقا متخذة من مزرعة صغيرة لتربية الدواجن ستارًا يُخفي مهمتَها الحقيقية، وقد حولت هذه المنطقة إلى مستعمرات محصنة.
4- التسلل إلى الوظائف الحكومية والمراكز المدنية والعسكرية، ولقد كونت هذه العناصر بعد أن أتمت خططها المنظمة قوات ميلشيا عسكرية باسم "منظمة الجيش المريمي"، ولهذه المنظمة قيادات في الضفة الشرقية ومركزها "عمان"، وفي الضفة الغربية ومركزها القدس، ولكل قيادة مركز حربي أعلى، وكان يشرف على هذه المراكز المطران عساف، أما التدريبُ فكان يتولى الإشرافَ عليه اللواءُ "كريم أوهان" مدير الأمن العام سابقًا ويساعده في التدريب "إسكندر نجار" قائد سلاح الإشارة سابقا. وقد بلغ تعداد الجيش المريمي عشرين ألفا، ولهذا الجيش دستور طبع في لبنان ومجلة شهرية تحمل اسم "الجيش المريمي"، وقد ضبطت أسلحة كثيرة لدى هذا الجيش، وقام أفراده بأعمال استفزازية كثيرة في الاحتفال بعيد الميلاد الذي سبق هزيمة يونيو 1967م.

وحمل أفراده صلبانًا يبلغ ارتفاعُها أمتارًا، وأخذوا يهتفون بهتافات مثيرة منها: "دين المسيح هو الصحيح" و"لا عروبة ولا إسلام".

• التنصير في الخليج:
وأما منطقةُ الخليج العربي فلم تنجُ أيضًا من مخططات التنصير وغزو المنصرين، ففي بداية 1985م نشرت وكالة "فيدس" التابعة للفاتيكان تقريرًا عن الحركة التنصيرية في الخليج، أشار إلى أنه لا يصرَّح لرجال الدين المسيحي بالدخول إلى تلك المنطقة بصفتهم رجال دين، بل عليهم أن يسوغوا وجودهم بوصفهم فنِّيين لديهم عقود مع الشركات النفطية التي تعمل بوجه تنصيري.

وأضاف التقريرُ أنَّ هناك مؤسساتٍ مسيحيةً في منطقة الخليج تمارس أعمال التنصير من خلال عمالها الآسيويين المسيحيين، الذين يصلُ عددهم في البحرين وقطر وأبي ظبي إلى ألف عامل منصر، والشيء الغريب –كما يقول التقرير- أن أبواب المنطقة العربية أصبحت مفتوحة على مصراعيها للمنصرين – على حد قول "واين شاهباز" في المؤتمر السنوي السادس للجنة اتحاد الكنائس للتبشير، الذي عقد في كاليفورنيا بالولايات المتحدة عام 1980م.

وذكر الكتاب الخاص بنصارى بريطانيا أن هناك ثلاثَ منظماتٍ تعمل في منطقة الخليج هي: "جمعية مبشري الكنيسة"، "والاتحاد العالمي للكنائس"، "والإنجيل والزمالة الطبية للمبشرين".

أما عدد بعثات المنظمات التنصيرية البروتستانية الأمريكية التي تعمل في منطقة الخليج، كما ذكرتها مجلةُ العالم التي تصدر باللغة العربية في لندن، فيبلغ 6 جمعيات مسجلة هي: جمعية إم.أيه العالمية، وكنيسة الإصلاح في أمريكيا، وكنيسة مشايخ الإنجيل، وكنيسة المشايخ في أمريكا، وبعثة التحالف الإنجيلي، والحملة الصليبية الإنجيلية عبر العالم.

وأضافت المجلة أن هناك أيضا منظمات نصرانية تعمل في المنطقة العربية؛ مسجلة منها: منظمة عملية التعبئة وزمالة الإيمان من أجل المسلمين، وإذاعة عبر العالم، واتحاد إذاعات الشرق الأدني، ولجان لوزان للتنصير العالمي، ومركز الشباب اليافعين، كما أن هناك حوالي 1300 منصر متفرغ بالشرق الأوسط، ومعظمهم يديرون مراكز طبية.

• التنصير في العراق:
وتعد العراقُ من أكثر الدول المستهدفة بحملات التنصير، وخاصة في السنوات الأخيرة منذ جاء الاحتلالُ الأمريكي، وما ارتبط بالاحتلال والحرب من كوارث إنسانية، فما إن بدأت الحرب حتى حشد المنصرون جيوشهم على بوابة العراق الغربية (الأردن) بانتظار الدخول مع طلائع الجيوش الأمريكية لنشر رسالة الخلاص في مدنه التي أعياها الفقر.

فقد وجدت جماعات التنصير الأمريكية في العراق المحتل أرضًا خصبة لنشر أفكار التنصير تحت رعاية وحماية ودعم ومساندة قوات الاحتلال الأمريكي، بل وبمشاركة المقاتلات الأمريكية نفسها التي قامت بإلقاء المنشورات والكتب الدينية على الشعب العراقي في مناطق مختلفة.

وتركز جماعاتُ التنصير جهودها لنشر أفكارها بين أكراد الشمال وتركمان الموصل وكركوك والسنة في تكريت والشيعة في كربلاء والنجف، وتستخدم هذه الجماعاتُ المساعداتِ الإنسانية والمعونات الطبية والخدمية من أجل التسلل إلى العراقيين لإقناعهم بالأفكار التنصيرية، فضلا عن توزيع المواد والقصص التنصيرية وافتتاح محطات الإذاعة والتليفزيون التي تساعدهم في تحقيق هدفهم مثل إذاعة "صوت المحبة".

وقد أفادت تقاريرُ صحفية أن أكثر من مئة منظمة تنصيرية دخلت العراق، وأكبر هذه المنظمات: هيئة الإرساليات الدولية الذراع التبشيرية للمعمدين الجنوبيين والذين يعدون أكبر طائفة بروتستانتية في أمريكا، ومجلس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومجموعة من المعمدين الجنوبيين من ولاية نورث كارولينا، وهيئة المعونة الأمريكية، ومنظمة كريستيان شاريتي ورلد نيشون إنترناشونال، ومنظمة المجتمع الدولي للإنجيل، ومنظمة تعليم أمة كاملة تعرف اختصاراً (داون)، ومنظمة سامرتيان بيرس، ومنظمة المنصرين البروتستاننت.

وتدخل هذه المنظماتُ إلى العراق تحت اسم منظمات إغاثة إنسانية، والمسئولون الأمريكان يعترفون بوجود المنصرين، ويؤكدون أنهم يقدمون العون للناس لا لينصروهم، والعراقيون يفرحون بتلك المعونات.

وقد استطاع المنصرون خلال عام واحد أن يوزعوا مليون نسخة من الإنجيل باللغة العربية، وشرائط فيديو تجسد ميلاد المسيح وحياته، وتعليقات تدعو المسلمين للدخول في النصرانية، ومليون كراسة دعائية إنجيلية، وقالت نشرة لهيئة الإرساليات الدولية/ إن العراقيين فهموا أن الذي يمنحهم المواد الغذائية مسيحيون أمريكيون وإن عمال الإغاثة يوزعون نسخاً من إنجيل العهد الجديد إلى جانب المواد الغذائية.

ونواصل الحديث عن جوانب أخرى من المخطط العالمي للتنصير وخططه وأساليبه لحرب الإسلام في مقالات قادمة إن شاء الله.

• المراجـع:
1- سفارة مصر بواشنطن تستضيف لقادة التنصير بالدول العربية - أحمد حسن بكر – جريدة المصريون الإلكترونية - 28 - 7 – 2007م.
2- مجلة الرابطة – العدد 290 – رمضان 1409هـ.
3- الغارة على العالم الإسلامي – آل. شاتيليه.
4- الزحف إلى مكة – الدكتور عبد الودود شلبي – دار الزهراء للإعلام العربي – الطبعة الأولى – القاهرة 1989م.
5- المبشرون! الجوع والمرض والتشرد.. سلاحهم لغزو مناطق الحروب والكوارث والأزمات الإنسانية - الوفد - الأربعاء 16 فبراير 2005م.



رابط الموضوع

http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/1976/#ixzz2FufE6MWO

أبو مريم السني
2012-12-24, 12:40 AM
الموقف الإسلامي المطلوب تِجاه ظاهرة التَّنصير

محمد السروتي (http://www.majles.alukah.net/Authors/View/Spotlight/819/)

لا شكَّ أنَّ الحديث عنِ الموقف من ظاهرة التَّنصير لا يُمكِنُ تناوله إلاَّ من خلال إطاره العام، المُتَجَسِّد أساسًا في نظرة الدين الإسلامي للآخر المسيحي خاصَّة، بدءًا منَ القرآن الكريم والسنَّة النَّبويَّة ووصولاً لنماذج من نوازل فقهيَّة عالجتْ قضايا العَلاقات بين الطَّرفين في جوانب مختلفة جسّدت فيها المعالم السَّامية للتَّعامُل الإسلامي مع هذا الآخر في إطار المنظومة الإسلاميَّة، ويمكن التَّمثيل في هذا الصَّدد ببعض النَّوازل الفقهيَّة التي نافَحَتْ في الحِفاظ على المَوْرُوث المسيحي الذي يجده المسلمون في بلدٍ ما، ومنه رأيٌ أورده الونشريسي في "المعيار المعرب" نسبه إلى أبي العباس أحمد بن محمد بن زكريا يقول فيه: "هدم الكنائس لا يَجوز بِمُقْتَضَى الشَّريعة المحمديَّة على رأي المُحقِّقين في الفقه المالكي... ولهذا يقول أبو الحسن اللخمي وابن القاسم: إنَّ القديم من الكنائس يُتْرَك ولا يُهْدَم"، وتعدَّدت هذه النَّماذج في كثيرٍ منَ المصادر النَّوازلية كـ "المعيار" للونشريسي، و"أحكام قضايا أهل الذمَّة" لأبي الأصبغ بن سهيل.

الغاية من هذه الإشارة التَّنبيه إلى أمر أساسٍ هو: أنَّ علاقة الإسلام بالنَّصرانيَّة علاقة مركَّبة، لا تنكر وجود عيسى - عليه السَّلام - ولا عُذْرِيَّة والدته ولا معجزاته، أو تلك التي أجراها الله له، ولا تعاليمه ولا قيمه؛ ولكنَّها في الوقت ذاته تنكر تأليهه والغُلُوَّ في تقديسه، وتنكر ما تسرَّب إلى ذلك الدين من عقائد وثنيَّة مُشْرِكة واضحة، ومعها مذاهب فلسفيَّة غامِضة، أصحبت تُهَدّد كيان الأمَّة، وتَعْصِف بها من خلال المَوْجَات التَّنصيريَّة التي أصبحت تشهدها مختلف الأقطار الإسلاميَّة... وباستحضار هذه العَلاقة يمكننا رَصْد المَوَاقف المُتَّخذة مِنْ ظاهرة التَّنصير؛ وذلك باعتبارها أساسًا جهدًا كنسيًّا يقوم به الدُّعاة النَّصارى لإدْخال الشُّعوب في الديانة النَّصرانيَّة. وعليه؛ يمكن تصنيف المواقف من ظاهرة التَّنصير إلى ثلاثة مواقف أساسيَّة هي:

- موقف تهويني: من هذه الظَّاهرة اعتمادًا على مبشّرات قرآنيَّة، وسُنَن تاريخيَّة وواقعيَّة، فمن القرآن قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، ومن التَّاريخ يقول أنور الجندي في كتابه "الإسلام وحركة التاريخ": "من أبرز سنن التاريخ الإسلامي القدرة على الخروج من دائرة الضَّعف والتَّخلف، بالتِماس جوهر القيم الأساسيَّة". ومنَ الواقع "منَ الصُّعوبة بمكانٍ أن يرتدَّ مسلم عنِ الإسلام إلى النَّصرانيَّة كما أنَّه منَ الصُّعوبة بمكان أن يرتدَّ طالب جامعي إلى التَّعليم الابتدائي، أو يتحوَّل عالم ذرَّة إلى العمل بمعبد هندوكي… إنَّ المُستوى الذي يبلغه المسلم في مجال العقيدة ومعرفة الله، يتجاوز بمراحل شاسِعة المستوى الديني الذي يقف عنده اليهود، والنَّصارى… ومِن ثمَّ فلست أخاف على الإسلام من جهود المُنَصِّرِينَ مهْمَا اشتدَّت، فهي إلى بوار"، و"زويمر" أحد أقطاب المُنَصِّرِينَ نفسه يُعْلِنُ بِصراحة صعوبةَ تنصير المسلمين، وذلك حين يقول: "الذي نُحاوله من نقل المسلمين إلى النَّصرانيَّة هو أشْبَه باللَّعب منه بالجد، فلتكُنْ عندنا الشَّجاعة الكافية لإعلان أنَّ هذه المحاولة قد فشلت وأفلست".

لكنْ هل هذه المبشرات كافية للتَّهوين منَ الظَّاهرة وصَرْف النَّظر عن دارسة أبعادِها والوقوف على تَجليَّاتها؟ إنَّ ما يتناساه أصحاب هذا الموقف في نظري هو الفرق بين "حفظ الله لدينه" وهو ما تعهَّد به الله سبحانه، وبين إقامة هذا الدين، ليتحوَّل من "وحي محفوظ" إلى واقع مُتَجَسِّد في الحياة، له السيادة والظُّهور على شَرائع الضَّلال والانحراف... وهذه مسؤولية المسلمينَ الذين يُقِيمون الدِّين على أرضِ الواقِع.

- وفي المقابل هناك موقف تَهويلي مِن خَطَر هذا المُخَطَّط إلى الحدّ المزعج المانع من التَّفكير السَّليم والتَّدبير الإيجابي، ويُسْلِمُ إلى اليأس والقنوط، وذلك بالانطلاق من الواقِع المُعاش، فالحالة حالة ضَعْف وانكِسار وتبعيَّة، وإضافة إمكانيَّات ووسائل الحركة التَّنصيريَّة على هذا الواقع تَجعَلُ الأَمْر مرضًا مزمنًا لا فِكاك منه، ولا تُجْدِي مَعَهُ أيَّة آليَّات أو وسائل لمقاومة هذه الحركة التَّنصيريَّة.

ويتناسَى أصحاب هذا الموقف بدورهم أمرين أساسيَّين هما:
أوَّلاً: أنَّ المُخطَّط التَّنصيري "حلم مجنون" تصاعد ضد الصَّحوة الإسلاميَّة؛ خوفًا من انتقالها إلى الغرب، وثانيًا: أنَّ سمة المخطَّط التَّنصيري تنطلق منَ الهُرُوب من حقيقة الإسلام ورسْم الطرق للالتفاف حوله لاختراقه باسمه وتحت مظلَّته.

- أمَّا الموقف الوسطي: فهو الذي لا يستهين بمخاطر المُنَصِّرين؛ ولكن دونما تهوين يوقع في الغَفْلة عنِ الخَطَر وهو حقيقي، ودونما تهويل يوقع في اليأس والقنوط.

وفي إطار الموقف الوَسَطي يُمْكِننا الحديث عنِ الآليَّات والوسائل لمُوَاجَهة الحركة التَّنصيريَّة، بَيْدَ أنَّ اللَّوم أساسًا لا يقع إلاَّ على المسلمين أنفسهم؛ لتَقْصيرهم في خِدْمة الإسلام على كافَّة المستويات، قبل أن يقع على الآخرين.

غير أني أرى أنَّ الرهان الأكبر والأكثر جديَّة في سِياق تمتين مناعة الذَّات المغربيَّة إزاء مثل هذه الظَّواهر ينطلق أساسًا من تحصين الفرد ضد كل أنواع التَّجْييش التي تحوله إلى جزء من "قطيع" ينساق وينقاد من بعيد، وضرورة حمايته من كل الأنماط التي تعمل على تهييئه ليصبح موضوعًا مطيعًا للتَّحكم الذهني والنَّفسي، وهنا تأتي دور كل الفعاليات المُسْهمة في إعداد ثقافة الإنسان، بدءًا منَ الأسرة ومرورًا بمنظومة التَّربية، ووصولاً للمراكز العلميَّة المتخصصة.

ولكن نُسجّل بأسف تقاعُس جلّ المَعْنِيِّين بالأمر (علماء، وسلطة) للحَدِّ مِن فاعلية الظَّاهرة؛ بل والعجيب أنَّ السلطات الرَّسميَّة التي اعتادتْ إحصاء أنفاس مواطنين بعينهم، إمَّا لمواقفهم السياسيَّة أو الجمعوية... تظهر كما لو أنَّها تغض الطَّرف عن واقع غير طبيعي... لغايات غير معروفة.

وفي الوقت ذاته لا نبخس في هذا الصَّدد مجهودات بعض المؤسَّسات التي أخذت على عاتقها توعية الأفراد بخطورة الظَّاهرة وتجليَّاتِها التي تنعكس سلبًا على مختلف أفراد المجتمع، وكذا مختلف المنابر الإعلاميَّة التي خصَّصت ملفَّات لرَصْد الظَّاهرة؛ لكن تبقى السِّمة المُشتَركة بين جُلّ المَجهودات رسميَّةً كانت أو غير رسميَّةً، تشترك في كونها لا تتجاوَز الطَّابع "المَوْسِمي" في أغلَبِ الحالات، وبالتَّالي لا تعدو أن تكونَ سِوى ردَّة فعل.

وللإشارة فإنَّ العُلماءَ ليسوا وحْدَهُم مَن يَجِبُ أن يُسْأَل؛ بل إنَّ المسؤوليَّة تَقَعُ على الجميع؛ أفرادٍ وجَماعات، فأهميَّة وخطورة الموضوع تكْمُن في كونه يمس جانبًا حسَّاسًا يتحدَّد انطلاقًا منه جزء مهم منَ النَّسيج الذي يعتقد المسلمون أنَّه يكوِّن هويتهم الاجتماعيَّة.

وفي الختام، نرى أنَّ مُتابعة ورَصْد الظَّاهرة، أمرٌ بالِغ الأهميَّة في الوُقُوف على طبيعتها وتجليَّاتها في مُختلف المَنَاطِق، فما المانع مثلاً مِن تشكيل خلايا لِرَصد وتتبُّع تجليات الظَّاهرة تابعة لوزارة الأوقاف الإسلاميَّة؟! خصوصًا وأنَّها تتغلغل بشكل منظَّم، وليست مجرَّد جهود فرديَّة.

إذًا، كيف يُمكِنُنا أن نتحدَّث عن علاج للمرض في غياب شِبْه تامٍّ للتَّشخيص؟! تشخيص منَ المفروض أنْ يقوم به باحِثون مُختصُّون؛ بَيْد أنَّ واقِع الحال لا يسر، فجُلّ المُشتغلين في تتبُّع ورَصْد الظَّاهرة يعتمدون على إمكانيَّات ذاتيَّة تصطدم بعبقات وعراقيل لا حدَّ ولا حصر لها، تَجعلهم أحيانًا بين مطرقة السلطة (بِصَمْتِها المُريب)، وسندان الظَّاهرة (بسريتها التَّامَّة)!!


رابط الموضوع
http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/2694/#ixzz2FuiHS0Dt

أبو مريم السني
2012-12-24, 01:41 AM
منظمات تنصيرية.. تعمل في كل مكان لمناهضة الإسلام

أحمد محمود أبو زيد (http://www.majles.alukah.net/Authors/View/Spotlight/188/)


• بلغ عددُ المدارس اللاهوتية التي أنشئت لتخريج المنصرين والقسيسين في أفريقيا وحدها خمسمائة مدرسة، بالإضافة إلى عشرين ألف معهد كنسي.
• معهد زويمر للدراسات الإسلامية يعمل على تزويد الكنائس بالدراسات والبحوث والمعلومات الخاصة بالمسلمين في المناطق التي تحتاج إلى نشاط تنصيري.
• يحرص المنصّرون على تكوين عدد من المنظمات التنصيرية في كل دولة يعملون فيها للتخطيط لنشاطهم، ومتابعة مشاريعه وخططه وأهدافه وإنجازاته.
• منظمة "دائرة تنصير الشعوب" تشرف على 58 ألف مدرسة و26 ألف معهد وجامعة.
• في أفغانستان تعمل أكثر من 103 منظمة إغاثة صليبية في أوساط اللاجئين في مقابل 12 منظمة إسلامية.


• • • • •

قلنا في مقال سابق ضمن السلسلة التي بدأناها منذ مدة عن المخطط التنصيري وخططه وأساليبه ووسائله في العالم الإسلامي: إن هذا المخطط لا يعمل عملاً ارتجاليًّا دون تنظيم أو تخطيط، ولكنه يحرص على التخطيط لنشاطاته وممارساته على المستوى المحلي والعالمي، والتنسيق بين منظماته وإرسالياته وجماعاته، وتحدثنا عن الوسيلة الأولى لهذا التخطيط والتنظيم والتعاون، وهي المؤتمرات التي يعقدها زعماءُ التنصير في مناطق متفرقة من العالم، ويحضرها عدد كبير من المنصرين وخاصة رؤساء المؤسسات والهيئات التنصيرية وقادة الإرساليات، للتباحث حول ما حققه التنصير من إنجازات، وما يجب أن يحققه، والوسائل التي يعتمد عليها في تحقيق أهدافه، وما جد واستحدث من هذه الوسائل، وكيفية استخدامها، وطرق التمويل المختلفة لهذا النشاط.

وقلنا أيضا إن إرساليات التنصير تنبهت لضرورة توحيد جهودها من أجل تحقيق هدفها النهائي، وهو جعل العالم كله مسيحيًّا، وإن عمليات تحقيق وحدة العمل التنصيري مرت بثلاث مراحل هي: عقد مؤتمرات التنصير، ثم إنشاء مجالس التنصير، ثم دمج اتحاد الكنائس باتحاد مجالس التنصير.

وسوف يكون حديثنا هنا عن معاهد ومنظمات واتحادات التنصير، التي تعمل في كل مكان لمناهضة الإسلام.

وفكرة هذه المعاهد والمنظمات والاتحادات بدأت باتحاد الكنائس مع مجالس التنصير، إذ شهد عام 1937م عقد مؤتمرين فى كل من أكسفورد وإدنبرج، قدمت فيهما اقتراحات بتكوين مجلس عالمي كنائسي، وقبلت من حيث المبدأ، ثم أرسلت إلى المجلس التنصيري الدولي.

وشهدت المدة ما بين 1946-1961م تعاونًا بين الهيئتين الكبيرتين: الكنائس والإرساليات، ففي عام 1946م ولدت "لجنة الكنائس للشئون الدولية"، وفي نيودلهي عام 1961م اتحد المجلسان: مجلس الكنائس والمجلس التنصيري في جهاز ضخم هو "مجلس الكنائس العالمي"، ولأول مرة في تاريخ العالم المسيحي تعلن الكنائس الأرثوذكسية والرومانية الكاثوليكية والإنجليكانية والبروتستانتية، أنها كنائس مسئولة عن تبشير العالم بالإنجيل[1] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/2266/#_ftn1).

• معاهد ومنظمات تنصيرية:
ولم ينتهِ الأمر بالشكل التنظيمي للتنصير عند حد تكوين مجالس تنصيرية واتحاد هذه المجالس مع مجالس واتحادات الكنائس العالمية، وتكوين مجلس الكنائس العالمي، ولكن شمل هذا الشكل التنظيمي والتخطيطي أمرين آخرين:
الأول: إنشاء معاهد علمية متخصصة لتدريب المنصرين وإعدادهم، وإجراء البحوث والدراسات الخاصة بالإسلام والمسلمين.
والثاني: تكوين عدد من المنظمات التنصيرية المنتشرة فى أنحاء العالم.

فأما المعاهد التنصيرية، فإن المخطط التنصيري يحرص كل الحرص على إعداد المنصرين إعدادًا علميًّا سليمًا، وتجهيزهم للقيام بعملهم على أكمل وجه، وتزويدهم بالمهارات المختلفة التي تساعدهم على الوصول إلى قلوب الناس وعقولهم، هذا إلى جانب إجراء البحوث والدراسات الخاصة بالمسلمين وأحوالهم وعقيدتهم، وكل ما يتعلق بالعلوم والثقافة الإسلامية، وذلك لكي يعرف المنصّرون كيف يخاطبون المسلم، وكيف يؤثرون فيه.

