تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : استعدادا لرمضان، تفضلي وانضمي



خديجة قدوتي
2012-05-24, 07:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه سلم تسليما كثيرا، وبعد..
فهذا مشروع أخوي أقترحه واسأل الله ان يجعل فيه البركة
ملخص المشروع وهدفه:
تحضير النفس والذهن لتكون قراءتنا للقرآن في رمضان قراءة أكثر وعيا وفهما وتدبرا لكتاب الله، وذلك بأن نشترك هنا في متابعة قراءة تفسير القرآن خلال الشهرين القادمين(وهي المدة المتبقية لرمضان) بمعدل نصف جزء يوميا، كل مشتركة تختار كتاب تفسير وتبدأ بقراءته من اليوم ثم تكتب لنا هنا أبرز فائدة/فوائد جذبت انتباهها أو أثرت فيها، أو كانت جديدة عليها، محتوى الفوائد: فقهية، إيمانية، عقدية، لغوية، معاني كلمات غير واضحة لأول وهلة، غير ذلك.
وبذلك نبتدئ رمضان بروح متشوقة للعيش في ظل هذا القرآن الذي قد عشنا معانيه خلال شهرين من الزمان من خلال:
1-القراءة الفردية للتفسير(وهي الأساس)
2-الفوائد المنتقاة التي تبادلناها كلٌ بأطيب ما قرأه وجناه.
وأسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان ويوفقنا لفهم كتابه والاهتداء بهديه ما بقينا.
الخطوة الأولى:
كتابة اسم التفسير الذي ستقرؤه كل منا، ثم البدء بقراءة التفسير: نصف الجزء الأول لليوم، وبعدها سنتواصل هنا بإذن الله للمتابعة سويا.
ملاحظة: لا بأس من تعدد القارئات للتفسير الواحد.

خديجة قدوتي
2012-05-25, 08:42 AM
سأبدأ أنا:
سأقرأ بإذن الله تفسير ابن كثير( وإن ضاق علي الوقت فالمصباح المنير مختصر ابن كثير للمباركفوري)

خديجة قدوتي
2012-05-25, 08:43 AM
فوائد النصف الأول من الجزء الأول من تفسير ابن كثير:
1-معنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
أي: أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي، أو يصدني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه؛ فإن الشيطان لا يكفُّه عن الإنسان إلا الله.
2-فائدة من قوله تعالى: في سورة الفاتحة: (اهدنا الصراط المستقيم) :
"إن قيل: كيف يسأل المؤمن الهداية في كل وقت من صلاة وغيرها، وهو متصف بذلك؟..
فالجواب:..لولا احتياجه ليلا ونهارًا إلى سؤال الهداية لما أرشده الله إلى ذلك؛ فإن العبد مفتقر في كل ساعة وحالة إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية، ورسوخه فيها، وتبصره، وازدياده منها، واستمراره عليها، فإن العبد لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله، فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن يمده بالمعونة والثبات والتوفيق، فالسعيد من وفقه الله تعالى لسؤاله؛ فإنه تعالى قد تكفل بإجابة الداعي إذا دعاه.
3- وصف لسورة الفاتحة في ختام تفسيرها:
"اشتملت هذه السورة الكريمة وهي سبع آيات، على حمد الله وتمجيده والثناء عليه، بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العلي ، وعلى ذكر المعاد وهو يوم الدين، وعلى إرشاده عبيده إلى سؤاله والتضرع إليه، والتبرؤ من حولهم وقوتهم، وإلى إخلاص العبادة له وتوحيده بالألوهية تبارك وتعالى، وتنزيهه أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل، وإلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو الدين القويم، وتثبيتهم عليه حتى يُفضي بهم ذلك إلى جواز الصراط الحسي يوم القيامة، المفضي بهم إلى جنات النعيم في جوار النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين.واشتم ت على الترغيب في الأعمال الصالحة، ليكونوا مع أهلها يوم القيامة، والتحذير من مسالك الباطل؛ لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة، وهم المغضوب عليهم والضالون.

أم كريم
2012-05-25, 08:50 AM
بارك الله فيك فكرة رآآائعة ما شاء الله لا قوة إلا بالله! أنا معك إن شاء الله إنتظريني سأفكر في عنوان الكتاب ثم أعود إبتسامة

أم كريم
2012-05-25, 09:50 AM
سأبدأ إن شاء الله بتفسير السعدي
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما ينفعنا
جزاك الله خيرا أختي و جعله في ميزان حسناتك

أم كريم
2012-05-25, 10:03 AM
مكتبة التفسير وعلوم القرآن
http://majles.alukah.net/showthread.php?48976-%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%B3 %D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2 %D9%86

خديجة قدوتي
2012-05-26, 06:20 AM
أهلا بك أختي أم كريم، وبارك الله فيك، سنتابع هنا قراءتنا سويا بإذن الله
بانتظار مشاركتك بعد القراءة الأولى.

خديجة قدوتي
2012-05-26, 06:27 AM
فوائد النصف الثاني من الجزء الأول(من سورة البقرة) من تفسير ابن كثير:

1-فائدة لغوية في قوله تعالى: {بين المرء وزوجه}جزء من الآية: 102
المرء عبارة عن الرجل، وتأنيثه امرأة، ويثنى كل منهما ولا يجمعان، والله أعلم.

2- { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِين َ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)
والغرض: أن الله تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولا وفعلا.
وروى أبو داود"من تشبه بقوم فهو منهم" ففيه دلالة على النهي الشديد والتهديد والوعيد، على التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم، ولباسهم وأعيادهم، وعباداتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولا نُقَرر عليها.

3- { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) }
قوله تعالى: { بِكَلِمَاتٍ } أي: بشرائع وأوامر ونواه، فإن الكلمات تطلق، ويراد بها الكلمات القدرية، كقوله تعالى عن مريم، عليها السلام،: { وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } التحريم : 12 . وتطلق ويراد بها الشرعية، كقوله تعالى: { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } الأنعام : 115 أي: كلماته الشرعية. وهي إما خبر صدق، وإما طلب عدل إن كان أمرًا أو نهيًا.

خديجة قدوتي
2012-05-26, 06:37 AM
فائدة إضافية تفيد في ضبط المتشابه:
يقول ابن كثير رحمه الله:
وقال في هذه السورة: { رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا } أي: اجعل هذه البقعة بلدًا آمنًا، وناسب هذا؛ لأنه قبل بناء الكعبة. وقال تعالى في سورة إبراهيم: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البلد آمِنًا } [ إبراهيم : 35 ] وناسب هذا هناك لأنه، والله أعلم، كأنه وقع دعاء ثانًيا بعد بناء البيت واستقرار أهله به، وبعد مولد إسحاق الذي هو أصغر سنًّا من إسماعيل بثلاث عشرة سنة.

خديجة قدوتي
2012-05-26, 05:20 PM
فوائد من النصف الأول من الجزء الثاني من سورة البقرة-تفسير ابن كثير:

1-قوله: { وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ } أي: أخرجه، وهو مُحب له، راغب فيه...، كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هُرَيرة مرفوعًا: "أفضل الصدقة أن تَصَدَّقَ وأنت صحيح شحيح، تأمل الغنى، وتخشى الفقر".

2- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ}
قال قتادة: { ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ } رحم الله هذه الأمة وأطعمهم الدية، ولم تحل لأحد قبلهم، فكان أهل التوراة إنما هو القصاص وعفو ليس بينهم أرش وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو أمروا به، وجعل لهذه الأمة القصاص والعفو والأرش.

3-قوله تعالى: { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ } أي: إنما أرْخَصَ لكم في الإفطار للمرض والسفر ونحوهما من الأعذار لإرادته بكم اليسر، وإنما أمركم بالقضاء لتكملوا عدّة شهركم.

أم كريم
2012-05-27, 11:39 AM
أهلا بك أختي أم كريم، وبارك الله فيك، سنتابع هنا قراءتنا سويا بإذن الله
بانتظار مشاركتك بعد القراءة الأولى.

قريبا إن شاء الله ^^

أم كريم
2012-05-27, 12:37 PM
هذا الموقع جميل فيه تفاسير لعدة علماء
http://www.mosshaf.com/web/

أم كريم
2012-05-27, 12:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

فوائد الحزب الأول


الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)

وكثيرا ما يجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن، لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود، والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود، وسعيه في نفع الخلق، كما أن عنوان شقاوة العبد عدم هذين الأمرين منه، فلا إخلاص ولا إحسان.



أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)

وأتى بـ "على "في هذا الموضع، الدالة على الاستعلاء، وفي الضلالة يأتي بـ "في "كما في قوله: { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ } لأن صاحب الهدى مستعل بالهدى، مرتفع به، وصاحب الضلال منغمس فيه محتَقر.


{ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ } فلم يقل "مطهرة من [ ص 47 ] العيب الفلاني "ليشمل جميع أنواع التطهير، فهن مطهرات الأخلاق، مطهرات الخلق، مطهرات اللسان، مطهرات الأبصار، فأخلاقهن، أنهن عرب متحببات إلى أزواجهن بالخلق الحسن، وحسن التبعل، والأدب القولي والفعلي، ومطهر خلقهن من الحيض والنفاس والمني، والبول والغائط، والمخاط والبصاق، والرائحة الكريهة، ومطهرات الخلق أيضا، بكمال الجمال، فليس فيهن عيب، ولا دمامة خلق، بل هن خيرات حسان، مطهرات اللسان والطرف، قاصرات طرفهن على أزواجهن، وقاصرات ألسنتهن عن كل كلام قبيح.





{ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ } وهذا يدخل فيه أشياء كثيرة، فإن الله أمرنا أن نصل ما بيننا وبينه بالإيمان به والقيام بعبوديته، وما بيننا وبين رسوله بالإيمان به ومحبته وتعزيره والقيام بحقوقه، وما بيننا وبين الوالدين والأقارب والأصحاب; وسائر الخلق بالقيام بتلك الحقوق (4) التي أمر الله أن نصلها.

{ فَأُولَئِكَ } أي: من هذه صفته { هُمُ الْخَاسِرُونَ } في الدنيا والآخرة، فحصر الخسارة فيهم; لأن خسرانهم عام في كل أحوالهم; ليس لهم نوع من الربح؛ لأن كل عمل صالح شرطه الإيمان; فمن لا إيمان له لا عمل له; وهذا الخسار هو خسار الكفر، وأما الخسار الذي قد يكون كفرا; وقد يكون معصية; وقد يكون تفريطا في ترك مستحب، المذكور في قوله تعالى: { إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ } فهذا عام لكل مخلوق; إلا من اتصف بالإيمان والعمل الصالح; والتواصي بالحق; والتواصي بالصبر; وحقيقة فوات الخير; الذي [كان] العبد بصدد تحصيله وهو تحت إمكانه.

{ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ } أي: ننزهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك، { وَنُقَدِّسُ لَكَ } يحتمل أن معناها: ونقدسك، فتكون اللام مفيدة للتخصيص والإخلاص، ويحتمل أن يكون: ونقدس لك أنفسنا، أي: [ ص 49 ] نطهرها بالأخلاق الجميلة، كمحبة الله وخشيته وتعظيمه، ونطهرها من الأخلاق الرذيلة



{ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } . نفي الخوف والحزن والفرق بينهما، أن المكروه إن كان قد مضى، أحدث الحزن، وإن كان منتظرا، أحدث الخوف، فنفاهما عمن اتبع هداه وإذا انتفيا، حصل ضدهما، وهو الأمن التام،

{ أولئك أصحاب النار } أي: الملازمون لها، ملازمة الصاحب لصاحبه، والغريم لغريمه

وأيضا فإن في قوله: { مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } إشارة إلى أنكم إن لم تؤمنوا به، عاد ذلك عليكم، بتكذيب ما معكم، لأن ما جاء به هو الذي جاء به موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء، فتكذيبكم له تكذيب لما معكم.
ثم ذكر المانع لهم من الإيمان، وهو اختيار العرض الأدنى على السعادة الأبدية، فقال: { وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا } وهو ما يحصل لهم من المناصب والمآكل، التي يتوهمون انقطاعها، إن آمنوا بالله ورسوله، فاشتروها بآيات الله واستحبوها، وآثروها.

{ وَإِنَّهَا } أي: الصلاة { لَكَبِيرَةٌ } أي: شاقة { إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ } فإنها سهلة عليهم خفيفة؛ لأن الخشوع، وخشية الله، ورجاء ما عنده يوجب له فعلها، منشرحا صدره لترقبه للثواب، وخشيته من العقاب، بخلاف من لم يكن كذلك، فإنه لا داعي له يدعوه إليها، وإذا فعلها صارت من أثقل الأشياء عليه.
والخشوع هو: خضوع القلب وطمأنينته، وسكونه لله تعالى، وانكساره بين يديه، ذلا وافتقارا، وإيمانا به وبلقائه.



{ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } أي: فداء

{ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ } .
وقوله: { بِغَيْرِ الْحَقِّ } زيادة شناعة، وإلا فمن المعلوم أن قتل النبي لا يكون بحق، لكن لئلا يظن جهلهم وعدم علمهم.



