تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: رد الشيخ الطيباوي على الشيخ الشريف العوني فيما يتعلق بالأشاعرة (الحلقة الثانية)

  1. #1

    افتراضي رد الشيخ الطيباوي على الشيخ الشريف العوني فيما يتعلق بالأشاعرة (الحلقة الثانية)

    كشف أخطاء حاتم العوني في محاولاته رد الاعتبار إلى عقائد الأشاعرة - الحلقة الثانية (2)

    أعده ونسقه أبو الأزهر -عفا الله عنه-

    قال الشيخ الفاضل أبو هارون مختار الطيباوي في (ملتقى طلبة العلم الشرعي) -وهي مجموعة فيس بوكية خاصة بالشيخ-:

    ((الحمد لله وحده، والصلاة و السلام على من لا نبيَّ بعده.
    أما بعد ؛
    فهذه الحلقة الثانية من الرد على الشيخ العوني مما نسبه للسلفيين من تناقض في حكمهم على الأشاعرة بتقديم العقل على النقل كأنه لم يقرأ كتب ابن تيمية، ولعله لم يقرأ (درء تعارض العقل مع النقل) وموقف كل متأخري الأشاعرة من الدليل السمعي -الذي جعله الجويني في المرتبة السابعة بعد الحرف و الصناعة(؟!)-، وموقفهم من خبر الثقة ، ومن تفريق الدين إلى أصول وفروع ؛ مما يصب كله في تقديم العقل على النقل !