وتحقيقًا لهذا الغرض قام المخطط التنصيري بإنشاء المعاهد العالمية المتخصصة في أنحاء العالم، التي تتولى تدريب المنصرين وإعدادهم، وإجراء البحوث والدراسات الخاصة بالإسلام والمسلمين.

فقد بلغ عدد المدارس اللاهوتية التي أنشئت لتخريج المنصرين والقسيسين في أفريقيا وحدها خمسمائة مدرسة، بالإضافة إلى عشرين ألف معهد كنسي في أنحاء القارة.

وفى مجال إجراء البحوث والدراسات يكشف "رولان أي ميلر" -أحد أهم الباحثين في مجال التنصير، ورئيس إحدى المنظمات الدولية للتنصير- عن مدى اهتمام المنظمات التنصيرية الدولية بجوانب البحث في أحوال المسلمين ومدى أهمية ذلك أيضًا، فيقول: "إن بعض الشعوب الإسلامية قد أضحى الآن ضمن مجموعة القوة والنفوذ، ومن ثم أصبحت هذه الشعوبُ موضعَ اهتمام شديد، إذ كيف سيوجه الإسلام هذه الشعوب ونشاطاتها مستقبلا؟ وما مدى تأثير ذلك في مصير الجنس البشري كله؟ إن حقائق الحياة والاقتصاد الدولية تعد اليوم من أهم العوامل التي تهتم بضرورة البحث النشط في الإسلام".

هذا عن الجانب السياسي أو العام.. أما الجانب الديني فيشير الباحث إليه قائلا: "إن المنصرين العاملين بين المسلمين الذين يهتمون بإيصال الدعوة النصرانية ونمو الكنيسة يجب أن يكونوا باحثين، فليس ممكنًا من الناحية النظرية تصور شخص يحاول أن يدعو آخر إلى رسالته دون أي معرفه بالشخص الذي يدعوه وبيئته الاجتماعية، ودون رغبة فى الحصول على هذه المعرفة".

ثم يمضى قائلا: "إن الكتاب المقدس يجب أن ينتقل إلى الشخص بالطريقة المناسبة له، فبالرغم من أن الحقيقة واحدة، إلا أننا لا نقوم بإبلاغها بطريقة واحدة لكل من الهندوس والمسلمين، بل إننا أيضًا لا نتبع مع المسلمين طريقة واحدة، ولذلك قد أصبح من الضروري أن نعرف طبيعة الناس وواقعهم، ولكي يتحقق ذلك ونعرفه معرفة جيدة يجب أن نكون بينهم وأن ندرسهم دراسة دقيقة ومتأنية وعميقة".

• معاهد للدراسات الإسلامية:
وقد أشارت هذه الدراسةُ المهمة فى هذا الصدد، إلى أن مختلف مؤسسات التعليم العالي، التي ترتبط بالكنيسة أو تتبعها، تدرس مقررات عن الإسلام، وتجري بحوثًا ودراسات على قدر كبير من الأهمية في هذا المجال، فضلا عن مئات المعاهد ومراكز البحوث والدراسات التي أنشئت خصيصا لهذا الغرض، ويعمل فيها بعضُ المسلمين.. وقد أوردت الدراسةُ وصفًا مختصرًا لبعض النماذج من هذه المعاهد والمراكز وطبيعة النشاط الذى تؤديه، وقد رأينا –لفرط أهميتها- أن نضع المعلومات عنها كاملة أمام القارئ[2] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/2266/#_ftn2).

1- معهد يونتيفيكو للدراسات العربية، ومقره روما في إيطاليا وهو معهد تشرف عليه الكنيسة الكاثوليكية، وأنشئ ليكون أداة من أدواتها فى سعيها نحو المسلمين، ومن ثم يهتم المعهدُ بتوفير جميع الدراسات التي تتعلق بالإسلام، والتي تصلح كقاعدة للمعلومات اللازمة للحوار النصراني الإسلامي، وإلى جانب ذلك فإن مهمة المعهد تمتد أيضًا إلى إعداد دعاة للكتاب المقدس يعملون بين المسلمين، وليس مجرد خبراء في اللغة العربية والدراسات الإسلامية.

والدراسة في هذا المعهد تستمرُّ لمدة ثلاث سنوات، وتشمل اللغويات والدراسات الإسلامية وحلقات دراسية خاصة بالمهام التي يتضلع بها راعي الأبرشية، ويصدر المعهد دورتين لخدمة أغراضه، تختص واحدة منهما بالتمهيد والدعوة إلى الحوار الذي ينادون به بين المسيحيين والمسلمين.

2- معهد الآداب العربية، ومقره تونس، وترعاه جمعية "الآباء البيض الكاثوليك"، ويقوم بإجراء الدراسات والبحوث، وتوفير المواد والمعلومات الخاصة بالمشكلات والموضوعات الثقافية والاجتماعية للعالم الإسلامي، أما هدف المعهد من ذلك فهو إعداد المتخصصين المتمكنين في اللغة العربية والإسلاميات، وتزويدهم بخلفية ثقافية عامة في كل ما يهم العالم العربي.


ويضم هذا المعهد عددًا من الأساتذة "القساوسة" الذين خدموا فى تونس لسنوات طويلة، ومن ثم يرتبطون بعلاقات وثيقة مع الناس فيها، كما يضم مكتبتين إحداهما على مستوى طلبة الجامعة وتضم حوالي 25000 كتاب، والأخرى على مستوى تلاميذ المدارس، كما يصدر دورية وعددًا من النشرات والكتب التنصيرية.

3- المركز النصراني لدراسات شمال أفريقيا، وكان مقره الجزائر، وقد أغلقته الحكومة الجزائرية عام 1969م.

4- مركز دراسات العالم العربي الحديث، وهو مركز يتبع جامعة سان جوزيف "القديس يوسف" فى بيروت، وترعاه الكنيسة الكاثوليكية والجامعة اليسوعية، ويتخصص في إجراء الدراسات والبحوث التي تُعنى بالتغيرات الاجتماعية والثقافية في العالم العربي، مع التركيز على المظاهر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للتحديث وأثر ذلك في الإسلام، كما يجري المركز إلي جانب ذلك مراجعات منهجيه للصحافة العربية في الشرق الأوسط، ويحلل ويوثق محتوى الدراسات العربية الحديثة.

5- معهد الشرق الأدنى للاّهوت، ومقره بيروت في لبنان، وترعاه عدة طوائف نصرانية، وقد أنشئ هذا المعهد لمساعدة النصارى في الشرق الأوسط، خاصة على فهم الإسلام ومعرفته والقدرة على الاتصال مع المسلمين، ويضم ستة أقسام، من بينها قسم الإسلاميات، أما برنامجه الدراسي فيشتمل على تعليم وتدريس اللغة العربية والإسلاميات، ويصدر المعهد الكثير من المطبوعات والدراسات عن الإسلام، إلى جانب دورية "المجلة اللاهوتية".

6- مركز دراسات الإسلام في أفريقيا، ومقره نيروبي في كينيا، وترعاه عدة طوائف نصرانية، وقد أنشئ خصيصًا لتقديم خدماته إلى الكنائس في أفريقيا، وتوفير المعلومات للمنصرين والعاملين في هذه الكنائس، لتساعدهم على فهم أحوال الإسلام والمسلمين فى هذه المناطق، ولهذا فإنه يضم عددًا من الخبراء الإقليميين الذين يقدمون الاستشارات، ويعقدون المؤتمرات المحلية والإقليمية، فضلا عن إجراء البحوث والدراسات الخاصة بالشئون الإسلامية، وتحديد الأساليب المثلى للوصول إلى المسلمين .

7- المركز النصراني للدراسات، ومقره روالبندي فى باكستان، وتشرف عليه عدة طوائف مسيحية، وقد أنشئ لمساعدة الكنيسة فى باكستان على ممارسة عملها فى نشر تعاليم الإنجيل، كما يُعنى بإجراء الدراسات والبحوث فى العقيدتين الإسلامية والنصرانية، والدعوة إلى التقارب بين الإسلام والنصرانية، ويضم المركز مكتبة ضخمة تضم عددًا هائلا من المراجع والدراسات، كما يقوم بتنظيم المحاضرات والحلقات الدراسية والبرامج التدريبية، ويصدر الكثير من المطبوعات.

8- معهد هنري مارتن للدراسات الإسلامية، ومقره حيدر أباد في الهند، وهو معهد ترعاه عدة طوائف نصرانية، وقد أنشئ بعد أن رأى المنصرون أن آسيا تضم أكبر مجموعة إسلامية في العالم، ومع ذلك فإن الكتاب المقدس لا يصل إليهم بقدر كافٍ، ومن ثم فقد فتح هذا المعهد أبوابه لكل من له اهتمام بالعمل التنصيري، وكل من يعمل في وسط المسلمين، وكل علماء النصارى والمسلمين، ولجمهور المسلمين أيضا، انطلاقًا من أن ذلك يعد خيرَ عون للكنيسة فى تحقيق وإنجاز واجبها التنصيري، فضلا عن إمكانية التقريب بين المسلمين والنصارى، وخلق وجهات نظر وفهم مشترك بينهم.

ولهذا فإن نشاط المعهد يتنوع تنوعًا هائلا، فيشتمل على إقامة برامج تدريبية في الكنائس والمعاهد، وعقد دورات دراسية بالمراسلة للنصارى والمسلمين، وإجراء ندوات وحلقات دراسية مشتركة، فضلا عن دعوة علماء المسلمين لإلقاء المحاضرات، وإجراء حوار ومناقشات واسعة معهم.

9- مركز أبحاث دانسلان: ومقره مدينة إليجان في الفلبين، وترعاه كلية "دانسلان" التابعة لكنيسة المسيح الموحدة، وقد أنشئ هذا المعهد خصيصًا لدراسة المسلمين الفلبينيين وثقافتهم، وأساليب تقريب وجهات النظر بين المسلمين والنصارى، وهو يُعنى بإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالإسلام والمسلمين في الفلبين، وتعميم هذه المعلومات، وتنظيم المؤتمرات والحلقات الدراسية، وتنظيم دورات صيفية لمدرسي المدارس، واقتراح المشروعات المتعلقة بتقديم الخدمات الاجتماعية، إلى جانب إصدار عدد من المطبوعات الدورية والنشرات.

10- مركز دنكان ماكدونالد لدراسة الإسلام والعلاقات النصرانية الإسلامية، وترعاه مؤسسة "هارتفورد" النصرانية بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان هذا المركز من قبل واحدًا من أقسام مدرسة كنيدي للأعمال التنصيرية.

وقد أنشئ هذا المركز لتحقيق غرضين: الدراسة الأكاديمية للإسلام، وتنمية العلاقات النصرانية الإسلامية، ويدخل في هذا المجال الاهتمام بالجوانب التاريخية واللاهوتية للعلاقة، وتشمل البعد التنصيري ووجهات النظر المختلفة حول الموضوع، ومن ثم تتعدد نشاطات المركز وتتنوع على النحو التالي:

- عقد المؤتمرات والحلقات الدراسية والمحاضرات حول الإسلام والعلاقات النصرانية الإسلامية، تلبية لطلب المجموعات والمنظمات النصرانية والإسلامية المختلفة والكنائس والجامعات.

- إجراء البحوث والدراسات.

- إصدار مجلة "العالم الإسلامي" التي تعد أهم المطبوعات الدورية في مجال التنصير.

- التعاون مع مؤسسة هارتفورد النصرانية وجامعة ماكجيل في مونتريال، لتقديم برنامج للحصول على الماجستير والدكتوراه في الدراسات الإسلامية.

- إعداد دورات توجيهية قصيرة في العلاقات النصرانية الإسلامية للأشخاص الذين يريدون قضاء بعض الوقت في العالم الإسلامي، أو الذين يهتمون بموضوع الحوار (المسيحي الإسلامي).

- الاتصال بالكنائس والمؤسسات الإسلامية في البلاد الأجنبية.

- عقد دورات تعليمية بالمراسلة.

- إصدار المطبوعات، وإنتاج المواد التعليمية والإعلامية المسموعة والمرئية.

أبو مريم السني
2012-12-24, 01:42 AM
• معهد زويـمر:
وبالإضافة إلى سلسلة المعاهد التي أوردها "رولاند ميلر" في بحثه السالف، يأتي معهد آخر من أهم معاهد التنصير في العالم، وهو معهد زويمر للدراسات الإسلامية، الذي له أثر حيوي وخطير في هذا المجال، فهذا المعهد يحمل اسم القسيس "زويمر"، الذي كان رئيسًا لإرسالية التبشير العربية في البحرين، والذي كان وراء فكرة عقد مؤتمر عام يجمع إرساليات التبشير البروتستانتية للتفكير في مسالة نشر الإنجيل بين المسلمين، ثم أخيرا صار رئيسًا لهذا المؤتمر الذي انعقد في القاهرة، يوم الرابع من إبريل عام 1906م.

ويقع هذا المعهد فى ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وينطلق فى أهدافه وخططة من فكرة تحريضية يشير إليها فى كل مطبوعاته قائلا: "واحد من كل خمسة من الناس فى العالم مسلم، ومن المفجع أن يوجد فقط مبشر واحد بين كل مليون من المسلمين.. والمسلمون يعرفون الله ويحبونه، لكنهم لا يعرفون المسيح ولقد خصص معهد "زويمر" لإيقاظ الكنائس إلى هذا المجال التنصيرى الواسع.. إن الوصول إلى المسلمين بالمسيحية ليس مستحيلا؛ إنه يحدث اليوم.. وإن ما بالحقول قد استوى وحان قطافه، والله قد لمس قلوب الكثيرين للاستعداد لهذا القطاف".

ومن هذا المنطق يقوم برنامج هذا المعهد "ويطلق عليه برنامج المشاركة فى حب الله" على الأسس التالية:
1- إيقاظ وتنشيط الكنائس.
2- تنظيم الندوات التي تعرض وتناقش كل ما يتعلق بالمسلمين واهتماماتهم، وقد شهد هذه الندوات، وتدرب بواسطتها، حوالي خمسة آلاف شخص من أمريكا الشمالية واليابان وسنغافوره وأستراليا وكوريا وتايلند وباكستان والدانمارك والهند وبريطانيا.
3- تزويد الكنائس بالدراسات والبحوث والمعلومات الخاصة بالمسلمين في المناطق التي تحتاج إلى نشاط تنصيري، وفي هذا المجال يتعاون المعهد مع مراكز البحوث التنصيرية الأخرى فى أنحاء كثيرة من العالم.
4- دعم الإرساليات والجامعات التنصيرية، وتزويدها بالعناصر الخبيرة المدربة من الرجال والنساء الذين أعدوا للعمل بين المسلمين فى جميع أرجاء العالم.
5- تدريب وإعداد المنصرين والراغبين فى هذا العمل من الرجال والنساء وإعطاء أولويات خاصة للراغبين منهم فى العمل بين المسلمين وفى مناطق العالم الإسلامي.
6- عقد برامج تدريبية قصيرة متعددة الثقافات، في شكل رحلات إلى مناطق العالم الإسلامي.
7- إنتاج المواد الإعلامية والتعليمية التنصيرية (كتب- أفلام- أشرطة- نشرات-دوريات) وعرضها للبيع.
8- إيفاد أعضاء هيئة التدريس العاملين بالمعهد إلى الكنائس للتعليم والوعظ (مقابل أجر).
9- يخصص المعهد برنامجين للماجستير والدكتوراه فى التنصير للراغبين فى الدراسة على هذا المستوى.
10- يعقد المعهد دورات قصيرة تدرس خلالها مواد: (مدخل إلى الإسلام - التبشير الإسلامي- الإسلام التقليدي- زرع كنيسة بين المسلمين).
ويتلقى معهد "زويمر" مبالغ ضخمة فى شكل هبات وتبرعات ومنح واشتراكات، تقدمها الهيئات والمنظمات التنصيرية والكنائس والأفراد، فضلا عن الأوقاف الخيرية التي تخصص له والاستثمارات المالية والعقارية.

• المنظمات التنصيرية:
وبعد معاهد ومراكز التنصير تأتي المنظمات التنصيرية، إذ يحرص المنصِّرون كل الحرص على تكوين الكثير من المنظمات التنصيرية في كل دولة يعملون فيها ويوجهون إليها إرسالياتهم حتى يتحقق التنظيم المطلوب لهذا النشاط، وتقوم هذه المنظمات بالتخطيط له ومتابعة مشاريعه وخططه وأهدافه وإنجازاته، والأمثلة على هذه المنظمات كثيرة ومتعددة؛ ففي دول العالم أجمع تعمل منظمة "دائرة تنصير الشعوب"، ومقرها الفاتيكان عاصمة النصرانية، ويبلغ عددُ المدارس والمعاهد التي تشرف عليها هذه الدائرة 58 ألف مدرسة و26 ألف معهد وجامعة، وقد بلغ عدد المدرسين العاملين في المدارس التابعة لهذه المدرسة 417 ألف مدرس ومدرسة، وتدبر الفاتيكان الأموال اللازمة لتشغيل هذه المدارس، وكذلك المستشفيات والمعاهد التابعة لهذه المنظمة.

وفى ليبيريا الآن حوالي 500 منظمة تنصيرية، وقد بدأت هذه المنظمات تكشف عن أنيابها السامة لافتراس الضحية المسلمة، وفى المنطقة العربية تعمل عدة منظمات تنصيرية مسجلة، منها[3] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/2266/#_ftn3):
1- منظمة عملية التعبئة وزمالة الإيمان من أجل المسلمين.
2- إذاعة عبر العالم.
3- اتحاد إذاعات الشرق الأدنى.
4- لجان لوزان للتنصير العالمي.
5- مركز الشباب اليافعين.

وفي منظمة الخليج العربي تعمل ثلاث منظمات تنصيرية، هي[4] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/2266/#_ftn4):
1- جمعية مبشري الكنيسة.
2- الاتحاد العالمي للكنائس.
3- الإنجيل والزمالة الطبية للمبشرين.

أما جمعيات التنصير البروتستانتية التي تعمل في منطقة الخليج فتبلغ ست جمعيات مسجلة، هي:
1- A.M العالمية.
2- كنيسة الإصلاح في أمريكا.
3- كنيسة مشايخ الإنجيل.
4- كنيسة المشايخ في أمريكا.
5- بعثة التحالف الإنجيلي.
6- الحملة الصليبية الإنجيلية عبر العالم.
وفي أفغانستان -ونتيجة للصراع الذي دام سنوات طويلة وما ترتب عليه من كوارث وهجرة- تعمل أكثر من 103 منظمة إغاثة صليبية في أوساط اللاجئين الأفغان في باكستان وداخل أفغانستان، في مقابل 12 منظمة إسلامية فقط تعمل في العمل الإغاثي..

ومن هذه المنظمات التنصيرية[5] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/2266/#_ftn5):
1- اللجنة السويدية للإغاثة: وتمثل الكنيسة السويدية، وقد بلغت ميزانيتها 169 مليون روبية، وعدد المشروعات التي تعمل فيها 14 مشروعًا و44 مدرسة في تسع محافظات، ولها نشاط ملحوظ في المجال الطبي والتعليمي، وتفرض نفوذها على أربعة آلاف تلميذ في المرحلة الابتدائية.

2- منظمة الاعتقاد الأمريكية العالمية: وتبلغ ميزانيتها 145 مليون روبية، وعدد المشروعات التي تعمل فيها 18 مشروعا و13 مدرسة في بشاور وكوهات. ولها نشاط ملحوظ في إعداد برامج التعليم، وأغلب العاملين فيها من الباكستانيين المسيحيين، ويرأس نشاطَها في أفغانستان مسيحي حبشي، وتقدم العون والدعم لعدد كبير من المدارس من خلال شراء الكتب وصرف مرتبات المعلمين.

3- اللجنة النمساوية للإغاثة (C.R.A): وهي تمثل الكنيسة النمساوية، وتبلغ ميزانيتها 67 مليون روبية، وعدد المشروعات التي تعمل فيها 30 مشروعًا فى أفغانستان وباكستان، ولها نشاط في الرعاية والتعليم والصحة ومركز التأهيل المهني في مخيمات المهاجرين في باكستان، ولها سيارات إسعاف ومراكز للطوارئ الصحية.

4- مؤسسة العون الكنسي العالمي (A.C.I): وهي تابعة لمجلس الكنائس العالمي، وتبلغ ميزانيتها 25 مليون روبية، وتعمل في 50 مشروعًا ما بين مدارس ومستوصفات.

5- مؤسسة العون الأفغاني البريطانية (D.A.A): وهي تابعة للكنيسة الإنجليكانية، وتبلغ ميزانيتها 123 مليون روبية، وتعمل في 40 مشروعًا في أفغانستان وباكستان، ونشاطها يتركز على التعليم والصحة وإنشاء المدارس والعمل الاجتماعي والزراعة.

6- المؤسسة النرويجية للإغاثة: وتعمل في 30 مشروعًا في الخدمات الصحية والإغاثة.

7- مؤسسة العون الكنسي النرويجية: وتعمل في 20 مشروعًا في الخدمات الصحية والتعليم.

8- مؤسسة (C.R.N) الأمريكية: وتبلغ ميزانيتها 70 مليون روبية، وتعمل في 30 مشروعًا ما بين الصحة والتعليم.

9- مؤسسة تيم الأمريكية التابعة للكنيسة الأمريكية ومقرها باكستان: وتبلغ ميزانيتها 125 مليون روبية، وتعمل في 50 مشروعًا، تجمع بين الخدمات الصحية وإنشاء المعاهد والمدارس وطباعة الأناجيل.

10- منظمة زولاك التابعة للكنيسة الهولندية: وتبلغ ميزانيتها 28 مليون روبية، وتعمل في 18 مشروعًا ما بين الخدمات الصحية ورعاية المعوقين والأطفال وتطوير الزراعة.

11- مؤسسة الاعتقاد الكندية العالمية التابعة لمجلس الكنائس العالمي: التي تعمل في الصحة والتعليم.

وهذه المنظمات التنصيرية مجرد نماذج فقط لآلاف المنظمات العاملة في أفغانستان، وفي غيرها من الدول الإسلامية وغير الإسلامية.

وسوف نواصل حديثنا عن مخطط التنصير وخططه وأساليبه في العالم الإسلامي في مقالات قادمة إن شاء الله.

ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــ
[1] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/2266/#_ftnref1) حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر – أحمد عبد الوهاب – مكتبة وهبة – الطبعة الأولى – القاهرة 1981م.
[2] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/2266/#_ftnref2) الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى المسلمين العرب – د. كرم شلبي – مكتبة التراث الإسلامي – الطبعة الأولى – القاهرة 1991م.
[3] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/2266/#_ftnref3) الزحف إلى مكة- د. عبد الودود شلبي- دار الزهراء للإعلام العربي - الطبعة الأولى - القاهرة 1989م.
[4] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/2266/#_ftnref4) المرجع السابق.
[5] (http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/2266/#_ftnref5) جريدة العالم الإسلامي – مكة المكرمة – العدد 1149 – 20 جمادى الأولى 1410هـ.

رابط الموضوع

http://www.majles.alukah.net/Spotlight/10928/2266/#زويمر#ixzz2FusxFYI7

أبو مريم السني
2013-01-28, 05:43 PM
الموقف الإسلامي المطلوب تِجاه ظاهرة التَّنصير
محمد السروتي
لا شكَّ أنَّ الحديث عنِ الموقف من ظاهرة التَّنصير لا يُمكِنُ تناوله إلاَّ من خلال إطاره العام، المُتَجَسِّد أساسًا في نظرة الدين الإسلامي للآخر المسيحي خاصَّة، بدءًا منَ القرآن الكريم والسنَّة النَّبويَّة ووصولاً لنماذج من نوازل فقهيَّة عالجتْ قضايا العَلاقات بين الطَّرفين في جوانب مختلفة جسّدت فيها المعالم السَّامية للتَّعامُل الإسلامي مع هذا الآخر في إطار المنظومة الإسلاميَّة، ويمكن التَّمثيل في هذا الصَّدد ببعض النَّوازل الفقهيَّة التي نافَحَتْ في الحِفاظ على المَوْرُوث المسيحي الذي يجده المسلمون في بلدٍ ما، ومنه رأيٌ أورده الونشريسي في "المعيار المعرب" نسبه إلى أبي العباس أحمد بن محمد بن زكريا يقول فيه: "هدم الكنائس لا يَجوز بِمُقْتَضَى الشَّريعة المحمديَّة على رأي المُحقِّقين في الفقه المالكي... ولهذا يقول أبو الحسن اللخمي وابن القاسم: إنَّ القديم من الكنائس يُتْرَك ولا يُهْدَم"، وتعدَّدت هذه النَّماذج في كثيرٍ منَ المصادر النَّوازلية كـ "المعيار" للونشريسي، و"أحكام قضايا أهل الذمَّة" لأبي الأصبغ بن سهيل.

