المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال عن كتاب العَلَمُ الشامخ؟



الكاغد
2012-10-17, 02:52 PM
الأخوة الفضلاء مارأيكم بكتاب العَلَم الشامخ في تفضيل الحق على الأباء والمشايخ للعلامة:صالح المقبلي اليمني
هل من تقويم لهذا الكتاب ممن وقف عليه أوسمع لأهل العلم كلاماً حوله؟

محمود الجيزي
2012-10-19, 09:33 PM
كتب العلامة القاضي العمراني في جريدة رسالة الإسلام - السنة الثامنة - رمضان 1375هـ - العدد 2
تحت عنوان:
"الحرية الفكرية في اليمن في القرن الحادي عشر الهجري"
ما نصه:
"أنموذج من روح العلم اليمني في أواخر القرن الحادي عشر:

وهاكم أنموذجا من حركة النهضة العلمية اليمنية ذات الحرية الفكرية والاجتهاد المطلق في أواخر القرن الحادي عشر من الهجرة، وهو كتاب: ((العلم الشامخ في ايثار الحق علي تقليد الاباء والمشايخ)) للشيخ صالح المقبلي اليمني، وقد فرغ من تأليفه سنة 1088 هـ، وهو الكتاب الوحيد الذي قد أخرجته المطبعة من مؤلفات هذا العالم المستقل والمؤلف المتحرر، ولم يطبع من مؤلفاته القيمة كتاب غيره، اذا ما استثنينا تلك التعليقات المفيدة التي كان المقبلي نفسه قد علقها بقلمه علي نفس هذا الكتاب القيم وأخرجها لقراء كتابه تحت عنوان: ((الارواح النوافح علي كتاب العلم الشامخ)) وقد طبعت هذه التعليقات بجانب أصلها في مطبعة المنار الغراء بالقاهرة منذ سنين عديدة.(و العلم الشامخ) أكبر مثال لحرية عالمنا المقبلي الفكرية وشجاعته العلمية، وأنموذج لمؤلفاته القيمة التي هي أكبر مثال لنهضة العلم باليمن في أواخر القرن الحادي عشر، تلك النهضة التي قامت علي مبدأ الاجتهاد المطلق، والاستقلال في الفهم، والحرية الفكرية الحقة.
و نظرة واحدة في كتاب (العلم الشامخ) وما علق عليه مؤلفه المقبلي ترينا المقبلي مجدداً وترينا المقبلي مصلحاً وترينا المقبلي علامة مجتهداً، وتدلنا علي أن المقبلي ما كاد يتوسط في دراسته لكتب الدين حتي تنبه لما عليه أهل عصره من الجمود علي ما عليه آباؤهم وأجدادهم، وأخذهم جميع ما تركوا لهم من آراء وأقوال في كتب مخصوصة قضايا مسلمة لا يدور حولها نقاش ولا نقد ولا جدال، نتيجة للتقليد الذي أوجبوه علي أنفسهم، فكان حائلا بينهم وبين الفهم لكتاب الله تعالي، ولسنة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، لا فرق بين مذهب ومذهب، وبين قطر وآخر، يناقش مشايخه في كل ما لم يظهر له دليله حتي ولو كان امام زمانه (المتوكل علي الله اسماعيل بن القاسم) أو محقق عصره (السيد حسن بن أحمد الجلال) غير ناظر الي استهزاء المستهزئين ولا كيد الحاسدين كما هو شأن كل مجدد، وكما هي العادة عند كل مصلح، كما يراه أيضاً شديداً علي هؤلاء المقلدين صارخاً بالتبري من التقليد ومن التمذهب في غضون أبحاث الكتاب نثراً ونظماً، داعياً الي وجوب الاجتهاد علي من عرف علوم الاجتهاد المعروفة وشب عن الطوق أو شاب ناهياً عن التقليد من قد استطاع الي الاجتهاد سبيلا.
و ما يكاد القارئ لكتاب (العلم الشامخ) هذا يتوسّط في خطبة كتابه حتي يندهش كثيراً حينما يقرع سمعه اعلان المقبلي حريته الفكرية واجتهاده المطلق في أول ما تلمس يده هذا الكتاب ويفتح أول ورقة من أوراقه وفي ثاني صفحة من صفحات هذا الكتاب القيم بشجاعة أدبية وحرية فكرية لا يعهدها ذلك العصر، الجامد ولا يكاد يعرفها اذ يسمعه يقول: (هيهات لقد أعمي التعصب البصائر وأفسد التمذهب السرائر غير أني ذاهب الي ربي سيهدين). ويسمعه يقول أيضاً: (اللهم انّه لا مذهب لي الا دين الاسلام فمن شمله فهو أخي وصاحبي). ويقول أيضاً: (اني بريء من الانتساب الي امام معين يكفي أني من المسلمين فإن سئلت ولم يبق لي من الاجابة بدّ قلت مسلم مؤمن). ثم يراه يقتحم كل لجة من بحار العلوم الاسلامية العميقة ويخوض تلك البحار خوض الجسور لا الجبان الحذور ويراه قد توغل في كل مشكلة يهاب الدّخول فيها غيره من علماء ذلك العصر الذي ساد فيه الجمود. وهجم علي كل معضلة يخاف من الهجوم عليها كثير من فقهاء ذلك القرن الذي وجب فيه التقليد وعم فيه الركود وتفحص عن عقيدة كل فرقة من فرق الاسلام. واستكشف كل مذهب مشهور من مذاهب علماء الاسلام وفرق بين المحقّ والمبطل والمتعسف والمنصف وبين الشيعي والسني وبين المتكلم والسلفي وبين الاشعري والمعتزلي وبين الفقيه والصوفي وبين المحدث والجدلي وبين صاحب السنة وصاحب البدعة وبين المجتهد والمقلد وبين الدليل وشبه الدليل وهلم جرا لا يقال له قول سني أو شيعي الا وقد عرف كيفية تسننه أو تشيعه ولا يمر بقول سلفي الا وقد ظهر له وجه قوله. ولا يذكر كلاما لمتكلم الا واجتهد في الاطلاع علي غاية كلامه ومآله. ولا يمضي علي قول جدلي الا وقد اتضح له صحة مناظرته وجداله. ولا يسوق كلاماً لمعتزلي الا وقد اتضح له وجه دعواه ولا أشعري الا وقد ظهر له مفهوم كلامه وفحواه ولا يقبل رواية راو من أهل الحديث الا وقد عرف صحة ما رواه ولا يقبل رأي فقيه أستطره في كتابه الا وقد برهن الفقيه علي وجه ما رواه. ولا يعترف لصاحب السنة الا اذا قد طابق اسمه مسماه ولا يمر عليه رأي لمبتدع الا أنكر عليه هواه وكم يشن الغارة علي ما يراه في أقوال الصوفية من البدع في الدين والمخالفة لنهج سيد المرسلين وهكذا وهلم جرا.
كل ذلك استطاعه المقبلي بما أوتي من فكر ناضج وعقل راجح وملكة راسخة في العلوم واطلاع واسع في جميع المعارف وقدم ثابتة في جميع الفنون وحرية فكرية حقة واستقلال علمي تام واجتهاد مطلق لا يعرفه ذلك العصر مع بيان رائع وأسلوب ساحر وكلام جذاب لذوي العقول والالباب.
أفرأيت أيها القاريء الكريم، هذا الكتاب الذي لا ينتمي الي مذهب غير الاسلام ولا ينتسب الي فرقة من الفرق غير شريعة الاسلام ولا يعتزي الي امام من أئمة العلم غير نبي الاسلام. ولا يعتمد علي كتاب غير السنة والقرآن. أخرجه مؤلفه في عصر أوجبوا فيه التقليد وحمدوا فيه الجمود.
و ان هذا العرض الموجز لدليل كاف علي ما كنت قلته في أول مقالي هذا من أن حركة النهضة العلمية اليمنية ذات الحرية الفكرية قد سبقت غيرها في سائر أقطار العالم العربي من هذه الناحية، والان سل التاريخ واخبرني واسأل الاسفار وانبئني. سل التاريخ هل احتفظ بكتاب من كتب الدين التي ألفت في العصر العثماني يماثل كتاب (العلم الشامخ) استفلالا واجتهاداً وحرية وانصافاً، سل الاسفار التي ألفت في هذا العصر الراكد هل يوجد فيها كتاب ديني يقول مؤلفة مثلما قال مؤلف العلم الشامخ (اللهم أنه لا مذهب لي الا دين الاسلام فمن شمله فهو أخي وصاحبي) وغير ذلك مما في هذا الكتاب الجليل، لو كانت الاسفار تستطيع أن تجيب أو لو كان التاريخ يستطيع أن يتكلم لما كان الجواب الا سلبياً، ولنادي الجميع بأعلى صوت اللهم لا، اللهم لا هذا هو (العلم الشامخ في ايثار الحق علي تقليد الاباء والمشايخ).
و أظن أن الذين لم يقدروا المقبلي حق قدره لم يطلعوا علي كتاب من كتبه النافعة كهذا الكتاب الذي عرضته، والذي ما هو الا قطرة من بحر علم هذا العالم الكبير، ونور واحد من أنوار شمس حرية فكر هذا المجدد العظيم، أو لعلهم اطلعوا علي بعض من تلك الكتب النافعة، ولكنهم كانوا في نفس الوقت جامدين غافلين لم يخلعوا أغلال التقليد من أعناقهم ولا كانوا علي جانب عظيم من التسامح المذهبي.
فهذا مثال من أمثلة حركة العلوم الدينية في اليمن في أواخر القرن الحادي عشر وهي تمثل الحرية الفكرية من معني واذا لم يكن هذا اجتهاداً مطلقاً فما في الدنيا اجتهاد والمقصود هو هداية المنصف لا مجادلة المتعسف وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.

الكاغد
2012-11-01, 11:37 PM
جزيت الجنة أفدت وأجدت في النقل.