واعلم أن الخطاب في هذه الآيات لأمة بني إسرائيل الذين كانوا موجودين وقت نزول القرآن، وهذه الأفعال [ ص 54 ] المذكورة خوطبوا بها وهي فعل أسلافهم، ونسبت لهم لفوائد عديدة، منها…أن الخطاب لهم بأفعال غيرهم، مما يدل على أن الأمة المجتمعة على دين تتكافل وتتساعد على مصالحها، حتى كان متقدمهم ومتأخرهم في وقت واحد، وكان الحادث من بعضهم حادثا من الجميع.
لأن ما يعمله بعضهم من الخير يعود بمصلحة الجميع، وما يعمله من الشر يعود بضرر الجميع.
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)

وذلك والله أعلم - أنه لما ذكر بني إسرائيل وذمهم، وذكر معاصيهم وقبائحهم، ربما وقع في بعض النفوس أنهم كلهم يشملهم الذم، فأراد الباري تعالى أن يبين من لم يلحقه الذم منهم بوصفه، ولما كان أيضا ذكر بني إسرائيل خاصة يوهم الاختصاص بهم. ذكر تعالى حكما عاما يشمل الطوائف كلها، ليتضح الحق، ويزول التوهم والإشكال، فسبحان من أودع في كتابه ما يبهر عقول العالمين.


فقال نبي الله: { أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } فإن الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه، وهو الذي يستهزئ بالناس، وأما العاقل فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل، استهزاءه بمن هو آدمي مثله


{ قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ } أي: بالبيان الواضح، وهذا من جهلهم، وإلا فقد جاءهم بالحق أول مرة، فلو أنهم اعترضوا أي: بقرة لحصل المقصود، ولكنهم شددوا بكثرة الأسئلة فشدد الله عليهم، ولو لم يقولوا "إن شاء الله "لم يهتدوا أيضا إليها، { فَذَبَحُوهَا } أي: البقرة التي وصفت بتلك الصفات، { وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ } بسبب التعنت الذي جرى منهم.
فلما ذبحوها، قلنا لهم اضربوا القتيل ببعضها، أي: بعضو منها، إما معين، أو أي عضو منها، فليس في تعيينه فائدة، فضربوه ببعضها فأحياه الله، وأخرج ما كانوا يكتمون، فأخبر بقاتله، وكان في إحيائه وهم يشاهدون ما يدل على إحياء الله الموتى، { لعلكم تعقلون } فتنزجرون عن ما يضركم.

أم كريم
2012-05-27, 12:57 PM
سأسرع إن شاء الله في قراءة الورد المتبقي للتدارك و إن شاء الله ألتزم بحزب كل يوم^^

خديجة قدوتي
2012-05-27, 02:58 PM
يسر الله عليك وبارك في وقتك.
وجزاك الله خير الجزاء على الفوائد المنتقاة فقد استفدت منها، وأدعو أخواتي لقراءتها فهي تحوي أمورا مهمة.

خديجة قدوتي
2012-05-27, 03:09 PM
فوائد النصف الثاني من الجزء الثاني-تفسير ابن كثير:
1-عن ابن عباس: { وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ } قال: ما يفضل عن أهلك...عن الحسن: { وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ } قال: ذلك ألا تجهد مالك ثم تقعد تسأل الناس.
ويدل على ذلك ما رواه ابنُ جرير: حدثنا علي بن مسلم، حدثنا أبو عاصم، عن ابن عَجْلان، عن المَقْبُريّ، عن أبي هريرة قال: قال رجل: يا رسول الله، عندي دينار؟ قال: "أنفقه على نفسك". قال: عندي آخر؟ قال: "أنفقه على أهلك". قال: عندي آخر؟ قال: "أنفقه على ولدك". قال: عندي آخر؟ قال: "فأنت أبصَرُ".وقد رواه مسلم في صحيحه. وأخرج مسلم أيضًا عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "ابدأ بنفسك فتصدّق عليها، فإن فَضَل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا"...
وفي الحديث أيضًا: "ابن آدم، إنك إن تبذُل الفضلَ خيرٌ لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تُلام على كَفَافٍ..".(رواه مسلم)

2-{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ}
..في هذه القصة عبرة ودليل على أنه لن يغني حذر من قدر وأنه، لا ملجأ من الله إلا إليه، فإن هؤلاء فروا من الوباء طلبًا لطول الحياة فعوملوا بنقيض قصدهم وجاءهم الموت سريعًا في آن واحد...وقوله: { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أي: كما أن الحذر لا يغني من القدر كذلك الفرار من الجهاد وتجنبه لا يقرب أجلا ولا يباعده، بل الأجل المحتوم والرزق المقسوم مقدر مقنن لا يزاد فيه ولا ينقص منه.

أم كريم
2012-05-28, 10:33 AM
يسر الله عليك وبارك في وقتك.
وجزاك الله خير الجزاء على الفوائد المنتقاة فقد استفدت منها، وأدعو أخواتي لقراءتها فهي تحوي أمورا مهمة.
أحسن الله إليك و أنا أحاول الإختصار قدر الإمكان لكن في بعض الأحيان لا يمكنني إلا أن أسوق التفسير كاملا لما أجد فيه من متعة و بلاغة و جميل قول فلا تؤاخذيني^^ و أنا أيضا لي عودة إن شاء الله لمتابعة الفوائد التي جدت بها علينا بارك الله فيك و في قلمك

أم كريم
2012-05-28, 11:07 AM
فوائد الحزب الثاني

أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَه ُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (78)

فذكر في هذه الآيات علماءهم، وعوامهم، ومنافقيهم، ومن لم ينافق منهم، فالعلماء منهم متمسكون بما هم عليه من الضلال، والعوام مقلدون لهم، لا بصيرة عندهم فلا مطمع لكم في الطائفتين.
قال شيخ الإسلام لما ذكر هذه الآيات من قوله: { أَفَتَطْمَعُونَ } إلى { يَكْسِبُونَ } فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة، على ما أصله من البدع الباطلة.
وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، وهو متناول لمن ترك تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه، ومتناول لمن كتب كتابا بيده مخالفا لكتاب الله، لينال به دنيا وقال: إنه من عند الله، مثل أن يقول: هذا هو الشرع والدين، وهذا معنى الكتاب والسنة، وهذا معقول السلف والأئمة، وهذا هو أصول الدين، الذي يجب اعتقاده على الأعيان والكفاية، ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة، لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله.


وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80)
{ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا } أي بالإيمان به وبرسله وبطاعته، فهذا الوعد الموجب لنجاة صاحبه الذي لا يتغير ولا يتبدل. { أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ } ؟ فأخبر تعالى أن صدق دعواهم متوقفة على أحد هذين الأمرين اللذين لا ثالث لهما: إما أن يكونوا قد اتخذوا عند الله عهدا، فتكون دعواهم صحيحة.
وإما أن يكونوا متقولين عليه فتكون كاذبة، فيكون أبلغ لخزيهم وعذابهم
بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81)
{ وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ } …وهذا لا يكون إلا الشرك، فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته.
{ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } وقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية، وهي حجة عليهم كما ترى، فإنها ظاهرة في الشرك، وهكذا كل مبطل يحتج بآية، أو حديث صحيح على قوله الباطل فلا بد أن يكون فيما احتج به حجة عليه
{ وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا }
...وللإحسان ضدان: الإساءة، وهي أعظم جرما، وترك الإحسان بدون إساءة، وهذا محرم، لكن لا يجب أن يلحق بالأول،
وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون


{ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا } ...فيكون في ضمن ذلك النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار، ولهذا قال تعالى: { وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } .
ومن أدب الإنسان الذي أدب الله به [ ص 58 ] عباده، أن يكون الإنسان نزيها في أقواله وأفعاله، غير فاحش ولا بذيء، ولا شاتم، ولا مخاصم، بل يكون حسن الخلق، واسع الحلم، مجاملا لكل أحد، صبورا على ما يناله من أذى الخلق، امتثالا لأمر الله، ورجاء لثوابه.


{ ثُمَّ } بعد هذا الأمر لكم بهذه الأوامر الحسنة التي إذا نظر إليها البصير العاقل، عرف أن من إحسان الله على عباده أن أمرهم بها،، وتفضل بها عليهم وأخذ المواثيق عليكم { تَوَلَّيْتُمْ } على وجه الإعراض، لأن المتولي قد يتولى، وله نية رجوع إلى ما تولى عنه، وهؤلاء ليس لهم رغبة ولا رجوع في هذه الأوامر، فنعوذ بالله من الخذلان.

وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88)
فَقَلِيلًا المؤمن منهم، أو قليلا إيمانهم، وكفرهم هو الكثير.{ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *
{ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ } كما زعمتم، أنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى، وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة،

الربط بين الآيتين وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ... (102)
ولما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه، وأمكنه الانتفاع به فلم ينتفع، ابتلي بالاشتغال بما يضره، فمن ترك عبادة الرحمن، ابتلي بعبادة الأوثان، ومن ترك محبة الله وخوفه ورجاءه، ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه، ومن لم ينفق ماله في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان، ومن ترك الذل لربه، ابتلي [ ص 61 ] بالذل للعبيد، ومن ترك الحق ابتلي بالباطل.
كذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلوا الشياطين وتختلق من السحر على ملك سليمان
وَيَتَعَلَّمُون َ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ
علم السحر مضرة محضة، ليس فيه منفعة لا دينية ولا دنيوية كما يوجد بعض المنافع الدنيوية في بعض المعاصي
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا
ففيه النهي عن الجائز، إذا كان وسيلة إلى محرم، وفيه الأدب، واستعمال الألفاظ، التي لا تحتمل إلا الحسن، وعدم الفحش، وترك الألفاظ القبيحة، أو التي فيها نوع تشويش أو احتمال لأمر غير لائق، فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن فقال: { وَقُولُوا انْظُرْنَا }
مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا
... ومن تأمل ما وقع في القرآن والسنة من النسخ، عرف بذلك حكمة الله ورحمته عباده، وإيصالهم إلى مصالحهم، من حيث لا يشعرون بلطفه.
{ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ
أسئلة التعنت والاعتراض... وأما سؤال الاسترشاد والتعلم، فهذا محمود قد أمر الله به كما قال تعالى { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ }فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌفأمرهم الله بمقابلة من أساء إليهم غاية الإساءة بالعفو عنهم والصفح حتى يأتي الله بأمره.
ثم بعد ذلك، أتى الله بأمره إياهم بالجهاد، فشفى الله أنفس المؤمنين منهم، فقتلوا من قتلوا، واسترقوا من استرقوا، وأجلوا من أجلوا { إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .
{ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } فيه [ ص 64 ] إثبات الوجه لله تعالى، على الوجه اللائق به تعالى،

الربط بين الآيتين :قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ } .
فكل موقن، فقد عرف من آيات الله الباهرة، وبراهينه الظاهرة، ما حصل له به اليقين، واندفع عنه كل شك وريب.
ثم ذكر تعالى بعض آية موجزة مختصرة جامعة للآيات الدالة على صدقه صلى الله عليه وسلم وصحة ما جاء به فقال: { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } فهذا مشتمل على الآيات التي جاء بها، وهي ترجع إلى ثلاثة أمور:
الأول: في نفس إرساله، والثاني: في سيرته وهديه ودله، والثالث: في معرفة ما جاء به من القرآن والسنة.
فالأول والثاني، قد دخلا في قوله: { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ } والثالث دخل في قوله: { بِالْحَقِّ } .وبيان الأمر الأول وهو - نفس إرساله - أنه قد علم حالة أهل الأرض قبل بعثته صلى الله عليه وسلم وما كانوا عليه من عبادة الأوثان والنيران،... فمن حكمته ورحمته بعباده، أن أرسل إليهم هذا الرسول العظيم،وأما الثاني: فمن عرف النبي صلى الله عليه وسلم معرفة تامة، وعرف سيرته وهديه قبل البعثة،... ثم من بعد ذلك، قد ازدادت مكارمه... عرف أنها لا تكون إلا أخلاق الأنبياء الكاملينوأما الثالث: فهو معرفة ما جاء به صلى الله عليه وسلم من الشرع العظيم، والقرآن الكريم
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ
والتلاوة: الاتباع...
* رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ
ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "أنا دعوة أبي إبراهيم "

{ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ } إلخ دلالة على جواز إضافة الإنسان إلى نفسه الإيمان، على وجه التقييد، بل على وجوب ذلك، بخلاف قوله: "أنا مؤمن"ونحوه، فإنه لا يقال إلا مقرونا بالاستثناء بالمشيئة، لما فيه من تزكية النفس، والشهادة على نفسه بالإيمان
{ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُ مُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } .، ويلزم من المشاقة المحادة، والعداوة البليغة، التي من لوازمها، بذل ما يقدرون عليه من أذية الرسول، فلهذا وعد الله رسوله، أن يكفيه إياهم
قُلْ أَتُحَاجُّونَنَ ا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139)
فكان أهل الكتاب، يزعمون أنهم أولى بالله من المسلمين... . فإذا كان رب الجميع واحدا، ليس ربا لكم دوننا، وكل منا ومنكم له عمله، فاستوينا نحن وإياكم بذلك.. وإنما يحصل التفضيل، بإخلاص الأعمال الصالحة لله وحده، وهذه الحالة، وصف المؤمنين وحدهم... ففي هذه الآية، إرشاد لطيف لطريق المحاجة، وأن الأمور مبنية على الجمع بين المتماثلين، والفرق بين المختلفين
الربط مع الآية التي تليها أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى
وهذه دعوى أخرى منهم، ومحاجة في رسل الله، زعموا أنهم أولى بهؤلاء الرسل المذكورين من المسلمين.

خديجة قدوتي
2012-05-28, 07:58 PM
فوائد النصف1من الجزء3-تفسير ابن كثير:

1-عن أبي أمامة يرفعه قال: "اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث: سورة البقرة وآل عمران وطه" وقال هشام -وهو ابن عمار خطيب دمشق-: أما البقرة فـ { اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } وفي آل عمران: { الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } وفي طه: { وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ } [طه:111]

2- { الْحَيُّ الْقَيُّومُ } أي: الحي في نفسه الذي لا يموت أبدًا القيم لغيره ... فجميع الموجودات مفتقرة إليه وهو غني عنها ولا قوام لها بدون أمره.

