المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل بنطال الرجال مستثنى من الإسبال ؟



أبو معاذ الجابري
2008-01-07, 10:59 AM
هل بنطال الرجال مستثنى من الإسبال ؟
(1 من 2)
عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جر منها شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة "
صحيح. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه – عن النبي –صلى الله عليه وسلم –قال:
"ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار"رواه البخاري وغيره
..................
زعم البعض أن الحديث الأول مخصص لأحاديث الإسبال ومقيد لها بالأصناف الثلاثة: الإزار، والقميص، والعمامة. وعليه فإسبال البنطال غير مشمول بالوعيد. وهذا الإدعاء مردود بالحديث نفسه ، إذ أن المراد من الحديث عدم حصر الإسبال في الإزار وإنما يتعداه إلى كل ما يلبس سواء أكان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم- كالقميص والعمامة والسراويل- أو في غيرها من الأزمان كالبنطال في زماننا وغيره والأدلة على ذلك كثيرة نورد بعضها للاختصار:

· المعنى اللغوي للإزار والسراويل والثوب:
الإزار:كما في لسان العرب : كل ما واراكَ وسَتَرَكَ . وتعني أيضا : الملحفة
إزرة المؤمن : الحالة وهيئة الائتزار.
السراويل:من سَرَلَ، فارسي معرب ، طائر مسَروَلٌ : أَلبَسَ ريشُهُ ساقَيْهِ، حمامة مسَروَلةٌ: في رجليها ريش.
الثوب: من ثَوَبَ ويعني: اللباس والجمع ثياب وأثْوُبٌ وأثواب.

أقوال أهل العلم قديما وحديثا:
· َسُئِلَ ابن تيمية رحمه اللهعَنْ طُولِ السَّرَاوِيلِ إذَا تَعَدَّى عَنْ الْكَعْبِ هَلْ يَجُوزُ ؟ .
فَأَجَابَ :( طُولُ الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَسَائِرِ اللِّبَاسِ إذَا تَعَدَّى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ . كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الثَّابِتَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : : { الْإِسْبَالُ فِي السَّرَاوِيلِ وَالْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ } يَعْنِي نَهَى عَنْ الْإِسْبَالِ).(م موع الفتاوى(5/123))
· قال الحافظ رحمه الله في فتح الباري:
(وَقَالَ الطَّبَرِيُّ : إِنَّمَا وَرَدَ الْخَبَر بِلَفْظِ الْإِزَار لِأَنَّ أَكْثَر النَّاس فِي عَهْده كَانُوا يَلْبَسُونَ الْإِزَار وَالْأَرْدِيَة ، فَلَمَّا لَبِسَ النَّاس الْقَمِيص وَالدَّرَارِيع كَانَ حُكْمهَا حُكْم الْإِزَار فِي النَّهْي . قَالَ اِبْن بَطَّال : هَذَا قِيَاس صَحِيح لَوْ لَمْ يَأْتِ النَّصّ بِالثَّوْبِ ، فَإِنَّهُ يَشْمَل جَمِيع ذَلِكَ ، وَفِي تَصْوِير جَرّ الْعِمَامَة نَظَر ، إِلَّا أَنْ يَكُون الْمُرَاد مَا جَرَتْ بِهِ عَادَة الْعَرَب مِنْ إِرْخَاء الْعَذْبَات ، فَمَهْمَا زَادَ عَلَى الْعَادَة فِي ذَلِكَ كَانَ مِنْ الْإِسْبَال ...) الفتح 16/331
· وقال الحافظ أيضا :
(وَأَمَّا رِوَايَة عُمَر بْن مُحَمَّد وَهُوَ اِبْن زَيْد بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر فَوَصَلَهَا مُسْلِم مِنْ طَرِيق اِبْن وَهْب " أَخْبَرَنِي عُمَر بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِيهِ وَسَالِم وَنَافِع عَنْ اِبْن عُمَر " بِلَفْظِ " الَّذِي يَجُرّ ثِيَابه مِنْ الْمَخِيلَة " الْحَدِيث) 16/331
فالثياب تعم البنطال وغيره مما يلبس.
· قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( الْإِسْبَال فِي الْإِزَار وَالْقَمِيص إِلَخْ ):
(فِي هَذَا الْحَدِيث دَلَالَة عَلَى عَدَم اِخْتِصَاص الْإِسْبَال بِالْإِزَارِ بَلْ يَكُون فِي الْقَمِيص وَالْعِمَامَة كَمَا فِي الْحَدِيث .قَالَ اِبْن رَسْلَان : وَالطَّيْلَسَان وَالرِّدَاء وَالشَّمْلَة .قَالَ اِبْن بَطَّال : وَإِسْبَال الْعِمَامَة الْمُرَاد بِهِ إِرْسَال الْعَذَبَة زَائِدًا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَة اِنْتَهَى . وَتَطْوِيل أَكْمَام الْقَمِيص تَطْوِيلًا زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَاد مِنْ الْإِسْبَال . وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ الْعُلَمَاء كَرَاهَة كُلّ مَا زَادَ عَلَى الْمُعْتَاد فِي اللِّبَاس فِي الطُّول وَالسَّعَة كَذَا فِي النَّيْل .)
وقَالَ أيضاِ :
( مَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِزَار فَهُوَ فِي الْقَمِيص ):
( أَيْ مَا بَيَّنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِزَار مِنْ حُكْم الْإِسْبَال فَهُوَ فِي الْقَمِيص أَيْضًا وَلَيْسَ بِمُخْتَصٍّ بِالْإِزَارِ كَمَا يَدُلّ عَلَيْهِ حَدِيث اِبْن عُمَر الْمَرْفُوع الْمَذْكُور آنِفًا وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْثَر الْأَحَادِيث إِنَّمَا وَرَدَ بِذِكْرِ إِسْبَال الْإِزَار وَحْده لِأَنَّ أَكْثَر النَّاس فِي عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَلْبَسُونَ الْإِزَار وَالْأَرْدِيَة ، فَلَمَّا لَبِسَ النَّاس الْقَمِيص وَالدَّرَارِيع كَانَ حُكْمهَا الْإِزَار فِي النَّهْي ، كَذَا قَالَ الطَّبَرِيُّ).( عون المعبود 9/126)

(2 من 2)
· قال في عمدة القاري شرح صحيح البخاري(31/429):
"قوله من جر ثوبه يدخل فيه الإزار والرداء والقميص والسراويل والجبة والقباء وغير ذلك مما يسمى ثوبا بل ورد في الحديث دخول العمامة في ذلك ..."
· جاء في شرح سنن ابن ماجة:
( ...والتحقيق ان الإسبال يجرى في جميع الثياب ويحرم مما زاد على قدر الحاجة وما ورد به السنة فهو اسبال والتخصيص بالإزار من جهة كثرة وقوعه لأن أكثر لباس الناس في زمان النبوة رداء وإزار وقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا " الإسبال في الإزار... الحديث" ووقع في حديث آخر عن بن عمر أيضا من ثوبه مطلقا ثم العزيمة في الإزار الى نصف الساق وكان إزاره صلى الله عليه و سلم كذلك وقال ازار المؤمن الى نصف الساقين و الرخصة فيه الى الكعبين فيما أسفل من الكعبين فهو حرام وحكم ذيل القباء والقميص كذلك والسنة في الاكمام ان يكون الى الرسغين والاسبال في العمامة بارخاء العذبات زيادة على العادة عدد أو طولا وغايتها الى نصف الظهر والزيادة عليه بدعة واسبال محرم ... ) :[ السيوطي ، عبدالغني ، فخر الحسن الدهلوي]
الناشر : قديمي كتب خانة - كراتشي (1/255)
· قال المناوي في التيسير شرح الجامع الصغير:-
" ( الاسبال ) المذموم وهو ما أصاب الأرض يكون ( في الازار) وفي ( القميص) وفي ( العمامة ) ونحو ذلك من كل ملبوس ( من جر منها شيئا ) على الأرض ( خيلاء ) أي على وجه الخيلاء أي التيه والكبر والتعاظم ( لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) أي نظر رحمة ورضا إذا لم يتب فيندب للرجل الاقتصار على نصف الساق وله أرساله إلى الكعبين فقط" مكتبة الإمام الشافعي/ الرياض (1/861)
· قال في المنتقى من فتاوى الفوزان:
يرى البعض أن تطويل الثياب لما تحت الكعبين لا بأس به في الوقت الحاضر لسببين : الأول : إذا كان القصد ليس الكبر والخيلاء ؟ الثاني : أن الشوارع والمنازل في الوقت الحاضر أصبحت نظيفة وطاهرة . ما رأيكم في ذلك . ؟
لا يجوز للذكر إسبال الثياب تحت الكعبين لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وتوعده عليه بالنار فهو من الكبائر ، وإذا كان الإسبال من أجل الكبر والخيلاء فهو أشدّ إثمًا . وإن خلا من الكبر والخيلاء فهو محرم أيضًا لعموم النهي . وقول القائل إن الشوارع نظيفة فلا مانع من الإسبال هو من الكلام السخيف الذي لا قيمة له وقائله جاهل لا عبرة به وبقوله .) 248 -جزء 75 /صفحة 3
· قال ابن عثيمين رحمه الله:
" السؤال : بالنسبة لإسبال الإزار الطويل، والثوب الطويل -بنطلون يعني- ما يوازي الكعبين في وقت الصلاة أقوم برفعه هكذا، أرفعه يعني: أعلى من الكعبين بحوالي (10) سنتيمتر.
الشيخ / لابد أن يرفعه.
السائل / وقت الصلاة فقط؟
الشيخ / وقت الصلاة وغير وقت الصلاة.
السائل / غير وقت الصلاة أيضاً.
الشيخ / إي نعم؛ لأن ما أسفل من الكعبين ففي النار.
السائل / يعني: لابد أن يُقَصَّر كلَّه؟
الشيخ / لابد أن يكون من الكعبين فما فوق. )كتاب فتاوى" سؤال من حاج "1/70 موقع الشبكة الإسلامية
· وقال رحمه الله في "لقاءات الباب المفتوح" :
السؤال: إذا كان الإزار على الكعبين هل يعتبر مسبلاً؟
الجواب: إذا كان الإزار على الكعبين أو القميص على الكعبين أو المشلح على الكعبين أو السروال على الكعبين فإنه لا يعد إسبالاً، الإسبال ما كان أسفل من الكعبين، كما جاء في الحديث: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار). (151/19قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية)
· قال ابن باز رحمه الله:
(فالواجب على الرجل المسلم أن يتقي الله وأن يرفع ملابسه سواء كانت قميصا أو إزارا أو سراويل أو بشتا وألا تنزل عن الكعبين ، والأفضل أن تكون ما بين نصف الساق إلى الكعب) "مجموع الفتاوى والمقالات 6/350
· وقال أيضا:
(س : بعض الناس يقومون بتقصير ثيابهم إلى ما فوق الكعب ولكن السراويل تبقى طويلة فما حكم ذلك ؟
ج : الإسبال حرام ومنكر سواء كان ذلك في القميص أو الإزار أو السراويل أو البشت وهو ما تجاوز الكعبين لقول النبي صلى الله عليه وسلم وما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار رواه البخاري ...........) "مجموع الفتاوى والمقالات:6/410
· وقال أيضا :
(.....والإسبال من جملة المعاصي التي يجب تركها والحذر منها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار رواه البخاري في صحيحه ، وما سوى الإزار حكمه حكم الإزار كالقميص والسراويل والبشت ونحو ذلك...) "مجموع الفتاوى والمقالات: 12/67

فتاوى اللجنة الدائمة
الفتوى رقم (3826)
"س: رجل يلبس الثوب أو السروال تحت الكعبين ويكشف الرأس ويحلق اللحية ويقوم للإمامة فهل يجوز له؟
ج: لبس الملابس الطويلة التي تصل إلى ما تحت الكعبين حرام، سواء كانت قميصا أم سراويلا؛ لعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أسفل الكعبين من الإزار فهو في النار رواه الإمام أحمد والبخاري في صحيحه ..."
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو // عضو // نائب الرئيس // الرئيس //
عبد الله بن قعود // عبد الله بن غديان // عبد الرزاق عفيفي // عبد العزيز بن عبد الله بن باز //
---------------
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 9390 )
س1 : ما حكم الإسبال ، وهل ينتقض الوضوء منه أم لا ، والسراويل والرداء والجبة ، وهكذا ثياب أُخَر كلهن في حكم الإسبال سواء أم لا ؟
ج1 : الإسبال في الملابس حرام ، والإزار والجبة والسراويل وسائر الثياب في ذلك سواء ، ولكنه لا ينقض الوضوء .وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
----------------
السؤال الثالث من الفتوى رقم ( 19600 )
"س3 : ما حكم المسبل ؟
ج3 : الإسبال بلبس الملابس الطويلة التي تصل إلى ما تحت الكعبين محرم على الرجال ، سواء كان الملبوس ثوبا أو قميصا أو سروالا أو بنطلونا أو عباءة أو غير ذلك ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ..." وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الخلاصة:
يتبين مما سبق من كلام وفتاوى أئمة العلم أن أحاديث الإسبال شاملة لكل ملبوس للرجال من ثوب أو بنطال أو عباءة (المشلح أو البشت) أو سروال أو غيره ، فلا يجوز إسبالها إلى ما دون الكعبين .
والله تعالى أعلى وأعلم .
إعداد:
أبي معاذ زياد محمد الجابري

سراج بن عبد الله الجزائري
2008-01-07, 12:14 PM
جزاك الله خيرا

هذه المسألة عندي فيها شيئ من التردد، صحيح أنا أحتاط و لا أرتدي سراويل مسبلة أو أسفل من الكعب

فمن باب التباحث أستفسر عن ما يلي :

لو كان معنى الإزار : "كما نقلت عن لسان العرب : كل ما واراكَ وسَتَرَكَ . وتعني أيضا : الملحفة"

فبحسب المعنى الأول : سنعتبر القميص إزارا و عليه فما وجه التفريق هنا : " الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جر منها شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " ؟

و على حسب المعنى الثاني : فما الذي أدخل البنطال في الملحفة و أظن أنّ العمامة ليست بملحفة و لا تواريك أو تسترك؟ و إذا لم نجد نصا في تحريم إسبال العمامة، أفيمكن تحريم إسبالها بالحديث الذي ينهى عن إسبال الإزار ؟

أيضا بنطال الرجال بحسب الشكل الذي عليه الآن كثير منه لم يكن في عهد التشريع ؟

أرجو توضيح اللبس الذي عندي حول هذا الأمر وفقكم الله

أبو معاذ الجابري
2008-01-08, 02:05 PM
أخي الفاضل /سراج
وأنت كذلك أخي.شكرا على المرور ، وبارك الله فيك.
أما بالنسبة لمعنى الإزار ، فهذا ما في لسان العرب وبإمكانك التأكد بنفسك.
أما بالنسبة للمواراة ، فيمكن القول أن هنالك موارة كاملة وأخرى جزئية ، فالعمامة تواري جزءا من الجسد؛ وهو الرأس ، وربما ذكرت للترادف أو ذكر أمثلة من اللباس لتعميم الإسبال. وربما كان ذكر القميص لبيان الإسبال في الأكمام ، وهنالك من أهل العلم من يعتبر الإسبال في الأكمام ، بل هنالك آثار في ذلك لا تحضرني الآن.
ثم ما المانع من سحب الإسبال في شيء على آخر ، ما دام العلة موجودة وهي زيادة عن الحاجة في الشيء ، وليست علة الخيلاء هي الوحيدة ، فقد وردت الأحاديث في عقوبةالإسبال للخيلاء وأحاديث أخرى في عقوبة مطلق الإسبال .
وأولا وأخيرا أخي الفاضل فمن كان منا مقلدا أومتبعا -مثلي- (ولم يصل لمرتبة الاجتهاد) فالأولى قبول واتباع فتوى أهل العلم الربانيين بشكل عام ، وخاصة في المسألة التي ليس لديه دليل دامغ على ضدها ، وإن كان لدينا استفسار فالأولى أن نوجهه لهم كما أمرنا الله سبحانه في قوله:( فاسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون). ومن كان في مصاف المجتهدين فعليه بيان أدلته المخالفة وإثبات رأيه. .... هذا رأيي ولكم الخيار في قبوله أو رده مع احترامي وتقديري لكم.
ومن فتاوى اللجنة الدائمة برئاسة ابن باز رحمه الله -كما هو مبين في المقالة:
(الإسبال بلبس الملابس الطويلة التي تصل إلى ما تحت الكعبين محرم على الرجال ، سواء كان الملبوس ثوبا أو قميصا أو سروالا أو بنطلونا أو عباءة أو غير ذلك ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ...)

أبوعمر الهمداني
2008-01-08, 02:13 PM
كتب الله اجرك اخي

... بارك الله فيك ...

شريف شلبي
2008-01-08, 03:26 PM
عندي من التردد ما عند أخي سراج - حفظكما الله - وهذا التردد يرجع الى الآتي :
1 : ظاهر الحديث يدل على التخصيص لقوله صلى الله عليه وسلم : الاسبال في 0000 وتأكيد التخصيص " من جر شيئاً منها "
2 : لا يمكن أن يفهم عقلاً معنى الجر في البنطلون المعاصر ، فالجر لا بد له من ذيل طويل والبنطلون لا يزد طول قطره عن 20 أو 25 سم فكيف يكون فيه جر ؟
مع رجاء أن يتم الرد على هاتين النقطتين بالتحديد وعدم الاحالة فقط على فتاوى معاصرة ( ليس للتقليل من شأنها ولكن لأني على علم بمحتواها ) - وجزاكم الله خيراً .

أبو هارون الجزائري
2008-01-08, 03:59 PM
أسماء الذين قالوا بعدم الحرمة ووسعوا على المسلمين!

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=15525&highlight=%C7%E1%C5%D3%C8%C7%E 1

ابن عبدالكريم
2008-01-09, 09:18 AM
عندي من التردد ما عند أخي سراج - حفظكما الله - وهذا التردد يرجع الى الآتي : .........
2 : لا يمكن أن يفهم عقلاً معنى الجر في البنطلون المعاصر ، فالجر لا بد له من ذيل طويل والبنطلون لا يزد طول قطره عن 20 أو 25 سم فكيف يكون فيه جر ؟
....................وجزاك م الله خيراً .

يبدو أنك يا شيخنا الفاضل لم تر " البناطيل " التي يرتديها بعض الشباب الآن ......

فالبعض - هداهم الله - يرتدون " بناطيلا " شديدة الطول و الوسع معا , حتى لتجر في الأرض جرا , و حتى أنك لترى آخر 10-15 سم منها و قد أضحت بنية اللون - أعزك الله - من كثرة ما علق بها من وسخ الأرض ....... و كل هذا على سبيل التقليد الأعمى .

رأيت أحدهم في المسجد مرة , و قد ارتدى الثياب الفاخرة , و تضمخ بأفضل العطور , في حين يبدو أسفل بنطاله كما وصفت لكم . فقلت له ما ملخصه : إن هذا الذي ترتديه لو لم يحرم للإسبال , فلا شك أن ما تجمع فيه من نجس الطريق و وسخه لكاف لإبطال الصلاة .

أسأل الله أن يهدينا و شباب المسلمين .

الحمداني
2008-01-09, 02:01 PM
جزاكم الله خيرا

مصطفى محمد ابراهيم
2008-01-10, 01:04 AM
الحديث ضعيف قال الشيخ عبد الرحمن الفقيه فى ملتقى اهل الحديث
[/sizبيان حال حديث(الإسبال في الإزار والقميص والعمامة)
E]الحديث أخرجه ابو بكر بن أبي شيبة في المصنف وأبوداود في السنن(4094) والنسائي(8/208) وابن ماجة(3576) وغيرهم من طريق عبدالعزيز بن أبي رواد عن سالم ابن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الاسبال في الازار والقميص والعمامة من جر شيئا خيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة)
قال أبو بكر بن أبي شيبة ( ما أغربه) وقال الحافظ في الفتح(10/262) (وعبدالعزيز فيه مقال)
بيان ما فيه من العلل:
الحديث رواه عبدالعزيز بن أبي رواد عن سالم عن ابن عمر
وعبدالعزيز فيه خلاف
فقد قال فيه يحي القطان(ثقة في الحديث ليس ينبغي أن يترك حديثه لرأي أخطأ فيه)
وقال أحمد(رجل صالح الحديث وكان مرجئا وليس هو في التثبت مثل غيره)
وقال ابن معين ( ثقة)
وقال أبو حاتم( صدوق ثقة في الحديث متعبد)
وقال النسائي ( ليس به بأس)
وذكره أبوزرعة في الضعفاء
وقال ابن عدي( وفي بعض حديثه ما لايتابع عليه)
وذكره العقيلي في الضعفاء
وقال ابن حبان في الضعفاء(وكان ممن غلب عليه التقشف حتى كان لايدري ما يحدث به فروى عن نافع أشياء لايشك من الحديث صناعته اذا سمعها أنها موضوعة كان يحدث بها توهما لاتعمدا )
وقال الدارقطني(لين وابنه اثبت منه ولايعتبر به يترك)
وقال على ابن الجنيد(كان ضعيفا وأحاديثه منكرات)
وقال الحاكم ( ثقة مجتهد شريف النسب)
وقال الدارقطني أيضا ( هو متوسط في الحديث وربما وهم)
وقال أحمد ( ليس حديثه بشيء)
وهذا يدل على أنه متوسطا في الحديث ولكن له منكرات لايتابع عليها هي التي جعلت العلماء يتكلمون فيه
وقد تكلم في هذا الحديث الذي نحن بصدده أبو بكر بن أبي شيبة حيث انه قال ( ما أغربه) ذكر ذلك ابن ماجة بعد روايته للحديث
الثاني:
أن الحديث روي عن سالم عن ابن عمر مرفوعا بلفظ(من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة) وليس فيه القميص والقمامة والحصر بالثلاث
رواه عن سالم عدد من الثقات بهذا اللفظ فمنهم(موسى بن عقبة كما عند البخاري والنسائي وأحمد وغيرهم)
ومنهم( حنظلة بن أبي سفيان كما عند مسلم) ومنهم(عمر بن محمد بن زيد كما عند مسلم والبخاري تعليقا)
ومنهم( قدامة بن موسى كما عند البخاري) وغيرهم
كلهم رروه عن سالم عن ابن عمر بهذا اللفظ
وقد روي عن ابن عمر من طرق أخرى عن نافع وغيره بنفس اللفظ( من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة)
فتفرد ابن أبي رواد من بين اللذين رووا هذا الحديث عن سالم بهذا اللفظ يعد منكرا ويؤيد هذا أن كل الطرق الأخرى عن ابن عمر ( من غير طريق سالم)ليس فيها هذا اللفظ
الثالث:
وفي الزهد لهناد ج: 2 ص: 433
848 حدثنا ابن المبارك عن عن يزيد بن أبي سمية( وثقه أبو زرعة وغيره) قال سمعت ابن عمر يقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار فهو في القميص
وقد رواه أبو داود (4095 ) و الطبراني في المعجم الأوسط ج: 1 ص: 135 والبيهقي في شعب الايمان( 5 /147) وغيرهم
واسناده صحيح
فتبين بهذا أن ابن عمر ليس عنده نص خاص في القميص ولذلك قال لهم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الازار فهو في القميص ولو كان عنده نص خاص في القميص لقاله لأنه أقوى
فتبين بهذا بطلان هذا الحديث ونكارته
والله أعلم
تنبيه جاء في
العلل لابن أبي حاتم(1/485)
1454 سألت أبي عن حديث رواه محمد بن عبدالرحمن الجعفي عن حسين الجعفي عن عبدالعزيز بن أبي رواد عن نافع عن سالم عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسبال في الازار والعمامة من جر منهما شيئا خيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة قال أبي هذا حديث منكر بهذا الاسناد نافع عن سالم
ويقصد من هذا أن المعروف بهذا الاسناد عبدالعزيز بن أبي رواد عن سالم عن ابن عمر بدون ذكر نافع
والله تعالى أعلم .انتهى

البريك
2008-01-10, 06:32 PM
الخيلاء تتحقق في لبس بنطلون بـ 10 دولارات أو حتى 100 دولار...ولا تتحقق في ركوب سيارة ثمنها بـ 90.000 دولار..
ما هي الخيلاء؟

أبو معاذ الجابري
2008-01-12, 11:21 AM
حديث: (الإسبال في الإزار والقميص والعمامة.....) ثابت صححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجة برقم (3576) ، والمشكاة برقم(4332 ، وصحيح الترغيب وصحيح أبي داود وغيرها من الكتب.

التقرتي
2009-01-25, 05:21 AM
السلام عليكم و رحمة الله استأذنكم في اضافة رد بسيط و انبه الاخوة ان اغلب الكلام منقول من رسالة الشيخ عبد الوهاب مهية

ورد في الاسبال عدة احاديث هي
قال رسول الله عليه الصلاة و السلام من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة متفق عليه وهو من حديث عبد الله بن عمر ( ر ) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه وكذا مالك وأحمد من طرق كثيرة عن ابن عمر به وقال الترمذي حديث حسن صحيح وزاد البخاري والنسائي وأحمد في رواية لهم ( قال أبو بكر يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال النبي ( ص ) لست ممن يصنعه خيلاء وزاد أحمد في رواية من طريق نافع قال وأخبرني سليمان بن يسار أن أم سلمة ذكرت النساء فقال ترخي شبرا قالت إذن تنكشف قال فذراعا لايزدن عليه.

قال الرسول صلي الله عليه و سلم :
" من جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة "البخاري
وقال صلي الله عليه وسلم :
"لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا " البخاري
ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار "رواه البخاري و غيره . راجع الصحيحة : 2037
إزرة المؤمن إلي عضلة ساقيه . ثم إلي الكعبين .فما كان أسفل من ذلك ففي النار " انظر صحيح الجامع
إزرة المؤمن إلي نصف الساق . ولا جناح عليه فيما بينه و بين الكعبين . ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار . من جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه " انظر صحيح الجامع
"إن الله لا ينظر إلي مسبل الإزار "انظر الصحيحة: 1656


حديث أبي ذر رضي الله عنه :" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، قال : فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار. قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله ؟ قال:"المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب". رواه مسلم برقم (106) .

حديث من وطئ على إزار خيلاء وطئه في النار .صحيح صححه الالباني في صحيح الجامع برقم 6592
قال جابر بن سليم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إياك وإسبال الإزار فإنهـا من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة ) صححه الترمذي رقم 2722

حديث ايضا ما رواه أبي بكرة رضي الله عنه عند البخاري 5785 قال :
خسفت الشمس و نحن عند النبي صلي الله عليه وسلم . فقام يجر ثوبه مستعجلا حتي أتي المسجد . و ثاب الناس ( أي رجعوا إلي المسجد بعد أن كانوا خرجوا منه ء الفتح ) فصلي ركعتين . فجلي عنها . ثم أقبل علينا و قال :
" إن الشمس و القمر آيتين من آيات الله . فإذا رأيتم منها شيئا فصلوا و ادعوا الله حتي يكشفها "

(من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام) رواه أبو داود ، وهو صحيح


المناقشة :

كل الخلاف يدور حول حمل المطلق على المقيد فلننظر ادن حديث ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار

و حديث من وطئ على إزار خيلاء وطئه في النار

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في ( التخويف من النار 1/118) : وفي مسند الإمام أحمد عن هبيب بن المغفل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :" من وطئ إزاره خيلاء وطئه في النار" وهو يبين معنى ما في صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " ما تحت الكعبين من الإزار ففي النار " ، أن المراد ما تحت الكعب من البدن والثوب معا وأنه يسحب ثوبه في النار كما يسحبه في الدنيا خيلاء .اهـ

الحكم واحد في كلتا الحالتين ادن يدل ان الخيلاء قيد معتبر و ان الاسبال محمول على الخيلاء

ننظر للحديثين الان "لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا " البخاري

حديث أبي ذر رضي الله عنه :" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، قال : فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار. قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله ؟ قال:"المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب". رواه مسلم برقم (106) .

من قال ان الله لا ينظر اليه عقوبة نقول له كذلك لا يكلمه الله عقوبة لان النظر و الكلام صفتان ادن حسب من قال انه لا يحمل المطلق على المقيد لان الحكم يختلف فالاسبال هنا ليس هو الاسبال للخيلاء و هذا باطل قطعا و منه نفهم ان كلا الاسبالين خيلاء و انه سواء ما تحت قدميه في النار او ان الله لا ينظر اليه و لا يكلمه فهو امر واحد و من قال نفرق لان الحكم ليس واحد الزمناه كذلك باعتبار عدم تكليم الله له حكما جديدا و لا شك ان هذا القول فاسد

حديث من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام

هل سنعتبر ايضا ان قوله عليه الصلاة و السلام فليس من الله في حل ولا حرام حكم اخر !!!!

من هنا يتبين فساد قول من لم يحمل المطلق على المقيد

انبه الاخوة على خطأ كبير و هو ان قاعدة حمل المطلق على المقيد لها شروط ان توفرت حملناه و ان لم تتوفر ??? هذا لا يعني اننا لا نحمله فلم يقل واحد من اهل العلم انه ان لم يتحد الحكم لا نحمل المطلق على المقيد في كل الحالات قطعا انما قالوا لا نطبق قاعدة حمل المطلق على المقيد لكنه قد يقيد الحكم لقرائن او لاسباب اخرى و قولهم اننا نحمله ان اتحد الحكم لا يستفاد منه الضد, قد يحمل ليس حسب القاعدة انما لقرائن كما سنبينه بعد قليل.


و نزيد حديث إياك وإسبال الإزار فإنهـا من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة.

هذا دليل ان المخيلة هي المقصودة من التحريم , هذا يدل ان الصفة خرجت مخرج الغالب ادن لم يقصد التفريق بين الاسبال و الاسبال للخيلاء اد ان المظنة واحدة في ذلك العصر.

و نزيد دليل اخر قوله عليه الصلاة و السلام لابي بكر الصديق لست ممن يصنعه خيلاء.

القاعدة ان العبرة بعموم اللفظ و ليس بخصوص السبب ادن كون الصديق يتعاهده او لا فلا يغير ذلك في اللفظ انه لا يفعله خيلاء و لو لم يكن للخيلاء دور في التحريم لما استقام لفظ الحديث اد انه لو كان يوجد فرق بين الاسبال و الاسبال للخيلاء لكان جواب رسول الله عليه الصلاة و السلام بمعنى ان ابا بكر لا يفعله عمدا لكن الحاق ذالك بالخيلاء رغم ان سقوط ثوبه واضح انه لغير خيلاء لزم ان مناط الحكم هو الخيلاء.

من قال من العلماء بان الاسبال المحرم هو الاسبال للخيلاء ?


جاء في (كشاف القناع للبهوتي 1/277 ) :
قال أحمد في رواية حنبل :" جر الإزار وإسبال الرداء في الصلاة إذا لم يرد الخيلاء فلا بأس"

و في (المجموع) شرح (المهذب) للنووي رحمه الله:
" يحرم اطالة الثوب والإزار والسراويل على الكعبين للخيلاء ، ويكره لغير الخيلاء ، نص عليه الشافعي في (البويطي ) وصرح به الأصحاب."

جاء في ( الآداب الشرعية ) لابن مفلح الحنبلي ، في فصل ( في مقدار طول الثوب للرجل والمرأة وجر الذيول ) ؛ قال صاحب 'المحيط ‘ من الحنفية :" وروي أن أبا حنيفة رحمه الله ارتدى برداء ثمين قيمته أربعمائة دينار ، وكان يجره على الأرض فقيل له : أولسنا نهينا عن هذا ؟ فقال : إنما ذلك لذوي الخيلاء ولسنا منهم " .
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله عدم تحريمه ولم يتعرض لكراهة ولا عدمها . وقال أبو بكر عبد العزيز : يستحب أن يكون طول قميص الرجل إلى الكعبين وإلى شراك النعل وهو الذي في المستوعب , قال أبو بكر : وطول الإزار إلى مد الساقين , قال وقيل إلى الكعبين.اهـ
و قال ابن عبد البر رحمه الله في ( التمهيد3/244 ) :
الـخيلاء: التكبر ، وهي الـخيلاء ، والـمخيلة. يقال منه: رجل خال ومختال شديد الـخيلاء ، وكل ذلك من البطر والكبر والله لا يحب الـمتكبرين ، ولا يحب كل مختال فخور.
وهذا الـحديث يدل علـى أن من جرّ إزاره من غير خيلاء ولا بطر ، أنه لا يلـحقه الوعيد الـمذكور. غير أن جرّ الإزار والقميص وسائر الثـياب مذموم علـى كل حال . وأما الـمستكبر الذي يجر ثوبه فهو الذي ورد فـيه ذلك الوعيد الشديد.

وجاء في ( شرح صحيح مسلم للنووي رحمه الله 2/116) :
"وأما قوله صلى الله عليه وسلم :" المسبل إزاره " فمعناه المرخى له الجار طرفه خيلاء كما جاء مفسرا فى الحديث الآخر" لا ينظر الله الى من يجر ثوبه خيلاء " ، والخيلاء الكبر وهذا التقييد بالجر خيلاء يخصص عموم المسبل ازاره ويدل على أن المراد بالوعيد من جره خيلاء . وقد رخص النبىّ صلى الله عليه وسلم فى ذلك لأبي بكر الصديق رضى الله عنه وقال :" لست منهم " ، إذ كان جره لغير الخيلاء "
و قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (22\138):
والفعل الواحد فى الظاهر يثاب الإنسان على فعله مع النية الصالحة ويعاقب على فعله مع النية الفاسدة . وضرب عدة أمثلة ثم قال: وكذلك اللباس فمن ترك جميل الثياب بخلا بالمال لم يكن له أجر ، ومن تركه متعبدا بتحريم المباحات كان آثما ، ومن لبس جميل الثياب إظهارا لنعمة الله وإستعانة على طاعة الله كان مأجورا ، ومن لبسه فخرا وخيلاء كان آثما ، فإن الله لا يحب كل مختال فخور . ولهذا حرم إطالة الثوب بهذه النية كما فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله يوم القيامة إليه " فقال أبوبكر: يا رسول الله إن طرف إزارى يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه ؟ فقال :" يا أبا بكر إنك لست ممن يفعله خيلاء " . وفى الصحيحين عن النبى أنه قال :" بينما رجل يجر إزاره خيلاء إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ". فهذه المسائل ونحوها تتنوع بتنوع علمهم وإعتقادهم .اهـ ( أي بحسب نياتهم و مقاصدهم ).
وقال رحمه الله في ( شرح العمدة 4/363 ) :
وهذه نصوص صريحة في تحريم الإسبال على وجه المخيلة ، والمطلق منها محمول على المقيد ، وإنما أطلق ذلك ؛ لأن الغالب أن ذلك إنما يكون مخيلة . ثم قال: ولأن الأحاديث أكثرها مقيدة بالخيلاء فيحمل المطلق عليه ، وما سوى ذلك فهو باقٍ على الإباحة ، وأحاديث النهي مبنية على الغالب والمظنة.اهـ

و قال الذهبي رحمه الله في ( الكبائر ص215) : الكبيرة الخامسة والخمسون : إسبال الإزار والثوب واللباس والسراويل تعززا وعجبا وفخرا وخيلاء . قال الله تعالى ( ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور ) .اهـ
و قال الشوكاني رحمه الله في (نيل الأوطار ) :
الحديث يدل على تحريم جر الثوب خيلاء . والمراد بجره هو جره على وجه الأرض وهو الموافق لقوله صلى الله عليه وسلم :"ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار". وظاهر التقييد بقوله : خيلاء , يدل بمفهومه أن جر الثوب لغير الخيلاء لا يكون داخلا في هذا الوعيد .اهـ

و الشوكاني كما تعلمون ضليع في اصول الفقه و لا تخفى عليه قاعدة المطلق و المقيد.

و قال الصنعاني رحمه الله في ( سبل السلام4/158) :
والمراد : جر الثوب على الأرض ، وهو الذي يدل له حديث البخاري " ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار" . وتقييد الحديث بالخيلاء دال بمفهومه أنه لا يكون من جره غير خيلاء داخلا في الوعيد . وقد صرح به ما أخرج البخاري وأبو داود والنسائي أنه قال أبو بكر رضي الله عنه لما سمع هذا الحديث: إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم:"إنك لست ممن يفعله خيلاء" ، وهو دليل على اعتبار المفاهيم من هذا النوع.اهـ

و جاء في ( طرح التثريب ) للحافظ أبي زرعة العراقي رحمه الله :
التقييد بالخيلاء يخرج ما إذا جره بغير هذا القصد , ويقتضي أنه لا تحريم فيه وقد تقدم من صحيح البخاري وغيره قول أبي بكر رضي الله عنه :" إن أحد شقي ثوبي يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك لست تصنع ذلك خيلاء " وبوب البخاري في صحيحه باب : من جر إزاره من غير خيلاء , وأورد فيه هذا الحديث وحديث أبي بكرة :" خسفت الشمس ونحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام يجر ثوبه مستعجلا حتى أتى المسجد ... الحديث".اهـ

و قال الباجي رحمه الله في ( المنتقى7/226 ) :
قوله صلى الله عليه وسلم " الذي يجر ثوبه خيلاء " يريد كبرا . وقال عيسى بن دينار عن ابن القاسم : الخيلاء الذي يتبختر في مشيه , ويختال فيه ويطيل ثيابه بطرا من غير حاجة إلى أن يطيلها ولو اقتصد في ثيابه ومشيه لكان أفضل له , قال الله عز وجل (والله لا يحب كل مختال فخور) . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أرخص في الخيلاء في الحرب , وقال :" إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع " . ومعنى ذلك والله أعلم لما فيه من التعاظم على أهل الكفر والاستحقار لهم والتصغير لشأنهم .
و قال : وقوله صلى الله عليه وسلم " الذي يجر ثوبه خيلاء " يقتضي تعلق هذا الحكم بمن جره خيلاء أما من جره لطول ثوب لا يجد غيره أو عذر من الأعذار فإنه لا يتناوله الوعيد . وقد روي " أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما سمع هذا الحديث قال : يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لست ممن يصنعه خيلاء " . وروى الحسن بن أبي الحسن البصري عن أبي بكرة : " خسفت الشمس ونحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام يجر ثوبه مستعجلا حتى أتى المسجد ".اهـ

وجاء في (فيض القدير للمناوي رحمه الله 5/420 ):
أي محل الإزار " ففي النار " حيث أسبله تكبرا كما أفهمه خبر " لا ينظر الله إلى من يجر ثوبه خيلاء " فكنى بالثوب عن بدن لابسه ومعناه : أن الذي دون الكعبين من القدم يعذب عقوبة له فهو من تسمية الشيء باسم ما جاوره أو حل فيه .
و فيه أيضا: (المسبل إزاره) الذي يطوّل ثوبه ويرسله إذا مشى تيهاً وفخراً (خيلاء) أي يقصد الخيلاء بخلافه لا بقصدها ولذلك رخص المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء.اهـ

و قال السيوطي رحمه الله في ( تنوير الحوالك 1/217 ) :
" ما أسفل من ذلك " ، (ما) موصولة و (أسفل) بالنصب خبر كان محذوفة والجملة صلة . ويجوزكون (ما) شرطية و (أسفل) فعل ماض . (ففي النار) أي محله من الرجل وذلك خاص بمن قصد به الخيلاء .
و في ( الديباج 1/121) :
" المسبل إزاره المرخي له الجار طرفيه خيلاء فهو مخصص بالحديث الآخر "لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء " ، وقد رخص صلى الله عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء ."
وقال السندي في حاشيته على (سنن النسائي) في شرح حديث" ثلاثة لا يكلمهم الله... ومنهم المسبل": "المسبل" من الإسبال بمعنى الإرخاء عن الحد الذي ينبغي الوقوف عنده والمراد إذا كان عن مخيلة والله تعالى أعلم .

و في حاشيته على ( البخاري4/ 24 ) قال معلقًا على حديث " ما أسفل من الكعبين فهو في النار" : أي إذا كان ذلك خيلاء .

و هو اختيار البخاري رحمه الله في جامعه الصحيح حيث عقد بابًا و ترجم له : من جر إزاره من غير خيلاء . و ذكر تحته حديثين ؛
أحدهما عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال:" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر اللَّه إليه يوم القيامة ، فقال أبو بكر: يا رسول اللَّهِ إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده . فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: إنك لست ممن يفعله خيلاء ".
و الآخر عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:" خَسَفَتْ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلاً حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ وَثَابَ النَّاسُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَجُلِّيَ عَنْهَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَالَ :" إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئاً فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يَكْشِفَهَا ".
و أورد أبو عوانة في مسنده الصحيح حديث ابن عمر رضي الله عنهما و خرجه من وجوه و أردفه بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :" إزرة المؤمن ..." و ترجم عليها : (الأخبار الناهية عن جر الرجل إزاره بطرا وخيلاء والتشديد فيه والدليل على أن من لم يرد به خيلاء لم تكن عليه تلك الشدة ).
و ذكر ابن حبان في صحيحه : باب : ذكر الزجر عن إسبال المرء إزاره إذ الله جل وعلا لا ينظر إلى فاعله ، وذكرحديث المغيرة بن شعبة قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بحجزة سفيان بن أبي سهيل فقال:" يا سفيان لا تسبل إزارك ، فإن الله لا ينظر إلى المسبلين".(رقم5442)
ثم ذكر بعده (باب ): ذكر العلة التي من أجلها زجر عن هذا الفعل ، و ذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما :" من جر ثيابه من مخيلة فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة ". رقم (5443 )
وكان قد ذكر في موطن آخر من صحيحه (2/281) حديث أبي جري الهجيمي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إنا قوم من أهل البادية، فعلمنا شيئا ينفعنا الله به، فقال: " لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تكلم أخاك، ووجهك إليه منبسط. وإياك وإسبال الإزار، فإنه من المخيلة، ولا يحبها الله. وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك، فلا تشتمه بما تعلم فيه، فإن أجره لك، ووباله على من قاله".

قال أبو حاتم ( ابن حبان ): الأمر بترك استحقار المعروف أمر قصد به الإرشاد. والزجر عن إسبال الإزار زجر حتم لعلة معلومة ، وهي الخيلاء ، فمتى عدمت الخيلاء ، لم يكن بإسبال الإزار بأس . والزجر عن الشتيمة ، إذا شوتم المرء ، زجر عنه في ذلك الوقت ، وقبله ، وبعده ، وإن لم يشتم.اهـ
ومما يدل على أن قوله "ما أسفل الكعبين .." داخلة في معنى "من جرّ ثوبه ..." ؛ أن الصحابة الذين رووا اللفظ الأول كانوا يحتجّون على المسبلين باللفظ الثاني . فعن محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة ورأى رجلا يجر إزاره ، فجعل يضرب الأرض برجله وهو أمير على البحرين ، وهو يقول : جاء الأمير، جاء الأمير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله لا ينظر إلى من يجر إزاره بطرًا " رواه الشيخان و اللفظ لمسلم .

فالواضح ان احتجاج ابي هريرة باللفظ الثاني يدل على ان الخيلاء قيد و لو كان يوجد فرق بين الاسبال من غير خيلاء او لا في العقوبة لاستدل بحديث اسفل القدمين اد ان الاصل في المسلم براءة الذمة و نحسن الظن به فلا نتهمه بالخيلاء من دون دليل ادن فغضب ابي هريرة يدل على ان الغالب في ذلك الزمان ان الاسبال لا يكون الا لخيلاء لذلك كان نهي رسول الله عليه الصلاة و السلام و غضب ابي هريرة فان كان بلد الناس فيه لا تسبل نعم منع الاسبال لكثرة المظنة ان المسبل لا يفعلها لا للخيلاء لكن ببلد يسبلون من غير خيلاء فالظاهر انه لا مشكل في ذلك و الله اعلم

و قد أُشكل على بعض الأفاضل كون الأمرين وردا جميعًا في حديث واحد ؛ و هو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : " إزرة المؤمن إلى إنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بينه و بين الكعبين ، ما أسفل من ذلك ففي النار، ما أسفل من ذلك ففي النار. لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا " . و هذا لفظ الإمام مالك رحمه الله في الموطأ ، و هو أصحها . و زعم بعضهم أن الجمع بين العقوبتين في لفظ واحد دليل على اختلافهما.
و الجواب : أن قوله " لا ينظر الله يوم القيامة ..." في الحديث هو تذييل لتقرير حكم و تعليله . و لذلك لم تعطف على ما قبلها ، كما في الرواية السابقة ، و إن كان قد أثبت بعضهم حرف العطف و لكن هذه أرجح . و المعنى : أن من أسبل ثوبه خيلاء وكبرًا ، حق له أن يطأ في النار إلى كعبيه ، لأن الله لا يرحمه يوم القيامة بل يمقته. و هذا ما فهمه الإمام مالك من الحديث ، حيث أورده في (باب) ما جاء في إسبال الرجل ثوبه .
و الدليل " ما أسفل الكعبين " يراد به الإسبال ، حديث جابر بن سليم رضي الله عنه الطويل وفيه:" وارفع إزارك إلى نصف الساق ، فإن أبيتَ فإلى الكعبين ، وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة ، وإن الله لا يحب المخيلة " رواه أحمد (4/64) و أبو داود (4084) و ابن حبان في صحيحه (521) و غيرهم .

و نظيره حديث ابن عمر رضي الله عنهما :" الإسبال في الإزار والقميص والعمامة ، من جر شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " . رواه ابن أبي شيبة في المصنف ، و أبو داود (4094) والنسائي (8/208) وابن ماجة (3576) وغيرهم من طريق عبد العزيز بن أبي رواد .
فقد أجمل الإسبال المنهي عنه ثم بيّن المقصود بالنهي . فهل يصلح أن يقال : أنّ فيه حكمين ؛ الإسبال مطلقًا ، و الجر خيلاء ؟؟؟ لا يمكن ذلك و لا يستقيم ، لأنك أنّى توجهت وجدت الإسبال مرادفًا للجرّ و مقيّدًا بالمخيلة .


و من العلماء من قال : أن الوصف بالخيلاء خرج مخرج الغالب ، والقيد إذا خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له عند عامة الأصوليين - كما قال الشيخ بكر أبو زيد - كما في قوله:(و ربائبكـم اللاتي في حجـوركم) ، فبنت المرأة محرمة على زوجها ، ربيبة كانت عنده أم لا ، ونحو قوله: ( ولا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة ) ، فالربا قليلُه وكثيرُه حرام .
و الجواب : أن إلحاق هذه المسألة بما ذكر لا يستقيم لوجود الفارق ؛ ذلك لأن دليل القيد بالخيلاء ليس بالمفهوم و إنما هو بالمنطوق و هو قوله صلى الله عليه و سلم لأبي بكر رضي الله عنه : " إنك لست ممن يفعله خيلاء ".


و يقطع كلَّ تأويل حديثُ ابن عمر رضي الله عنهما الذي فيه :" من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة " رواه مسلم (2085) و أبو عوانة (8585) و غيرهما .
و هو نص صريح في أن الإسبال لا يحرم إلا إذا قُصد به الإختيال ، و فيه أيضًا رد على من يزعم أن الإختيال يحصل بمجرد الإسبال و لو لم يخطر ببال المسبل .
و من الأدلة التي تعلق بها القائلون بحرمة الإسبال مطلقًا ، حديث ابن عمر رضي الله عنهما من رواية نافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقالت أم سلمة : فكيف يصنعن النساء بذيولهن ؟ قال : يرخين شبرًا . فقالت : إذا تنكشف أقدامهن ؟ قال : فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه ." رواه النسائي (5336) و الترمذي (1731) و قال : حسن صحيح .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ( الفتح 10/259) : ويستفاد من هذا الفهم التعقب على من قال أن الأحاديث المطلقة في الزجر عن الإسبال مقيدة بالأحاديث الأخرى المصرحة بمن فعله خيلاء ... ووجه التعقب أنه لو كان كذلك لما كان في استفسار أم سلمة عن حكم النساء في جر ذيولهن معنى ، بل فهمت الزجر عن الإسبال مطلقا سواء كان عن مخيلة أم لا ، فسألت عن حكم النساء في ذلك لاحتياجهن إلى الإسبال ، من أجل ستر العورة ، لأن جميع قدمها عورة . فبين لها أن حكمهن في ذلك خارج عن حكم الرجال في هذا المعنى فقط . وقد نقل عياض الإجماع على أن المنع في حق الرجال دون النساء ومراده منع الإسبال لتقريره صلى الله عليه وسلم أم سلمة على فهمها زاهـ
و قد اغتر بهذا الكلام صاحب ( القول المبين في أخطاء المصلين ) فقال (ص31) : و يستفاد من كلمة "رخص" و من سؤال أم سلمة السابق " فكيف يصنع النساء بذيولهن " بعد سماعها وعيد جر الثوب ، التعقب على من قال :-إن الأحاديث المطلقة في الزجر عن الإسبال مقيدة بالأحاديث الأخرى المصرحة بمن فعله خيلاء . و وجه التعقب : أنه لو كان كذلك لما كان في استفسار أم سلمة عن حكم النساء في جر ذيولهن معنى ، بل فهمت الزجر عن الإسبال مطلقا ، سواء كان عن مخيلة أم لا...اهـ
قال عبد الوهاب مهية و هذا لعمري أمر عجيب ، و أعجب منه صدوره عن الحافظ رحمه الله ، فهل يعقل أن يعترض بمثل هذا و صدرُ الحديث نصّ في تقييد الإسبال بالخيلاء ؟ كيف استُسيغ مثل هذا التعقب ، و مناسبة سؤال أم سلمة إنما هو قوله صلى الله عليه و سلم : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " ، يقول "خيلاء" ، و الحديث واحد فكيف يعارض أوله بآخره ؟؟؟ و من أين لهذا المتعقب أنّ أم سلمة رضي الله عنها فهمت الإطلاق في الزجر عن الإسبال ؟ و سياق الحديث يأبى ذلك . و كل ما فيه : أنها سألت عمن وقعت من النساء بين الأمرين ؛ أعني بين الإسبال المحرم بقيده و بين وجوب ستر القدمين ، فأذن لهن بالإسبال على أيّة حال لتأكد التستر في حقهن . و يبيّن ذلك رواية " رخّص" ، أي حتى مع وجود هاجس الخيلاء .
فائدة : قال الباجي رحمه الله في ( المنتقى 7/226) :- و هذا يقتضي أن نساء العرب لم يكن من زيهن خفّ و لا جورب . كنّ يلبسن النعال أو يمشين بغير شيء ، و يقتصرن من ستر أرجلهن على إرخاء الذيل .اهـ

و قال عبد الوهاب مهية و من الأدلة التي تعلق بها القائلون بالتحريم على الإطلاق ، بعض الأحاديث التي يأمر فيها النبي صلى الله عليه و سلم بعض أصحابه بالتشمير ، قال بعضهم : ويكفيك أن تأتي بأي حديث مما صح فيه احتساب النبي ء صلى الله عليه وسلم ء على صحابي قد أطال ثوبه فأمره ء صلى الله عليه وسلم ء بتشميره ليسقط هذا التفريق الذي يذهب إليه جماهير العلماء من فقهاء وشراح للأحاديث ، وذلك لأن النبي – صلى الله عليه وسلم ء لم يستفصل منه ، وتركُ الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال كما تعلمون ، وبه يتبين أن النبي – صلى الله عليه وسلم ء لم يكن يفرق بين من يفعله خيلاء أو بغيره في وجوب تشمير الثوب فوق الكعبين .اهـ
و الجواب : أن تلك الأحاديث هي من قبيل وقائع الأعيان و الأحوال التي لا تفيد العموم ، وترك الإستفصال فيها لظهور الحال . فأنت إذا رأيت شخصًا يمشي المطيطاء و يلتفت إلى عطفيه شامخًا بأنفه ، فلا تحتاج إلى أن تسأله إن كان يتخايل أم لا ؟؟؟
و من أقوى الدلائل على أن تلك الوقائع لا تفيد العموم ؛ حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند الإمام أحمد (6340) بسند رجاله رجال الصحيح ، يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه وعليه إزار يتقعقع ، يعني جديدًا ، فقال : من هذا ؟ فقلت : أنا عبد الله . فقال : إن كنت عبد الله فارفع إزارك . قال : فرفعته ، قال : زد ؟ قال : فرفعته حتى بلغ نصف الساق . قال : ثم التفت إلى أبي بكر فقال : من جرّ ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة . فقال أبو بكر : إنه يسترخي إزاري أحيانًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لست منهم ."
فهذا الحديث نص صريح في إناطة الحكم بعلة المخيلة ، فإن قيل : لِم أمر ابن عمر بالتشمير و لم يستفصل ؟ فالجواب : أن حال ابن عمر كانت تغني عن الإستفصال ؛ شاب حدث ، عليه لباس جديد ، يتقعقع أي يحدث صوتًا عند تحريكه ، قد أسبله ، فما ظنك به و هو في مجتمع قد تواطأ على اعتبار مثل تلك المظاهر ؟..و لذلك بالغ النبي صلى الله عليه و سلم في أمره بالتشمير ، و كان يكفيه أن يأمره برفعه إلى الكعبين . و الظاهر أن ابن عمر رضي الله عنهما قد كان في نفسه بعض تلك المعاني ، لأنه لم يعتذر بشيء بعد سماعه رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من جر ثوبه من الخيلاء " كما اعتذر الصديق رضي الله عنه .

و على هذا الوجه يُنزَل حديث عمر رضي الله عنه مع الشاب الذي قال له : " ( يا غلام ارفع إزارك فإنه أتقى لربك و أنقى لثوبك "
و منه كذلك ، ما وقع لسالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ؛ قال جرير بن يزيد : كنت جالسًا إلى سالم بن عبد الله على باب داره ، فمر به شاب من قريش يسحب إزاره ، فصاح به سالم وقال : ارفع إزارك ؟ وجعل الشاب يعتذر من استرخاء إزاره ، ثم أقبل عليّ سالم فقال : حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" بينما رجل يمشي في حلة له معجب به نفسه فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة" . رواه أحمد (9053) و أبو عوانة (8559) و النسائي (9679) .
و كذلك كان فهم السلف ؛ إنما ينكرون على من ظنوا به العجب و المخيلة بسبب مظهره ، ولم يكن إنكارهم على إطلاقه كما يفهم البعض . اهــ

قد ثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فعل ذلك للسبب ذاته .
فقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (24816) بسند جيد عن ابن مسعود رضي الله عنه " أنه كان يسبل إزاره فقيل له في ذلك فقال: إني رجل حمش الساقين " . لكن قال الحافظ في الفتح (10/264) : (هو محمول على أنه أسبله زيادة على المستحب ، وهو أن يكون إلى نصف الساق ، ولا يظن به أنه جاوز به الكعبين ! والتعليل يرشد إليه ، ومع ذلك فلعله لم تبلغه قصة عمرو بن زرارة .) اهـ

قلت حمله على المستحب دعوى تحتاج دليلا اولا و ثانيا لو كان كذلك لما انكره عليه الناس و ثالثا الاسبال هنا لفظ عام لا يجوز اخراجه عن ظاهره الا بقرينة فمن اين للحافظ انه محمول على الزيادة فوق المستحب فهل الزيادة فوق المستحب تسمى اسبالا !!!!

قال عبد الوهاب مهية الإسبال عند الإطلاق يراد به الإرخاء إلى ما دون الكعبين ، و الأصل إبقاء الخبر على ظاهره ، هذا من جهة . و من جهة أخرى ، فإنه حتى لو لم تبلغه قصة عمرو بن زرارة ، فهل يعقل أن يأمر النبي صلى الله عليه و سلم واحدًا من عامة الناس و لا يأمر صاحب وسادته و نعله ، و من هو معه صباح مساء ، يلازمه و يخدمه حتى أن الغريب ليحسب أنه من أهل البيت ؟ اهــ.

روى أبو داود (4096) و ابن أبي شيبة (24831) و البيهقي في الشعب (6147) عن عكرمة قال : رأيت ابن عباس إذا اتزر أرخى مقدم إزاره حتى يقع حاشيته على ظهر قدميه ، ويرفع الإزار مما وراءه ، فقلت :لم تأتزر هكذا ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزر هذه الإزرة " وصححه الألباني رحمه الله في الصحيحة (1238) .


عن أبي إسحاق قال:رأيت ابن عباس أيام منى طويل الشعر، عليه إزار فيه بعض الإسبال، وعليه رداء أصفر. قال الهيثمي (9/285):رواه الطبراني وإسناده حسن . قلت : رواه الطبراني في الكبير (10572) و أبو بكر الشيباني في الأحاد و المثاني (390) .


و أخرج ابن أبي شيبة وعنه أبو نعيم في الحلية : (5/322) وابن سعد في الطبقات: (5/403) عن عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عمرو بن مهاجر قال : " كان قميص عمر بن عبد العزيز ما بين الكعب والشراك "

و أخرج ابن أبي شيبة في ( المصَنَّفِ ) (رقم 24845) قال : حدثنا ابن مهدي ، عن أبي عوانة ، عن مغيرة قال : " كان إبراهيم قميصُه على ظهر القدم " . إسناده صحيحٌ ، و ابراهيم هو ابن يزيد النخعي إمام الكوفة .

و أخرج الإمام أحمد في ( العلل) – رواية ابنه عبد الله – ( رقم 841 ) قال :حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدَّثنا حماد بن زيد ، قال : " أمرَنِي أيّوب ( السختياني ) أن أقطعَ له قميصاً قال : اجعلْه يضرِبُ ظَهْرَ القدم ، و اجعَلْ فَمَ كُمِّهِ شبراً ". وإِسنادٌه صحيحٌ

و قبل الختام ...
تذكَّرْ أنَّ الأحاديث الواردة في الإسبال على ثلاثة أقسام ؛
قسم مطلق ، مثل قوله " ما أسفل الكعبين في النار " ، و قوله في حديث المغيرة رضي الله عنه : " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم أخذ بحجزة سفيان بن أبى سهل فقال : يا سفيان لا تسبل إزارك فان الله لا يحب المسبلين" رواه أحمد و النسائي في الكبرى (9704) و ابن ماجة(3574) و ابن حبان فى صحيحه و هو حديث حسن و له شواهد.
الألف و اللام في ( المسبلين ) للعهد الذهني ، و يعني بهم المختالين . و يؤيده رواية ابن حبان الماضية أول البحث بلفظ :" يا سفيان لا تسبل إزارك ، فإن الله لا ينظر إلى المسبلين " و قد مرّ آنفًا بيان مَنْ لا ينظر الله إليهم .

و منه حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بينما رجل يصلي مسبل إزاره ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اذهب فتوضأ " . فذهب فتوضأ ثم جاء فقال: " اذهب فتوضأ " ، فقال له رجل: يا رسول الله ، مالك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه؟ قال:" إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره ، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل".
رواه أحمد (4/67) و أبو داود (6380 و 4086)
أعله المنذري فقال : فيه أبو جعفر رجل من المدينة لا يعرف . و قال الحافظ في ( التقريب 1/628) :" أبو جعفر المؤذن الأنصاري المدني مقبول من الثالثة ومن زعم أنه محمد بن علي ابن الحسين فقد وهم " .
و قوله " مقبول " يعني عند المتابعة ، و لا متابع له في قوله " وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل " . بل الحديث كله على مداره . فالعجب كيف يحكم على صلاة امرئ مسلم و وضوءه بالبطلان بمثل هذه الرواية ؟؟؟
و قد روى ابن خزيمة في صحيحه (781) عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لا ينظر الله إلى صلاة رجل يجر إزاره بطرًا " . قال ابن خزيمة : قد اختلفوا في هذا الإسناد قال بعضهم عن عبد الله بن عمر.اهـ
و يستفاد من هذا الحديث تقييد الجر بالبطر و هو الكبر و الخيلاء . ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه : " من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حلّ و لا حرام " رواه أبو داود (637)
و قسم مقيِّد بالجر و الخيلاء ، و قد ذكرنا طرفًا منه . و بيّنّا بالدليل اتحاد محل العقوبة و مورد الحكم و مقتضى ذلك شرعًا .


من اراد الاجابة فلينقد الادلة دليلا دليلا و ارجوا من الاخوة ان لا يجيبوا اجابات ناقصة او خارجة عن ادب النقاش و ارجوا ان لا تستدلوا بكلام مجمل لا اعتراض فيه او فتاوي فلان و علان.


فهل من القائلين بالتحريم من ينشط لذلك و الله المستعان و السلام عليكم

التقرتي
2009-01-25, 11:01 AM
اسوق هذا الدليل الجديد الذي هداني الله اليه بعد كتابة المقال :


قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . البقرة 174

قال بن جرير الطبري في تفسيره الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّه مِنْ الْكِتَاب } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّه مِنْ الْكِتَاب } أَحْبَار الْيَهُود الَّذِينَ كَتَمُوا النَّاس أَمْر مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُبُوَّته.

و قال وَأَمَّا قَوْله : { وَلَا يُكَلِّمهُمْ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة } يَقُول : وَلَا يُكَلِّمهُمْ بِمَا يُحِبُّونَ وَيَشْتَهُونَ , فَأَمَّا بِمَا يَسُوءهُمْ وَيَكْرَهُونَ فَإِنَّهُ سَيُكَلِّمُهُمْ ; لِأَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُ يَقُول لَهُمْ إذَا قَالُوا : { رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } قَالَ : { اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } 23 107 : 108 لِآيَتَيْنِ.



و قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ال عمران 77



قال بن جرير { أُولَئِكَ لَا خَلَاق لَهُمْ فِي الْآخِرَة } يَقُول : فَإِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لَا حَظّ لَهُمْ فِي خَيْرَات الْآخِرَة , وَلَا نَصِيب لَهُمْ مِنْ نَعِيم الْجَنَّة , وَمَا أَعَدَّ اللَّه لِأَهْلِهَا فِيهَا . دُون غَيْرهمْ . وَقَدْ بَيَّنَّا اِخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا مَضَى فِي مَعْنَى الْخَلَاق , وَدَلَّلْنَا عَلَى أَوْلَى أَقْوَالهمْ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة . وَأَمَّا قَوْله : { وَلَا يُكَلِّمهُمْ اللَّه } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَلَا يُكَلِّمهُمْ اللَّه بِمَا يَسُرّهُمْ وَلَا يَنْظُر إِلَيْهِمْ , يَقُول : وَلَا يَعْطِف عَلَيْهِمْ بِخَيْرٍ مَقْتًا مِنْ اللَّه لَهُمْ كَقَوْلِ الْقَائِل لِآخَرَ : اُنْظُرْ إِلَيَّ نَظَرَ اللَّه إِلَيْك , بِمَعْنَى : تَعَطَّفْ عَلَيَّ تَعَطَّفَ اللَّه عَلَيْك بِخَيْرٍ وَرَحْمَة , وَكَمَا يُقَال لِلرَّجُلِ : لَا سَمِعَ اللَّه لَك دُعَاءَك , يُرَاد : لَا اِسْتَجَابَ اللَّه لَك , وَاَللَّه لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَة , وَكَمَا قَالَ الشَّاعِر : دَعَوْت اللَّه حَتَّى خِفْت أَنْ لَا يَكُون اللَّه يَسْمَع مَا أَقُول وَقَوْله { وَلَا يُزَكِّيهِمْ } يَعْنِي : وَلَا يُطَهِّرهُمْ مِنْ دَنَس ذُنُوبهمْ وَكُفْرهمْ , { وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم } يَعْنِي : وَلَهُمْ عَذَاب مُوجِع . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة , وَمَنْ عُنِيَ بِهَا ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : نَزَلَتْ فِي أَحْبَار مِنْ أَحْبَار الْيَهُود اهــ


ادن كما ترون اخوتي ان, الايتين في اليهود و ان زيادة و لا ينظر الله اليه في الثانية ليست بعقوبة جديدة و تفسير الطبري يدل عليها و من جعلها عقوبة جديدة غير النار فقد خالف ما جاء به القرآن الكريم

محمد الذهبي
2009-01-25, 12:42 PM
أيها الإخوة الأماجد, البحث الذي أثاره الأخ المكرم يتناول التساؤل عن شمول الإسبال لجر البنطال, وهذه مسألة أخص من مسألة حكم الإسبال, فماللإخوة سامحهم يشعبون الحديث.
للإضافة فقد قرأت من أكثر من عشر سنوات أن الشيخ عبد الله الجديع يرى جواز الإسبال في السراويل ويحتج بالحديث المصدّر, وذبك في كتاب له, يمسى الأجوبة النجدية
والسلام

إبن رجب الحنبلي
2009-03-28, 08:44 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحد الإخوة قال إنَّ السراويل لا تدخل في احاديث النهي عن الإسبال هل ممكن الإخوة يوضحوا لي هذه النقطة مع ذكر المراجع

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التقرتي
2009-03-28, 08:54 PM
المعروف أن اغلب المعاصرين ذهبوا إلى تحريم الإسبال مطلقا و ذهب الجمهور إلى خلاف قولهم فحرموه للخيلاء فقط.


اما الإسبال فهو في السروال ايضا و يستدل بذلك بحديث

قال رسول الله عليه الصلاة و السلام من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة متفق عليه وهو من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه وكذا مالك وأحمد من طرق كثيرة عن ابن عمر به وقال الترمذي حديث حسن صحيح وزاد البخاري والنسائي وأحمد في رواية لهم ( قال أبو بكر يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لست ممن يصنعه خيلاء وزاد أحمد في رواية من طريق نافع قال وأخبرني سليمان بن يسار أن أم سلمة ذكرت النساء فقال ترخي شبرا قالت إذن تنكشف قال فذراعا لايزدن عليه.


في سنن بن ماجة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا محمد بن بشر ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : مر بأبي هريرة فتى من قريش يجر سبله ، فقال : يا ابن أخي إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من جر ثوبه من الخيلاء ، لم ينظر الله إليه يوم القيام" حديث:‏3569‏ صحيح الترغيب 2037 , صحيح بن ماجة 3637

فذكر ثوبه و لم يحدد ازارا أو غيره


عند ابي داود عن عبد الله بن عمر ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار ، فهو في القميص حديث 359 صحيح سنن ابي داود حديث 4095 و حسنه في الترغيب 2030 و رواه الامام احمد في المسند حديث 5728


عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الإسبال في الإزار ، والقميص ، والعمامة ، من جر منها شيئا خيلاء ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة " سنن أبي داود - كتاب اللباس باب في قدر موضع الإزار – حديث:‏3589 صحيح مشكاة المصابيح 4332 صحيح ابي داود 4094


فدل هذا الحديث ان الاسبال في كل اللباس لجمعه العمامة مع القميص و الإزار


و الله اعلم

أبو عبد الأكرم الجزائري
2009-03-28, 09:53 PM
اخي الفاضل هده الشبهة قد روجها عبد الله الجديع العراقي المقيم في ليدز ببريطانيا ودليله في دلك اثر عن ابن عمر في سنن ابي داود وهو صحيح موقوف عنه لكن هدا الاثر معارض لنصوص العامة الثابت عن النبي وهده الاشبة سئل الشيخ الالباني في شريط فاجاب ان الاسبال النهي فيه لداته لا لغيره اي النهي منصب على اصل الاسبال والرجاء ان ترجع الى اشرطة سلسلة الهدى والنور

أبو خالد الكمالي
2009-03-28, 11:05 PM
قال الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - :
"

http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif
وهذا يجرني إلى أن أركز على أنه لا ينبغي لإنسان أن يتمسك بلفظية الحديث؛ فلفظ الحديث: (إزار)، فقد يقول إنسان: إن البنطلون ليس إزاراً! فنحن نقول: صحيحٌ أن البنطلون ليس إزاراً، بل ليس لباساً إسلامياً مطلقاً؛ ولكن إذا كان اللباس الإسلامي وهو الإزار وهو اللباس الذي ليس فيه أي تكلُّف وأي تصنُّع، ولا جرم فقد جعله أن الله عز وجل -لذلك- لباساً للحاج والمعتمر، إذا كان هذا اللباس إذا أطاله الإنسان فوق الحد المشروع جوازاً على الأقل فهو آثم وفي النار، فأَولى ثم أَولى أن يأثَمَ هذا الإثْمَ وأكثرَ منه الذي يلبس لباس الكفار وهو بالبنطلون. ويؤكد لكم هذا أن هناك حديثاً يذكر أن الإسبال الذي في الإزار حكمه أيضاً في القميص وفي ذيل العمامة، فإطالة الثوب ليست خاصةً بالإزار في هذا اللفظ ليكون البنطلون خارجاً عن هذا الحكم؛ لأن العمامة التي لها عَذَبَة من الخلف إطالتها أيضاً تدخل في هذا الحكم، وكذلك القميص الذي كله جائز على المسلمين أيضاً يدخله الإسبال المنهي عنه. فهذه كلها أمور جاء بها الإسلام، فأصبحت اليوم نسياً منسياً. ونقول في مناسبات كثيرة: السبب في ذلك يعود إلى أمرين اثنين: أولُُهُما: بُعْدُ أهلِ العلمِ عن دراسة السنةِ وتدريسِها. ثانيهما: إهمالُ الأحكامِ الشرعيةِ وتطبيقِها. هذه الآفة منتشرة جداً مع الأسف الشديد في مصر (http://audio.islam***.net/audio/index.php?page=ft&sh=165&ftp=amaken&id=3000020&spid=165) بين أهل العلم، إذ لا يمكن -في تلك البلاد- أن تجد عالماً بغير تلك الآفة! وشعار العالم هناك العمامة البيضاء، وهي -كما ذكرنا لكم- عادة وليست سنة تعبدية، على أنها لم تكن على هذه الصورة التي تطورت وأصبحت تارة عبارة عن قطعة قماش ذراعاً أو ذراعين أو عشرة أذرع، أعني: على النقيض. فبعض المشايخ خاصة في مصر (http://audio.islam***.net/audio/index.php?page=ft&sh=165&ftp=amaken&id=3000020&spid=165) عمائمهم بسيطة جداً؛ لكنها على كل حال شعار العلماء والفقهاء عندهم، بخلاف بعض البلاد. وهنا نرى بعض النماذج كما قال محمد عبده (http://audio.islam***.net/audio/index.php?page=ft&sh=165&ftp=alam&id=1000071&spid=165) رحمه الله: (عمامةٌ كالبرج وجُبَّةٌ كالخُرج)، فهناك في مصر (http://audio.islam***.net/audio/index.php?page=ft&sh=165&ftp=amaken&id=3000020&spid=165) هذه الظاهرة: عمامة وجُبَّة، وأيضاً الأكمام واسعة جداً؛ لكنها طويلة وطويلة، تكاد تَمَس الأرض، ولا يمكن أن ترى عالِماً هناك إلا وَجُبَّته طويلة، والجبة في اللغة غير الإزار، فالإزار يقابله الرداء، والإزار بمعناه العامي: فوطة، وهي التي يشدها الإنسان في وسطه. فالجبة ليست إزاراً بطبيعة الحال، بل هي أكثر من إزار؛ لأنها تكسو البدن من فوق إلى أسفل، فما قيل في الإزار يشمل الجبة، ولو كانت هذه جُبَّةً وليست إزاراًً؛ لأن الغرض واضح جداً، وهو الخلاص من مظاهر الكبر والبطر؛ فهنا -في الحقيقة- أمران اثنان وهما: - أن يطيل الإنسان ثوبه مهما كان اسم هذا الثوب، ويقصد بذلك الكبر والبطر والعنجهية. هذا شيء. - وشيء آخر: ألا يقصد ذلك؛ ولكن ما يلبسه مما هو طويل، ويلبسه عادة المتكبرون المتجبرون، فهذا مظهر يدل على ذلك، ولو كان قصده على خلافه. فَنَهْيُ الرسولِ صلوات الله وسلامه عليه عن إطالة الإزار يعني بتر وقطع هذه المظاهر، سواءً كانت بقصد سيئ أو ليس هناك قصد سيئ؛ لأن هناك منهجاً وضعه الرسول عليه الصلاة والسلام، ولذلك نجده يهتم بهذه المظاهر المخالفة للشريعة في أصحابه، وأنا لا أتصور خاصة مثل حذيفة بن اليمان (http://audio.islam***.net/audio/index.php?page=ft&sh=165&ftp=alam&id=1000070&spid=165) أنه قد أطال إزاره وهو يقصد الكبر والعنجهية؛ ولكن الأمر كان من الأمور التي لا يهتم بها بعض الناس، وربَّما كان لا يعلم أن الإسلام يؤكد حتى على من ليس ينوي ذلك المقصد السيئ على ألا يطيل ثوبه؛ وقد قال لـحذيفة (http://audio.islam***.net/audio/index.php?page=ft&sh=165&ftp=alam&id=1000070&spid=165) : (فما طال دون ذلك فلا حق للإزار). وقال لأمثال حذيفة : (لاحق للإزار في الكعبين). ولآخرين قال صلى الله عليه وسلم: : (فإن طال ففي النار). والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وكثيرة جداً. والحافظ ابن حجر العسقلاني (http://audio.islam***.net/audio/index.php?page=ft&sh=165&ftp=alam&id=1000072&spid=165) رحمه الله قد تكلم عن هذه القضية بكثير من الفقه، ومن الأشياء التي استفدتُها منه -وهذه في الواقع يجب أن تفهموها، وأن تجد مكاناً في قلوبكم لتفهموا هذه الحقيقة-: أنه يَذكر أن في بعض الأحاديث، -وهذا مر بنا في بعض الدروس- أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قال: (مَن جَرَّ إزاره خيلاء لم ينظر الله عز وجل يوم القيامة إليه، أو: لا ينظر الله تبارك وتعالى إليه يوم القيامة)، لما ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الحديث، فهَمِتْ إحدى النسوة وأظنها أم سلمة (http://audio.islam***.net/audio/index.php?page=ft&sh=165&ftp=alam&id=1000073&spid=165) بأن هذا الحديث يدخل فيه النساء أيضاً، وهذا هو اللسان العربي الأصيل، لأن (مَن) من ألفاظ الشمول والعموم، (مَن جَرَّ) سواء كان رجلاً أو امرأة، وعلى هذا الفهم الصحيح توجهت بالسؤال إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فقالت: (يا رسول الله! إذاً تنكشف أقدامنا -أي: أقدام النساء- قال: فتطيل شبراً -حتى تتحقق السترة التي أمر الشارع الحكيم بها بالنسبة للنساء- قالت: يا رسول الله! تأتي ريح فترفع الثوب، قال: تطيل شبراً -أي: ثانياً-، ولا تزدن عليه). الشاهد هنا مما لفت النظر إليه الحافظ ابن حجر (http://audio.islam***.net/audio/index.php?page=ft&sh=165&ftp=alam&id=1000072&spid=165) : إذا كانت المرأة لا يجوز لها أن تزيد على ما أَذِن الشارع به، فأَولى ثم أَولى ألا يجوز للرجل أن يزيد على ما أَذِن الشارع به في إطالة الثوب، وذلك إلى ما فوق الكعبين، وهذا هو الحد الأخير.. (فما أسفل الكعبين فهو في النار) كما قال عليه الصلاة والسلام. هذا هو الذي أردت أن أذكِّر به بمناسبة هذا الحديث الثاني. وللأسف واقعنا اليوم يخالف هذا التوجيه النبوي الكريم!

"

إمام الأندلس
2009-03-29, 12:09 AM
هل كل خلاف فقهي معتبر يسمى شبهة ..

التقرتي
2009-03-29, 12:40 AM
لا يا اخي ليس بشبهة و ان قال بهذا شيخ كبير فهو ليس بشبهة فخد من كلام الشيخ دليله فقط اما ما سماه شبهة فهو ليس كذلك لأن القائلين بخلاف قوله جمهور السلف

انا عندي رأي اخر في المسألة هو انه من الزم الإسبال بعامة الثياب من قوله عليه الصلاة و السلام من جر ثوبة خيلاء لا ينظر الله إليه؛ ألزمه بأخد الجزء الثاني كما اخد الثوب من قوله ثوبه يأخد الخيلاء فيكون التحريم من اجل الخيلاء في عامة الأحوال و الله اعلم.

و الله اعلم

السكران التميمي
2009-03-29, 08:13 AM
سلام أهديه شوقا لكل فرد في هذا المنتدى المبارك؛ فأقول:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حقيقة أحبتي قد آثرت أن لا أشارك في هذا الموضوع لقناعتي التامة في نفسي حول حكمه ورأي الشرع الصحيح فيه، لكن لما أن وجدت الكلام قد ضرب بعضه بعضا، وأعيد وكرر ما قد وضح وبيّن بما لا يزيد، وأتت آراء غريبة هي ضعيف قول ووضعت قولا لعامة الأمة بلا دليل، أحببت أن أبين ما قد يزيل أي شبهة قد تحصل في هذا الباب بكلام يعلم الله هو ما أدين الله به، وسيحاسبني على اتباعه وتحكيمه، فلن أبتغي قولا غيره كما لا ألزم أحدا بالأخذ به، لكنه والله الحق الذي لا محيص عنه لمن تدبر وعرف كيف يطّرح الهوى والتعصب، وينظر بعين البصيرة والتثبت.

فأقول وبالله التوفيق ناسخا:
أخرج مسلم في (الصحيح) والبيهقي في (السنن الكبرى)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال : مررت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي إزاري إسترخاء، فقال: "يا عبد الله، ارفع إزارك". فرفعته، فقال: "زد" . فزدت، فما زلت أتحرى بعد، فقال بعض القوم: أين؟ قال: "نصف الساقين".
وأخرج البيهقي – فيها أيضا – عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه قال: سألت أبا سعيد عن الإزار، فقال: أخبرك بعلم؟ سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "إزرة المؤمن إلى نصف الساقين، ولا جناح فيما بينه وبين الكعبين، فما أسفل من ذلك ففي النار، لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطرا".
وقد دلت الأحاديث على أن ما تحت الكعبين في النار، وهو يفيد التحريم. ودل على أن من جر إزاره خيلاء لا ينظر الله إليه، وهو دال على التحريم، وعلى أن عقوبة الخيلاء عقوبة خاصة في عدم نظر الله إليه، وهو مما يبطل القول بأنه لا يحرم إلا إذا كان للخيلاء، كما يأتي بسطه ورده .
وأخرج البيهقي في (السنن) – أيضا – من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما كان أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار".
وفي لفظ: "ما تحت الكعبين من الإزار ففي النار"، رواه البخاري في الصحيح.
وأخرجه – أيضا – من حديث يزيد بن أبي سمية، قال: سمعت ابن عمر يقول: ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الإزار فهو في القميص.
قلت: سيأتي رفعه بزيادة.
وأخرج أبو داود والبيهقي – أيضا – من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما رجل يصلي مسبلا إزاره، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "اذهب فتوضأ"، ثم جاء فقال له : "اذهب فتوضأ"، فقال له رجل: يا رسول الله، أمرته أن يتوضأ، ثم سكت عنه؟ فقال: "إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره". قال النووي: إنه على شرط مسلم.
قلت: وقال الحافظ المنذري في (مختصر سنن أبي داود): في إسناده: أبو جعفر، رجل من أهل المدينة لا يعرف اسمه. انتهى.
قلت: وقال ابن رسلان في (شرح السنن): اسم أبي جعفر هذا: كثير بن جمهان السلمي، أو: راشد بن كيسان. انتهى.
وفي (التقريب) ما لفظه: كثير بن جمهان السلمي، أبو جعفر، مقبول. وفيه: راشد بن كيسان العبسي، بالموحدة، أبو فزارة الكوفي، ثقة، من الخامسة. انتهى.
وبه يعرف عدم صحة كلام الحافظ المنذري، في أن أبا جعفر مجهول، بل قد تردد بين ثقتين، ولكن الذي اخرج له مسلم هو راشد بن كيسان، ولم يخرج مسلم لكثير بن جمهان ، إنما اخرج له أصحاب السنن الأربع.
فقول النووي: إن الحديث على شرط مسلم، دال على أنه راشد بن كيسان، لكن كنيته أبو فزارة لا أبو جعفر. فالمتعين أنه كثير بن جمهان، ولا وجه لقول ابن رسلان: أو: راشد بن كيسان؛ إذ ذلك كنيته أبو فزارة، والمروي عنه في السنن: أبو جعفر.
واخرج أبو داود وغيره، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "من أسبل إزاره في صلاته خيلاء، فليس من الله في حل ولا حرام". قال النووي: معناه: قد برئ من الله وفارق دينه.
وأخرج أبو داود والبيهقي – أيضا – عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن السدل في الصلاة.
واخرج البيهقي – أيضا – عن أبي عطية الوادعي: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر برجل قد سدل ثوبه في الصلاة، فأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثوبه فعطفه في الصلاة عليه. وهو وإن كان منقطعا، فقد أخرجه البيهقي من حديث أبي جحيفة موصولا، قال: مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم برجل قد سدل ثوبه في الصلاة، فعطفه. وهو وإن كان فيه حفص بن أبي داود – وقد ضعف – فإنه يعضده ما سلف.
واخرج البخاري وغيره، من حديث ابن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "بينما رجل ممن كان قبلكم يجر إزاره من الخيلاء، خسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة".
الجلجلة: بالجيمين واللامين، صوت مع حركة. والمراد: أنه يسوخ في الأرض، أي: يغوص فيها.
وفي لفظ الترمذي – من حديث ابن عمرو بن العاص - : "يتلجلج" ، وهو من التلجلج: التردد، فكأنه قال: يتردد في تخوم الأرض.
ولمسلم: أن أبا هريرة رضي الله عنه رأى رجلا يجر إزاره، فجعل يضرب برجله الأرض وهو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله لا ينظر إلى من جر إزاره بطرا".
وأخرج الشيخان وأبو داود والترمذي، من حديث ابن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، فقال أبو بكر: يا رسول الله، إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده. فقال له رسول الله: "إنك لست ممن يفعله خيلاء".
وأخرج مسلم، عن ابن عمر رضي الله عنه، أنه رأى رجلا يجر إزاره، فقال له: ممن أنت؟ فانتسب له. فإذا رجل من بني ليث يعرفه ابن عمر، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم _ بأذني هاتين _ يقول: "من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة، فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة".
وفي رواية لأبي داود والنسائي، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الإسبال في الإزار والقميص والعمامة. من جر شيئا منها خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة".
وقد قدمناه بأقل من هذا موقوفا على ابن عمر، والذي رفعه: عبد العزيز ابن أبي رواد، مختلف فيه، قال فيه ابن حجر: إنه عابد صدوق، ربما وهم، ورمي بالإرجاء.
قلت: بعد الحكم بكونه صدوقا، لا يضرنا ما رمي به.
قال السيد محمد بن إبراهيم رحمه الله: الظاهر أن نافعا وقفه، ولا يضر؛ لأن الصحابي قد كان يفتي بالحديث غير مرفوع، خصوصا وقد رفعه الأكثرون. انتهى.
وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي، من حديث ابن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، فقالت أم سلمه رضي الله عنها: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يرخين شبرا"، فقالت أم سلمه رضي الله عنها: إذا تنكشف أقدامهن، قال: "فيرخين ذراعا لا يزدن عليه".
وفي رواية لأبي داود، قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأمهات المؤمنين في الذيل شبرا، فاستزدنه، فزادهن شبرا، فكن يرسلن إلينا نذرع لهن ذراعا.
وأخرج مالك وأبو داود والنسائي، عن أم سلمه رضي الله عنها، فقالت _ حين ذكر الإزار _ : فالمرأة يا رسول الله؟ قال: "ترخيه شبرا"، قلت: إذا ينكشف عنها، قال: "ذراعا، لا تزيد عليه".
وأخرج البخاري والنسائي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار".
قال ابن الأثير: معناه: إن مادون الكعبين من قدم صاحب الإزار المسبل ففي النار؛ عقوبة له على فعله. وذكر معنى آخر غير ظاهر.
وأخرج أحمد ومسلم وأهل السنن الأربع، من حديث أبي ذر رضي الله عنه، مرفوعا: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب اليم: المسبل إزاره، والمنان الذي لا يعطي شيئا إلا منّه، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب".
وأخرج الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنه، مرفوعا: "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: المنان عطاءه، والمسبل إزاره خيلاء، ومدمن الخمر".
إذا عرفت هذا، فههنا لفظان: الإسبال والسدل. قال في (النهاية): المسبل إزاره: هو الذي يطول ثوبه ويرسله إلى الأرض إذا مشى، وإنما يفعل ذلك كبرا واختيالا.
قال: والسدل: هو أن يلتحف بثوبه، ويدخل يديه من داخل، فيركع ويسجد وهو كذلك. وكانت اليهود تفعله، فنهوا عن ذلك. وهذا مطرد في القميص وغيره من الثياب.
وقيل: هو أن يضع وسط الإزار على رأسه، ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله، من غير أن يجعلهما على كتفيه. ومنه حديث علي رضي الله عنه: أنه رأى قوما وهم يصلون وقد سدلوا ثيابهم، فقال: كأنهم اليهود. انتهى.
وبهذا يعرف أن تفسير ابن رسلان في شرحه للسنن للسدل والإسبال: بأنه إرسال طرفي الرداء _ وما في معناه من الطيلسان ونحوه _ حتى تصيب الأرض بذيلها، غير صحيح؛ لأنه بني على أنهما مترادفان، وكلام (النهاية) يقضي بتغايرهما، وهو الذي دل عليه صنيع البيهقي في (السنن الكبرى)؛ فإنه عقد لكل واحد بابا مستقلا.
ويدل له ما في (سنن الترمذي)؛ فإنه قال: (باب ما جاء في كراهية السدل في الصلاة). ثم ذكر بسنده إلى عسل بن سفيان، عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه: نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن السدل في الصلاة. قال: وفي الباب عن أبي جحيفة. قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة لا نعرفه من حديث عطاء [عن أبي هريرة مرفوعا] إلا من حديث عسل بن سفيان. انتهى.
قلت: عسل، بالمهملتين، الأولى مكسورة، والثانية ساكنة، وقيل: مفتوحة. هو أبو قرة البصري، ضعيف. قاله في (التقريب).
ثم قال الترمذي: قال بعضهم: إنما كره السدل إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد، فأما إذا كان عليه قميص فلا بأس. وهو قول أحمد. وكره ابن المبارك السدل في الصلاة. انتهى.
ثم ذكر الترمذي بابا آخر في جر الإزار، وذكر فيه حديث ابن عمر.
وهكذا أبو داود، جعل لكل بابا.
قال البيهقي: والسدل: إرسال الرجل ثوبه من غير أن يضم جانبيه بين يديه، فإن ضمه فليس بسدل. قال: وروي عن ابن عمر _ في إحدى الروايتين _ أنه كرهه. وكرهه مجاهد وإبراهيم النخعي. ويذكر عن جابر بن عبد الله، ثم عن الحسن وابن سيرين، أنهم لم يروا به بأسا. وكأنهم إنما رخصوا فيه لمن فعله لغير مخيلة، وأما من يفعله بطرا فهو منهي عنه. انتهى.
والخيلاء والمخيلة، فسرهما ابن الأثير بالعجب والكبر.
ولنعد إلى تحرير المقال في الإسبال، فنقول: ههنا أربع صور: إسبال مع مخيلة، وبغيرها، في الصلاة، وفي غيرها.
الأول: الإسبال في الصلاة:
قال النووي: إنه في الصلاة وفي غيرها سواء، فإن كان للخيلاء فهو حرام، وإن كان لغير الخيلاء فهو مكروه. انتهى.
ثم قال: فأما السدل لغير الخيلاء في الصلاة، فهو خفيف؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر رضي الله عنه _ وقد قال: إن إزاري يسترخي، أي : يسقط من أحد شقي _ : "إنك لست منهم". انتهى.
قلت: وكلامه مبني على تسليم مقدمتين: الأولى: حمل المطلق على المقيد. والثانية: القول بمفهوم الصفة. وفي المقدمتين نزاع طويل بين أئمة الأصول تأتي الإشارة إليه. ولم يذكر النووي: هل الصلاة صحيحة أو لا إذا أسبله فيها خيلاء؟ وكأنه يقول بصحتها، وغايته أنه صلى وهو فاعل محرم، فيكون كالصلاة في الدار المغصوبة، وهي عنده صحيحة وإن كان آثما.
وقال أبو محمد ابن حزم: (مسألة): ولا تجزئ صلاة من جر ثوبه خيلاء من الرجال، وأما المرأة فلها أن تسبل ذيل ما تلبسه ذراعا، فإن زادت على ذلك عالمة بالنهي بطلت صلاتها. وحق كل ثوب يلبسه الرجل أن يكون إلى الكعبين لا أسفل البتة، فإن أسبله فزعا أو نسيانا فلا شي عليه.
ثم ساق حديث مسلم عن ابن عمر، أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء". قال: فهذا عموم للسراويل [والإزار] والقميص وسائر ما يلبس.
ثم ذكر حديث ابن مسعود: "المسبل في الصلاة ليس من الله في حل ولا حرام".
وعن ابن عباس رضي الله عنه: "لا ينظر الله إلى مسبل".
وعن مجاهد: كان يقال: من مس إزاره كعبه، لم يقبل الله له صلاة.
قال: فهذا مجاهد يحكي ذلك عمن قبله وليسوا إلا الصحابة؛ لأنه ليس من صغار التابعين، بل من أوساطهم.
وعن ذر بن عبد الله المرهبي _ وهو من كبار التابعين _ قال: كان يقال: من جر ثوبه لم يقبل الله له صلاة.
قال: ولا نعلم لمن ذكرنا مخالفا من الصحابة.
ثم قال: قال علي _ يعني ابن حزم نفسه المؤلف _ : فمن فعل في صلاته ما حرم عليه فعله فلم يصل كما أمره الله، فلا صلاة له.
ثم ساق بعض ما قدمناه من أحاديث الوعيد على من جر ثوبه وأسبله.
قلت: وقوله: فإن أسبله فزعا أو نسيانا فلا شي عليه، هو إشارة إلى ما أخرجه البخاري والنسائي، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه: أنها لما كسفت الشمس، خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فزعا يجر إزاره.
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي، من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، في قصة سجود السهو، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم خرج غضبان يجر إزاره.
فدل على أنه عند الفزع _ ومثله الغضب والنسيان _ لا يأثم بجر إزاره، وذلك لأنه لابد من قصد الفعل، والفزع والغضبان والناسي لا قصد لهم أصلا، بل لا يخطر ببالهم الإسبال، فلا يقال: إن فعله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك دليل على أن النهي عن الإسبال للتنزيه، وأنه فعله لبيان الجواز؛ لأنه لم يكن منه صلى الله عليه وآله وسلم فعلا مقصودا، ولأنه تقدم في أحاديث الوعيد: الوعيد بالنار، الذي لا يكون إلا على فعل محرم.
ثم قال أبو محمد ابن حزم: وأما المرأة، فلها أن تسبل ذيل ما تلبس ذراعا. واستدل بما قدمناه من أحاديث الترخيص لها.
قلت: إلا أنه يتم الاستثناء الذي قاله إلا إذا صلت مع الرجال؛ للعلة، وهي انكشاف القدم، فيراه من يحرم عليه رؤيتها، وأما إذا صلت خالية في منزلها أو مع نساء مثلها، فالواجب تغطية القدم بلا زيادة، وذلك يتم من دون إسبال؛ كما يدل له قوله صلى الله عليه وآله وسلم _ لما سئل عن المرأة تصلي بدرع وخمار من غير إزار _ قال: "لا بأس إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها". انتهى.
فإن قلت: إذا كان الثوب طويلا ولفه بحزام أو نحوه وصلى فيه: أيذهب التحريم؟
قلت: نعم؛ لأنه يصدق عليه أنه يصل مسبلا.ويدل له ما تقدم من حديث ابن عمر رضي الله عنه، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم له: "ارفع إزارك" فرفعته، فقال: "زد" فزدته؛ فإنه دليل أنه لفه عليه، وحديث عطفه صلى الله عليه وآله وسلم الثوب الذي صلى عليه صاحبه مسبلا.
إن قلت: قد ذكر الشافعية كراهة شد المصلي وسطه.
قلت: إن تم لهم دليل ذلك، فهذا الشد لدفع الإسبال المحرم فلا تبقى كراهة، بل هو واجب. على أن دليلهم على ذلك، هو حديث: "ولا نكفت ثوبا"، والمراد: لا نكفت ما أبيح له عدم كفته، لا ما وجب عليه كفته.
فإن قلت: إذا صلى من يرى الإسبال مطلقا خلف مسبل جاهلا للتحريم، أو شافعي المذهب يرى أنه لا يحرم إلا للخيلاء، وأنه معها لا تبطل به الصلاة: هل يصح صلاة القائل بتحريمه مطلقا خلفه؟
قلت: أما في الصورة الأولى، فالجاهل غير آثم، فتصح الصلاة، ويجب تعريفه بأنه منهي عنه. وأما في الصورة الثانية، فالمسائل الخلافية: الإمام فيها حاكم، فيصح الصلاة. والدليل: حديث: "تصلون، فما صلح فلكم ولهم، وما فسد فعليهم دونكم". وفي معناه أحاديث الصلاة خلف الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، والأمر بالصلاة معهم.
واعلم أنه لم يصرح ببطلان صلاة المسبل خيلاء، إلا ابن حزم رحمه الله، ودليله نفي القبول في الأحاديث عن صلاة المسبل.
وقد طرد ابن حزم قاعدة نفي القبول في جعله دليلا على عدم الصحة، فجزم بعدم صحة صلاة العبد الآبق، فقال: (مسألة): أيما عبد أبق عن مولاه، فإنها لا تقبل له صلاة حتى يرجع، إلا أن يكون أبق لضرر محرم ولا يجد من ينصره عليه، فليس آبقا حينئذ إذا نوى البعد عنه فقط.
ثم استدل بحديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إذا أبق العبد لا يقبل الله له صلاة". قال: وبهذا يقول أبو هريرة. ثم ساق بإسناده إليه أنه قال: "إذا ابق العبد لا تقبل له صلاة ". قال: وهذا صاحب لا يعرف له من الصحابة مخالف. انتهى.
قلت: قد ذكر ابن دقيق العيد في (شرح العمدة)، في حديث: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" : إنه قد استدل جماعة من المتقدمين بانتفاء القبول على انتفاء الصحة، كما فعلوه في قولة صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار". قال: ولا يتم ذلك إلا بأن يكون انتفاء القبول دليلا على انتفاء الصحة.
قلت: وهذا هو الذي ذهب إليه أبو محمد ابن حزم.
ثم قال ابن دقيق العيد: وقد حرر المتأخرون في هذا بحثا؛ لأن انتفاء القبول قد ورد في مواضع مع ثبوت الصحة، كالعبد إذا أبق لا يقبل الله له صلاة، وكما ورد فيمن أتى عرافا، وكشارب الخمر.
ثم قال: إنه إذا قيل: قد دل الدليل على أن القبول من لوازم الصحة، فإذا انتفى انتفت، فيصح الاستدلال بنفي القبول على نفي الصحة، وتحتاج تلك الأحاديث التي نفي فيها القبول مع بقاء الصحة إلى تأويل أو تخريج جواب. انتهى.
قلت: معلوم أن حديث أبي هريرة _ وهو: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" _ لم يسق إلا لبيان أنه لا صحة لصلاة بلا وضوء، والقول بأنه قد علم عدم صحة الصلاة إلا بوضوء من أدلة أخر، لا تدفع الاستدلال بالحديث على نفي الصحة بنفي القبول؛ فإن الأدلة على الحكم الواحد قد تكون متعددة من الكتاب والسنة والإجماع، وقد تكون متكررة من نوع من هذه الأنواع.
ثم إنا لا نسلم صحة صلاة الآبق ومن ذكر معه، وأين الدليل على صحتها؟ وقولهم: الدليل عليه الإجماع بعدم أمر الآبق ونحوه بإعادة الصلاة، ممنوع وقوع الإجماع، وهذا ابن حزم وأبو هريرة مخالفان، على أن الإجماع نفسه ممنوع تحققه كما قرره الأئمة المحققون في الأصول وغيرها.
فالملازمة بين نفي الصحة ونفي القبول هي الأصل، والدليل على من ادعى خلافها. ولا شيء أدل على ذلك من أمره صلى الله عليه وآله وسلم للمسبل بإعادة وضوئه، ثم قوله معللا له ذلك: "إن الله لا يقبل صلاة مسبل إزاره"، فالأمر بالإعادة دليل على ملازمة عدم القبول لعدم الصحة، ومن ادعى عدم تلازمهما طولب بالدليل على دعواه، على أن الحديث دل على عدم صحة وضوء من صلى مسبلا ولا عذر عن ذلك.
هذا، وقد ذكر ابن العربي المالكي فرقا بين ما نفي عنه القبول مع بقاء الصحة، وما نفي عنه مع عدمها. وهي فروق مذهبية قد سقناها في حاشيتنا على (شرح العمدة)، وذكرها صاحب (طرح التثريب)، وهي مبنية على تسليم القول بالصحة مع عدم القبول، وهو محل النزاع.
وأخرج الترمذي من حديث أبي أمامة مرفوعا: "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام أم قوما وهم له كارهون". قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه. وهو مشعر بأنه لا صحة لهذه الصلاة؛ لأنها لا ترفع، بل هي باقية في ذمته.
وأخرج ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي، من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا: "ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة، ولا ترفع لهم إلى السماء حسنة: العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه..."، الحديث.
فهذا الكلام في الطرفين الأولين: الإسبال في الصلاة لخيلاء وغيرها. وقد عرفت أنه عند النووي لا يضر بالصلاة إن كان للخيلاء، بل يكون فاعل محرم فيها، وأنه يكره فيها إذا كان لغير خيلاء، وأنه يبطلها عند ابن حزم إذا كان للخيلاء.
وأما في غير الصلاة:
فقال الإمام المهدي _ عليه السلام _ في (البحر): ويكره تطويل الثياب حتى يغطي الكعبين.
قال عليه المحقق المقبلي ما لفظه: هذه المسألة في السنة نار على علم في منع ما تحت الكعبين، وأنه في النار، وأن الحد وسط الساقين، فإن أبيت فإلى الكعبين.
والعجب من الفقهاء في تهوين أمرها، وكان الواجب أن يهولوا ما هولت السنة، ويهونوا ما هونته، وهم إنما يلتفتون إلى هذه المسألة أدنى التفات فيما طولوا من المصنفات، وقل من يزيدها على لفظ الكراهة الذي غلب استعمالهم لها في التنزيه دون الحظر، وان زعم زاعمون أن إطلاقها أصل في الحظر، فإن المعروف من استقراء كلامهم ما ذكرنا.
وتقييد كثير من الروايات بالخيلاء، بيان للحامل على ذلك في الأغلب. وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر رضي الله عنه _وقد قال حين سمع النهي: إني إذا لم أتعاهد إزاري يسترخي _ : "لست ممن يفعل ذلك خيلاء"، أي: لست ممن يتعمد ذلك. وهذا ما نختاره من العمل بالمطلق وحمل المقيد على زيادة في موجب الحكم، فيكون التحريم عاما.انتهى.
قلت: نِعْمَ ما قال، أي: عاما في حال الخيلاء وغيرها. وهو يشير إلى ما نختاره، وهو مذهب الشافعي، وإليه يشير كلام النووي، وخالفهم الحنفية، ووافقهم صاحب (المنار).
وقال في (نجاح الطالب): المقيد إنما هو أحد الأفراد التي يصدق عليها المطلق، والنص على فرد من أفراد العام ليس بتخصيص مع اتفاق الحكمين، فكذا هنا. انتهى.
وقد بحث مع أئمة الأصول القائلين بالحمل، بما يظهر به قوة ما جنح إليه، مع أنه قد أشار هنا _ بقوله: بيان الحامل على ذلك في الأغلب _ إلى أن قيد الخيلاء خرج مخرج الأغلب، والمقيد إذا خرج مخرج الأغلب لم يعتبر له مفهوم عند جمهور أهل الأصول، كما قاله الجمهور في قوله تعالى: (وربائبكم التي في حجوركم . . .) الآية، لأن قيد (في حجوركم) أغلبي، فلا يعمل بمفهومه، فلا تحل الربيبة في غير الحجر، فكذلك الإسبال هنا، لا يحل مع عدم الخيلاء.
وفي كلام ابن الأثير ما يشعر بذلك، حيث قال: وإنما يفعل ذلك للخيلاء. ويؤيده: أن في بعض الأحاديث: "وإياك والإسبال، فإنه من المخيلة"، فجعل نفس الإسبال بعضا من المخيلة.
ثم وجدت _ بعد ثلاث سنين من تأليف هذه الرسالة _ في (فتح الباري شرح صحيح البخاري)، ما لفظه: قال ابن العربي: لا يجوز للرجل مجاوزة ثوبه كعبيه ويقول: لا أجره خيلاء، لأن النهي قد تناوله لفظا، ولا يجوز لمن تناوله اللفظ حكما أن يقول: لا أمتثله لأن تلك العلة ليست في؛ فإنها دعوى غير مسلمة، بل إطالته ذيله دال على تكبره. انتهى ملخصا.
ثم قال ابن حجر: وحاصله: أن الإسبال يستلزم جر الثوب، وجر الثوب يستلزم الخيلاء ولو لم يقصد اللابس الخيلاء. ويؤيده: ما أخرجه أحمد بن منيع، من وجه آخر عن ابن عمر _ في أثناء حديث رفعه _ : "وإياك وجر الإزار، فإن جر الإزار من المخيلة . . .".
وأخرج النسائي وابن ماجة _ وصححه ابن حبان _ من حديث المغيرة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آخذا برداء سفيان بن سهل وهو يقول: "يا سفيان : لا تسبل، إن الله لا يحب المسبلين". انتهى.
وأما حديث أبي بكر رضي الله عنه، فالذي يظهر لي: أنه من باب نفي القيد والمقيد معا، وأن مراده صلى الله عليه وآله وسلم في جوابه عليه: أنك لا تسبل ولا تفعله مخيلة؛ وذلك أنه قال: إن إزاري يسترخي، وهذا ليس بإسبال؛ فإنه لابد أن يكون من فعل المسبل نفسه، وهنا نسب الاسترخاء إلى الإزار من غير إرادته.
فالجواب منه صلى الله عليه وآله وسلم من باب نفي القيد والمقيد، وهو نظير ما قاله صاحب (الكشاف) _ رحمه الله _ في قولة تعالى: (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم): إنه نفي للتوبة والقبول، أي: لا توبة لهم ولا قبول. وأنشد البيت المعروف:
ولا يرى الضب بها ينجحر
ويؤيد أنه لابد من القصد في الإسبال، أنه لا يحرم جره حال الفزع والغضب والنسيان كما قدمناه. ولعل هذا الذي أراده صاحب (المنار)، وأشار إليه بقولة في حديث أبي بكر: "إنك لست ممن يتعمد ذلك"، وحينئذ فحديث أبي بكر ليس من محل النزاع في ورد ولا صدر، إنما توهم أبو بكر فسأل، فأجيب بأنه ليس من ذلك.
ثم وجدت في (التمهيد) لابن عبد البر _ بعد أيام من كتب هذه الرسالة _ ما لفظه: إنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لأبي بكر: "إنك لست ممن يرضى ذلك ولا يتعمده، ولا يظن بك ذلك". انتهى. وهو بحمد الله صريح فيما قلناه.
ويدل له: أنه صلى الله عليه وآله وسلم أذن لأمهات المؤمنين في إسبال ذيولهن ذراعا، ولم يقل لأم سلمه رضي الله عنها _ وقد سألته _ : إنه ليس من المخيلة؛ لأنهن قاصدات لذلك، فهو مخيلة أو مظنة لها، لكن عارض مفسدة الإسبال مفسدة أعظم منها، وهي انكشاف أقدام النساء وهي عورة، فأذن لهن وإن حصلت المخيلة دفعا لأعظم المفسدتين بأخفهما، وحينئذ يتوجه الوعيد على الإسبال لغير النساء، ولكن تخص الإباحة بذيولهن لا بقميصهن وثياب البذلة التي تلبسها في منزلها خالية عن الأجانب.
واعلم أن هذا الذي أشار إليه (المنار) في خروج المفهوم على الأغلب، تنزل منه على القول بالمفهوم، وإلا فهو ينفيه كما يأتي.
ثم قال في (حاشية المنار): ومما وقع لي من اللطف: أنه كان لي عباة، وما يكون من هذا النوع في زماننا عالية الطول، فكنت في اليمن _ لأنه يغلب على المتفقهة لبس ذلك _ اشتغل بطولها، فقلت مرة: إني لست ممن يفعل ذلك خيلاء، مشيرا إلى حديث أبي بكر رضي الله عنه، فقالت لي امرأة: أوما يكفيك أن يراك الله متخلقا بأخلاقهم؟ فكأنها كشفت عن قلبي غشاوة، واستغربت ذلك منها، ورأيت أنها ملقنة. انتهى.
هذا، وقد سبقت بنا الإشارة إلى أنه لا يتم حمل المطلق على المقيد كما قاله النووي والبيهقي إلا مع القول بمفهوم الصفة، والقول بحمل المطلق على المقيد، وفيهما نزاع كما اشرنا إليه.
فأما الحمل فقدمنا الكلام عليه.
وأما القول بمفهوم الصفة، فلنذكر كلام الثقات والمتثبتين ومن له ذوق سليم يعرف الصحيح من السقيم:
فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "خيلاء" في حديث: "لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء"، مفهومه من مفهوم الصفة؛ لاتفاقهم بأنه ليس المراد بها النحوية، بل كل ما تقيد بها من حال وعلة ونحوهما.
فذهب إلى القول بمفهوم الصفة: الشافعي وجماعة من الأئمة، وذهب إلى نفيه: الحنفية وأئمة من الشافعية كالقاضي والغزالي، ونفاه المعتزلة والمهدي في (البحر).
واستدل المثبتون بدليلين، كما في (مختصر ابن الحاجب) وغيره من كتب الأصول:
الأول: أنه نقل عن أبي عبيدة _ وهو من أئمة اللغة _ أنه قال في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليّ الواجد يحل عقوبته وعرضه"، أنه يدل أن ليّ غير الواجد لا يحل عرضه وعقوبته. قال: وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "مطل الغني ظلم" مثل هذا. وأنه قيل له في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لأن يمتلئ بطن أحدكم قيحا خير له من ان يمتلئ شعرا"، المراد بالشعر هنا: الهجاء مطلقا، أو هجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لو كان كذلك لم يكن لذكر الامتلاء معنى، لأن قليله وكثيره سواء، فجعل الامتلاء من الشعر في قوة الشعر الكثير، ففهم منه أن القليل ليس كذلك، فاحتج به. وقد ألزم من تقدير الصفة المفهوم، فكيف مع التصريح بها؟
قالوا: ولأنه قال بمفهوم الصفة الشافعي، وهو وأبو عبيدة من أئمة اللغة، فظهر إفادتها لغة. انتهى.
وأجيب عنه: بأن اللغة إنما تثبت بالنقل لا بالفهم، والنقل يختص بالموضوعات للشخص أو للنوع، وليس ذلك أحدهما، إلا إذا قامت قرينة على أنه من التعريض بغير المذكور، فمدلول القرينة منطوق؛ لما عرف من أن التعريض من الكناية، وهي موضوعه بالنوع، ولا نزاع في ذلك.
والحاصل: أنهما لم يوردا ذلك عن اللغة، وإنما أخبرا عن فهمهما ورأيهما، وهو كآرائهما الشرعية والنقلية. يوضحه: أنه إذا اختلف عربيان سليقيان في معنى، جعلنا كلامهما لغتين، وإذا اختلف إمامان لم نجعل كلامهما نصين، بل يجب الترجيح بين قوليهما، ولو كان قول ألائمه مقبولا مطلقا، لا ساوى قول السليقيين.
وأجيب _ أيضا _ بجواب آخر، وهو: أنهما إنما حكما بذلك؛ لموافقة الأصل لا بالمفهوم، والعقل من المخصصات كما علم.
أما في مطل الواجد فظاهر؛ إذ لا عذر له، بخلاف المعدوم، إذ التكليف إنما هو بالموجود.
وأما الشعر؛ فلأنه قد علم في الجاهلية والإسلام أن الاشتغال به مفخرة الناقص، ومنقصة الكامل، وأنه يشغل عن الكمالات، ويستلزم الكذب والتخيلات التي لا أصل لها، وملأ الجوف منه لا يخلو عن ذلك.
نعم، وماخلا القليل منه فلا كراهية فيه، كيف وقد تمثل به النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ فهذه قرينة تعيد المفهوم منطوقا؛ لما عرفت من أن ما قامت القرينة على اعتباره من مفهوم المخالفة فهو منطوق.
وثاني أدلة من قال بإثبات مفهوم الصفة: أنه لو لم يدل على المخالفة، لم يكن لتخصيص محل الذكر بالمنطوق به فائدة. وتخصيص آحاد البلغاء بغير فائدة ممتنع، فالشارع أجدر.
وأجيب: بأن فائدته تشخيص مناط الحكم، فهو لتحصيل أصل المعنى، كاللقب؛ فإنك إذا قلت: أكرم زيدا التميمي، فقد أمرت أن يوقع الإكرام على زيد المقيد بكونه تميميا، ففائدة ذكر الصفة تعيين من أمرت بإكرامه وأردته، فكيف يقال: لم يكن لتخصيص محل النطق بالذكر فائدة؟! وكيف يطلب فائدة زائدة على فائدة الوضع؟
فعرفت من هذا التحرير مساواته لمفهوم اللقب، وأنه يختل الكلام عند إسقاط الصفة؛ لأن الكلام الذي اعتبر فيه زيد التميمي، من شرط إفادة المراد وجود هذه الصفة.
وكذلك قولك: جاءني زيد الطويل، ليس مسمى زيد فقط، بل الموصوف بالصفة، فهي داخله في مفهوم المسند إليه ليحصل معناه، ولا تدل العبارة أن زيدا القصير لم يجئ، الذي هو معنى اعتبار مفهوم الصفة، بل حكمه مسكوت عنه، بحيث لو قلت: جاءني زيد القصير بعد قولك: جاءني زيد الطويل، لم يكن كلاما متناقضا ظاهرا.
هذا قصارى ما عند الفريقين استدلالا وردا، فتأمل؛ فإنه لا يخفى عليك الأقوى دليلا، والأحسن قيلا.
وإذا عرفت ما قررناه، وأحطت علما بما سقناه، عرفت قوة التحريم مطلقا للإسبال في كل حال.
وأما ما نقل عن ابن حجر الهيتمي، أن الإسبال صار الآن شعارا للعلماء، وكأنه يريد علماء الحرمين لا غيرهم، قال: فلا يحرم عليهم، بل يباح لهم، فهو كلام يكاد يضحك منه الحبر والورق، وكأنه يريد: إذا صار شعارا لهم لم يبق فيه للخيلاء مجال.
ولكنه يقال: وهل يجعل ما نهى عنه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم حلالا إذا صار شعارا معتادا لطائفة، لا سيما أشرف الطوائف، وهم هداة الناس وقدوتهم وأعيانهم، فيصير حلالا وينتفي عنه النهي؟ وهل قدوة العلماء والعباد، وإمام المبدإ والمعاد، سوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذي أرسله معلما للعباد لكل ما يقربهم إلى ربهم ويبعدهم عن معصيته؟ حتى قال بعض الصحابة: لقد علمنا نبينا كل شي حتى الخراءه، أي: آداب التخلي.
فالشعار للعلماء هو شعاره وشعار أصحابه رضي الله عنهم، فهم القدوة، لا ما جعله من ارتكب ما نهي عنه شعارا، فإن أول من خالف النهي واتخذه له لباسا قبل أن يسبقه إليه أحد مبتدع قطعا، آتيا بما نهي عنه، لا تتم فيه هذه المعذرة القبيحة لأنه لم يكن شعارا إلا من بعده، ممن تبعه على الابتداع وارتكاب المنهي عنه، ثم اعتذر لنفسه بأنه صار له شعارا.
وسبحان الله! ما أقبح بالعالم أنه يروج فعله لما نهي عنه نهي تحريم أو كراهة، ويجعله شعارا مأذونا فيه. وكان خيرا منه الاعتراف بأنه خطيئة، أقل الأحوال: مكروهة ومحل ريبة؛ فإن هذه الأحاديث التي سمعتها من أول الرسالة تثير ريبة إذا لم يحصل التحريم، وقد ثبت حديث: "دع ما يريبك إلى مالا يريبك".
وإذا لم تثر هذه الأحاديث ريبة توجب الترك للمنهي عنه وعدم حله حلالا خالصا، فليس عند من سمعها أهلية لفهم التكاليف الشرعية، فكيف وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي أخبرت فيه امرأة بإرضاعها امرأة رجل، فأمره صلى الله عليه وآله وسلم بفراقها، وقال له: "كيف وقد قيل؟!".
وهذا كله منا تنزل، وإلا فما قدمناه من الأدلة وبيان دلالتها، ما ينادي على التحريم أعظم نداء، والاعتذار بكون النهي للخيلاء عرفت بطلانه، وهل أوضح من قول الشارع: "ما زاد على الكعبين ففي النار"، دلالة على إطلاق التحريم وشدة الوعيد؟ وهو كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ويل للعراقيب من النار" في حديث الوضوء، ولم يستفصل صلى الله عليه وآله وسلم [من المسبل] ولا الذي أمره بإعادة الوضوء ولا غيرهما ممن نهاه: هل كان إسباله للخيلاء أو لغيرها في حديث واحد، وقد عرفت القاعدة الأصولية، وهي أن ترك الاستفصال في موضع الاحتمال، ينزل منزلة العموم في المقال.
ولا يروج جواز الإسبال إلا من جعل الشرع تبعا لهواه، ذلك ليس من شأن المؤمن، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: "والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به".
ومما يدل على عدم النظر إلى الخيلاء، أمره صلى الله عليه وآله وسلم لابن عمر رضي الله عنه، وهل يظن بابن عمر أنه يفعل ذلك للخيلاء، مع شدة تأسيه به؟ وكيف يتأسى به في الفضائل، ولا يتأسى به صلى الله عليه وآله وسلم في ترك المحرمات؟! ما ذاك إلا أنه أرخى إزاره غير عالم بالتحريم قطعا، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إياك والإسبال، فإن الإسبال من المخيلة".
ولو جاز لغير المخيلة، لما جاز أن يطلق صلى الله عليه وآله وسلم النهي، فإن المقام مقام بيان، ولا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة، وأي حاجة أشد من مقام النهي؟ والله أعلم.
وإلى هنا انتهى بنا ما أردنا تحريره، وإبانة المقام وإيضاحه، والله يرزقنا إتباع رسوله في كل حال، صلى الله عليه وعلى آله خير آل.



رسالة (استيفاء الإستدلال في تحريم الإسبال) للأمير الصنعاني

ملاحظة وتنبيه: قلت لكم حفظكم الله: هذا ما أدين الله به، فلذلك لن أقوم بالرد _ إن حصل _ على أي أخ حبيب منكم قد يناقش، فلعل الود بيننا يبقى لا تشوبه شائبه.

حفيد صلاح الدين
2009-03-29, 11:27 AM
جزاكم الله خيرا جميعا .. ولا شك ان ما اختاره الشيخ "التميمي" هو الحق الذي لا مرية فيه ..
إذا : السنة ان يكون في نصف الساق .
والواجب ان يكون فوق الكعبين ..
وما اسفل في الكعبين ففي النار بغض النظر عن كونه خيلاء او لا ..
ومن جر ثوبه خيلاء - والعياذ بالله - فهو لا ينظر الله ليه ولا يزكيه وله عذب اليم ..
والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا ..

أبو مالك المديني
2017-11-19, 12:52 PM
[quote=السكران التميمي;208662]
وأخرج البيهقي في (السنن) – أيضا – من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما كان أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار".
[quote​]
نفع الله بك أخانا التميمي.
الأولى عزوه إلى البخاري، ولفظه:
مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ.

أبو مالك المديني
2017-11-19, 01:07 PM
ويمكن تقصير البنطال إلى المكان الذي رخص فيه الشرع، أو يمكن ثنيه أيضا إلى الكعبين أو فوقه؛ لأن عدم الإسبال يحصل بذلك.
وقد دل حديث ابن عمر على ذلك، عند أحمد وغيره:
قَالَ: كَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةً مِنْ حُلَلِ السِّيَرَاءِ أَهْدَاهَا لَهُ فَيْرُوزُ فَلَبِسْتُ الْإِزَارَ فَأَغْرَقَنِي طُولًا وَعَرْضًا فَسَحَبْتُهُ وَلَبِسْتُ الرِّدَاءَ فَتَقَنَّعْتُ بِهِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَاتِقِي فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ ارْفَعْ الْإِزَارَ فَإِنَّ مَا مَسَّتْ الْأَرْضُ مِنْ الْإِزَارِ إِلَى مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ فِي النَّارِ . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ : فَلَمْ أَرَ إِنْسَانًا قَطُّ أَشَدَّ تَشْمِيرًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ .
وفيه أمره بتشميره. والتشمير رفع الثوب من أسفله.
وقد بوَّب البخاري رحمه الله في صحيحه: " بَاب التَّشْمِيرِ فِي الثِّيَابِ "
قال الحافظ رحمه الله: قَوْله : ( بَاب التَّشَمُّر فِي الثِّيَاب ) هُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَة وَتَشْدِيد الْمِيم : "رَفْع أَسْفَل الثَّوْب".