الغاية من هذه الإشارة التَّنبيه إلى أمر أساسٍ هو: أنَّ علاقة الإسلام بالنَّصرانيَّة علاقة مركَّبة، لا تنكر وجود عيسى - عليه السَّلام - ولا عُذْرِيَّة والدته ولا معجزاته، أو تلك التي أجراها الله له، ولا تعاليمه ولا قيمه؛ ولكنَّها في الوقت ذاته تنكر تأليهه والغُلُوَّ في تقديسه، وتنكر ما تسرَّب إلى ذلك الدين من عقائد وثنيَّة مُشْرِكة واضحة، ومعها مذاهب فلسفيَّة غامِضة، أصحبت تُهَدّد كيان الأمَّة، وتَعْصِف بها من خلال المَوْجَات التَّنصيريَّة التي أصبحت تشهدها مختلف الأقطار الإسلاميَّة... وباستحضار هذه العَلاقة يمكننا رَصْد المَوَاقف المُتَّخذة مِنْ ظاهرة التَّنصير؛ وذلك باعتبارها أساسًا جهدًا كنسيًّا يقوم به الدُّعاة النَّصارى لإدْخال الشُّعوب في الديانة النَّصرانيَّة. وعليه؛ يمكن تصنيف المواقف من ظاهرة التَّنصير إلى ثلاثة مواقف أساسيَّة هي:
- موقف تهويني: من هذه الظَّاهرة اعتمادًا على مبشّرات قرآنيَّة، وسُنَن تاريخيَّة وواقعيَّة، فمن القرآن قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، ومن التَّاريخ يقول أنور الجندي في كتابه "الإسلام وحركة التاريخ": "من أبرز سنن التاريخ الإسلامي القدرة على الخروج من دائرة الضَّعف والتَّخلف، بالتِماس جوهر القيم الأساسيَّة". ومنَ الواقع يقول "منَ الصُّعوبة بمكانٍ أن يرتدَّ مسلم عنِ الإسلام إلى النَّصرانيَّة كما أنَّه منَ الصُّعوبة بمكان أن يرتدَّ طالب جامعي إلى التَّعليم الابتدائي، أو يتحوَّل عالم ذرَّة إلى العمل بمعبد هندوكي… إنَّ المُستوى الذي يبلغه المسلم في مجال العقيدة ومعرفة الله، يتجاوز بمراحل شاسِعة المستوى الديني الذي يقف عنده اليهود، والنَّصارى… ومِن ثمَّ فلست أخاف على الإسلام من جهود المُنَصِّرِينَ مهْمَا اشتدَّت، فهي إلى بوار"، و"زويمر" أحد أقطاب المُنَصِّرِينَ نفسه يُعْلِنُ بِصراحة صعوبةَ تنصير المسلمين، وذلك حين يقول: "الذي نُحاوله من نقل المسلمين إلى النَّصرانيَّة هو أشْبَه باللَّعب منه بالجد، فلتكُنْ عندنا الشَّجاعة الكافية لإعلان أنَّ هذه المحاولة قد فشلت وأفلست".

لكنْ هل هذه المبشرات كافية للتَّهوين منَ الظَّاهرة وصَرْف النَّظر عن دارسة أبعادِها والوقوف على تَجليَّاتها؟ إنَّ ما يتناساه أصحاب هذا الموقف في نظري هو الفرق بين "حفظ الله لدينه" وهو ما تعهَّد به الله سبحانه، وبين إقامة هذا الدين، ليتحوَّل من "وحي محفوظ" إلى واقع مُتَجَسِّد في الحياة، له السيادة والظُّهور على شَرائع الضَّلال والانحراف... وهذه مسؤولية المسلمينَ الذين يُقِيمون الدِّين على أرضِ الواقِع.

- وفي المقابل هناك موقف تَهويلي مِن خَطَر هذا المُخَطَّط إلى الحدّ المزعج المانع من التَّفكير السَّليم والتَّدبير الإيجابي، ويُسْلِمُ إلى اليأس والقنوط، وذلك بالانطلاق من الواقِع المُعاش، فالحالة حالة ضَعْف وانكِسار وتبعيَّة، وإضافة إمكانيَّات ووسائل الحركة التَّنصيريَّة على هذا الواقع تَجعَلُ الأَمْر مرضًا مزمنًا لا فِكاك منه، ولا تُجْدِي مَعَهُ أيَّة آليَّات أو وسائل لمقاومة هذه الحركة التَّنصيريَّة.

ويتناسَى أصحاب هذا الموقف بدورهم أمرين أساسيَّين هما:
أوَّلاً: أنَّ المُخطَّط التَّنصيري "حلم مجنون" تصاعد ضد الصَّحوة الإسلاميَّة؛ خوفًا من انتقالها إلى الغرب، وثانيًا: أنَّ سمة المخطَّط التَّنصيري تنطلق منَ الهُرُوب من حقيقة الإسلام ورسْم الطرق للالتفاف حوله لاختراقه باسمه وتحت مظلَّته.

- أمَّا الموقف الوسطي: فهو الذي لا يستهين بمخاطر المُنَصِّرين؛ ولكن دونما تهوين يوقع في الغَفْلة عنِ الخَطَر وهو حقيقي، ودونما تهويل يوقع في اليأس والقنوط.

وفي إطار الموقف الوَسَطي يُمْكِننا الحديث عنِ الآليَّات والوسائل لمُوَاجَهة الحركة التَّنصيريَّة، بَيْدَ أنَّ اللَّوم أساسًا لا يقع إلاَّ على المسلمين أنفسهم؛ لتَقْصيرهم في خِدْمة الإسلام على كافَّة المستويات، قبل أن يقع على الآخرين.

غير أني أرى أنَّ الرهان الأكبر والأكثر جديَّة في سِياق تمتين مناعة الذَّات المغربيَّة إزاء مثل هذه الظَّواهر ينطلق أساسًا من تحصين الفرد ضد كل أنواع التَّجْييش التي تحوله إلى جزء من "قطيع" ينساق وينقاد من بعيد، وضرورة حمايته من كل الأنماط التي تعمل على تهييئه ليصبح موضوعًا مطيعًا للتَّحكم الذهني والنَّفسي، وهنا تأتي دور كل الفعاليات المُسْهمة في إعداد ثقافة الإنسان، بدءًا منَ الأسرة ومرورًا بمنظومة التَّربية، ووصولاً للمراكز العلميَّة المتخصصة.

ولكن نُسجّل بأسف تقاعُس جلّ المَعْنِيِّين بالأمر (علماء، وسلطة) للحَدِّ مِن فاعلية الظَّاهرة؛ بل والعجيب أنَّ السلطات الرَّسميَّة التي اعتادتْ إحصاء أنفاس مواطنين بعينهم، إمَّا لمواقفهم السياسيَّة أو الجمعوية... تظهر كما لو أنَّها تغض الطَّرف عن واقع غير طبيعي... لغايات غير معروفة.

وفي الوقت ذاته لا نبخس في هذا الصَّدد مجهودات بعض المؤسَّسات التي أخذت على عاتقها توعية الأفراد بخطورة الظَّاهرة وتجليَّاتِها التي تنعكس سلبًا على مختلف أفراد المجتمع، وكذا مختلف المنابر الإعلاميَّة التي خصَّصت ملفَّات لرَصْد الظَّاهرة؛ لكن تبقى السِّمة المُشتَركة بين جُلّ المَجهودات رسميَّةً كانت أو غير رسميَّةً، تشترك في كونها لا تتجاوَز الطَّابع "المَوْسِمي" في أغلَبِ الحالات، وبالتَّالي لا تعدو أن تكونَ سِوى ردَّة فعل.

وللإشارة فإنَّ العُلماءَ ليسوا وحْدَهُم مَن يَجِبُ أن يُسْأَل؛ بل إنَّ المسؤوليَّة تَقَعُ على الجميع؛ أفرادٍ وجَماعات، فأهميَّة وخطورة الموضوع تكْمُن في كونه يمس جانبًا حسَّاسًا يتحدَّد انطلاقًا منه جزء مهم منَ النَّسيج الذي يعتقد المسلمون أنَّه يكوِّن هويتهم الاجتماعيَّة.

وفي الختام، نرى أنَّ مُتابعة ورَصْد الظَّاهرة، أمرٌ بالِغ الأهميَّة في الوُقُوف على طبيعتها وتجليَّاتها في مُختلف المَنَاطِق، فما المانع مثلاً مِن تشكيل خلايا لِرَصد وتتبُّع تجليات الظَّاهرة تابعة لوزارة الأوقاف الإسلاميَّة؟! خصوصًا وأنَّها تتغلغل بشكل منظَّم، وليست مجرَّد جهود فرديَّة.

إذًا، كيف يُمكِنُنا أن نتحدَّث عن علاج للمرض في غياب شِبْه تامٍّ للتَّشخيص؟! تشخيص منَ المفروض أنْ يقوم به باحِثون مُختصُّون؛ بَيْد أنَّ واقِع الحال لا يسر، فجُلّ المُشتغلين في تتبُّع ورَصْد الظَّاهرة يعتمدون على إمكانيَّات ذاتيَّة تصطدم بعبقات وعراقيل لا حدَّ ولا حصر لها، تَجعلهم أحيانًا بين مطرقة السلطة (بِصَمْتِها المُريب)، وسندان الظَّاهرة (بسريتها التَّامَّة)!!

رابط الموضوع
http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2694/#ixzz2JHUE6fQo

أبو مريم السني
2013-01-28, 05:47 PM
نتائج التنصير في إندونيسيا
سميرة القحطاني
موضوع التقرير: نتائج التنصير في إندونيسيا
إشراف الدكتور الفاضل: خالد القاسم

التعريف بإندونيسيا:
تقع إندونيسيا في الجنوب الشرقي من قارة آسيا بين المحيط الهادي والمحيط الهندي، ويمر بوسطها خط الاستواء، وتعد أكبر أرخبيل في العالم؛ إذ تضم 17,000 جزيرة وينقسم الأرخبيل الإندونيسي إلى أربع وحدات جغرافية هي:
1- الوحدة الأولى: وتضم الجزر العظمى وهي: سومطرة وجاوة وبالي.
2- الوحدة الثانية: وتشمل الجزر الأصغر مساحة وأهمها جزر الجنوب الشرقي التي تمتد من لومبوك إلى تيمور.
3- الوحدة الثالثة: وتشمل جزر الملوك مثل أمبون ومجموعة من الجزر الصغيرة، وعرفت هذه الوحدة قديمًا بجزر التوابل أو البهار.
4- الوحدة الرابعة: وتمثلها إيريان جايا.
وتقع إندونيسيا بين قارتي آسيا وأستراليا وعاصمتها جاكرتا[1] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftn1).

الأديان في إندونيسيا قبل الإسلام:
كانت المعتقدات التي ذكرها المؤرخون في إندونيسيا هي ما تسمى بالأنيسية الأرواحية، ومعناها أن كل شيء في الكون روح؛ مما أدى إلى عبادة آبائهم وأجدادهم اعتقادًا منهم بأن أرواحهم أقوى أثراً، ولهذا كانوا يقدسون المقابر والحيوانات المفترسة.

ثم كانت أول ديانة أجنبية دخلت إلى إندونيسيا هي الديانة الوثنية الهندوكية[2] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftn2)، عندما بدأت العلاقة بين الهندوس والإندونيسيين في القرن الثالث الميلادي، ثم انتشرت الديانة البوذية[3] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftn3) ويعتقدها بعض الهندوكيين أنفسهم، ثم دخلت الديانة الكنفوشيوسية[4] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftn4) عن طريق الصينيين المهاجرين، ولكن انتشارها بالنسبة للديانتين المذكورتين كان ضئيلا[5] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftn5).

تاريخ الإسلام في إندونيسيا:
لقد انتشر الإسلام في شرق آسيا منذ القدم، وهذا بفضل من الله ثم بفضل الدعاة، والتجار المسلمين كما نجد أن صلة العرب بإندونيسيا قد بدأت في القرن الثاني الميلادي أي قبل البعثة النبوية بخمسة قرون، وقد استمرت هذه الصلة تتصاعد حتى أصبح العرب هم سادة التجارة في المنطقة، بلا منازع[6] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftn6).

ولقد ذكر ذلك الدكتور عبد الرءوف الشلبي في قوله: (تؤكد الوثائق المكتوبة باللغة الصينية أن الإسلام دخل إلى جزر الملايو في القرن الأول الهجري - السابع الميلادي)[7] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftn7).

وقال الدمشقي: (إن المسلمين وصلوا في زمن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقال: إن العلويين الذين هربوا من ظلم بني أمية والحجاج بن يوسف جاءوا ودخلوا بحر الزفتي في سومطرة واستوطنوا جزيرة عرفت باسمهم إلى الآن)[8] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftn8).

كما نجد أن 25% وقيل 30% من مفردات اللغة الإندونيسية الرسمية الملايوية مقتبسة من اللغة العربية، مع أنها تحارب من قبل المستعمرين مع محاولة وضع اللاتينية بدلا من العربية إلا أنها ما زالت ولله الحمد إلى يومنا هذا لدى أهل إندونيسيا، كما أنه يوجد لديهم أبيات شعر كتبت بالعربية على بعض القبور الإندونيسية منذ مئات السنين، وهذا دليل على دخول العرب والمسلمين منذ القدم إلى إندونيسيا[9] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftn9).

عوامل انتشار الإسلام في الجزائر الإندونيسية:
منها:
1- عامل سياسي داخلي: إذ حصل نزاع بين الممالك الهندوكية والبوذية في جاوة وسومطرة مما أدى إلى ازدياد نفوذ إمارات بينها وبين تجار المسلمين علاقات قوية، وبذلك تمكن المسلمون من الانطلاق بالدعوة الإسلامية ونشرها بتأييد من تلك الإمارات.

2- عامل سياسي خارجي: وذلك حينما تعرض المسلمين من المغوليين -حكام الصين- إلى بعض الأذى؛ فاضطروا إلى السفر إلى إندونيسيا، ومن ثم نشروا في إندونيسيا الإسلام.

3- عامل اجتماعي: إذ يتميز الإسلام بالمساواة والإخاء والعدالة مما جعل الكثير من الإندونيسيين يدخلون في الإسلام ويتخلصون من البراهما الذين يحتقرون أهل إندونيسيا ويعدونهم من الطبقات الدنيا[10] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftn10).

تاريخ وطرق التنصير في إندونيسيا:
1- كان الاستعمار الهولندي حريصاً على تكوين جاليات نصرانية محلية مضمونة الولاء، ومع خروج المستعمر عام 1945م -بعد استعمار طال لمدة ثلاثة قرون ونصف قرن- استمر النشاط التنصيري، واعتمد على التحالف مع النخبة العلمانية الحاكمة التي تسلل إليها النصارى.

2- تميز النشاط التنصيري في إندونيسيا بسعة انتشاره؛ فقد حاول اختراق صفوف المسلمين، وتمكن من استمالة بعض ضعاف النفوس الذين ارتدوا عن الإسلام، وحاولوا التأثير في المسلمين عن طريق تقديم الخدمات المادية مستغلين انتشارَ الجهل وخرافات الصوفية، وقد وصلت وسائل التدليس إلى حد نشر أشرطة للإنجيل مرتلة باللغة العربية للإيهام بأنه من سور القرآن، وإلى بناء كنائس في قلب الأحياء الإسلامية وشراء الأراضي المتميزة الموقع بأسعار باهظة الثمن وتبني أولاد الفقراء من المسلمين، واستغلال الملاجئ ودور الحضانة، ومنع مدرسي الدين الإسلامي من شرح آية قرآنية للتلاميذ المسلمين تتعلق بالمسيح. كما أنشأ مراكز لتدريب المبشرين في لاونج شرق جاوة وتمكن المنّصرون من تنصير قرية مسلمة في بونوروجو بشرق جاوة. إلى غير ذلك من الحيل والوسائل[11] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftn11).

ومع ذلك فإن إندونيسيا تعد أكبر دولة إسلامية في العالم؛ ونسبة المسلمين فيهم أكثر من 90%، والنصارى 7%، وقد نقصت نسبتهم كثيراً بعد انفصال تيمور الشرقية، وحوالي 2% هندوس، 1% بوذيون، وحوالي 1% ديانات أخرى وثنية.. أما المجموعات العرقية فهي تتوزع بين الجاويين 45% والسندان 14%، والماليزيين الساحليين 5,7%، والمادوريين 5,7% وجميعهم مسلمون تقريباً.

النشاطات التنصيرية في إندونيسيا:
1- مؤسسة دولوس العالمية في إندونيسيا، وهي الأكبر في جنوب شرقي آسيا، وقد تأسست هذه المنظمة للتنصير في عام 1985م وسط مجتمع المسلمين في منطقة جيبايونج، ومنها انطلقت المؤسسة لبدء مشاريع التنصير في أنحاء إندونيسيا، ومنها أنشئت جامعة المنصرين وتم تجنيد 2500 شخص للوصول إلى أهدافهم التنصيرية.

2- مؤتمر لندن عام 1989م: أصدرت مجلة بوكوس من لندن ناقلة عن مؤتمر المسيحيين المنعقد في يناير 1989م وحضره نحو 300 مندوب من خمسين دولة، وقد قرروا أنه لا بد من نشر الإنجيل في كل أرجاء البلدان وأهمها إندونيسيا.

3- مؤسسة نور المحبة: التي تشبه نشاطاتها ما يقوم به المركز المسيحي (نيجيميا) برئاسة سورادي ين أبراهام، ويؤكد رومانوس، وأيدي، وإيرينا الذين أسلموا بعد أن كانوا منصرين بأن مركز سورادي مركز يدعمه اليهود.

4- مؤسسة الرحمة والشتات التي تصدر مئات الآلاف من الكتب والنشرات التنصيرية التي أدخل فيها بعض الآيات القرآنية للتمويه بين صفوف المسلمين[12] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftn12).

أسباب نجاح حملات التنصير في أجزاء إندونيسيا:
1- أسباب اقتصادية: إذ إن جميع المؤسسات الاقتصادية المتحكمة في الاقتصاد الإندونيسي تقع بغير استثناء في قبضة النصارى الصينيين، وعلى سبيل المثال: فإن الحكومة إبان النهضة الاقتصادية العامة في جنوب شرق آسيا، في السنوات العشر الأخيرة أقرت في أكتوبر عام 1988م قانونَ تنظيم البنوك الأجنبية، والخاصة، ومنذ ذلك التاريخ وحتى ديسمبر 1995م تم تأسيس 165 بنك خاص، ولهذه البنوك 3458 منفذ بنكي غالبيتها بأيدي النصارى.
مثل البنك المركزي لآسيا، وبنك بالي، وبنك النيجا أو البنوك الأجنبية مثل: بنك أمريكا، بنك طوكيو،وغيرها.

2- أسباب اجتماعية: تتعلق بحرص الحكومة الإندونيسية بإلحاح على ضرورة تنظيم النسل، ولا شك أن الكثير من المسلمين -نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة- سرعان ما يستجيبون لهذه الدعايات التنصيرية.

3- التدخلات الأجنبية في مقابل موقف الحكومة السلبي؛ إذ نجدها تقف موقف المتفرج أمام عملية مجازر الداياك.

4- أسباب عقدية: تتمثل في عقيدة الدولة الإندونيسية العلمانية التي لا تلقي بالاً للديانات عند التخطيط، وقد أدت إلى ظلم المسلمين من حيث تعطيل أعمالهم مقابل الاحتفال بالأعياد النصرانية الكثيرة[13] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftn13).
ـــــــــــــــ ــــــــــــ
[1] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftnref1) القاموس السياسي لأحمد عطية ص134.
[2] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftnref2) تشتمل الديانة الهندوكية القديمة على أنواع كثيرة من الآلهة، ففيها آلهة تمثل قوى الطبيعة كالريح والنار وغير ذلك.
[3] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftnref3) البوذية هي فلسفة وضعية انتحلت الصبغة الدينية وقامت على أساس أن بوذا هو ابن الله ومخلص البشرية من مآسيها.
[4] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftnref4) الكنفوشيوسية هي ديانة أهل الصين تقوم على عباده إله السماء وتقديس الملائكة وعبادة أروح الآباء والأجداد.
[5] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftnref5) دخول الإسلام وانتشاره في إندونيسيا حتى القرن السابع عشر للدكتور الحبيشي ص 6.
[6] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftnref6) ينظر إلى التنصير في إندونيسيا رسالة دكتوراه لمغفور عثمان ص40.
[7] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftnref7) كتاب الإسلام في أرخبيل الملايو ص49.
[8] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftnref8) كتاب نخبة الدهر ص132.
[9] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftnref9) ينظر كتاب الإسلام والتعريب سعيد عاشور ص475.
[10] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftnref10) دخول الإسلام وانتشاره في إندونيسيا حتى القرن السابع عشر للدكتور الحبيشي ص 174.
[11] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftnref11) ينظر إلى كتاب التبشير وأثره في البلاد العربية والإسلامية لدكتور أحمد سعد الدين البساطى.
[12] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftnref12) موقع مجلة المجتمع.
[13] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#_ftnref13) موقع مجلة البيان.



رابط الموضوع
http://www.alukah.net/Spotlight/10928/2864/#ixzz2JHWfP4H5

أبو مريم السني
2013-01-28, 05:59 PM
البعد الصليبي لشركة بلاك ووتر (1)إسراء البدر (http://www.alukah.net/Authors/View/Spotlight/817/)


شركة بلاك ووتر السيئة السمعة هي إحدى الشركات الأمنية الأمريكية المعروفة، لكنها برزت بروزًا أكبر بعد أحداث الفلوجة في العراق عندما قام أهل الفلوجة بحرق أربعة من العاملين بهذه الشركة وتعليق جثثهم على الجسر القديم في مدينة الفلوجة نظرًا لما قاموا به من أعمال تنصيرية استفزت المسلمين في العراق إضافةً إلى جرائمَ كثيرةٍ.

هذا العمل أعطى الضوء الأخضر للقوات الأمريكية المحتلة في استباحة مدينة الألف مئذنة (الفلوجة)، وقد كانت الاستباحة بقيادة مرتزقة شركة بلاك ووتر التي ارتكبت أفضح الجرائم التي يندى لها ضميرُ البشرية إن كان لبعضهم ضمير؛ إذ تم قتلُ أبناء الفلوجة دون استثناء ورمي جثثهم في النهر، وكل ذلك كان خلال شهر رمضان المبارك من عام 2005م، ومن هنا اتضح للكثير من العراقيين حقيقةُ تلك الشركات الأمنية ومن بينها بلاك ووتر التي يعرف عن أفرادها أنهم يتجولون في شوارع العراق بسياراتهم الرباعية الدفع ويقتلون المدنيين من العراقيين بدم بارد وهم يستمتعون بذلك, كحادثة النسور (ساحة وسط مدينة بغداد) عندما قتل أفراد بلاك وتر ما يقارب أحد عشر عراقيا وفي وضح النهار عام 2007م وقد طالب العراقيون على إثر ذلك برفع الحصانة عن تلك الشركات ولكن (لا حياة لمن تنادي).

يذكر أن تلك الشركات تمارس عملها في العراق وفق الحصانة التي منحهم إياها الحاكمُ الأمريكي المحتل للعراق بول بريمر بالقرار رقم 17 لسنة 2004م, وعلى أثرها مارست تلك الشركات عملها في العراق بحماية المسئولين الأمريكيين والمسئولين العراقيين في المنطقة الخضراء، إضافة إلى حماية المنشآت الأمريكية، ومن يوم دخولها للعراق ساعدت في قتل الكثير من العراقيين إضافة إلى أعمالها التنصيرية لأن أكثر أفراد شركة بلاك ووتر هم من فرسان مالطا (المؤسسة النصرانية القديمة).

وليس من الغريب أن تكون شركة بلاك ووتر ذات أصول صليبية نظرًا لما ارتكبته من وحشية ودموية في أي مكان دخلت فيه أو أوكلت لها فيها أية مهمة، وهذا يعود بنا إلى أسلوب الوحشية والهمجية نفسه الذي ارتكبته الجيوش الصليبية على مد التاريخ، وما أشبه الليلة بالبارحة.

تعود جماعة فرسان مالطا الدينية التي ينتمي إليها أغلب المرتزقة في شركة بلاك ووتر إلى العصور الوسطى حيث نشأت في جزيرة مالطا وعرفت باسم فرسان القديس يوحنا الأورشليمي، وقد انبثقت عن الجماعة الأم الكبيرة المشهورة باسم (فرسان المعبد) التي كان لها شهرة أيام الحروب الصليبية، وكان أفرادها دائمي الإغارة على سواحل المسلمين.. خاصة سواحل ليبيا وتونس لقربهما من مالطا, بدأ ظهور فرسان مالطة عام 1070م كهيئة خيرية أسسها بعضُ التجار الإيطاليين لرعاية مرضى الحجاج المسيحيين في مستشفى قديس القدس يوحنا قرب كنيسة القيامة ببيت المقدس، وظل هؤلاء يمارسون عملَهم في ظل سيطرة الدولة الإسلامية، وقد أطلق عليهم اسم فرسان المستشفى تمييزاً لهم عن هيئات الفرسان التي كانت موجودة في القدس آنذاك، مثل فرسان المعبد والفرسان التيوتون، والمؤكد أنهم ساعدوا الغزو الصليبي فيما بعد.

وكان عدد الحجاج المسيحيين إلى مدينة القدس قد تزايد في بداية القرن الحادي عشر لاتجاه بعض التجار الإيطاليين إلى الحصول على حق إدارة الكنيسة اللاتينية من حكام المدينة المسلمين، وكان يلحق بهذه الكنيسة مستشفى للمرضى والحجاج يسمى مستشفى "قديس القدس يوحنا"، كذلك استطاع تجار مدينة "أمالفي" 1070م تأسيس جمعية خيرية في بيمارستان قرب كنيسة القيامة في بيت المقدس للعناية بفقراء الحجاج، ومن اسم المستشفى أطلق عليهم اسم فرسان المستشفى (Hospitallers) التي حرفت إلى (الاسبتارية) في اللغة العربية، ولم يلبث أولئك (الاسبتارية) أن دخلوا تحت لواء النظام الديري البندكتي المعروف في غرب أوربا، وصاروا يتبعون بابا روما مباشرة بعد أن اعترف البابا (باسكال الثاني) بتنظيمهم رسميًا في 15 فبراير 1113م، وهكذا أصبح نظامهم يلقى مساندة من جهتين: تجار (أمالفي) وحكام (البروفانس) في فرنسا.

بعد هزيمة الصليبيين في موقعة حطين عام 1187م على يد صلاح الدين الأيوبي هرب الفرسان الصليبيون إلى البلاد الأوربية.

وبسقوط عكا 1291م وطرد الصليبيين نهائيًا من الشام اتجهت هيئات الفرسان إلى نقل نشاطها إلى ميادين أخرى؛ فاتجه الفرسان (التيوتون) نحو شمال أوربا حيث ركزوا نشاطهم الديني والسياسي قرب شواطئ البحر البلطيكي، ونزح (الداوية) أو فرسان المعبد إلى بلدان جنوب أوربا وخاصة فرنسا حيث قضى عليهم فيليب الرابع فيما بعد (1307-1314م).

أما فرسان الهوسبتالية فقد اتجهوا في البداية إلى مدينة صور ثم إلى قبرص، ومن قبرص استمروا في مناوشة المسلمين عن طريق الرحلات البحرية ومارسوا أعمال القرصنة ضد سفن المسلمين، إلا أن المقام لم يطب لهم هناك، فعمد رئيسُهم (وليم دي فاليت) للتخطيط لاحتلال (رودس) وأخذها من العرب المسلمين وهو ما قام به أخوه وخليفته (توك دي فاليت) في حرب صليبية خاصة (1308-1310م) ليصبح اسم نظام الفرسان الجديد يسمى (النظام السيادي لرودس).

في 25 من إبريل 1530م أصبح النظام يمتلك مقرًا وأقاليم جديدة أدت إلى تغيير اسمه في 26 من أكتوبر 1530م إلى "النظام السيادي لفرسان مالطا" ومنذ ذلك الوقت أصبحت مالطا بمنزلة الوطن الثالث لهم، ومنها استمدوا اسمهم "فرسان مالطا" واستطاع رئيسهم (جان دي لافاليت) أن يقوي دفاعاتهم ضد الأتراك العثمانيين مصدر خوفهم، وأن يبني مدينة (فاليتا - عاصمة مالطا حاليا) التي أطلق عليها اسمه، وكان مما ساعد على ترسيخ وجودهم في مالطا وقوع معركة (ليبانتوا) البحرية 1571م بين الروم والأتراك مما أبعد خطر الأتراك ووفر لنظام الفرسان جواً من الهدوء.

وقد تميز هذا النظام منذ إقامته في مالطا بعدائه المستمر للمسلمين وقرصنته لسفنهم حتى كون منها ثروة (ينفقون منها حاليا على الأعمال الخيرية!) ولا سيما في الحصار التاريخي 1565م الذي انتهى بمذبحة كبيرة للأتراك، كما توسع النظام كثيرًا حتى إن الملك (لويس الرابع عشر) تنازل له في 1652م عن مجموعة من الجزر في (الأنتيل).

مقر فرسان مالطا اليوم وأهم أعضائها:
يقع المقر الرئيس للمنظمة حاليًّا في العاصمة الإيطالية روما، ويحمل اسم "مقر مالطا"، ويرأس الدولة (البرنس أندرو برتي) الذي انتخب عام 1988م ويعاونه أربعة من كبار المسئولين ونحو عشرين من المسئولين الآخرين.

وقد عقدت منظمات الفرسان الصليبية اجتماعًا في جزيرة مالطة في أوائل ديسمبر 1990م، هو الأول من نوعه، منذ أخرجهم نابليون بونابرت منها، قبل حوالي قرنين من الزمان، وكان الاجتماع مثيراً للغاية -كما قال روجر جيورجو أحد أولئك الفرسان الذين اجتمعوا بالجزيرة- وبلغ عدد الحاضرين حوالي خمسمائة، معظمهم من القساوسة، ينتمون إلى اثنين وعشرين دولة.

ولوحظ أن الفرسان الصليبيين المجتمعين رأوا هذا اللقاء خطوة باتجاه إحياء وإنعاش تلك المنظمة الكاثوليكية ذات الجذور الصليبية، وقد روت صحيفة هيرالد تريبيون الأمريكية تفاصيلَ هذا الاجتماع في حينه قائلةً: إن الفرسان توافدوا على الاجتماع، وقد ارتدى كل واحد منهم ملابسَ كهنوتية سوداء، يزينها صليبٌ أبيض مزدوج الأطراف، ورأس الجلساتِ الأستاذُ الأعظم الذي يقود المنظمة، وهو أسكتلندي سبق أن عمل في حقل التدريس، اسمه أندروبيرتي (60 سنة) وهو أول بريطاني يرأس المنظمة منذ عام 1277م، كما أنه الرئيس الثامن والسبعون للمنظمة منذ تأسيسها، ويحمل رتبة كاردينال، ويرأس مجلسًا يتألف من ستة وعشرين فارسًا يساعدونه على تسيير شؤون المنظمة وتدعمه أمريكا بقوة.

يقدر عدد أعضاء منظمة فرسان مالطة بحوالي عشرة آلاف، في حين يقدر عدد المتطوعين الذين يعملون معهم بحوالي نصف مليون شخص، منهم زهاء مائة ألف في فرنسا وحدها، ومثلهم في ألمانيا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، وغير المتطوعين في الولايات المتحدة وحدها ألف وخمسمائة فارس، وقد انضم إلى عضويتها عدد من أصحاب الملايين خصوصًا أن نشاطهم الحالي يختص بالمستشفيات مما يغري بالتبرع لهم.

وكشف الباحث الأيرلندي سيمون بيلز والباحثة الأمريكية ماريسا سانتييرا -اللذان تخصصا في بحث السياق الديني والاجتماعي والسياسي للكنيسة الكاثوليكية الرومانية- عن أن أبرز أعضاء جماعة فرسان مالطا من السياسيين الأمريكيين رونالد ريجان وجورج بوش الأب والابن رؤساء الولايات المتحدة، وهم من الحزب الجمهوري، كما يشير موقع فرسان مالطا إلي أن من بين الأعضاء البارزين في الجماعة بريسكوت بوش وهو الجد الأكبر للرئيس الحالي جورج بوش الابن.

ولا يمكن -كما يؤكد الباحثان- انتزاع تصريحات الرئيس بوش عقب هجمات 11 سبتمبر من هذا السياق حين أعلن شن "حرب صليبية" على الإرهاب، وذلك قبيل غزوه لأفغانستان عام 2001م.. وكذلك تصريحات دونالد رامسفيلد عندما اعتلى منصة البنتاجون ليلقي واحدة من أهم خطبه كوزير للدفاع في عهد الرئيس جورج بوش.. حيث أعلن رامسفيلد الحرب وهو يلقي كلمته واقفاً بين جموع من كبار الشخصيات والمقاولين العاملين لصالح الجيش من الشركات مثل إنرون وجنرال ديناميكس.

قال رامسفيلد: إن القضية اليوم هي وجود عدو يمثل خطرًا وتهديدًا لأمن الولايات المتحدة الأمريكية، وأضاف: إن هذا العدو يعطل الدفاع في الولايات المتحدة ويعرض حياة الرجال والنساء الذين يؤدون الخدمة للخطر. وتابع -مخاطبًا الموظفين الجدد العاملين معه-: قد تعتقدون أنني أصف أحد آخر الطغاة الموجودين في العالم.. لكني أقصد ذلك الخصم القريب منا.. إنها بيروقراطية البنتاجون.

وبعد ذلك دعا رامسفيلد إلى تغيير كبير في إدارة البنتاجون، وحل النموذج الجديد القائم على القطاع الخاص محل البيروقراطية القديمة لوزارة الدفاع.

ولم يستغرق الأمرُ كثيراً من رامسفيلد ليستفيد من هذه الفرصة التي قدمتها له أحداث 11/9 لكي يضع حربه وخططه التي أعلن عنها موضعَ التنفيذ السريع، إذ تعتمد سياسةُ البنتاجون الجديدة على الخطط السرية والأسلحة الحديثة المعقدة، وعلى الاعتماد بقوة على المقاولين من القطاع الخاص وهو ما أصبح يعرف بـ(تعاليم رامسفيلد).

وفعلاً.. فإن "بصمة" رامسفيلد برزت من خلال أحدث الحروب؛ إذ ساعد مقاولو القطاع الخاص في جميع نواحي الحرب بما في ذلك المعارك القتالية.

المصادر:
1- سفارة بلا دولة، تقرير: محمد جمال عرفة.
2- بوش أمريكا يقود الحرب الصليبية بقوات فرسان مالطة، بقلم: ماجدي البسيوني.
3- شبكة وموقع النبأ.
4- موقع ويكيبيديا.
5- موقع الإسلام اليوم.


رابط الموضوع
http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3149/#ixzz2JHZr7WwC

أبو مريم السني
2013-01-28, 06:04 PM
هَكَذا ينشط المُنَصِّرون.. وماذا يفعل المُسلمون؟!
الأطفال في مُوَاجَهة حملات تَنصيريَّة ماكِرة

محمد السروتي (http://www.alukah.net/Authors/View/Spotlight/819/)



القسم الأول
مُقَدِّمة
أصبحتْ ظاهرة التنصير منَ المواضيع المهمَّة التي طفت على سطح المشهد الإعلامي المكتوب في السنوات الأخيرة، من خلال مختلف الملفات والدراسات التي تناولت الظاهرة بالتحليل والدراسة في مختلف المجالات، بيد أنَّها أغفلت كثيرًا علاقة ظاهرة التنصير بالأطفال، وصراحة لا أنكر أنَّني كنت مترددًا وعلى وشك صرف النظر عن خوض غمار هذا المجال؛ بسبب قلة أو بالأحرى انعدام الدراسات في المجال، والتي يستند عليها الباحث في الموضوع.. بيد أنَّ توقُّفي في المدَّة القليلة الماضية على إعلان في شبكة الإنترنت[1] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn1) لموقع مسيحي كاثوليكي يشير إلى انطلاق مشروع يسمى: "البشارة للأطفال"، كان أحد الدَّوافع الأساسيَّة للكتابة في الموضوع، خصوصًا وأنَّ المشروع الآنف الذِّكْر سطرت له مجموعة من الأهداف، أذكر منها:-

- أن تكون المعرفة المسيحية العربية للأطفال سهلة الوصول إليها وواسعة الانتشار وإمكانية الحصول عليها بتكلفة بسيطة.
- وتأمين فضاء مسيحي واعٍ ومتنور للأطفال.

لقد انطلقَ هذا المشروع بأربعينَ قصة منَ الكتاب المُقَدَّس[2] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn2) في أُفُق الوصول إلى ثلاثمائة وخمسة وستين قصة مقتبسة منَ الكتاب المُقَدَّس، أي: بعدَدِ أيَّام السنة ليقرأ الطفل قصة كل يوم، في الحقيقة هذا الخبر زاد من فضولي وقوَّى عزيمتي للبحث في الموضوع، خاصة وأن بعض الدول شهدت بالفعل انطلاق إعلانات عن وسائل جديدة لتنصير الأطفال، ويتعلق الأمر بعرض في مترو أنفاق القاهرة على مدى أيام، وكذا إعلانات تلفزيونية عن قصص مرئية للأطفال تنتجها دار الكتاب المقدس.. وكان الهدف من هذا العرض هو الترويج لوسيلة من وسائل التنصير، وهي أفلام الفيديو التي تبث أجزاء من العقائد النصرانية للأطفال عبر أفلام الكارتون[3] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn3).

إذًا، فالتَّعَصُّب التنصيري أضاف إلى جعبته أسلوبًا حديثًا هو الاعتماد على الشباب والأطفال في عمليات التبشير مثلما أعلن ذلك في سادس يناير سنة 2004[4] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn4).

لكن الغريب حقًّا أنَّ الكتاب المُقَدس نفسه لم يخصص لموضوع الأطفال إلاَّ حيزًا ضيقًا[5] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn5).

كل هذه الأمور السالفة الذِّكر كانت حوافز إيجابية، لكن لا يعني هذا أن الموضوع كان سهل التناول، فعدم توقفي - حتى ولو على دراسة واحدة مستقلة - تعنى بدراسة ظاهرة التنصير وعلاقتها بالأطفال، كان أحد العراقيل التي كادت أن تعصف بفكرة الكتابة في الموضوع من أصلها.

وأَوَدُّ الإشارة إلى أنَّني سأُرَكِّز الحديث فيه عن أهمية وسائط المعرفة ودورها الأساسي في تشكيل ثقافة الطفل، وبناء شخصيته، وقد اقتصرت التفصيل على نماذج محدودة، ويتعلق الأمر بأهمية الكتاب عمومًا ويشمل القصة والمجلة، ثم تحدثت بعد ذلك عن أهمية الرسوم المتحركة في توجيه الطفل وغرس القيم لديه.

على أساس تخصيص مقال آخر لدراسة مجموعة منَ النماذج التَّنصيريَّة الموجهة للأطفال، وقد حاولت قدر الإمكان الوصول إلى الأهداف الحقيقية، من خلال فك رموز الصور والاستعانة بالشروح والتَّفاسير المسيحيَّة التي تناولت بالبيان القصَّة نفسها أو مثيلاتها، ولا أنكر أنَّ المهمة لم تكن بالهينة، فالقصص على قدر بساطة بنيتها وسهولة محتواها لاستهدافها الأطفال، بقدر ما تكون صعبة عصيَّة على تحليل دلالاتها وتفكيك رموزها.

أهمية وسائط المعرفة عند الطفل:
تشمل وسائط المعرفة مختلف وسائل الثَّقافة المتنوعة، سواء أكانت إذاعات، أم فضائيَّات، أم مطبوعات.. وهيَ في الحقيقة تحتلُّ مكانًا ثانويًّا قياسًا بالدور المهم للأسرة والمدرسة؛ لأنَّ الطفل لا يتلقى إعدادًا مباشرًا من خلاله؛ لكن خطورة هذه الوسائط لا تقل، فهي التي تكمل تعليم الطفل وتربيته، وثقافتَه؛ بل إنَّ الواقع يشهد في بعض الأحيان تفوُّق هذه الوسائط على مؤسَّسة الأسرة والتعليم؛ لأنَّ رغبة الطفل واهتمامه بها يكون تلقائيًّا واختياريًّا لا قَسْر فيه ولا إكراه، لِمَا تحويه من صنوف المُتَع الذِّهنيَّة، والتَّرفيه.. الشيء الذي يجعل لهذه الوسائط خطورة بالغة[6] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn6).

ومن هنا أصبح منَ الضَّروريِّ متابعة ما يفضِّلُه الطفل ويهتم به، وكذا المواءمة بين الكتاب وعمر الطفل في شتَّى المراحل، ومساعدته على اختيار الكتب المناسبة له، شريطة عدم فرض آراء ومزاج الكبار عليه[7] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn7)؛ فسنوات الطفولة مثلاً في الدول المتقدمة لا تنصرف دون أن يقرأ الطفل ستمائة (600) كتاب، وهو المتوسط الذي أشارت إليه "جوان إيكن" الكاتبة الإنجليزيَّة وهي تقول: "إنَّ الطفل قبل السَّادسة يجب أن يقرأَ كُتُبًا مُصورة عددها نحو المائة"[8] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn8).

1- قصص الأطفال:
فقصص الأطفال مثلاً تعد منَ الوسائل الإيجابيَّة في تربية وتثقيف الطفل؛ ولذلك ينبغي أن تعكس الواقع الذي يعيشه الطفل مع شيء منَ الإثارة والتَّشويق، وتكون وسيلة لتشكيل وجدان وشخصية وميول الطفل العربي[9] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn9)، وتُعَد القصَّة أيضًا من أنجع الوسائل للوصول إلى قلب الطفل، ولا يعادلها في ذلك أي رسالة إعلاميَّة أخرى، ولا أي وسيلة منَ الوسائل، فقد يستحوِذ الأب أو الأم على قلب الطفل من خلال هدية جميلة، أو مبلغ منَ النقود، ولكن سرعان ما يزول أثر تلك الهدية بمجرد اعتيادها أو قدمها، أو بمجرد صرف النقود.. ولكن أثر القصة يبقى في عقل الطفل ووجدانه، يحيا بين أبطالها، وينسج لنفسه خيالات واسعة بين أحداثها[10] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn10).

وجدير بالذِّكر أنَّ القصَّة تعتبر جسرًا للتَّواصل بين الآباء والأبناء ينفذ من خلالها الأب إلى قلوب أولاده وإلى عقولهم فيشكلها كيفما شاء[11] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn11)، وبها تنقل للمتلقي الأفكار المجردة الصعبة بسهولة ويسر[12] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn12).

ولأهمية القصة وتأثيرها الفَعَّال في النَّفس البشريَّة نرى المولى - جل وعلا - يفرد صورة كاملة في القرآن الكريم سَمَّاها: "سورة القصص"، وقد تَحَدَّثَ أيضًا عن نماذج كثيرة فيما قصَّه عن طفولة أنبياء الله - عَزَّ وجَلَّ، وهي نماذج حيَّة فاضلة عن طهارة تربيتهم واستقامتهم في طفولتهم، ويحكيها لنا القرآن الكريم عن هؤلاء الأصفياء الكرام كإبراهيم، وإسحاق، ويوسف، وموسى، وعيسى، ومحمد - عليهم أفضل الصلاة - وأزكى التسليم، وليس هذا فحسب بل يسوق الباري - عَزَّ وَجَلَّ - في أكثر من موضع ألوانًا شَتَّى منَ القصص والحكايات أملاً في الهداية والإصلاح، ويقول الله - عَزَّ وجَل -: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[13] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn13)، وفي آية أخرى يقول الله تعالى: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[14] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn14).

وإذا كان هذا حال القصَّة مع القلوب الجامدة الغليظة المنكرة لعبادة الله وحده، فكيف يكون الحال مع قلوب الأطفال وفطرتهم لا زالت سليمة؟!
بلا شك سوف تُحدِث عظيم الأثر وتؤتي أجود الثمار.

ومن هذا المنطلق قام المُنَصِّرون بتخصيص قصص الأطفال ضمن أهم الوسائل التنصيرية الفعالة والمؤثرة التي تؤتي ثمارها بشكل سريع، "وهو محور المقال الثاني".

2- مجلات الأطفال:
ونفس الشيء يُقال عن مجلاَّت الأطفال، وهي بدورها من أكثر التعبير والاتصال تأثيًرا في حياة الأطفال، وتعتبر منَ المصادر المهمَّة التي تُزَود ثقافة الطفل، وتربطه بقيم المجتمع الذي يعيش في وسطه، بمعنى آخر تشكل مجلات الأطفال وسيطًا مهمًّا من وسائط الثقافة بالدول المتقدمة التي تصدر نوعيات مختلفة منها تناسب وتوافق احتياجات كل سن، كما أنها تعمل على تنمية الميول الثَّقافية للطفل من خلال الموضوعات التي تعرضها مثل تعريف الطفل بتاريخ وتراث وطنه وبالأماكن التاريخيَّة والسياحيَّة، وبالأحداث الجارية المرتبطة بوطنه، والتوعية بالمناسبات الدينيَّة[15] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn15).

3- الرسوم المُتَحَرِّكة:
تجذب الرُّسوم المُتَحَركة الطفل إلى عوالمها المثيرة وتُؤَثِّر على سلوكه ومواقفه وعلاقته، وتساهم في تكوين شخصيته، وبذلكَ تحتل هذه الوسيلة المكانة المتميزة لديه؛ لأنَّها تُقَدم له الأخبار والمعلومات بصيغة فنية جَذَّابة ومثيرة.

فالطفل يحب بطبيعته الصورة المعبرة ويجذبه اللون الجميل، ويتفاعل مع قصص الخيال الشائِقَة، وحكايات البطولة الخارقة، وأحداث المغامرات المثيرة.. ولا يمكن وصف متعة الطفل وهو يرى تلك الأحداث والشَّخصيَّات - التي كان يراها جامدة على صفحات القصص والمجلات - أنها قد تَحَوَّلَت إلى مغامرات حيَّة ناطقة ومتحركة تنقله إلى عوالم ساحرة[16] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn16).

وإذا كان الاهتمام بالطفل يُشَكِّل علامة مُضيئة ومُشرقة في حياة الأمم المتقدمة، ويعتبر من العلامات الحضارية فيها، فإنَّه بالمقابل في العالم الثالث يعاني من نقص مهول في إنتاج مثل هذه الوسائل التَّرفيهيَّة، فالنظرة المتفحصة في بلادنا تقودنا إلى اكتشاف التقصير البالغ في استخدام هذا الفن الخطير..[17] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn17).

لكن المُتَتَبع لبرامج الأطفال في العالم العربي لا ينكر وجود برامج وطنية تتفاوت في أصالتها وإفادتها ثقافيًّا وتربويًّا للطفل؛ لكن المؤكَّد أنَّ أفلام الكرتون تكاد تكون كلها مستوردة منَ الغرب، ولو قدم بعضها مترجمًا إلى العربيَّة فهي مصنوعة لأطفال غير أطفالنا وبعقلية غير عقليتنا، ويخطئ كثيرًا مَن يَستَهِين بسلبيات هذه الظاهرة على شخصية الطفل المسلم بحجة أن هذه الأفلام لا تعدو أن تكون وسيلة ترفيهية بريئة[18] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn18).

ولابدَّ منَ الإشارة إلى أن فكرةَ استقلال التَّسلية عن القِيم وعدم انطواء الترفيه على أيِّ قِيمة تعليمية أو أيديولوجية - خدعةٌ كبرى، بل يعتبرها "هربرت شيلر" أكبر خدعة في التاريخ كما ورد ذلك في كتابه: "المتلاعبون بالعقول"[19] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn19)، المخصصة لقضية التضليل الإعلامي وتزييف الوعي الجماهيري. إنه ليس غريبًا أن تكونَ أفلام الأطفال ملتزمة إيديولوجيًّا، ذلك أن هذه الأعمال ينتجها كتَّاب وجماعات لهم من جهة قناعاتهم الفلسفية والسياسية والاجتماعية، كما أنهم من جهة أخرى يتبنَّون عمومًا قيم ومعتقدات مجتمعهم، لهذا السبب بالذات تتضمن آثارهم رسالة إيديولوجية[20] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn20).

هذا الاستنتاج أَكَّدَته دراسة "Pourprix" في دراسته لشخصية "ميكي" الفأر الشهير الذي ابتدعه "والت ديزني" فمحتوى أفلامه تشكل فيها الملكية الفردية فكرة مركزية، ولا حدود في أفلام "ميكي" للنشاط الرأسمالي وسلطته، سواءً أكانت حدودًا شرعية أم أخلاقية[21] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn21).

ويمكن أن نُقَدِّم نموذجًا آخر في هذا الإطار، ويتعلق الأمر بالعرض الدولي الذي نظمته "ديزني لاند"، وذلك تحت شعار: "التَّنَوُّع الثقافي في عالم بلا حدود"، وذلك سنة 1999م، وقد شاركت إسرائيل في هذا المعرض الدولي تحت شعار: "القدس عاصمة إسرائيل"، ناهيك عن مضمون المواد الإعلاميَّة التي عرضت في المعرض، وقد شارك في هذه القرية الألفية أربعة وعشرون دولة من بينهما دولتين عربيتين هما: السعودية، والمغرب[22] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn22).

وفي الغياب الجُزئي أو الكُلي لإنتاجات رفيعة المستوى - فنيًّا وتقنيًّا ومعرفيًّا - موجهة للأطفال برؤية وطنية تراثية وثقافية وعلمية، آنية ومستقبلية، سيبقى الإعلام الغربي عبر أبطاله: ميكي، سوبرمان.. هو الجهة الموجهة لإنتاج واستهلاك ثقافة الأطفال عمومًا والرسوم المتحركة على وجه الخصوص..

لقد أدرك المنصرون الأهمية الكبيرة التي تحتلها مرحلة الطفولة في تقرير أساس حياة الفرد، فالسلوك الصالح والفاسد يعود بالأساس إلى الأساليب التربوية المتخذة في هذه المرحلة؛ لأن الفرد يسير وفق خلقيات خاصة تنشأ في هذه المرحلة أساسًا، بل هناك من قال: إن العناية بالطفولة مقياس أساس لقياس مدى تقدم الأمم أو تخلُّفها، ويقول في ذلك أحد الكتاب موضحًا: "إذا أردنا أن نعلم حال الأمة ومدى رقيِّها فلننظر إلى الطفولة وما فيها، فحيث نراها سعيدة مهذبة وموجهة توجيهًا صالحًا، نرى في ذلك نهضة الأمة"[23] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftn23).

كما أن الاهتمام بالطفولة أصبح استثمارًا إستراتيجيًّا للمستقبل، وبداية صحيحة لتقدم المجتمعات؛ لأن جعل الطفل في الصدارة والاهتمام بأوضاعه أضحى خيارًا إستراتيجيًّا يؤثر مباشرة في الخطط والبرامج الاقتصادية والاجتماعية.

أبو مريم السني
2013-01-28, 06:05 PM
- مُلاَحَظة: المقال الثاني سيكون حول نماذج الآليات التَّنصيريَّة الموجهة خصيصًا للأطفال، والتي استطعنا الوصول إلى بعضها بعد سنوات منَ البحث والتَّقَصي، وسيكون المقال - إن شاء الله تعالى - مزودًا بصور توضيحية.
ـــــــــــــــ ــــــــــــ
[1] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref1) موقع بعنوان:www.albicara.org
[2] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref2) الكتاب المُقَدَّس يضم قسمين: أحدهما يسمى العهد القديم، ويضم عدة أسفار يختلف فيها الكاثوليك عن البروتستانت، أما القسم الثاني: فيُسَمى العهد الجديد أو الإنجيل.
[3] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref3) إعلانات عن وسائل تنصير الأطفال بمترو أنفاق القاهرة (مفكرة الإسلام): WWW.ISLAMMEMO.CC/NEW/ONE
[4] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref4) زينب عبدالعزيز، "تنصير العالم: مناقشة لخطاب البابا يوحنا بولس الثاني"، روعة الحقيقة، ط: 1 - 2004. دار الكتاب العربي. ص 6 بتصرف.
[5] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref5) جان. م. دريشر، "سبعة يحتاج إليها الولد"، دار منهل الحياة، ط: 1990. ص: 121، بتصرف.
[6] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref6) مصطفى أحمد علي، "ثقافة الطفل المسلم بين مفهوم الفطرة والمؤثرات الوافدة"، مجلة الإسلام اليوم (الإيسيسكو) - عدد: 12 - 1415- 1994، ص: 116، بتصرف.
[7] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref7) عبدالتواب يوسف: "دور أدب الطفل في تحقيق التَّنشئة الثقافية للأطفال وإعدادهم لعالم الغد"، مجلة الفيصل عدد: 302 - شعبان 1422 أكتوبر، نونبر 2001م، ص: 62.
[8] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref8) المرجع نفسه، ص: 65.
[9] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref9) حنان سالم: (عرض)، فهيم مصطفى (تأليف)، "ثقافة الطفل العربي في ضوء الإسلام"، مجلة (حصاد الفكر) عدد: 135 جمادى الأولى1424/ يوليو 2003 - ص: 99.
[10] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref10) علي لطفي عبدالكريم حسين، "القصة في تربية النشء"، مجلة (البيان)، عدد: 214، السنة: 20 جمادى الثانية1426/ يوليو - غشت: 2005، ص: 38، بتصرف.
[11] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref11) المرجع نفسه.
[12] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref12) عبدالوهاب المسيري، "رحلتي الفكرية في البذور والجذور والثمر.. سيرة غير ذاتية غير موضوعية". مطبوعات الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، رقم: 74. ط: 1 -2001، ص: 7، بتصرف.
[13] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref13) يوسف: 111.
[14] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref14) الأعراف: 176.
[15] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref15) حنان سالم، فهيم مصطفى "حصاد الفكر"، ع: 135، م س، ص: 99.
[16] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref16) أدخيس محمد، "الطفل والتلفزيون وصناعة المستقبل"، مجلة (المواطن اليوم)، عدد: 2، مارس 2004، ص: 43.
[17] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref17) المرجع نفسه.
[18] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref18) أحمد السنوسي: "مظاهر الغزو التربوي الغربي للأمة العالم العربي أنموذجًا"- مجلة (الفيصل)، 207 رمضان 1414، فبراير، مارس 1994، ص: 12، بتصرف.
[19] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref19) هربرت شيلر: "المتلاعبون بالعقول"، ترجمة: عبدالسلام رضوان - سلسلة (عالم المعرفة)، عدد: 106 أكتوبر 1986، ص: 104.
[20] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref20) مجلة (الفيصل)، عدد: 207، مرجع سابق.
[21] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref21) المرجع نفسه.
[22] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref22) نادية محمود مصطفى، "قضية القدس في (ديزني لاند).. رُؤيَة حول مدْلولات العلاقة بين الثقافي والسياسي"، مجلة (القدس)، عدد: 11، نوفمبر 1999 - رجب 1420 ص: (5 - 9)، بتصرف، أمال الشيمي، "قضية القدس في (ديزني لاند) بين التَّفاعلات الرَّسمية وغير الرَّسمية"، مجلة (أمتي حول العالم)، حولية قضايا العالم الإسلامي، مركز الحضارة للدراسات السياسية، القاهرة، ط: 2000، ص: (185-193)، بتصرف.
[23] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#_ftnref23) محمد عبدالمنعم خفاجي: "تربية الطفل المسلم"، مجلة (الأزهر)، عدد: أكتوبر 1979، موافق لذي القعدة 1399، ص: 2167.

رابط الموضوع
http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3157/#ixzz2JHagkynz

احمد ابو انس
2013-01-28, 07:55 PM
بارك الله فيكم وفي مجهودكم المبارك.

أبو مريم السني
2013-02-03, 03:50 AM
البعد الصليبي لشركة بلاك ووتر (1)
إسراء البدر (http://www.alukah.net/Authors/View/Spotlight/817/)

نشئَتْ شركة "بلاك ووتر" عام 1996 من قِبَل المليونير المسيحي إيريك برينس (كتلة الدِّيمقراطيين الجدد)، والذي عمل سابقًا في البحريَّة الأمريكيَّة.

وساهمت هدايا "إيريك" وسخاء عطاياه الماليَّة في صعود اليمين الدِّيني وثورة الجمهوريين عام 1994، وساعد في تأسيس الشركة وصعودها ثروة "إيريك"، والمساحة الشاسعة منَ الأراضي التي يمتلكها، والمُقَدَّرة بحوالي 5000 هكتار، والواقعة في بلدة "مويوك" بولاية "كارولينا الشمالية"، والتي تعتمد في تأسيسها على مبدأ "الالتزام بتوفير طَلَبات الحكومة المُتَوقعة" من حيثُ الأسلحة والتدريب على النواحي الأمنيَّة.

ولقد ربحتْ شركة "بلاك ووتر" عقودًا مع الحكومة الأمريكيَّة خلال حقبة رئاسة "بيل كلينتون"، والتي كانت مُتسامِحة مع الخَصخَصة، فلم يسطع نجم الشَّركة حتى مرحلة ما يسمى بـ"الحرب على الإرهاب".

وفى فترة أسبوعين تقريبًا من اعتداءات 11 سبتمبر - أيلول 2001، صارتِ الشَّركة لاعبًا رئيسيََّا في الحرب الشَّاملة في أفغانستان وفي العراق فيما بعد.

وصارتِ الشَّركة خلال السنوات التالية من أكثر المُستفيدين منَ "الحرب على الإرهاب"، وربحت حوالي بليون دولار أمريكي في عقودها السِّرية مع الحكومة أغلبها بالتكليف المباشر وبدون الدخول في أي عطاء أو منافسة، وفى خلال 10 سنوات تَمَكَّن "إريك" من تَوسِعة منطقة المقر الدَّائم للشركة إلى 7000 هكتار جاعلاً منه أكبر قاعدة عسكريَّة خاصَّة في العالم.

لقد نشرت مجلة "ذا نيشين" الأمريكيَّة تقريرًا بعنوان "جيش بوش في الظل"، كَشَفَ فيه الصحفي الأمريكي "جيرمي سكيل" عن الصلة الدِّينية التي تجمع بين شركات القتل الخاصة في العراق وإدارة بوش، حيثُ أَكَّدَ أنَّ مؤسس الشركة "إيريك برينس" يشارك بوش في معتقداته النَّصرانيَّة الأصوليَّة التي تهدف إلى التَّمكين للصِّهيَونيَّة الصَّليبيَّة في العالم، ويعتبر وجود قوات المُرتزقة بالعراق ليس مجرد تعاقد أمني مع البنتاجون تقوم بمقتضاه هذه القوات بمهامّ قتاليَّة نيابة عن الجيش الأمريكي؛ بل يسبقه تعاقُد أيديولوجي مُشترك بين الجانبين يجمع بينهما، ألا وهو "دولة فرسان مالطا" الاعتبارية آخر الفلول الصليبيَّة التي تُهَيمن على صناعة القرار في الولايات المُتَّحدة والعالم.

ويوجد لدى شركة "بلاك ووتر" حاليًّا 2300 مليون فرد يعملون في جميع أنحاء العالم، ولديها أسطول جوي يُقَدر بـ20 طائرة بما فيها طائرات الهيلوكبتر المقاتلة، وجهاز خاص للاستخبارات؛ كما أنَّها تقوم بتصنيع مناطيد المُرَاقبة وتحديد الأهداف.

فى عام 2005 نَشَرت شركة "بلاك ووتر" عناصرها في ولاية "نيو أورليانز" بعد أن تعرَّضت لإعصار "كاترينا"، وقدمت فاتورتها للحكومة الفيدراليَّة على أساس 950 دولارًا للفرد في اليوم، وقد وصلت أرباحها اليوميَّة أحيانًا إلى 240000 دولار أمريكي في اليوم، وفى نشاطها كان لدى الشركة 600 مقاول يعملون لصالحها في المنطقة المُمتدة من "تكساس" وحتى "الميسيسيبي"، ومنذ إعصار "كاترينا" جعلت "بلاك ووتر" قسمًا خاصََّا يهتم بالعقود المحليَّة، حيثُ تقدم "بلاك ووتر" خدماتها ومنتجاتها لـ"قسم الأمن الوطني"؛ كما أن مُمَثليها قابلوا حاكم كاليفورنيا الممثل السابق "أرنولد شوارزينجر"، وتقدَّمت الشركة للحصول على ترخيص يخولها بالعمل فى كامل الولايات الأمريكيَّة الواقعة على الشَّاطئ؛ كما أنَّها توسع من نشاطها ووجودها فى داخل الحدود الأمريكيَّة وافتتحت فروعًا لها في ولايتي "إيلليونز" و"كاليفورنيا".

ويَتَمَثل أكبر عقد تَتَحَصل عليه وتم إبرامه مع الحكومة في توفير الحماية للدبلوماسيين الأمريكيين والمرافق التابعة لهم في العراق، وقد بدأ ذلك العقد في عام 2003 بقيمة 21 مليون دولار أمريكي بالتكليف المباشرة لتوفير الحماية للحاكم الأمريكي "بول بريمير" ثم قامتِ الشركة فيما بعد بحماية السُّفراء الأمريكيين التاليين، وهما "جون نيغروبونتى"، و"زلماى خليل زاد" إضافة إلى الدبلوماسيين الآخرين والمكاتب التابعة لهم، كما أن قواتها تحمي أكثر من 90 عضوًا فى الكونجرس بالعراق بما فيهم الناطقة باسم البيت الأبيض "نانسى بيلوسى".

واستنادًا إلى آخر سجلاَّت العقود الحكوميَّة، فلقد تَحَصَّلت شركة "بلاك ووتر" على عقود بقيمة 750 مليون دولار أمريكي منَ الحكومة فقط، وهى حاليََّا تسعى مستخدمة في ذلك ما لديها من جماعات ضغط؛ لكي تَتَحَصل على عقود في إقليم "دارفور" بالسودان لتعمل كقوة سلام، وفي مسعى منَ الرئيس "جورج بوش" لتمهيد الطريق أمام شركة "بلاك ووتر" للبدء في مهمة تدريبية هناك - قامَ برفع العقوبات عن الجزء المسيحي من جنوب السودان، ويتوقع أن تبدأ شركة "بلاك ووتر" أعمال تدريب قوات الأمن في جنوب السودان في وقت قريب جدََّا اليوم تمثل مؤسسات "فرسان مالطا" سفارات دبلوماسية في العالم ومنتشرة أيضًا ببعض الدول وفي 11 يناير 2007 نشرت وكالة Innovative Media Inc للأخبار على لسان "أندرو برتي" المسؤول الأعلى في فرسان مالطا في معرض حديثه إلى مُمَثلي 96 دولة معتمدة لدى هيئة فرسان مالطا بمناسبة اللِّقاء السَّنوي المعتاد الذي عقد في روما في تلة الأفنتينو. قال: "يجب أن يتمتع جميع حجاج العالم بحق الدخول إلى أورشليم"، معلنًا أنَّه يَوَدُّ أن يقومَ هو شخصيََّا بزيارة إلى الأراضي المقدسة في أقرب وقت.
وذكر المسؤول الأعلى "بالتفكير المعمق الذي يدور منذ فترة بعيدة بشأن قضية الأراضي المقدسة، مذكرًا بموقف الكرسي الرسولي بشأن أورشليم - مدينة الأديان الثلاث، وفي الوقت عينه أرض مشتركة بين إسرائيل وفلسطين، وجزء من تراث البشرية بأسرها".

وأشار: "ينبغي لهذا أن تنال مركزًا قانونيًّا خاصًّا، محميًّا على الصعيد الدولي.

ثم قال: "إن فرسان مالطا - الذين لطالما اعتبروا حماية الأراضي المقدسة إحدى أولويات مهمتهم في رسالتهم في خدمة الكنيسة والنشاطات الإنسانية والطبية - هم على أتم الاستعداد للتعاون مع الحكومات من أجل الوصول إلى حلول عمليَّة، آخذين بعين الاعتبار المصالح الشرعيَّة للشعوب المعنية في هذه الأراضي.

وتحدث "برتي" عن الخدمات التي تقوم بها الرَّهبنة العلمانيَّة الألفية في الأراضي المقدسة، وفي مختلف أنحاء العالم. فتحدث عن نشاط فرسان مالطا في "نيروبي" و"فيتنام" وصولاً إلى إعصار "نيو أورلينز" وإقليم "دارفور"، و"رومانيا" و"باكستان"، والكثير منَ الأماكن المُتَألِّمة منَ الكوكب؛ حيث يلتزم أكثر من 11 ألف عضو من الرهبنة - من أطباء وممرضين ومتطوعين - في خدمة البرص واليتامى والمشردين وجميع المتألمين.

ويشير تاريخها إلى أنها من بقايا الحروب الصليبية البائدة، ومقرها داخل الفاتيكان، وأنها امتداد لما كان يسمى "فرسان الهوسبتاليين" الصليبيين. ويقتصر نشاطها حاليًّا وفيما يبدو على الأعمال الخيرية والتبرعات، وهناك ثلاث دول عربية وإسلامية تعترف بها هي: مصر والمغرب والسودان.

اليوم تقوم شركة "بلاك ووتر" بنشاط كبير في العراق متمثلاً بأعمال التَّنصير ومحاولة نشر النَّصرانية في الأماكن النائية من العراق، ومن خلال نشر فرقها الطبية بدواعي تقديم الخدمة للعراقيين المحتاجين إضافة إلى تقديم المساعدات للعوائل العراقية النازحة داخل وخارج العراق، وقيامهم بنشر الكتب التَّبشيريَّة في المُحَافَظات الجنوبيَّة منَ العراق تحقيقًا لتَطَلُّعاتهم القديمة الحاضرة المتمثلة بأفكار فرسان مالطا التي ينتمون إليها فكرًا وعقيدة، ويسعون إلى تحقيقها وتطبيقها في الكثير من بلدان العلم، ومنها العراق.

المصادر:
1- وكالة الأخبار الإسلامية - نبأ.
2- بوش أمريكا يقود الحرب الصليبية بقوات فرسان مالطة بقلم: ماجد البسيوني.
3- فرسان مالطة.. عودة للحروب الصليبية (موقع المختصر).
4- موقع ويكبيديا.
5- ارة بلا دولة - تقرير: محمد جمال عرفة.


رابط الموضوع
http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3237/#ixzz2JnCrs5yG

أبو مريم السني
2013-02-03, 03:53 AM
مفهوم التنصير لغةً واصطلاحًا
محمد السروتي (http://www.alukah.net/Authors/View/Spotlight/819/)


كثيرة هي الظواهر والقضايا التي يتم تجاهلها، أو نسيان تأريخها من الباحثين والمؤرخين، وتتعدد الأهداف وتختلف الدوافع بين من يرى أنها مظاهر لا تستحق الاهتمام، أو أنها عديمة الأثر في مجرى التاريخ، وقد يكون التجاهل مقصودًا لهدف معين.

ولا يخفى أن كلا النهجين في العمل البحثي يؤدي إلى إغفال العديد من الحقائق التاريخية المهمَّة، التي يكون الإلمام بمعرفتها ضرورة ملحة لتكوين صورة واضحة المعالم ومتكاملة الأبعاد؛ لفهم هذه الظواهر والوقوف على حيثياتها، ولاستشراف أبعادها في المستقبل.

وقد شكل المغرب على مرِّ العصور أرضَ اللِّقَاء مع مختلف الشعوب والحضارات، أتاح لها كل الظروف الملائمة لممارسة أنشطتها الدينية والثقافية المختلفة؛ ولذلك تميز بوضعية ضاهت وضعية بعض البلدان في المشرق الإسلامي حريةً وتعايشًا، وهو ما نطقت به مختلف التفاعُلات الحضاريَّة المتبادلة، وتشهَد لذلك الوثائق والنصوص التاريخية، التي تؤكد على مصداقيَّة طابع التعايش السلمي، والتسامح الذي سادَ بين المغاربة مع مختلف الأجناس، وهو ما عبَّرت عنه النوازل الفقهية التي رسَمَت بعض فتاويها إطارًا عامًا للتعامل.

وفي المقابل أيضًا كانت البلاد محطة للاحتكاك الحضاري والصراع العسكري، تَرَتَّب عليه تحركات لبعثات دينية غايتها افتكاك الأسر من الجانبين عن طريق مبادلتهم أو شرائهم، ولا شك أن على رأس هذه البعثات كان رجال الدين، هم الأكثر حنكة ودهاء؛ لتولي هذه المهمة التي لم تكن تخلو من صعوبة وخطورة، راحت بعض البعثات ضحيةً لها، الشيء الذي دفع بالسلطة البابوية في بعض الفترات التاريخية إلى اشتراط تحصيل ثقافة محترمة، وعدم الاقتصار فقط على الحماس الديني، الذي كانت حصيلته نتائج كارثية.

وعليه، سأحاول في هذا المقال الوقوف على مفهوم التنصير.

فهو في اللغة: من التنصُّر، وهو الدخول في النصرانية[1] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn1) ونصَّره تنصيرًا جعله نصرانيًّا.[2] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn2).

وفي الاصطلاح هو: "حركة دينية سياسية استعمارية، تهدف إلى نشر النصرانية بين الأمم المختلفة عامة، وبين المسلمين خاصة"[3] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn3)، أو هو الجهد الكَنَسِي[4] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn4) الهادف إلى إدخال الشعوب في النصرانية، وتكون هذه الدعوة بين أبناء الديانات الأخرى[5] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn5)، وفي أوساط الوثنيين واللادينيين[6] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn6)، وتكون مقرونة بنبذ غيرها من الديانات الأخرى، سواء أكانت سماوية أم غير سماوية[7] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn7)، واضعة نصب عينيها هدفًا محددًا: هو "تنصير المجتمعات"، ونشر المسيحية في كل بقاع الأرض، والاستمرار في ذلك النشاط حتى نهاية الخليقة[8] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn8).

ويقول ساسي سالم الحاج بأن التنصير: "هو الدعوة إلى اعتناق الديانة النصرانية، ونبذ غيرها من الديانات الأخرى، سواء أكانت سماوية أم غير سماوية، كما أن بعض الديانات الأخرى لا تعرف التنصير، خاصةً اليهودية المنغلقة على نفسها[9] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn9).

إذن هو نشاط ديني يهدف إلى تنصير غير المسيحيين، وقد عرَّف صموئيل بوم ات Samuel Boom Itt من سيام التبشيرَ كما يلي: "العيش والعمل والحديث من أجل المسيح"[10] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn10)، وقد ذهب الدكتور رويو هيكو كاواوا Royohiko Kawawa إلى أبعد من ذلك، معتبرًا التبشير مطلبًا دينيًّا أساسيًّا، فقال:"التنصير يعني تحويل الناس عن الأمور الدنيوية إلى ملكوت السموات، وهذا التحويل ضرورة مطلقة؛ لأنه بدون إيقاظ الجوع الروحي، فليس هناك أمل للفرد أو المجتمع أو الجنس أو الأمة"[11] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn11).

وللإشارة أن هناك من يرفض استخدام كلمة التبشير بين المسلمين[12] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn12)، اعتمادًا على قولهم أن النصوص القرآنية هي الفيصل في هذه المسألة، ويُورِدون بعض الآيات مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 45-47]، وغيرها من الآيات.

ولتفصيل المصطلح أكثر "يُقصَد به ذلك الجهد الكنسي، الذي يقوم به الدعاة النصارى في الدعوة والعمل، والذي يهدفون من خلاله إلى إدخال الشعوب في الديانة النصرانية"[13] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn13)، وتتم هذه الدعوة وَفْق منهج يُسمَّى: "التخطيط التنصيري"، ويشرف عليه البابا في روما، ويُصَرِّف أموره تصريفًا مباشرًا.[14] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn14).

والتبشير بالمعنى الاصطلاحي يطلق على دعوة إلى النصرانية، ومحاولة دفع الناس إلى الدخول فيها بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة[15] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn15).

وهو تعبير أطلقه رجال الكنيسة النصرانية على الأعمال التي يقومون بها؛ لتنصير الشعوب غير النصرانية لا سيما المسلمين، ثم يتحوَّل هدف التنصير داخل الشعوب المسلمة إلى غاية التكفير، وإخراج المسلمين عن دينهم، ولو إلى الإلحاد والكفر بكل دين[16] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn16).

ويزعم النصارى أن هذا الأمر صدر لهم من المسيح حين قال: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعَمِّدوهم باسم الأب والابن والروح القدس"[17] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn17)، فبموجب هذا الأمر كان لا بد لهم أن يسيروا لتبليغ النصرانية إلى الأمم، وهكذا خرج دعاة النصرانية يكرزون الأمم؛ لتنتشر في ربوع أوربا وبعض مناطق أفريقيا كالحبشة ومصر.

وهناك من يقول: إن "الأناجيل التي يتداولها النصارى، وردت فيها الإشارة واضحة بتكليف المؤمنين بها للانطلاق إلى كل أنحاء العالم؛ لنشر تعاليم الإنجيل والدعوة إلى ما جاء به، أي: دعوة الناس إلى اعتناق النصرانية، وتعليمهم أصول هذه العقيدة وشرائعها"[18] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn18).

وقد جاء في إنجيل متَّى: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس، وعلِّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر"[19] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn19)، وجاء في إنجيل مرقس على لسان المسيح قوله: "اذهبوا إلى العالم، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها، فمَن آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يدن"[20] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn20).

من هذه الأصول استمدت النصرانية مبررات ومقومات الدعوة إلى ما جاء في الإنجيل، وأطلق على هذا النشاط مصطلح "التبشير"، مشتقًا من كلمة إنجيل في اللغة اليونانية، والتي تعني "البشرى"؛ لأنه أتى ببشرى الخلاص على يد المسيح الفادي"[21] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn21)، ومن ثَمَّ فإن تقديم هذه البشرى، ونشر ما جاء فيها من تعاليم يُعَدُّ "بشارةً" و"تبشيرًا" للآخرين في رأيهم.

وعلى هذا الأساس خرجت البعثات "التنصيرية" منذ فجر المسيحية الأول، متوجِّهةً إلى كل مكان يمكنها الوصول إليه، واضعةً نصب عينيها هدفًا محددًا: هو "تنصير المجتمعات غير النصرانية"، ونشر النصرانية في كل بقاع الأرض، والاستمرار في ذلك النشاط حتى نهاية الخليقة[22] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn22).

وقد أطلق بعض الباحثين على هذه الحركة لفظ التبشير أو التبشير الصليبي، ومثال ذلك عمر فروخ ومصطفى خالدي في كتابَيْهما: "التبشير والاستعمار في البلاد العربية"[23] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn23)، ومحمد أمين السماعلي في كتابه: "جوانب من الغزو الفكري المعاصر"[24] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftn24).

في الختام:
إن دراسة ظاهرة التنصير لا تخلو من أهمية نابعة بالأساس من ارتباطها بالدين، والدين في حياة الأمة ليس مسألةً فرديةً ولا أمرًا شخصيًّا، بل هي قضية وجودية للأمة ككل؛ لأنه غزو يسخر أحدث الإمكانيات وآخر المبتكرات، من أجل هدف واحد: هو السعي لزعزعة عقيدة المسلم، وتشكيكه في دينه وهُوِيَّته.

وعليه، فالتنصير لا يقل أهمية عن حسابات الأمن الإستراتيجي، على اعتبار أنه يهدد بشكل مباشر الأمن الروحي والديني، والتيقظ ومواجهة مثل هذه الظواهر هي مسؤولية يشترك فيها الجيمع دون استثناء، كل من موقعه وزاوية عمله.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــــــ
[1] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref1) "لسان العرب"، ابن منظور، ج: 14، مادة: نصر، ص: 161.
[2] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref2) "القاموس المحيط"، الفيروز آبادي، ص: 436.
[3] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref3) "الموسوعة الميسرة في المذاهب والأديان"، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ص: 159، بتصرف.
[4] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref4) معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام، محمد عمارة، ط: 1997، دار نهضة مصر - القاهرة، ص: 60 بتصرُّف.
[6] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref6) "مدخل إلى تاريخ حركة التنصير"، ممدوح حسين - دار عمَّار: عمَّان، 1416هـ - 1995م - ص 21 -30.
[7] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref7) "الظاهرة الاستشراقية وأثرها على الدراسات الإسلامية"، ساسي سالم الحاج، مركز دراسات العالم الإسلامي، مالطا، الطبعة الأولى:1991، ج: 1 ص: 55، "الجذور التاريخية لإرساليات التنصير الأجنبية في مصر"، خالد نعيم، مكتبة المختار الإسلامي - القاهرة 1988 - ص: 13، بتصرف.
[8] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref8) التبشير النصراني في جنوب السودان "وادي النيل"، إبراهيم عكاشة، دار العلوم - القاهرة - ط: 1982، ص: 20.
[9] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref9) "الظاهرة الاستشراقية وأثرها على الدراسات الإسلامية"، ساسي سالم الحاج، م س، ج: 1 ص:55.
[10] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref10) "التبشير في منطقة الخليج العربي"، عبدالمالك خلف التّميمي، ص: 62.
[11] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref11) المرجع نفسه.
[12] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref12) "الجذور التاريخية لإرساليات التنصير الأجنبية في مصر"، خالد نعيم، مكتبة المختار الإسلامي - القاهرة 1988 - ص: ،13 بتصرف.
[13] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref13) جوانب من الغزو الفكري المعاصر، محمد أمين السماعلي، ط: 1997 - ص: 105، بتصرف.
[15] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref15) "التبشير الصليبي"، سعد الله بن السيد صالح، ص:39.
[16] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref16) "أجنحة المكر الثلاثة"، عبدالرحمن بن حبكنة الميداني، ص: 49.
[17] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref17) إنجيل متَّى، الإصحاح: 28، الفقرة 20.
[18] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref18) "الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى المسلمين العرب"، كرم شلبي، مكتبة التراث الإسلامي - مصر، الطبعة: الأولى، 1412- 1991، ص: 17.
[19] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref19) إنجيل متَّى، الإصحاح: 28.
[20] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref20) إنجيل مرقس، الإصحاح: 16.
[21] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref21) "في الغزو الفكري"، نذير حمدان، مكتبة الصديق - الطائف (السعودية) - بدون تاريخ، ص: 98.
[22] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref22) "التبشير النصراني في جنوب السودان"، إبراهيم عكاشة - م س، ص: 20.
[23] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref23) "التبشير والاستعمار في البلاد العربية"، عمر فروخ ومصطفى خالدي - م س، ص: 42.
[24] (http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#_ftnref24) "جوانب من الغزو الفكري المعاصر"، محمد أمين السماعلي، ط: 1997م، ص: 34.


رابط الموضوع
http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3500/#ixzz2JnE5q6vT

أبو مريم السني
2013-02-03, 10:46 PM
المسلمون في تشاد.. أهداف سهلة لحملات التنصير
أحمد محمود أبو زيد (http://www.alukah.net/Authors/View/Spotlight/188/)


عندما وضَع المخططُ التنصيري العالمي هدفَه الرئيس منذ عدة عقود، لتنصير القارة الأفريقية وتحويلها إلى قارة مسيحية بحلول عام 2000م، كانت تشاد في مقدمة الدول التي نالت اهتمامًا كبيرًا من المنظمات التنصيرية؛ باعتبار موقعها الاستراتيجي بالنسبة للقارة، وما تحتويه أرضُها من بترول وذهب، فقد دخلت تشاد الآن عصرَ البترول والذهب، وهي الآن أمام طفرة اقتصادية كبيرة، وهذه الطفرةُ تمثل تحديًا أمام المسلمين؛ لأنّ القوى التنصيرية تُراهن على استغلالها لدفع عجلة التنصير إلى الأمام.

فقد كانت الميزانيةُ الأولية المخصّصة للانطلاقة التنصيرية (3.5) مليار دولار، وكان نصيب تشاد وحدها من هذه الميزانية ثلاثة مليارات دولار؛ نظراً للأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لها، وفي هذا الصّـدد يقـول القس "أشو غيري" -وزير خارجية الفاتيكان-: "إنّ ما ننفقه في تشاد الآن لكونها من أفقر دول العالم، نستردّه بكلّ يسر خلال السنوات الأربع القادمة، لأنَّ أراضي تشاد من أغنى الأراضي في أفريقيا، والموظفين التشاديين كلّهم أو 90% منهم من مدارسنا".

ومما يرجح نجاح المخططات التنصيرية في تشاد وغيرها من الدول الأفريقية، ما يتمتع به المسيحيون من سيطرة على الحياة السياسية والتعليمية والاقتصادية في عدد من دول القارة، وقد أعلن هذا الهدفَ صراحةً البابا "بولس الثاني" في كلمته التي ألقاها بمناسبة ذكرى ميلاد المسيح في روما عام 1993م، لدى استقباله وفدَ أساقفة أفريقيا إذ قال: "ستكون لكم كنيسة أفريقية منكم وإليكم، وآن لأفريقيا أن تنهض وتقوم بمهمتها الربانية، وعليكم أيها الأساقفة تقع مسؤوليةٌ عظيمة؛ ألا وهي تنصير أفريقيا كلها"، وجند النصارى كل طاقاتهم التنصيرية والمادية والعلمية بالتنسيق الكامل بين الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي وغيرها من الهيئات التنصيرية من أجل تحقيق مطامعهم في تنصير القارة، وقام البابا السابق بثلاث زيارات خلال خمس سنوات زار فيها أفريقيا شرقًا وغربًا.

- استراتيجية جديدة للتنصير
وعندما جاء عامُ 2000م دون أن يتحقق هذا الحلمُ التنصيري الكبير، إذ استعصت القارة المسلمة على أن تتحول بسهولة إلى قارة مسيحية، سارع المخطط التنصيري إلى تغيير خططه وأساليبه، ووضع استراتيجية جديدة لتنصير القارة عام 2010 أو 2015م، وحسب هذه الاستراتيجية الجديدة هناك خطط جديدة لتنصير المسلمين في تشاد لكونـهم أهلَ شوكة في هذه المنطقة. فعندما أجمع الكرادلة في روما لوضع خطّة شاملة لتنصير أفريقيا كلّها، أشاروا إلى ضرورة تنصير الجزء المسلم من تشاد، فقالوا: إنّ تشاد منطقة هامة، وإنّ أيّة فكرة تظهر فيها تلقى سرعة انتشار كبيرة لوقوعها في مفترق الطرق في قلب أفريقيا، وهي مقبلة على مرحلة جديدة من الحياة الاقتصادية، وربّما تُصبح ثالث أهمّ منطقة اقتصادية في أفريقيا حسب الدوائر الاقتصادية الأمريكية.

وتقع تشاد في قلب القارة الأفريقيّة في المنطقة الفاصلة بين أفريقيا الشمالية وأفريقيا جنوب الصحراء، تَحُدّها شمالاً ليبيا، وشرقًا السودان، وغربًا كلّ من النيجر ونيجريا والكاميرون، وجنوبًا أفريقيا الوسطى. وتأتي في المرتبة الخامسة بين دول القارة من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحتها 1.284000كلم2، ومع أن الأراضي التشادية من الأراضي الغنية بالثروات الطبيعية، إلا أن تشاد تُعد من الدول الفقيرة، وذلك بسبب الحروب التي دامت مدّة طويلة، ولم تستطع تشاد خلالَها استغلالَ هذه الثروات.

يبلغ عددُ سكان تشاد 7 ملايين نسمة، حسب إحصائية عام 2001م، وتُعد كلٌّ من الفرنسية والعربية لغتين رسميتين للدولة، والعربية لغة التعامل والتخاطب بين شرائح المجتمع التشادي كافّة، وهي الدولة الوحيدة الناطقة بالعربية خارج إطار جامعة الدول العربية.

ووصول الإسلام إلى تشاد جاء في وقت مبكر، وبالتحديد في القرن الأول الهجري عام (46هـ-666م)، وقامت فيها ثلاثُ ممالك إسلامية حكمت البلادَ 900 سنة. ولوقوعها في وسط القارة أصبحت نقطةَ انتشار للإسلام في نيجريا والنيجر والكاميرون وأفريقيا الوسطى، حيث قامت هذه الممالك الإسلامية بأثر كبير في نشر الإسلام في هذه المناطق.

ومع قدوم موجات الاستعمار إلى أفريقيا وآسيا في مطلع القرن الماضي، خضعت تشاد للاحتلال الفرنسي عام 1918م، الذي بدأت طلائعُه الأولى منذ عام 1892م، واستمرّت السيطرة الفرنسية على البلاد لمدّة ستين سنة، وطوال هذه الفترة مارست فرنسا كلّ أنواع الترهيب والترغيب مع المسلمين ليستجيبوا لها، لكنّها لم تنجح، فقامت بإلغاء العمل بالشريعة الإسلامية ورسمية اللغة العربية، وإحلال الثقافة الفرنسية مكانـها، وعندما استعصى المسلمون عليها قامت بإزالة آثار الممالك الإسلامية، وذلك بحرق المساجد والخلاوي والمدارس القرآنية، وقتل العلماء والفقهاء في مجازر جماعية.

وأمام مقاومة الشعب التشادي وإصراره على الاستقلال، مُنحت تشاد حكماً ذاتياً محدوداً ضمن مجموعة الرابطة الفرنسية عام 1959م، ثمّ نالت استقلالَها التام عام1960م.

- اهتمام تنصيري كبير
وفي العقود الثلاثة الأخيرة، ومع موجات الجفاف والمجاعات التي تعرضت له أفريقيا، ازداد الغزوُ التنصيري لدول القارة، وركزت الحملاتُ التنصيرية تركيزًا خاصًّا على تشاد –كما ذكرنا– وبدا ذلك واضحًا في الميزانية المخصصة لها من قبل المخطط التنصيري التي بلغت عام 1993م ثلاثة مليارات دولار، كما بدا واضحًا في عدد المنظمات التنصيرية العاملة هناك التي بلغت عام 2002م (2160) منظمة كنسية من أهمّها: أوكسفام والإغاثة الكاثوليكية، وورد فيزيون وهذه بلغت ميزانيتها عام 2002م (40) مليون دولار أمريكي. أما عدد المنصّرين فقد بلغ في العام نفسه (6534) منصّر، بينهم (260) منصر يتقنون اللغات المحليّة، و(15) يتقنون اللغة العربية الفصحى، و(7) يحفظون القرآن الكريم، و(3) علماء في الحديث وأصول الفقه، و(30) منصر من أبناء المسلمين الذين تعلّموا في مدارسهم وتنصّروا بعد أن ارتدوا عن الإسلام. وهؤلاء جميعًا يحصلون على رواتب عالية، ويزودون بوسائل المواصلات الحديثة من طائرات خفيفة وطائرات شحن، وسيارات وقوارب ودراجات نارية عادية أو صحراوية.

- مؤسسات ومنظمات تنصيرية
وإذا نظرنا إلى المؤسسات والمنظمات التنصيرية التي تعمل في تشاد، وتقود الحملة التنصيرية الشرسة عليها نجد ما يلي:
1- منظمة الآحاد التوراتية التشادية التي أنفقت مبالغ طائلة في مجال تطوير اللهجات المحلية.

2- حركة ضد المجاعة التي أنفقت ما يزيد عن 114779071 فرنك سيفا في مجالات الصحة ورعاية الأمومة والطفل وإنشاء مشاريع التنمية لصالح الحركة، وقد آوت ما يزيد عن 2401 من الأطفال بغية تنصيرهم في المستقبل.

3- حركة التعاون من أجل التنمية، وهي متسترة تحت غطاء: مساعدة السكان المضطهدين لرفع مستواهم المعيشي، ومكافحة مرض فقد المناعة (الإيدز) بتوزيع كميات كبيرة من أكياس الوقاية، وتنظيم ندوات ثقافية لتوعية السكان تهدف إلى تنصيرهم في المستقبل.

3- منظمة اتفاق الكنائس والبعثات التنصيرية في تشاد، وهي متسترة بغطاء الاهتمام بالجوانب الصحية والاجتماعية والتعليم والتنمية، ولأجل تحقيق هدفها أنفقت 56 مليار فرنك سيفا.

4 - المعهد الأفريقي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهدفه تطويع اقتصاد الدولة لصالح المؤسسات الكنسية، ويعمل في مجالات مختلفة: منها البحوث العلمية والتنمية الزراعية وتوعية سكان الريف.

5 - أطباء بلا حدود، وهي منظمة بلجيكية تابعة للكنيسة البروتستانتية، تهدف إلى الدعم في مجال الصحة ومساعدة المشاريع الوطنية الهادفة.

6 - أطباء بلا حدود - لكسمبورج، وهي تعمل في مجال الصحة.

7 - البعثة الكنسية ضد مرض الجذام، وهي منظمة بروتستانتية تعمل في مكافحة مرض الجذام، وتقدم الأحذية التي تناسب المصابين بهذا المرض.

8 - منظمة الإغاثة الكاثوليكية للتنمية، وهي تقوم بإنشاء مراكز مهنية للمسيحيين فقط، وتساعد المسلمين بهدف تنصيرهم وقت المجاعات والكوارث الطبيعية. وتقدر نفقة مشاريعها بـ1419717198 فرنك سيفا.

9- النظرة العالمية البروتستانتية، ومهمتها رعاية الأطفال وتخزين الغلال وحماية البيئة من التلوث وبناء المستشفيات، وقد أنفقت في سبيل ذلك 102955800 فرنك سيفا.

10- منظمة بلاك الكنسية، وهي منظمة مكونة من خمس أسقفيات تعمل في جنوب تشاد، هدفُها الهيمنة على مجال الزراعة والتعليم وتكوين قواد مسيحيين تحت غطاء التنمية الريفية والثقافية والاجتماعية، ولها ميزانية أكبر من ميزانية الدولة ففي عام 1999م وحده أنفقت ما يزيد عن 1198281500 فرنك سيفا.

11- منظمة التعاون العالمي التي مقرها إيطاليا، وهي تعمل تحت ستار الصليب الأحمر الدولي وإغاثة المنكوبين وتقديم المعونات للدول النامية، وقد أنفقت 124000000 فرنك سيفا لتحقيق أهدافها.

12- الصليب الأحمر السويسري، الذي يعمل في دعم مجال الصحة وبناء مراكز للصحة وترميمها، وفي ذلك أنفقت 245272000 فرنك سيفا.

13- جمعية بتسال البروتستانتية، وهي تقدم الدعم في مجال رعاية الأيتام بإنشاء مدارس خاصة للأيتام، وفي مجال تعليم رجال الكنيسة في القرى وإنشاء مراكز لحضانة الأطفال، وبلغت نفقاتها 45464000 فرنك سيفا.

14- الجمعية التشادية من أجل تحسين أحوال الأسرة، وهي تعمل تحت ستار الحملة المكثفة في أوساط الشباب لمكافحة مرض فِقدان المناعة (الإيدز). وتقوم بتدريب الشبان والشابات على استعمال كيس الوقاية الذي يدعو إلى الإباحية والانحلال الخلقي، مستعملين وسائل اللهو وعرض الأفلام الخليعة التي تشمئز منها النفوس.

15- جمعية دعم المبادرات المحلية للتنمية، وهي تابعة للكنيسة البروتستانتية، وتعمل تحت هذا الغطاء، وأنفقت 3225763 فرنك سيفا.

16- مكتب الدعم الصحي والبيئة، وهي جمعية سويسرية تتستر في غطاء الصحة ومكافحة تلوث البيئة، وأنفقت في سبيل تحقيق ذلك 173447759 فرنك سيفا.

17- الجمعية التشادية للتنمية، وهي تعمل في مجال الزراعة، وتقدم للمزارعين قروضًا مالية ومعدات زراعية.

18- الجمعية العالمية للغات، وهي جمعية هدفها تطوير اللغات المحلية، وقد اختارت (11) لغة محلية في تشاد، ولها نشاطات تنصيرية خطيرة تقوم بها في تشاد، وتتلقى الدعم من أمريكا وألمانيا وسويسرا وإنجلترا وكندا والمكسيك وفرنسا والنرويج وأستراليا ومن جميع الكنائس المسيحية. وهي أخطر الجمعيات التنصيرية في تشاد، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف أنفقت 42386871 فرنك سيفا.

19- جمعية يرين تشاد، ومقرها في ألمانيا، وهي تعمل في مجال دعم المشاريع التنموية بتقديم القروض المالية لبناء المدارس ومراكز التعليم والمنح الدراسية، ولهذا الهدف أنفقت 30000000 فرنك سيفا.

20- الجماعة من أجل تقدم قوندي، وهي منطقة تابعة لإحدى المحافظات التشادية تقوم بتمويلها الكنيسة الكاثوليكية مستترة بغطاء الصحة، وتتلقى الدعم من البعثة التنصيرية الإيطالية.

21- دعم مجلس الكنائس العالمي، فقد نشرت الصحف العالمية أنه أنفق عشرة آلاف مليون دولار خلال عام واحد لتنفيذ خطة مرسومة، وعمل منظم، واستراتيجية طويلة الأمد، يشارك في تنفيذها عشراتُ الآلاف من المنصرين من جميع أنحاء العالم، وكان هدفها تنصير المناطق التي يسكنها مسلمون 100%.

- نشر الثقافة الأمريكية
ويُضاف إلى هذه الغارة الصليبية الهائلة، الصراع الفرنسي الأمريكي للهيمنة على ثروات تشاد، وسعي أمريكا الحثيث لنشر الثقافة الأمريكية والعلمانية وسط المسلمين، لتمثل تحدّيًا آخر أمام حركة الإسلام والمسلمين في تشاد، ومحاولة وضعها قوانين ولوائح تضمن لها البقاء في تشاد وفرض هيمنتها الصليبية البروتستنتية. ومن تلك المحاولات الداعية إلى العلمانية: محاولتها عرض قانون تنظيم الأسرة (الأحوال الشخصية للمسلمين)، ومن أخطر بنود هذا القانون الحريّة الجنسية التي يدّعونـها ويسمّونـها بغير اسمها وهي تحرير المرأة!

ولتأكيد فرض هيمنتها على تشاد فإن 97% من مشروع بترول تشاد الذي تُقدّر تكلفتُه بنحو (5.24) مليار دولار، ممولة من مجموعة الشركات الأمريكية (أكسون موبيل 40% وبتروناس 35% وشفرون 25%). أمّا الثروات الأخرى كالذهب فإن هناك شركات كورية تعمل لحساب أمريكا بدأت عملها في مناطق شاسعة من البلاد.

ومع ضخامة هذه الغارة وإمكاناتـها الكبيرة يبقى أمام التشاديين -كما هو أمام المسلمين جميعًا- أن يعدّوا العدّة لمواجهة هذه الغارة، فليس من المعقول أن يوجد في تشاد 2160 منظمة تنصيرية، في مقابل ثماني منظمات دولية إسلامية فقط.

المراجع:
1- الغارة الصليبية على تشاد - محمد البشير أحمد موسى - موقع المختار الإسلامي على الإنترنت – 5/1/2005م
2- كيف نواجه التبشير في أفريقيا؟ - جمهورية التشاد نموذجًا - علي المسيري - موقع المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب - 4 إبريل 2005م
3- التنصير في تشاد - د. حقار محمد أحمد.


رابط الموضوع
http://www.alukah.net/Spotlight/10928/4040/#ixzz2JrpCegBw

أبو مريم السني
2013-02-03, 11:04 PM
ثقافة الإرهاب في الكتاب المقدس
د. أحمد عبدالحميد عبدالحق (http://www.alukah.net/Authors/View/Spotlight/610/)


قد طال ما تأمَّلت في تاريخ اليهود بفلسطين خلال الستين عامًا الماضية، ورأيت الجرائم البشعة التي يرتكبونها صباح مساء ضدَّ المستضعفين من الفلسطينيين، تلك الجرائم التي تصيب بالغثيان كلَّ من يطلع عليها، فأخذت أتعجب:

كيف يجرؤ اليهود على تلك الجرائم؟! وكيف ترضى بها كلُّ طوائفهم، رغم أنهم ينتمون إلى ما يقرب من تسعين جنسيَّة، والمفترض أنَّ كل جنسية تحمل ثقافة مخالفة لثقافة الجنسية الأخرى؟

بل كيف يرضى بها ويشجعهم عليها المهيمنون على صنع القرار بأمريكا وأوربا، من المؤمنين بالصِّهيَونيَّة المسيحية، ويزودونهم بأحدث الأسلحة الفتاكة لتنفيذ جرائمهم، ويرون في تلك الجرائم إرضاءً للرَّب الذي يؤمنون به؟

لكن عجبي قد زال عندما اطلعت على الكتاب المقدس عندهم، ورأيت ما فيه من حضٍّ على الإرهاب، وسفك الدماء والبطش بالأبرياء، والادعاء بأن هذه أوامر الله تعالى، وتنزَّه - سبحانه وتعالى - عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا.

ورأيت أنها ثقافة نُشِّئوا عليها جميعًا على اختلاف لغاتهم وأجناسهم وألوانهم؛ إنها ثقافة حبِّ الانتقام من الآخرين، إذا تَمكَّنوا منهم، بعد أحقاب عاشها اليهود في الذُّل والاستعباد.

وتلك نماذجُ اقتبستها من السِّفر المسمَّى بسفر "يشوع" أقدِّمها للقارئ؛ ليعلم على أيِّ ثقافة يُربَّى هؤلاء، وقد حرصت على أن أنسخها كما هي دون تحريف، وقصدي من كلِّ ذلك أنْ نحتاطَ لأنفسنا قبل أن نجد أنفسنا أسرى في أيدي هؤلاء، ينفذون فينا أوامر شيطانيَّة ملأت عقولهم، ولن يُنجيَنا منهم ركوعنا ولا سجودنا تحت أقدامهم.

وأبدأ بالإصحاح الأول الذي صدرت مقدمته بهذا الأمر ليوشع: "يَشوع": "(6) تشدَّد وتشجَّع؛ لأنك أنت تقسم لهذا الشَّعب الأرض التي حلفت لآبائهم أن أعطيهم"؛ فلا بُدَّ أن يكون اليهود مُتشدِّدين في طلباتهم ورغباتهم.

وأمَّا المقصود بالأرض التي يزعمون أن الله قسمها لبني إسرائيل، فهي أرض الشام كلِّها، وليست فلسطين فقط؛ فقد جاء في سياق آخر على لسان يشوع: "جوزوا في وَسَطِ المحلَّة، وأْمروا الشعب قائلين: هيِّئوا لأنفسكم زادًا؛ لأنكم بعد ثلاثة أيام تعبرون الأُرْدُنَّ هذا؛ لتدخلوا فتمتلكوا الأرض التي يعطيكم الرب إلهُكم لتمتلكوها".

"(12) ثم قال يشوع للرَّأُوبينيِّي ن والجاديِّين ونصف سِبط مِنسَّى: (13) "اذكروا الكلام الذي أمركم به موسى عبد الرَّبِّ قائلاً: الرب إلهكم قد أراحكم وأعطاكم هذه الأرض، (14) نساؤكم وأطفالكم ومواشيكم تلبث في الأرض التي أعطاكم موسى في عِبْرِ الأُرْدُنِّ، وأنتم تعبرون متجهِّزين أمام إخوتكم، كل الأبطال ذوي البأس، وتعينونهم (15) حتَّى يريح الرب إخوتكم مثلكم، ويمتلكوا هم أيضًا الأرض التي يعطيهم الرب إلهكم، ثم ترجعون إلى أرض ميراثكم وتمتلكونها، التي أعطاكم موسى عبد الرَّبِّ في عبر الأردنِّ، نحو شروق الشّمس".

هذا؛ ليعلم ذلك من يظنون أنَّهم بتخلِّيهم عن مساندة الفلسطينيين سيعيشون بمأمنٍ من اعتداء اليهود عليهم في القريب العاجل.

بل إنَّ التوراة تؤكد أن من لا يؤمن بذلك من اليهود أنفسهم مصيرُه - كما جاء في هذا السفر -: "(18) كل إنسانٍ يعصي قولك، ولا يسمع كلامك في كلِّ ما تأمره به يُقتل؛ إنَّما كن متشدِّدًا وتشجَّع".

ومن هنا نعرف موقفهم من مَوقف مَن ينادي بمسالمة العرب، ومن يقول بضرورة الانسحاب من جزءٍ من الأراضي للفلسطينيين؛ وما حَدَثَ لرئيس الوزراء الأسبق "رابين"، الذي قتل على أيدي بعض شبابهم، الذين يلتزمون بنصوص هذا السفر - خير شاهد لذلك. وهذه التعاليم الإرهابيَّة يباح في تنفيذها كلُّ الوسائل؛ حتَّى ولو كانت الاستعانة بالعاهرات؛ فقد جاء في الإصحاح الثاني من هذا السفر: "(1) فأرسل يشوع بن نونٍ من شطِّيم رجلَين جاسوسَيْن سرًّا، قائلاً: "اذهبا، انظُرا الأرض وأريحا"، فذهبا ودخلا بيت امرأةٍ زانيةٍ، اسمها راحاب، واضطجعا هناك".

ولا بأس أن يجعل الكتاب المقدس من تلك العاهرة - وهي من المفترض أن تكون من قوم وثنيين - فقيهة عالمة بالمجد الذي سيصل إليه بنو إسرائيل، وبالمملكة العظمى التي سيمنحها لهم الرب؛ فقد جاء في الإصحاح الثاني: "(8) وأمَّا هما فقبل أن يضطجعا، صعدت إليهما إلى السَّطح (9) وقالت: "علمت أنَّ الرَّب قد أعطاكم الأرض، وأنَّ رعبكم قد وقع علينا، وأنَّ جميع سكَّان الأرض ذابوا من أجلكم؛ (10) لأنَّنا قد سمعنا كيف يبَّس الرب مياه بحر سوف قدَّامكم، عند خروجكم من مصر، وما عملتموه بملكَي الأموريِّين اللذَيْن في عبر الأردنِّ: سيحون وعوج، اللذَيْن حرَّمتموهما، (11) سمعنا فذابت قلوبنا، ولم تَبْقَ بعدُ روحٌ في إنسانٍ بسببكم؛ لأنَّ الرَّب إلهكم هو اللَّه في السَّماء من فوق، وعلى الأرض من تحت".

وفي الإصحاح الثالث: "قال يشوع: بهذا تعلمون أنَّ اللَّه الحيَّ في وسطكم، وطردًا يطردُ مِن أمامكم الكنعانيِّين، والحثيِّين، والحوِّيِّين، والفرزِّيِّين، والجرجاشيِّين، والأموريِّين، واليبوسيِّين...".

ولماذا يفعل الله الحي ذلك بالكنعانيين والحثيين والحويين والفرزيين وغيرهم؟ ألأنَّهم مشركون بالله؟ فلماذا لم يكلِّف بني إسرائيل بدعوتهم للتوحيد؟ أو لأنَّهم أعداء لِبني إسرائيل؟ فمن أين جاءت تلك العداوة؟ وأي عداوة، وأيُّ شرٍّ نال بني إسرائيل من هؤلاء وهم لم يساكنوهم، ولم يجاوروهم من عقود طويلة؛ حيث كان بنو إسرائيل بمصر مُدة طويلة، وبعد خروجهم قضَوْا في التِّيه أربعين سنة؟

وإذا كانت العداوة قديمة، فما ذنب الجيل الجديد الذي لم يَرَ جريرة آبائه ولا أجداده؟ إذًا فالتفسير الوحيد لذلك هو أسلوب الإرهاب الذي يستخدم مع أناس بريئين لطردهم من بلادهم؛ بحجة أن الرَّب منحها لهم، ووعدهم بها.

وتُكَرس تلك الثقافة الإرهابية في الإصحاح الخامس من هذا السفر، الذي يقوم كلُّه على بثِّ الرعب في قلوب الناس - بأن ربَّ بني إسرائيل يذيب قلوب الناس ويملؤها رعبًا؛ ليستسلموا فقط أمام بني إسرائيل، ويتركوا لهم بلادهم وديارهم وأموالهم، وبدون أيِّ جريمة منهم، أو فعل يستحِقُّ العقوبة من السماء، وتأمَّل معي - أيها القارئ العزيز - هذه العبارة: "وعندما سمع جميع ملوك الأموريِّين الذين في عبر الأردنِّ غربًا، وجميع ملوك الكنعانيِّين الذين على البحر - أنَّ الرَّب قد يبَّس مياه الأردنِّ من أمام بني إسرائيل حتَّى عبرنا؛ ذابتْ قلوبهم ولم تبقَ فيهم روحٌ بعد؛ من جرَّاء بني إسرائيل".

بل ملائكة السماء سخِّرت من أجل البطش بكل من هم غير اليهود، وهذا ما يفهم من تلك العبارة : "(13) وحدث لَمَّا كان يشوع عند أريحا أنَّه رفع عينيه ونظر، وإذا برجلٍ واقفٍ قُبالَته، وسيفه مسلولٌ بيده، فسار يشوعُ إليه، وسأله: هل لنا أنت أو لأعدائنا؟ (14) فقال: كلاَّ، بل أنا رئيس جُند الرَّبِّ، الآن أتيت".

وما دامت الملائكة جُند الله هم رَهْن إشارة اليهود ضدَّ أعدائهم، الذين لم تَذْكُر لنا التوراة جريمةً لهم سوى أنهم ليسوا من الشعب المختار لله، فلا بأس إذًا أن يكون الناس في الشرق والغرب مقرين بأن لبني إسرائيل الحق في أن يمارسوا الإرهاب، ويغتصبوا أموال الناس وديارهم وبلادهم دون أن يعترض عليهم أحد، ما دام ذلك هو أمر الربِّ.

بل الأدهى من ذلك أنْ صار الكثيرون يؤمنون بوجوب مساعدة اليهود في ممارسة ذلك، والضرب بيدٍ من حديد على من يحاول أن يدافع عن حقِّه؛ دفاعًا عن مطامعهم.

فكم سمعنا من رؤساءَ وملوك في أمريكا وأوربا، بل من أمناء الأمم المتحدة بأن توفير الأمن لإسرائيل - الذي يقصد به الوقوف معها ضد العرب المطالبين بحقوقهم المغتصبة - هو واجب عليهم، وأن أمن إسرائيل خطٌّ أحمر لا يجوز تخطِّيه، وأن على العرب أن يقبلوا بذلك ويسلِّموا به، إذا كانوا يريدون أن تظلَّ علاقتهم بأمريكا والغرب حميمة.

وأمَّا عن أسلوب الحصار والتضييق على سكان فلسطين من غير اليهود؛ حتَّى يموتوا أو يفروا من ديارهم - فليس وليد الساعة، وإنَّما هي تعاليم مسجلة في التوراة، وثقافة يُنشَّأ عليها من يتَرَبَّى على تعاليمها، ومن يشك في ذلك فليراجع ما جاء في مُقدمة الإصحاح السَّادس من سفر "يشوع": "(1) وكانت أريحا مغلَّقةً مقفَّلةً بسبب بني إسرائيل، لا أحدٌ يخرج ولا أحدٌ يدخل".

وهؤلاء المحاصرون، المصير الذي ينتظرهم هو أمر الرب كما زعموا؛ "(2) فقال الرب ليشوع: انظر، قد دفعت بيدك أريحا، وملكها جبابرة البأس، (3) تدُورون دائرةَ المدينة، جميع رجال الحرب، حول المدينة مرَّةً واحدةً، هكذا تفعلون ستَّة أيَّامٍ، (4) وسبعة كهنةٍ يحملون أبواق الهتاف السَّبعة أمام التابوت، وفي اليوم السَّابع تدورون دائرة المدينة سبع مرَّاتٍ، والكهنة يضربون بالأبواق، (5) ويكون عند امتداد صوت قرن الهتاف عند استماعكم صوتَ البوق - أنَّ جميع الشَّعب يهتف هتافًا عظيمًا، فيسقط سور المدينة في مكانه، ويصعد الشَّعب كل رجلٍ مع وجهه... (16) وكان في المرَّة السَّابعة عندما ضرب الكهنة بالأبواق أنَّ يشوع قال للشَّعب: اهتفوا؛ لأنَّ الرَّب قد أعطاكم المدينة، (17) فتكون المدينة وكل ما فيها محرَّمًا للرَّبِّ"؛ أيْ: مباحٌ قتله.

ويبدو أن هذا الكلام قد سجِّل في عصر استضعاف من اليهود؛ لذا كانت أساليب الترهيب فيه تُنسب إلى نواميس السماء، أما وقد تغيَّر الحال، وصارت الأسلحة والمساعدات تأتي إليهم من كل حَدَبٍ وصَوْب؛ فإنَّ الدوران حول المدن المحاصرة ليس بالأبواق التي تحملها الكهنة، وإنَّما بالطائرات والمدرَّعات والدبابات والصواريخ التي تحيط بالمدن الفلسطينية المحاصرة من كلِّ اتجاه.

هذا الإرهاب الذي يجعل المحاصرين يهيمون على وجوههم تاركين ديارهم لليهود؛ كما تقول هذه العبارة: "فسقط السُّور في مكانه، وصعد الشَّعب إلى المدينة، كل رجلٍ مع وجهه، وأخذوا المدينة، (21) وحرَّموا - أيْ: أبادوا كلَّ ما في المدينة من رجلٍ و
امرأةٍ، من طفلٍ وشيخٍ، حتَّى البقر والغنم والحمير بحدِّ السَّيف".

وأمَّا عن مصير أموال أهل تلك المُدن التي سقطت في أيديهم، فهو كما جاء في الإصحاح السادس: "(19) وكل الفضَّة والذَّهب وآنية النُّحاس والحديد تكون قدسًا للرَّبِّ، وتدخل في خزانة الرَّبِّ".

فاعتبروا يا أولي الألباب، من أهل البلاد التي تجاور اليهود قبل أن يكون ذلك مآلكم، وإلاَّ فستسمعون عن المزيد من الإرهاب والمآسي الَّتي يصوِّرها الإصحاح الثامن في تلك العبارة: "(1) فقال الرَّبُّ ليشوع: لا تَخَفْ ولا ترتعب، خذ معك جميع رجال الحرب، وقم، اصْعدْ إلى عايٍ، انظُر، قد دفعت بيدك ملك عايٍ وشعبه ومدينته وأرضه، (2) فتفعل بعايٍ وملكها كما فعلت بأريحا وملكها، غير أنَّ غنيمتها وبهائمها تنهبونها لنفوسكم، جعل كمينًا للمدينة من ورائها، (3) فقام يشوع وجميع رجال الحرب للصُّعود إلى عايٍ، وانتخب يشوع ثلاثين ألف رجلٍ جبابرة البأس وأرسلهم ليلاً، (4) وأوصاهم: انظُروا، أنتم تكمنون للمدينة من وراء المدينة، لا تبتعدوا من المدينة كثيرًا، وكونوا كلكم مستعدِّين، (5) وأمَّا أنا وجميع الشَّعب الذي معي فنقترب إلى المدينة، ويكون حينما يخرجون للقائنا كما في الأول أنَّنا نهرب قدَّامهم، (6) فيخرجون وراءنا حتَّى نجذبهم عن المدينة؛ لأنَّهم يقولون: إنَّهم هاربون أمامنا كما في الأول، فنهرب قدَّامهم، (7) وأنتم تقومون من المكْمَن وتملكون المدينة، ويدفعها الرَّبُّ إلهكم بيدكم، (8) ويكون عند أخذكم المدينة أنَّكم تضرمون المدينة بالنَّار، كقول الرَّبِّ تفعلون، انظُروا، قد أوصيْتُكم، (9) فأرسلهم يشوع، فساروا إلى المكْمَن، ولبثوا بين بيت إيلٍ وعايٍ غربيَّ عايٍ، وبات يشوع تلك اللَّيلة في وسط الشَّعب، (10) فبكَّر يشوع في الغد وعدَّ الشَّعب، وصعد هو وشيوخ إسرائيل قدَّام الشَّعب إلى عايٍ، (11) وجميع رجال الحرب الذين معه صَعِدوا وتقدَّموا وأتوا إلى مقابل المدينة، ونزلوا شماليَّ عايٍ، والوادي بينهم وبين عايٍ، (12) فأخذ نحو خمسة آلاف رجلٍ وجعلهم كمينًا بين بيت إيلٍ وعايٍ غربيَّ المدينة، (13) وأقاموا الشَّعب، أي كلُّ الجيش الذي شماليَّ المدينة، وكمينه غربيَّ المدينة، وسار يشوع تلك اللَّيلة إلى وسط الوادي، (14) وكان لَمَّا رأى ملك عايٍ ذلك أنَّهم أسرعوا وبكَّروا، وخرج رجال المدينة للقاء إسرائيل للحرب هو وجميع شعبه في الميعاد إلى قدَّام السَّهل، وهو لا يعلم أنَّ عليه كمينًا وراء المدينة، (15) فأعطى يشوع وجميع إسرائيل انكسارًا أمامهم، وهربوا في طريق البرِّيَّة، (16) فأُلقِيَ الصَّوت على جميع الشَّعب الذين في المدينة للسَّعي وراءهم، فسَعَوا وراء يشوع، وانجذبوا عن المدينة، (17) ولم يبقَ في عايٍ أو في بيت إيلٍ رجلٌ لم يخرج وراء إسرائيل، فتركوا المدينة مفتوحةً وسعَوا وراء إسرائيل، (18) فقال الرَّبُّ ليشوع: مدَّ المزراق الذي بيدك نحو عايٍ؛ لأنَّي بيدك أدفعها، فمدَّ يشوع المزراق الذي بيده نحو المدينة، (19) فقام الكمين بسرعةٍ من مكانه وركضوا عندما مدَّ يده، ودخلوا المدينة وأخذوها، وأسرعوا وأحرقوا المدينة بالنار، (20) فالتفت رجال عايٍ إلى ورائهم ونَظَروا، وإذا دخانُ المدينة قد صعد إلى السَّماء، فلم يكن لهم مكانٌ للهرب هنا أو هناك، والشَّعب الهارب إلى البرِّيَّة انقلب على الطَّارد، (21) ولَمَّا رأى يشوع وجميع إسرائيل أنَّ الكمين قد أخذ المدينة، وأنَّ دخان المدينة قد صعد، انثَنَوا وضربوا رجال عايٍ، (22) وهؤلاء خرجوا من المدينة للقائهم، فكانوا في وَسَطِ إسرائيل، هؤلاء من هنا، وأولئك من هناك، وضربوهم حتَّى لم يبقَ منهم شاردٌ ولا منفلتٌ، (23) وأمَّا ملك عايٍ فأمسكوه حيًّا وتقدَّموا به إلى يشوع، (24) وكان لَمَّا انتهى إسرائيل من قتل جميع سكَّان عايٍ في الحقل في البرِّيَّة حيث لحقوهم، وسقطوا جميعًا بحدِّ السَّيف حتَّى فَنَوا - أنَّ جميع إسرائيل رجع إلى عايٍ وضربوها بحدِّ السَّيف، (25) فكان جميع الذين سقطوا في ذلك اليوم من رجالٍ ونساءٍ اثني عشر ألفًا، جميع أهل عايٍ، (26) ويشوع لم يردَّ يده الَّتي مدَّها بالحربة حتى حرَّم - أي: أباد - جميع سكَّان عايٍ، (27) لكنَّ البهائم وغنيمةَ تلك المدينة نهبها إسرائيل لأنفسهم حَسَبَ قول الرَّبِّ الذي أمر به يشوع، (28) وأحرق يشوع عاي، وجعلها تلاًّ أبديًّا خرابًا إلى هذا اليوم، (29) وملك عايٍ علَّقه على الخشبة إلى وقت المساء".

وعند غروب الشَّمس أمر يشوع فأنزلوا جثَّته عن الخشبة، وطرحوها عند مدخل باب المدينة، وأقاموا عليها رجمةَ حجارةٍ عظيمةً إلى هذا اليوم.

وما جريمة هذا الملك الذي قُتِل بعد أسره، وحرِّق جثمانه بعد قتله، ثم صلب ورجم، كل ذلك بعد موته؟

لم يخبرنا سفر يشوع بجريمته؛ ولذلك لا أجد له تفسيرًا غير ثقافة الإرهاب، التي يغرسها الكتاب المقدس في قلوب أتباعه، التي وصفت في القرآن الكريم بأنها كالحجارة أو أشد قسوة.

فما أقساه من إرهاب؛ ولذا لا نعجب عندما نقرأ عن عشرات القُرى التي أبيدت على أيديهم بفلسطين في القرن الماضي، فلنخشَ أن تدور علينا الدائرة، ونمكِّن اليهود من رقابنا، فهذا حكمهم فينا ينتظر الجميع.
ومن المدهش أنَّ تعاليم التوراة تُثني على من يخون أهله من أبناء الأمم الأخرى، ويتعاون مع اليهود ضدَّهم، ولو كان مثل المرأة العاهرة البغي، التي ارتكبت تُهمة الخيانة العظمى ضدَّ بني جنسها، وآوت الجواسيس، وكأنَّ كتاب التوراة يقولون: لا بأس أن يكون المرء عاهرًا بغيًّا، ولا بأس أن يكون خائنًا لقومه، فلا يضير ذلك عند الرب ما دام ذلك يَخدم مصلحة الشعب الإسرائيلي، فانظر - أيها القارئ الكريم - إلى ما جاء في الإصحاح السادس من سفر "يوشع": "راحاب الزَّانية فقط تحيا هي وكل من معها في ابيت؛ لأنَّها قد خبَّأت المرسلَيْن اللذين أرسلناهما"؛ فأيُّ إله هذا الذي يأمر بمثل ذلك؟

"(22) وقال يشوع للرَّجلين اللذَيْن تجسَّسا الأرض: ادخلا بيت المرأة الزَّانية، وأخرجا من هناك المرأة وكلَّ ما لها كما حلفتما لها، (23) فدخل الجاسوسان، وأخرجا راحاب وأباها وأمَّها وإخوتها وكلَّ ما لها وكلَّ عشائرها، وتَرَكاهم خارج محلَّة إسرائيل، (24) وأحرقوا المدينة بالنَّار مع كلِّ ما بها، إنَّما الفضَّة والذَّهب وآنية النُّحاس والحديد جعلوها في خزانة بيت الرَّبِّ، (25) واستحيى يشوع راحاب الزَّانية وبيت أبيها وكلَّ ما لها، وسكنت في وسط إسرائيل إلى هذا اليوم؛ لأنَّها خبأت المرسلَيْن اللذَيْن أرسلهما يشوع ليتجسَّسا أريحا".

ولكن نصيحة أقدمها لمن يركن إلى اليهود، ويعاملهم ويتقرَّب إليهم، ولو على حساب شعبه - أنَّ سماحة اليهود مع مثل تلك المرأة العاهرة الخائنة ليست عامَّة، وأن أيَّ إنسان مهما قدَّم لهم لن ترقى مكانته عندهم فوق مرتبة العبد أو الخادم لهم، وهذا ما يؤكِّدُه الإصحاح التاسع من سفر "يشوع" الذي جاء فيه: "(3) وأمَّا سكَّان جبعون لَمَّا سمعوا بما عمله يشوع بأريحا وعايٍ (4) عملوا بغدرٍ، ومَضَوا ودارُوا وأخذوا جوالقَ باليةً لحميرهم، وزقاق خمرٍ باليةً مشقَّقةً ومربوطةً، (5) ونعالاً باليةً ومرقَّعةً في أرجلهم، وثيابًا رثَّةً عليهم، وكلُّ خبز زادُهم يابسٌ قد صار فتاتًا، (6) وساروا إلى يشوع إلى المحلَّة في الجلجال، وقالوا له ولرجال إسرائيل: من أرضٍ بعيدةٍ جئنا، والآن اقطعوا لنا عهدًا، (7)، فقال رجال إسرائيل للحوِّيِّين: لعلَّك ساكنٌ في وسطي، فكيف أقطع لك عهدًا؟ (8) فقالوا ليشوع: عبيدك نحن، فقال لهم يشوع: من أنتم، ومن أين جئتم؟ (9) فقالوا له: من أرضٍ بعيدةٍ جدًّا جاء عبيدك على اسم الرَّبِّ إلهك؛ لأنَّنا سمعنا خبره وكلَّ ما عمل بمصر، (10) وكلَّ ما عمل بملكي الأموريِّين اللذَيْن في عبر الأردنِّ، سيحون ملك حشبون، وعوج ملك باشان الذي في عشتاروث، (11) فكلَّمنا شيوخنا وجميع سكَّان أرضنا قائلين: خذوا بأيديكم زادًا للطَّريق، واذهبوا للقائهم، وقولوا لهم: عبيدكم نحن، والآن اقطعوا لنا عهدًا، (12) هذا خبزنا سخنٌ، تزودناه من بيوتنا يوم خروجنا؛ لنسير إليكم، وها هو الآن يابسٌ قد صار فتاتًا، (13) وهذه زقاق الخمر الَّتي ملأناها جديدةٌ، هي ذي قد تشقَّقت، وهذه ثيابنا ونعالنا قد بليت من طول الطَّريق جدًّا، (14) فأكل الرِّجال من زادهم، ومن فم الرِّبِّ لم يسألوا.

(15) فعمل يشوع لهم صلحًا، وقطع لهم عهدًا لاستحيائهم، وحلف لهم رؤساء الجماعة، (16) وفي نهاية ثلاثة أيَّامٍ بعدما قطعوا لهم عهدًا سَمِعوا أنَّهم قريبون إليهم، وأنَّهم ساكنون في وسطهم، (17) فارتحل بنو إسرائيل وجاؤوا إلى مُدنهم في اليوم الثَّالث، ومدنهم هي: جبعون، والكفيرة، وبئيروت، وقرية يعاريم، (18) ولم يضربهم بنو إسرائيل؛ لأنَّ رؤساء الجماعة حلفوا لهم بالرَّبِّ إله إسرائيل.

فتذمَّر كل الجماعة على الرُّؤساء، (19) فقال جميع الرُّؤساء لكلِّ الجماعة: إنَّنا قد حلفنا لهم بالرَّبِّ إله إسرائيل، والآن لا نتمكَّن من مسِّهم.

(20) هذا نصنعه لهم ونستحييهم فلا يكون علينا سخطٌ من أجل الحلف الذي حلفنا لهم، (21) وقال لهم الرُّؤساء: يحيَون ويكونون محتطبي حطبٍ ومستقي ماءٍ لكلِّ الجماعة كما كلَّمهم الرُّؤساء.

(22) فدعاهم يشوع، وقال لهم: لماذا خدعتمونا قائلين: نحن بعيدون عنكم جدًّا، وأنتم ساكنون في وسطنا؟ (23) فالآن ملعونون أنتم، فلا ينقطع منكم العبيد ومحتطبو الحطب ومستقو الماء لبيت إلهي.

(25) والآن نحن بيدك، فافعل بنا ما هو صالحٌ وحقٌّ في عينيك أن تعمل، (26) ففعل بهم هكذا، وأنقذهم من يد بني إسرائيل فلم يقتلوهم، (27) وجعلهم يشوع في ذلك اليوم محتطبي حطبٍ ومستقي ماءٍ للجماعة ولمذبح الرَّبِّ إلى هذا اليوم، في المكان الذي يختاره".

أرأيتم يا من تعدون العُدَّة، وتجمعون أوراقكم، وتشدُّون الرحال لمصالحة ومسالمة اليهود، وتتبرَّؤون من المضطهَدين في فلسطين ونصرتهم، وتقدِّمون الأيمان على أنكم لهم طائعون، أرأيتم مصير من فعل ذلك من الأسلاف؟ مصيره اللعنة، وأن يكون خادمًا يجمع الحطب، ويسقي الماء لسادةِ اليهود في مُقابل أن يمُنُّوا عليهم بالحياة؛ كما تنصُّ هذه العبارة: "(23) فالآن ملعونون أنتم، فلا ينقطع منكم العبيد ومحتطبو الحطب ومستقو الماء لبيت إلهي"؛ فاختاروا لأنفسكم.

رابط الموضوع
http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3613/#ixzz2Jrt4kwIi

أبو مريم السني
2013-02-03, 11:21 PM
الصليبيون الجدد حرب على الإسلام متعددة الوسائل والأشكال
أحمد محمود أبو زيد (http://www.alukah.net/Authors/View/Spotlight/188/)


عداء الصليبيَّة للإسلام وأهلِه عداءٌ قديم، ومعروف للجميع منذ جاءت الحملات الصليبية العسكرية واستولتْ على الشرق الإسلامي عدَّة قرون، وسَعَتْ لإضعافه والسيطرة على مقدَّراته، ونهب ثرواته وخيراته.

وعندما انتهت الحروب الصليبية بلا رجعةٍ، استمرَّ عداؤهم للإسلام، وظهر الصليبيون المحاربون في صورة جديدة، لبسوا فيها ثوبَ الاستِشْراق تارة، وثوب التبشير بالمسيحية تارة أخرى، وجاؤوا إلى الشرق الإسلامي، ومهَّدوا الطريق للاستعمار الغربي الصليبي، الذي جاء ليحتلَّ البلاد الإسلامية، ويسيطِر على أهلها، وينهب ثرواتها، ويتآمر على إسقاط الخلافة الإسلامية في تركيا عام 1924م؛ للقضاء على وحدة المسلمين، وزرع الفُرقة والخلاف بينهم، عملاً بقاعدة: "فرِّقْ تَسُدْ"، ثم ذهب هذا الاستعمارُ مع إصرار أهل هذه البلدان على التحرُّر من براثنه وأغلاله، ولكن ترك أشتاتًا إسلامية ممزقة ومتفرقة، لا تجمعها كلمةٌ، ولا يوحدها صف.

محاربة الوحدة الإسلامية:
والفُرقة لا بُد أن يصاحبها ضعفٌ وعجز عن مقاومة العدو المتآمر، يقول القس "سيمون": "إن الوحدة العربية الإسلامية تجمع آمالَ الشعوب الإسلامية، وتساعد على التخلص من السيطرة الأوروبية، ومن أجل ذلك يجب أن نعمل على كَسْرِ شوكة هذه الحركة، وتحويل اتجاه المسلمين عن الوحدة الإسلامية".

ويقول المنصِّر "لورانس براون": "إذا اتَّحد المسلمون في إمبراطورية عربيَّة أمكن أن يصبحوا لعنةً على العالم وخطرًا، أو أمكن أن يصبحوا أيضًا نعمة له، أما إذا بقوا متفرِّقين فإنهم يظلون حينئذٍ بلا وزن ولا تأثير".

وفي عام 1907م عُقِد مؤتمر أوروبي كبير ضَمَّ أضخمَ نخبةٍ من المفكرين والسياسيين الأوروبيين برئاسة وزير خارجية بريطانيا، الذي قال في خطاب الافتتاح: "إنَّ الحضارة الأوروبية مهدَّدة بالانحلال والفناء، والواجب يقضي علينا أن نبحث في هذا المؤتمرِ عن وسيلة فعَّالة تَحُول دون انهيار حضارتنا".

واستمرَّ المؤتمر شهرًا من الدراسات والنقاش، واستعرض المؤتمرون الأخطارَ الخارجية التي يمكن أن تَقضي على الحضارة الغربية الآفلة، فوجدوا أنَّ المسلمين هم أعظم خطر يهدد أوروبا، فقرَّر المؤتمرون وضعَ خطة تقضي ببذل الجهود لمنع إيجاد أيِّ اتِّحاد أو اتفاق بين دول الشرق الأوسط؛ لأن الشرق الأوسط المسلِم المتَّحد يشكل الخطر الوحيد على مستقبل أوروبا، وأخيرًا قرَّروا إنشاء قومية غربية يهودية معادية للعرب والمسلمين شرقي قناة السويس؛ ليبقى المسلمون متفرِّقين، وبذلك أرستْ بريطانيا أسسَ التعاون والتحالف مع الصِّهْيَوْنِيّ َة العالمية، وقامت بذلك دولة "إسرائيل".

إبعاد المسلمين عن دينهم:
وبعد ضربِ الوحدة الإسلامية تسعى الصليبيةُ - بالتعاون مع القوى المعادية الأخرى - لإبعاد المسلمين عن دينهم، وقطعِ صلتهم بالله بشتَّى الوسائل؛ ليتحللوا من نظام الإسلام، ويسيروا في الإلحاد والإباحية، ولجؤوا في تحقيق هذا الهدف إلى مجموعة من الوسائل، منها:
1- محاربة القرآن الكريم وتشويه أحكامه: فالصليبية تعتبر القرآنَ المصدرَ الرئيس لقوة المسلمين، وعودتهم إلى سالف عزِّهم، وماضي قوتهم وحضارتهم، فقد قال "جلادستون" في مجلس العموم البريطاني، وهو يرفع المصحف: "ما دام هذا القرآن موجودًا في أيدي المسلمين، فلن تستطيع أوروبا السيطرةَ على الشرق الإسلامي، ولا أن تكون هي نفسها في أمان".

ويقول المنصِّر "وليم جيفورد": "متى توارَى القرآنُ ومدينة مكة عن بلاد العرب، يُمكننا أن نرى العربي يتدرَّج في طريق الحضارة الغربية، بعيدًا عن محمد وكتابه".

وقد سَعَوْا في سبيل حربِهم للقرآن الكريم إلى التشكيك في أحكامه، والدس فيه، إلا أن محاولاتهم قد باءت بالفشل؛ لأن الحق سبحانه قد تكفل بحفظه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].

ولقدِ استمرَّت الحملاتُ والمطاعن تَنتقِل من جيلٍ إلى جيل، ومن ميدان إلى ميدان، حتى جاء الاستِشْراق والمستشرقون، والتنصير والمنصِّرون، والاستعمار، وإذا بالنغمة تتكرر، وإذا بالسيوف تشهر، وإذا بالمطاعن تنتشر، فتارة يتهمون القرآن بالتناقض، وتارة باللحن، وأخرى بفساد النظم، ورابعة بإنكار الإعجاز، وخامسة بأنه من صنع النَّبي... إلى ما ساق لهم الحقدُ والهوى من ألوان التُّهم، حتى لم يتركوا عيبًا إلا ونسبوه إلى القرآن وألصقوه به، وقد استوى في ذلك القدماءُ والمحدَثون، الشرقيون والغربيون، فيقول المستشرق "جولد تسيهر": "ومن العسير أن تستخلص من القرآن نفسِه مذهبًا عقديًّا موحَّدًا خاليًا من المتناقضات، ولم يَصلْنا من المعارف الدينية الأكثر أهمية وخطرًا إلا آثارٌ عامة، نجد فيها أحيانًا تعاليمَ متناقضةً".

وقد لجأ الصليبيون للدعوة إلى ترجمة القرآن؛ ليسهل عليهم إثارةُ الجدل حوله، ونقدُه، ووضعُ الشكوك في أحكامه، ففي سنة 1122م قام الراهب "بطرس الغنرايلي" رئيس دير كولونيا بفرنسا بالدعوة إلى ترجمة القرآن إلى اللغة اللاتينية؛ حتى يسهل على رجال الدين المسيحي هناك مناقشتُه والطعنُ فيه، وقد قام بهذه الترجمةِ راهبان من رُهبانِهم، هما: روبرت وهرمان، وأتمَّا الترجمةَ وظلَّت محفوظة في عدة نسخ تتداولُها الأديرة، إلى أن تم طبعُها في مدينة بال بسويسرا عام 1543م؛ أي بعد أربعمائة سنة.

2- الطعن في الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتشويه سيرته: فالمستشرقون والمنصرون يسعَوْن بكل قُواهم لتشويه صورة الرسول - صلى الله عليه وسلم، والطعن في سيرته ودعوته.

فهم يزعمون أنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدأ دعوته كرسول ومصلح، ولم يكن يخطر بباله أن يكون قائدًا أو مؤسِّسًا لدولة حتى هاجر إلى المدينة، فبدأت تَجُول بذهنه وخاطره فكرةُ إنشاء دولة، ويستدلُّون على هذا الإفك بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان في مكة مسالمًا، لا يقاوم أعداءه بحرب ولا قتال، ولكنه في المدينة خاض مع أعدائه المعارك الدامية.

ويزعم هؤلاء المستشرقون المتعصبون وغيرهم من قسيسين ورهبان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يميل إلى النساء؛ لذلك سمح لأتباعه بتعدُّد الزوجات، وتوفي هو عن تسع زوجات.

وإلى جانب هذا لجؤوا إلى الدس في السنة النبوية المطهرة، والتشكيك فيها من نواحٍ متعددة، ظانِّين أنهم بذلك يهدمون أهمَّ صرح في البنيان الإسلامي العتيد.

3- السعي إلى تشويه صورة الإسلام في المجتمعات الغربية بشتى الطرق والوسائل؛ لتأمين الغربيين من الدخول فيه، وقد عرض التليفزيون البريطاني منذ مدة فيلمًا يحمل اسمَ "سيف الإسلام"، صوَّر المسلمين بأنَّهم إرهابيُّون وسفَّاكو دماء، وأنهم يحملون سيوفَهم لنشر الإسلام، وإرغام الناس على الدخول فيه، وأنَّهم أناس متخلفون ومتأخرون؛ نتيجة تمسكهم بدينهم.

فشرُّ ما قامتْ به حملات التحامل على الإسلام مِن قِبل الصليبية الكافرة، هو اتهامه بالباطل، وتشويه حقائقه الناصعة المشرقة، ووضعه موضع المتهَم، وكان ذلك في اتفاق مبيَّت، وتدبير محكم بين المستشرقين والمنصرين، وهم رسل الاستعمار، وكأنهم جميعًا أمام متهم لا بد أن يدينوه، وأن يلصقوا به التُّهم الكاذبة، مع براءته وسلامته من كل عيب ونقص، وتلك النية المبيتة في الحكم تُفضي دائمًا إلى نتائجَ واحدةٍ ومتشابهة، حتى لقد أصبحت التهم والأباطيل معروفةً ومكررة؛ لكثرة ما توارد منها.

وهكذا يستمر الخصام، ويستمر الاتهام للإسلام قديمًا وحديثًا، ولا يخجل هؤلاء المستشرقون أو أكثرهم على الأصح، بعد أن ظهرت أكاذيبهم، واندحرت افتراءاتهم، وباءت مؤامراتهم بالخيبة والفشل، وبقي الإسلام - وسيبقى بحفظ الله له - كالطود الشامخ.

4- نشر العلمانية بين المسلمين؛ حتى يتم إقصاء الإسلام عن مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يَخرج عن جدران المساجد، والعلمانيةُ - باختصار شديد - هي فصل الدين عن الدولة، والزعم بأنه "لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين"، وبأن الإسلام ليس فيه نظام حُكم، وإنما هو مجموعة من العبادات التي يؤديها المسلم بينه وبين ربه، ولا علاقة له بشؤون الحياة. وقد ظهر هذا المذهبُ في المجتمعات الغربية؛ نتيجة تسلُّط الكنيسة على مجالات الحياة، ووقوفها في وجه العلم والتقدم، أما الإسلام فيختلف عن المسيحية في أنه نظام شامل وكامل للحياة بكل ما فيها، ففيه النظام السياسي والاقتصادي، وفيه التشريع والمعاملات والعبادات، ولا يترك صغيرة ولا كبيرة في حياة الإنسان إلا ويشملها، ولكن الاستعمار والصليبية استطاعوا نشرَ العلمانية بين المسلمين، حتى صار لها أنصار ومؤيدون، وأذناب وأبواق فارغة، يَدْعون إليها، ويروِّجون لها.

5- الغزو الفكري والثقافي للبلاد الإسلامية: فقد أدرك المستعمرون أن الغزو العسكري لم يَعُد مُجديًا للسيطرة على البلاد الإسلامية؛ حيث هب المسلمون لتحرير أرضهم، ورفضوا الخضوع للاستعمار، ومن هنا لجؤوا إلى غزْوٍ آخَر أشدَّ فتكًا وخطرًا من الغزو العسكري، وهو الغزو الفكري والثقافي، الذي يسعى لنشر الأفكار والمبادئ والعادات والتقاليد الغربية بين المسلمين، ومحاربة الأفكار والمبادئ الإسلامية، وتشويهها باسم الحضارة والتقدم؛ لضرب الهُوية الإسلامية، وتحويل المسلمين إلى أناس لا هوية لهم.
وقد اعتمد هذا الغزوُ الجديد على وسائل الإعلام بشتى أنواعها؛ كالصحف والإذاعة والتليفزيون والفيديو، والأقمار الصناعية والبث المباشر.

6- إفساد المرأة المسلمة: وذلك بالدعوة إلى تحريرها من قيود الفضيلة، وتبرجها، ومساواتها بالرجل في كل شيء، وخروجها إلى العمل، ومخالطتها للرجال في كل مكان دون مراعاة للقيم والأخلاق، ولا غرابة أن الاستعمار الصليبي كان من وراء دعوة تحرير المرأة، التي ظهرت في مصر في بداية القرن الماضي.

7- التنصير: والتنصير هو أخطر هذه الوسائل على الإطلاق؛ لأنه يهدف بالدرجة الأولى إلى إبعادِ المسلم عن دينه، ودعوتِه إلى المسيحية، والحيلولةِ بين الإسلام وبين انتشاره، وإخضاعِ العالم الإسلامي لسيطرة الدول المسيحية، وضربِ الوحدة الإسلامية وتمزيقها. وللتدليل على هذه الأهداف ننقُل هنا جزءًا من الخطاب الذي ألقاه زعيم المنصِّرين القس "زويمر" في مؤتمر القدس، الذي عقد إبان الاحتلال البريطاني لفلسطين، حيث قال: "إن مهمة التنصير التي ندبتْكم دولُ المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية، ليست إدخالَ المسلمين إلى المسيحية؛ فإن هذا هداية لهم وتكريم، وإنَّما مهمَّتكم أن تُخرِجوا المسلم من الإسلام، ليصبح مخلوقًا لا صلة له بالله. إنَّكم أعددتم نشئًا في ديار المسلمين لا يعرف الصلة بالله، ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه المسيحيةَ، وبالتالي جاء النشء الإسلامي طبقًا لما أراده الاستعمار المسيحي، لا يهتم بالعظائم، ويُحبّ الراحة والكسل، ولا يصرف همه في دنياه إلا في الشهوات".

وكشفَ أحدُ المنصِّرين سعيَهم إلى إخضاع العالم الإسلامي لسيطرة الاستعمار، بقوله: "إن الهدف من الإرساليات التنصيرية ليس مُجرَّد نشر النصرانية، بل إخضاع العالم الإسلامي لسيطرة أوروبا المسيحية، فالمواجهة بين المسيحية والإسلام لم تنتهِ بمجرَّد انتهاء الحروب الصليبية، ولكنَّها مواجهة مستمرَّة إلى الأبد".

ومخططات التنصير هذه تعمل بين الأقليات المسلمة وبين الأكثريات، خاصة في البلاد الفقيرة التي تُعاني الفقرَ والجهل والمرض، حيث تذهب إليها الإرسالياتُ بإمكانيات ضخمة، وتقدِّم الغذاءَ والكساء والمعونات، وتبني المستشفيات والمدارس ودور الرعاية والملاجئ، وبذلك يصبح التنصير ثمنًا للغذاء والكساء والدواء في هذه المناطق.

والتنصير في البلاد والمناطق الإسلامية يعمل بتخطيط محكم، وتنظيم دقيق، ويعتمد على كافَّة الوسائل المتاحة، وخاصة وسائل الإعلام، فتجدهم يمتلكون محطات الإذاعة والتليفزيون، والصحف والمجلات، والأقمار الصناعية، وتقف من ورائهم منظماتٌ متعدِّدة تقدِّم لهم الدعمَ السخي، وعلى رأسها مجلسُ الكنائس العالمي، كما أنَّ الدُّول المسيحيَّة لا تبخل على إرساليات التنصير بالمال والعتاد؛ بل تقدِّمُ لها الدعم الكبير الذي يصل إلى المليارات سنويًّا.

ولقدِ استطاعت الهيئات التنصيرية العاملة في أندونيسيا تنصيرَ ربع مليون مسلم خلال عشرين عامًا، وأُجريت دراسة شاملة للمجتمعات الإسلامية في إفريقيا أكَّدتْ أن أكثر من 900 ألف مسلم قد تقبَّلوا المسيحيَّة في عددٍ من البلاد الإفريقية، ووصل عددُ أبناء المسلمين الذين يشرف المنصِّرون على تعليمهم في إفريقيا إلى خَمسة ملايين طالب وطالبة. وفي أوغندا بلغ عدد المدارس الثانوية التي تَمتلِكُها الهيئات التنصيريَّة 282 مدرسة قبل الاستقلال عام 1962م.

وفي زائير فتح الاستعمار البلجيكي الباب على مصراعيه للهيئات التنصيرية؛ فانتشرت فيها المدارس، لتصل إلى 20 ألف مدرسة تنصيريَّة في المرحلة الابتدائية فقط، ويشرف المنصِّرون على معاهدها وجامعاتها.

وفي الفلبين توجد جماعة تنصيرية متطرفة تسمى "إيجلاس"، وهي أخطر الجماعات الكاثوليكية تعصُّبًا ضد المسلمين، ولها تنظيم سري هدفُه الاستيلاءُ على الأرض الإسلامية وإبعاد أهلها عنها، ويتدرَّب أفراد هذا التنظيم في إسرائيل، وقد وَضعتْ هذه الجماعةُ تسعيرةً بالمكافآت التي تُصرَف لِمَن يُصيب مسلمًا بإحدى العاهات؛ وذلك لإلحاق الأذى بالمسلمين، والتنكيل بهم، وهذه التسعيرة هي:
- أذن المسلم ثمنها 100 بيزوس.
- أنف المسلم ثمنها 100 بيزوس.
- إصبع المسلم ثمنها 50 بيزوس.
- كف المسلم أو ذراعه 250 بيزوس.
- عين المسلم ثمنها 1000 بيزوس.

وتشنُّ هذه العصابة حربَ إبادة على المسلمين؛ لإخلاء الأرض منهم، وتوريثها للصليبيين، وذلك تَحت سَمْعِ الحكومة وبصرها، ورضاها وتأييدها.

وقد جاء في إحصائية عن التنصير، نشرتْها المجلة الدولية لأبحاث التنصير التي تصدر في أمريكا، نقلاً عن "ديفيد باريت" أشهر المتخصِّصين في إحصائيات التنصير - أنَّ مَجموع التبرُّعات لأغراض كنسية قد بلغت عام 1989م ما قيمتُه 151 مليار دولار أمريكي، وأنَّ عدد المجلات والدوريَّات والنشرات المسيحية التي توزَّع في العالم تبلغ 22700 مطبوع، أمَّا الأناجيل التي وزِّعت في العام نفسه فتبلغ 72 مليون و552 ألف نسخة.

وأما عدد أجهزة الكمبيوتر التي تستغلها المنظمات المسيحية لخدمة التنصير في تخطيط برامجها وتنفيذها، فتبلغ 45 مليون جهاز، وأنَّ محطَّات الإذاعة والتليفزيون المسيحية في العالم تبلغ نحو 1900 محطة، وأنَّ عدد المنصّرين المحليين - أي أولئك الذين ينتمون إلى الدول التي يعملون فيها - تبلغ 3 مليون و865 ألف منصر.

المراجع:
1- المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام - محمد محمود الصواف - دار الاعتصام 1979م.
2- محاكمة سلمان رشدي المصري "علاء حامد" - أحمد أبو زيد - دار الفضيلة - القاهرة 1992م.
3- أساليب الغزو الفكري والثقافي للعالم الإسلامي - د. محمد علي جريشة ومحمد الزييق - دار الاعتصام 1978م.
4- محنة الأقليات المسلمة في العالم - محمد عبدالله السمان - دار الاعتصام.


رابط الموضوع
http://www.alukah.net/Spotlight/10928/3749/#ixzz2Jrv6MtgI