3-عن محمد بن المنْكَدِر، أنه قال: التقى عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، فقال ابن عباس لابن عمرو بن العاص: أي آية في القرآن أرجى عندك؟ فقال عبد الله بن عمرو: قول الله عز وجل: { يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه } الآية -فقال ابن عباس: لكن أنا أقول: قول الله: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى } فرضي من إبراهيم قوله: { بَلَى } قال: فهذا لما يعترض في النفوس ويوسوس به الشيطان.

أم كريم
2012-05-29, 01:56 PM
فوائد من الحزب الثالث (تفسير السعدي)
{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ }
، فإن الله لا يضيع إيمانهم، لكونهم امتثلوا أمر الله وطاعة رسوله في وقتها، وطاعة الله، امتثال أمره في كل وقت، بحسب ذلك، وفي هذه الآية، دليل لمذهب أهل السنة والجماعة، أن الإيمان تدخل فيه أعمال الجوارح.

{ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ }
أي: كثرة تردده في جميع جهاته، شوقا وانتظارا لنزول الوحي باستقبال الكعبة، وقال: { وَجْهكَ } ولم يقل: "بصرك "لزيادة اهتمامه، ولأن تقليب الوجه مستلزم لتقليب البصر.

{ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } والوجه: ما أقبل من بدن الإنسان

وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ
فإن الإنسان إنما يغمه اعتراض من اعترض عليه، إذا كان الأمر مشتبها، وكان ممكنا أن يكون معه صواب. فأما إذا تيقن أن الصواب والحق مع المعترض عليه، وأن المعترض معاند، عارف ببطلان قوله، فإنه لا محل للمبالاة، بل ينتظر بالمعترض العقوبة الدنيوية والأخروية
{ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .
والأمر بالاستباق إلى الخيرات قدر زائد على الأمر بفعل الخيرات، فإن الاستباق إليها، يتضمن فعلها، وتكميلها، وإيقاعها على أكمل الأحوال، والمبادرة إليها، ومن سبق في الدنيا إلى الخيرات، فهو السابق في الآخرة إلى الجنات…) (ويستدل بهذه الآية الشريفة على الإتيان بكل فضيلة يتصف بها العمل، كالصلاة في أول وقتها، والمبادرة إلى إبراء الذمة، من الصيام، والحج، والعمرة، وإخراج الزكاة، والإتيان بسنن العبادات وآدابها، فلله ما أجمعها وأنفعها من آية".

لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
{ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } أي: من احتج منهم بحجة، هو ظالم فيها، وليس لها مستند إلا اتباع الهوى والظلم، فهذا لا سبيل إلى إقناعه والاحتجاج عليه

{ وَلأتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } ، فالله تبارك وتعالى - من رحمته - بالعباد، قد يسر لهم أسباب الهداية ... حتى إن من جملة ذلك أنه يقيض للحق، المعاندين له فيجادلون فيه، فيتضح بذلك الحق
(ما أجمل خاتمة هذه الآية و تعليق الشيخ الذي بين حكمة الله في استقبال الكعبة و معاندة الظالمين. ثم الآية التالية كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ... تذكير بالنعم السابقة)

{ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ } لأنهم كانوا قبل بعثته، في ضلال مبين، لا علم ولا عمل، فكل علم أو عمل، نالته هذه الأمة فعلى يده صلى الله عليه وسلم، وبسببه كان، فهذه النعم هي أصول النعم على الإطلاق، ولهي أكبر نعم ينعم بها على عباده، فوظيفتهم شكر الله عليها والقيام بها؛ فلهذا قال تعالى: { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ }
والذكر هو رأس الشكر، فلهذا أمر به خصوصا، ثم من بعده أمر بالشكر عموما فقال: { وَاشْكُرُوا لِي } (...)وأنه ينبغي لمن وفقوا لعلم أو عمل، أن يشكروا الله على ذلك، ليزيدهم من فضله، وليندفع عنهم الإعجاب، فيشتغلوا بالشكر.
وَلَنَبْلُوَنَّ كُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)
{ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ } أي: بشيء يسير منهما؛ لأنه لو ابتلاهم بالخوف كله، أو الجوع، لهلكوا، والمحن تمحص لا تهلك.

الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
{ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ } أي: مملوكون لله،… فقد تصرف أرحم الراحمين، بمماليكه وأموالهم ومع أننا مملوكون لله، ف{إنا إليه راجعون} يوم المعاد، فمجاز كل عامل بعمله،

{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ *
{ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ } وهم جميع الخليقة، فتقع عليهم اللعنة من جميع الخليقة، لسعيهم في غش الخلق وفساد أديانهم، وإبعادهم من رحمة الله، فجوزوا من جنس عملهم، كما أن معلم الناس الخير، يصلي الله عليه وملائكته، حتى الحوت في جوف الماء، لسعيه في مصلحة الخلق، وإصلاح أديانهم، وقربهم من رحمة الله، فجوزي من جنس عمله
{ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } وهو تعاقبهما على الدوام، إذا ذهب أحدهما، خلفه الآخر، وفي اختلافهما في الحر، والبرد، والتوسط، وفي الطول، والقصر، والتوسط،
{ تَصْرِيفِ الرِّيَاحِ } باردة وحارة، وجنوبا وشمالا وشرقا ودبورا وبين ذلك، وتارة تثير السحاب، وتارة تؤلف بينه، وتارة تلقحه، وتارة تدره، وتارة تمزقه وتزيل ضرره، وتارة تكون رحمة، وتارة ترسل بالعذاب.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ
ما أحسن اتصال هذه الآية بما قبلها، فإنه تعالى، لما بين وحدانيته وأدلتها القاطعة ، ذكر هنا أن { مِنَ النَّاسِ } مع هذا البيان التام من يتخذ من المخلوقين أندادا لله
(يمكن الربط بين"وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّار"ِ و يَا" أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) كالتالي :
"فرأس المتبوعين على الشر إبليس"، ثم يذكرنا الله بذلك في الآية الثانية)

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ
وهنا لم يقل "حلالا " (كما قال قبلها: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا )لأن المؤمن أباح الله له الطيبات من الرزق خالصة من التبعة، ولأن إيمانه يحجزه عن تناول ما ليس له.

لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ أي: ليس هذا هو البر المقصود من العباد، فيكون كثرة البحث فيه والجدال من العناء الذي ليس تحته إلا الشقاق والخلاف، وهذا نظير قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب "ونحو ذلك.
{ وَالْمَسَاكِين } وهم الذين أسكنتهم الحاجة، وأذلهم الفقر فلهم حق على الأغنياء
{ وَالسَّائِلِينَ } …أو يسأل الناس لتعمير المصالح العامة، كالمساجد، والمدارس، والقناطر، ونحو ذلك، فهذا له حق وإن كان غنيا
{ وَحِينَ الْبَأْسِ } أي: وقت القتال للأعداء المأمور بقتالهم
فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } .
{ عَلِيمٌ } بنيته (الموصي ) ، وعليم بعمل الموصى إليه
فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا والجنف، وهو: الميل بها عن خطأ، من غير تعمد

وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ... (184)... فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ
ولما كان النسخ للتخيير، بين الصيام والفداء خاصة، أعاد الرخصة للمريض والمسافر، لئلا يتوهم أن الرخصة أيضا منسوخة
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)
{ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ } وهذا - والله أعلم - لئلا يتوهم متوهم، أن صيام رمضان، يحصل المقصود منه ببعضه، دفع هذا الوهم بالأمر بتكميل عدته، ويشكر الله [تعالى] عند إتمامه على توفيقه وتسهيله وتبيينه لعباده، وبالتكبير عند انقضائه، ويدخل في ذلك التكبير عند رؤية هلال شوال إلى فراغ خطبة العيد.
{ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } { فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }فإن الله قد وعده بالإجابة، وخصوصا إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء، وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية، والإيمان به، الموجب للاستجابة،
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ
كان في أول فرض الصيام، يحرم على المسلمين في الليل بعد النوم الأكل والشرب والجماع، فحصلت المشقة لبعضهم، فخفف الله تعالى عنهم ذلك، وأباح في ليالي الصيام كلها الأكل والشرب والجماع، سواء نام أو لم ينم، لكونهم يختانون أنفسهم بترك بعض ما أمروا به.
{ فتاب } الله { عليكم } بأن وسع لكم أمرا كان - لولا توسعته - موجبا للإثم { وعفا عنكم } ما سلف من التخون.
{ وابتغوا ما كتب الله لكم }
أي: انووا في مباشرتكم لزوجاتكم التقرب إلى الله تعالى... ومما كتب الله لكم ليلة القدر، الموافقة لليالي صيام رمضان، فلا ينبغي لكم أن تشتغلوا بهذه اللذة عنها وتضيعوها، فاللذة مدركة، وليلة القدر إذا فاتت لم تدرك.
{ فلا تقربوها } العبد مأمور بترك المحرمات، والبعد منها غاية ما يمكنه، وترك كل سبب يدعو إليها، وأما الأوامر فيقول الله فيها: { تلك حدود الله فلا تعتدوها } فينهى عن مجاوزتها
{ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ } أضافها إليهم، لأنه ينبغي للمسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه،
الْأَهِلَّةِ جمع – هلال
وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا
ويستفاد من إشارة الآية أنه ينبغي في كل أمر من الأمور، أن يأتيه الإنسان من الطريق السهل القريب
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ } .
أخبر تعالى أن المفسدة بالفتنة عنده بالشرك، والصد عن دينه، أشد من مفسدة القتل، فليس عليكم - أيها المسلمون - حرج في قتالهم.
ويستدل بهذه (1) الآية على القاعدة المشهورة، وهي: أنه يرتكب أخف المفسدتين، لدفع أعلاهما.
ثم ذكر تعالى المقصود من القتال في سبيله، وأنه ليس المقصود به، سفك دماء الكفار، وأخذ أموالهم، ولكن المقصود به أن { يَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ } تعالى، فيظهر دين الله [تعالى]، على سائر الأديان، ويدفع كل ما يعارضه، من الشرك وغيره، وهو المراد بالفتنة، فإذا حصل هذا المقصود، فلا قتل ولا قتال

{ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } .
وفي ترك الإنفاق في سبيل الله، إبطال للجهاد، وتسليط للأعداء، وشدة تكالبهم، فيكون قوله تعالى: { وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } كالتعليل لذلك... ومن الإلقاء باليد إلى التهلكة (1) الإقامة على معاصي الله...
يستدل بقوله [تعالى]: { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ } على أمور:
أحدها: وجوب الحج والعمرة، وفرضيتهما....
أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)
وفي هذه الآية دليل على أن الله يجيب دعوة كل داع، مسلما أو كافرا، أو فاسقا، ولكن ليست إجابته دعاء من دعاه، دليلا على محبته له وقربه منه، إلا في مطالب الآخرة ومهمات الدين.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
...فصار هذا الدعاء، أجمع دعاء وأكمله، وأولاه بالإيثار، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء به، والحث عليه.

خديجة قدوتي
2012-05-29, 05:17 PM
فوائد الحزب الثاني من الجزء3-تفسير ابن كثير:
1-قال تعالى في قصة زكريا ويحيى عليهما السلام: {قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء} وقال في مريم وعيسى عليه السلام: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}
قال ابن كثير رحمه الله: وصرح هاهنا بقوله: { يَخْلُقُ } ولم يقل: "يفعل" كما في قصة زكريا، بل نص هاهنا على أنه يخلق؛ لئلا يبقى شبهة،

2-{ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92) }
عن أنس بن مالك يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا وكانَ أحبَّ أمواله إليه بيْرَحاءُ -وكانت مُسْتقْبلة المسجد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيّب-قال أنس: فلما نزلت: { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } قال أبو طلحة: يا رسول الله، إن الله يقول: { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } وإن أحبَّ أموالي إلَيَّ بيْرَحاءُ وإنها صدقة لله أرجو بِرَّها وذُخْرَها عند الله تعالى، فَضَعْها يا رسول الله حيث أراك الله [تعالى] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بَخٍ، ذَاكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَاكَ مَالٌ رَابِح، وَقَدْ سَمِعْتُ، وَأَنَا أرَى أنْ تجْعَلَهَا فِي الأقْرَبِينَ". فقال أبو طلحة: أفْعَلُ يا رسول الله. فَقَسَمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. أخرجاه

أم كريم
2012-05-30, 08:22 AM
فوائد من الحزب الرابع
وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ وهي أيام التشريق الثلاثة بعد العيد

وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ
ثم ذكر أن هذا المفسد في الأرض بمعاصي الله، إذا أمر بتقوى الله تكبر وأنف، و { أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإثْمِ } فيجمع بين العمل بالمعاصي والكبر (1) على الناصحين.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ *
…وأن يفعل كل ما يقدر عليه، من أفعال الخير، وما يعجز عنه، يلتزمه وينويه، فيدركه بنيته.

{ سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }
… لأن من أنعم الله عليه نعمة دينية أو دنيوية، فلم يشكرها، ولم يقم بواجبها، اضمحلت عنه وذهبت، وتبدلت بالكفر والمعاصي، فصار الكفر بدل النعمة،

{ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } .
للربط و تسهيل الحفظ : ولما كانت الأرزاق الدنيوية والأخروية، لا تحصل إلا بتقدير الله، ولن تنال إلا بمشيئة الله، قال تعالى: { وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ: إلى أن استبطأوا نصر الله مع يقينهم به.

{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْ نِ وَالأقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } .
ولما خصص الله تعالى هؤلاء الأصناف، لشدة الحاجة، عمم تعالى فقال: { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ } من صدقة على هؤلاء وغيرهم، بل ومن جميع أنواع الطاعات والقربات، لأنها تدخل في اسم الخير

إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
هذه الأعمال الثلاثة، هي عنوان السعادة وقطب رحى العبودية
وفي هذا دليل على أن الرجاء لا يكون إلا بعد القيام بأسباب السعادة، وأما الرجاء المقارن للكسل، وعدم القيام بالأسباب، فهذا عجز وتمن وغرور، وهو دال على ضعف همة صاحبه، ونقص عقله، بمنزلة من يرجو وجود ولد بلا نكاح، ووجود الغلة بلا بذر وسقي، ونحو ذلك.
وفي قوله: { أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ } إشارة إلى أن العبد ولو أتى من الأعمال بما أتى به لا ينبغي له أن يعتمد عليها، ويعول عليها، بل يرجو رحمة ربه، ويرجو قبول أعماله ومغفرة ذنوبه، وستر عيوبه.

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا } .
مقدمة للتحريم، الذي ذكره في قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } إلى قوله: { مُنْتَهُونَ } وهذا من لطفه ورحمته وحكمته، ولهذا لما نزلت، قال عمر رضي الله عنه: انتهينا انتهينا.
الميسر: كل المغالبات التي يكون فيها عوض من الطرفين، من النرد، والشطرنج، وكل مغالبة قولية أو فعلية، بعوض (1) سوى مسابقة الخيل، والإبل، والسهام، فإنها مباحة، لكونها معينة على الجهاد، فلهذا رخص فيها الشارع.

{ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ }
يدل على أن المباشرة فيما قرب من الفرج، وذلك فيما بين السرة والركبة، ينبغي تركه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأته وهي حائض، أمرها أن تتزر، فيباشرها.
للربط و تسهيل الحفظ : لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ …ثم لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
هذا من الأيمان الخاصة بالزوجة

لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)
...وإن كان أبدا، أو مدة تزيد على أربعة أشهر، ضربت له مدة أربعة أشهر من يمينه، إذا طلبت زوجته ذلك، لأنه حق لها، فإذا تمت أمر بالفيئة وهو الوطء، فإن وطئ، فلا شيء عليه إلا كفارة اليمين، وإن امتنع، أجبر على الطلاق، فإن امتنع، طلق عليه الحاكم.

{ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } أي: رفعة ورياسة، وزيادة حق عليها، كما قال تعالى: { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ }

{ الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ
كان الطلاق في الجاهلية، واستمر أول الإسلام، يطلق الرجل زوجته بلا نهاية، فكان إذا أراد مضارتها، طلقها، فإذا شارفت انقضاء عدتها، راجعها، ثم طلقها وصنع بها مثل ذلك أبدا، فيحصل عليها من الضرر ما الله به عليم، فأخبر تعالى أن { الطَّلاقَ } أي: الذي تحصل به الرجعة { مَرَّتَانِ } ليتمكن الزوج إن لم يرد المضارة من ارتجاعها، ويراجع رأيه في هذه المدة، وأما ما فوقها، فليس محلا لذلك

{ ...عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا } في فطامه قبل الحولين، فدلت الآية بمفهومها، على أنه إن رضي أحدهما دون الآخر، أو لم يكن مصلحة للطفل، أنه لا يجوز فطامه.

وفي خطابه للأولياء بقوله: { فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ } [ ص 105 ] دليل على أن الولي ينظر على المرأة، ويمنعها مما لا يجوز فعله ويجبرها على ما يجب، وأنه مخاطب بذلك، واجب عليه.

فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ..:وأنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها (أي الصلاة) ولو في هذه الحالة الشديدة، فصلاتها على تلك الصورة أحسن وأفضل بل أوجب من صلاتها مطمئنا خارج الوقت

{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } .
وأكثر المفسرين أن هذه الآية منسوخة بما قبلها وهي قوله: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } وقيل لم تنسخها بل الآية الأولى دلت على أن أربعة أشهر وعشر واجبة، وما زاد على ذلك فهي مستحبة ينبغي فعلها تكميلا لحق الزوج، ومراعاة للزوجة، والدليل على أن ذلك مستحب أنه هنا نفى الجناح عن الأولياء إن خرجن قبل تكميل الحول، فلو كان لزوم المسكن واجبا لم ينف الحرج عنهم.

قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ
وكان في رجوعهم عن باقي العسكر(الذين شربوا من الماء) ما يزداد به الثابتون توكلا على الله، وتضرعا واستكانة وتبرؤا من حولهم وقوتهم، وزيادة صبر لقلتهم وكثرة عدوهم،

{ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض }
أي: لولا أنه يدفع بمن يقاتل في سبيله كيد الفجار وتكالب الكفار لفسدت الأرض باستيلاء الكفار عليها وإقامتهم شعائر الكفر ومنعهم من عبادة الله تعالى، وإظهار دينه { ولكن الله ذو فضل على العالمين } حيث شرع لهم الجهاد الذي فيه سعادتهم والمدافعة عنهم ومكنهم من الأرض بأسباب يعلمونها، وأسباب لا يعلمونها.

خديجة قدوتي
2012-05-30, 09:05 PM
فوائد الحزب الأول من الجزء: 4-تفسير ابن كثير:

1-{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن يَزيد، حدثنا سعيد، حدثني أبو مَرْحُوم، عن سَهْل بن مُعَاذ بن أنس، عن أبيه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَه، دَعَاهُ اللهُ عَلَى رُؤُوسِ الْخَلائِقِ، حَتَّى يُخيرَهُ مِنْ أيِّ الْحُورِ شَاءَ"...
فقوله: { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ } أي: لا يعملون غضبهم في الناس، بل يكفون عنهم شرهم، ويحتسبون ذلك عند الله عز وجل.
ثم قال تعالى { وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ } أي: مع كف الشر يعفون عمن ظلمهم في أنفسهم، فلا يبقى في أنفسهم مَوجدة على أحد، وهذا أكمل الأحوال، ولهذا قال: { وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } فهذا من مقامات الإحسان.وفي الحديث: "ثلاث أُقْسِمُ عليهن: ما نقص مال من صدقة، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عِزا، ومن تواضع لله رفعه الله "

2- بعض معاني الكلمات : قال تعالى (بعد ىيات غزوة أحد)ثم مسليا للمؤمنين: { وَلا تَهِنُوا } أي: لا تَضعفوا بسبب ما جرى { وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }أي: العاقبة والنّصرة لكم أيها المؤمنون.{ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ } أي: إن كنتم قد أصابتكم جراحٌ وقُتل منكم طائفةٌ، فقد أصاب أعداءكم قريب من ذلك من قتل وجراح { وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } أي: نُديل عليكم الأعداء تارة، وإن كانت العاقبة لكم لما لنا في ذلك من الحكم ؛ ولهذا قال تعالى: { وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا } ...{ وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ } يعني: يُقْتَلُون في سبيله، ويَبْذُلون مُهَجهم في مرضاته. { وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا } أي: يكفر عنهم من ذنوبهم، إن كان لهم ذنوب وإلا رُفعَ لهم في درجاتهم بحسب ما أصيبوا به، وقوله: { وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ } أي: فإنهم إذا ظفروا بَغَوا وبَطروا فيكون ذلك سَبَبَ دمارهم وهلاكهم ومَحْقهم وفنائهم.

3- فائدة من قوله: { وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } تضمن هذا أن القتل في سبيل الله، والموت أيضا، وسيلة إلى نيل رحمة الله وعَفوه ورضوانه، وذلك خير من البقاء في الدنيا وجمع حطامها الفاني.

خديجة قدوتي
2012-05-31, 05:49 AM
جزاك الله خيرا أم كريم على الانتقاء ونفع بك

خديجة قدوتي
2012-06-01, 05:36 AM
فوائد الحزب الثاني من الجزء4-تفسير ابن كثير:

1-قوله: { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ } هذا كان يوم "حمراء الأسد"، وذلك أن المشركين لما أصابوا ما أصابوا من المسلمين كرُّوا راجعين إلى بلادهم، فلما استمروا في سيرهم تَنَدّمُوا لم لا تَمَّموا على أهل المدينة وجعلوها الفيصلة. فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب المسلمين إلى الذهاب وراءهم ليُرْعِبَهم ويريهم أن بهم قُوّةً وجلدا، ولم يأذنْ لأحد سوى من حضر الوقعة يوم أحد، سوى جابر بن عبد الله رضي الله عنه ...فانتدب المسلمون على ما بهم من الجراح والإثخان طاعة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

2-قوله: { لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ } ... أي: لا بد أن يبتلى المؤمن في شيء من ماله أو نفسه أو ولده أو أهله، ويبتلى المؤمن على قدر دينه، إن كان في دينه صلابة زيد في البلاء.

3-{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) }
روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تَعِسَ عبد الدينار وعبد الدِّرْهَم وعبد الخَميصة، إن أُعْطِيَ رضي، وإن لم يُعْطَ سَخِط، تَعس وانتكَسَ، وإذا شيك فلا انْتَقَش طُوبَى لعَبدٍ آخذٍ بعنان فَرَسه في سبيل الله، أشعثَ رأسُهُ، مُغَبَّرةٍ قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في السَّاقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شَفَع لم يُشفَّعْ".

4- سورة النساء: عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: إن في سورة النساء لخمسُ آيات ما يَسُرّني أن لي بها الدنيا وما فيها: { إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } الآية، و { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } الآية، و { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } و { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ } الآية، و { وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا.

خديجة قدوتي
2012-06-01, 08:27 PM
فوائد الحزب الأول من الجزء 5:

1-{ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}
قوله: { فَالصَّالِحَاتُ } أي: من النساء { قانِتَاتٌ }: قال ابن عباس وغير واحد: يعني مطيعات لأزواجهن { حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ }: قال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله.
وقوله: { بِمَا حَفِظَ اللَّهُ } أي: المحفوظ من حفظه الله.

2-{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) }
*جاء في الحديث: "الصَّدَقَةُ عَلَى المِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وعَلَى ذِي الرَّحِم صَدَقَةٌ وصِلَةٌ"
*عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما زال جِبرِيل يوصيني بالْجَارِ حَتِّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِثُه".

3-{ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلا ظَلِيلا }
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، شجرة الخلد"

4- قوله: { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ }: إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها، فيخبر بها ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة.
*عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كفى بالمرء كذبا أن يُحدِّث بكل ما سمع"...
وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قيل وقال، أي: الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تَثبُّت، ولا تَدبُّر، ولا تبَيُّن.

خديجة قدوتي
2012-06-03, 05:35 AM
فوائد الحزب الثاني من الجزء5-تفسير ابن كثير:

1-قال تعالى: { وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا }
يخبر، تعالى، عن كرمه وجوده: أن كل من تاب إليه تاب عليه من أيّ ذنب كان...قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، أنه قال في هذه الآية: أخبر الله عباده بحلمه وعفوه وكرمه وَسَعة رحمته، ومغفرته، فمن أذنب ذنبا صغيرا كان أو كبيرًا { ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا } ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال. رواه ابن جرير.
عن علي، رضي الله عنه: كنت إذا سمعت من رسول الله شيئًا نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه. وحدثني أبو بكر -وصدق أبو بكر -قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يذنب ذنبًا ثم يتوضأ فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غفر له". وقرأ هاتين الآيتين: { وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ } الآية

2- قال تعالى: { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ } أخلص العمل لربه، عز وجل، فعمل إيمانًا واحتساباً { وَهُوَ مُحْسِنٌ } أي: اتبع في عمله ما شرعه الله له، وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق، وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما، أي: يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون متبعًا للشريعة فيصح ظاهره بالمتابعة، وباطنه بالإخلاص، فمن فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد. فمن فقد الإخلاص كان منافقًا، وهم الذين يراءون الناس، ومن فقد المتابعة كان ضالا جاهلا. ومتى جمعهما فهو عمل المؤمنين: { الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } [الأحقاف: 16]

3- {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}
أخبر تعالى بأن العزة كلها لله وحده لا شريك له، ولمن جعلها له. كما قال في الآية الأخرى: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا } [فاطر: 10]، وقال تعالى: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ } [المنافقون: 8].
والمقصود من هذا التهييج على طلب العزة من جناب الله، والالتجاء إلى عبوديته، والانتظام في جملة عباده المؤمنين الذين لهم النصرة في هذه الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد.

خديجة قدوتي
2012-06-03, 06:50 AM
ملاحظة:
قراءتي من: المصباح المنير مختصر ابن كثير، أما الفوائد فمن تفسير ابن كثير (بعد أن أحدد عليها في المختصر الذي أقرؤه، أنسخها من تفسير ابن كثير-المكتبة الشاملة الإلكترونية)

خديجة قدوتي
2012-06-04, 05:51 AM
فوائد الحزب الأول من الجزء6-تفسير ابن كثير:

1- مبتدأ سورة المائدة:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}
روى ابن أبي حاتم أن رجلا أتى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- فقال: اعهد إليَّ. فقال: إذا سمعت الله يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } فارْعِها سَمْعَك، فإنه خَيْر يأمر به، أو شَر ينهى عنه.

2-قوله تعالى: { وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } [ المائدة: 8 ] أي: لا يحملنكم بغض أقوام على ترك العدل، فإن العدل واجب على كل أحد، في كل أحد في كل حال.

3-{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}
عن عقبة بن عامر قال: كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نَوْبَتي فَرَوَّحتها بعَشِيّ، فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يحدث الناس، فأدركت من قوله: "ما من مسلم يتوضأ فيحسن وُضُوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين مُقْبلا عليهما بقلبه ووجهه، إلا وجبت له الجنة". قال: قلت: ما أجود هذه! فإذا قائل بين يدي يقول: التي قبلها أجود منها. فنظرت فإذا عمر، رضي الله عنه، فقال: إني قد رأيتك جئت آنفا قال: "ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ -أو: فيسبغ-الوضوء، يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء". لفظ مسلم.

خديجة قدوتي
2012-06-05, 05:40 AM
فوائد الحزب الثاني من الجزء6-تفسير ابن كثير:

1-{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
عن عِياض: أن عمر أمر أبا موسى الأشعري أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أديم واحد، وكان له كاتب نصراني، فرفع إليه ذلك، فعجب عمر-رضي الله عنه- وقال: إن هذا لحفيظ، هل أنت قارئ لنا كتابًا في المسجد جاء من الشام؟ فقال: إنه لا يستطيع أن يدخل المسجد فقال عمر: أجُنُبٌ هو؟ قال: لا بل نصراني. قال: فانتهرني وضرب فخذي، ثم قال: أخرجوه، ثم قرأ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
عن محمد بن سِيرِين قال: قال عبد الله بن عتبة: ليتق أحدكم أن يكون يهوديًا أو نصرانيًا، وهو لا يشعر. قال: فظنناه يريد هذه الآية: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}

2-قوله تعالى: { أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ } هذه صفات المؤمنين الكُمَّل أن يكون أحدهم متواضعًا لأخيه ووليه، متعززًا على خصمه وعدوه، كما قال تعالى: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ }

3-{..بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ..}
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن يمين الله مَلأى لا يَغِيضُها نفقة، سَحَّاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض، فإنه لم يَغِض ما في يمينه" قال: "وعرشه على الماء، وفي يده الأخرى القبْض، يرفع ويخفض" : قال: قال الله تعالى: "أنفق أنفق عليك" أخرجاه في الصحيحين،

خديجة قدوتي
2012-06-06, 07:20 AM
فوائد الحزب الأول من الجزء7-تفسير ابن كثير:
1- { قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ }

يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } يا محمد: { لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ } أي: يا أيها الإنسان { كَثْرَةُ الْخَبِيثِ } يعني: أن القليل الحلال النافع خير من الكثير الحرام الضار، كما جاء في الحديث: "ما قَلَّ وكَفَى، خَيْرٌ مما كَثُر وألْهَى".

2-{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
قوله: { سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } هذا توفيق للتأدب في الجواب الكامل، كما روى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: يلقى عيسى حجته، ولقَّاه الله في قوله: { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ } قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلقاه الله: { سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } أي آخر الآية.

وقوله: { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } هذا الكلام يتضمن رد المشيئة إلى الله، عز وجل، فإنه الفعال لما يشاء، الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. ويتضمن التبري من النصارى الذين كذبوا على الله، وعلى رسوله، وجعلوا لله ندًا وصاحبة وولدًا، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، وهذه الآية لها شأن عظيم ونبأ عجيب، وقد ورد في الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بها ليلة حتى الصباح يرددها.

طالبة فقه
2012-06-07, 03:53 AM
الاخت الفاضلة: خديجه قدوتي
احسن الله آليكِ ، ورفع قدركِ ، وأعلى ذكركِ ، وجعلكِ الله ممن بُشر بروحٍ وريحان وربٍ راضٍ غير غضبان.
متابعة لكِ ، وسأنضمُ معكِ إن شَـــاء الله.

خديجة قدوتي
2012-06-07, 06:00 AM
أهلا بك طالبة فقه، أسعدتني بمتابعتك وانضمامك ودعائك، تقبل الله منك.
فتح الله عليك ويسر أمرك.

خديجة قدوتي
2012-06-07, 06:01 AM
فوائد الحزب الثاني من الجزء7-تفسير ابن كثير:

1-{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
قوله: { وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ } أي: فأكرمهم برد السلام عليهم، وبَشَّرهم برحمة الله الواسعة الشاملة لهم؛ ولهذا قال: { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ } أي: أوجبها على نفسه الكريمة، تفضلا منه وإحسانًا وامتنانًا { أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ } قال بعض السلف: كل من عصى الله، فهو جاهل...{ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ } أي: رجع عما كان عليه من المعاصي، وأقلع وعزم على ألا يعود وأصلح العمل في المستقبل، { فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
روى الإمام أحمد عن هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما قَضَى الله الخَلْقَ، كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي". أخرجاه في الصحيحين

2-{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ}
روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل الصالح قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يُعْرَج بها إلى السَّماء فيستفتح لها، فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان، فيقال: مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة وأبْشري بروح وريحان ورب غير غضبان. فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله عَزَّ وجل. وإذا كان الرجل السوء، قالوا: اخرجي أيتها النفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق، وآخر من شكله أزواج، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها، فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان، فيقال: لا مرحبًا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمة، فإنه لا يفتح لك أبواب السماء. فترسل من السماء ثم تصير إلى القبر، فيجلس الرجل الصالح فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول، ويجلس الرجل السوء فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول"*

3-{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}
قوله: { وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ } أي: من النعم والأموال التي اقتنيتموها في الدار الدنيا { وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس".
______________________
*صححه أحمد شاكر.

خديجة قدوتي
2012-06-08, 09:56 AM
فوائد الحزب الأول من الجزء8-تفسير ابن كثير:

1-{قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}
{ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } أي: أتكون لي أو لكم. وقد أنجز موعده له، صلوات الله عليه، فإنه تعالى مكن له في البلاد، وحكمه في نواصي مخالفيه من العباد، وفتح له مكة، وأظهره على من كذبه من قومه وعاداه وناوأه، واستقر أمره على سائر جزيرة العرب، وكذلك اليمن والبحرين، وكل ذلك في حياته. ثم فتحت الأمصار والأقاليم والرساتيق بعد وفاته في أيام خلفائه، رضي الله عنهم أجمعين، كما قال الله تعالى: { كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي } [المجادلة : 20] ، وقال { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ . يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } [غافر : 51 ، 52] ، وقال تعالى: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } [الأنبياء : 105]

2-{...كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}
...أي: ولا تسرفوا في الأكل لما فيه من مضرة العقل والبدن، كما قال تعالى: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } [الأعراف : 31]

3-{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ }
روى الإمام أحمد عن النواس بن سمعان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ضرب الله مثلا صِراطًا مستقيمًا، وعن جَنْبتَي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: أيها الناس، ادخلوا الصراط المستقيم جميعا، ولا تتفرجوا وداع يدعو من جوف الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال: ويحك. لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم".*

4-{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}
روى الإمام أحمد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طَمِع بالجنة أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قَنطَ من الجنة أحد، خلق الله مائة رَحْمَة فوضع واحدة بين خلقه يتراحمون بها، وعند الله تسعة وتسعون". ورواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. ورواه مسلم.
__________
*صححه الألباني وأحمد شاكر وغيرهما.

خديجة قدوتي
2012-06-09, 06:31 AM
فوائد الحزب الثاني من الجزء8-تفسير ابن كثير:

1-{ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}
قال بعض النحاة في توجيه قوله تعالى: { مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ } لا هاهنا زائدة.
وقال بعضهم: زيدت لتأكيد الجحد، كقول الشاعر:
ما إن رأيتُ ولا سمعتُ بمثله
فأدخل "إن" وهي للنفي، على "ما" النافية؛ لتأكيد النفي، قالوا: وكذلك هاهنا:{مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ } مع تقدم قوله: { لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ }
حكاهما ابن جرير وردهما، واختار أن "منعك" تضمن معنى فعل آخر تقديره: ما أحوجك وألزمك واضطرك ألا تسجد إذ أمرتك، ونحو ذلك. وهذا القول قوي حسن، والله أعلم.
وقول إبليس لعنه الله: { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ } من العذر الذي هو أكبر من الذنب، كأنه امتنع من الطاعة لأنه لا يؤمر الفاضل بالسجود للمفضول، يعني لعنه الله: وأنا خير منه، فكيف تأمرني بالسجود له؟ ثم بين أنه خير منه، بأنه خلق من نار، والنار أشرف مما خلقته منه، وهو الطين، فنظر اللعين إلى أصل العنصر، ولم ينظر إلى التشريف العظيم، وهو أن الله تعالى خلق آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وقاس قياسًا فاسدًا في مقابلة نص قوله تعالى: { فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ } [ ص :72 ] فشذ من بين الملائكة بتَرْك السجود؛ فلهذا أبلس من الرحمة، أي: أيس من الرحمة، فأخطأ قَبَّحه الله في قياسه ودعواه أن النار أشرف من الطين أيضًا، فإن الطين من شأنه الرزانة والحلم والأناة والتثبت، والطين محل النبات والنمو والزيادة والإصلاح. والنار من شأنها الإحراق والطيش والسرعة؛ ولهذا خان إبليس عنصره، ونفع آدم عنصره في الرجوع والإنابة والاستكانة والانقياد والاستسلام لأمر الله، والاعتراف وطلب التوبة والمغفرة.

2- عن ابن عباس في قوله: { ثُمَ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وِعَنْ شَمَائِلِهِمْ } ولم يقل: من فوقهم؛ لأن الرحمة تنزل من فوقهم.

3- { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا }
قال البخاري: قال ابن عباس: كل ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك خصلتان: سرَف ومَخِيلة.

خديجة قدوتي
2012-06-10, 10:49 AM
فوائد الحزب الأول من الجزء 9-تفسير ابن كثير:

1-{ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}
لم يتفطنوا لأمر الله فيهم، ولا استشعروا ابتلاء الله لهم في الحالين. وهذا بخلاف حال المؤمنين الذين يشكرون الله على السراء، ويصبرون على الضراء، كما ثبت في الصحيحين: "عجبًا للمؤمن، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرًا له، وإن أصابته سَراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضَرَّاء صَبَر فكان خيرا له"

2-{ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }
قال الحسن البصري، رحمه الله: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مُشْفِق وَجِل خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن.

3-{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ...}
قوله: { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ }أي: إنه جاء بالتيسير والسماحة، كما قال صلى الله عليه وسلم لأميريه معاذ وأبي موسى الأشعري، لما بعثهما إلى اليمن: "بشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا، وتطاوعا ولا تختلفا" * وقد كانت الأمم الذين كانوا قبلنا في شرائعهم ضيق عليهم، فوسع الله على هذه الأمة أمورها، وسهلها لهم؛ ولهذا قد أرشد الله هذه الأمة أن يقولوا: { رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } [البقرة:286] وثبت في صحيح مسلم أن الله تعالى قال بعد كل سؤال من هذه: قد فعلت، قد فعلت.
____________
*متفق عليه

خديجة قدوتي
2012-06-11, 10:13 AM
فوائد الحزب الثاني من الجزء9-تفسير ابن كثير:
1-{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}
روى البخاري عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما، فلا يتبايعانه ولا يطويانه. ولتقومَنّ الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقْحَته فلا يَطْعَمُه. ولتقومَنّ الساعة وهو يَلِيط حوضه فلا يسقي فيه. ولتقومَنّ الساعة والرجل قد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها"
2-{ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } قال: هذه أخلاق أمر الله عز وجلبها نبيه صلى الله عليه وسلم، ودله عليها.
وقد أخذ بعض الحكماء هذا المعنى، فسبكه في بيتين فيهما جناس فقال:
خُذ العفو وأمر بعُرفٍ كَمَا ... أُمِرتَ وأعْرض عن الجَاهلينْ ...
وَلِنْ في الكَلام لكُلِّ الأنام ... فَمُسْتَحْسَن من ذَوِي الجاه لين ...
وقال بعض العلماء: الناس رجلان: فرجل محسن، فخذ ما عفا لك من إحسانه، ولا تكلفه فوق طاقته ولا ما يحرجه. وإما مسيء، فمره بالمعروف، فإن تمادى على ضلاله، واستعصى عليك، واستمر في جهله، فأعرض عنه، فلعل ذلك أن يرد كيده، كما قال تعالى: { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ * وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ } [المؤمنون:96-98]

خديجة قدوتي
2012-06-12, 05:02 AM
فوائد الحزب الأول من الجزء10-تفسير ابن كثير:

1-{ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26)}
نبههم على أن النصر من عنده، سواء قل الجمع أو كثر، فإن يوم حُنين أعجبتهم كثرتهم، ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئا فولوا مدبرين إلا القليل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أنزل الله نصره وتأييده على رسوله وعلى المؤمنين الذين معه، ... ليعلمهم أن النصر من عنده تعالى وحده وبإمداده وإن قل الجمع، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين.

2-{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}
{ عَنْ يَدٍ } أي: عن قهر لهم وغلبة، { وَهُمْ صَاغِرُونَ } أي: ذليلون حقيرون مهانون. فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين، بل هم أذلاء صَغَرة أشقياء، كما جاء في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه"

3- { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ }فالهدى: هو ما جاء به من الإخبارات الصادقة، والإيمان الصحيح، والعلم النافع -ودين الحق: هي الأعمال الصالحة الصحيحة النافعة في الدنيا والآخرة.
{لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ } أي: على سائر الأديان، كما ثبت في الصحيح، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله زَوَى لي الأرض مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زُوي لي منها"

مروة عاشور
2012-06-12, 12:24 PM
أحسن الله إليكما وشكر لكما خديجة وأم كريم
والله أسأل أن يعلي همتكما ويبارك فيكما
فوائد طيّبة, نفع الله بها.

خديجة قدوتي
2012-06-13, 06:26 AM
بارك الله فيك أختي" التوحيد"، وجزاك خيرا.

خديجة قدوتي
2012-06-13, 06:33 AM
فوائد الحزب الأول من الجزء 9-تفسير ابن كثير:

1-{ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}
لم يتفطنوا لأمر الله فيهم، ولا استشعروا ابتلاء الله لهم في الحالين. وهذا بخلاف حال المؤمنين الذين يشكرون الله على السراء، ويصبرون على الضراء، كما ثبت في الصحيحين: "عجبًا للمؤمن، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرًا له، وإن أصابته سَراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضَرَّاء صَبَر فكان خيرا له"

2-{ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }
قال الحسن البصري، رحمه الله: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مُشْفِق وَجِل خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن.

3-{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ...}
قوله: { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ }أي: إنه جاء بالتيسير والسماحة، كما قال صلى الله عليه وسلم لأميريه معاذ وأبي موسى الأشعري، لما بعثهما إلى اليمن: "بشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا، وتطاوعا ولا تختلفا" * وقد كانت الأمم الذين كانوا قبلنا في شرائعهم ضيق عليهم، فوسع الله على هذه الأمة أمورها، وسهلها لهم؛ ولهذا قد أرشد الله هذه الأمة أن يقولوا: { رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } [البقرة:286] وثبت في صحيح مسلم أن الله تعالى قال بعد كل سؤال من هذه: قد فعلت، قد فعلت.
____________
*متفق عليه

خديجة قدوتي
2012-06-14, 06:03 AM
المشاركة السابقة خاطئة
وهذه فوائد الحزب الثاني من الجزء10-تفسير ابن كثير:

1-{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ...}
وقال قتادة في قوله: { فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا، من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيما، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء. قال: إن الله اصطفى صَفَايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا واصطفى من الكلام ذِكْرَه، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فَعَظِّموا ما عظم الله، فإنما تُعَظم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل.

2-{ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا }
وقال علي بن زيد، عن أنس، عن أبي طلحة: كهولا وشَبَابًا ما أسمع الله عَذَر أحدًا، ثم خرج إلى الشام فقاتل حتى قُتل.وفي رواية: قرأ أبو طلحة سورة براءة، فأتى على هذه الآية: { انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } فقال: أرى ربنا يستنفرنا شيوخًا وشَبَابًا جهزوني يا بَنِيَّ. فقال بنوه: يرحمك الله، قد غزوت مع رسول الله حتى مات، ومع أبي بكر حتى مات، ومع عمر حتى مات، فنحن نغزو عنك. فأبى، فركب البحر فمات، فلم يجدوا له جزيرة يدفنوه فيها إلا بعد تسعة أيام، فلم يتغير، فدفنوه بها.

خديجة قدوتي
2012-06-14, 06:12 AM
فوائد الحزب الأول من الجزء 11-تفسير ابن كثير:

1-{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10) }
هذا إخبار عن حال السعداء الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين، وامتثلوا ما أمروا، به فعملوا الصالحات، بأنه سيهديهم بإيمانهم.
يحتمل أن تكون "الباء" هاهنا سببية فتقديره: بسبب إيمانهم في الدنيا يهديهم الله يوم القيامة على الصراط، حتى يجوزوه ويخلصُوا إلى الجنة. ويحتمل أن تكون للاستعانة، كما قال مجاهد في قوله: { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } قال: يكون لهم نورا يمشون به

2- {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
ضرب تبارك و تعالى مثلا لزهرة الحياة الدنيا وزينتها وسرعة انقضائها وزوالها، بالنبات الذي أخرجه الله من الأرض بما أنزل من السماء من الماء، مما يأكل الناس من زرع وثمار، على اختلاف أنواعها وأصنافها، وما تأكل الأنعام من أب وقَضْب وغير ذلك، { حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ }... أي: حَسُنت بما خرج من رُباها من زهور نَضِرة مختلفة الأشكال والألوان، { وَظَنَّ أَهْلُهَا } الذين زرعوها وغرسوها { أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا } أي: على جَذاذها وحصادها فبيناهم كذلك إذ جاءتها صاعقة، أو ريح بادرة، فأيبست أوراقها، وأتلفت ثمارها؛ ولهذا قال تعالى: { أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا } أي: يبسا بعدتلكالخضرة والنضارة، { كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ } أي: كأنها ما كانت حسناء قبل ذلك...وهكذا الأمور بعد زوالها كأنها لم تكن؛ ولهذا جاء في الحديث: يؤتى بأنعم أهل الدنيا، فيُغْمَس في النار غَمْسَة ثم يقال له: هل رأيت خيرًا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا. ويؤتى بأشد الناس عذابًا في الدنيا فيغمس في النعيم غمسة، ثم يقال له: هل رأيت بؤسا قط؟ فيقول: لا"
وقال تعالى إخبارًا عن المهلكين: { فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا } [ هود : 94 ، 95 ].
ثم قال تعالى: { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ } أي: نبين الحُجج والأدلة، { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } فيعتبرون بهذا المثل في زوال الدنيا من أهلها سريعًا مع اغترارهم بها، وتمكنهم بمواعيدها وتَفَلّتها منهم، فإن من طبعها الهرب ممن طلبها، والطلب لمن هرب منها.

3- وقوله: { وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ } الآية: لما ذكر تعالى الدنيا وسرعة عطبها وزوالها، رغَّب في الجنة ودعا إليها، وسماها دار السلام أي: من الآفات، والنقائص والنكبات، فقال: { وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } .

خديجة قدوتي
2012-06-15, 10:53 PM
فوائد الحزب الثاني من الجزء 11-تفسير ابن كثير:

1-روى أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } وقال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعدًا يريد أن يُنْجِزَكُمُوه. فيقولون: وما هو؟ ألم يُثقِّل موازيننا، ويبيض وجوهنا، ويدخلنا الجنة، ويزحزحنا من النار؟". قال: "فيكشف لهم الحجاب، فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه، ولا أقر لأعينهم".
وهكذا رواه مسلم وجماعة من الأئمة.

2-{وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}
هذا بيان لإعجاز القرآن، وأنه لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثله، ولا بعشر سور، ولا بسورة من مثله، لأنه بفصاحته وبلاغته ووَجازته وحَلاوته، واشتماله على المعاني العزيزة النافعة في الدنيا والآخرة، لا يكون إلا من عند الله الذي لا يشبهه شيء في ذاته ولا صفاته، ولا في أفعاله وأقواله، فكلامه لا يشبه كلام المخلوقين.

خديجة قدوتي
2012-06-16, 09:15 PM
فوائد الحزب الأول من الجزء12-تفسير ابن كثير:

1-{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}
{ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا } ولم يقل: أكثر عملا بل { أَحْسَنُ عَمَلا } ولا يكون العمل حسنا حتى يكون خالصا لله عز وجل، على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمتى فقد العمل واحدا من هذين الشرطين بطل وحبط.

2-{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }
يقول تعالى: ولئن أخرنا العذاب والمؤاخذة عن هؤلاء المشركين إلى أجل معدود وأمد محصور، وأوعدناهم به إلى مدة مضروبة، ليقولن تكذيبا واستعجالا { مَا يَحْبِسُهُ }...
و"الأمة" تستعمل في القرآن والسنة في معان متعددة، فيراد بها: الأمد، كقوله في هذه الآية: { إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ } وقوله في سورة يوسف: { وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ } [يوسف:45]، وتستعمل في الإمام المقتدى به، كقوله: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [النحل:120]، وتستعمل في الملة والدين، كقوله إخبارا عن المشركين أنهم قالوا: { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ } [الزخرف:23]، وتستعمل في الجماعة، كقوله: { وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ } [القصص:23]، وقال تعالى: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } [النحل:36]، وقال تعالى: { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } [يونس:47].

3-{فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ}
هذا اعتراض الكافرين على نوح، عليه السلام، وأتباعه، وذلك دليل على جهلهم وقلة علمهم وعقلهم، فإنه ليس بعار على الحق رَذَالة من اتبعه، فإن الحق في نفسه صحيح، وسواء اتبعه الأشراف أو الأراذل بل الحق الذي لا شك فيه أن أتباع الحق هم الأشراف، ولو كانوا فقراء، والذين يأبونه هم الأراذل، ولو كانوا أغنياء. ثم الواقع غالبا أن ما يتبع الحق ضعفاء الناس، والغالب على الأشراف والكبراء مخالفته، كما قال تعالى: { وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ } [الزخرف: 23]...
وقولهم { بَادِيَ الرَّأَي } ليس بمذمة ولا عيب؛ لأن الحق إذا وضح لا يبقى للتروي ولا للفكر مجال، بل لا بد من اتباع الحق والحالة هذه لكل ذي زكاء وذكاء ولا يفكر وينزوي هاهنا إلا عَيِيّ أو غبي. والرسل، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، إنما جاءوا بأمر جلي واضح.

خديجة قدوتي
2012-06-17, 10:41 AM
فوائد الحزب الثاني من الجزء 12-تفسير ابن كثير:

1- { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) }
{ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ } معنى الاستثناء هاهنا: أن دوامهم فيما هم فيه من النعيم، ليس أمرا واجبا بذاته، بل هو موكول إلى مشيئة الله تعالى، فله المنة عليهم دائمًا ، ولهذا يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النَّفس.
وفي الصحيحين: "فيقال يا أهل الجنة، إن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهْرَموا أبدا، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبَأسوا أبدا".

2-{وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}
قوله: { وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } أي: يعلم ما يفعله إخوة يوسف ومشتروه، وهو قادر على تغيير ذلك ودفعه، ولكن له حكمة وقَدرَ سابق، فترك ذلك ليمضي ما قدره وقضاه، ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين.
وفي هذا تعريض لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وإعلامه له بأنني عالم بأذى قومك، وأنا قادر على الإنكار عليهم، ولكني سأملي لهم، ثم أجعل لك العاقبة والحكم عليهم، كما جعلت ليوسف الحكم والعاقبة على إخوته.

خديجة قدوتي
2012-06-18, 05:56 AM
فوائد الحزب الأول من الجزء13-تفسير ابن كثير:

1-{ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } قال الحسن البصري: ليس عالم إلا فوقه عالم، حتى ينتهي إلى الله عز وجل.

2-{ أَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ (17) }
اشتملت هذه الآية الكريمة على مثلين مضروبين للحق في ثباته وبقائه، والباطل في اضمحلاله وفنائه، فقال تعالى: { أَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً } أي: مطرا، { فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا } أي: أخذ كل واد بحسبه، فهذا كبير وسع كثيرا من الماء، وهذا صغير فوسع بقدره، وهو إشارة إلى القلوب وتفاوتها، فمنها ما يسع علما كثيرا، ومنها ما لا يتسع لكثير من العلوم بل يضيق عنها، { فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا } أي: فجاء على وجه الماء الذي سال في هذه الأودية زَبَدٌ عال عليه، هذا مثل، وقوله: { وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ } هذا هو المثل الثاني، وهو ما يسبك في النار من ذهب أو فضة { ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ } أي: ليجعل حلية أو نحاسا أو حديدًا، فيجعل متاعا فإنه يعلوه زبد منه، كما يعلو ذلك زبد منه. { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ } أي: إذا اجتمعا لا ثبات للباطل ولا دوام له، كما أن الزبد لا يثبت مع الماء، ولا مع الذهب ونحوه مما يسبك في النار، بل يذهب ويضمحل؛ ولهذا قال: { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً } أي: لا ينتفع به، بل يتفرق ويتمزق ويذهب في جانبي الوادي، ويعلق بالشجر وتنسفه الرياح. وكذلك خبث الذهب والفضة والحديد والنحاس يذهب، لا يرجع منه شيء، ولا يبقى إلا الماء وذلك الذهب ونحوه ينتفع به؛ ولهذا قال: { وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ}

خديجة قدوتي
2012-06-20, 05:51 PM
فوائد الحزب الثاني من الجزء 13-تفسير ابن كثير:

1-{ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ }
يقول تعالى مخبرًا عمن اتصف بهذه الصفات الحميدة، بأن لهم {عُقْبَى الدَّارِ } وهي العاقبة والنصرة في الدنيا والآخرة.
{ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ }...
{ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ } من صلة الأرحام، والإحسان إليهم وإلى الفقراء والمحاويج، وبذل المعروف، { وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } أي: فيما يأتون وما يذرون من الأعمال، يراقبون الله في ذلك، ويخافون سوء الحساب في الدار الآخرة. فلهذا أمرهم على السداد والاستقامة في جميع حركاتهم وسكناتهم وجميع أحوالهم القاصرة والمتعدية.
{ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ } أي: عن المحارم والمآثم، ففطموا نفوسهم عن ذلك لله عز وجل؛ ابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه
{ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ } بحدودها ومواقيتها وركوعها وسجودها وخشوعها على الوجه الشرعي المرضي..
{وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ } أي: يدفعون القبيح بالحسن، فإذا آذاهم أحد قابلوه بالجميل صبرا واحتمالا وصفحا وعفوا.

2- {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)}
{ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا } فإنه ليس ثم حجة ولا معجزة أبلغ ولا أنجع في النفوس والعقول من هذا القرآن، الذي لو أنزله الله على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله. وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نبي إلا وقد أوتي ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة" معناه: أن معجزة كل نبي انقرضت بموته، وهذا القرآن حجة باقية على الآباد، لا تنقضي عجائبه، ولا يَخْلَقُ عن كثرة الردّ، ولا يشبع منه العلماء، هو الفصل ليس بالهزل. من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله.

3- { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: { مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً } شهادة أن لا إله إلا الله، { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ } وهو المؤمن، { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } يقول: لا إله إلا الله في قلب المؤمن، { وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ } يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء.
وهكذا قال الضحاك، وسعيد بن جُبَير، وعِكْرِمة وقتادة وغير واحد: إن ذلك عبارة عن المؤمن، وقوله الطيب، وعمله الصالح، وإن المؤمن كالشجرة من النخل، لا يزال يرفع له عمل صالح في كل حين ووقت، وصباح ومساء....
وعن ابن عباس { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ } قال: هي شجرة في الجنة.
والظاهر من السياق: أن المؤمن مثله كمثل شجرة، لا يزال يوجد منها ثمر في كل وقت من صيف أو شتاء، أو ليل أو نهار، كذلك المؤمن لا يزال يرفع له عمل صالح آناء الليل وأطراف النهار في كل وقت وحين.

خديجة قدوتي
2012-06-22, 06:02 AM
فوائد الحزب الأول من الجزء14-تفسير ابن كثير:

1- {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ(8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) }
لما ذكر تعالى من الحيوانات ما يُسَار عليه في السبل الحسية، نبه على الطرق المعنوية الدينية، وكثيرًا ما يقع في القرآن العبور من الأمور الحسية إلى الأمور المعنوية النافعة الدينية، كما قال تعالى: { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } [البقرة : 197] ، وقال: { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } [الأعراف : 26] .
ولما ذكر في هذه السورة الحيوانات من الأنعام وغيرها، التي يركبونها ويبلغون عليها حاجة في صدورهم، وتحمل أثقالهم إلى البلاد والأماكن البعيدة والأسفار الشاقة -شرع في ذكر الطرق التي يسلكها الناس إليه، فبين أن الحق منها ما هي موصلة إليه، فقال: { وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ } كما قال: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } [الأنعام : 153] ، وقال: { هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ } [الحجر : 41] .

2-{ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } أي: يتجاوز عنكم، ولو طالبكم بشكر جميع نعمه لعجزتم عن القيام بذلك، ولو أمركم به لضعفتم وتركتم، ولو عذبكم لعذبكم وهو غير ظالم لكم، ولكنه غفور رحيم، يغفر الكثير، ويجازي على اليسير.
وقال ابن جرير: يقول: { إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } لما كان منكم من تقصير في شكر بعض ذلك، إذا تبتم وأنبتم إلى طاعته واتباع مرضاته، { رَحِيمٌ } بكم أن يعذبكم، أي : بعد الإنابة والتوبة.

خديجة قدوتي
2012-06-23, 08:18 AM
فوائد الحزب الثاني من الجزء 14-تفسير ابن كثير:

1-{ وَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ } قال ابن مسعود: "قد بين لنا في هذا القرآن كل علم، وكل شيء"
... فإن القرآن اشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق، وعلم ما سيأتي، وحكم كل حلال وحرام، وما الناس إليه محتاجون في أمر دنياهم ودينهم، ومعاشهم.

2- { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) }
هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا -وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه- من ذكر أو أنثى من بني آدم، وقلبه مؤمن بالله ورسوله، وإن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله -بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة.
والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت.

3- {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)}
اتفق العلماء على أنه يجوز أن يُوَالى المكرَه على الكفر، إبقاءً لمهجته، ويجوز له أن يستقتل، كما كان بلال رضي الله عنه يأبى عليهم ذلك وهم يفعلون به الأفاعيل، حتى أنهم ليضعون الصخرة العظيمة على صدره في شدَّة الحر، ويأمرونه أن يشرك بالله فيأبى عليهم وهو يقول: أحَد، أحَد...
والأفضل والأولى أن يثبت المسلم على دينه، ولو أفضى إلى قتله.

خديجة قدوتي
2012-06-24, 06:51 AM
فوائد الحزب الأول من الجزء 15-تفسير ابن كثير:

1- { وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا (82) } .
يقول تعالى مخبرًا عن كتابه الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم -وهو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد -إنه: { شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } أي: يذهب ما في القلوب من أمراض، من شك ونفاق، وشرك وزيغ وميل، فالقرآن يشفي من ذلك كله. وهو أيضًا رحمة يحصل فيها الإيمان والحكمة وطلب الخير والرغبة فيه، وليس هذا إلا لمن آمن به وصدقه واتبعه، فإنه يكون شفاء في حقه ورحمة. وأما الكافر الظالم نفسه بذلك، فلا يزيده سماعه القرآن إلا بعدًا وتكذيبًا وكفرًا. والآفة من الكافر لا من القرآن، كما قال تعالى: { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ }

2- {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَة ِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)}
لو علم الله منهم أنهم يسألون ذلك استرشادًا لأجيبوا إليه، ولكن علم أنهم إنما يطلبون ذلك كفرًا وعنادًا، فقيل للرسول: إن شئت أعطيناهم ما سألوا فإن كفروا عذبتهم عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين، وإن شئت فتحت عليهم باب التوبة والرحمة، فقال: "بل تفتح عليهم باب التوبة والرحمة"

خديجة قدوتي
2012-06-28, 06:24 AM
فوائد الحزب الثاني من الجزء 15-تفسير ابن كثير:

1-{وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوه ُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقا}
وهذا هو المشروع عند وقوع الفتن في الناس، أن يفر العبد منهم خوفًا على دينه، كما جاء في الحديث: "يوشك أن يكون خيرُ مال أحدكم غنمًا يتبع بها شغف الجبال ومواقع القَطْر، يفر بدينه من الفتن"* ففي هذه الحال تشرع العزلة عن الناس، ولا تشرع فيما عداها، لما يفوت بها من ترك الجماعات والجمع.

2- فقال -أي صاحب هاتين الجنتين -{ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ } أي: يجادله ويخاصمه، يفتخر عليه ويترأس: { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا } أي: أكثر خدمًا وحشمًا وولدًا قال قتادة: تلك -والله-أمنية الفاجر: كثرة المال وعزة النفر.

3- { قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} سؤال بتلطف، لا على وجه الإلزام والإجبار. وهكذا ينبغي أن يكون سؤال المتعلم من العالم.
_____________
*رواه البخاري

للخير نمضي
2012-06-28, 10:50 PM
بارك الله فيكِ أختنا خديجة رزقنا الله وإياكِ الهمة العالية

خديجة قدوتي
2012-07-02, 06:30 AM
آمين
وفيك بارك الله أختي لللخير نمضي

خديجة قدوتي
2012-07-02, 06:30 AM
فوائد الحزب الأول من الجزء 16-تفسير ابن كثير:

1-{ وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) }
قال قتادة: قد فرح به أبواه حين ولد،وحزنا عليه حين قتل،ولو بقي كان فيه هلاكهما، فليرض امرؤ بقضاء الله، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب.
وصح في الحديث: "لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له". وقال تعالى: { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } [البقرة:216]

2- (معاني كلمات) { قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا } أي: أن تحبس لسانك عن الكلام ثلاث ليال وأنت صحيح سوي من غير مرض ولا علة.
قال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، ووهب ، والسدي وقتادة وغير واحد: اعتقل لسانه من غير مرض.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: كان يقرأ ويسبح ولا يستطيع أن يكلم قومه إلا إشارة.

3- { وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا...}
قال عمرو بن ميمون: ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب، ثم تلا هذه الآية الكريمة.

خديجة قدوتي
2012-07-03, 11:46 AM
فوائد الحزب الثاني من الجزء 16-تفسير ابن كثير:
سورة طه:
1-{ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا } قال مجاهد: لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرًا، حتى يذكر الله قائما وقاعدًا ومضطجعًا.

2- { اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي } قال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس: لا تُبْطئا.
وقال مجاهد، عن ابن عباس: لا تَضْعُفا.
والمراد أنهما لا يفتران في ذكر الله، بل يذكران الله في حال مواجهة فرعون، ليكون ذكرُ الله عونًا لهما عليه، وقوّة لهما وسلطانًا كاسرًا له.

3-{ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى(43)فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } هذه الآية فيها عبرة عظيمة، وهو أن فرعون في غاية العتو والاستكبار، وموسى صفوة الله من خلقه إذ ذاك، ومع هذا أمر ألا يخاطب فرعون إلا بالملاطفة واللين...كما قال تعالى: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } الآية [النحل: 125].

4-{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)}
..قال ابن عباس، وعُبَيد بن عُمَير :كانوا أول النهار سحرة، وفي آخر النهار شهداء بررة.

5- { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي } أي: خالف أمري، وما أنزلته على رسولي، أعرض عنه وتناساه وأخذ من غيره هداه { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا } أي: في الدنيا، فلا طمأنينة له، ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق حَرَج لضلاله، وإن تَنَعَّم ظاهره، ولبس ما شاء وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى، فهو في قلق وحيرة وشك، فلا يزال في ريبة يتردد. فهذا من ضنك المعيشة.

4- قوله: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ } يعني إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب... وقد روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله تعالى : يا ابن آدم تَفَرَّغ لعبادتي أمْلأ صدرك غنى، وأسدّ فقرك، وإن لم تفعل ملأتُ صدرك شغلا ولم أسدّ فقرك "*
وروي أيضًا عن زيد بن ثابت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كانت الدنيا هَمَّه فرَّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتِبَ له. ومن كانت الآخرة نيَّته، جمع له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة "**
________
*صححه المنذري والألباني وأحمد شاكر
**صححه الألباني

خديجة قدوتي
2012-07-04, 12:18 PM
فوائد الحزب الأول من الجزء 17-تفسير ابن كثير:

1-{ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)}
وقوله: { رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا } أي: فعلنا به ذلك رحمة من الله به، { وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ } أي: وجعلناه في ذلك قدوة، لئلا يظن أهل البلاء إنما فعلنا بهم ذلك لهوانهم علينا، وليتأسوا به في الصبر على مقدورات الله وابتلائه لعباده بما يشاء، وله الحكمة البالغة في ذلك.

2- { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } : يخبر تعالى أن الله جَعَل محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، أي: أرسله رحمة لهم كلّهم، فمن قَبِل هذه الرحمةَ وشكَر هذه النعمةَ، سَعد في الدنيا والآخرة، ومن رَدّها وجحدها خسر في الدنيا والآخرة... فإن قيل: فأيّ رحمة حصلت لمن كَفَر به؟ فالجواب ما رواه أبو جعفر بن جرير... عن ابن عباس في قوله: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } قال: من آمن بالله واليوم الآخر، كُتِبَ له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن بالله ورسوله عُوِفي مما أصاب الأمم من الخسف والقذف.

خديجة قدوتي
2012-07-05, 10:48 AM
فوائد الحزب الثاني من الجزء 17-تفسير ابن كثير:

1- { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } وَصَف نفسه بالقوة والعزة، فبقوته خلق كل شيء فقدره تقديرا، وبعزته لا يقهره قاهر، ولا يغلبه غالب، بل كل شيء ذليل لديه، فقير إليه. ومن كان القويّ العزيز ناصرَه فهو المنصور، وعدوه هو المقهور، قال الله تعالى: { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ . إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ . وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } [ الصافات: 171 -173 ] وقال الله تعالى: { كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } [ المجادلة: 21 ].

2-{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)}
قوله: { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ } أي: بأبدانهم وبفكرهم أيضا، وذلك كاف...قال ابن أبي الدنيا: قال بعض الحكماء: أحْيِ قلبك بالمواعظ، ونَوِّره بالفِكْر، ومَوِّته بالزهد، وقَوِّه باليقين، وذَلِّلْهُ بالموت، وقرِّره بالفناء، وبَصِّره فجائع الدنيا، وحَذِّره صولةَ الدهر وفحش تَقَلُّب الأيام، واعرض عليه أخبار الماضين، وذكره ما أصاب من كان قبله، وسِرْ في ديارهم وآثارهم، وانظر ما فعلوا، وأين حَلُّوا، وعَمَّ انقلبوا...
{ فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } أي: ليس العمى عمى البصر، وإنما العمى عمى البصيرة، وإن كانت القوة الباصرة سليمة فإنها لا تنفذ إلى العبر، ولا تدري ما الخبر. وما أحسن ما قاله بعض الشعراء في هذا المعنى -وهو أبو محمد عبد الله بن محمد بن سارة الأندلسي الشَّنْتَريني، وقد كانت وفاته سنة سبع عشرة وخمسمائة:
يا مَن يُصيخُ إلى دَاعي الشَقَاء، وقَد ... نَادَى به الناعيَان: الشيبُ والكبَرُ
إن كُنتَ لاتَسْمَع الذكْرَى، ففيم تُرَى ... في رَأسك الوَاعيان:السمع والبَصَرُ?
ليسَ الأصَمّ ولا الأعمَى سوَى رَجُل ... لم يَهْده الهَاديان: العَينُ والأثَرُ
لا الدّهر يَبْقَى وَلا الدنيا، وَلا الفَلَك الـ ... أعلى ولا النَّيّران: الشَّمْسُ وَالقَمَرُ
لَيَرْحَلَنّ عَن الدنيا، وَإن كَرِها ... فرَاقها، الثاويان: البَدْو والحَضَرُ

خديجة قدوتي
2012-07-06, 02:10 PM
فوائد الحزب الأول من الجزء 18-تفسير ابن كثير:
سورة المؤمنون:
1-{ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) }
يقول تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ } أي: هم مع إحسانهم وإيمانهم وعملهم الصالح، مشفقون من الله خائفون منه، وجلون من مكره بهم، كما قال الحسن البصري: إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة، وإن المنافق جمع إساءة وأمنًا.
وقوله: { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ } أي: يعطون العطاء وهم خائفون ألا يتقبل منهم، لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشروط الإعطاء. وهذا من باب الإشفاق والاحتياط.
سورة النور:
2-{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)}
قوله: { وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ } أي: في حكم الله. لا ترجموهما وترأفوا بهما في شرع الله، وليس المنهي عنه الرأفة الطبيعية ...وإنما هي الرأفة التي تحمل الحاكم على ترك الحد فلا يجوز ذلك.
قال مجاهد: { وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ } قال: إقامة الحدود إذا رُفعت إلى السلطان، فتقام ولا تعطل.

3-{ وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)}
أي: إذا ذكر ما لا يليق من القول في شأن الخيرة فأولى ينبغي الظن بهم خيرا، وألا يشعر نفسه سوى ذلك، ثم إن عَلِق بنفسه شيء من ذلك -وسوسةً أو خيالا -فلا ينبغي أن يتكلم به، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدَّثت به أنفسها ما لم تقل أو تعمل" أخرجاه في الصحيحين.

خديجة قدوتي
2012-07-07, 09:25 AM
فوائد الحزب الثاني من الجزء 18-تفسير ابن كثير:

1-{ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ } أي: إذا رَدُّوكم من الباب قبل الإذن أو بعده { فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ } أي: رجوعكم أزكى لكم وأطهر { وَاللهُ بِمَا تَعْملُونَ عَلِيم }
وقال قتادة: قال بعض المهاجرين: لقد طلبتُ عمري كلَّه هذه الآية فما أدركتها: أن أستأذنَ على بعض إخواني، فيقول لي: "ارجع"، فأرجع وأنا مغتبط لقوله{ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }.

2- قوله: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ } أي: عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، سبيله هو ومنهاجه وطريقتهوسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبِل، وما خالفه فهو مَرْدُود على قائله وفاعله، كائنا ما كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من عمل عَمَلا ليس عليه أمرنا فهو رَدّ"
سورة الفرقان:
3-{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}
{ عَلَى عَبْدِهِ } : هذه صفة مدح وثناء؛ لأنه أضافه إلى عبوديته، كما وصفه بها في أشرف أحواله، وهي ليلة الإسراء، فقال: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا } [ الإسراء : 1 ] ، وكما وصفه بذلك في مقام الدعوة إليه: { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا } [ الجن : 19]، وكذلك وصفه عند إنزال الكتاب عليه ونزول الملك إليه، فقال { تَبَارَكَ الَّذِي نزلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}

خديجة قدوتي
2012-07-08, 09:43 AM
فوائد الحزب الأول من الجزء 19-تفسير ابن كثير:

1- { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا } .
قال الضحاك: عن ابن عباس: إنما هي ضحوة، فيقيل أولياء الله على الأسرة مع الحور العين، ويَقيل أعداء الله مع الشياطين مقرنين.
وقال سعيد بن جبير: يفرغ الله من الحساب نصف النهار، فيقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، قال الله تعالى: { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا }

2- { وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) }
يقول تعالى مخبرا عن رسوله ونبيه محمد -صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين -أنه قال: { يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } ، وذلك أن المشركين كانوا لا يُصغُون للقرآن ولا يسمعونه، ...وكانوا إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللغط والكلام في غيره، حتى لا يسمعوه. فهذا من هجرانه، وترك علمه وحفظه أيضا من هجرانه، وترك الإيمان به وتصديقه من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدولُ عنه إلى غيره -من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره -من هجرانه، فنسأل الله الكريمَ المنانَ القادرَ على ما يشاء، أن يخلّصنا مما يُسْخطه، ويستعملنا فيما يرضيه، من حفظ كتابه وفهمه، والقيام بمقتضاه آناء الليل وأطرافَ النهار، على الوجه الذي يحبه ويرضاه، إنه كريم وهاب.

3- وقوله: { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا } أي: إذا سَفه عليهم الجهال بالسّيئ، لم يقابلوهم عليه بمثله، بل يعفون ويصفحون، ولا يقولون إلا خيرًا، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، وكما قال تعالى: { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ }

خديجة قدوتي
2012-07-09, 02:46 PM
فوائد الحزب الثاني من الجزء 19 -تفسير ابن كثير:
سورة النمل:
1-وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّه ُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)
لما كان الهدهد داعيا إلى الخير، وعبادة الله وحده والسجود له، نهي عن قتله، كما رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب: النملة والنحلة والهدهد والصُّرَد. وإسناده صحيح.

2-{فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّ هُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّ هُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37)}
الظاهر أن سليمان، عليه السلام، لم ينظر إلى ما جاءوا به بالكلية، ولا اعتنى به، بل أعرض عنه، وقال منكرًا عليهم: { أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ } أي: أتصانعونني بمال لأترككم على شرككم وملككم؟! { فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ } أي: الذي أعطاني الله من الملك والمال والجنود خير مما أنتم فيه ، { بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } أي: أنتم الذين تنقادون للهدايا والتحف، وأما أنا فلا أقبل منكم إلا الإسلام أو السيف.

خديجة قدوتي
2012-07-10, 09:26 AM
فوائد الحزب الأول من الجزء 20-تفسير ابن كثير:
سورة القصص:
1-{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)}
عن عبد الله -هو ابن مسعود -قال: أفرس الناس ثلاثة: أبو بكر حين تفرس في عُمَر، وصاحب يوسف حين قال: { أَكْرِمِي مَثْوَاهُ } [ يوسف : 21 ] ، وصاحبة موسى حين قالت: { يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ }.

2-{ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27)}
روى البخاري عن سعيد بن جبير قال: سألني يهودي من أهل الحيرة: أي الأجلين قضى موسى؟ فقلت: لا أدري حتى أقدم على حَبْر العرب فأسأَلَه. فقدمت فسألت ابن عباس، رضي الله عنه، فقال: قضى أكثرهما وأطيبهما، إن رسول الله إذا قال فعل.

3-{ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ } أي: إذا أدخلت يدك في جيب درعك ثم أخرجتها فإنها تخرج تتلألأ كأنها قطعة قمر في لمعان البرق؛ ولهذا قال: { مِنْ غَيْرِ سُوءٍ } أي: من غير برص.
وقوله: { وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ } : قال مجاهد: من الفزع. وقال قتادة: من الرعب. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وابن جرير: مما حصل لك من خوفك من الحية.
والظاهر أن المراد أعم من هذا، وهو أنه أمر عليه السلام، إذا خاف من شيء أن يضم إليه جناحه من الرهب، وهي يده، فإذا فعل ذلك ذهب عنه ما يجده من الخوف. وربما إذا استعمل أحد ذلك على سبيل الاقتداء فوضع يديه على فؤاده، فإنه يزول عنه ما يجد أو يَخف، إن شاء الله، وبه الثقة.

خديجة قدوتي
2012-07-11, 03:03 PM
فوائد الحزب الثاني من الجزء 20-تفسير ابن كثير:
سورة العنكبوت:
1-قوله: { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ } استفهام إنكار، ومعناه: أن الله سبحانه وتعالى لا بد أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان.

2-{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)}
قال أبو العالية في قوله: { إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } ، قال: إن الصلاة فيها ثلاث خصال فكل صلاة لا يكون فيها شيء من هذه الخلال فليست بصلاة: الإخلاص، والخشية، وذكر الله. فالإخلاص يأمره بالمعروف، والخشية تنهاه عن المنكر، وذكر القرآن يأمره وينهاه.
وقال ابن عَوْن الأنصاري: إذا كنت في صلاة فأنت في معروف، وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر...

خديجة قدوتي
2012-07-12, 06:16 PM
فوائد الحزب الأول من الجزء 21-تفسير ابن كثير:

1- { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ } .
هذا أمر من الله لعباده المؤمنين بالهجرة من البلد الذي لا يقدرون فيه على إقامة الدين، إلى أرض الله الواسعة، حيث يمكن إقامة الدين، بأن يوحدوا الله ويعبدوه كما أمرهم.
سورة الروم:
2- قوله: { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } أي: أكثر الناس ليس لهم علم إلا بالدنيا وأكسابها وشؤونها وما فيها، فهم حذاق أذكياء في تحصيلها ووجوه مكاسبها، وهم غافلون عما ينفعهم في الدار الآخرة، كأن أحدهم مُغَفّل لا ذهن له ولا فكرة.
قال الحسن البصري: والله لَبَلَغَ من أحدهم بدنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره، فيخبرك بوزنه، وما يحسن أن يصلي.
وقال ابن عباس في قوله: { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } يعني: الكفار، يعرفون عمران الدنيا، وهم في أمر الدين جهال.
سورة لقمان:
3- { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ } علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، لا بد أن يناله من الناس أذى، فأمره بالصبر.
وقوله: { إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ } أي: إن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور.

خديجة قدوتي
2012-07-13, 02:50 PM
فوائد الحزب الثاني من الجزء 21-تفسير ابن كثير:
سورة السجدة:
1-روى البخاري عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر يوم الجمعة: { الم * تَنزيلُ } السجدة، و { هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ }.

2- قوله: { فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } أي: فلا يعلم أحد عظمة ما أخفى الله لهم في الجنات من النعيم المقيم، واللذات التي لم يطلع على مثلها أحد، لَمَّا أخفوا أعمالهم أخفى الله لهم من الثواب، جزاء وفاقا؛ فإن الجزاء من جنس العمل.
قال الحسن البصري: أخفى قوم عملهم فأخفى الله لهم ما لم تر عين، ولم يخطر على قلب بشر. رواه ابن أبي حاتم.

3-{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا }قال قتادة وسفيان: لما صبروا عن الدنيا.
قال سفيان: هكذا كان هؤلاء، ولا ينبغي للرجل أن يكون إماما يُقتَدى به حتى يتحامى عن الدنيا.
سورة الأحزاب:
4-{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنّ َ سَرَاحًا جَمِيلا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) } .
هذا أمر من الله لرسوله، صلوات الله وسلامه عليه، بأن يخَيّر نساءه بين أن يفارقهن، فيذهبن إلى غيره ممن يَحصُل لهن عنده الحياةُ الدنيا وزينتها، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال، ولهن عند الله في ذلك الثواب الجزيل، فاخترن، رضي الله عنهن وأرضاهن، الله ورسوله والدار الآخرة، فجمع الله لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الآخرة.
روى البخاري أن عائشة، رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها حين أمره الله أن يخير أزواجه، فبدأ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إني ذاكر لك أمرا، فلا عليك أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك"، وقد عَلمَ أن أبويّ لم يكونا يأمراني بفراقه. قالت: ثم قال: "وإن الله قال: { يا أيها النبي قل لأزواجك } إلى تمام الآيتين، فقلت له: ففي أي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة.

خديجة قدوتي
2012-07-16, 06:01 PM
فوائد الحزب الأول من الجزء 22-تفسير ابن كثير:
سورة الأحزاب:
1-{ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) }
لما كانت محلَّتهن رفيعة، ناسب أن يجعل الذنب لو وقع منهن مغلظا، صيانة لجنابهن وحجابهن الرفيع.

2-قوله: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } أي: الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة.

3- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِين َ رَحِيمًا (43)}
قوله: { هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ } : هذا تهييج إلى الذكر، أي: إنه سبحانه يذكركم فاذكروه أنتم، كقوله تعالى: { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ . فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ } [البقرة: 151، 152]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يقول الله: مَنْ ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومَنْ ذكرني في مَلأ ذكرته في ملأ خير منهم"...
وقوله: { لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } أي: بسبب رحمته بكم وثنائه عليكم، ودعاء ملائكته لكم، يخرجكم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الهدى واليقين. { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِين َ رَحِيمًا } أي: في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا: فإنه هداهم إلى الحق الذي جهله غيرهم، وبَصّرهم الطريق الذي ضَلَّ عنه وحاد عنه من سواهم من الدعاة إلى الكفر أو البدعة وأشياعهم من الطغام. وأما رحمته بهم في الآخرة: فآمنهم من الفزع الأكبر، وأمر ملائكته يتلقونهم بالبشارة بالفوز بالجنة والنجاة من النار، وما ذاك إلا لمحبته لهم ورأفته بهم.

سارة بنت محمد
2012-07-16, 06:58 PM
فتح الله عليك فتحا مباركا

جزاك الله خيرا

خديجة قدوتي
2012-07-18, 08:30 PM
فوائد الحزب الثاني من الجزء 22-تفسير ابن كثير:
سورة سبأ:
1-قوله: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا } أي: مَنْ كان يحب أن يكون عزيزًا في الدنيا والآخرة، فليلزم طاعة الله، فإنه يحصل له مقصوده؛ لأن الله مالك الدنيا والآخرة، وله العزة جميعها.

2- {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)}
قال ابن عباس: السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب، والمقتصد يدخل الجنة برحمة الله، والظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم.( الطبراني)

3- {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)}
{ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ } : يقولون: الذي أعطانا هذه المنزلة، وهذا المقام من فضله وَمَنِّه ورحمته، لم تكن أعمالنا تساوي ذلك. كما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يَتَغَمَّدَنِي الله برحمة منه وفضل" .
{ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } أي: لا يمسنا فيها عناء ولا إعياء.
والنصَب واللغوب: كل منهما يستعمل في التعب، وكأن المراد ينفي هذا وهذا عنهم أنهم لا تعب على أبدانهم ولا أرواحهم، والله أعلم. فمن ذلك أنهم كانوا يُدْئبُون أنفسهم في العبادة في الدنيا، فسقط عنهم التكليف بدخولها، وصاروا في راحة دائمة مستمرة، قال الله تعالى: { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ } [الحاقة: 24] .

أم كريم
2012-07-18, 08:52 PM
و ها قد مرت الأيام و بدأت نسمات رمضان تحيي نفوسنا و تزكي أرواحنا شوقا للصيام و القيام و القرآن...
اللهم بلغنا رمضان و أعنا على الصيام و القيام و اجعلنا من الفائزين
جزاك الله خيرا أختي و ثبتك و رزقك الإخلاص في القول و العمل

خديجة قدوتي
2012-07-20, 07:55 AM
جزاكما الله خيرا أختي سارة وأم كريم للدعاء والكلمات الجميلة عن رمضان

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
تفضلوا
http://majles.alukah.net/showthread.php?103526-%D8%AA%D9%81%D8%B6%D9%84%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%81 %D9%8A%D8%AF%D9%8A&p=606334#post606334