المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حول "مراتب العلم" وما يترتب عليها



عبدالله الشهري
2007-12-14, 01:14 AM
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد

فبين يديك أيها الفاضل كلاماً للفقير إلى ربه بحثت فيه فصول تتعلق بمراتب العلم ، أريد به مشاركة أهل الاهتمام بالأطاريح المفيدة والمناقشات الناصحة ، لعله ينفع من وراءه.
موضوع "مراتب العلم" بصورته المتأخرة لم يكن معروفاً عند السلف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يكونوا يعرفوا "الضروري" و "الكسبي" و "النظري" و "القطعي" ، ولم يكونوا يعرفوا "الظن" و "الوهم" و "الشك" جرياً على اصطلاح خاص زائدٍ على المعهود من لغة العرب في وقتهم ، ومع ذلك فليس بضارّهم شيئاً ألاّ يعرفوا شيئاً من ذلك رضي الله عنهم. فهو – أي موضوع مراتب العلم - كغيره من نتاج العلوم الصناعية ، التي هي من عمل الفكر الإنساني واختراعه ، و هو أمر متجدد عبر القرون ، يتعقّب ويعتقِب فيه اللاحق السابق. إلا أن من مساوئه أنه يدخُل على الفكر الفطري فيفسده بحسب نوعه و كثرته ، كما أفسد علم المنطق – وإن كان لا يخلو من حق وصواب – أساليب النظر الطبيعية عند الإنسان السوي الأمي. ومع زعم أصحابه بأنه آلة تعصم مراعاتها الذهن من الزلل إلا أن كثيراً من عقلائهم قد صرّح بأن علم المنطق – بصورته الأرسطية – لا ينفك عن قصور ، وهذا صحيح لأنه يستمد قصوره من قصور واضعه ، فهو تابع لأصله ، وأصله هو الآدمي الذي الأصل فيه الظلم والجهل (إنه كان ظلوماً جهولا) والضعف (وخلق الإنسان ضعيفا) ، إنها لمفارقة عجيبة أن يعالج القاصر بآلته القاصرة قاصرين مثله ثم يزعم عصمتها من القصور؟
هذا كله مرجعه إلى أن الأصل في الآدمي الفقر ، وهي ، كما قال ابن القيم وغيره ، صفة لازمة ذاتية للإنسان ، لا يكتسبها في حال دون حال ، وإنما صفة ملازمة لذاته على الدوام. فالنوع الإنساني مفتقر في قوته العلمية والعملية إلى من لا فقر فيه ولا عنده ولا به ، وهو الباري عز وجل ، الغني في كل صفاته.
وهذا البحث يعالج قضية مراتب العلم من جهة الحدود وعلاقتها بتقسيم هذه المراتب وتُوضح أثر ذلك في تصورنا لمباحث العلوم الشرعية وحكمنا عليها. وهو لا يستوعب كل ما يمكن أن يقال في أبواب الموضوع إنما يتناول أصل الموضوع في كلياته وعمومياته و كذا ما يتصل ببعض قواعده وضوابطه. إلا أني قد ارتأيت أهمية هذا الموضوع على اختصاره لِما وقفتُ عليه من خلطٍ في فهم هذه المراتب وتنزيلها على واقع البحث ، بل لِما وجدته من إشكال متأصل في قضية مراتب العلم نتيجة مجافاتها في بعض أحوالها لدلالات ذات الألفاظ في نصوص الكتاب والسنة ، الأمر الذي جنح بفقه طوائف من الناس بعيداً عن مراد الشارع ومقصوده.
اعلم رحمني الله وإياك أن العلم إما أن يكون ظنياً وإما أن يكون قطعياً. ثم اعلم أن العلم الظني وإن كان قسيم القطعي فإنه ربما كان الوسيلة إليه ، ذلك أن العلم القطعي منه ما هو حاصل بالنظر والنظر مشتمل على بعض الظن ومن العلم القطعي ما هو مستقر مركوز في طبائع الأذهان ، من جهة أن النفس تقطع به وجوداً وعدماً أو صحة وخطأً. واعلم أن القطعي أخص من الضروري من جهة أن القطعي ما لا يطرقه احتمال ومن جهة أن القطعي متعلق بالبديهي من المعلومات.
أما الضروري وهو تولّد ضرورة في نفس الإنسان توجب التصديق أو خلافه بشيء من الأشياء ، بحيث لا يمكنه رد ما يعتقده وإن غاب عن حسه ، قال الدبوسي رحمه الله ((قد أجمع العقلاء على إصابة المطلوبات الغائبة عن الحواس بدلائل العقول كإجماعهم على إصابة الحاضر بالحواس)) [1] . أقول أما الضروري فهو أعم من جهة أنه متعلق بالحاصل عن طريق البداهة وغيره من المسالك ، فالجزء أعظم من الكل ضروري و قطعي ، فهو ضروري لأنه لا يمكن دفع التصديق بذلك ، وقطعي لأن الذهن مفطور على الجزم بذلك دون العكس. قال الجويني رحمه الله (فمن المقدمات الهندسية ما تهجم العقول عليها من غير احتياج إلى فكر ، كالعلم بأن الجزء أقل من الكل ، والكل أكثر من الجزء ، والخطوط المستقيمة الخارجة من مركز الدائرة إلى محيطها متساوية. على غير ذلك من الأمثلة التي تسمى المصادرات. فإذا بنى المهندس على هذه المقدمات شكلا ، وركب عليها دعاوى ، وبرهنها بما يستند إلى تلك المقدمات ، فقد يحتاج في ترتيب الاستخراج إلى فكر طويل ، وإذا أحاط بما يبغيه فعلمه به على حسب علمه بالمقدمات ، وكذلك القول في العدديات) [2] .
فمقياس الضرورة مقدار وجودها في النفس قوةً وضعفاً ، و المقياس القطعي لا تدخله قوة الاحتمال بالقرائن وإنما الحكم بكون القضية صواباً أم خطأ ، موجودة أم معدومة مع الجزم التام.
ولذلك تجد المحدثين يقولون أن الحديث وإن كان في أعلا مراتب الصحة فإنا لا نقطع بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله ، وكذلك الحديث الموضوع لا نقطع بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقله ، ومع ذلك نجد في أنفسنا ضرورة لقبول الصحيح بسبب القرائن الدالة على صحته وضرورة لرده بسبب القرائن الدالة على ضعفه. ولذلك ضل من اشترط القطع لقبول الأخبار ، لأنه أدى به ذلك إلى رد السنة بالكلية ، بحجة أن القرآن قطعي الثبوت والسنة خلاف ذلك ، ولكنه تجاهل أن القطع لا يغنيه عن اعتبار الضرورة ، فإنه ربما وجد في نفسه ضرورة تدعو إلى قبول السنة ، ولكنه يجهد في دفعها باشتراط القطع ، مع أن الضرورة كافية في ذلك. ومن أكثر المباحث الحديثية تعلقاً بهذا مبحث المتواتر والآحاد. فالمتواتر يصنع ضرورة في النفس وإن لم يصل حد القطع. والخلاصة أنه يخطيء من جعل الضروري رديف القطعي من كل وجه. وقد يستعمل بعضهم هذا مكان هذا فيتولد الإشكال لما ذكرت.
يتبع...
=====================
[1] تقويم الأدلة ، ص 442.
[2] البرهان ، ص 112.

أبو مالك العوضي
2008-01-11, 01:06 AM
وفقك لله
الذي أعرفه أن العلم الضروري أقوى من العلم القطعي، لأن العلم القطعي من العلم النظري
وكلامك أن العلم القطعي أقوى من الضروري، وهذا فيه نظر؛ لأن العلم القطعي أصلا لا يمكن الوصول إليه إلا بناء على العلم الضروري؛ لأن العلم القطعي الحادث مثلا بالتواتر لا يمكن أن يسلم به إلا بناء على الضرورة الحاصلة عندنا من أن الخبر يزداد قوة بازدياد المخبرين.
فالطعن في العلم الضروري طعن من باب أولى في العلم القطعي، ولا يتأتى القول بالعلم القطعي دون القول بالعلم الضروري.
والعلم الضروري هو الأساس الذي يبنى عليه العلم القطعي.
والله أعلم.

ابن رشد
2008-01-11, 11:37 PM
صراحة موضوع مراتب العلم من الامور المشكلة عندي قديما وحديثا
وتحتاج لتوضيح بعض المسائل المتعلقة بها ,,فمثلا على سبيل المثال ,,,

عندما نرى حديثا صحيح الاسناد والمتن ولكنه غير متواتر ,فهل نقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله أم لا؟
فإن قيل :نقطع
قلت:وهل يكون خبر الآحاد قطعي ؟!
وإن قيل: لانقطع
قلت:أليس ثبت عندنا صحة ذلك الاسناد والمتن ,فلماذا عدم الجزم بأنه قاله ؟!

إشكال آخر:
هل يوجد فرق بين الحجة والقطعي ؟

إشكال آخر :
أليس الصحابة _رضي الله عنهم _كانوا يقطعون بخبرالآحاد ؟
الجواب:بلى
قلت:فلماذا لانفعل مثلهم ,ونقطع بصحة خبر الآحاد ,ويكون هو الاصل,إلاأن يأتي مانع من صحته مثال :جزم الناقل بالنسيان أو انه شك ونحو ذلك

وصراحة خرجت مصطلحات أصولية تحتاج تحرير أكثر,وضبط أدق

والسؤال الاخير:هل توافقوني على ماقلته؟

أبو مالك العوضي
2008-01-11, 11:48 PM
وفقك الله

من قال إن الصحابة كانوا يقطعون بخبر الآحاد؟ هذا غير صحيح.

ابن رشد
2008-01-11, 11:57 PM
من قال إن الصحابة كانوا يقطعون بخبر الآحاد؟ هذا غير صحيح.

أخي الحبيب أبا مالك :
أليس الصحابة رضي الله عنهم تحول بعضهم من قبلة بيت المقدس إلى قبلة الكعبة بخبر رجل واحد ,وتحولوا في الحال ؟!
ألا يكون تصديقهم لهذا المخبر بتغيرالقبلة من باب القطع ؟

أبو مالك العوضي
2008-01-12, 12:06 AM
لا يا أخي، لم يكن من باب القطع، ولم أقف على أحد من أهل العلم قال إن ذلك من باب القطع، ولكنه من باب قبول خبر الثقة.

والقطع ينبغي أن نفهم معناه أولا حتى يتضح لنا وجه المسألة، فالقطع معناه عدم احتمال النقيض، وهذا غير موجود هنا.
والقطعيات لا يمكن أن تتناقض أو تختلف، فإذا اختلفت أو تناقضت فلا بد أن يكون بعضها غير قطعي.

ولو كان خبر الواحد يفيد القطع ما اختلف الصحابة مطلقا، ولا خطَّأ بعضهم بعضا، ولدينا عشرات النصوص التي فيها تخطئة بعض الصحابة لبعض، حتى فيما ينقلون عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولو كان خبر الواحد يفيد القطع، لما كان هناك معنى للتثبت وزيادة الاحتياط بالسؤال لآخرين، كما هو مشهور معروف عن السلف.
ولو كان خبر الواحد يفيد القطع لما كان هناك معنى لاستحلاف الراوي كما في حديث علي بن أبي طالب المشهور.

وكل ما سبق لا يعني أن خبر الواحد مشكوك فيه، هذا خطأ، بل خبر الواحد الثقة مقبول وصحيح ومعمول به، فإذا اقترن بقرائن تقويه، فقد يرتفع إلى درجة القطع.

فأنا أقبل خبرك فيما ترويه؛ لأن هذا هو الواجب، ولكن لو افترضنا أنني بعد أن قبلت خبرك جاءني عشرة من الثقات فأخبروني بخلاف قولك، فهل هذا معناه أن كلامك الأول كان قطعيا، ثم صار خلاف قولك قطعيا ؟!!
هذا لا يمكن.

وكذلك هذا الصحابي الذي أخبرهم وهم يصلون، لو افترضنا أنهم بعد انتهائهم من الصلاة جاءهم عشرة من الثقات فأخبروهم بعكس ذلك، فهل هذا معناه أن القطعيات تعارضت؟ هذا لا يمكن.

عبدالله الشهري
2008-01-12, 01:07 AM
جزاكم الله خيرا على إثراء الموضوع. أخي ابن رشد ، لعلك تراجع موضوع قد طرحته له علاقة بما ذكرت ، وقد كتبته بعد مناظرات جرت لي مع بعض من ينكر السنة ، ذلك ريثما استجمع جواباً أحوم به حول حمى سؤالك ثم أقع فيه : )
(الاستفادة من التصنيف المعاصر للحقول المعرفية في إثبات حجية السنة و نقض حجج القرآنيين )
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=4347&highlight=%C7%E1%CA%D5%E4%ED%D D

عبدالله الشهري
2008-01-12, 01:21 AM
[إضـافـة]

....يقول أخونا علي أحمد عبدالباقي - وفقه الله - في مشاركة له رداً على موضوع طرحته - :
(...لذلك فكلُّ حديثٍ اتفقا (البخاري ومسلم) على روايته فهو مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري واقع به ، كما قاله ابن الصلاح في علوم الحديث (ص28) ويستثنى من ذلك بلا شك ما انتقده أحد الأئمة عليهما أو على واحد منهما ، كالأحاديث التي أعلَّها الدارقطنيُّ أو غيره ممن تعقب الصحيحين فهي خارجة عن هذا الحكم.
وما ينطبق على الصحيحين ينطبق على ما رواه الستة من باب أولى ، فكل حديث اتفق الأئمة الستة على روايته ولا يوجد فيه مطعن لأحد من الأئمة المعتبرين فإنه يفيد القطع بصحة نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والعلم اليقيني النظري حاصل به . والله أعلم).
رابطه: http://majles.alukah.net/showthread.php?t=4843

أبو مالك العوضي
2008-01-12, 01:26 AM
وفقكم الله

الكلام الذي نقله الشيخ علي عبد الباقي عليه إشكال، فإن البخاري رحمه الله توفي سنة 256، ومسلما توفي سنة 261، والدارقطني توفي سنة 385 أي أن بين الدارقطني والشيخين أكثر من مائة سنة.

فالسؤال الآن: الأحاديث التي انتقدها الدارقطني على الشيخين ماذا كان حالها في هذه السنوات المائة؟

وهذا السؤال سؤال نظري؛ لأن انتقادات الدارقطني وغيره على أحاديث الصحيحين إنما هي من جهة الصناعة الحديثية وليست من جهة ثبوت المتون كما بين الحافظ ابن حجر والإمام النووي وغيرهم.

أمجد الفلسطيني
2008-01-12, 07:18 AM
بارك الله فيكم
إنما اكتسبت القطعية بالإجماع والتلقي بالقبول وهذا حاصل بعد الدارقطني وأمثاله ممن انتقد بعض الأحاديث في الصحيحين

خطاب القاهرى
2009-09-29, 12:10 PM
بارك الله فيكم
إنما اكتسبت القطعية بالإجماع والتلقي بالقبول وهذا حاصل بعد الدارقطني وأمثاله ممن انتقد بعض الأحاديث في الصحيحين


إذن, فهل يقال إن اعتراضات الدارقطني و غيره لا عبرة بها, إذ قد حصل التلقي و القبول بعد ذلك؟

أمجد الفلسطيني
2009-09-30, 01:53 PM
بارك الله فيكم

الجواب: لا
لأن من حكى الإجماع استثنى ما انتقده الدارقطني

احمد حامد الشافعى
2010-01-22, 11:42 AM
جزاك الله خيرا

احمد حامد الشافعى
2010-01-22, 11:52 AM
جزاك الله خيرا

عبدالله الشهري
2010-01-22, 10:11 PM
وفقك لله
الذي أعرفه أن العلم الضروري أقوى من العلم القطعي، لأن العلم القطعي من العلم النظري
وكلامك أن العلم القطعي أقوى من الضروري، وهذا فيه نظر؛ لأن العلم القطعي أصلا لا يمكن الوصول إليه إلا بناء على العلم الضروري؛ لأن العلم القطعي الحادث مثلا بالتواتر لا يمكن أن يسلم به إلا بناء على الضرورة الحاصلة عندنا من أن الخبر يزداد قوة بازدياد المخبرين.
فالطعن في العلم الضروري طعن من باب أولى في العلم القطعي، ولا يتأتى القول بالعلم القطعي دون القول بالعلم الضروري.
والعلم الضروري هو الأساس الذي يبنى عليه العلم القطعي.
والله أعلم.


جزاك الله خيرا أخي الفاضل. في الحق لم أصرّح بأن القطعي أقوى من الضروري وإن كانت عبارتي موهمة بذلك لما للحديث في هذه الدقائق من الخطورة ، خاصة إذا انبنى عليها اعتقاد أو أصل ديني ، وإنما مرادي - كما نصّيتُ على ذلك - أن القطعي نوع أو درجة من درجات الضروري ، فجعلته أخص منه باعتبار معين هو اعتبار عدم تطرق الاحتمال ، وكما تعلم القطعي لا يحتاج إلى نظر وكذلك الضروري ، فهما مشتركان بهذا الاعتبار ولكن يبقى الإشكال في تعريف المراد بالضروري أهو ما تقضي الضرورة بتصديقه ، فهذا أيضاً فيه ما يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال ، وإن كان المراد العلم الغريزي - كما قال أحمد بن حنبل : "العقل غريزة" - أي الذي لا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص فهذا يتوجه فيه أنه أثبت وأحكم من القطعي لا سيما إذا عرّفنا القطعي بأنه نتيجة النظر ، أما الغريزي فهو ليس نتيجة نظر ، فهو هكذا موجود لا يمكن تغييره كما أن لغة الحاسب التي تتردد بين الصفر والواحد هي الترميز المعتمد الذي لا يفقه الحاسب برمجة العمليات دونه ، ولكن يُشكل عليه أن القطعي منه أيضاً ما يصدق عليه أنه ليس بنتيجة لنظر تماماً كالضروري ، مثل الكل أعظم من الجزء ، فيصدق عليه أنه قطعي لأنه لا يخالف فيه أحد ولا يحتاج إلى نظر وأيضاً ليس بنتيجة لنظر ، أي ضروري....فجزاك الله خيرا على ما نبهت عليه إذ أقل ما يمكن الخروج به من هذا الموضوع أن التقسيم بالاصطلاح هو في ذاته أمر مشكل لأن حدود الضروري والقطعي في عملية التفكير هل هي واحدة أم مختلفة وكيف تمتد ؟ وحد كل من ذلك ما هو وهل يمكن استيفاء الجمع والمنع في ذلك ؟ وأذكر أن ابن الوزير اليماني في العواصم وفي مختصره الروض الباسم قد أشار إشارة لطيفة لما أسميته سابقاً بـ "الفكر الفطري" ، وكيف تنازع هذا الفكر عوامل كثيرة يأتي في مقدمتها اصطلاحات أهل اليونان في تقسيم مراتب العلم يريدون بذلك ضبط عملية التفكير الآدمي ولكن هيهات ، وهذه نظرية في علم النفس المعرفي اليوم تُعرف بـالمدرسة "التجزيئية" للتفكير - compartmentalized - يريدون بذلك أن لكل وحدة معرفية (أو معلومة) حقل محدد ومتميز يعالجها في الدماغ ، وهذا لم يتأتى لهم خصوصاً بعد ظهور نظرية أحدث منها تعرف بـ "الارتباطية" إن صحت الترجمة - connectionism - ويقول أصحابها أن كل وحدة معرفية لها جذور في جميع مناطق الدماغ - هذا على القول أن العقل في الدماغ وبين المتقدمين كما لا يخفاكم نزاع معروف ومال شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم إلى أن العقل في القلب وله ارتباط بالدماغ - ولكن بنسب متفاوتة...وللحدي بقية إن فسح الله في العمر وقدّر الفرصة لذلك ، والله يرعاكم.

عبدالله الشهري
2010-01-22, 10:15 PM
أخي المقدم الصغير ، وإياك....والله أسأل أن ينفعني وإياك بالعلم النافع.