قال الإمام أحمد: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام.
السؤال : هل يحرم على طالب العلم
الاجتهاد و
أن يستحدث قول لم يقله أحد من السلف قبله ,علماً بأنه لم يخرق إجماعاً أو يخرق القدر المشترك والمتفق عليه من أقوال السلف وخاصة القول بتخصيص آية أو نسخها أو نحو ذلك .
لإثراء النقاش :
س4/ قال الإمام أحمد: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام. هل المقصود لك فيها إمام أحد الأئمة الأربعة أم هو عام؟
ج/ الإمام أحمد رحمه الله تعالى من توقّيه وحذره وخوفه من الله جل وعلا كان يكره أن يتفرد في مسألة بقول؛ يجتهد وليس له سابق في هذا القول، بل ينظر في أقوال الصحابة فإن وجد قال بقول أحد الصحابة، ما وجد، نظر في أقوال التابعين، ثم أخذ ما يظن أنه أقرب إلى السنة والدليل.
لهذا ترى أن الإمام أحمد اختلفت الروايات عنه في مسائل، وذلك لشدة توقيه وورعه، واختلاف مظان الإجابة ولأسباب كثيرة، فقول الإمام رحمه الله: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام، أو إياك أن تقول في مسألة ليس لك إمام. يعني لا تذهب إلى قول ليس لك فيه سلف من الأئمة المتبوعين؛ ولا يعني بذلك الأئمة الأربعة؛ لأن في زمن الإمام أحمد لم يكن ثَم تشخيص الأئمة بأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد؛ بل كان ألأئمة كثر من أمثال سادات التابعين وتبع التابعين ومنهم مثلا الأوزاعي والثوري وإبراهيم النخعي وجماعات كثيرة والليث بن سعد وربيعة وثَم مدارس كثيرة في ذلك.
فإذن مقصد الإمام أحمد من هذا القول أن طالب العلم يتورع الخوف يخاف القول على الله بلا علم قرين الشرك، قرنه الله جل وعلا بالشرك؛ بل لم يحدث الشرك إلا بالقول على الله بلا علم، قال جل وعلا ?وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ?[الأعراف:33]، وقال سبحانه ?وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا?[الإسراء:36]، طالب العلم يحذر من ألفاظه يحذر أن يقول شيء تزل به قدمه، وقد قال القائل: زلة العالِم زلة العالَم. يعني إذا كان عالم مقتدى به زل فسيزل بزلته عالَم من الناس زلة العالم زلة العالم؛ لأنه يكون أمم من الناس سيأخذون بقوله، فلهذا الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يفرحون أن يُكْفَوا الفتوى، يحيلها هذا على هذا، وهذا على هذا، والإمام مالك قال في ست وثلاثين مسألة قال لا أدري، والإمام أحمد سُئل عن مسائل وقال لا أدري وتوقف في مسائل.
ولا زال العلماء لا يتكلمون في كل شيء، لهذا قال ابن المبارك أو غيره: من أجاب الناس عن كل ما سألوه أو من أفتى الناس عن كل ما سألوه فهو مجنون. يعني ما يقول لا لأدري أبدا كل مسألة يعلمها، هذا ما يتوقف ما يراجع، هذا لاشك أنه متعجل.
ولهذا طالب العلم يجب عليه أن يكون متحريا سبيل أهل العلم في التؤدة وعدم الاغترار بالنفس والخشوع والطمأنينة والخوف من الجليل جل جلاله؛ لأنه سيسأل عن عمله، وسيسأل عن أقواله عل قال فيها بحجة أو لا.
إذا كانت مسألة ظهر لك فيها أن الصواب، كذا لكن ليس لك فيها إمام ما أحد سبقك لهذا القول، قال: هذا مقتضى الدليل، هذا لا يجوز لك لأنه من المعروف أنه لا يجوز أن تعتقد أن الحق حجب عن من كان قبلك، ما يجوز أن الواحد يظن أن الحق حجب عن الصحابة وحُجب عن التابعين وحجب عن الأئمة وآتاه الله جل وعلا الواحد في القرن الرابع أو الخامس أو السابع أو الرابع عشر إلى آخره، لذلك المرء يتّهم نفسه، طالب العلم يتّهم نفسه إذا فهم فهما ولم يجد من أهل العلم الراسخين من قال به، ثُم ثَم تفاصيل كثيرة في هذه المسألة.
شرح الطحاوية شريط 5 للعلامة السلفي صالح آل الشيخ حفظه الله.
المصدر http://www.alathary.net/vb2/showthread.php?t=14656