تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : "بال الشيطان في أذنه".. يحتمل الحقيقة والمجاز



فريد البيدق
2012-07-19, 01:31 PM
صحيح البخاري
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقِيلَ: مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ مَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ: بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ.



فتح الباري بشرح صحيح البخاريقَوْله: (فِي أُذُنه) فِي رِوَايَة جَرِير "فِي أُذُنَيْهِ" بِالتَّثْنِيَةِ . وَاخْتُلِفَ فِي بَوْل الشَّيْطَان، فَقِيلَ هُوَ عَلَى حَقِيقَته، قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَغَيْره: لَا مَانِع مِنْ ذَلِكَ؛ إِذْ لَا إِحَالَة فِيهِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الشَّيْطَان يَأْكُل وَيَشْرَب وَيَنْكِح، فَلَا مَانِع مِنْ أَنْ يَبُول.
وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَة عَنْ سَدّ الشَّيْطَان أُذُن الَّذِي يَنَام عَنْ الصَّلَاة حَتَّى لَا يَسْمَع الذِّكْر. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَان مَلَأَ سَمْعه بِالْأَبَاطِيلِ ، فَحَجَبَ سَمْعه عَنْ الذِّكْر. وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَة عَنْ اِزْدِرَاء الشَّيْطَان بِهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَان اِسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَاسْتَخَفَّ بِهِ حَتَّى اِتَّخَذَهُ كَالْكَنِيفِ الْمُعَدّ لِلْبَوْلِ؛ إِذْ مِنْ عَادَة الْمُسْتَخِفّ بِالشَّيْءِ أَنْ يَبُول عَلَيْهِ.
وَقِيلَ: هُوَ مَثَل مَضْرُوب لِلْغَافِلِ عَنْ الْقِيَام بِثِقَلِ النَّوْم كَمَنْ وَقَعَ الْبَوْل فِي أُذُنه، فَثَقَّلَ أُذُنه وَأَفْسَدَ حِسّه، وَالْعَرَب تُكَنِّي عَنْ الْفَسَاد بِالْبَوْلِ.
قَالَ الرَّاجِز:
بَالَ سُهَيْل فِي الْفَضِيخ فَفَسَد
وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنْ طُلُوعه؛ لِأَنَّهُ وَقْت إِفْسَاد الْفَضِيخ، فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْبَوْلِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: خَصَّ الْأُذُن بِالذِّكْرِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْن أَنْسَب بِالنَّوْمِ؛ إِشَارَة إِلَى ثِقَل النَّوْم، فَإِنَّ الْمَسَامِع هِيَ مَوَارِد الِانْتِبَاه. وَخَصَّ الْبَوْل لِأَنَّهُ أَسْهَل مَدْخَلًا فِي التَّجَاوِيف، وَأَسْرَع نُفُوذًا فِي الْعُرُوق، فَيُورِث الْكَسَل فِي جَمِيع الْأَعْضَاء.