هذه أهم الأسباب التي قد تورث الإنسان وساوسا واضطرابا في قلبه ,فيمرض القلب وقد يموت بسببها إن لم تتداركه رحمة الله وفضله..
وإن كان هناك أسباب أخرى قدلا يتسع المقام للتفصيل فيها ومنها:
الإصابة بالحسد او العين لضعف التحصين وقد تكون الإصابة بهذا بسبب دين المرء والتزامه فيحسده من حوله على ذلك فتصيبه الوساوس وقد يضعف تدينه بسببها وقديتزايد الأمر الى مالا تحمد عقباه ....فعلى المرء التوكل على الله تعالى والأخذ بأسباب التحصين ومنها ملازمة ذكر الله تعالى والمداومة على أذكار الصباح والمساء والمحافظة على الصلوات المفروضة وعليه الاهتمام بالرقية الشرعية مع الاعتماد على الله جل وعلا والتوكل عليه في دفع المضاروجلب المنافع ..
أيضا من أسباب الوساوس فراغ الشخص مع عزلته عن مخالطة الناس العزلة المذمومة وكبت النفس والتضييق عليها فتثور الوساوس في صدر المرء كالنار حين تأكل بعضها,والإنسان خلق بطبعه اجتماعيا يألف الناس ويستوحش إن ظل منفردا وحيدا لفترة طويلة ..ثم إن الشيطان ينفرد به ويستولي عليه كما يأكل الذئب من الغنم القاصية البعيدة عن بقية الغنم ..يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية"(صحيح الترغيب 427)
وفي حديث آخر وإن كان الحديث فيمن أراد التفريق بين الأمة ومفارقة جماعتها لكن نستأنس به ,يقول عليه الصلاة السلام:"فإن يد الله مع الجماعة,وإن الشيطان مع المفارق للجماعة يركض"(صحيح الجامع 3621)
فالإنسان لابد له من إخوة في الله يشدون من أزره ويثبتونه بأمر الله تعالى على الحق ويأخذون على يده إن أخطأ ولابد له من مجالسة أهله ومزاورتهم فهذا من حقهم عليه ولا بد أن يتواصل مع جماعة مسجده ويسال عنهم ويتفقدهم لا ينعزل ويخيل له الشيطان أنه في أنس وسرور حتى إذا مضت الايام والسنين استفرد به وقضى عليه ..لا ..بل العزلة أحيانا تكون مطلوبة لكن بقدر مشروع لا يمنع النفس من حقوقها ولا يحرم من حولنا من حقوقهم..والله أعلم
أيضا من الأسباب خواء القلب وفراغه من مادته الحقيقية الإيمان بالله تعالى ومحبته والثقة به واليقين بوعده وعهده فينتج من ذلك أن تحتله الوساوس والخواطر الفاسدة والشبهات فإنها ستجد مكانا خاويا فتستقر فيه وتتوطن فعلى العبد ان يستعين بالله جل وعلا ويسأله ان يملئ قلبه بالإيمان والحكمة وحب الله ورسله والصالحين وأن يصلح له قلبه وعمله..فالقلب المؤمن يطمئن بذكر الله جل وعلا ويأنس به فهوممتلئ عن آخره, لا خواء فيه ولا مكان للوساوس والخطرات ,يقول جل وعلا:"الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب"(الرعد 28) .
أيضا قد تكون الوساوس عارضة على القلب غير مستقرة فيه لكن الشخص نفسه يساعد على بقائها في قلبه بسبب سوء الظن بربه جل وعلا وبسبب انقياده وراءها وحرصه على تقليبها في فكره والأخذ والرد معها فهذا يسبب استفحالها وتزايدها بشكل كبير مؤذي ...
هذه بتوفيق الله تعالى وفتحه بعض ما عرفته من الأسباب التي تؤدي للإصابة بالوساوس أو تزيد من مخاطرها وسرعة نموها في القلوب ..ولنعلم ان الوساوس في بداية امرها كبذرة ألقيت في الارض لن تنمو إلا إذا حصلت على غذائها من الماء والهواء وضوء الشمس ونحو ذلك ومتى ما قُطع عنها ذلك فستموت ولن تنبت ولن يكون لها أصل متجذر ..وهكذا الوساوس في بدايتها لا تحاول سقيها بالتفكر فيها والأخذ والعطاء معها ومحاولة تقليبها والانسياق وراءها ومحاولة تأييدها والرضا بها وتصديقها وتطبيقها والعمل بمقتضى ما تمليه عليك فهذا هو غذاؤها الذي يزيدها نموا واستطالة بل ويسهم في تجذرها في قلبك ...لكن اقطع عنها اسباب حياتها وستموت شيئا فشيئا حتى تتخلص منها بإذن الله جل وعلا..وقد علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بالعلاج الناجع لهافعلينا ان نتوكل على الله تعالى ونعتمد عليه في شفاء هذا الداء مع الأخذ بالأسباب التي ذكرناها في المقالة الاولى وهي الاستعاذة بالله تعالى وقول آمنت بالله ورسله والانتهاء وقطع الفكرة من أساسها وعدم الاسترسال معها ....
اعتذر جدا عن الإطالة وأسأل الله جل وعلا أن يجزيكم خيرا ,وأن يجعل في هذا الموضوع النفع والفائدة للمسلمين ,
وإن كان من خطأ فيما كتبته فهو من نفسي والشيطان.وجزى الله خيرا من صوّبه.. وما كان من صواب وسداد فهو من الله جل وعلا وحده له المنة والفضل والثناء الحسن ..وسأحاول أن ألحق بالموضوع مقالة ثالثة مهمة أيضا ليتم الموضوع ويكتمل وأسأل الله تعالى ان ييسر ذلك بفضله ومنته..
هذا..والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين...