أسامة خضر
2012-09-09, 03:53 PM
ما حكم بيع التصريف؟
الحمد لله؛؛؛
بيع التصريف بهذا اللفظ لا أعلمه عن السلف الصالح ومن بعدهم، ولكن العلماءَ المتأخرين اصطلحوا على أن ما باعه التاجر لصاحب المحل (الدكان) إن نفق فله ربحه، وما لم ينفق يرجع إلى التاجر، فسموا هذه المعاملة ببيع التصريف؛ يعني ما تصرف به صاحب المحل فله ربحه، وما لم يبعه أو فسد أو انتهت صلاحيته فيرد إلى التاجر.
أقول وبالله التوفيق:
هذه المعاملة فيها ربح مضمون لصاحب المحل، وربما يقع فيها ظلم للتاجر، وغرر وجهالة، هذا من السلبيات فيجعلها محظورة.
أما من الإيجابيات؛ فقد وجد التاجر من يبيع له ويصرف بضاعته بشكل واسع، وترك هذه المعاملة أو ما هو بديلٌ عنها يحدِث بين الناس المشقة والضيق في المعيشة، فيجيز التعامل بنحوها.
وبعد تقرير ذلك أرى جوازها بغير اشتراط الرد، وأن يكون عن تراضٍ إن كان هناك رد.
أو تكون المعاملة عن طريق توكيل التاجر لصاحب المحل أن يبيع البضاعة وله أجرة مقدار معين من المال.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن حكم بيع التصريف:
[ما حكم تعامل "البقالات" ونحوها مع مورِّدي بعض المواد الغذائية والجرائد، بالتصريف؛ أي يتم الحساب بقدر الكمية التي صُرِّفت وبيعت فعلاً، أو باستبدال الكمية المتبقية التي ربما انتهت مدتها من خبز وألبان وجرائد مثلاً، بمثلها جديدة؟
جرى في هذا بحث طويل خلاصته: البيع بالتصريف عقد محرم لحصول الجهالة والغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر.
أما الاستبدال فأهون؛ لأن المورِّد أبدل بضاعة بأخرى برضاه، مع بقاء ما وقع عليه العقد.
والمخرَج؛ أن يكون صاحب المحل وكيلاً للمورد في تصريف بضاعته، ويقول مثلا: كل كرتونٍ تبيعه لي فلك فيه كذا وكذا.
فسئل: لكن حينئذٍ ستتطرق الجهالة من جهة المورد، وقد يتلف بانتهاء صلاحيته؟
فأجاب: لا يضر، لأنه لو لم يتلف عند صاحب المحل تلف عنده.
فسئل: الواقع أن الموردين يجلبون البضائع للمحلات ولا يقع بينهم مشارطة على كمية معينة، ويستردون ما بقي بطيب نفس.
فأجاب: أن لم يكن شرط مسبق وعقد فلا بأس.
ثم سئل: يحصل هذا في التعامل مع محلات الأدوات الصحية ومواد السباكة، والكهربائية، فيأخذ كمية ويعيد الباقي.
فأجاب: هذه نفس مسألة التصريف، فإن رده ورضي البائع فقد أقاله، وإنما يظهر الفرق عند الخصومة والمقاضاة.
ثم سئل: ألا يمكن أن يطلب المستهلك ما يحتاجه من محلات الأدوات الصحية والكهربائية تباعاً بحيث يجري العقد لاحقاً؟
جواب: لا بأس في هذا]. ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين، مسألة (384) (18/1/1420هـ ). وانظر لقاء الباب المفتوح.
وسئل الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، عن حكم رد السلعة بعد بيعها إذا انتهت صلاحيتها وهذا نص السؤال:
[أنا صاحب متجر ويأتيني تجار بعض السلع، فإذا انتهت صلاحيتها استبدلوها بغيرها، فهل هذا من بيع التصريف، أثابكم الله؟
فقال: الجواب
إذا اشترى أحد منك سلعة، وتم البيع وانقطع خيار المجلس، فإن البيع يلزمه ويلزمك، بعد هذا لو رد إليك السلعة بعد انتهاء الصلاحية ولم يكن هذا بشرط بينكما، فجاء وقال: انتهت صلاحية السلعة، فأرجوك أن تردها لي، والتمس منك أن تردها له، فإن رضيت وكان بطيب نفس منك أن توسع عليه، وأن تقيله من البيع، فإنك تؤجر، وهذا جائز ويعتبر في حكم الإقالة، وهي مستحبة عند العلماء رحمهم الله، ويثاب البائع إذا أقال المشتري لما فيه من تنفيس كربة المسلم.
وأما لو رفضت وقلت له: لا أردها فإنه من حقك.
والسبب في هذا: أن الله عز وجل عدل بين البائع والمشتري، فإذا اشترى منك السلعة فإنه يتحمل المسئولية، فلو أن هذه السلعة بعد أن اشتراها منك أصبحت قيمتها ثلاثة أضعاف لم يأتِ إليك ولم يردها، ومن حقه أن يتمتع بهذه المنفعة وبهذا الربح والزيادة، فكما أنه يغنم فإنه يغرم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (الخراج بالضمان) فكما أنه يأخذ الربح ولا تستطيع أن تنتزع منه الربح بعد مضي العقد، كذلك ليس من حقه أن يسقط عليك الكسر، إلا إذا رضيت؛ لأنه لا يعقل أن يأخذ الربح ويجعل الخسارة على البائع فهذا ظلم، لكن لو طابت نفس البائع بذلك فإنه لا بأس به، وهو من إقالة النادم]. شرح زاد المستقنع للشنقيطي.
والله تعالى أعلم
الحمد لله؛؛؛
بيع التصريف بهذا اللفظ لا أعلمه عن السلف الصالح ومن بعدهم، ولكن العلماءَ المتأخرين اصطلحوا على أن ما باعه التاجر لصاحب المحل (الدكان) إن نفق فله ربحه، وما لم ينفق يرجع إلى التاجر، فسموا هذه المعاملة ببيع التصريف؛ يعني ما تصرف به صاحب المحل فله ربحه، وما لم يبعه أو فسد أو انتهت صلاحيته فيرد إلى التاجر.
أقول وبالله التوفيق:
هذه المعاملة فيها ربح مضمون لصاحب المحل، وربما يقع فيها ظلم للتاجر، وغرر وجهالة، هذا من السلبيات فيجعلها محظورة.
أما من الإيجابيات؛ فقد وجد التاجر من يبيع له ويصرف بضاعته بشكل واسع، وترك هذه المعاملة أو ما هو بديلٌ عنها يحدِث بين الناس المشقة والضيق في المعيشة، فيجيز التعامل بنحوها.
وبعد تقرير ذلك أرى جوازها بغير اشتراط الرد، وأن يكون عن تراضٍ إن كان هناك رد.
أو تكون المعاملة عن طريق توكيل التاجر لصاحب المحل أن يبيع البضاعة وله أجرة مقدار معين من المال.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن حكم بيع التصريف:
[ما حكم تعامل "البقالات" ونحوها مع مورِّدي بعض المواد الغذائية والجرائد، بالتصريف؛ أي يتم الحساب بقدر الكمية التي صُرِّفت وبيعت فعلاً، أو باستبدال الكمية المتبقية التي ربما انتهت مدتها من خبز وألبان وجرائد مثلاً، بمثلها جديدة؟
جرى في هذا بحث طويل خلاصته: البيع بالتصريف عقد محرم لحصول الجهالة والغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر.
أما الاستبدال فأهون؛ لأن المورِّد أبدل بضاعة بأخرى برضاه، مع بقاء ما وقع عليه العقد.
والمخرَج؛ أن يكون صاحب المحل وكيلاً للمورد في تصريف بضاعته، ويقول مثلا: كل كرتونٍ تبيعه لي فلك فيه كذا وكذا.
فسئل: لكن حينئذٍ ستتطرق الجهالة من جهة المورد، وقد يتلف بانتهاء صلاحيته؟
فأجاب: لا يضر، لأنه لو لم يتلف عند صاحب المحل تلف عنده.
فسئل: الواقع أن الموردين يجلبون البضائع للمحلات ولا يقع بينهم مشارطة على كمية معينة، ويستردون ما بقي بطيب نفس.
فأجاب: أن لم يكن شرط مسبق وعقد فلا بأس.
ثم سئل: يحصل هذا في التعامل مع محلات الأدوات الصحية ومواد السباكة، والكهربائية، فيأخذ كمية ويعيد الباقي.
فأجاب: هذه نفس مسألة التصريف، فإن رده ورضي البائع فقد أقاله، وإنما يظهر الفرق عند الخصومة والمقاضاة.
ثم سئل: ألا يمكن أن يطلب المستهلك ما يحتاجه من محلات الأدوات الصحية والكهربائية تباعاً بحيث يجري العقد لاحقاً؟
جواب: لا بأس في هذا]. ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين، مسألة (384) (18/1/1420هـ ). وانظر لقاء الباب المفتوح.
وسئل الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، عن حكم رد السلعة بعد بيعها إذا انتهت صلاحيتها وهذا نص السؤال:
[أنا صاحب متجر ويأتيني تجار بعض السلع، فإذا انتهت صلاحيتها استبدلوها بغيرها، فهل هذا من بيع التصريف، أثابكم الله؟
فقال: الجواب
إذا اشترى أحد منك سلعة، وتم البيع وانقطع خيار المجلس، فإن البيع يلزمه ويلزمك، بعد هذا لو رد إليك السلعة بعد انتهاء الصلاحية ولم يكن هذا بشرط بينكما، فجاء وقال: انتهت صلاحية السلعة، فأرجوك أن تردها لي، والتمس منك أن تردها له، فإن رضيت وكان بطيب نفس منك أن توسع عليه، وأن تقيله من البيع، فإنك تؤجر، وهذا جائز ويعتبر في حكم الإقالة، وهي مستحبة عند العلماء رحمهم الله، ويثاب البائع إذا أقال المشتري لما فيه من تنفيس كربة المسلم.
وأما لو رفضت وقلت له: لا أردها فإنه من حقك.
والسبب في هذا: أن الله عز وجل عدل بين البائع والمشتري، فإذا اشترى منك السلعة فإنه يتحمل المسئولية، فلو أن هذه السلعة بعد أن اشتراها منك أصبحت قيمتها ثلاثة أضعاف لم يأتِ إليك ولم يردها، ومن حقه أن يتمتع بهذه المنفعة وبهذا الربح والزيادة، فكما أنه يغنم فإنه يغرم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (الخراج بالضمان) فكما أنه يأخذ الربح ولا تستطيع أن تنتزع منه الربح بعد مضي العقد، كذلك ليس من حقه أن يسقط عليك الكسر، إلا إذا رضيت؛ لأنه لا يعقل أن يأخذ الربح ويجعل الخسارة على البائع فهذا ظلم، لكن لو طابت نفس البائع بذلك فإنه لا بأس به، وهو من إقالة النادم]. شرح زاد المستقنع للشنقيطي.
والله تعالى أعلم