تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ...



أم علي طويلبة علم
2012-11-04, 01:39 AM
http://majles.alukah.net/imgcache/2012/09/1196.jpg

قال الشيخ صفي الرحمن المباركفوري رحمه الله :
" وقد كثر الاهتمام بهذا الموضوع في قديم الزمان وحديثه دراسة وكتابة وتأليفاً ، لأنه عمل ينبثق من صميم الإيمان وغريزة الحب والتفاني .. "
قال تعالى : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم }
قال تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ..}
فدراسة السيرة أخواتي طالبات العلم يدل على :
- حب الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ ).
- السيرة تعرض نماذج طيبة للصحابة رضي الله عنهم .
- علينا دراستها تجاه ما يحدث من سب النبي صلى الله عليه وسلم .
- لفهم الواقع وربط الماضي بالحاضر .
- فيها تفسير لآيات القرآن الكريم .
- غذاء القلوب المؤمنة .


أليس الأولى دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ؟

مروة عاشور
2012-11-04, 07:11 PM
أليس الأولى دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ؟

بلى, أحسن الله إليكِ وشكر لكِ وجزاكِ عنّا كل خير.

سارة بنت محمد
2012-11-04, 08:00 PM
حسنا

أفهم من ذلك أنك ستبدأين المدارسة ....ونحن معك إن شاء الله

(ابتسامة بريئة)

أم علي طويلبة علم
2012-11-28, 08:04 PM
بارك الله في أختاي /
مروة عاشور
سارة بنت محمد


حسنا

أفهم من ذلك أنك ستبدأين المدارسة ....ونحن معك إن شاء الله

(ابتسامة بريئة)
مدارسة كاملة للسيرة تحتاج إلى همة عالية جدا ، ولقد بحثت في منتدى السيرة في منتدى الألوكة وملتقى أهل الحديث لمدارستها ، لا أدري ما بال المنتديات قل الإقبال عليها ، هل بسبب ضعف الهمة الله المستعان ، أم النظر إلى القراءة أنها أمر ثانوي أم كثرة الملهيات ....

أم عبد الرحمن طالبة علم
2012-11-29, 04:03 PM
أسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاكِ.
*****



والله ما في هذه الدنيا ألذ ... من اشتياق العبد للرحمن
[ ابن القيم رحمه الله ]

كلمة قيمة من ابن القيم رحمه ورحمنا الله، جزاكِ الله خيرا على التذكير.

أم علي طويلبة علم
2012-11-29, 04:35 PM
اللهم أمين أجمعين ،، بارك الله فيك أخيتي أم عبدالرحمن

محبة الحديث النبوي
2012-11-29, 10:19 PM
بوركتِ غاليتي وانا اوافقكِ جزيتِ خيرا

أم علي طويلبة علم
2012-11-29, 11:57 PM
وفيك بارك الله محبة الحديث النبوي ...

مروة عاشور
2012-12-06, 12:30 AM
لا أدري ما بال المنتديات قل الإقبال عليها ، هل بسبب ضعف الهمة الله المستعان ، أم النظر إلى القراءة أنها أمر ثانوي أم كثرة الملهيات

أحسن الله إليكِ, ربما كل ذلك مع متلازمة مواقع التواصل الاجتماعي التي سحبت الكثير من طلبة وطالبات العلم إليها!

مروة عاشور
2013-01-02, 09:13 PM
وقفتُ على كتاب " الخُلاصة البَهيِّة في ترتيب أحداث السيرة النبوية "؛ فراقني أسلوبه, وسأنقل بعض ما يَسهل تدارسه – إن شاء الله – ما استطعتُ.

نسبه – صلى الله عليه وسلم:
محمد بن عبد الله بن عبد المطَّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصي بن كِلاب بن مُرَّة بن كعب بن لؤَي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كِنانة بن خُزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضَر بن نِزار بن مَعد بن عدنان.

أم علي طويلبة علم
2013-01-05, 12:41 AM
أكمل معك إن شاء الله هذه المدارسة ، من كتاب روضة الأنوار باختصار وتصرف بسيط ... بارك الله فيك
.
.
.
امتاز منهم قصي – واسمه زيد – بعدة ميزات :
1) فهوأول من تولى الكعبة من قريش ، فكانت إليه حجابتها وسدانتها ، أي كان بيده مفتاح الكعبة يفتحها لمن شاء ومتى شاء .
2) وهو الذي أنزل قريشاً ببطن مكة ، وأسكنهم فيداخلها ، وكانوا قبل ذلك في ضواحيها وأطرافها ، متفرقين بين قبائل أخرى .
3) وهو الذي أنشأ السقاية والرفادة . والسقاية . ماء عذب من نبيذ التمر أو العسل أو الزبيب ونحوه، كان يعده في حياض من الأديم يشربه الحجاج . والرفادة : طعام كان يصنع لهم في الموسم .
4) وقد بنى قصي بيتاً بشمالي الكعبة ، عرف بدار الندوة . وهي دار شورى قريش، ومركز تحركاتهم الاجتماعية ، فكان لا يعقد نكاح ، ولا يتم أمر إلا في هذه الدار.
5) وكان بيده اللواء والقيادة ، فلا تعقد راية حرب إلا بيده ، وكان كريماً وافرالعقل ، صاحب كلمة نافذة في قومه .



أما أسرته - r- فتعرف بالأسرة الهاشمية .. وقدورث هاشم من مناصب قصي : السقاية والرفادة ، ثم ورثهما أخوه المطلب .. وكان هاشم أعظم أهل زمانه ، كان يهشم الخبز ، أي يفتته في اللحم ، فيجعله ثريداً ، ثم يتركه يأكل الناس ،فلقب بهاشم ، واسمه عمرو . وهوالذي سن الرحلتين : رحلة الشتاء إلى اليمن ، ورحلة الصيف إلى الشام ، وكان يعرف بسيد البطحاء .

ومن حديثه : أنه مر بيثرب ، وهو في طريق تجارته إلى الشام ، فتزوج سلمى بنت عمرو من بني عدي بن النجار ، وأقام عندها فترة ، ثم مضى إلى الشام وهي حامل ، فمات بغزة من أرض فلسطين ، وولدت سلمى ابناً بالمدينة سمته :شيبة ، لشيب في رأسه ، ونشأ هذا الطفل بين أخواله في المدينة ، ولم يعلم به أعمامه بمكة حتى يبلغ نحو سبع سنين أو ثماني سنين ، ثم علم به عمه المطلب ، فذهب به إلى مكة ، فلما رآه الناس ظنوه عبده فقالوا : عبد المطلب ، فاشتهر بذلك .

مروة عاشور
2013-01-09, 12:26 AM
أحسن الله إليكِ, انتفعتُ كثيرًا بانتقائكِ الطيِّب.

مروة عاشور
2013-01-09, 12:43 AM
* ولِد - صلى الله عليه وسلم - يتيمًا لاثنتي عشرة ليلة خلَتْ من شهر ربيع الأول من عام الفيل.

* مُرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية, ولقد ظهر لها الكثير من البركات بوجوده عندها.

* لما بلغ ست سنوات, ماتت أمه بالأبواء؛ بين مكة والمدينة, فكفله جده عبد المُطلب.

* لما بلغ ثماني سنوات, توفي جده عبد المُطلب؛ فكفله عمه أبو طالب.

طويلبة علم حنبلية
2013-01-09, 02:38 AM
أحسن الله إليكِ, ربما كل ذلك مع متلازمة مواقع التواصل الاجتماعي التي سحبت الكثير من طلبة وطالبات العلم إليها!

:(

اشتقتُ إليكُنَّ كثيراً ..
وبالأخصّ لأستاذتي الحبيبة المُباركة .. حفظها ربّي ورعاها وسدّدها ووقاها ..!

مروة عاشور
2013-01-10, 04:35 PM
:(

اشتقتُ إليكُنَّ كثيراً ..
وبالأخصّ لأستاذتي الحبيبة المُباركة .. حفظها ربّي ورعاها وسدّدها ووقاها ..!

حياكِ الله وبياكِ أيتها الحنبلية العزيزة!
أهلا بكِ ومرحبًا, صدقًا اشتقنا إليكِ كثيرًا, وسعدتُ برؤية اسمك هنا من جديد
أسأل الله أن يجعل لكِ من كل عسر يُسرًا وأن يفتح عليكِ من واسع علمه وأن ينفع بكِ.

مروة عاشور
2013-01-10, 04:45 PM
* لما بلغ - صلى الله عليه وسلَّم - الثانية عشرة من عُمره خرج به عمُّه أبو طالب إلى الشام, فلما بلغوا بُصرى رآه بحيراء الراهب, تحقق فيه صفات النبوة, فأمر عمَّه برده, فرجع به.

* لما بلغ الخامسة عشرة نشبتْ حرب الفجار بين قريش وهوازن, ثم شهِد حلف الفضول لنصرة المظلوم.

أم علي طويلبة علم
2013-01-12, 10:52 PM
ما أجمل هذا اللقاء الحنبلية والمشرفة مروة ،،، أهلا بالأخوات الفاضلات أسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى ...

أم علي طويلبة علم
2013-01-12, 11:18 PM
* ولد رسول الله - r- بشعب بني هاشم في مكة ، صبيحة يوم الاثنين ، التاسع – ويقال : الثاني عشر – من شهر ربيع الأول عام الفيل – والتاريخ الأول أصح والثاني أشهر – .

* وكانت قابلته أي دايته : الشفاء بنت عمرو أم عبدالرحمن بن عوف - t - .

* وكانت حاضنته أم أيمن : بركة الحبشية ، مولاة والده عبدالله ، وقد بقيت حتى أسلمت ، وهاجرت ، وتوفيت بعد النبي - r - بخمسة أشهر ، أو بستة أشهر .

* وأول من أرضعته - r - بعد أمه ثويبة : مولاة أبي لهب بلبن ابن لها ،يقال له مسروح ، وكانت قد أرضعت قبله - r- حمزة بن عبد المطلب وبعده - r- أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي ، فهم إخوته - r - من الرضاعة .

* كان من عادة العرب أن يلتمسوا المراضع لمواليدهم في البوادي ، إبعاداً لهم عن أمراض الحواضر حتى تشتد أعصابهم ، وليتقنوا اللسان العربي في مهدهم .... ولم تجد إحدى النسوة – وهي حليمة بنت أبي ذويب – رضيعاً فأخذته - r- وحظيت به حظوة اغتبط لها الآخرون .

* وكانت حليمة تأتي بالنبي - r- إلى أمه وأسرته كل ستة أشهر... فلما اكتملت مدة الرضاعة وفطمته... فطلبت من أم النبي - r- أن تتركه عندها حتى يغلظ ، فإنها تخاف عليه وباء مكة ، فرضيت أمه - r- بذلك ... وبقي النبي - r- عندها بعد ذلك نحو سنتين ، ثم وقعت حادثة غريبة أحدثت خوفاً في حليمة وزوجها حتى ردا النبي - r- إلى أمه . وتلك الحادثة هي شق صدره - r- .

* ورجع النبي - r- بعد هذا الحادث إلى مكة ، فبقي عند أمه وفي أسرته نحو سنتين ، ثم سافرت معه أمه إلى المدينة ، حيث قبر والده وأخوال جده بنو عدي بن النجار ... فمكثت شهراً ثم رجعت ، وبينما هي في الطريق لحقها المرض، واشتد حتى توفيت بالأبواء بين مكة والمدينة ، ودفنت هناك .

* وعاد به - r- جده عبد المطلب إلى مكة ، وهو يشعر بأعماق قلبه شدة ألم المصاب الجديد ... ، فكان يعظم قدره ، ويقدمه على أولاده ... ويعتقد أن له شأناً عظيماً في المستقبل ، ولكنه توفي بعد سنتين حين كان عمره - r- ثماني سنوات وشهرين وعشرة أيام .

* وأراد أبو طالب أن يخرج بتجارة إلى الشام في عير قريش ، وكان عمره - r- اثنتي عشرة سنة – وقيل : وشهرين وعشرة أيام – فاستعظم رسل الله - r- فراقه ، فرق عليه وأخذه معه ، فلما نزل الركب قريباً من مدينة بصرى على مشارف الشام خرج إليهم أحد كبار رهبان النصارى – وهو بحيرا الراهب – فتخلل في الركب حتى وصل إلى النبي - r - فأخذ بيده ، وقال " هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين ،هذا يبعثه الله رحمة للعالمين " .... وسأل أبا طالب ، أن يرده ولا يقدم به إلى الشام خوفاً من اليهود والرومان ، فرده أبو طالب إلى مكة .

* وحين كان عمره - r- عشرين سنة – وقعت في السوق عكاظ حرب بين قبائل قريش وكنانة من جهة ، وبين قبائل قيس عيلان من جهة أخرى ... ثم اصطلحوا على أن يحصوا قتلى الفريقين ، فمن وجد قتلاه أكثر أخذ دية الزائد ، ووضعوا الحرب ، وهدموا ما وقع بينهم من العداوة والشر... وسميت هذه الحرب بحرب الفجار لأنهم انتهكوا فيها حرمة حرم مكة والشهر الحرام .

مروة عاشور
2013-01-25, 12:04 PM
ما أجمل هذا اللقاء الحنبلية والمشرفة مروة ،،، أهلا بالأخوات الفاضلات أسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى ...

بل الأجمل افتتحاكِ لمثل هذه الموضوعات العطِرة
والله أسأل أن يبارك فيكِ ويزيدكِ همِّة, وحرصًا على طلب العلم
ما شاء الله لا قوة إلا بالله.

مروة عاشور
2013-01-25, 12:09 PM
* لما بلغ - صلى الله عليه وسلم - الخامسة والثلاثين, اختلفت قريش فيمن يضع الحجر الأسود مكانه, فحكم بينهم.

* لما بلغ الثامنة والثلاثين ترادفت عليه علامات النبوة, ثم حُبب إليه الخلوة والعزلة, فكان يخلو بغار حِراء.

* قبل مبعثه بأشهر, كان وحيه منامًا؛ فكان لا يرى رؤية إلا جاءت كفلق الصبح.

* حين بلغ الأربعين من عمره جاءه جبريل بالوحي وهو في غار حراء.

أم علي طويلبة علم
2013-01-27, 01:09 AM
بل الأجمل افتتحاكِ لمثل هذه الموضوعات العطِرة
والله أسأل أن يبارك فيكِ ويزيدكِ همِّة, وحرصًا على طلب العلم
ما شاء الله لا قوة إلا بالله.

اللهم آمين ،، بارك الله فيك وجزاك كل خير وفقك الله ورعاك ورفع قدرك ...

أم علي طويلبة علم
2013-01-27, 01:49 AM
* حلف الفضول : وفي شهرذي القعدة على إثر هذه الحرب تم حلف الفضول بين خمسة بطون من قبيلة قريش وهم : بنوهاشم ، وبنو المطلب ، وبنو أسد ، وبنو زهرة ، وبنو تيم . وسببه أن رجلاً من زبيد جاء بسلعة إلى مكة ، فاشتراها منه العاص بن وائل السهمي ، وحبس عنه حقه ، فاستعدى عليه ببني عبد الدار ، وبني مخزوم ، وبني جمح ، وبني سهم ، وبني عدي ، فلم يكترثوا له ، فعلا جبل أبي قبيس ، وذكر ظلامته في أبيات ، ونادى من يعينه على حقه ، فمشى في ذلك الزبير بن عبد المطلب حتى اجتمع الذين مضى ذكرهم في دار عبد الله بن جدعان رئيس بني تيم ، وتحالفوا وتعاقدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها أو من غيرهم إلا قاموا معه حتى ترد عليه مظلمته ، ثم قاموا إلى العاص بن وائل السهمي ، فانتزعوا منه حق الزبيدي ، ودفعوه إليه . وقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحلف مع أعمامه ...

* سفره إلى الشام وتجارته في مال خديجة - رضي الله عنها -: .. فلما سمعت عن النبي صلى الله عليه وسلم عرضت عليه مالها ليخرج فيه إلى الشام تاجراً ، وتعطيه أفضل ما أعطته غيره . وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع غلامها ميسرة إلى الشام ، فباع وابتاع وربح ربحاً عظيماً ... ورأت خديجة من الأمانة والبركة ما يبهر القلوب ، وقص عليها ميسرة ما رأى في النبي صلى الله عليه وسلم من كرم الشمائل وعذوبة الخلال .. وكان الذي ألقى خطبة النكاح هو عمه أبو طالب .. تم هذا الزواج بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من الشام بشهرين وأيام ، وكان عمره إذ ذاك خمساً وعشرين سنة ، أما خديجة فالأشهر أن سنها كانت أربعين سنة .. وكانت أولاً متزوجة بعتيق بن عائذ المخزومي ،فمات عنها ، فتزوجها أبو هالة التيمي ، فمات عنها أيضاً بعد أن ترك له منها ولداً .. وهي أول أزواجه صلى الله عليه وسلم لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت ، وكل أولاده صلى الله عليه وسلم منها إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية .

* أولاده صلى الله عليه وسلم من خديجة : هم القاسم ، ثم زينب ، ثم رقية ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم عبدالله ، وقيل غير ذلك في عددهم وترتيبهم ، وقد مات البنون كلهم صغاراً . أما البنات فقد أدركن كلهن زمن النبوة ، فأسلمن وهاجرن ، ثم توفاهن الموت قبل النبي صلى الله عليه وسلم إلا فاطمة رضي الله عنها ، فإنها عاشت بعده صلى الله عليه وسلم ستة أشهر .

* بناء البيت وقصة التحكيم : ولما بلغت سنة صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة جاء سيل جارف صدع جدران الكعبة . وكانت قد وهنت من قبل لأجل حريق ، فاضطرت قريش إلى بنائها من جديد ، وقرروا أن لا يدخلوا في نفقتها إلا طيباً .. ثم أخذوا في البناء وخصصوا لكل قبيلة جزءاً منها .. وضاقت بهم النفقة الطبية عن إتمامها على قواعد إبراهيم ، فأخرجوا منها نحو ستة أذرع من جهة الشمال ، وبنوا عليها جداراً قصيراً علامة أنه من الكعبة . وهذا الجزء و المعروف بالحجر والحطيم ولما وصل البنيان إلى موضع الحجر الأسود أراد كل رئيس أن يتشرف بوضعه في مكانه ، فوقع بينهم التنازع والخصام .. إلا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومي .. فاقترح عليهم أن يحكموا أول رجل يدخل عليهم من باب مسجد ، فقبلوا ذلك ، واتفقوا عليه . وكان من قدر الله أن أول من دخل بعد هذا القرار هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه هتفوا ،وقالوا : هذا الأمين رضيناه ، هذا محمد . فلما انتهى إليهم ، وأخبروه الخبر ، أخذ رداءً ، ووضع فيه الحجر الأسود ، وأمرهم أن يمسك كل واحد منهم بطرف من الرداء ويرفعه ، فلما وصل الحجر الأسود إلى موضعه أخذه النبي صلى الله عليه وسلم بيده ووضعه في مكانه . وكان حلاً حصيفاً رضي به الجميع .


* مقدمات النبوة وتباشير السعادة : ... فأخذ يخلو بغار حراء يتعبد الله فيه على بقايا دين إبراهيم – عليه السلام – وذلك من كل سنة شهراً . وهو شهر رمضان ، فإذا قضى جواره بتمام هذا الشهر انصرف إلى مكة صباحاً ، فيطوف بالبيت ، ثم يعود إلى داره ، وقد تكرر ذلك منه صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات .
فلما تكامل له أربعون سنة – وهي سن الكمال ، ولها بعثت الرسل غالباً – بدأت طلائع النبوة وتباشير السعادة في الظهور ، فكان يرى رؤيا صالحة تقع كما يرى ، وكان يرى الضوء ويسمع الصوت وقال :" إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث" .

الأمة الفقيرة إلى الله
2013-02-05, 04:44 AM
على خجلٍ أعترفُ أنّني لأوّلِ مرَةٍ أدخُلُ هذهِ الصّفحة المُبارَكَة،
وأعترفُ أنّكُم بكلماتِكُمُ الرّقِية لامَستُم شغافَ قُلوبِنا، وأحسَنتُم جذبَنا لدراسَةِ سيرَةِ رسولِ ربّنا بهمّةٍ أكبَر،
وبوعيٍ أعلَى...

بارَكَ فيكُمُ الرّحمنُ ورفعَ قدرَكُم وأكرَمَكُم في الدُّنيا والآخرةِ ولا حرَمَنا صُحبَتَكُمُ الطّيّبة... اللهُمّ آمين.

أم علي طويلبة علم
2013-02-05, 05:54 PM
اللهم آمين ،، بارك الله فيك الأمة الفقيرة إلى الله ، أعترف أتمنى أن تمتلئ الصفحة بطالبات العلم ومشاركاتهن فدراسة سيرته صلى الله عليه وسلم يدل على محبتنا للنبي عليه الصلاة والسلام وفيها فوائد عظيمة وشحذ للهمم ...

أم علي طويلبة علم
2013-02-05, 05:55 PM
ولنستمع إلى عائشة – رضي الله عنه – تروي لنا هذه القصة بتفاصيلها ، قالت عائشة – رضي الله عنها -:
أول ما بُدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث – أي يتعبد – فيه الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ، ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة ، فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك ، فقال : اقرأ . قال : ما أنا بقارئ .
قال: فأخذني ، فغطني حتى بلغ مني جهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ . قلت : ما أنا بقارئ. فأخذني ، فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال اقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ . فأخذني . فغطني الثالثة . ثم أرسلني فقال : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَالَمْ يَعْلَمْ } .
فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد –رضى الله عنها – فقال : زملوني . فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة –وأخبرها الخبر -: لقد خشيت على نفسي .فقالت خديجة : كلا ، والله ما يخزيك الله أبداً . أنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ،وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق .
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزي ، ابن عم خديجة ، وكان امرأً تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخاً قد عمى .
فقالت له خديجة : يا ابن العم اسمع من ابن أخيك .
فقال له ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى ؟
فأخبره رسول الله – صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى .
فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله على موسى . يا ليتني فيها جزعاً – أي قوياً جلداً – ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أو مخرجي هم ؟
قال: نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً
ثم لم يلبث ورقة أن توفى ، وفتر الوحي .

مروة عاشور
2013-02-05, 11:27 PM
على خجلٍ أعترفُ أنّني لأوّلِ مرَةٍ أدخُلُ هذهِ الصّفحة المُبارَكَة،
وأعترفُ أنّكُم بكلماتِكُمُ الرّقِية لامَستُم شغافَ قُلوبِنا، وأحسَنتُم جذبَنا لدراسَةِ سيرَةِ رسولِ ربّنا بهمّةٍ أكبَر،
وبوعيٍ أعلَى...

بارَكَ فيكُمُ الرّحمنُ ورفعَ قدرَكُم وأكرَمَكُم في الدُّنيا والآخرةِ ولا حرَمَنا صُحبَتَكُمُ الطّيّبة... اللهُمّ آمين.

آمين آمين آمين
وإياكِ أيتها العزيزة
وحياكِ الله في هذه الواحة العطِرة

أود التذكير بأن أم علي الفاضلة تنقل من كتاب : ( روضة الأنوار ), بشيء من الاستفاضة, وأنقلُ من كتاب : ( الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية ) بما فيه من اختصار شديد؛ فهو متن أعده كاتبه - جزاه الله خيرًا - لمن رغب في الحفظ.

أم حبيبة محمد
2013-02-05, 11:37 PM
وله شرح متوسع وماتع اسمه: الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية طبعة ابن حزم

أم علي طويلبة علم
2013-02-07, 04:03 PM
* تاريخ بدء النبوة ونزول الوحي : تلك هي القصة بداية النبوة ونزول الوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم - لأول مرة ، وقد كان ذلك في رمضان في ليلة القدر ، قال الله – تعالى -: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } وقال : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} وقد أفادت الأحاديث الصحيحة أن ذلك كان ليلة يوم الاثنين قبل أن يطلع الفجر .

* فترة الوحي ثم عودته : وكان الوحي قد فتر وانقطع بعد أول نزوله في غار حراء – كما سبق – ودام هذا الانقطاع أياماً ، وقد أعقب ذلك في النبي – صلى الله عليه وسلم - شدة الكآبة والحزن ، ولكن المصلحة كانت في هذا الانقطاع ، فقد ذهب عنه الروع ، وتثبت من أمره ، وتهيأ لاحتمال مثل ما سبق حين يعود ، وحصل له التشوف والانتظار ، وأخذ يرتقب مجئ الوحي مرة أخرى .
وكان - صلى الله عليه وسلم - قد عاد من عند ورقة بن نوفل إلى حراء ليواصل جواره في غاره ، ويكمل ما تبقى من شهر رمضان ، فلما انتهى شهر رمضان وتم جواره نزل من حراء صبيحة غرة شوال ليعود إلى مكة حسب عادته .
قال - صلى الله عليه وسلم - : فلما استبطنت الوادي- أي دخلت في بطنه – نوديت ، فنظرت عن يميني فلم أر شيئاً ، ونظرت إلى شمالي فلم أر شيئاً ، ونظرت أمامي فلم أر شيئاً ، ونظرت خلفي فلم أر شيئاً ، فرفعت رأسي فرأيت شيئاً ، فإذا الملك جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، فجئثت منه رعباً حتى هويت إلى الأرض ، فأتيت خديجة ، فقلت : زملوني ، زملوني ، دثروني ، وصُبوا علي ماء بارداً ، فدثروني وصبوا على ماء بارداً ، فنزلت { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ{1} قُمْ فَأَنذِرْ{2} وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ{3} وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ{4} وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} .
وذلك قبل أن تفرض الصلاة ثم حمي الوحي وتتابع .

الأمة الفقيرة إلى الله
2013-02-07, 04:29 PM
سُبحانَ الله!
معَ أنّ المحطّةَ هذهِ من سيرةِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ لطالَما توقّفنا فيها؛ إلّا أنّني لم أجد
ذا التّأثُّرَ الّذي وجدتُهُ اليوم...
شعرتُ بالألمِ في صدرِي معَ ذكرِ خوفِهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ والرّهبَةِ
الّتي أصابَت نفسَهُ حينَ رأى جبريلَ عليهِ السّلام، شعرتُ بعِظَمِ الرّسالَةِ الّتي كٌلّفَ بإيصالِها،
وعانَى لأجلِها من اللّحظةِ الأولَى لنزولِ الوحي، وكيفَ أنّا بكُلّ سُهولةٍ ننسَى ذلِكَ لمّا نعصِيه،
أو لمّا نعتبرُ ما قد نُلاقِي في سبيلِ دعوَتِنا (مَشاقّ)!
فأيُّ مشاقٍّ تِلكَ الّتي واجَهَتنا بجانِبِ ما تعرّضَ لهُ خيرُ خلقِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم!

واصِلوا وصلَكُمُ اللهُ برحمَتِه...

وأسألُ إن كانَ لَنا أن نُضيفَ من كتابٍ لا يُعتَبرُ منَ المراجِعِ
بعضَ التّحليلاتِ أو النّقاطِ الّتي قد نرَى فيها فائِدةً؟

جزاكُمُ اللهُ خيرًا وبارَكَ فيكُم.

أم علي طويلبة علم
2013-02-07, 11:02 PM
وأسألُ إن كانَ لَنا أن نُضيفَ من كتابٍ لا يُعتَبرُ منَ المراجِعِ
بعضَ التّحليلاتِ أو النّقاطِ الّتي قد نرَى فيها فائِدةً؟
.
الحكمة ضآلة المؤمن ، ونريد تلك الفوائد زادك الله علما وفقها في الدين

أم علي طويلبة علم
2013-02-20, 04:49 PM
أين أنتن يا طالبات العلم ؟

قال ابن حجر رحمه الله :

هنيئا لاصحاب خير الورى ... وطوبى لاصحاب اخباره
اولئك فازوا بتذكيره ... وهانحن تباع انصاره
ولما حرمنا لقى عينه... عكفنا على حفظ اثاره

مروة عاشور
2013-02-20, 11:38 PM
* ظلَّ - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى الله سرًا ثلاث سنوات.

* أسلم السابقون الأولون من الصحابة - رضوان الله عليهم - كخديجة وأبي بكر وعلي وزيد, وغيرهم.

* ثم أُمر - صلى الله عليه وسلم - بالجهر فجهر بالدعوة؛ فعاداه قومه.

* قام كُفار قريش بتعذيب من علموا بإسلامه؛ ليُردوهم عن دينهم, لكنهم صبروا وثبتوا.

أم علي طويلبة علم
2013-02-28, 04:13 PM
- قام رسول الله – صلى الله عليه وسلم - على أثر نزول هذه الآيات بالدعوة إلى الله – سبحانه وتعالى – وحيث إن قومه كانوا جفاة لا دين لهم إلا عبادة الأصنام والأوثان ، ولا حجة لهم إلا أنهم ألفوا إباءهم على ذلك ، ولا أخلاق لهم إلا الأخذ بالعزة والأنفة ، ولا سبيل لهم في حل المشاكل إلا السيف ، فقد اختار الله أن يقوم بالدعوة سراً ، ولا يواجه بها إلا من يعرفه بالخير وحب الحق ، ويثقبه ويطمئن إليه ، وان يقدم أهله وعشيرته وأصدقاءه وندماءه على غيرهم .


- فلما بدأ النبي – صلى الله عليه وسلم- دعوته بادر إلى الإيمان به عدد ممن كتب الله له السبق إلى السعادة والخير :

1- وكانت أولهم على الإطلاق أم المؤمنين خديجة بنت خويلد – رضي الله تعالى عنها - ، وكانت قد علمت البشارات ، وسمعت عن الإرهاصات ، وأبصرت ملامح النبوة ، وشاهدت تباشير الرسالة ، وتوقعت أن يكون رسول الله – صلى الله عليه وسلم-هو نبي هذه الأمة ، ثم تأكد لها من حديث ورقة ان الذي نزل في حراء هو جبريل – عليهالسلام – وأن الذي جاء به هو وحي النبوة .
2- وبادر النبي – صلى الله عليه وسلم - إلى صديقه الحميم أبي بكر الصديق – رضي الله عنه- ليخبره بما أكرمه الله به من النبوة والرسالة ، ويدعوه إلى الإيمان به ... فكان أول من أمن به على الإطلاق أو من الرجال ، وكان أصغر منه –صلى الله عليه وسلم- بسنتين ، وصديقاً له منذ عهد قديم ، عارفاً بسره وعلانيته ،فكان إيمانه أعدل شاهد على صدقه – صلى الله عليه وسلم- .
3- ومن أول من آمن به على بن أبي طالب – رضي الله عنه - كان تحت كفالته – صلى الله عليه وسلم- مقيماً عنده ، يطعمه ويسقيه ، ويقوم بأمره ، لأن قريشاً أصابتهم مجاعة ، وكان أبو طالب مقلاً كثير الأولاد ، فكفل العباس ابنه جعفراً ، وكفل النبي – صلى الله عليه وسلم- عليا .
4- ومن أول من آمن به مولاه زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي ،كان قد أسر أيام الجاهلية وبيع ، فاشتراه حكيم بن حزام . ووهبه لعمته خديجة ،فوهبته خديجة لرسول – صلى الله عليه وسلم - .

-هؤلاء الأربعة كلهم أسلموا في يوم واحد ، يومأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإنذار ، وقام بالدعوة إلى الله ، وقد قيل عن كل واحد منهم إنه أول من أسلم .

أم علي طويلبة علم
2016-09-03, 12:26 AM
http://majles.alukah.net/t107220/

أم أروى المكية
2016-09-03, 01:29 PM
إنَّ دراسة السيرة النبوية العطرة تعد غذاء للقلوب ، وبهجة للنفوس ، وسعادة ولذة وقرة عين ، بل إنها جزء من دين الله سبحانه وتعالى وعبادة يتقرب بها إلى الله؛ لأن حياة نبينا الكريم - صلوات الله وسلامه عليه - حياة بذل وعطاء وصبر ومصابرة وجد واجتهاد ودأب في تحقيق العبودية لله تبارك وتعالى والدعوة إلى دينه عز وجل
وفي دراسة السيرة فوائد عظيمة جداً ومنافع متعددة أذكِّر بشيء منها شحذًا للهمم للصبر والمواصلة والعناية بدراسة سيرة نبينا صلوات الله وسلامه وبركاته عليه .

فمن هذه الفوائد في دراسة السيرة النبوية :
- أن نبينا صلى الله عليه وسلم أسوة للعالمين وقدوة لهم ؛ في العقيدة والعبادة والأخلاق كما قال الله سبحانه وتعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) ، وتحقيق هذا الائتساء به وسلوك هديه صلى الله عليه وسلم متوقف على معرفة سيرته وهديه الكريم عليه الصلاة والسلام .

- أن سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وهديه القويم يُعَدُّ ميزانا توزن في ضوءه الأعمال .
يقول سفيان ابن عيينة رحمه الله تعالى فيما روى الخطيب البغدادي في مقدمة كتابه العظيم "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" :
« إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر ؛ فعليه تعرض الأشياء ، على خُلقه وسيرته وهديه ، فما وافقها فهو الحق ، وما خالفها فهو الباطل » .

- في دراسة سيرة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام عون على فهم كتاب الله عز وجل ، لأن حياته عليه الصلاة والسلام كلها تطبيق للقرآن وعمل به ، ولما سُئلت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن خُلقه عليه الصلاة والسلام قالت : (( كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ )) ، وقد قال الله تعالى : ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )

- أن في دراسة سيرته عليه الصلاة والسلام تعميقا لمحبته ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)) متفق عليه ، وجاء في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : " قلت يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي " ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ((لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ)) فقال له عمر: " فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي " فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((الْآنَ يَا عُمَرُ)) .

- أنها باب من أبواب زيادة الإيمان وتقويته ، وقد قال الله تعالى: ( أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) ؛ فمعرفة الرسول عليه الصلاة والسلام ومعرفة هديه وآدابه وأخلاقه موجبةٌ لمن حصلت له هذه المعرفة للإيمان إذا كان لم يؤمن ، وموجبة لزيادة الإيمان في حق المؤمن .

- أنَّ في دراسة السيرة عونا لفهم الدين كله؛ عقيدةً وعبادةً وخُلقا ، لأنَّ حياته -كما أسلفت- حياة عمل لهذا الدين ؛ قياماً به ودعوة إليه وتضحية وجِدّا واجتهادا وجهادا لنصرة هذه العقيدة التي هي رأس الأمر وأساس دين الله تبارك وتعالى .

- أن السيرة فيها تعليم للنهج الصحيح في الدعوة إلى الله على بصيرة، والدعاة إلى الله سبحانه وتعالى حقاً هم أهل الدراية بهديه ونهجه وسيرته صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله تعالى: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) فالدعوة إلى الله جل وعلا على بصيرة لابد فيها من معرفة هديه ونهجه صلوات الله وسلامه عليه في الدعوة إلى الله عز وجل .

- أن دراسة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام باب عظيم مبارك من أبواب السعادة .
يقول ابن القيم -رحمه الله- في كتابه زاد المعاد في هدي خير العباد:
"ومن هاهنا تعلم اضطرار العباد فوقَ كل ضرورة إلى معرفة الرسول وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به، وطاعته فيما أمر، فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل - إلى أن قال - وإذا كانت سعادةُ العبد في الدارين معلقةً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فيجِب على كلَ من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه مَا يَخْرُجُ به عن الجاهلين به ويدخل به في عِداد أتباعه وشِيعته وحِزبه ، والناس في هذا بين مستقِل ، ومستكثِر ، ومحروم ، والفضلُ بيد اللّه يُؤتيه من يشاء ، واللّه ذو الفضل العظيم " .

والله الكريم أسأل التوفيق لفقه سيرته ودوام العمل بسنته ، اللهم إنا نسألك إيمانا لا يرتد ونعيما لا ينفد ومرافقة محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى جنة الخلد.