مشاهدة النسخة كاملة : الرد الوافر على من منع صلاة الجنازة في المقابر
عدلان الجزائري
2012-09-22, 01:50 PM
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
} يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون {. [آل عمران: 102].
} يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا { [النساء : 1].
} يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً {. [الأحزاب : 70، 71].
ألا وإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد r ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
أما بعــد .. فهذه أخي الكريم رسالة لطيفة تتناول بيان الحكم الشرعي لمسألة طالما اختلف فيها الإخوان وتناكرت لها القلوب عندنا في الجزائر وهذه المسألة هي صلاة الجنازة في المقبرة فالمشهور عند كثير من إخواننا حرمة ذلك ويعتبرون المخالف لهم من إخوانهم في ذلك مخالفا للسنة فينكرون عليه ويبالغون مع أن هذه المسألة الخلاف فيها قديم ولا سبيل إلى رفعه إلا أن يشاء الله تعالى والجواز مذهب أكثر أهل العلم كما نقل ابن رشد وسيأتي أيضا أن السنة والآثار تشهد لمخالفهم بالصواب ولهم بالخطأ لهذا نذكر أنفسنا وإخواننا بتقوى الله وتحري الحق وشرح الصدر لما عليه المخالف في المسائل التي يكون فيها الخلاف قديما معتبرا وسبيل الإنكار في هذه المسائل أن تقابل الحجة بالحجة والدليل بالدليل لا بالتبديع والتضليل والله هادي الخلق إلى الحق وهو حسبنا ونعم الوكيل
كان أصل هذه الرسالة تخريج الحديث الذي ورد فيه النهي عن صلاة الجنازة في المقبرة ثم شاء الله تعالى أمرا آخر فصار الحكم الفقهي المبني على هذا الحديث المخرج هو المراد بالرسالة فتتبعت شتات هذه المسألة من مظانها فكانت هذه الرسالة المتواضعة وسميتها " الرد الوافر على من منع صلاة الجنازة في المقابر" وأسأل الله تعالى أن يجعل عملي هذا صالحا ولوجهه الكريم خالصا وألا يجعل لأحد منه شيئا وأن يردنا وإخواننا إلى الحق ردا جميلا .
عدلان الجزائري
2012-09-22, 01:59 PM
سبحان الله لا ادري سبب عدم تناسق الأسطر ولم أستطع تدارك ذلك
أبو زُرعة الرازي
2012-09-22, 01:59 PM
الشيخ الموفق المٌسدد عدلان الجزائري - أيدهُ الله تعالى وسدده - .
بارك الله فيكم على هذا المبحث العلمي الرزين ، أتابعُ لأستفيد منكم شيخنا الحبيب .
ابو العبدين البصري
2012-09-22, 01:59 PM
بارك الله فيك .
واصل وصلك الله بحبله .
علماً أن التبديع والتضليل في المسائل الفقهية ليس من هدي السلف رحمهم الله تعالى .
عدلان الجزائري
2012-09-22, 02:10 PM
تخريج حديث أنس عمدة الأحاديث الناهية عن ذلك
رواه أشعث بن عبد الملك عن الحسن البصري واختلف عنه فرواه يحيى بن سعيد القطان عن أشعث بن عبد الملك عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بين القبور
أخرجه الترمذي في العلل الكبير (118) ثنا محمد بن المثنى
وأخرجه العقيلي في الضعفاء (2/ 156) ثنا محمد بن عيسى ثنا عمرو بن علي قالا ثنا يحيى بن سعيد عن أشعث به
يحيى بن سعيد هو القطان إمام الحديث والعلل والسند إليه صحيح
وتابع القطان الثقة معاذ بن معاذ ذكره الدارقطني في العلل (12/72) ولم أقف عليه مسندا
وقال البزار : قد رواه غير حفص عن أشعث عن الحسن عن النبي مرسلا ولم يذكر أنسا إلا حفص
ورواه عن أشعث حفص بن غياث واختلف عنه فرواه ابن أبي شيبة في المصنف[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1) (7666) ثنا حفص بن غياث عن أشعث عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم كره الصلاة بين القبور
وخالف ابن أبي شيبة محمد بن المثنى فرواه عن حفص بن غياث عن أشعث عن الحسن عن أنسقال : نهى رسول الله عن الصلاة بين القبور
أخرجه الترمذي في العلل الكبير(117) وأبو يعلى في المسند (2788) والبزار في المسند (6660)
وأخرجه ابن حبان في الصحيح[2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2) (1698) نا عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان أربعتهم قالوا ثنا محمد بن المثنى ثنا حفص بن غياث عن أشعث به
محمد بن المثنى هو أبو موسى الزمن الحافظ من الثقات الأثبات.
وتابع محمد بن المثنى جماعة
1/ سهل بن عثمان
أخرجه ابن حبان في الصحيح[3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3) (1698) نا عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان ثنا سهل بن عثمان العسكري ثنا حفص به.
ومن طريق ابن حبان أخرجه الضياء في مختارته (1872).
سهل بن عثمان هو أبو مسعود العسكري ثقة روى له مسلم وقال أبو حاتم صدوق والسند إليه صحيح
2/ هناد بن السري.
أخرجه ابن حبان في الصحيح (2318) نا محمد بن أحمد بن أبي عون الرياني ثنا هناد بن السري ثنا حفص بن غياث به.
هناد بن السري هو أبو السري الكوفي ثقة وثقه النسائي وقال أحمد عليكم بهناد وقال أبو حاتم صدوق والسند إليه صحيح
3/ حسين بن يزيد.
أخرجه ابن الأعرابي في معجمه (2334) نا الفضل نا حسين بن يزيد الطحان ثنا حفص به.
حسين الطحان قال أبو حاتم لين الحديث وهو هنا متابع وشيخ ابن الأعرابي هو أبو العباس الفضل بن يوسف بن يعقوب بن حمزة الجعفي القصباني أبو العباس الكوفي ذكره ابن حبان في الثقات.
4/ أبو هاشم الرفاعي
حكاه الدارقطني في العلل (12/72) ولم أقف عليها مسندا
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) و(37531)
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2) و(2315) (2322) وقد قرن رواية أبي موسى برواية سهل بن عثمان في الواضع الثلاثة فاقتضى التنبيه
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3) و(2315) (2322)
عدلان الجزائري
2012-09-22, 02:34 PM
5/ جعفر بن محمد
أخرجه ابن حبان في الصحيح (2323) نا الحسن بن علي بن هذيل القصـبي بواسط ثنا جعفر بن محمد ابن بنت إسحـاق الأزرق ثنا حفص بن غياث عن أشعث وعمران بن حدير عن الحسن عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة إلى القبور.
وأخرجه الضياء في المختارة (1871) نا أبو روح عبد المعز بن محمد بهراة أن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن أحمد الدارمي أخبرهم قراءة عليه أبنا أبو عبد الله بن أبي مسعود محمد بن عبد العزيز بن محمد الفارسي أبنا أبوبكر أحمد بن إبراهيم بن محمد بن سهل بن بشر بن عبد الجبار القارب[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1) ثنا أبو أحمد محمد بن حامد بن معمر بن عمران بن حيان السامي ثنا أبو عمرو[2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2) محمد بن مروان بن عمر بن مروان بن عنبسة بن يحيى بن سعيد بن العاص بن أمية ثنا جعفر بن محمد بن إسحاق بن يوسف الأزرق ثنا حفص بن غياث بالإسناد نفسه ولفظه " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى على الجنائز بين القبور "
أقول : قد زاد جعفر بن محمد " عمران بن حدير " في السند واختلف عنه في لفظ الحديث فقال الحسن بن علي القصبي عنه أن النبي نهى عن الصلاة إلى القبور.
وقال محمد بن مروان عنه " نهى رسول الله أن يصلى على الجنائز بين القبور "
جعفر هذا واسطي وهو حفيد إسحاق بن يوسف الأزرق ابن بنته روى عنه جماعة ابن جرير الطبري وإبراهيم بن أحمد بن مروان أبو إسحاق الواسطي وبحشل الواسطي والحسن بن علي بن هذيل القصـبي وسعيد بن أحمد أبو عثمان القارئ ومحمد بن هارون بن حميد وقاسم بن مؤمل المقري وعبد الله بن ناجية وعلي بن مبشر والحسن بن علي بن شبيب المعمري وأبو عمر محمد بن مروان بن عمر بن مروان بن عنبسة بن يحيى بن سعيد بن العاص بن أمية ولم أر له كبير رواية ولا رواية عن حفص ولم يرو له ابن حبان إلا هذا الحديث ولم يذكره في الثقات ولم يضعفه أحد فيما وقفت عليه فمثله مستور إن شاء الله تعالى
أقول : لم أر من تابعه على زيادة عمران في السند وقد اختلف عنه في لفظ الحديث وقد خالف في ذلك كل من رواه عن حفص وعندي أن هذه الرواية غير محفوظةفمثله في تأخر طبقته وعدم تبين حاله وعدم اشتهاره بالرواية عن حفص ومخالفته الجماعة في لفظ الحديث لا يقبل منه زيادته هذه فهذا الحديث مشهور عن حفص من طريق ثقات أصحابه ولم يذكر أحد منهم عمران في إسناده ولا شاركه أحد في روايته عن شيخ شيخه الحسن والله أعلم وقد ذكر ابن حبان هذا الحديث تحت قوله ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به أشعث
أقول : قول ابن حبان هذا يدل على أن من الحفاظ من زعم أن هذا الحديث من أفراد أشعث ولم أقف على ذلك لكن أراه أصاب في ذلك وقول ابن حبان مدفوع بأن أصحاب حفص الثقات المشهورين لم يذكر أحد منهم عمران فهذا ابن أبي شيبة رواه عن حفص مرسلا فما باله يعدل عن المسند لو وجد إليه سبيلا والحديث حديث شيخه حفص ثم لو كان للحافظ ابن حبان عن غير حفص إسناد إلى عمران لأبرزه وما تأخر في ذكره لدحض التفرد المزعوم فهذا القرائن مجموعة تصوب خطأ رواية جعفر ابن بنت يوسف بن إسحاق والله أعلم
وأما ذكر صلاة الجنازة في هذا الحديث فلا يرتاب في خطئه فإن من دون جعفر جماعة لم أتبينهم ثم لم يذكر أحد من أصحاب حفص ولا أشعث ذلك في هذا الحديث والله أعلم
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) في المطبوع الضراب بالضاد المعجمة
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2) في المطبوع أبو عمر بفتح العين وله رواية كثيره في تاريخ دمشق
يتبع إن شاء الله تعالى
ابو العبدين البصري
2012-09-22, 02:55 PM
يا أخي الكريم كلامك كله مبني على الاحتمال !
ثم هب أن حديث أنس لم يثبت .
وهذا مالم تثبته إلى الآن ! فانتفاء الدليل المعين لا ينفي انتفاء المدلول ولاحظ أن المانعين لم يعتمدوا على أثر أنس فقط بارك الله فيك .
عدلان الجزائري
2012-09-22, 03:12 PM
حنانيك أخي فالكلام على حديث أنس لم يتم وستعلم من أعله والكلام على أدلة الأخرى سيأتي إن شاء الله تعالى ثم لا يكون الرد بهذه الطريقة فطريقة الأيمة في التصحيح والتعليل معروفة والواجب سلوك سبيلها لا الدفع في صدر الكلام بقول كلامك كله مبني على الاحتمال فلو قيل لك وأنت لم تقل احتمالا ولا غيره لم يعدم حجة على هذا المنهج
عدلان الجزائري
2012-09-23, 01:59 PM
فالخلاصة أن خمسة محمد بن المثنى وسهل بن عثمان وهناد بن السري وحسين بن يزيد وجعفر بن محمد رووه عن حفص بن غياث عن أشعث عن الحسن عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بين القبور.
أقول :قد اختلف عن حفص في وصل هذا الحديث وإرساله فوصله عنه جماعة وأرسله عنه ابن أبي شيبة الحافظوأرى أن هذا الاختلاف على حفص هو من حفص نفسه لا ممن هو دونه وحفص كما سيأتي كان ربما وهم وقد تفرد بوصل الحديثقال البزار :وهذا الحديث قد رواه غير حفص عن أشعث عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر أنسا إلا حفص وتفرد أنس بهذا الحديث.
أقول : رواية حفص المرسلة هي الصحيحة المحفوظة فقد تابعه عليها الحفاظيحيى بن سعيد القطان إمام الحديث والعلل ومعاذ بن معاذ وهو ثقة ثبت وهي الرواية التي صححها أيمة العلل
قال الترمذي : سألت محمدا - يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال حديث الحسن عن أنس خطأ
أقول : وهذا حكم عزيز من إمام ناقد وتأمل جوابه حديث الحسن عن أنس خطأ فهذا رد على طريق عمران بن حدير وأنها خطأ أيضا والحقيقة أنه لا وجود لها في حفظ جعفر
وقال البزار : قد رواه غير حفص عن أشعث عن الحسن عن النبي مرسلا ولم يذكر أنسا إلا حفص
وقال الدارقطني في العلل (12/72) : : يرويه أشعث بن عبد الملك عن الحسن حدث به عنه حفص بن غياث واختلف عنه فرواه أبو هاشم الرفاعي وأبو موسى عن حفص بن غياث عن أشعث عن الحسن
وغيرهما يرويه عن حفص عن أشعث عن الحسن مرسلا وكذلك رواه معاذ بن معاذ عن أشعث عن الحسن مرسلا والمرسل أصح
وقال الضياء بعد إخراجه : " رجاله ثقات وإرساله أصح "
فهذا إمام العلل البخاري يحكم على الرواية الموصولة بالخطأ ويوافقه على إعلالها إمامان من أيمة العلل البزار والدارقطني وتابعهم الضياء .
عدلان الجزائري
2012-09-23, 02:04 PM
الخلاصة : المحفوظ في هذا الحديث الإرسال والوصل خطأ كما قال الإمام البخاري.
وحفص بن غياث هو أبو عمرو الكوفي قاضيها وثقه ابن معين والنسائي وقال العجلي ثقة مأمون فقيه وقال يعقوب بن شيبة ثقة ثبت إذا حدث من كتابه ويتقى بعض حفظه وقال أبو زرعة ساء حفظه بعد ما استقضي فمن روى عنه من كتابه فهو صالح وإلا فهو كذا وقال ابن المديني كان يحيى يقول حفص ثبت فقلت له إنه يهم فقال كتابه صحيح وقال أبو داود كان حفص بأخرة دخله نسيان وكان يحفظ وقال ابن حبان وقد ذكره في مشاهير الثقات وكان يهم في الأحايين وقال ابن رجب في شرح علل الترمذي (ص:297) : وأما حفص بن غياث فقد كان أحمد وغيره يتكلمون في حديثه لأن حفظه كان فيه شيء
أقول : فالرجل ثقة فقيه فاضل صحيح الكتاب لكن يتقى بعض حفظه فقد كان يهم.
عدلان الجزائري
2012-09-23, 02:23 PM
هذا البحث كتبته منذ سنوات فأحببت أن أتركه على الحال الذي كتب فإن الإنسان إذا تقدم بها السن والطلب بدت له أشياء في طريقة التأليف لكن ذاك الذي أردت والزيادات التي فيه إنما هي يسيرة وغالبها توثيق للنقول لأن بعضا كان بواسطة وآخر كان منقولا فطبع وأسأل الله التوفيق والسداد والقبول
قلت : ولعل قائلا يقول إن ابن غياث قد صحت عنه الرواية على الوجهين فقد شارك القطان وابن معاذ في الرواية المرسلة فيكون قد حفظ ما حفظوا وزاد عليهم فوصل الحديث والزيادة من الثقة مقبولة.
فالجواب : أما زيادة الثقة فلعلماء الحديث فيها خمسة أقوال ذكر الخطيب أربعة منها في كتابه الكفاية (2/245) أصحها إن شاء الله ما عليه المحققون من أهل الحديث والعلل كشعبة وأحمد وأبي زرعة وأبي حاتم والبخاري ومسلم والترمذي وغيرهم أن الزيادة لا تقبل مطلقا ولا ترد مطلقا وإنما تقبل إذا كان الزائد لها حافظا ضابطا لا يعرف بلين في حفظه ثم نتبين عدم وهمه في زيادتها في هذا الموضع على الخصوص فإن الجواد يكبو
قال السلمي في سؤالات الدارقطني (470) : وسئل (أي الدارقطني) عن الحديث إذا اختلف فيه الثقات مثل أن يروي الثوري حديثا ويخالفه فيه مالك والطريق إلى كل واحد منهما صحيح قال : ينظر ما اجتمع عليه ثقتان يحكم بصحته أو ما جاء بلفظة زائدة فتقبل تلك الزيادة من متقن ويحكم لأكثرهم حفظا وثبتا على من دونه
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى المصرية (1/409) عندما كان يتكلم عن حديث ابن عباس قال : سئل رسول الله عليه السلام عن المني يصيب الثوب ؟ قال إنما هو بمنزلة البصاق ……… الخ فإن قلت : أليس من الأصول المستقرة أن زيادة العدل مقبولة وأن الحكم لمن رفع لا لمن وقف لأنه زائد
قلت (شخ الإسلام) : هذا عندنا حق مع تكافؤ المحدثين المخبرين وتعادلهم ، وأما مع زيادة عدد من لم يزد فقد اختلف فيه أولونا وفيه نظر "
وقال العلائي في نظم الفرائد (ص209) : وأما أئمة الحديث فالمتقدمون منهم كيحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي ومن بعدهما كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وهذه الطبقة وكذلك من بعدهم كالبخاري وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين ومسلم والنسائي والترمذي وأمثالهم ثم الدارقطني والخليلي كل هؤلاء يقتضي تصرفهم في الزيادة قبولاً ورداً الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عند الواحد منهم في كل حديث ولا يحكمون في المسألة بحكم كلي يعم جميع الأحاديث وهذا هو الحق الصواب اهـ
وقال الحافظ في النزهة (ص 82) : واشتهر عن جمع من العلماء القول بزيادة الثقة مطلقا من غير تفصيل ولا يتأتى ذلك على طريقة المحدثين الذين يشترطون في الصحيح أن لا يكون شاذا ،ثم يفسرون الشذوذ بمخالفة الثقة من هو أوثق منه ،والعجب ممن أغفل ذلك منهم مع اعترافه باشتراط انتفاء الشذوذ في حد الحديث الصحيح وكذا الحسن والمنقول عن أيمة الحديث المتقدمين كعبد الرحمان بن مهدي ويحيى القطان وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم والنسائي والدارقطني وغيرهم اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة وغيرها ولا يعرف عن أحد منهم إطلاق القول قبول الزيادة اهـ
ونقل الزيلعي في نصب الراية (1/336 ـ 337) عن ابن عبد الهادي قوله " والزيادة من الثقة مقبولة "
قلنا : ليس ذلك مجمعا عليه بل فيه خلاف مشهور فمن الناس من يقبل زيادة الثقة مطلقا ومنهم من لا يقبلها والصحيح التفصيل وهو أنها تقبل في موضع دون موضعفتقبل إذا كان الراوي الذي رواها ثقة حافظا ثبتاوالذي لم يذكرها مثله أو دونهفي الثقة كما قبل الناس زيادة مالك بن أنس قوله : " من المسلمين " في صدقة الفطر واحتج بها أكثر العلماء وتقبل في موضع آخر لقرائن تخصها ومن حكم في ذلك حكما عاما فقد غلط بل كل زيادة لها حكم يخصها اهـ المراد
وقال برهان الدين البقاعي في النكت الوفية (1/426) : ثم إن ابن الصلاح خلط هنا طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظراً آخر لم يحكه وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه وذلك أنهم لا يحكمون بحكم مطرد وإنما يدورون في ذلك مع القرائن …) اهـ
هذا فيما يتعلق بزيادة الثقة.
عدلان الجزائري
2012-09-23, 02:27 PM
أما روايتنا هذه ففيها زيادةً على الزيادة اختلاف على الراوي والاختلاف عند أهل الحديث نوعان :
1/ غير قادح في صحة الرواية.
2/ قادح في صحتها.
أما الأول فله صور منها أن يروي جماعة من الرواة عن راو ثقة حديثا ويستوي الرواة عنه في الحفظ والضبط فيختلفون عليه فيرويه المختلف عنه مرة على وجه ومرة أخرى على وجه آخر وهذا لا يخلو من حالين لا ثالث لهما:
1/ أن يصح عنه الوجهان.
2/ أن يكون أحد الوجهين محفوظا والثاني غير محفوظ.
أما الوجه الأول فلا يصير إليه أهل الحديث إلا إذا كان المختلف عليه من الحفاظ الأثبات المكثرين ممن يحتمل منه تعدد الأسانيد كالزهري وشعبة والأعمش ومنصور وسفيان ونحوهم.
وأما الوجه الثاني ففيما إذا كان المختلف عليه ثقة نازلا عن درجة هؤلاء فيرجح أحد الوجهين بالقرائن.
وأما الاختلاف القادح فله صور أيضا منها أن يروي الثقات الأثبات عن راو ثقة أيضا حديثا وينفرد أحد الثقات وهو دونهم في الحفظ والثبت والاختصاص بالشيخ ونحو ذلك مما ترجح به الروايات فيرويه على وجه آخر وله حالان :
1/ ألا يشاركهم فيما رووا.
2/ أن يشاركهم فيما رووا.
أما الحالة الأولى فروايته شاذة أو منكرة لمخالفته من هو أوثق منه وأحفظ.
عدلان الجزائري
2012-09-23, 02:39 PM
وأما الحالة الثانية فهي صورتنا فحديثنا رواه يحيى بن سعيد القطان الإمام ومعاذ بن معاذ من الثقات الأثبات ورواه حفص بن غياث وهو ثقة لكن كان في حفظه لين وهو دون هؤلاء بكثير إذا انفردوا فكيف الحال إذا اجتمعوا والمختلف عليه أشعث بن عبد الملك هو أبو هانئ البصري الحمراني ثقة قال فيه ابن القطان هو عندي ثقة مأمون وقال أيضا لم أدرك أحدا من أصحابنا هو أثبت عندي من أشعث بن عبد الملك ولا أدركت أحدا من أصحاب ابن سيرين بعد ابن عون أثبت منه وقال أيضالم ألق أحدا يحدث عن الحسن أثبت من أشعث بن عبد الملك وقال البخاري كان يحيى بن سعيد وبشر بن المفضل يثبتون الأشعث الحمراني ووثقه ابن معين والنسائي وقال أبو زرعة صالح وقال أبو حاتم لا بأس به وقال ابن عدي أحاديثه عامتها مستقيمة وهو ممن يكتب حديثه ويحتج به ووثقه الدارقطني ويعقوب بن سفيان.
فهل زيادة حفص الوصل من زيادة الثقات المقبولة ؟
أقول : تقدم أن زيادة الثقة لا تقبل إلا من الحفاظ الأثبات وهذا ما عليه المحققون من أهل الحديث
قال الإمام مسلم في كتابه التمييز (ص 89) : والزيادة في الأخبار لا تقبل إلا عن الحفاظ الذين لم يعثر لهم الوهم في حفظهم
وقال الإمام الترمذي في العلل الصغير آخر الجامع : إذا زاد حافظ ممن يعتمد على حفظه قبل ذلك منه
وقال ابن عبد البر في التمهيد (3/306) : إنما تقبل الزيادة من الحافظ إذا ثبتت عنه وكان أحفظ وأتقن ممن قصر أو مثله في الحفظ كأنه حديث آخر مستأنف وأما إن كانت الزيادة من غير حافظ ولا متقن فإنها لا يلتفت إليها
أقول : وهكذا قال غيرهم
أما من كان دون هؤلاء ممن عثر له على لين في حفظه فلا تقبل منهم الزيادة بل تعتبر شاذة أو منكرة إلا إذا احتف بها من القرائن ما يدل على أنها محفوظة وهذا ما لم يوجد في حديثنا بل وجد ما يدل على خطئها وهو اضطراب حفص في الرواية فمرة وصل ومرة أرسل ومخالفة الأثبات القطان ومعاذ له فكلاهما أرسل الحديث وهذا يرجح رواية حفص المرسلة ويدل على أنه دخله وهم في الرفع ثم إن الحسن عن أنس طريق مسلوك بخلاف الإرسال فإنه يدل على إتقان وتيقظ ووكد خطأ الرواية أيضا إعلال ثلاثة من أيمة الحديث لها مما يبين أن هذا الحكم جار على أصولهم والله أعلم.
عدلان الجزائري
2012-09-23, 02:57 PM
الخلاصة
1/ زيادة الوصل (ذكر أنس) في حديثنا شاذة غير محفوظة وهو قول الإمام البخاري والبزار والدارقطني
2/ والصحيح في الحديث الإرسال وهي رواية الحفاظ وقد شاركهم فيها حفص بن غياث في رواية.
3/ أما ذكر صلاة الجنازة في متن الحديث فهو منكر لا يرتاب حديثي في ذلك والله أعلى وأعلم
يتبع إن شاء الله تعالى
عدلان الجزائري
2012-09-25, 02:09 PM
ولهذا الحديث إسناد آخر عن أنس.
أخرجه البزار في المسند (7340) قال : وجدت في كتابي عن أبي هاشم ثنا أبو معاوية عن أبي سفيان - يعني السعدي - عن ثمامة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن الصلاة بين القبور ".
وهذا منكر جدا بهذا الإسناد
أبو سفيان السعدي وهو طريف بن شهاب وقيل ابن سعد وقيل ابن سفيان ضعيف جدا متروك قال ابن المديني وابن معين وأبو داود ليس بشيء وقال أبو حاتم ضعيف الحديث ليس بالقوي وقال النسائي والدارقطني متروك وقال ابن حبان كان مغفلا يهم في الأخبار حتى يقلبها ويروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات.
أقول : يشبه أن يكون هذا الخبر من الأخبار التي قلبها فالحديث معروف من حديث أشعث عن الحسن.
يتبع
أبو زُرعة الرازي
2012-09-25, 07:49 PM
الشيخُ المُسدد عدلان الجزائري - أيدهُ الله تعالى ونفع بهِ - .
بحثكم ودراستكم غايةً في الطيبِ طيب الله أنفاسكم وجزاكم الله تعالى كُل خير على ما قدمتم .
عدلان الجزائري
2012-09-26, 02:52 AM
سددكم الله أخي الكريم أبي زرعة وزادكم توفيقا وفهما في هذا العلم المبارك
أبو زُرعة الرازي
2012-09-26, 07:55 AM
اللهم آمين شيخنا الحبيب .
ابو عبد الاله المسعودي
2012-09-27, 01:07 AM
بارك الله فيك شيخنا عدلان وزادك توفيقاً وسدادا
وحنيني إلى باب الواد والمنارة لا ينقطع
عدلان الجزائري
2012-09-27, 01:22 AM
بارك الله فيك شيخنا عدلان وزادك توفيقاً وسدادا
وحنيني إلى باب الواد والمنارة لا ينقطع
وفيكم بارك الله شيخنا وصاحبنا الكريم أبا عبد الإله وحياكم الله وبياكم وسدد على طريق الحق خطاكم وأهلا وسهلا في مجلسك العلمي المبارك فإننا اشتقنا إلى مواضيعك النافعة وتعقباتك الدقيقة
أما باب الواد فأخذت من العمر فحيهلا بك فيها جارا كريما وأما المنارة فكانت الموئل مطلع التسعينات ولها في النفس منزلة عسى أن نجتمع فيه هذه الأيام
حسن المطروشى الاثرى
2012-09-27, 09:02 AM
بارك الله فيكم
عدلان الجزائري
2012-09-27, 02:23 PM
حديث آخر عن أنس لعله سبب خطأ حفص بن غياث في الحديث الأول
رواه عاصم الأحول عن ابن سيرين عن أنس رضي الله عنه أنه كره أن يصلى على الجنازة في المقبرة .
ورواه عن عاصم جماعة
1/ سفيان بن عيينة
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/156) ثنا سفيان عن عاصم به.
سفيان هو ابن عيينة أبو محمد الكوفي شيخ الحرم الإمام الثبت الثقة أحد الرفعاء.
2/ أبو معاوية الضرير.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (37536) ثنا أبو معاوية عن عاصم به.
أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير الكوفي لا بأس به وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وزاد ابن معين لكنه يخطئ ولينه بعضهم تليينا خفيفا.
3/ محاضر بن مورع
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (3119) ثنا أبو أحمد ثنا محاضر ثنا عاصم به.
محاضر هو ابن مورع لين القول فيه بعض الأيمة وقال الحافظ: صدوق له أوهام.
والسند إليه صحيح أبو أحمد شيخ ابن المنذر هو محمد بن عبد الوهاب الفراء النيسابوري ثقة قال عنه الذهبي الحافظ العلامة وثقه مسلم
4/ علي بن مسهر 5/ وعبد الواحد بن زياد ذكره الدارقطني في العلل كما سيأتي ولم أقف عليه موصولا
عدلان الجزائري
2012-09-27, 02:29 PM
6/ حفص بن غياث
ورواه عن عاصم حفص بن غياث واختلف عنه أيضا فرواه ابن أبي شيبة في المصنف (37536) ثنا حفص[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1) عن عاصم عن ابن سيرين عن أنس أنه كره أن يصلى على الجنازة في المقبرة.
وخالف ابن أبي شيبة حسين بن يزيد فرواه عن حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم : " نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور ".
أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (2330) نا الفضل
وأخرجه الطبراني في الأوسط (5631) ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي
وأخرجه ابن نصر في الفوائد (58) ثنا أبو عبد الملك هشام بن محمد الكندي ثنا عثمان بن خرزاد ثلاثتهم قالوا ثنا حسين بن يزيد الطحان ثنا حفص بن غياث به
ومن طريق الطبراني رواه الضياء في المختارة (7/164).
حسين بن يزيد هو ابن يحيى الطحان الأنصاري أبو عبد الله وقيل أبو علي الكوفي ذكره ابن حبان في الثقات والسند إليه صحيح
قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن عاصم الأحول إلا حفص تفرد به حسين بن يزيد
أقول : مراد الطبراني ظاهر أنه لم يروه عن عاصم مرفوعا إلا حفص وقوله أيضا تفرد به حسين بن يزيد يريد أنه تفرد برفعه وهو إعلال له بذلك وإلا فقد رواه عن حفص أيضا ابن أبي شيبة موقوفا لكن لما صار مثل هذا يخفى على كثير من المعاصرين فيستدركون على الحافظ الطبراني اقتضى ذلك التتنبيه
تنبيه : وقع في مطبوع معجم ابن الأعرابي " نا الحسين بن يزيد الطحان نا جعفر عن عاصم الأحول "
أقول : لم يعلق محقق المعجم على جعفر هذا وهو عندي مصحف عن حفص فرسمهما واحد وقد روى ابن الأعرابي رواية أشعث عن الحسن المتقدمة بهذا الإسناد وسمى شيخ حسين حفصا ويعين ذلك أيضا أن هذا الحديث المرفوع من أفراد حفص عن عاصم كما نص على ذلك الطبراني
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) قرن بحفص أبا معاوية
عدلان الجزائري
2012-09-27, 02:31 PM
أقول : قد رفع حسين بن يزيد الحديث ووقفه ابن أبي شيبة وحسين هذا الذي تفرد برفع الحديث لو لم يخالف لكانت روايته غير مقبولة لضعفه فقد قال أبو حاتم لين الحديث فكيف إذا خالف حافظ أهل زمانه ابن أبي شيبة الذي قال عنه الفلاس ما رأيت أحفظ من ابن أبي شيبة وقال ابن حبان كان متقنا حافظا دينا ممن كتب وجمع وصنف وكان أحفظ أهل زمانه.
الخلاصة أن تفرد الحسين بزيادة الرفع منكر والمحفوظ عن حفص بن غياث الوقف على أنس وهو الوجه الموافق لرواية الجماعة عن عاصم
أقول : لعل هذا الخبر عن أنس سبب وهم حفص في الحديث الأول لأنه قريب من لفظه والله تعالى أعلم
يتبع إن شاء الله تعالى
ابو عبد الاله المسعودي
2012-09-29, 01:38 AM
بارك الله في شيخنا عدلان وجزاه عنا خيرا
أقول :... ويعين ذلك أيضا أن هذا الحديث المرفوع من أفراد حفص عن عاصم كما نص على ذلك الطبراني
لا ينبغي أن يُفهم من قول شيخنا المقتبس أعلاه: أنّ الرفعَ محفوظٌ عن حفص ..
لأنه قد خلص إلى أن هذا الرفع منكر، إنما تفرد به عنه حسينُ بن يزيد ..والمحفوظ عنه هو الوقف.
والمقصود من قوله هو: أن الحديث المرفوع لم يُرْوَ إلاّ عن حفص عن عاصم كما نص على ذلك الطبراني
بغض النظر هل هو محفوظ عنه أم لا.. ؟ فلا يمكن أن يكون عن جعفر عن عاصم. والله أعلم
عدلان الجزائري
2012-09-29, 01:46 AM
بارك الله في شيخنا عدلان وجزاه عنا خيرا
لا ينبغي أن يُفهم من قول شيخنا المقتبس أعلاه: أنّ الرفعَ محفوظٌ عن حفص ..
لأنه قد خلص إلى أن هذا الرفع منكر، إنما تفرد به عنه حسينُ بن يزيد ..والمحفوظ عنه هو الوقف.
والمقصود من قوله هو: أن الحديث المرفوع لم يُرْوَ إلاّ عن حفص عن عاصم كما نص على ذلك الطبراني
بغض النظر هل هو محفوظ عنه أم لا.. ؟ فلا يمكن أن يكون عن جعفر عن عاصم. والله أعلم
آمين وجزاكم الله خيرا وزادكم توفيقا وسدادا شيخنا الكريم على هذا الإيضاح
عدلان الجزائري
2012-09-29, 02:54 PM
فهؤلاء ستة ابن عيينة وأبو معاوية ومحاضر وعلي بن مسهر وعبد الواحد بن زياد وحفص بن غياث في المحفوظ عنه رووه عن عاصم الأحول عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك موقوفا
وخالف هؤلاء عبد الله بن الأجلح فرواه عن عاصم عن أنس قال : نهي عن الصلاة بين القبور.
أخرجه البزار في المسند (6487) ثنا عبد الله بن سعيد ثنا عبد الله بن الأجلح عن عاصم به
عبد الله بن الأجلح هو أبو محمد الكوفي وذكر الترمذي في العلل عن محمد وهو البخاري ليس بحديثه بأس وقال أبو حاتم والدارقطني لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن شاهين في الضعفاء وفي رواية المفضل وإسحاق الكوسج عن ابن معين عبد الله بن الأجلح ضعيف فالرجل لا ينفك عن ضعف ومن نظر في حديه وجده قد وهم في غير حديث
والسند إليه صحيح
قال الدارقطني في الغرائب أطرافه (1/ 203) : حديث " كانوا يكرهون أن يصلوا على الجنائز بين القبور "تفرد به[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1) الأجلح عن عاصم عن أنس
أقول : هذا الحديث من أفراد ابن الأجلح وقد خالف الجماعة في إسناد الحديث ومتنه فأسقط ابن سيرين ونحا بالحديث نحو الرفع في رواية البزار وأما فيما حكاه عنه الدارقطني فجعل الكراهة لعموم الصحابة
وهذه الرواية غير محفوظة أخطأ فيها ابن الأجلح على لين فيه إذ خالف من هم أحفظ منه وأثبت وأكثر وفيهم سفيان بن عيينة الإمام.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) ذكر له حديثا آخر وقال تفرد بهما والغريب أن هذا الحديث أخطأ فيه أيضا كخطئه في حديثنا سواء
عدلان الجزائري
2012-09-29, 03:04 PM
الخلاصة أن المحفوظ ما رواه ابن عيينة وأبو معاوية ومحاضر وعلي بن مسهر وعبد الواحد بن زياد وحفص بن غياث عن عاصم الأحول عن ابن سيرين عن أنس بن مالك " أنه كره أن يصلى على الجنازة في المقبرة ".
وهذا إسناد موقوف صحيح
عاصم هو ابن سليمان الأحول أبو عبد الرحمن البصري قال ابن معين كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه ويستضعفه وخالفه في ذلك غيره من الأيمة فقال ابن مهدي كان من حفاظ أصحابه وقال أحمد شيخ ثقة وقال أيضا من الحفاظ للحديث ثقة وقال المروذي سألت أبا عبد الله عن عاصم الأحول فقال ثقة فقلت إن يحيى – يعني القطان – تكلم عنه فعجب وقال ثقة ووثقه ابن معين وأبو زرعة وابن عمار والعجلي وقال رجل لابن معين قال القطان عاصم الأحول لم يكن بالحافظ فقال ابن معين عاصم الأحول ثقة وقال ابن المديني ثقة ثبت وقال أبو حاتم صالح الحديث وقال ابن عدي لم أر في حديثه منكرا ولا شيئا فيه اضطراب إلا ما ذكرته وهو عندي لا بأس به ووثقه البزار فالرجل ثقة.
وابن سيرين هو محمد أبو بكر البصري إمام وقته وثقه أحمد وابن معين والعجلي وقال ابن سعد كان ثقة مأمونا عاليا رفيعا فقيها إماما كثير العلم ورعا.
عدلان الجزائري
2012-09-29, 03:07 PM
أقول : ثم بعد هذا التخريج كله وجدت الحافظ أبا الحسن الدارقطني سئل عن حديث عاصم الأحول عن أنس : " كانوا يكرهون الصلاة على الجنائز في المقـابر"
فقال : يرويه عبد الله بن الأجلح عن عاصم الأحول عن أنس
وخالفه عبد الواحد بن زياد وعلي بن مسهر وأبو معاوية ومحاضر رووه عن عاصم الأحول عن محمد بن سيرين عن أنس أنه كره ذلك وهو الصحيح اهـ.
أقول : كلام الدارقطني هذا وقفت عليه بعد ما أكملت تخريج الحديث وليس هو في المطبوع من العلل[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1) لأنه في مسند أنس وهو لا يزال مخطوطا في ما أعلم وقد خرجته من النسخة المخطوطة أعارنيها أخونا وصاحبنا الشيخ أبو نجيد إسماعيل سيد علي شكر الله له وقد كنت قبل مترددا في هذا الحديث - ولم أقف عليه إلا في مسند البزار – أهو حديث مستقل أم هو خلاف وقع على عاصم ؟ لاختلاف لفظ الحديثين فلما وقفت عليه هناك أيقنت أن لفظ حديث عبد الله بن الأجلح عند البزار مختصر أو وقع فيه وهم وليس حديثا مغايرا لحديث الجماعة وقد زاد الدارقطني راويين خالفوا عبد الله بن الأجلح عبد الواحد بن زياد وعلي بن مسهر ولم أقف على روايتيهما ولعل الله ييسر ذلك ففرحت بذلك وحمدت الله الكريم الذي هداني لموافقة هذا الإمام في الحكم على هذا الحديث.[2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) ثم طبع باقي الكتاب وهو فيه (12/99)
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2) كتبت هذا من مدة وقبل وقوفي على كثير من الكتب الحديثية فالحمد لله على فضله وتوفيقه
يتبع إن شاء الله تعالى
عدلان الجزائري
2012-10-02, 01:58 AM
الخلاصة :
الألفاظ الواردة عن أنس ثلاثة :
1/ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بين القبور
وهذا حديث ضعيف له إسنادان :
أحدهما مرسل أرسله الحسن ولا يحفظ فيه ذكر أنس.
والثاني منكر تفرد به أبو سفيان السعدي وهو متروك
وقد تقدم أن زيادة صلاة الجنازة في هذا المتن لم ترد إلا بإسناد فيه جماعة لم أعرفهم عن جعفر بن محمد ابن بنت إسحاق الأزرق وقد روي الحديث عنه من وجه آخر موافق لرواية الجماعة عن حفص ليس فيه زيادة صلاة الجنازة
أقول : فعلى فرض أنه ثقة فقد خالف خمسة من الثقات منهم ابن أبي شيبة الإمام الحافظ الثبت ومنهم أبو موسى الزمن أحد الثقات الأثبات ثم يحتاج السند إليه إلى نظر فإني لم أعرف بعض الرواة إليه
وقد زاد في السند أيضا راويا فعلى فرض ثقته تعتبر روايته هذه عند أهل الحديث شاذة فحفص مشهور له أصحاب وحديثه مبسوط بينهم ولم يذكره أحد في الدواوين المشهورة فكيف إذا لم تعلم حاله وقد جزم البخاري بخطأ رواية الحسن عن أنس وهذا وحده يكفي في خطأ رواية جعفر
فالخلاصة أن رواية جعفر هذا منكرة غير محفوظة.
2/ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الجنازة في المقابر
ورفع هذا المتن إلى النبي منكر تفرد به حسين بن يزيد الطحان عن حفص وهو لين الحديث وقد خالف حافظ زمانه ابن أبي شيبة وقد وافق حفصا على المحفوظ عنه جماعة من الثقات
3/ والمحفوظ ما صح عن أنس موقوفا عليه " أنه كره أن يصلى على الجنازة في المقبرة ".
وقد وهم عبد الله بن الأجلح في هذا الخبر أيضا فأسقط من سنده راويا وخالف جماعة من الثقات من أصحاب عاصم في متنه منهم الإمام ابن عيينة إذ نحا به نحو الرفع والصواب وقفه كما تقدم
سبب تخريج هذا الحديث
والذي حدا بي إلى تخريج هذا الحديث كلام أحد إخواننا الأفاضل في درس له ألقاه في مسجدنا التقوى رفعه الله تعالى وأهله ذكر فيه نهي النبي صلى الله عليه عن الصلاة في المقبرة عموما ونهي النبي أيضا عن صلاة الجنازة فيها خصوصا، فراجعته في شأن صلاة الجنازة فذكر أن النهي وارد في حديث وعلمي وقتها أن العلامة الألباني رحمه الله تعالى قد تعرض لهذا في كتابه الفذ أحكام الجنائز فراجعته فوجدت الحديث فيه مصححا إلا أن الشيخ رحمه الله لم يتوسع في تخريجه ثم راجعت باقي كتبه الأخرى رجاء أن أظفر به مخرجا بأوسع من الأول فلم أظفر من ذلكم بشيء ثم إن الذي حملني على تتبع طرق الحديث والتوسع في تخريجه أن زيادة صلاة الجنائز الواردة فيه جاءت في بعض الروايات دون بعض فقذف ذلك في نفسي أن هذه الزيادة قد تكون غير محفوظة لأمرين كما مضى تفرد أصحاب الكتب التي تجمع الغريب بها وأن حكما شرعيا ترتب على ثبوتها وهو النهي عن صلاة الجنازة في المقبرة كما ذهب إلى ذلك العلامة الألباني رحمه الله تعالى فتتبعت الحديث بعد ذلك مستعينا بالله فكان ما ذكر في هذه الرسالة والحمد لله أولا وآخرا
يتبع بفقه أحاديث الباب إن شاء الله تعالى وعلى من عنده شيء أن يدلي به حتى لا نرجع إلى الكلام في هذه الأحاديث والله المسدد
أبو عبد الرحمن الجزائري
2012-10-02, 11:35 AM
جزاكم الله خيرا شيخنا
ربي يحفظك ويبارك فيك
عدلان الجزائري
2012-10-02, 01:35 PM
جزاكم الله خيرا شيخنا
ربي يحفظك ويبارك فيك
آمين وإياك أخي الكريم أبا عبد الرحمن وبارك الله في أخي حسن المطروشي على دعائه الطيب وجزى الله الإخوة جميعا خيرا
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.