[5] مواقف عُمرية
ما لا يفعله إلامثل عمر ت:مارواه جابر ابن سمُرة ت عن سعد ابن أبي وقاص كما في الصحيحين قال( شكا أهلُالكوفةِ سعداً حتي قالوا : إنه لا يحسنُ يصلي ، فأرسل عمرُ إلى سعد ، فقال له : لقد شكاكأهلُ الكوفةِ في كل شيءٍ حتى قالوا : إنك لا تحسنُ تصلي ، فقل لي كيف تصلي؟وهذا منأعجب العجب أن يقول عمر لسعد في مثل وزنه وسابقته وقربه من النبي كيف تصلي ؟– حيث أن سعد أسلم قبل عمر وأول من رمى بسهم في سبيل الله وأول من أراق دماً في سبيل الله وكان مقرباً من رسول الله _صلي الله عليه وسلم_ وهذا التابعي الذي شكا سعداً ألم يتعلم الصلاة إلا من سعد؟؟ ، فعمرلم يقل لسعد : قالوا أنك لا تحسن تصلي على ويبتسم علي سبيل التندر ولكن عمر مُخاَصم، ومسئول فلم يجد حرجاً أن يقول لسعد أرني كيف تصلي(قال: والله يا أمير المؤمنين : أنا لا أخرِمُ بهم صلاة رسول الله أنا أركُدُ في الأوليين(من التطويل أي يقرأبعد الفاتحة بسورة في الركعتين الأوليين)وأحذفُ في الأخريينأوأخف قال عمر: ذلك الظن بك ياأبا إسحاق'ومن التهم التي اتُهِمَ بها سعد : 1- أن سعداً لا يسير بالسرية- 2-ولا يعدل في القضية و3-لا يقسم بالسوية بالإضافة إلي التهمة الرابعة( أنه لا يحسن يصلي)فأرسل عمر_ ت_ سعداً- ت_ مع جماعة إلىالكوفة ، فمنتدى الناس الذي كانوا يجتمعون في ذلك الوقت المسجد فدخلوا كل مساجد الكوفة، ثم ينادوا الصلاة جامعة فجميع الناس تجتمع ، ومنثم يتم سؤاله من قبل الموفدون من قبل عمر_ ت_ : ما تقولون في سعد ، فيثني أهلُ المسجد عن بكرةِ أبيهم خيرا ويقولونمعروفاً ، وهكذا من مسجد إلى آخر حتى وصلوا لمسجدٍ لبني عبس: فعندما سألوهم عن سعد : أثنى أهل المسجد جميعاً خيراً ماعدا واحداٍ، يُكنيَ (أبا سعدةاسمه أسامة بن قتادة )قال: أما إذ ناشدتنا ( أي طالما حلفتنا ) فإن سعداً لايسير بالسرية ولا يقسم بالسوية ولا يعدل في القضية.فلما سمع سعداً هذاالكلام قال: أما إني سأدعو بثلاث دعواتاللهمإن كان عبدُك هذا قام مقامَ رياءٍ وسمعة فأطل عمره وأطل فقرهُ وعرضه للفتن.انظر كيف احترز سعد فمن الممكن أن أشتكي رجلاً من الناس لا أقصد التشهير به ولا الإنزال من قدره لكن عندي معطيات مغلوطة فأعطتني حكماً مغلوطاً.مثال ذلك: قول( أبا سعدة-أسامة بن قتادة) في سعد ت.أن سعداً لا يسير بالسرية :أي عند الغزو لا يخرج مع الجيش فهذه مسألة اجتهاد لأنه يمكن يبدو لسعد آلا يسير حتى يرعي البلد أو يبقي خلف الجيش يسدد ويقارب مثلما فعل( يوم القادسية) لم يباشر القتال فلما قال الرجل لايسير بالسرية هو صادق لكن هل سعد لما ترك الغزو كان مهملاً؟ لا لم يكن مهملاً فالرجل قد يكون عنده حق في الصورة الظاهرة من ترك سعد للغزو.وعندما قال لا يقسم بالسوية: فالعطاء من بيت المال يمكن أن يخضع لنظر المعطي.مثال ذلك :عندما وزع عمر بن الخطاب من بيت المال علي المسلمين أعطى أسامة بن زيدأكثر من ابنه عبد الله بن عمر فاعترض عبد الله بن عمر وقال له أنا أقدم منه وغزوت غزوات هو لم يغزها فكيف تعطيه أكثر مني فقال عمربن الخطاب_ت _: إن أباه (زيد بن حارثه ) كان أحب إلىالنبي_ _ من أبيك وهو كان أحب إلى النبي _ _منك. إذاً العطاء كان مقروناً بقدر قرب المرء من النبي _صليالله عليه وسلم .فائدة:إذا افترضنا جدلا ًأن عبد الله بن عمر لم يراجع عمر بن الخطاب في هذا كانت ستبقي في صدره علامة استفهام ويمكن أن يحدث نفسه بظلم أبيه له فالصورة الظاهرة أنه فضل أسامة عليه فأصبح عنده معطيات مغلوطة فلو عرفت لماذا فضل هذا علي ذاك عرفت أن عنده حق لكن لم أعرف.فيمكن أن يكون أبوسعدة هذا لما قال ماقاله علي سعد بن أبي وقاص أن يكون عنده معلومات مغلوطة وهو صادق النية لا يقصد يطعن علي سعد من أجل ذلك احترز سعد.وحُق لأهل التقوي أن يحترزوا قبل الحكم علي الناس إن كان الأمر كذا وكذا فهو كذا ورائدهم في ذلك رسول الله _صلي الله عليه وسلم_عندما سأله سائلرسول الله قال( يا رسول الله ما الغيبة ؟ قال : ذكرك أخاك بما يكرهقال: أرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته)فانظر إلىهذا الاحتراز في قول النبي : إن كان فيه ماتقول لم يقل فقد اغتبته وإنما احترز.ولهذا احترز سعد عند الدعاء وقال: إن كان قام مقام رياءوسمعةومن ثم دعا عليه ثلاث دعوات كل دعوة تناسبتهمةفالتهمة الأولي : أنه لا يسير بالسرية أي لا يغزو( متعلقة بالنفس أي لا يسير بنفسه)وقابلتها _ فأطلعمرهوالتهمة الثانية : لا يقسم بالسوية(متعلقة بالمال)وقابلتها _ أطل فقرهالتهمة الثالثة :ولا يعدل في القضية(متعلقةالدين)وقابلتها _ وعرضه للفتنواستجاب الله عز وجل لسعد في هذا الرجل خاصة أن سعداً كان مستجابالدعوةيقول عبد الملك ابن عُمير راوي الحديث عن جابر بن سمُره( لقد رأيت هذا الرجل ( أبو سعدة ) طالعمره يقعد في الطرقات يتعرض للجواري يغمزُهُنفإذا قيل كيف اصبحت : يقول : شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد)الله سبحانه وتعالي أسال أن يجعل ماقلته زاداً إلي حسن المصير إليه وعتاداً إلي يمن القدوم عليه إنه بكل جميلٍ كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل و_صلي الله وسلم وبارك_ علي نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.
* * *