تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أريد شرحا جيدا لهذا الكلام النفيس للإمام ابن القيم



أحمد نصيب علي
2012-09-01, 11:57 PM
يقول رحمه الله {فَفِي الْقَلْبِ شَعَثٌ، لَا يَلُمُّهُ إِلَّا الْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ. وَفِيهِ وَحْشَةٌ، لَا يُزِيلُهَا إِلَّا الْأُنْسُ بِهِ فِي خَلْوَتِهِ.
وَفِيهِ حُزْنٌ لَا يُذْهِبُهُ إِلَّا السُّرُورُ بِمَعْرِفَتِهِ وَصِدْقِ مُعَامَلَتِهِ.
وَفِيهِ قَلَقٌ لَا يُسَكِّنُهُ إِلَّا الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ، وَالْفِرَارُ مِنْهُ إِلَيْهِ.
وَفِيهِ نِيرَانُ حَسَرَاتٍ: لَا يُطْفِئُهَا إِلَّا الرِّضَا بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَقَضَائِهِ، وَمُعَانَقَةُ الصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ إِلَى وَقْتِ لِقَائِهِ.}
وجزاكم الله خيرا

جاميليا حفني
2012-11-05, 06:47 PM
السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه
الأخُ الكريمُ :
يقولُ الإمامُ ابنُ القيّم الجوزيَّةِ- رَحمَهُ اللهُ - :
إنَّ من طبيعة القلبِ تعدّدُ الأهواء ، والتنقُّل في المشاعرِ والمزاج والتوجُّه والمواقف الوجدانيّة من الأشياء والأشخاص ، فما يُحبُّه اليومَ يُبغِضُه غداً ، وما يُبغِضهُ اليوم يهواه في يومٍ آخر ؛ فالقلبُ سُمِّيَ قلباً لتقلّبه الذي لا ينتهي ... وهذا الشعثُ أو التفرّق في عواطف القلبِ ليس لهُ دواء وعلاج إلاَّ الإيمان ؛ فالإيمانُ بالله هو وحده علاجُ القلب لأنّه يجمع كلّ هذه الانفعالات الدنيويّة المتعدّدة في حزمةٍ واحدة هي حبُّ الله والإقبال على طاعته وهذا الشعورُ السّامي لا يتبدّل ولا يتغيّر بل هو علاجُ التشعُّث وتقلّب أهواء الدنيا ...
كذلك فإنّ القلبَ الإنسانيُّ فيه وحشةٌ وشعور بالغربة والوحدة لا يُزيلُها من أمور الحياةِ الدّنيا شئٌ بل يداويها الائتناسِ باللهِ في خلوة صادقةٍ حيثُ يكونُ اللهُ - سبحانه - هو الحبيبُ الذي نرتضيه وهو المُشتَكَى إليه من كل هموم الدنيا ومن كلّ ما يُحزنُ النفس أو يفزعها من أسرارٍ لا يفضِي بها المرءُ إلا إلى الخالقِ سبحانه ...
وفي القلبِ - لابُدَّ - من آثار العيش في هذه الحياة الدّنيا ومن نتائج التعرّضِ للخلقِ حزنٌ مقيمٌ يزول ويشفى حينَ يمتلئ بسعادة الوصول إلى معرفة الله وأداء حقوقه وتذوّق مذاقات رضاه ...
وفي القلبِ من أمور الدنيا وهموم المعيشة والرزق والصحّة والولد - وغير ذلك - قلقٌ يسكنُه ويعتريه ويأتيه مرارا وتكراراً لا ينجو المرءُ منه إلاَّ إذا اجتمع القلبُ وتوجّه بكلّيته إلى الله وفرَّ ممّا يخشاهُ من قضائه باللّجوء إليه هو ذاته بالمناجاة والشكوى وإظهار الحاجة إلى مساندته ...
وفي القلبِ حسراتٌ مقيمة تنتجُ من ضياعِ الأماني ومن فوات الفرص في الحياةِ ، ومن تذكّر الماضي الذي لا يعُود أبدا ... هذه الحسراتُ التي هي بمثابةِ النّار التي تنهشُ القلبَ وتنالُ من أَمْنه وسلامته وطمأنينتهِ ، وهذه النّارُ لا يُطفئِها إلاَّ الشعورُ بالرضا بقضاء الله وقدره ، واليقينُ الإيمانيّ بالحكمة الإلهية الكامنة وراء كلّ ما قُدِّرَ للإنسانِ من أقضية ، ومن ثمّ الصَّبرُ على الابتلاءِ وما يأتي به القضاء صبراً حقيقيَا موصولاً لا تتغيّرُ درجته أو مذاقه ولا يطرأُ على صاحبه الشّكُ في عواقبه المحمودة ...

محمود الجيزي
2012-11-05, 07:39 PM
جزاكم الله خيرا على هذا الإيضاح.

جاميليا حفني
2012-11-06, 07:28 PM
السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاتُه
جزانا وجزاكم طاعته ورضاه .