    و الحقيقة الحلقة الأولى كافية في هدم كل بنائه لهذه المسألة لأنه بناها على شبهة لم توجد إلا في عقله هي أن إنكار التحسين و التقبيح العقلي يعني تقديم النقل على العقل!
    في حين أن صاحب الشبهة الأول: الجويني اعتبر ذلك تقديما للشرع، ولما كان الشرع يدل بالنقل و بالعقل، وهذا لا يخدم مخطط الشيخ العوني أي لفظ " الشرع" فاستبدلها بــ " النقل ".
    لا يزال الأشاعرة ـ ومن يدافع عن عقيدتهم ـ يعاندون الحقائق العلمية الساطعة، فمع أنه قد توفرت لديهم في هذا العصر الوسائل العلمية لتتبع، وكشف الأصول العلمية و الخلفية الفكرية التي تقف وراء كثير من مقالاتهم في أصول الدين، و المنهج المعرفي التي تقوم عليه.
    فمن خلال الاطلاع على كتب الفلاسفة اليونان، و المقارنة بينها و بين ما نسب لهم خطئا ـ وهي كتب الأفلاطونيين و الإسكندرانيين ـ يتبيّن جليا مصادر المقالات الأشعرية ـ بعضها ـ وأنها ذات أصول إغريقية ، و ليست إسلامية.
    فالقول بتماثل الأجسام، و القول بالجوهر الفرد، و القول بالجواز المحض (العادة)، و نفي الصفات لقرينة التجسيم، وحتى القول بالفناء الصوفي كلها نظريات أفلاطونية محدثة، ولا علاقة لها بالإسلام.
    فالقول بالأصول الأشعرية يشكل بذور القول بوحدة الوجود ، فالأشاعرة يقولون في القدر بالجبر على مذهب جهم، ومعناه لا فاعل إلا واحد.
    وفي الاقتران و التأثير بين الأسباب يقولون بالعادة، وهي في نفس معنى الجبر: لا فاعل إلا واحد.
    و في المخلوق يقولون بتماثل الأجسام فالمخلوق واحد.
    و في الفناء الصوفي ومعناه لا موجود إلا واحد.
    وفي باب الصفات ووجود الباري ينفون عنه كل صفة ثبوتية، فلا يتميّز وجوده عن بقية الموجودات بشيء، بل لا يتميّز عن العدم بصفة ثبوتية، فلا وجود له في الحقيقة إلا في الأذهان، لأنهم فرضوا وجودا لا يتصف بأي صفة ثبوتية (؟!)
    وهذا كله يقود للقول بوحدة الوجود، و لذلك خرج هذا القول من عباد و صوفية الأشاعرة كابن عربي، و التلمساني، و القونوني، وابن الرومي، و الغزالي.
    فمن أين ـ مثلا ـ للأشاعرة ـ القول بالجزء الذي لا يتجزأ ؛ أي المذهب الذري عند ديمقراطيس، وليس لهذا القول أثر في القرآن والسنة ، ولا في ثقافة العرب(؟!)
    وإذا كان الأمر منافسة بينهم وبين المعتزلة في اختراع الأقوال الكلامية الجديدة أخذا واقتباسا من اليونان و الرومان و الهند، ألم ينتبه العز و الشاطبي و المازري (الأفذاذ) إلى بطلان هذا المذهب وتوغله في السفسطة (؟!)
    وهل انتبهوا إلى بطلان قول الأشاعرة في نظرية الأعراض التي جعلوها واجبة لا يصح الإيمان بدونها (؟!)
    الأشاعرة و المعتزلة يقولون: بالجزء الذي لا يتجزأ و سبق و أن قلنا: بأن هذا مذهب الذريين من الإغريق ، و يسمون عند المسلمين بــ "الدهريين"، وهم فرقة من الطبيعيين قالوا بقدم الطبيعة و الدهر ثم بوجود مادة واحدة زعموا أنها مركبة من أجزاء غير مجزأة دائمة التحرك، و باجتماع تلك الأجزاء تحدث الأجسام، و باقترانها تفنى، وهكذا من الأبد إلى الأبد من غير أن يكون لافتراقها و اجتماعها نهاية، ولا لتغير العالم غاية ؛ إذ ليس هناك إلا الدهر و الطبيعة.
    فأخذ بعض المعتزلة وعنهم جمهور الأشاعرة بهذا المذهب ، و أدخلوا عليه التعديلات الدينية الإسلامية فوقعوا في أشد صور التناقض حيث جمعوا بين أصل الدهرية النفاة للخالق، وبين القول بالخالق(!)
    و التناقض الذي وقع فيه الأشاعرة بسبب أصلهم الديني ونزعتهم الإيمانية أن من أخذ بهذا المذهب و تصوره علم أنه لا يفضي إلا إلى إنكار الحقائق ، ونوع من السفسطة، وهدم دعائم العقل، ولذلك من كان منهم أخبر بالفلسفة ترك الأشعرية فكريا و انتقل إما إلى الفلسفة المحضة أو الاعتزال ليبق داخل حظيرة الإسلام، فالذين طالعوا "الإشارات "لابن سينا، و"الشفا" ،و "النجاة "أمثال الجويني و الغزالي و الرازي و الآمدي و أبي الحسين البصري انتهوا إلى التوقف في مسألة الجوهر الفرد و الجزء الذي لا يتجزأ، لأنهم تعلموا عند ابن سينا أن هذا المذهب لا يقول بغير المحسوسات، و أن الحس إدراك فقط، والحكم تأليف بين مدركات بالحس أو بغير الحس، و ليس من شأن الحس التأليف الحكمي، وهذا عين مذهب الغزالي في" معيار العلم" ومذهب الرازي في"تأسيس التقديس"، فالتفريق بين الإدراك الحسي و الأحكام العقلية أهم ما يبطل به مذهب الدهريين ومذهب الجوهر الفرد، و التناقض المأخوذ على الرازي في هذا الباب هو أنه لم ينس أصوله الكلامية فعندما أراد أن يعمل هذا المذهب في مبحث الصفات نفى أن يكون الإدراك الحسي من طرق العلم إلا الإدراك العقلي وهذا تناقض منه إما لعدم فهمه غرض ابن سينا و الفلاسفة ،أو محاولته البقاء في سياق النفي و التعطيل الأشعري للصفات الخبرية.
    وبهذا تعلم أن مذهب الأشاعرة في القول بالجوهر الفرد،و الجواز المحض"العادة" وتماثل الأجسام، مما يهدم أركان العقل و يدخل في باب السفسطة إنما أخذوه عن الدهريين من غير إدراك لمسالكه و أظن أن مذهبهم هذا يدل على عدم سعة اطلاع، وفهم لمذاهب الفلسفة الإغريقية،وإن كانوا خيرا من الفلاسفة عقيدة بدون جدال فإن الحقيقة كما نقلها ابن تيمية عن ابن النفيس: ليس هناك إلا الفلاسفة و أهل الحديث ، أما المتكلمة: (المعتزلة و الأشاعرة) فتلفيق مشوه !
    ثم يأتي الشيخ العوني ويزعم أن الأشاعرة فيهم أئمة أفذاذ فكيف خفي عليهم تناقضهم(؟!) ،وفي هذه الحلقة نبيَّن له بأمثلة صارخة تناقضهم الفردي و الجماعي.

    قال الشيخ العوني:
    ((طبعا من السهل جدا أن نخرج من تناقضنا فيما ننسبه إليهم ، وفي سبيل ذمهم وانتقاصهم : أن ننسبهم إلى التناقض ، وكأنهم شخص واحد أو اثنين ، وليسوا ألوف العلماء الأفذاذ ! فكأنهم مجموعة من المجانين : يؤصلون أصلين كبيرين (لا مجرد فروع) ينقض أحدهما الآخر دون شعور منهم بهذا التناقض الواضح وضوح الشمس ، ويستمرون على ذلك قرونا ، بل أكثر من ألف سنة ، منذ أبي الحسن الأشعري إلى اليوم ، ويمر على هذا التناقض الظاهر أفذاذ علماء الأمة من الأشعرية كالباقلاني والجويني والغزالي والقاضي عياض والمازري والرازي والعز بن عبد السلام والشاطبي إلى من جاء بعدهم ، ولا يدركون خلال ألف عام ، ورغم تشنيعنا عليهم فيه : أنهم كيف يقررون تقديم العقل على النقل مع تقرير أن التحسين والتقبيح شرعي فقط!))

    قلت: سبحان الله شبهة واحدة أكلت منهجه كله، وتولدت عنها عشرات الشبهات ، وصدق من قال: "من ضيَّع الأصول حرم الوصول"(!).
    ولعلنا نذكر الشيخ العوني ببعض الأمثلة الفاضحة لتناقض الأشاعرة، و الكاشفة بأنه مذهب مركب من المتناقضات ، فيجمع بين المختلفات ويفرق بين المتماثلات ،وأنه مزيج من فلسفة و علم كلام لا غير، و الجواب من أوجه:

    1 ـ نصيحة: شروط فهم و إدراك مسالك علم الكلام صعبة وتحتاج أن يقضي المرء فيه سنوات طويلة ، وبدون إحاطة بالفلسفة و المنطق لا يمكن فهم مسالك علم الكلام فلا يمكن الانتقال من النقد الحديثي إلى الكلامي الفلسفي بدون هذه الشروط .
    فقد يجد المرء نفسه يزيف الحقائق وفي ذلك تضليل للناس من غير أن يشعر أين يقف.

    من يسميهم بالأفذاذ :(الباقلاني ، و الجويني، و الغزالي، و الرازي )أشد المتكلمين تناقضا، ففي الكتاب الواحد يقولون الشيء و نقيضه، ومن شاء الاستفصال فعليه بــ (بيان تلبيس الجهمية)
    والرازي نفسه يقرر في ( المحصول) طريقة كيف تجعل الحق باطلا و الباطل حقا(!)،وقد عاب عليه علماء الإسلام: التفنن في إيراد الشبهات، كما سيمر عليك.
    أما (عياض، و المازري، و العز بن عبد السلام، و الشاطبي) فليسوا أئمة في علم الكلام، وهم فيه مقلدة لا تحقيق لهم لمسائل علم الكلام و الفلسفة ، وهم أفضل الأشاعرة لاشتغالهم بالعلوم الشرعية لكنهم في هذه المسائل ملقدة لا يدرون تحقيقها، وكلامهم فيها ضعيف جدا، وباستثناء العز بن عبد السلام فالبقية مغاربة ، ومعلوم أن أعلم المغاربة بعلم الكلام: الباجي، وأبو بكر بن العربي، وقد كانوا مقلدة لشيوخهم المشرقيين.
    ربما نستثني منهم قليلا المازري فإنه شرح (البرهان) للجويني، ورد عليه في مسألة "استرسال علم الله " لكنه لم يسلم من لسان السبكي.
    وإذا لم يكونوا متناقضين فكيف يقولون بعقيدة واحدة ، وينقضون بعضهم بعضا، فهذا المازري كان أشد الناس نقدا للغزالي، و كذلك عياض حتى نقل بعض متعصبة الأشاعرة أنه مات في الحمام بعد أن دعا عليه الغزالي لما أفتى بحرق كتابه (الإحياء)(؟!).
    و السنوسي وقع كثيرا في الرازي، وشدد النكير عليه! أليس هذا من تناقض المذهب(؟!)
    واختلاف الأشاعرة فيما بينهم على خمسة مذاهب، فهل يصح القول بأقوال متعارضة متناقضة فبعضهم يثبت الرؤية، وبعضهم ينفيها، وبعضهم يثبت الصفات الخبرية ،وبعضهم يعتبر إثباتها كفرا وهكذا(؟!)
    ثم هؤلاء الأفذاذ لم يلتفتوا إلى أن المتأخرين منهم جهمية في القدر و الإيمان و الصفات فماذا بقي في العقيدة (؟)
    وهذا الشاطبي صنف كتابا عظيما في البدع إلا أن أهم البدع لم يقف عندها فجاء تأصيله في غالبيته للبدع العملية وترك البدع العقدية.
    وفي كتبه كثير من البدع و المخالفات الصريحة لعقيدة السلف ، ألم يكن يعلم الفرق بين عقيدة مالك وعقيدة الجويني(؟)
    وقد اجتهد علماء الأشاعرة في التأليف في السحر و التنجيم فألف فيه الغزالي كتبا وكذلك الرازي فهل انتبه الأفذاذ: الشاطبي و العز إلى ذلك وأشاروا إليه بأنه حرام أم لم يذكروه ؟
    و الجويني أين كان عقله عندما قلد أرسطو عن طريق (الشفا) و(النجاة) لابن سينا فقال بان الله لا يعلم التفاصيل ؟!
    قال الصفدي في( الوافي بالوفيات){130/6}: ((وقال ابن مماتي: كنت في مجلس الفاضل فحدثه بعض حاضري مجلسه أن الغزالي لما ورد بغداد سئل عن أبي المعالي الجويني فقال: تركته بنيسابور وقد أسقمه (الشفاء)، وقد كان شرع في مطالعة كتاب (الشفاء) لابن سينا، قال: فجعل القاضي يتعجب من حسن قوله أسقمه (الشفاء) ويتمايل له ويقول: والله إن هذا كلام حسن بديع.
    وكان عنده ابن ولد الوزير ابن هبيرة فقال: كلام جدي في هذا المعنى أحسن وأبلغ.
    قال له: وما هو؟
    قال: قوله الشفاء ترك (الشفاء)، والنجاة ترك (النجاة)
    فقال الفاضل: لا ولا كرامة، بين الكلامين بون لا يطلع عليه إلا أرباب الصنائع.))

    سبحان ما قاله الغزالي في شيخه قاله القشيري فيه ، قال:

    برئنــا إلى الله مـــن معشـر ... بهم مرض من كتاب الشفـــا

    وكم قلت يا قـــوم أنتم علـى ... شـفـا حـفرة مالها من شفــــا

    فلمــا استهـإنوا بتعريفنـا ... رجـعـنـا إلى الله حتى كـفــــى

    فماتوا على دين برسطالـــس ... وعشنـــا على سنة المصطفــى

    فهل من يملك عقلا صحيحا لا يتناقض يقول: من خلق التفاصيل لا يعلمها أي: يسترسل عليها علمه ولكنه لا يحيط بها؟
    مسألة إحاطة علم الله بالجزئيات، هذه المسألة تسمى في علم الكلام " الاسترسال" أي إحاطة علم الله بجملة الأشياء أما أجزاؤها فيسترسل عليها علمه ، و هو معنى ضد الإحاطة !
    فهذه المسألة الثابتة في كتابه ( البرهان ) (ص 116/1)، و ذكرها عنه الغزالي في ( المنخول ) (ص/100) دون تعقب، و معلوم أن ( المنخول ) فيه آراء الجويني بلسان الغزالي، كما ذكرها أبو بكر بن العربي في ( العواصم من القواسم ) (ص138)، وردها المازري و ابن دحية و القشيري, وأبو بكر بن العربي.
    وقال الجويني خلافها في [الشامل] {ص:76}:" إن الرب سبحانه و تعالى عالم بالمعلومات على تفاصيلها، متعال عن العلم بها على الجملة، إن العلم بالجملة يقارن الجهل بالتفصيل" ذكره عبد العظيم الديب في تحقيق ( البرهان), وهذا تناقض !

    لقد ترك هؤلاء ما جاء به محمد ،و أقبلوا على ما جاء به أرسطو و أفلاطون بواسطة ابن سينا فكلهم مرض عقله بــ ( الشفا)، و (النجاة)، و( الإشارات) حتى آخرهم: الطاهر بن عاشور كتب (المقاصد) بناء على تلك القواعد العشر التي أخذها من (أساس التقديس) للرازي، وفي كتبه مادة قوية من (الإشارات).

    ومن شدة ذكائهم وعدم تناقضهم (هؤلاء الذين ذكرهم الشيخ العوني) تابوا كلهم عند معاينة الموت ،فمن أي شيء تابوا(؟)

    قال ابن كثير في ( البداية و النهاية){68/7}: (( وكان مع غزارة علمه [الرازي] في فن الكلام يقول: من لزم مذهب العجائز كان هو الفائز، وقد ذكرت وصيته عند موته وأنه رجع عن مذهب الكلام فيها إلى طريقة السلف وتسليم ما ورد على وجه المراد اللائق بجلال الله سبحانه.))
    وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة في ( الذيل) في ترجمة الرازي: ((كان يعظ وينال من الكرامية وينالون منه سبا وتكفيرا بالكبائر، وقيل: إنهم وضعوا عليه من سقاه سما فمات ففرحوا بموته، وكانوا يرمونه بالمعاصي مع المماليك وغيرهم، قال: وكانت وفاته في ذي الحجة، ولا كلام في فضله ولا فيما كان يتعاطاه، وقد كان يصحب السلطان ويحب الدنيا ويتسع فيها اتساعا زائدا، وليس ذلك من صفة العلماء، ولهذا وأمثاله كثرت الشناعات عليه، وقامت عليه شناعات عظيمة بسبب كلمات كان يقولها مثل قوله: قال محمد البادي، يعني العربي يريد به النبي صلى الله عليه وسلم، نسبة إلى البادية، وقال محمد الرازي يعني نفسه، ومنها أنه كان يقرر الشبهة من جهة الخصوم بعبارات كثيرة ويجيب عن ذلك بأدنى إشارة وغير ذلك)).
    قال يقوت الحموي في (معجم البلدان){161/1} عن السهروردي المقتول:" وكان معاصراً لفخر الدين الرازي، جرى بينهما مباحثات، ورأى فخر الدين بعد موته كتابه (التلويحات) في الحكمة فقبله."
    قال ابن قاضي شهبة في (طبقات الشافعية){73/1}:" وقيل: إنه ندم على دخوله في علم الكلام.
    قال ابن الصلاح: أخبرني القطب الطوغاني مرتين أنه سمع فخر الدين الرازي يقول: يا ليتني لم أشتغل بعلم الكلام، وبكى."
    هذا هو الرازي الذي كان فذا غير متناقض (!).
    وهنا نقول للشيخ العوني: عن ماذا تاب الجويني و الغزالي و الرازي ؟ عن الحق أم عن العقول الفذة و التناقض(؟!)

    4 ـ ما بال السبكي يحاول إقناع الشافعية بقبول الأشعرية بين صفوفهم، وهو يعلم أن الشافعي نهى عن الخوض في علم الكلام و شبه اجتنابه باجتناب الطاعون(؟)
    ولماذا أنحى باللائمة على أبي إسحاق الشيرازي الذي أنكر شافعية الأشاعرة ، ولم يذكرهم في طبقته و كذلك هاجم السبكيُّ ابنَ الصلاح، و النووي، و جمال الدين المزي، و العبادي لأن الثلاثة الأوائل لم يذكروا في طبقاتهم الفقهاء الشافعية الأشاعرة، و أما الرابع فلأنه يرفض انتساب ابن كلاب المتكلم إلى الشافعية (؟)
    حتى الجويني نفسه الذي استلف عليه الشيخ العوني هذه الشبهة متناقض يُسمِّي أصحابه بأهل الحق الذين لا يتفقون على باطل ثم خالفهم في كثير من المسائل ورد عليهم، وهل هذا إلا تناقض؟!

    قال شيخ الإسلام مبيِّنا تناقضه :
    ((الثاني: أنه ذكر عنهم [أي أصحابه] أنهم اتبعوا السمع والشرع، وهو قد ذكر في أحوالهم التي بها صاروا أهل الحق عندهم أنه لم يثبت لله صفة بالسمع[؟!]، بل إنما تثبت صفاته بالعقل المجرد[؟!]، وأن الذين أثبتوا ما جاء في القرآن منهم من أثبته بالعقل، ومنهم من أثبته بالسمع، ورد هو على الطائفتين، فأي اتباع للسمع والشرع إذا لم يثبت به شيء من صفات الله بالشرع(؟!)
    بل وجوده كعدمه فيما أثبتوه ونفوه من الصفات، فأئمتهم [ القدماء] كانوا يثبتون الصفات بالسمع والعقل، أو بالسمع ويجعلون العقل مؤكدا في الفهم في ذلك، فأين اتِّباعهم للسمع والشرع وقد عزلوه عن الحكم به، والاحتجاج به، والاستدلال به(؟!)

    والثالث: قوله: ((يشتد نكيرهم على من ينتسب إلى إنكار مأثور الأخبار والمستفيض من الآثار))، فيقال له: إذا لم يستفد منها ثبوت معناها فأي إنكار لها أبلغ من ذلك(؟!)
    وأنت قد ذكرت إعراضهم عنها وقلت فيها من الفرية ما سنذكر بعضه، فهل الإنكار لمأثور الأخبار ومستفيضها إلا من جنس ما ذكرته في هذا الكلام(؟!)

    الرابع: ما ذكره أنهم يثبتون ما يثبتونه من أمر الآخرة فيقال لهم: هذا يثبتونه على وجه الجملة إثباتا يشركهم فيه آحاد العوام، ولا يعلمون من تفصيل ذلك ما يجاب به أدنى السائلين، وليس في كتبهم ما في ذلك من الأحاديث التي وصف بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، ولهذا تجدهم بذلك من أقل الناس علما بها ،أو تجدهم مرتابين فيها أو مكذبين فأي تعظيم بمثل هذا(؟!)، وأي مزية بهذا على أوساط العوام أو أدناهم(؟!) بل كثير من عوام المؤمنين يؤمن بتفاصيل هذه الأمور، ويعلم منها مما أخبر به الشارع ما ليس مذكورا في أصول هؤلاء، وإنما الفضيلة على عموم المؤمنين بأن يكون الإنسان أو الطائفة من أهل العلم الذي لا يوجد عند عموم المؤمنين وليس فيما ذكره من هذه الأصول ذلك.)) انتهى كلام شيخ الإسلام

    و الخلاصة أقول: بما مرَّ عليك من نقول وأدلة واضحة صريحة هل يعتبر عاقل يدري ما يخرج من رأسه أن قول السلفيين عن الأشاعرة بأنهم يقدمون العقل على النقل في العقائد هو كما قال الشيخ العوني ((استمرار في ظلم الأشعرية، وإمعان في الحكم عليهم بالجنون !))(؟!)
    قول العوني هذا هل هو من ظلم الأشاعرة أم هو ظلم للسلفيين، وللحق والحقيقة العلمية ، وتزييفها لصالح شبهة عقلية ساذجة أو شهوة نفسية عارمة (؟!)

    فالشيخ العوني صار يهاجم السلفيين وآخر خرجة له في تفويض المعنى هو الآن يستعمل طريقة مالك بن نويرة: زعم صاحبكم(؟!)
    الرجل انحــرف يا قوم !

    قال السبكي في (الطبقات الكبرى){386/3} أثناء حديثه عن الكسب والاختيار:
    (( ولإمام الحرمين و الغزالي مذهب يزيد على المذهبين جميعا، ويدنو كل الدنو من الاعتزال، و ليس هو هو)) !

    الحمد لله شهد شاهد من أهلها على أن الجويني أول من مال بالأشاعرة إلى ناحية المعتزلة الذين حاربهم شيخه وشيخ شيخه مؤسس المذهب فلعل هذا عند الشيخ العوني من الانسجام المضاد للتناقض الجماعي والفردي داخل المذهب الأشعري(!)

    وقال كبير الأشاعرة الرازي:" إن الأدلة السمعية لا تفيد اليقين و إنما يستفاد اليقين من الدليل العقلي"
    ثم يقول الشيخ العوني: إن السلفيين متناقضون عندما ينسبون للأشاعرة تقديم العقل على النقل (!)
    فإذا كان الجويني لا يحفظ من الحديث إلا (سنن) الدارقطني، وهي مملوءة بالغريب ، وكان الغزالي مَزْجيَّ البضاعة في الحديث ، وكذلك الرازي و الآمدي (؟!)

    وقال الصفدي عن الجويني {250/6} : ((وكان مع تبحره وفضله لا علم له بالحديث، ذكر في كتاب البرهان حديث معاذ في القياس، فقال: هو مدون في الصحاح، متفق على صحته! كذا قال وأنى له الصحة، ومداره على الحارث بن عمرو ومجهول عن رجال من أهل مصر؛ لا يُدرى من هم عن معاذ.))

    قلت: إن النظر العقلي المحض المجرد عن معرفة الحديث فقها وفهما وحفظا، وعن معرفة بأقوال السلف وآثارهم لا يقود إلا إلى معرفة محضة، أي: ذهنية كلية من جنس معارف الصوفية المطلقة ، ومن هنا جاءهم التناقض في العقيدة.

    فهذا الجويني اعتبر من قال مآخذ العلوم الكتاب والسنة دون نظر العقل من الحشوية ، لأنه يعد السمعيات معلومات لا تظهر في العقل ظهور العقليات !
    ثم قال في نفس السياق : (( لا يناسب انقلاب العصا ثعبانا صدق موسى في كونه رسولا)) {المنخول}.

    فانظر إليه يفرق بين العقليات والسمعيات ،وقد عرف أن السمعيات صادرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعقلياته هو صادرة عن عقله هو ، فاضطره ذلك إلى جر عقيدته في النبوة وبنى عليها الأصول الفقهية ، إذ في نظره لما كانت معجزة الأنبياء يقدر عليها السحرة والكهنة لم تدل على صدق موسى في كونه رسولا (؟!)
    ونحن لا نوافقه على ذلك ببداهة العقول، لأن عصا موسى عليه السلام لم تنقلب ثعبانا فحسب ؛ بل انقلبت إلى ثعبان يأكل حبال السحرة ، وهذا لا يقدر عليه ساحر ولا كاهن ، ولذلك سجد السحرة، واتبعوا موسى عليه السلام.
    ولو كانت معجزة موسى من جنس ما يقدرون عليه لما آمنوا واتبعوه.
    فهو تبيَّن تناقضه ومخالفة مذهبه للقرآن حيث جعل عصا موسى آية دالة على نبوته فخالفه صراحة وجعلها مشتركة لا تدل على اختصاص الأنبياء بالآيات(؟!) وما ذلك إلا حفاظا على مذهبه (العادة).

    مع الغزالي:
    فيما يخص الغزالي فقد أظهر الشيخ العوني جهلا مطبقا بحال الغزالي، فلو أنه قرأ ما ذكره ابن تيمية، أو الذهبي، أو المازري عن الغزالي لعرف حقيقة الرجل بل لو قرأ بحث محمد رشاد أو دراسة سليمان دنيا لعرف مخاطر الغزالي، بل لو قرأ (العواصم) فقط لأبي بكر بن العربي الجزء الثاني لعرف موقف الأشاعرة أنفسهم منه، وأن بعضهم كفرَّه حتى اضطر للدفاع عن نفسه فألف كتابه (فيصل التفرقة بين الإسلام و الزندقة).
    والغزالي متناقض في (المنطق) وفي (علم الكلام) وفي (الفلسفة) وفي كثير من المسائل حتى اعتبره الباحثون مزدوج الشخصية.
    وقد حصر معرفة الحق في أهل البرهان (الفلاسفة)، وفي أهل الوجد (الإشراق)، وجعل النبوة مكتسبة، وقال بنظرية الفيض المعرفي وكان يقول بمذهب الإشراقيين في النفس ، وينكر الصفات, وجعل النبوة كالمنامات!
    وكتبه مملوءة بالتأويلات المحرفة ، كما فعل مع حديث القلم، و حديث الحجب ، وآية النور وكثير من آيات القرآن فسرها تفسيرا باطنيا فلسفيا تجدها في دراستنا الخاصة به.
    فموقفه من الفقه موقف متناقض، كذلك موقفه من علم الكلام، وهو في كتابه (إلجام العوام) مع شروطه السبعة أكثر تناقضا من كتبه الأخرى!
    وهو من دعاة التوفيق بين الدين و الفلسفة،ذكر طرق طالبين الحق في كتابه (المنقذ من الضلال) ولم يذكر أهل السنة لأنه لا يعرفها!
    مصادر العلم عنده متناقضة فهاجم الفلسفة المشائية في كتابه (التهافت) واخذ بلب فلسفتهم (المنطق) في (القسطاس المستقيم)، و(معيار العلم) ، فهاجم المشائية واحتضن الإشراقية!
    وموقفه من النبوة موقف مضطرب و باطل، وكذلك من المعجزات، و الشفاعة،و الفيض!

    في الأخير: لو يترك الشيخ العوني الخوض في مسائل العقيدة والكلام و الفلسفة فهذا أسلم له ولمن يحسن الظن به لأن وسائل ومعايير الخوض في هذه المسائل مختلف جدا عن علوم الحديث ؛ فليبق حيث كان فقد كثر باطله وغلب صوابَه ! )) انتهى كلام الشيخ مختار الطيباوي-وفقه الله-

    قال أبو الأزهر: انتظروا الحلقة الثالثة قريبا -إن شاء الله-


    الحلقة الأولى: سجال علمي بين الشيخ مختار الطيباوي والشريف حاتم بن عارف العوني حول الأشاعرة!
    ((فإنه كلما كان عهد الإنسان بالسلف أقرب كان أعلم بالمعقول والمنقول)) = ((ابن تيمية))

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الدولة
    المحلة _ مصر
    المشاركات
    134

    افتراضي رد: رد الشيخ الطيباوي على الشيخ الشريف العوني فيما يتعلق بالأشاعرة (الحلقة الثانية)

    ما شاء الله لم أطلع على الرد كله ولكنه أعجبني جدا وإن شاء الله سأعود إلى إكماله بعد عودتي من الجامعة
    لنا جلسـاء ما نمـل حديثهــم
    ألبـاء مأمونـون غيبـا ومشهـدا
    يفيدوننا من علمهم علم ما مضى
    وعقـلا وتأديبـا ورأيـا مسـددا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •