تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: هل لها مكان في مدرجات الملاعب ؟! للشيخ صالح سندي حفظه الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    225

    افتراضي هل لها مكان في مدرجات الملاعب ؟! للشيخ صالح سندي حفظه الله

    هل لها مكان في مدرجات الملاعب ؟!
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
    فيُطرح اليوم على مائدة النقاش في وسائل الإعلام موضوع حضور النساء في مدرجات الملاعب لتشجيع الفرق الرياضية. وكأنه تمهيد لواقع يُراد في مستقبل الأيام.
    لقد صرنا نناقش أمورا لم يكن يخطر بالبال من قبل أن تناقش، وهكذا فتن الأيام الشداد!
    وأعتقد أن طرح هذا الموضوع للنقاش في ذاته مشكلة، ومحاولة الإقناع بعدم قبوله شرعا وعرفا - مصيبة!
    إنها حلقةٌ جديدة من سلسلة امتهان المرأة واستـنـزالها من عليائها تحت غطاء المطالبة "بحقها المشروع"! فمن حقوق المرأة المسلوبة -في زعمهم-: تهاديها بين جنبات المدرجات!
    وعليه فلن تصل إلى الرقي المنشود -فيزعمهم- إلا أن تُشاهد على الشاشات: تهتف وتصفق، وتقفز مع كل "هجمة"! ..فوا سوأتاه!
    أهكذا يُنتظر أن يكون حال المسلمة في بلد الإسلام ومأرز الدين؟!
    النقاش ينبغي أن يبدأ من هذا السؤال: هل ملاعب الكرة أمكنة مناسبة للفتاة شرعا؟ وهل أوضاع المدرجات لائقة بها عرفا؟!
    الجميع يعلم أن الملاعب موضع خاص بالرجال حتى في الدول التي تسمح بارتياد النساء لها؛ فـ 99% من روادها في العالم من الذكور.
    فليت شعري كيف سيكون حال تلك المسكينة :عند دخولها الملعب، وعند خروجها، وأثناء جلوسها؟
    قالوا: سيؤمن لهن بوابات خاصة، ومدرجاتخاصة!
    لا أدري .. لم يفترض هؤلاء في الناس"السذاجة" أو الغباء؟
    فكم ستصمد البوابات الخاصة؟ والمدرجات الخاصة؟!
    ثم .. حين يخرج خمسون ألفا -أو يزيد- من الأمواج البشرية الهادرة في وقت واحد، أين سيكون محل تلك الفتاة بينهم؟ لا سيماوقد غلبتهم مشاعر ملتهبة غالبا؛ بين نشوة الانتصار، وضجر الهزيمة؟
    كيف سيُحمى هؤلاء الفتيات المتوشحات بالأعلام من الشباب الذين طاشت عقولهم من أنصار الفريق الغالب أو المغلوب؟
    من الذي سيضبطهم؟ ومن الذي سيضبطهن؟
    وهل ستؤمن لهن المواقف والشوارع أيضا؟!
    وإذا كان النساء يشتكين بمرارة ما يلاقينمن أذى الشباب الساقط في الأسواق؛ وهي مكتظة بالكبار العقلاء، والبائعين والنساء،وأوضاعه ا هادئة غالبا؛ فكيف سيكون الحال في الملاعب وساحاتها ومواقفها وقد توافد لهذاالغرض أصحاب النفوس الدنيئة؟
    أو أن أولئك يفترضون أننا نعيش في "المدينةالفاضلة" ؟! فكل ما يُرى ويُسمع ويُنشر من تحرش وأذية ومغازلة واعتداء ما هوإلا نسج خيال؟!
    ثم ماذا سيكون حال مواكب التشجيع بعد الانتصار!وقد اصطفت السيارات بالشباب وبالبنات أو بهما معا؟!
    ثم ماذا ستفعل في المدرج؟
    هل ستراها وتسمعها الآلاف المؤلفة فيالملعب، والملايين عبر الشاشات وهي تهتف بأهازيج فريقها، وربما تضرب بالدف بحماس؟!
    هل ستراها تقوم مع كل هجمة، وتصفق لكلمراوغة، وتقفز مع كل هدف، وتغني مع كل انتصار؟!
    وهل ستسمع -هي- من المدرجات المجاورة لها تلكالألفاظ النابية، والشتائم المقذعة التي يُقذف بها اللاعبون والحكام؟ ولربما لاتسلم هي أيضا من سماع كلمات تطالها خادشة للحياء.
    أهذا هو التصون والحشمة التي أمر بهاالإسلام المرأة؟
    هل سيقبل من في نفسه ذرة من رجولة وحمية هذا الوضعالمزري لأخته؟
    والمؤسف أنه مع ظهور هذه المفاسد التي لاتخفى على عاقل تطالعنا الصحف بفتوى أو اثنتان تجيز حضور المرأة للمدرجات للتشجيع،وفق الضوابط الشرعية!
    وكأننا في حاجة إلى فتنة جديدة!
    فهل من أفتى بهذه الفتوى استحضر أدلةالشرع وقواعده ومقاصده، وأحاط علما بالواقع الذي يفتي بشأنه؟
    - وإلا فماذا سيقول في معارضة هذه الفتوى لقول اللهتعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)، والتي قرر منها أهل العلم أن خروج المرأةمرتبط جوازه بالحاجة؛ فهل التشجيع حاجةٌ شرعية؟!
    وإذا كانت أمهات المؤمنين -وهن هن!- يوجَّهإليهن هذا الأمر؛ فكيف بغيرهن؟ فكيف ببنات اليوم؟!
    قال القرطبي رحمه الله عند تفسير هذه الآية: (معنىهذه الآية: الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقددخل غيرهن فيه بالمعنى؛ هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء؛ كيف والشريعة طافحة بلزومالنساء بيوتهن، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة؟!).
    - وماذا سيقول في الاختلاط الذي سيحصل عند الدخولوعند الخروج وبعده؟
    والمتقرر أن الإسلام جاء بالبعد عن مخالطةالمرأة للرجال ولو في دور العبادة؛ فكيف بغيرها؟ ففي سنن النسائي (1333) -وهو فيالبخاري بنحوه- من حديث أم سلمة رضي الله عنها بسند صحيح: (أن النساء في عهد رسول اللهصلى الله عليه وسلم كن إذا سلمن من الصلاة قُمن، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلمومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال).قال الزهري -التابعي الجليل- رحمه الله: (فأرى والله أعلم أن مكثه لكي ينفذ النساءقبل أن يدركهن من انصرف من القوم). (البخاري 837).
    وفي صحيح البخاري (1618) سؤال ابن جريجللتابعي الجليل عطاء رحمهما الله مستشكلا طواف الرجال والنساء بالكعبة: (كيف يخالطنالرجال؟) فقال عطاء: (لم يكنّ يخالطن، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة[معتزلة] من الرجال لا تخالطهم).
    بل أبان في الأثر نفسه أن الاختلاط لم يكنحاصلا في أشرف بقعة على وجه الأرض؛ فقد بين رحمه الله أنهن إذا أردن دخول الكعبةلم يدخلن حتى يخرج الرجال! (ولكنهن كنّ إذا دخلن البيت قُمن حتى يدخلن، وأُخرج الرجال).
    فكيف ستطبق هذه التوجيهات أثناء دخول الملعبوأثناء الخروج منه؟
    - وماذا سيقول في معارضة تشجيعهن لقوله تعالى:(وَقُلْنَ قَوْلًا مَـعْرُوفًا)؛ فهل هتافها وهَزَجها بالتشجيع من القول المعروف؟
    وإذا كان الإمام مالك يحكي أنه سمع أهل العلميقولون ليس على النساء رفع الصوت بالتلبية (الموطأ 1/334)؛ وعلل العلماء ذلك بأنرفع الصوت ليس من شأنهن، وهو مظنة الفتنة. هذا والتلبية عبادة وفضيلة؛ فكيف بتشجيعاللاعبين؟ !
    وهل تأتي الشريعة بإباحة اهتزازها وتمايلهاوتلويحه ا، وهي التي نهت المرأة أن تضرب برجلها لئلا يُسمع خلخالها!
    - وماذا سيقول في معارضة هذه الفتوى لتحريم نظرالمرأة لأفخاذ اللاعبين، وهذا حكم لا إخاله يخفى على طالب علم صغير، والله تعالىيقول: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُـضْـنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ). ولا أعلم قولافي المذاهب الفقهية، ولا فتوى لإمام معتبر تنص على جواز نظر المرأة لأفخاذ الرجالالأجانب.
    اللهم إلا إذا كان قصد من أفتى أن تغض المرأة بصرها-وهي في المدرج- عن اللاعبين!
    ومن العجيب أن أحدهم جعل جواز مشاهدةالمرأة للمباريات في التلفاز أصلا قاس عليه جواز اعتلائها المدرجات للغرض نفسه؛لعدم الفارق بين الصورتين!
    فمن سلّم له بجواز المشاهدة في التلفاز معما تتضمنه من رؤية أفخاذ الرجال، ومفاسد أخرى لا تخفى؟
    ثم كيف يعمى عن البون الشاسع بينالصورتين؟
    ثم إن استدلاله بالتلفاز مقلوبٌ عليه؛ فإنه إذاسُلم جدلا بجواز متابعتها لهذه المباريات بالتلفاز؛ فما الحاجة إلى بروزها إلىالملاعب فتفتن وتُفتن؟
    إن شأن هذه الفتوى لعجب!
    هل سيُضرب بعرض الحائط مراعاة المفاسدالمؤكدة من أجل مشاهدة لعبة؟!
    وأين في دين الله عدم اعتبار المنكراتالمتوقع ة من أجل تسلية؟!
    لقد كان الأجدر أن تقال كلمة الحق في "مهزلةالتشجيع" الواقعة من الذكور، وما اشتملت عليه من منكرات متراكبة: من غيبةوبهت وسباب وسخرية واعتداء، ومن تضييع للصلوات وإهدار للأوقات، ومن تحزيب للناس وإيقاعللعداوة بينهم، ناهيك عن التعلق بالكفار وتقليدهم وكسر حاجز البراءة منهم - لا أنيُجر بنات المسلمين إلى هذا البلاء، ومن على المدرجات! فيُجمع ضغث إلى إبالة.
    أما مطالبة بعض هؤلاء المفتين أن تكون هناكجهة مسؤولة عن الحفاظ على هذه الضوابط الشرعية، تمنع المخالفات حين صدورها، ولا يكتفىبذكر شروط الحضور دون أن يكون هناك إلزام عملي بها، ومنع الالتفاف عليها، بمفاجأة المخالفةأثناء الحضور - فقولٌ يضحك الثكلى؛ فهل هذا واقع؟ أو هو ممكن؟
    أهو يعني أن يُغرز رجل محتسب -أو امرأة-أمام كل مشجعة، أو مجموعة منهن لتنبيه تلك المغرمة بالكرة إذا ألهبها الحماس فسقطخمارها عن رأسها مع القفز عند "هجمة"؟
    أو لإنكار على ثانية إذا اهتزت بحركات غيرلائقة بعد هدف؟!
    أو لإرشاد ثالثة بانَ ساعدها وهي تُلوح بعلم؟!
    أما "الضوابط الشرعية"فقد فقدت هذه الجملة مكانتها عند الناس من كثرة جعلها "شماعة" لتمرير كلما يُشتهى!
    وكأنها "جُنة" يُخلي بها بعضهممسئوليته عما أفتى به، ويتقي بها سهام النقد! فيرمي بها ويمشي!
    جملة ضبابية غامضة عند أكثر الناس، كأنهاعنقاء مغرب! يُعرف اسمها دون حقيقتها.
    هلا أفصح المُبين عن حكم رب العالمين في هذه القضيةأن من الضوابط: أن لا تنظر إلى فخذ لاعب، ولا تخالط الرجال في الجلوس والدخولوالخروج ومواقف السيارات، وأن تلتزم حجابها ولا تكشف وجهها، وأن تدع أفعال الطيش القبيحةمنها، من التصفيق والتصفير والغناء والقفز والتمايل، وأن لا تخضع بقول ولا ترفعصوتا، وأن لا تُصوَّر المشجعات لا صورا تلفازية ولا فوتوغرافية، وأن لا يثمر هذاالتشجيع تعلقا باللاعبين، ولا احتفاظا بصورهم! .. وأخيرا أن لا يكون خروجها منبيتها إلا لحاجة، وعليه أن يبين حينها أن التشجيع في المدرجات حاجة معتبرة شرعا!
    فيا من يضع في ذمته شيئا ينوء عن حمله،وهو في غنى عنه: إن اعتبار المآلات أصلٌ شرعي، ومنع المبادي أولى من قطع التمادي،والسلام ة -عند العقلاء- لا يعدلها شيء.
    أخشى أن يأتي اليوم -وأعوذ بالله أن ندركه-الذي يصعب فيه التمييز بين ابنة بلاد الحرمين وغيرها.
    فهي كغيرها .. صورها قد نُشرت من على منصةالتشجيع، قد أسفرت عن وجهها، ونشرت شعرها، وصبغت وجهها بألوان الفريق الذي تشجعه!
    وحينها سيعض من شارك في الوصول إلى هذه الصورة-بفتوى أو رأي- أصابع الندم على الباب الذي بادر بفتحه، وإن ختمه بخاتم:"الضوابط الشرعية"!
    وبعد.. فإني أقول: إن بلاد الحرمين قد تميزت بعادات حميدة وسجايا كريمة؛ فرجالها قد مضواعلى الرجولة والحمية والإباء، فلا يُصطلى بنارهم، ولا يُمس أنف أَنَفَتهم، وفيهمغيرة على المحارم؛ بحيث أنهم يبذلون في سبيل ذلك كل غالٍ ومسترخص. والحياء والحشمةوالتصون شعار النساء ودثارهن.
    ولا يشك أحد أن فتح أبواب الملاعبللمشجعات يتعارض مع عادات البلاد وأعرافها الأصيلة.
    فلماذا الحرص البليغ على العادات والتراثإذا تعلق بمشغولات أو رقصات شعبية، مع الإهمال والإقصاء إذا تعلق بالأخلاق الفاضلةوالتراث الحقيقي الأصيل؟!
    وإذا كان العرف الذي لا يعارض الشرع ينبغياعتباره؛ فكيف وهو هنا أخلاق إسلامية، وخلال إيمانية؟!
    مؤسف والله أن تفقد البلاد تميزها الديني، وتميزهاالعرفي.
    وأقول أيضا: إذا كنا سنُسام في أخلاقنا ومروءتنا فيكرة ولم نصمد! فكيف بما هو أكبر وأعظم؟
    وأقول أيضا: المطلوب من بلاد الحرمين وحاضنةالبقاع الشريفة أن تتمسك بمعالي الأخلاق والمكارم؛ لأن قَدَرها أن تكون القدوةللعالم الإسلامي كله، وهذا هو الشرف، وهذا هو السؤدد.
    وأقول أخيرا: ليحذر المتصدرون من طلبةالعلم -فيما يفتون ويقررون- من مسايرة الواقع والوقوع تحت ضغطه، فكأني ببعضهم ولسانحاله يقول: المجتمع يسير نحو التساهل، ولا يسوغ أن يكون سقف المطالب الشرعية عليهممرتفعا! فلا بد أن تناسب الفتوى مستوى الناس!
    وبكلمة أوضح: لا بد أن نخيط أحكام الشرع بحسبمقاس أمزجة الناس وأهوائهم! فكلما فترت همتهم وضعفت عزيمتهم شذّبنا حكما هنا،وقصصنا آخر هناك!
    فأضحى الذي يُراعى ليس حدود الشرع وأدلته،وإنما أهواء الناس ورغباتهم، والله المستعان.
    وأختم بالتذكير بقول الله تعالى: (ثُمَّ جَعَـلْنَاكَعَل َى شَرِيعَـةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا، وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَلَا يَعْلَمُونَ، إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَـنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَإِنَّ الظَّالِمِينَبَ عْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ).
    أسأل الله أن يلهم المسلمين رشدهم، وأنيوفق ولاة أمرنا لما فيه صلاح البلاد والعباد.
    والحمد لله، وصلى الله وسلم على سيد ولد آدم، وعلى آله وصحبه.
    وكتبه: د. صالح بن عبد العزيز بن عثمان سندي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    20

    افتراضي رد: هل لها مكان في مدرجات الملاعب ؟! للشيخ صالح سندي حفظه الله

    جزاك الله خيرا أخي على هذا النقل المفيد .. أسأل الله أن ينفع به.
    أخوكم أبو عبد المجيد الشرقي

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •