تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : (( شَهْوة الرَّدِّ ))



ذو المعالي
2007-12-15, 05:17 AM
(( شَهْوةُ الرَّدِّ ))

بيانُ العلومِ و المعارفِ إمَّا بالعَرْضِ لها ابتداءً ، و إما بالنَّقْضِ لمُخالفٍ ، الرَّدُّ فيهِ إيضاحُ الجانبِ المُوْقَنِ بكينونته صواباً ، أو المظنون تغليباً بذلك ، معَ حَشْرٍ لبراهينِ الردِّ و الاعتراضِ ، و فيهِ استدراكٌ لما فاتَ ، و تكميلٌ لما نَقَصَ ، و بيانٌ لما أُبهِمَ ، فحوى أنواعاً من التأليفِ ، أخذَ به كثيرٌ من أصحاب العلومِ و المعارفِ ، في كثيرٍ من أبحاثِ علومهم و معارفهم .
و حقيقةُ الرَّدِّ قَصْدُ المضمونِ ، و قد يكونُ القَصْدُ في الرِّدِّ لصاحبِ المضمونِ و الرأي إذا كان بِه اشتهاره ، و عليه قيامه ، و ما سِوى ذا فليسَ إلا عبثاً و مزيداً من حَشْو الكلامِ بلباسِ عينِه ، فيُنْقَضَ بما استبانَ للرادِّ في كونِ المردود مخالفاً ، أو مُخطئاً .
و جوهرُ الرَّدِّ أن تُقامَ دلائلُ الاعتراضِ على أساسٍ متينٍ في إيرادها ، و فَهْمٍ صحيح لمُراداتها ، و معرفةٍ لمواطنِ الرَّدِّ ، و أدبٍ جَمٍّ في الحديثِ ، و تقديسٍ للعلومِ عظيم .
و سَوءَةُ الرَّدِّ صَرْفُه عن جوهره إلى مَظهرِه ، و عن معناه إلى مبناه ، فيغدو الردُّ لمجرَّد الرَّدِّ لا لبيانِ العلوم و المعارفِ ، فيُقصَد الشَّخْصُ بالكلامِ في صورة الاعتراضِ على رأيٍ فاهَ بِهِ ، و لا يشتغلُ بذلك إلا مَن رامَ إظهارَ الذاتِ خاليةً من حقائقِ الصفاتِ ، و مَن لم يُحَصِّلْ من المعارفِ إلا جزءاً يَستحيي أن يُنْعَتَ به ، و ليس ذا ملَكَةٍ في البحثِ و التحصيلِ ، فيكون كلامُه مُنْصَبَّاً على جُزئياتٍ لا يُلامُ مَن خالفَ فيها ، و لا يترتَّبُ على المخالفةِ مِن المخالِفِ المردودِ عليهِ أثرٌ في أصلٍ كان الاتفاقُ عليه ، و يكون ردُّه دائراً حولَ الرأي الذاتي مصروفاً عن النهجِ العلمي المعرفي ، و يكونُ مقصوداً بِهِ مَن له تِمُّ الموافقةِ و كمالِ الرِّضى ، فيُتَّخذُ الردُّ ذريعةً للوقيعةِ ، و يكون كلامُه في ردِّه في المشهوراتِ الميسور تحصيلُ الكلامِ عنها و لا تفتقرُ إلى تنقيبٍ بعقلٍ فاقِهٍ .
و سَوءَتُه في تغييبِ أدبِه ، و تضييعِ بُرهانه ، و هَدِّ قواعده ، فيُصاغ الرَّدُ كبيتِ عناكب هشَّاً ضعيفاً ، يَكونُ ؤضُحكةً في ساحِ المردودِ عليه ، و الرَّادُّ هَزيلَ العلوم و المعارفِ ، ضَعيفَ المواجهةِ ، ناقصَ الفَهْمِ ، فمخالفةُ السُّنَنِ وَهنٌ ، و معارضةُ الطرائقِ مَهْلَكة .
فبسوءةِ الرَّدِّ صارَ الرَّدُّ شَهوةً تعتري نفوسَ كثيرين ممن يشتغلُ في العلومِ و المعارفِ ، و يقصده ضِعافٌ في فقاهةِ النفسِ و سلامة الفؤاد ، فصيَّروه ضعيفاً بعد أن كان قوياً ، و ذليلاً بعد أن كان عزيزاً ، و ذيلاً بعد أن كان رأساً ، و لو كانَ الرَّادُّ على قانون الرَّدِّ الصحيحِ عند أهل المعرفة و العلمِ لكان لقولِه قبولاً ، و لو من مُخالفٍ له في رأيه ، و إنْ خالفَ السَّنَنَ المسلوكةِ في الرَّدِّ عِيْبَ رَدُّه ، و ذُمَّ نَقْضُه ، حتَّى مِن موافِقِهِ ، لأن الاعتبارَ في العلومِ بالعلومِ لا بالرسومِ .

نضال مشهود
2007-12-16, 01:09 PM
مرورا

عمار مدني
2007-12-16, 02:47 PM
"شهوة الرد" تحتاج إلى استئصال جذورها
إما بالوعظ بالغض، والنهي عن العض.
وإلا فلا حيلة أما شره المستفحل
سوى الخصي أو الرض أو حتى الجب.

عمار مدني
2007-12-16, 03:04 PM
وقد ناقشت في رسالتي ـ"الإلزام دراسة نظرية وتطبيقية من خلال إلزامات ابن حزم للفقهاء"
كثيرا من الإشكالات الواقعة في الردود من جهة الشروط والصحة والاعتبار من جهة
ومن جهة الواقع التطبيقي من جهة أخرى.
وتكمن الإشكالية الكبرى أن الرد يقع في كثير من الأحوال على ما هو من حسنات المردود عليه
وإذا كانت حسناتي اللائي أدل بها
ذنوبي فقل لي بالله كيف أعتذر.
ناهيك عن مصادرته بالجملة ومحاكمته وفق أصوله وحصره بين الأصلين العظيمين لديه
1- ضعف المدارك العقلية والعلمية بله حماقته أي مخالفه.
2- سوء نيته وقبح طويته...
إلى جملة عريضة من السباب والشتام.
أخوكم: أبو فراس فؤاد يحيى هاشم.

ذو المعالي
2007-12-16, 03:05 PM
مرورا
و منحتني سروراً ...
دمتَ بخيرٍ

ذو المعالي
2007-12-16, 03:13 PM
وقد ناقشت في رسالتي ـ"الإلزام دراسة نظرية وتطبيقية من خلال إلزامات ابن حزم للفقهاء"
كثيرا من الإشكالات الواقعة في الردود من جهة الشروط والصحة والاعتبار من جهة
ومن جهة الواقع التطبيقي من جهة أخرى.
وتكمن الإشكالية الكبرى أن الرد يقع في كثير من الأحوال على ما هو من حسنات المردود عليه
وإذا كانت حسناتي اللائي أدل بها
ذنوبي فقل لي بالله كيف أعتذر.
ناهيك عن مصادرته بالجملة ومحاكمته وفق أصوله وحصره بين الأصلين العظيمين لديه
1- ضعف المدارك العقلية والعلمية بله حماقته أي مخالفه.
2- سوء نيته وقبح طويته...
إلى جملة عريضة من السباب والشتام.
أخوكم: أبو فراس فؤاد يحيى هاشم.
أستاذي ..
_ لا حيلة في اجتثاثِ ( شهوة الرد ) من النفوسِ ، لأنها طبعٌ شهواني ، و الشهوة غريزة مغروزة .
_ و في التهذيب رعايةٌ لجانبٍ كبيرٍ ، و للنفسِ حضورٌ و لا بُد .
_ الأصلانِ هما مطيةُ كثيرين من المشتغلين بـ " ثقافة الرد " ، فإحسانُ أحدهم حرفاً ، و لمِّ المُعجبين صفاً صفاً ، و التحريرُ السَّجعي للكلام ، و التضخيمُ للموضوع ، غايةٌ يُدركونها تماماً ، و محترفون فيها .
أستاذي ..
" ثقافة الرد " لم تكن يوماً من الأيامِ مصدراً للعلمِ ، و إنما هي توظيفٌ للعلمِ بثوبِ النقضِ و الرد على المعارضِ ، و أما اليوم فالنحرير البالغُ شأو العلا في التمكينِ مَن يكتُبُ رداً و لو على صحيفة ، أو مقالةٍ مجهولاً صاحبها ، أو في أمورٍ يتَّسِع الكلامُ بين أهل الفنِّ .
تحيةً لمرورك ..