المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تَضْعِيفُ حَدِيثِ: « سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ.... »



أبو زُرعة الرازي
2012-11-02, 10:36 PM
الحَمْدُ للهِ أَهْلِ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ . وَمَانِحِ الْمَوَاهِبِ وَالنَّعْمَاءِ . حَمْدَ مُسْتَمْتِعٍ بِدَوَامِ نِعْمِهِ وَآلائِهِ . وَمُسْتَمْنِحٍ لِمَزِيدِ قَسْمِهِ وَعَطَائِهِ . وَمُسْتَلْهِمٍ لِبَلِيغِ الْمَحَامِدِ عَلَى كَمَالِ ذَاتِهِ وَعَظِيمِ صِفَاتِهِ . وَمُسْتَوْزِعٍ لِشُكْرِ ذِي الْجَلالِ وَالْعَظَمَةِ بِتِلاوَةِ مُحْكَمِ آيَاتِهِ . الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ . إِياَّكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ . وَبَعْدُ ..

قد سألت أحدُ الأخواتِ عَنْ حديثِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ كَرَى نَهَرًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلًا، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ » وعَنْ العلةِ فيه أيصحُ أم يضعفْ ! وقد ناقشَّ الأخوة هذا الخبر ومنهم من ذهب إلي تحسين الحديثِ ومنهم مَنْ ضعفهُ وأنا ممن ذهب إلي ضعفِ الحديث فجزى الله تعالى كُل من اجتهد في الكلام على الحديث خيراً ، وقد عزمتُ أنا العبدُ العاثرُ - سامحني الله - أن أنظر بتأملٍ لطيفٍ في طُرق هذا الإسناد وهذا الحديث وإن ظهر لنا الحقُ سرنا عليهِ .

# التَخريج :
أورده السيوطي في الجامع الصغير برقم 4643 بهذا اللفظ وزاد رمز البزار وقال المناوي "3/88" في الفيض وقال المنذري: إسناده ضعيف ، أخرجه أبو نعيم فى الحلية (2/344) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (3/248، رقم 3449) ، وأخرجه أيضًا: الديلمى (2/330، رقم 3492) مِنْ رواية أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم .

# دِراسةُ إسنادْ الحَديثْ : [ ضعيف ] .
قَال المنذري : (( إسنادهُ ضعيف )) .
وقال ابن القيسراني في أطراف الحديث (1/209) (( وَمُحَمَّدٌ هَذَا مَتْرُوكٌ )) .
وفيهِ علتانْ (( مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْعَرْزَمِيُّ الْكُوفِيُّ )) و (( عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هَانِئٍ النَّخْعِيُّ )) ضعيفانْ لا يحتجُ بهما عند أهل الحديث ، وقد تفرد برواية الحديث عن قتادة محمد بن عبيد الله العزرمي الكوفي وهذا التفرد علةٌ إلي ضعفهِ .
[ أولاً ] النظرُ في حالِ (( مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْعَرْزَمِيُّ الْكُوفِيُّ )) :
قال الحاكم : ((ليس حديثه بالقائم )) .
قال ابن عدي : ((له نسخة يرويها عنه ابنه وابن أخيه وعامة رواياته غير محفوظة )) ، وقال الأزدي : (( متروك الحديث )) وقد ضعفهُ البيهقي فقال : (( ضعيف ، ومرة متروك )) وقال أبي حاتم الرازي : (( ضعيف الحديث متروك )) وقال ابي حاتم بن حبان البستي في ثقاته إن لم تخني ذاكرتي : (( كان صدوقا إلا أن كتبه ذهبت وكان رديء الحفظ فجعل يحدث من حفظه ويهم فكثر المناكير في روايته )) وقال أبي زرعة : (( لا يكتب حديثه )) وقال أبي عبد الله الحاكم النيسابوري فيه : (( متروك الحديث بلا خلاف أعرفه بين أئمة النقل فيه )) وقال الترمذي : (( يضعف في الحديث من قبل حفظه، ضعفه ابن المبارك وغيره )) وقال الإمام أحمد : (( ترك الناس حديثه )) وفي إتحاف المهرة : (( هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ ، مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيُّ الْفَزَارِيُّ الْكُوفِيُّ ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ : رَدِيءُ الْحِفْظِ ، تَرَكَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ ، وَالْقَطَّانُ ، وَابْنُ مَعِينٍ . وَقَالَ السَاجِيُّ : أَجْمَعَ أَهْلُ النَّقْلِ عَلَى تَرْكِ حَدِيثِهِ ، عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ )) فهو ضعيفٌ بالإتفاق ولا نعلمُ احداً إختلف في حالهِ مِنْ أئمة النقل فلا يصحُ الحديث مِنْ رواية أنس بن مالك - رضي الله عنهُ - لضعف العزرمي وتفرده عن قتادة بهِ ! .
- تفرد به عن قتادة وعلى الرغم مِنْ كون قتادة إمامٌ كبيرُ الشأن لهُ مِنْ التلاميذ الكثير تفرد بروايتهِ عنهُ ، وقد وهم من جعل حديث : (( إذا مات ابن آدم إنقطع عملهُ ... )) شاهداً على صحةِ هذا الخبر ، وليس فيهِ ما يشير إلي تقويةِ حديث قتادة عن أنس بن مالك فلا نعلمُ أحد رواهُ عن قتادة غير العزرمي ورواهُ عنهُ عبد الرحمن بن هانئ وكلاهما ضعيف الحديث .
- إخراجُ أرباب الغرائبِ كالبزار لحديثهِ في البحر الزخار وهذا يشيرُ إلي علةٍ فيهِ .
- قال أبي نعيم عقب الحديث في حليتهِ : (( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ؛ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ عَنِ الْعَرْزَمِيِّ )) وهذا إن دل فيدل على غرابتهِ ووجود علةٍ فيهِ ورواياهُ الإثنان ضعيفان ، فلا يصحُ للتفردِ والنكارةِ وضعفِ أبي نعيم وعبد الرحمن.
[ ثانياً ] حالُ (( عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هَانِئٍ النَّخْعِيُّ )) .
قال ابن عدي : ((له غير ما ذكرت من الأحاديث وعامة ما له لا يتابعه الثقات عليه )) .
قال ابن حبان : (( ربما أخطأ في القلب لروايته عن الثوري عن أبي الزبير عن جابر )) .
وقال أبي داود : (( ضعيف )) وقال أبي نعيم : (( من جالسة عرف ضعفهُ )) وقد ضعفهُ أبو نعيم الفضل بن دكين ، وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني : (( صدوق له أغلاط، أفرط ابن معين فكذبه )) قلتُ وإن كان ذلك لشدته رحمه الله تعالى في الرجال وأخبارهم ، قال الحافظ الذهبي : (( مختلف في توثيقه )) قلتُ - رضي الله عنك - بل الصحيحُ ضعفهُ قال البخاري رحمه الله تعالى : (( فيه نظر، وهو في الأصل صدوق )) وقال الفسوي (( ضعيف )) ، قد قال وثقهُ مِنْ الأعلام الإمام الجيلي رحمه الله تعالى ، وقال ابن حجر صدوق ! ولهُ أغلاط وجرحه البخاري جرحاً شديداً ثم قال الأصلُ فيه صدوق ولم يعتمد عليه - رضي الله عنهُ - ، وقول أبي حاتم الرازي (( لا بأس به يكتب حديث )) ففيه أمرانْ .
1- قولهُ يكتبُ حديثهُ فيها أن قال قال الذهبي في السير (6\360): «علمت بالاستقراء التام أن أبا حاتم الرازي إذا قال في رجل يكتب حديثه، أنه عنده ليس بحجة» وبهِ فإنهُ لا يكونُ مُحتجاً بهِ على غرار لو قال (( يكتب حديثهُ ولا يحتجُ بهِ )) هُنا قولهُ معناهُ أنهُ يُكتب حديثه في المتابعات والشواهد، ولا يُحتج به إذا انفرد. وهذه تقابل درجة صدوق أو درجة لين الحديث عند باقي المحدثيم ، وبه لايكونُ كلام أبي حاتم إشارة إلي كونه ثقةٌ عندهُ . والله أعلم .
2- قولهم ( لا بأس به ) فهي تعني التوثيق ولكنهُ ليس قوياً .
وبهِ يتبينُ أن إسناد قتادة - رحمه الله - منكرٌ لا يثبت عن قتادة بن دعامة السدوسي فأين هم أصحاب قتادة من رواية هذا الخبر عنهُ ! وقد تفرد به مَنْ هو متفقٌ على تضعيفه عند أهل هذه الصنعة وأقطابها ! وقد رواهُ قتادة عن يزيد الرقاشي ويزيد هذا (( ضعيف الحديث )) وقد عنعن الحديث عن أنس بن مالك وقد روى عنهُ بواسطة الرقاشي وهو ضعيف ففيه ثلاث علل تقدحُ في صحة هذا الخبر وروايتهُ عن يزيد عن البزار في البحر الزخار فلا يصحُ أن سمع قتادة هذا مِنْ أنس .

فقال الحاكم في «الإكليل»: «وكذلك قتادة بن دعامة وهو إمام أهل البصرة ، إذا قال أنس ، أو قال الحسن وهو مشهور بالتدليس عنهما» ، وقال شعبة : (( كنت أتفطن إلى فم قتادة إذا حدث، فإذا حدث بما قد سمع، قال: حدثنا سعيد بن المسيب، وحدثنا أنس، وحدثنا الحسن، وحدثنا مطرف، وإذا حدث بما لم يسمع، قال: حدث سليمان بن يسار وحدث أبو قلابة )) وقال أبو الحسن في كتابه الموضح : (( قَالُوا أَيْضًا: فَقَتَادَةُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ: حَدَّثَنَا، وَلَا سَمِعْت، وَهُوَ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ )) وبه يتبين أن قتادة قد دلس هذا الحديث وعنعنه عن أنس بن مالك - رضي الله عنهُ - وهذه علة واضحة بالحديث .

[ شاهدٌ ] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مَرْزُوقُ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ ».

# التخريج :
أخرجه ابن ماجه (1/88، رقم 242) قال المنذرى (1/55) : إسناده حسن. وقال البوصيرى (1/35) : هذا إسناد مختلف فيه. وأخرجه أيضًا: ابن خزيمة (4/121، رقم 2490) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (3/247، رقم 3448) .

# دراسةُ إسنادهِ :
وأكثرُ رجالهِ رجالُ الصحيح اللهم إلا أن مَرْزُوقُ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ قد تُكِلمَ فيه وسيأتي بيانُ حالهِ .
قال صاحبُ البدر المنير (7/102) : (( بِإِسْنَاد حسن أَكثر رِجَاله رجال الصَّحِيح )) ، وقال صاحبُ الزجاجة في زوائد ابن ماجة (1/35) : (( هَذَا إِسْنَاد مُخْتَلف فِيهِ وَقد رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه عَن مُحَمَّد بن يحيى الدهلي بِهِ وَرَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه وَأَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالتِّرْمِذِيّ فِي جَامعه وَالنَّسَائِيّ فِي الصُّغْرَى من طَرِيق الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه بِهِ مَرْفُوعا بِلَفْظ إِذا مَاتَ الْإِنْسَان انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاث صَدَقَة جَارِيَة وَعلم ينْتَفع بِهِ وَولد صَالح يَدْعُو لَهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَله شَاهد من حَدِيث أنس بن مَالك رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ )) ، وما أخرجهُ الإمامُ مسلم في الصحيح لا يصلح ليكون شاهداً يقوي رواية أنس بن مالك وهي كما قال صاحبُ الزجاجة شاهداً على رواية أبي هريرة وهذا ليس بمقبول والصوابُ عدم إعتبارها لكونها ضعيفةً جداً فيها متروكين وقد ثبت لدينا أن قتادة قد رواهُ بواسطة يزيد الرقاشي وهو " ضعيف " عن أنس بن مالك ! .

قال المنذرى (1/55) : إسناده حسن. وقال البوصيرى (1/35) : هذا إسناد مختلف فيه.
قال محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على سنن ابن ماجة (1/88) : (( نقل عن ابن المنذر انه قال إسناده حسن. في الزوائد إسناده غريب. ومرزوق مختلف فيه. وقد رواه ابن خزيمة في صحيحه عن محمد بن يحيى الذهلي به )) أهـ .
وقال الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد (14/439) : (( وإسناده ضعيف، مرزوق بن أبي الهذيل لين الحديث )) .
قال الأعظمي كما في صحيح ابن خزيمة (4/121) : (( إسناده حسن لغيره لشواهده )) .

وقد مال إلي تضعيف الشاهد بعضُ طلبة العلمِ ، وقال البويصيري أن إسنادهُ مختلفٌ فيه ! كما أن هُناك إختلافاً في حال مرزوق بن أبي هذيل وقد ضعفهُ الشيخ شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند الإمام أحمد وقد عمدتُ إلي النظر في أقوال أمة الصنعة فيهِ ومحاولة الترجيح بين أقوالهم علنا نخرجُ بشيءٍ يزيل النزاع في صحة روايته مِنْ ضعفها .

[ مسألة ] دراسةُ حالهِ والترجيحُ في قبول خبرهِ مِنْ ردهِ .
وفي هذه المسألة أدعوا الله عز وجل أن يرزقنا التوفيق في بيان حالهِ وأن لا يحرمنا القدرة على المقارنة بين أقوال الأئمة هُنا في مرزوق علنا نصلُ لما يزيل النزاع ويذهب البلوى ويرفع الهمم ويريح القلوب المُتنازعة في صحةِ الحديث مِنْ ضعفهِ وفيه سأعمدُ لإستقراء أقوال أئمة الجرح والتعديل في مرزوق بن أبي هذيل سائل المولى عز وجل التوفيق والسداد .
1- قال العقيلي في الضعفاء الكبير (4/209) : (( مَرْزُوقُ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ شَامِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ. حَدَّثَنِي آدَمُ بْنُ مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ قَالَ: مَرْزُوقُ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ شَامِيُّ , سَمِعَ الزُّهْرِيَّ، سَمِعَ مِنْهَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، يَعْرِفُ وَيُنْكِرُ )) وقد احتج أحد الأخوة - سدده الله تعالى - بقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في عدم كونها جرحاً مفسراً ، والأصلُ فيها بالتاء المخاطب وقول البخاري هُنا بياء الغائب مبنيا على المجهول ، ومعنى قول الإمام البخاري هُنا ان أحاديث مرزوق بن هذيل أو على سبيل العموم " تعرفُ تارةً يأتي باحاديث معروفة " وتارة "يأتي باحاديث منكرة " ومثلهُ يجبُ سبر روايته والنظر فيها إن كانت توافق مرويات غيره مِنْ الثقاتْ وقد روى عنهُ الوليد بن مسلم كما قال الدكتور الجديع في تحرير علومهِ .
وقد أشار إلي كونها جرحاً صاحب ذخيرة الحفاظ محمد بن طاهر المقدسي (4/1974) : (( وَأَشَارَ البُخَارِيّ إِلَى ضعفه، وَقَالَ: يعرف، وينكر )) وبه يتضح ان قول البخاري فيه تضعيفاً لا على سبيل كونه مِنْ المُبهماتْ ! والله أعلم .
2- قال ابن عدي الجرجاني ((ما أعلم روى عنه غير الوليد بن مسلم، وأحاديثه يحمل بعضها بعضا، ويكتب حديثه )) وقد نقل عنهُ ان قال في ما قالهُ ابن معين (( يكتب حديثهُ )) قولهُ (( ويكتبُ في جملة الضعفاءْ )) .
3- قال أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/295) : (( وسليمان بن كثير وسفيان بن حسين أحب إلي من ابن نمر وابن نمر أحب إلي من مرزوق بن أبي الهذيل )) وقال أيضاً (( صالح الحديث )) أي يُكتب حديثه للاعتبار (وليس للاحتجاج)، كما نص بنفسه في الجرح والتعديل (1\37) وهذا مقصدُ قول ابي حاتم الرازي صالح الحديث . والله أعلم .
4- قال ابن حبان في المجروحين (3/38) : (( من أهل الشَّام يروي عَن الزُّهْرِيّ روى عَنهُ الْوَلِيد بن مُسلم ينْفَرد عَن الزُّهْرِيّ بِالْمَنَاكِيرِ الَّتِي لَا أصُول لَهَا من حَدِيث الزُّهْرِيّ كَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ سوء الْحِفْظ فَكثر وهمه فَهُوَ فِيمَا انْفَرد بِهِ من الْأَخْبَار سَاقِط الِاحْتِجَاج بِهِ وَفِيمَا وَافق الثِّقَات حجَّة إِن شَاءَ الله )) وقد أفرط بعضُ طلبة العلم وفقهم الله في رد كلام ابن حبان بحجةِ الإفراطْ ! وهذا ليس صواباً فإبن حبان - رحمه الله - لا يقل شأناً في أحكامهِ عن غيره من أئمة الصنعة في الحكم على الرواة مِنْ الجرح والتعديل ! وغاية ما يقال أن ابن حبان دقيق الحُكم والتحري في الرواة واحوالهم ومِنْ فرط تحريه جرح الثقاتْ في كتاب المجروحين فلا يعولُ تعويلا كاملاً على الإطلاقات الشاردة والواردة في إفراطهِ رحمه الله تعالى وإن كان قد ورد عن الأئمة كلاما فيه وهو عندنا محل نظر لكل من إطلع على أحكامه وموافقاته لغيره ممن سبقه .
قلتُ - رحم الله ابن حبان - كم كان مُتحرياً في حالهِ وسامح مَنْ شنع عليه ! بل أنصف مرزوقا إذ قال فيه أنهُ حجة إن وافق الثقاتْ ولم ينفرد برواية حديثْ ! وقد إنفرد برواية هذا المتن عن الزُهري - رحمه الله - وأصحابُ الزهري جازوا القنطرة وبلغوا الجبال ووصلوا عنان السماء ، وسمع بهم البشر والطيرُ والدُنيا بأسرها أفيغلونَ عَنْ حديث الزهري رحمه الله تعالى وهم أولى الناس عناية بروايتهِ منْ غيرهم ! فمالي لا أرى أحد من أصحاب الزُهري رواهُ غير مرزوق ! ولو تأمل القارئ كلام ابن حبان لعلم ما فيه من الدقة الواسعة في تحري حالهِ ودراسةِ خبرهِ حتى حكم عليه بما حكم !
5- إكمال تهذيب الكمال (11/126) : (( ذكره أبو جعفر العقيلي، وابن الجارود في «جملة الضعفاء» وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: كان بالبصرة. وكره الجواب فيه وقال ابن حبان: يتفرد عن الزهري بالمناكير التي لا أصول لها من حديث الزهري، فكثر وهمه، فسقط الاحتجاج بما انفرد به، والله تعالى أعلم )) وقد لينه ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى وحصيلة من وثقهُ : (( دحيم ، وابن خزيمة ، أبي حاتم )) إن لم تخني ذاكرتي والذي مالت له النفس قول الإمام الحجة ابن حبان - رحمه الله - في أنهُ إن إنفرد فليس بحجة وإن وافق الثقات فمقبول . والله أعلم بالصوابْ .

خُلاصةُ الدراسة / أن الحديث لا يصحُ والأرجحُ ضعفهُ ورحم الله تعالى الإمام الألباني إذ حسنهُ وقد إجتهد ولهُ أجرُ إجتهادهِ إلا أني العبد العاثر - غفر الله لي - قد ظهر لنا ضعفُ الحديث وعدم صحة طُرقهِ . والله أعلم بالصوابْ .



كتبهُ /
أبي زُرعة الرازي
17-ذو الحجة-1433هـ
غفر الله لي ولوالدي وسترنا في الدُنيا والآخرة

أبو هجر البغدادي
2012-11-02, 11:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم ، وله الحمد وبه نستعين ..

خُلاصةُ الدراسة / أن الحديث لا يصحُ والأرجحُ ضعفهُ ورحم الله تعالى الإمام الألباني إذ حسنهُ وقد إجتهد ولهُ أجرُ إجتهادهِ إلا أنّي العبد العاثر -غفر الله لي- قد ظهر لنا ضعفُ الحديث وعدم صحة طُرقهِ . والله أعلم بالصوابْ .

بوركت أيها الكيّس اللبيب

أبو هجر البغدادي
2012-11-03, 04:12 AM
للتنبيه ..
فلعلّ هناك من ظنّ أنّنا أوقعنا أنفسنا في تناف..، فمن جهة قرّضنا صنيع الشيخ أبي زرعة سدده الله فيما رجح عنده من تضعيف الحديث، ومن أخرى أننا قائلون برجحان حسنة، كما هو قول الإمام الألباني والمنذري رحمهما الله تعالى ..
ويدفعه أنّ تعاطى الشيخ سلمه الله تعالى للقواعد بأمانة وإحكام، دون تعصّب، أو زيغ، أو شطط، قد أثلج صدورنا، وهو ما يدعو إليه مشايخنا وإئمتنا السابقون واللاحقون ..؛ إذ الاختلاف لا يفسد في الود قضيّة..

أبو زُرعة الرازي
2012-11-03, 10:30 AM
الأخ الحبيب أبو هجر البغدادي - سدد الله خُطاه - .
بارك الله تعالى فيك وأحسن إليك إحسانك الظنَّ بأخيكُمْ وغفر لنا ولكم وعلمنا ما لم نعلم ورزقنا نباهة الفكر وسعةً في فهم إصطلاحات ائمة هذه الصنعة ونقادها وصيارفتها ، فجزاك كُل خيرٍ على هذا التقريض جعلك الله مِنْ السالكين .

أبو زُرعة الرازي
2012-11-03, 07:40 PM
يرفع للتذكير والمُدارسة نفع الله بمن خاض بالحديث .

أحمد السكندرى
2012-11-04, 04:11 PM
جزاكم الله خيرا أخي الحبيب أبو زرعة الرازي وبارك فيك وفي علمك ...صراحة ... منذ زمن بعيد وأنا استيقن ضعف هذا الحديث لأجل نكتة في المتن وهي : " .. أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا ..."ولم يكن على عهد نبينا صلى الله عليه وسلم مصاحف !!!

أبو زُرعة الرازي
2012-11-05, 03:47 AM
الأخ الحبيب أحمد السكندري - سدد الله بحوثكم وعلمكم - .
أحسن الله تعالى إليكم وإلي لطيفتكم بارك الله فيكم ونفع بكم ، في الحقيقة أنت مصيب - سلمك الله - وجزاك الخير .

أشرف بن محمد
2012-11-05, 09:53 AM
"نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُسافَر بالقرآن إلى أرض العدو". متفق عليه من حديث ابن عمر، وهذا الحديث بوّب عليه البخاريُّ بقوله: (باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو)، وبُوِّبَ عليه في صحيح مسلم: (باب النهي أن يسافَر بالمصحف إلى أرض الكفّار إذا خِيفَ وقوعه بأيديهم). بل إنّ ابن حزم الظاهري فضلا عن غيره قال في المحلى: (ولا يحل السفر بالمصحف إلى أرض الحرب لا في عسكر ولا في غير عسكر). ثم استدلّ لذلك بحديث ابن عمر رضي الله عنهما.

فالأناة الأناة..

أبو زُرعة الرازي
2012-11-05, 10:04 AM
الأخ الكريم أشرف - وفقه الله - .
ما علاقة ما ذكرتْ بالموضوع المطروح حفظك الله !.

أشرف بن محمد
2012-11-05, 10:17 AM
#6 #7

أبو زُرعة الرازي
2012-11-05, 12:07 PM
#6 #7

!!!!!!!!!!!!!!!!

المشتاقة لرؤية الرسول
2012-11-05, 01:54 PM
جزاكم الله خيرا ...
ياليت يا الأخ الرازي تكتب موضوعا عن الإستدلال بالأحاديث الضعيفة وتبين لنا الأحكام في ذلك
بارك الله فيكم

أبو زُرعة الرازي
2012-11-05, 02:57 PM
الأخت الكَريمة المُشتاقة لرؤية الرسول - وفقك الله - .
إن شاء الله عز وجل نكتبُ مقالاً عن الإحتجاج بالضعيفِ في مسائل الفضائل والأحكام إلا وأني أريد أن أنبه أني قد سبقت بهذا الشأن ومنها مقال الشيخ المحدث عبد الكريم الخضير في الضعيف وحكم الإحتجاج به في الفضائل والأعمال . والله أعلم .

خالد الشافعي
2012-11-05, 03:35 PM
جزاكم الله خيرا أخي الحبيب أبو زرعة الرازي وبارك فيك وفي علمك ...صراحة ... منذ زمن بعيد وأنا استيقن ضعف هذا الحديث لأجل نكتة في المتن وهي : " .. أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا ..."ولم يكن على عهد نبينا صلى الله عليه وسلم مصاحف !!!
النكارة ليست من هذه اللفظة : " مصحفا ورثه " .
وفي البخاري من حديث نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ

أبو زُرعة الرازي
2012-11-05, 06:56 PM
الشيخ الحبيب خالد الشافعي - وفقه الله - .
بارك الله تعالى فيكم وأحسن إليكم ! ونفع بحرصكم على الحقِ وبيانهِ ! .

أشرف بن محمد
2012-11-05, 07:35 PM
أخي المعرَّف بأبي زرعة الرازي! - وفقه الله -
انظر، لو صرّح أي عضو - غيرك - أيًّا كانت درجة علمه وفهمه، دنت أو علت، وقال إنني لم أرد بمشاركتي رقم (8#) الاستدراك على مشاركة أخي السكندري برقم (6#) ثم مشاركتك - أخي - برقم (7#) لا سيّما مع قرب عهد مشاركتي بمشاركتيكما .. فأنا أعتذر لك - ولا حرج - على عدم البيان .. ثم لو نظرت بطرف عينك يسار أي مشاركة ستجد رقم المشاركة ثم علامة # فأنا لم ألغز ..

أبو زُرعة الرازي
2012-11-05, 09:24 PM
الأخ الحبيب أشرف بن محمد - وفقك الله - .
بارك الله تعالى فيك على التنبيه ! وما حصل هو غفلةٌ مني إذ لم أنتبه إلي ما أشرتُم إليه نسأل الله العافية فجزاك الله تعالى على التنبيه لما ورد في مشاركة الأخ السكندري - وفقه الله - إذ أخطأنا فغفر الله لنا وسامحنا .

خالد الشافعي
2012-11-05, 10:43 PM
كلنا إخوة في الله ، ويكمل بعضنا بعضا .

أبو زُرعة الرازي
2012-11-06, 02:01 AM
الأخ الشيخ خالد الشافعي - سدد الله خُطاه - .
أحسن الله تعالى إليكم وصدقتُم نفع الله بكم ، فما غفلنا عنهُ نسألُ الله تعالى أن يرحمنا برحمتهِ ويغفر لنا غفلتنا .

خالد الشافعي
2012-11-06, 07:44 AM
شكرا لكم جميعا .
لكن الحديث على فرض ضعفه فمعناه صحيح لا غبار عليه ، لأن جميع الأشياء التي ذكرت تدخل في باب الصدقة الجارية التي لا تنقطع .

أحمد السكندرى
2012-11-06, 09:06 AM
جزاكم الله خيرا أخي الحبيب أبو زرعة وبارك فيك وفي علمك ...
الى الأخوة الكرام الذين استدركوا على العبد الفقير ، أقول : " ليس في حديث النبي صلى الله عليه وسلم لفظة (المصحف) تحديدا "
وكل من استدرك علي استدرك علي بتبويب الامام البخاري في صحيحه ، وتبويب النووي رحمه الله في صحيح الامام مسلم رحمه الله ، وكلام الامام ابن حزم رحمه الله ...ولم يأت بنص واحد فيه هذه اللفظة ، التي عرفنا من خلالها ضعف الحديث .


قاعدة حديثية : لا يصح حديث فيه لفظ المصحف .

وجزاكم الله خيرا وأجزل مثوبتكم في الدارين ....

أشرف بن محمد
2012-11-06, 10:30 AM
لأني أعلم أنه قد يَرِدُ - مع بُعده - ما ذكره الأخ السكندري، فقد قلت مستبِقا: (... بل إنّ ابن حزم الظاهري فضلا عن غيره قال في المحلى: (ولا يحل السفر بالمصحف إلى أرض الحرب لا في عسكر ولا في غير عسكر). ثم استدلّ لذلك بحديث ابن عمر رضي الله عنهما).
وكان هذا من البيان الذي غفل عنه الأخ الكريم المعرَّف بأبي زرعة..
وأعيد ما قاله أحمد السكندري، قال: (منذ زمن بعيد وأنا استيقن ضعف هذا الحديث لأجل نكتة في المتن وهي : " .. أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا ..."ولم يكن على عهد نبينا صلى الله عليه وسلم مصاحف !!!)
وليت الأخ الكريم أن يراجع كلمة "مصحف" في كتب العربيّة..
وقد أحسن الأخ الكريم/ خالد الشافعي إذْ قال: (النكارة ليست من هذه اللفظة : " مصحفا ورثه "). وهو ما قد أشرتُ إليه آنفا..

أبو هجر البغدادي
2012-11-06, 11:24 AM
جزاكم الله خيرا أخي الحبيب أبو زرعة وبارك فيك وفي علمك ...
الى الأخوة الكرام الذين استدركوا على العبد الفقير ، أقول : " ليس في حديث النبي صلى الله عليه وسلم لفظة (المصحف) تحديدا "
وكل من استدرك علي استدرك علي بتبويب الامام البخاري في صحيحه ، وتبويب النووي رحمه الله في صحيح الامام مسلم رحمه الله ، وكلام الامام ابن حزم رحمه الله ...ولم يأت بنص واحد فيه هذه اللفظة ، التي عرفنا من خلالها ضعف الحديث .

قاعدة حديثية : لا يصح حديث فيه لفظ المصحف .
وجزاكم الله خيرا وأجزل مثوبتكم في الدارين ....

يمكن رفع النكارة بعلاقة الجزئية كما هو مقرر في علوم المعاني والبيان ، بيانه ..
لا ريب أنّ ثمّة مصاحف موجودة عهد النبي عليه السلام ، بمعنى صحف من الأديم أو اللخاف أو ...فيها السورة والسورتان والثلاث ، ولا شبهة في صحّة إطلاق الكل هيهنا وإرادة الجزء .. ، كذلك المروي عن النبي أو مصحفاً...

أما قاعدة : لا يصح حديث فيه لفظ المصحف . فأخشى أن تكون كقاعدة : لم يصح حديث فيه لفظ الحميراء. فقد أبطلها الإمام الألباني في حديث الحبشة الذي جزم بصحته .

أحمد السكندرى
2012-11-06, 12:56 PM
وليت الأخ الكريم أن يراجع كلمة "مصحف" في كتب العربيّة..

المصحف في اللغة : الجامع للصُّحُف المكتوبة بين الدَّفَّتَيْنِ .
الخلاصة : ليس كل مصحف قرآن كريم ، وليس كل قرآن مصحف .وقد غلب اطلاق "المصاحف" على القرآن الكريم بعد جمعها في مصحف واحد على عهد الخليفة الراشد ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه .


(النكارة ليست من هذه اللفظة : " مصحفا ورثه ")
أنا لم استنكر هذه اللفظة ، بمعنى أنني أقول بأنها لفظة مولدة حادثة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .
انما قصدت أن لفظة المصحف ، لم تستعمل كاشارة الى القرآن الكريم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ...فقصدي أنه لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مصاحف لللقرآن الكريم ، ولم يكن لفظ "المصحف" يعبر به عن القرآن الكريم .


أما قاعدة : لا يصح حديث فيه لفظ المصحف . فأخشى أن تكون كقاعدة : لم يصح حديث فيه لفظ الحميراء. فقد أبطلها الإمام الألباني في حديث الحبشة الذي جزم بصحته .

بالنسبة لحديث الحميراء ، فقد سبق العلامة الألباني رحمه الله علماء منذ قرون مضت ...

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (2/444) : " وفي رواية النسائي من طريق أبي سلمة عنها دخل الحبشة يلعبون فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم فقلت نعم إسناده صحيح ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا " .
وقال الحافظ بدر الدين الزركشي رحمه الله في "الاجابة لما استدركته عائشة على الصحابة" (ص 58) : " الخامسة والعشرون: جاء في حقها: خذوا شطر دينكم عن الحميراء" وسألت شيخنا الحافظ عمادالدين ابن كثير رحمه الله عن ذلك فقال: كان شيخنا حافظ الدنيا أبوالحجاج المزي رحمه الله يقول: كل حديث فيه "الحميراء" باطل إلا حديثا في الصوم في سنن النسائي. قلت: وحديث آخر في [سنن] النسائي أيضا عن أبي سلمة قال: قالت عائشة: دخل الحبشة المسجد يلعبون فقال لي: يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم" الحديث. وإسناده صحيح " .

ولا يمنع أن تكون القاعدة : لا يصح حديث في ... الا حديث كذا وكذا ...
وهذه قواعد كلية لتيسير معرفة الصحيح والضعيف في الباب كله ، وهي ليست قواعد جامدة ، بل هي قواعد مرنة تقبل كل أحاديث مستثناة ، فأنت تعلم أن لكل قاعدة استثناءتها .
وأنني مستعد لقبول الحق مهما كان وحيثما كان ، فتفضل بابطال هذه القاعدة ، باثبات صحة حديث فيه لفظ المصحف ، وقد تلفظ به النبي صلى الله عليه وسلم ...

وجزاكم الله خيرا ....

أبو زُرعة الرازي
2012-11-06, 05:38 PM
الأخوة الكرام - وفقكم الله - .
أحسن الله تعالى إليكم على هذه الفوائد العلمية الطيبة ومُداخلاتكم النافعة ! .

أبو زُرعة الرازي
2012-11-07, 10:45 AM
جَزاكُمْ الله تعالى كُل خيرٍ وبارك فيكم أحبتنا .

أشرف بن محمد
2012-11-07, 02:24 PM
أخي الحبيب أحمد السكندري،، أوصيك بمزيد البحث والتأمُّل في كتب العربية وتاريخ التدوين وميّز بين المدلول اللغوي والمدلول الاصطلاحي ولا تضرب الاستعمالات ببعضها ببعض ولا تحاكم بعضها إلى بعض .. واترك الاعتداد واسلك سبيل الرشاد سبيل الأئمّة الأعلام الأنجاد .. والله أسأل أن يوفّقنا وإيّاك إلى ما يحبه ويرضاه. والسلام.

أحمد السكندرى
2012-11-08, 10:16 AM
أخي الحبيب أحمد السكندري،، أوصيك بمزيد البحث والتأمُّل في كتب العربية وتاريخ التدوين وميّز بين المدلول اللغوي والمدلول الاصطلاحي ولا تضرب الاستعمالات ببعضها ببعض ولا تحاكم بعضها إلى بعض .. واترك الاعتداد واسلك سبيل الرشاد سبيل الأئمّة الأعلام الأنجاد .. والله أسأل أن يوفّقنا وإيّاك إلى ما يحبه ويرضاه. والسلام.

أستاذنا الحبيب ... نصيحتك في العين والرأس ...
ولكن حضرتك أعلمتني أنني مخطىء ولم أتبين ما هو خطئي !!

وقد بحثت ثم بحثت فوجدت الآتي :

قال بدر الدين العيني في "عمدة القاري" : " فأمر زيد بن ثابت وعبد الرحمن بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف... الحديث : والمصاحف : جمع مصحف والمصحف الكراسة وحقيقتها مجمع الصحف " .
وفي مسند أحمد (1/201) : ... ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه قالوا نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا كائن في ذلك ما هو كائن فلما جاءوه وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم قالت فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب ..." (اسناده حسن) .

وبالطبع الأساقفة لم ينشروا القرآن الكريم ، بل نشروا مصاحفهم أي كتبهم .

للفائدة :

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=120701

أشرف بن محمد
2012-11-08, 02:00 PM
أخي الحبيب أحمد السكندري وفقه الله ونفع به
كي لا يطول المقام أكثر من هذا وأنا لا أحب تطويل العبارة إلا إذا اضطررت لذلك
أسألك سؤالا
حديث ابن عمر رضي الله عنها في "الصحيحين": (نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُسافَر بالقرآن إلى أرض العدو).
ما المقصود بقوله: (بالقرآن) ؟

أحمد السكندرى
2012-11-08, 06:10 PM
أخي الحبيب أحمد السكندري وفقه الله ونفع به
كي لا يطول المقام أكثر من هذا وأنا لا أحب تطويل العبارة إلا إذا اضطررت لذلك
أسألك سؤالا
حديث ابن عمر رضي الله عنها في "الصحيحين": (نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُسافَر بالقرآن إلى أرض العدو).
ما المقصود بقوله: (بالقرآن) ؟

أستاذنا الحبيب ... هذا هو السؤال الذي انتظرته من حضرتك ، فهو سؤال متوقع ...
المقصود بالقرآن هنا في هذا الحديث هو كل الورق أو الصحف المكتوب بها آيات قرآنية سواء كان القرآن الكريم كله (مثل : المصحف) أو بعض آياته (مثل : صحيفة أو عدة صحف) .

للفائدة ، طالع هذا الرابط :
http://m.attyyar.net/viewarticle.php?artid=324

ملحوظة : مازالت قاعدتي : لا يصح حديث فيه تلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بلفظة "المصحف " ، لم تنقض بعد .

أشرف بن محمد
2012-11-08, 09:27 PM
أخي الحبيب أحمد السكندري نفع الله به وسدّده
حديث ابن عمر رضي الله عنها في "الصحيحين": (نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُسافَر بالقرآن..)
النهي هنا متوجِّه لِمَن أصالةً؟
فإنْ كان للصحابة رضي الله عنهم (وفي صحيح مسلم: لا تسافروا بالقرآن)؛ فهل جُمع القرآن الكريم في عهد النبي (ص) في مصحف أو مجلد واحد بحيث يسهل السفر به ومن ثَمّ يقع النهي؟ فإنْ قلت: لم يُجمع؛ فيقال إذن: إنْ صحّ تأويل قوله (ص) "بالقرآن" على المصحف؛ فهل يُحمَل هذا على اللغوي أم الاصطلاحي؟ فإنْ قلت: اللغوي، انقطعت، وإنْ قلت: الاصطلاحي؟ فكيف؟
وخبر: "مصحفا ورّثه" هل المصحف هنا مدلوله لغوي أم اصطلاحي وأيهما أوسع دلالة؟
فإنْ قلت: اللغوي أوسع دلالة.. ولكن المصحف هنا مدلوله اصطلاحي؛ فالسؤال: إنْ قيل: هذا تحكُّم وتزيُّد؛ فكيف تجيب؟
وفي خبر أحمد: "نشروا مصاحفهم" كيف توفّق بين قبولك تفسير المصاحف هنا بالكتب، وبين إنكارك لفظ: "مصحفا ورثه" لأنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مصاحف - وقد أكّدت أنّ مدلول لفظ "مصحفا" هنا اصطلاحي ولذلك استنكرت اللفظة -؟ فإنْ قيل لك: ترك الاطراد هنا علامة الاضطراب.. ومدلول لفظ: "مصحفا ورثه" هنا لغوي - أصالةً - وهو الأوجه وما يتفق مع لغة العرب، وهو ما يطرد كذلك مع تفسيرك مصاحفهم بكتبهم .. فكيف تجيب؟
ثم إنْ قيل لك في قولك: "قاعدتي": قد تحفّظ الأئمّة الكبار في الدعاوى، فيقول ابن المنذر مثلا: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم"
ويقول ابن حجر مثلا فيما لم يجده: "لم أجده" وما لم يقف عليه: "لم أقف عليه"، وإنْ قيل لك كذلك: نفي الصحة الوارد في كلامك هل هو مطلق أم نسبي؟ فإنْ كان مطلقا فهل تقوى على التدليل؟ وإن كان نسبيا - يعني بالنسبة لعلمك القاصر - فلِمَ الإطلاق؟
هذا ما حضرني

أشرف بن محمد
2012-11-09, 03:55 PM
وحديث ابن عمر المتفق عليه والمتقدّم ذكره آنفا، أخرجه أحمد والبخاري في "خلق أفعال العباد" وابن أبي داود في "المصاحف" من طريق محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُسافَر بالمصحف إلى أرض العدو). قال أبو عبد الله - أي: البخاري - : وتابعه - يعني: ابنَ إسحاق - ، محمدُ بنُ بِشر، عن عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.اهـ. وللحديث طرق أخرى من غير طريق ابن إسحاق بلفظ: "بالمصحف" و "بالمصاحف" أخرجها ابن أبي داود في "المصاحف" ..

وقد قدَّمت في المشاركة رقم (8) من هذا الموضوع أنّ البخاريّ بوّب على حديث ابن عمر بقوله: (باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو).
وقد قدّمت أيضًا في موضوع مستقل بعنوان: (فائدة): تراجم البخاري دالَّة على سعة اطِّلاعه.
http://majles.alukah.net/showthread.php?3808-(%D9%81%D8%A7%D8%A6%D8%AF%D8%A 9)-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AE%D8%A7 %D8%B1%D9%8A-%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%91%D9%8E %D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B3%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D8%B7%D9%91%D9%90%D9%84 %D8%A7%D8%B9%D9%87
قول الحافظ ابن حجر في الفتح: (قد وضح لنا بالاستقراء أنّ جميع ما يقع في تراجم البخاري مما يُترجَم بلفظ الحديث، لا يقع فيه شيء مغايِر للفظ الحديث الذي يُورِدُه إلّا وقد وَرَدَ من وجه آخر بذلك اللفظ المغايِر؛ فلله درّه ما أكثر اطِّلاعه!).

أشرف بن محمد
2012-11-09, 04:11 PM
قال أبو عبد الله الحاكم في "علوم الحديث": (قول الصحابي "مِن السُّنَّةِ كذا" إذا قاله الصحابي المعروف بالصُّحبة فهو حديث مُسنَد). أي: مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قال العراقيُّ في "ألفيّته": "... وهو قول الأكثر". وذكر النووي في "المجموع" أنه مذهب الجماهير..

أبو زُرعة الرازي
2012-11-09, 11:00 PM
بارك الله تعالى في شيخنا أشرف بن محمد - وفقه الله - .
وفي أخي الحبيب أحمد السكندري - وفقه الله - على هذه الفوائد الطيبة نفعنا الله بعلمكم .

أحمد السكندرى
2012-11-11, 01:17 AM
أخي الحبيب أحمد السكندري نفع الله به وسدّده
حديث ابن عمر رضي الله عنها في "الصحيحين": (نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُسافَر بالقرآن..)
النهي هنا متوجِّه لِمَن أصالةً؟
فإنْ كان للصحابة رضي الله عنهم (وفي صحيح مسلم: لا تسافروا بالقرآن)؛ فهل جُمع القرآن الكريم في عهد النبي في مصحف أو مجلد واحد بحيث يسهل السفر به ومن ثَمّ يقع النهي؟ فإنْ قلت: لم يُجمع؛ فيقال إذن: إنْ صحّ تأويل قوله "بالقرآن" على المصحف؛ فهل يُحمَل هذا على اللغوي أم الاصطلاحي؟ فإنْ قلت: اللغوي، انقطعت، وإنْ قلت: الاصطلاحي؟ فكيف؟

أستاذنا الحبيب ...لقد قلت مسبقا :( أنا لم استنكر هذه اللفظة ، بمعنى أنني أقول بأنها لفظة مولدة حادثة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم . انما قصدت أن لفظة المصحف ، لم تستعمل كاشارة الى القرآن الكريم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ...فقصدي أنه لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مصاحف قرآنية ، ولم يكن لفظ "المصحف" يعبر به عن القرآن الكريم ) .

بالنسبة لحديث : "لا يسافر بالقرآن" ، قلت في المشاركة الأخيرة لي : ( المقصود بالقرآن هنا في هذا الحديث هو كل الورق أو الصحف المكتوب بها آيات قرآنية سواء كان القرآن الكريم كله (مثل : المصحف) أو بعض آياته (مثل : صحيفة أو عدة صحف) .

أضيف أيضا :
لأن علة النهي عن السفر بالقرآن الى أرض العدو ، هو صيانته لئلا يمتهن ، والامتهان يحصل بورقة واحدة ، ويحصل أيضا بالمصحف كاملا ... فلا يصح الاستدلال بهذا الحديث على لفظة (المصحف) تحديدا فقط ، بل يستدل به على مكتوب القرآن عموما ومنه المصحف .

فان قيل لي : هل يجوز السفر الى أرض العدو بورقة واحدة مكتوب بها آيات قرآنية ؟ فهل يجوز أن أستدل بهذا الحديث أم لا من وجهة نظرك ؟


وخبر: "مصحفا ورّثه" هل المصحف هنا مدلوله لغوي أم اصطلاحي وأيهما أوسع دلالة؟ فإنْ قلت: اللغوي أوسع دلالة.. ولكن المصحف هنا مدلوله اصطلاحي؛ فالسؤال: إنْ قيل: هذا تحكُّم وتزيُّد؛ فكيف تجيب؟

حوارنا في الأساس :
هل تلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بلفظة (المصحف) وأراد بها القرآن الكريم أم لا ؟
فسواء كان اللغوي أو الاصطلاحي ، فكلاهما لم يتلفظ به النبي صلى الله عليه وسلم في حدود علمي ، لذا لست محتاجا الى تأويل خبر : " مصحفا ورثه " ، لأن التأويل فرع عن التصحيح ...

لذا حضرتك يمكنك أن تخبرني : هل تقصد من تأويلك لخبر : "مصحفا ورثه" أنه القرآن الكريم أم كتاب فقط ؟


وفي خبر أحمد: "نشروا مصاحفهم" كيف توفّق بين قبولك تفسير المصاحف هنا بالكتب ، وبين إنكارك لفظ: "مصحفا ورثه" لأنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مصاحف - وقد أكّدت أنّ مدلول لفظ "مصحفا" هنا اصطلاحي ولذلك استنكرت اللفظة -؟

- أنا لم أنكر وجود مصاحف على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، انما أنكرت وجود مصاحف قرآنية ، وبناءا عليه لم يتلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بلفظة (المصحف) وأراد به (القرآن الكريم) .

- كان بالفعل موجود مصاحف لأهل الكتاب ، ولغيرهم مكتوب فيه أناجيلهم وعلومهم .


فإنْ قيل لك: ترك الاطراد هنا علامة الاضطراب.. ومدلول لفظ: "مصحفا ورثه" هنا لغوي - أصالةً - وهو الأوجه وما يتفق مع لغة العرب، وهو ما يطرد كذلك مع تفسيرك مصاحفهم بكتبهم .. فكيف تجيب؟

لا يوجد اضطراب في كلامي ، فكلامي واضح ، محدد النقاط ، فأن قصدت ب"مصحفا ورثه" أي كتاب ، فالخبر لا يصح ، وان قصدت "مصاحفهم" أنه القرآن ، قلنا : أنه كتب أهل الكتاب ... وفي كلا الحالتين ، لم يتلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بلفظة (المصحف) ... وهذا ما أردنا بيانه ...
وقد قلت مسبقا : ( الخلاصة : ليس كل مصحف قرآن كريم ، وليس كل قرآن مصحف . وقد غلب اطلاق "المصاحف" على القرآن الكريم بعد جمعها في مصحف واحد على عهد الخليفة الراشد ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه ) .


ثم إنْ قيل لك في قولك: "قاعدتي": قد تحفّظ الأئمّة الكبار في الدعاوى، فيقول ابن المنذر مثلا: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم" ويقول ابن حجر مثلا فيما لم يجده: "لم أجده" وما لم يقف عليه: "لم أقف عليه"، وإنْ قيل لك كذلك: نفي الصحة الوارد في كلامك هل هو مطلق أم نسبي؟ فإنْ كان مطلقا
فهل تقوى على التدليل؟ وإن كان نسبيا - يعني بالنسبة لعلمك القاصر - فلِمَ الإطلاق؟



قلت مسبقا :
( ولا يمنع أن تكون القاعدة : لا يصح حديث في ... الا حديث كذا وكذا ...
وهذه قواعد كلية لتيسير معرفة الصحيح والضعيف في الباب كله ، وهي ليست قواعد جامدة ، بل هي قواعد مرنة تقبل كل أحاديث مستثناة ، فأنت تعلم أن لكل قاعدة استثناءتها .
وأنني مستعد لقبول الحق مهما كان وحيثما كان ، فتفضل بابطال هذه القاعدة ، باثبات صحة حديث فيه لفظ المصحف ، وقد تلفظ به النبي صلى الله عليه وسلم ...) .

فتفضل بابطالها مشكورا غير مأمور ، والا يظل الأمر كما قلنا مسبقا !!

ملخص (هام) :
- ليس كل مصحف قرآن ، وليس كل قرآن مصحف ، فالقرآن عام من جهة المقروء فيشمل قليله وكثيره ، والمصحف عام من جهة المحل ، فيشمل القرآن وسائر الكتب .
- حديث : " لا يسافر بالقرآن" ، المقصود منه مكتوب القرآن عموما ، ومنه المصحف .
- خبر : " مصحفا ورثه " لا يصح ، والتأويل فرع عن التصحيح .
- خبر : "ونشروا مصاحفهم" ، المقصود منه كتبهم ، وهي موجودة فعلا بين أيديهم .
- لا يصح حديث فيه تلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بلفظة (المصحف) .


قال أبو عبد الله الحاكم في "علوم الحديث": (قول الصحابي "مِن السُّنَّةِ كذا" إذا قاله الصحابي المعروف بالصُّحبة فهو حديث مُسنَد). أي: مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قال العراقيُّ في "ألفيّته": "... وهو قول الأكثر". وذكر النووي في "المجموع" أنه مذهب الجماهير..

حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما :
وقد رواه عنه كلا من :
1- عبد الله بن دينار : أخرجه أبو بكر بن أبي داود في "المصاحف" : حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا الهيثم ، حدثنا إبراهيم ، وحجاج ، قالا : حدثنا عبد العزيز بن مسلم ، حدثنا عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو ، مخافة أن يناله العدو " ، وقال الهيثم : " مخافة أن ينالوه " حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، حدثنا سليمان بن حرب ، أخبرنا عبد العزيز القسملي ، بهذا . قلت : ولم أجده بأصح من هذا ، وهذا اسناد صحيح .

2- نافع المدني : فرواه عن نافع كلا من :

بلفظ (القرآن) :
1- مالك بن أنس .
2- أيوب السختياني .
3- يحيى بن سعيد الأنصاري .
4- عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب (وهو ضعيف) .
5- الضحاك بن عثمان الحزامي .
6- أبو إسحاق السبيعي .
7- عبيد الله بن عمر العدوي (من رواية يحيى بن سعيد القطان وعلي بن مسهر وأبو أسامة وعبد الوهاب الثقفي عنه ) .
8- موسى بن عقبة .
9- الليث بن سعد .
10- المغيرة بن زياد البجلي (صدوق حسن الحديث ، وقد وافق الثقات هنا) .
11- محمد بن إسحاق (من رواية محمد بن سلمة عنه ، ابن أبي داود في المصاحف)
12- ليث بن أبي سليم (وهو ضعيف) .
13- عمر بن نافع (ابنه) .
14- حجاج بن أرطأة (وهو ضعيف لأنه لم يصرح بالسماع) .
15- جويرية بن أسماء الضبعي .

بلفظ (المصحف) :
1- محمد بن إسحاق (من رواية أحمد بن خالد الوهبي عنه ، البخاري في خلق الأفعال)
2- عبيد الله بن عمر العدوي (من رواية إسحاق بن سليمان ، ومحمد بن بشر عنه ) .

بلفظ (المصاحف) :
1- الهجري (وهو ضعيف) .
2- عبيد الله بن عمر العدوي (من رواية وكيع ، وعمر بن علي المقدمي عنه) .

الدراسة :
تبين لنا أن عبيد الله بن عمر العدوي قد روى هذا الحديث بثلاثة ألفاظ :

القرآن : ورواه عنه يحيى بن سعيد القطان ، وعلي بن مسهر ، وأبو أسامة حماد بن أسامة ، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي .

المصحف : ورواه عنه كلا من إسحاق بن سليمان ، ومحمد بن بشر .

المصاحف : وراه عنه كلا من وكيع ، وعمر بن علي المقدمي .

الترجيح :
تبين لنا أن اللفظ الذي تلفظ به الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هو لفظ "القرآن" للأسباب الآتية :
- أنها رواية عبد الله بن دينار عن ابن عمر .
- أنها رواية جمهور الرواة عن نافع ، ومنهم عبيد الله بن عمر العدوي نفسه .
- أنها رواية أكثر تلاميذ عبيد الله بن عمر العدوي عنه .

أما رواية (المصحف) و (المصاحف) ، فالراجح أنها من رواية التابعي عبيد الله بن عمر العدوي بالمعنى ، ومن الواضح أن الألفاظ الثلاثة رويت في ثلاثة مجالس مختلفة أو أكثر ، لاختلاف الرواة عنه في كل "لفظة" !!

-------------

أستاذنا الحبيب نحن لم ننكر أن لفظة (المصحف) أن يتلفظ بها صحابي أو تابعي ، فقد شاعت بعد جمع الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه القرآن في المصحف .

وبها وصف الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه وجه النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه ، كما في الحديث المتفق عليه : " ... فكشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف ... " .

انما أنكرنا أن تكون لفظة (المصحف) تلفظ بها النبي صلى الله عليه وسلم وأراد بها القرآن ، ومع ذلك فنحن مستعدون للتنازل عن هذا ، اذا وجدنا حديث صحيح بهذا ، لأننا ندور مع الحق حيثما دار ... وجزاكم الله خيرا ...

أشرف بن محمد
2012-11-11, 12:37 PM
أخي الحبيب أحمد السكندري، سدّده الله..
للأسف أنت تعيد إنتاج المغالطات، وأنا لن أعيد إنتاج الإلزامات..
أنت تنطلق من قاعدة وصورة ذهنيّة راسخة، تصوّرْت بها الأمور على غير ما هي عليه، ثم هرولت إلى تسويد الصفحات..
اعلم أنّك لو سوّدت مئة صحيفة أو يزيد في تحرير هذه المسألة أو غيرها، وقد انطلقت من نقطة تصوُّر غير دقيقة، أو نقطة بحث غير صحيحة؛ فلن تجني سوى المغالطات والأُغلوطات والاضطرابات.. ولو سلكت الجادّة: لفعلتَ وفعلت، ومنه ما قد ذكرتُ، ومن ذلك كذلك: ردّ المشتبهات إلى المحكمات، والتمييز بين الاختلافات المتضادّات، والتأليف بين المتشابهات المتنوِّعات.. لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم ولكنّ الله ألّف بينهم .. إنّما التوفيق من الله، نسأل الله أنْ يوفّقنا إلى ما يُحبّه ويرضاه..

أَعَاذِلُ مَا أَدْنَى الرَّشَادَ مِنَ الفَتَى * وأَبْعَدَهُ مِنْهُ إِذَا لَمْ يُسَدَّدِ
وبإذن الله أكتفي بهذا القدْر؛ فهو للمتبصّر غُنية، وللمحقّق كفاية، وأسأل الله أن ينفع به، وأنْ يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان فيه من خطأ فمنِّي ومن الشيطان الرجيم، وأستغفر الله التوّاب الرحيم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحمد السكندرى
2012-11-11, 05:14 PM
أستاذنا الحبيب ... تقول حضرتك :

( للأسف أنت تعيد إنتاج المغالطات ، وأنا لن أعيد إنتاج الإلزامات..

فأقول : للأسف هذه الالزامات لا تلزمني بشيء لأنها ببساطة خارجة عن ما قررته من نقاط واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ...


أنت تنطلق من قاعدة وصورة ذهنيّة راسخة، تصوّرْت بها الأمور على غير ما هي عليه، ثم هرولت إلى تسويد الصفحات.. اعلم أنّك لو سوّدت مئة صحيفة أو يزيد في تحرير هذه المسألة أو غيرها، وقد انطلقت من نقطة تصوُّر غير دقيقة، أو نقطة بحث غير صحيحة؛ فلن تجني سوى المغالطات والأُغلوطات والاضطرابات..

بالعكس تماما... فأنا أنطلق من بحث محوري ، ووصلت من خلاله الى نتائج مرضية - بالنسبة لي على الأقل - ، وأنا أعرضها ولا أفرضها :

النتيجة الأولى : ( ليس كل مصحف قرآن ، وليس كل قرآن مصحف ، فالقرآن عام من جهة المقروء فيشمل قليله وكثيره ، والمصحف عام من جهة المحل ، فيشمل القرآن وسائر الكتب ) .

النتيجة الثانية : ( لا يصح حديث في تلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بلفظة "المصحف" وأراد به مصاحف قرآنية ) .

أما حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : (لا يسافر بالقرآن) ، الذي أردت أن توضح من خلاله تلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ (المصحف) ، فقد تبين لنا بالسبر والتتبع الدقيق ، بعد النظر في نحو مائة طريق ووجه ، أعتبرنا منه ما كان اسناده نظيفا الى ما ذكرنا من الرجال ، وأضربنا صفحا عن روايات المتروكين والكذابين .أن رواية (المصحف) و(المصاحف) هي رواية بالمعنى ، وأن جمهور الرواة قد رووها بلفظ (القرآن) .


ولو سلكت الجادّة: لفعلتَ وفعلت، ومنه ما قد ذكرتُ، ومن ذلك كذلك: ردّ المشتبهات إلى المحكمات، والتمييز بين الاختلافات المتضادّات، والتأليف بين المتشابهات المتنوِّعات..

حضرتك لم تذكر محكما واحدا يعول عليه حتى يرد المشتبه اليه !! ولو ذكرت فدلني عليه !!
بالنسبة لي ، فلا يوجد متضادات ولا مشتبهات ، لأن الأمر واضح عندي لا لبس فيه منذ البداية !!

وجزاكم الله خيرا ، وبارك فيك وفي علمك ...

خالد الشافعي
2012-11-11, 08:11 PM
شكرا لكم جميعا .
لكن الحديث على فرض ضعفه فمعناه صحيح لا غبار عليه ، لأن جميع الأشياء التي ذكرت تدخل في باب الصدقة الجارية التي لا تنقطع .
قال الإمام ابن حبان رحمه الله في صحيحه :
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعِلْمَ مِنْ خَيْرِ مَا يَخْلُفُ الْمَرْءَ بَعْدَهُ
93 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ هُوَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «خَيْرُ مَا يَخْلُفُ الرَّجُلَ بَعْدَهُ ثَلَاثٌ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، وَصَدَقَةٌ تَجْرِي يَبْلُغُهُ أَجْرُهَا، وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ».


قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ < أي ابن حبان > : قَدْ بَقِيَ مِنْ هَذَا النوعِ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ حَدِيثٍ بَدَّدْنَاهَا فِي سَائِرِ الْأَنْوَاعِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، لِأَنَّ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ بِهَا أَشْبَهُ .

حسن المطروشى الاثرى
2012-11-11, 10:05 PM
احمد الله إليكم

والصلاة والسلام على أفضل البشر

فأجد ان كلام الشيخ الفاضل أشرف بن محمد هو الحق إن شا الله تعالى ( لغويا واصطلاحيا )

وعلى الكلام على المصحف فقد ورد حديث بسند صحيح صححه جمع منهم الالباني رحمهم الله

اجر القراءة من المصحف وان شا الله وفيه ذكر ( المصحف ) ومدلولها اللغوي .

اما عن الحديث فتكلم فيه جمع من العلماء المحققين

وعلى فرض ضعفه فهو كما قال الشيخ الشافعي حفظه الله

والحديث على أقل أحواله يستنأنس به ويستشهد به لكثرة طرقه واقل أحواله ان يكون ( حسنا )

والله أعلم .

أحمد السكندرى
2012-11-11, 11:07 PM
قال الإمام ابن حبان رحمه الله في صحيحه : ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعِلْمَ مِنْ خَيْرِ مَا يَخْلُفُ الْمَرْءَ بَعْدَهُ 93 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ هُوَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «خَيْرُ مَا يَخْلُفُ الرَّجُلَ بَعْدَهُ ثَلَاثٌ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، وَصَدَقَةٌ تَجْرِي يَبْلُغُهُ أَجْرُهَا، وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ». قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ < أي ابن حبان > : قَدْ بَقِيَ مِنْ هَذَا النوعِ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ حَدِيثٍ بَدَّدْنَاهَا فِي سَائِرِ الْأَنْوَاعِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، لِأَنَّ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ بِهَا أَشْبَهُ .

لا خلاف على نشر العلم ، ووراثته ، وفي الباب حديث : " يحمل هذا العلم من خلف عدوله ، ينفي عنه تحريف المبطلين " أو كما قال صلى الله عليه وسلم .

موضوعنا يا أستاذنا الفاضل :
هل يوجد حديث صحيح في تلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ (المصحف) وأراد به القرآن الكريم ؟ فتفضل !!

أبو زُرعة الرازي
2012-11-13, 05:53 PM
بارك الله تعالى فيكم وأحسن إليكم على هذه الفوائد الطيبة .

ابوعبدالرحمن القرش
2012-11-19, 11:11 AM
جزاكم الله خيرا

أبو زُرعة الرازي
2012-11-21, 10:21 AM
الأخ الكريم أبا عبد الرحمن - وفقك الله - .
بارك الله تعالى فيك ونفع بك ، ,أجزل عليك المثوبة الحسنة .