تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الوساوس ..طرق الشيطان على بابك..فهل ستفتح له؟!(2)

  1. #1

    افتراضي الوساوس ..طرق الشيطان على بابك..فهل ستفتح له؟!(2)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين ,والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه واتباعه اجمعين..

    أمابعد

    فموضوع الوساوس وانتشارها في صدور الناس لا يكاد يخفى ...وكثيرا مانسمع الشكوى من هذا البلاء و كثيرا مانسمع ضعف كثيرمن المؤمنين أمام هذا السيل الجارف وهذه الريح العاصف...
    لكن ما السبب في انتشار هذه الآفة التي قد تحصد إيمان المؤمن وتهدم بنيان إيمانه وتقتلع شجرة يقينه؟ّ

    مالسر في إصابة المؤمن بهذا الداء الذي قد يقضي على مناعته الإيمانية أو يضعفها حتى يكون عرضة لان يقضى على إسلامه وتوحيده؟!

    في هذه الجزء من موضوع الوساوس سنتناول بيان الأسباب التي تمكّن الوساوس من اقتحام قلب المؤمن ..وسنتعرف على بعض الأسباب الدينية خاصة والتي تمهّد الطريق لهذا اللص ليسرق كنوز الإيمان والتوحيد من القلوب...
    فلابد من معرفة سبب الداء لمعالجته ليسهل بعد ذلك القضاء على الداء شيئا فشيئا بإذن الله تعالى تبعا لزوال أسبابه ..أما مجرد معالجة العَرَض فليست حلا وإنما هي كالمسكّن فقط لا تعني شفاء ولا عافية لأن أصل الداء موجود لم تتم معالجته والقضاء عليه...وفيما يلي أعرض أسبابا قد تكون محركا رئيسيا لعجلة الوسوسة.. أو هي كالمهيجات التي تستدعي الوساوس لتظهر وتستثيرها لتعلو وتتكاثر, ومن عرف أسباب أخرى فليحتسب أجره عند الله عزوجل وليكتبها لينتفع بها المسلمون والله يأجره ويثيبه..

    · 1- ضعف توحيد الله جل وعلا في القلوب:
    قال الله جل وعلا:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون"(الأنعام 82)...يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى "الذين آمنوا ولميلبسوا إيمانهم بظلم " أي : يخلطوا إيمانهم بظلم ." أولئكلهم الأمن وهم مهتدون:” الأمن من المخاوف ، والعذاب والشقاء ، والهداية إلى الصراطالمستقيم ، فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقاً ، لا بشرك ، ولا بمعاصي ، حصللهم الأمن التام ، والهداية التامة .
    وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهمبالشرك وحده ، ولكنهم يعملون السيئات ، حصل لهم أصل الهداية ، وأصل الأمن ، وإن لميحصل لهم كمالها .ومفهوم الآية الكريمة ، أن الذين لم يحصل لهمالأمران ، لم يحصل لهم هداية ، ولا أمن ، بل حظهم الضلال والشقاءتفسير الشيخ السعدي رحمه الله تعالى" .
    وتأملوا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما، قال: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً. فقال: ((يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)) هكذا يتعلق المؤمن بربه جل وعلا ويوحده ويفرده بالعبادة والتوجه والقصد والاعتماد فيجني ثمرة التوحيد سكينة وأمنا وطمأنينة وراحة
    ومما لا شك فيه أن ضعف توحيد الله تعالى في القلب واختلاط الإيمان بظلمات الشرك والمعاصي يُنقص من مقدار الأمن الذي وعد الله تعالى به من حقق التوحيد ولم يظلم نفسه بالشرك..
    وأشار الشيخ سعد الشثري حفظه الله تعالى في أحد دروسه الى أن ضعف توحيد الله تعالى في القلوب هو سبب كثرة الوساوس اليوم و لو نظرنا في حال الناس قبل ثلاثين أوعشرين سنة لوجدنا أهل الوساوس والأمراض النفسية أقل من عددهم اليوم وسبب ذلك ضعف التوحيد اليوم والتهاون فيه والتساهل في أمور قد يظنها البعض صغيرة وهي عند الله تعالى من أعظم الظلم....وبتتابع الأعوام ومرور السنين تنشأ أجيال يال لا يعرفون التوحيد لمن أبناء المسلمين لا يعرفون التوحيد ماتعلموه ولا رُبوا عليه ولا سقاهم الوالدين حبه ولا اهتموا بتعريفهم إياه
    فتتسلط الوساوس على القلوب وتورثها اضطرابا وريبة وترددا وخوفا وحزنا ويقل أمنها واطمئنانها وسكينتها ,وكلما زاد الشرك والظلم زادت الوساوس وقل الأمن وبالعكس كلما ارتفع الإيمان وتحقق التوحيد وانتفى الشرك قلّت وساوس الشيطان وخطراته وبالتالي تحقق الأمن وتوطن في القلب واستتب وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان!
    ..
    وتظهر أهمية تحقيق توحيد الله وغرس هذه الشجرة في القلوب إذا علمنا أن الشيطان يخاف من قلب الموحد المعظّم لله تعالى ولا يجد إلى قلبه سبيلا, لأن الله جل وعلا يورث الموحّد قوة في الفهم والعقل فيفهم النصوص الشرعية ويتعلمها ويتقن مراد الله جل وعلا منها فيقوى يقينه بالله تعالى واعتماده عليه....
    وبالتالي يكتسب بفضل الله جل وعلا قوة في الاعتقاد وقوة في الحجة يغلب بها شبهات الشيطان وجنده ووساوسه وكيده...
    فينتج عن ذلك قوة في الإقناع بفضل الله تعالى لأن كلامه سينبع من القلب وسيخرج عن اعتقاد صادق وعلم جازم فيؤثر في الناس وينير لهم طريق الحق ويدلهم عليه...
    لذلك كان الموحد أعدى عدو للشيطان وليس له عليه سلطان وليس له إليه سبيلا فالله تعالى قد تكفّل به وبدينه وهداه وسدده ووفقه للدعوة إلى التوحيد وأكرمه "مستفاد من شرح الشيخ الشثري حفظه الله تعالى لمتن كشف الشبهات"
    واليوم نجد إعراضا عن تعلم التوحيد وتعليمه إلا ما رحم ربي ..فكل واحد من الناس يظن انه قد عرف التوحيد وحققه وهو لم يعرف إلا اسمه وما تعلم حقيقته ولا حققه ..لذلك تتسلط الشياطين على القلوب وما أن توسوس حتى تجد مجيبا وما أن تطرق الأبواب إلا ويُفتح لها فيدخل البلاء على القلوب مع ضعف التحصين فتكون الطامة الكبرى باهتزاز الإيمان والتوحيد والتشكيك في الدين والشرع ..
    ..إذا عرفنا أهمية افراد الله تعالى بربوبيته والوهيته وأسمائه وصفاته فلا عجب إذا علمنا أن الشيطان يحاول وبضراوة صدّ الناس عن التوحيد وعن تعلمه وعن تحقيقه فإذا تحقق له ذلك سهل عليه بعد ذلك التمكن من تلك القلوب وراح يسرح ويمرح داخلها,وإذا صد الناس عن تعلم التوحيد صدهم عن تعليمه لأبناءهم فتنشأ الأجيال ولم تعرف توحيد الله تعالى..
    وقد أخبرنا ربنا جل وعلا بعزم الشيطان على إغوائنا واخبرنا باعترافه بعدم تمكنه من المخلصين الذين أخلصهم الله تعالى لعبادته فقال الله جل وعلا:" قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين"(سورة ص82-83)
    قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى:"وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى:"إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا" (الإسراء 65 )
    وقال الإمام الطبري رحمه الله تعالى: ("إلا عبادك منهم المخلصين" يقول:إلا من أخلصته منهم لعبادتك وعصمته من إضلالي فلم تجعل لي عليه سبيلا فإني لا أقدر على إضلاله وإغوائه)
    · فمن أسباب كثرة الوساوس ضعف التوحيد في القلوب وضعف تطبيقه في الحياة.. فغدت كثير من قلوب المسلمين كالأسفنجة تمتص كل مايرد عليها ولا تستطيع دفعه حتى تمتلئ بالوساوس وتحتقن بها ثم تفيض بالشبهات والشكوك والريبة.. ولوامتلأت بتوحيد الله تعالى وتشربته فلن تجد الوساوس لها مكانا في القلب..

    · وعلاج هذا الأمر يكون بتعلم التوحيد وأمور العقيدة وفهم المراد الشرعي الصحيح من ذلك وضبطه ومن ثم تطبيقه وتحقيقه والاعتراف باستحقاق الله تعالى لان يوحد ويفرد بالربوبية والالوهية وأسمائه وصفاته, وأن يعلق المرء حاجته كلها بالله جل وعلا وان احتاج للخلق فيما هو في مقدورهم فلا يتكل عليهم بل يرجو من الله تحقيق مطلوبه لا من غيره..ويخاف من الله تعالى أن يسلط عليه خلقا من خلقه و لا يخاف من غيره..ويعتمد على الله تعالى في الأمر كله ويوجه وجهه إليه ويبث شكواه إليه ,ويوقن أن الرزق بيده والآجال بيده والهداية بيده والضر والنفع بيده وأنه لا يخرج خلق من خلقه مهما كان عن أمره ونهيه ولوكان ذلك المخلوق فيروسا أصيب به بدنه فإنه من خلق الله تعالى وتحت قهره فيوقن بوحدانيته جل وعلا في الخلق والأمروكشف الضر وجلب النفع ومع ذلك يوقن بتفرده باستحقاق العبادة بجميع أنواعها ويحرص على تحقيق التوحيد عند القيام بها ..فإذا كان الإنسان موحدا حقا تحقق له من الأمن بقدر ماعنده من التوحيد..ويصبح بهذا التوحيد من أغنى الخلق بربه جل وعلا ومن أفقرهم إليه وسيعرف حينئذ ماعناه الله جل وعلا بقوله:"من عمل صالحا من ذكر أوأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة "


    · ولابد أن نشير إلى أن المؤمن قد يكون محققا للتوحيد وقائما بحق الله تعالى ومع ذلك تصيبه الوساوس وتطرأعلى قلبه الخواطر كما حصل لبعض صحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم..وبإذن الله تعالى فإنها لن تضره وقد حقق التوحيد.. وفي ابتلائه بها من الحِكم مالا يعلمه ويحيط به إلا الله جل وعلا... وقد يكون ذلك لأسباب أخرى منها تمحيص إيمان العبد واختبار يقينه ومنها زيادة مناعته الإيمانية وتحصين توحيده ..لكن المقصود أن ضعف التوحيد في الغالب خاصة في زماننا سبب رئيسي لحصول الوساوس والشبهات والريبة والتردد والشكوك في القلوب..

  2. #2

    افتراضي رد: الوساوس ..طرق الشيطان على بابك..فهل ستفتح له؟!(2)

    2- تراكم الذنوب والخطايا وتكاثرها:

    بعض علماء الطب النفسي يذكرون أن سبب الوساوس وخاصة القهرية منها قد يكون له علاقة بالوراثة أو طبيعة الشخصية أو نتيجة أخطاء في التربية في وقت الطفولة أو نتيجة خلل يحصل في الدماغ ....الخ

    ونحن لا ننكر أنه قد يكون لذلك دور بتقدير من الله جل وعلا ...لكننا نؤمن أنه ماوقع بلاء إلا بذنب ولا رُفع إلا بتوبة...
    ومن أعظم الأسباب وبلا شك هو تراكم الذنوب والخطايا والأوزاروالتقصي ر في حقوق الله تعالى وحقوق عباده ...فقد قال الله تعالى "وما أصابك من سيئة فمن نفسك"وقال جل وعلا:"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير"
    *فهذا السبب الأساس وهو الداء الرئيس وعلاجه التوبة والندم والإكثار من الإستغفار وملازمته حتى يبدل الله تعالى الحال ويكشف الغم كما روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) رواه أبو داود (1518) وابن ماجه (3819) ، وأحمد في "المسند" (1/248) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (6/240)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (3/351) ، وغيرهم .
    جميعهم من طريق الحكم بن مصعب ، ثنا محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، أنه حدثه عن ابن عباس به
    وهذا السند ضعيف بسبب الحكم بن مصعب ، لم يوثقه أحد
    ..
    ولكن قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
    " هذا الحديث ضعيف ، ولكن معناه صحيح ؛ لأن الله تعالى قال : ( وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) ، وقال تعالى عن هود : ( وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ) ، ولا شك أن الاستغفار سبب لمحو الذنوب ، وإذا محيت الذنوب تخلفت آثارها المرتبة عليها ، وحينئذٍ يحصل للإنسان الرزق والفرج من كل كرب ، ومن كل هم ، فالحديث ضعيف السند ، لكنه صحيح المعنى " انتهى .
    "فتاوى نور على الدرب" (شروح الحديث والحكم عليها) ( شريط 238 ، وجه أ )
    والله أعلم /من موقع الإسلام سؤال وجواب


    والمقصود انه إن أصابت العبد مصيبة أو بلاء كالوساوس الشديدة مثلا في الدين فليعلم أنها بسببه هو ومن اقترافه هو,وليرجع بذاكرته شيئا قليلا إلى الوراء وليتفحص أيامه الخوالي كم من ذنب اقترفه وتركه ولم يتب منه,كم من فريضة قصر في أدائها ثم نسي ذلك ولم يتب منه..كم من حق ضيعه ولم يراقب الله جل وعلا في القيام به ثم تركه ولم يتب منه,كم من فرائض أخرها عن وقتها.. وكم من ألفاظ مؤثمة تلفظ بها..وكم من غش وكذب وغيبة ونميمة وسوء ظن ونظرة محرمة واستماع محرم وقطع للأرحام وتقصير في حقوق الجيران والزوجات والأولاد تقصير في إخراج الزكاة وخوض في اكتساب الأموال من طرق مشبوهة وغفلة عن الله تعالى وفوضى تعم حياة العبد وووو...الخ لا نستطيع حصر ذنوينا ولا تجد منها تائبا إلا مارحم ربك .. وما يعلمه الله تعالى من ذنوبنا أعظم وأكثر ومع ذلك إنما اُصِبنا ببعضها فالله جل وعلا يعفو عن كثير..ومن رحمة الله بالمسلمين هذه المصائب ,يذكرنا بها الله جل وعلا تقصيرنا لنعود إليه نادمين تائبين مستغفرين منيبين ..

    الله تبارك وتعالى لا يعاقبنا بذنوبنا إلا لنرجع له ونتوب منها ..ولنتأمل الآيات التالية :
    قال جل وعلا:"ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" (الروم 41)
    ويقول جل وعلا"وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون"(الأعراف 168)
    ويقول جل وعلا "وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون" (الزخرف48)
    ويقول جل وعلا"فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون" (الأنعام42)
    ويقول جل وعلا"فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا"(الأنعام 43)

    ثم لنتأمل ..قد يصاب بعض الناس بالوسواس في أمور لا علاقة لها بالدين لا من الناحية العملية ولا الاعتقادية فتكون وساوسهم في المرض أو الموت أوالنظافة أوفي الناس من حولهم...لكن.. أنت لماذا أُصبت به في دينك؟! مالذنب الذي جنيته!!

    يذكر بعض أهل العلم ان سبب ذلك قد يكون خوضا في عِرض أحد من أهل العلم وانتقاص له أو احتقاره وتسفيه رأيه ونحو ذلك فكان الجزاء من جنس العمل .. فإن الله تعالى لم يؤتك الدين والإيمان لتتعالى على عباده وتتكبر وتتجبر وترى غيرك سفهاء وغافلين وأنت المؤمن الناجي دونهم ..هذا أمر خطير ومزلة عظيمة ..

    ثم قد يكون تقصير شديد منك في أمر من أمور دينك لذلك تحتاج إلى هزّة توقظك لتعرف قدر هذا الدين الذي أصبحت تضيعه وتفرط فيه بذنوب متتابعة وقد تكون قارفت كبيرة.. فماذا بقي بعدها...فجاءك الإنذارلتعلم قدر دينك وشرفه وعزته وعظمته لتحافظ عليه وتحذرمن التفريط فيه بسبب موافقتك لهواك أو هوى الناس من حولك..

    فعلى العبد أن يتفقد حاله ليعرف ذنوبه ..يا من ألزمت نفسك بنذر فما وفيت به تساهلا وتهاونا ..يامن عاهدت الله تعالى على أمر أن تفعله أولا تفعله فتعاميت عنه وتساهلت وتركته أو فعلته..يا من تعاود الذنوب وتكررها بلا توبة والله يحلم ويستر قف وانتبه وتمهّل وتفكر وتعقل....
    · فالمقصود أن الذنوب سبب من أسباب المصائب والبلايا ومنها الوساوس فمن عرف ذنبه الذي أصيب به فليتب منه ومن سائر ذنوبه وليكثر من التضرع لله تعالى ودعائه أن ينجيه من شر ماصنع وأن يرفع عنه البلاء وليداوم مع ذلك على الاستغفار ففيه خير وبركة عظيمة لمن عقل.. وليكثر من فعل الحسنات والخيرات فإنها تذهب السيئات كما قال تعالى "إن الحسنات يذهبن السيئات"(هود114)وذ لك من فضل الله تعالى علينا ولله الحمد والمنّة..وقد سمعت سؤالا طُرح على فضيلة الشيخ الإمام صالح الفوزان حفظه الله تعالى حول حديث:"من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه ولوكانت مثل زبد البحر"هل المقصود الصغائر والكبائر أم الصغائر فقط؟فذكر حفظه الله تعالى أن العبد لوأتى بهذا التسبيح مخلصا من قلبه صادقا حاضر القلب وتقبل الله تعالى منه ذلك فإنه يغفر له الصغائر والكبائر, ووالله إنه لفضل عظيم نحن عنه في غفلة ..

  3. #3

    افتراضي رد: الوساوس ..طرق الشيطان على بابك..فهل ستفتح له؟!(2)

    3- التشدد والتنطع في الدين:

    يقول الله جل وعلا:"فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا"(هود112)

    يقول الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية:
    ( {ولا تطغوا} الطغيان مجاوزة الحد، فلما أمر الله سبحانه بالاستقامة المذكورة، بيّن أن الغلوّ في العبادة والإفراط في الطاعة على وجه تخرج به عن الحد الذي حدّه والمقدار الذي قدّره ممنوع منه منهيٌّ عنه، وذلك كمن يصوم ولا يفطر ويقوم الليل ولا ينام ويترك الحلال الذي أذن الله به ورغَّب فيه، ولهذا يقول الصادق المصدوق فيما صحّ عنه: «أما أنا فأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأنكح النّساء، فمن رغب عن سنتي فليس منّي»)

    وقال صلى الله عليه وسلم:"إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه,فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوابالغدو ة والروحة وشيء من الدلجة". (البخاري /39)

    وقال صلى الله عليه وسلم"هلك المتنطعون"قالها ثلاثا..أي المتعمقون المغالون..(مسلم/2670)

    وقال صلى الله عليه وسلم "وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين"(صحيح ابن ماجه/2473)

    قال ابن تيمية رحمه الله: (خير الأعمال ما كان لله أطوع ولصاحبه أنفع وقد يكون ذلكأيسر العملين وقد يكون أشدهما فليس كل شديد فاضلا ولا كل يسير مفضولا بل الشرع إذاأمرنا بأمر شديد فإنما يأمر به لما فيه من المنفعة لا لمجرد تعذيب النفس ... وأمامجرد تعذيب النفس والبدن من غير منفعة راجحة فليس هذا مشروعا لنا بل أمرنا الله بماينفعنا ونهانا عما يضرنا وقد قال فى الحديث الصحيح "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوامعسرين”(


    قد يتسبب الإنسان في إصابة نفسه بهذا البلاء(الوساوس) وذلك نظرا لتنطعه وتشدده في دين الله تعالى وتكلّفه مالم يكلّفه به الله تعالى....ولا يزال المرء يتنطع ويضيق على نفسه حتى يصاب بوساوس شديدة في دينه حتى يكاد يخرج من دين الإسلام ولا حول ولا قوة إلا بالله..

    فمن وجد في نفسه هذا فليحذر ووالله إنه لطريق من طرق الشيطان ومدخل من مداخله فإنه إذا وجد الإنسان يميل إلى الإقدام على الطاعات وذا شجاعة في اقتناص فرص الطاعات ..ويحب الأخذ بالعزائم في مواضع الرخص.. فإذا عرف الشيطان من الإنسان قوة الإقبال والإقدام حسّن له الزيادة فوق ذلك وحبّب إليه تجاوز الحد المشروع ولا يزال على هذا يعلو ويعلو وكأنه يصعد جبلا عاليا ولا شك انه يحس بجهد هذا الصعود ومشقته ويظن أنه مما يحبه الله تعالى ويرضاه ,و يظن نفسه على الصراط المستقيم...
    حتى يسقط من أعلى الجبل.. فإن أدركته رحمة من الله تعالى نجا على ما يصيبه من الألم والكسور الخدوش وقلّ من ينجو سالما من كل أذى .. فهذا دينه الذي تنطع فيه وتكلف حتى خرج منه أو كاد أن يخرج لولا رحمة الله تعالى..
    ولا يزال يتنطع حتى تنفر النفس وتقعد عن المسير وتأبى متابعة السفر وتتسلط عليها الوساوس المنفرة من الدين ومن العبادات بل تتسلط عليه وساوس تبغّض إليها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام ..ثم يقول لا أدري ما هذا البلاء الذي أصابني؟؟



    لكن ماهو الطريق لاجتناب هذه البلية أعني التنطع والتشدد؟؟

    أولا دعاء الله جل وعلا بالهدى والسداد والبصيرة في الدين فقد ورد في الحديث القدسي الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه أنه جل وعلا يقول"يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني اهدكم" (صحيح مسلم/2577)
    فلماذا يقصِّر العبد في سؤال الله تعالى الهدى والسداد ولماذا لايلزم الدعاء بالهدى والسداد والقبول والسلامة من الزيغ في طوال حياته .. ! فيفوز بإجابة دعائه ويجنبه الله جل وعلا طريق المتنطعين وطريق المفرطين ويهديه صراطا مستقيما؟!
    أيُظن بشخص لزم دعاء الله تبارك وتعالى بان يهديه الصراط المستقيم وأن يعيذه من الغلو والتنطع في الدين ان الله جل ّوعلا سيخذله !!بل والله من أدمن قرع الباب فيوشك أن يُفتح له كما قال ذلك بعض السلف الصالح
    وكثيرا ماتتيسر للإنسان فرص ثمينة يستثمرها في الدعاء وقلّ من يسأل الله تعالى لأمور دينه إلا من رحم الله فالكثيرون يدعون لأنفسهم بخير الدنيا وينسون دينهم وآخرتهم ...
    ويا سعْد من ألهمه الله تعالى الدعاء بالحسنتين حسنة الدنيا والآخرة فدعا لنفسه بما يحتاجه ويرغبه من أمور الدنيا ويسأل الله تعالى مع ذلك أن يجعل له فيها التوفيق وحسن العاقبة..
    ويسأله مع ذلك صلاح دينه وآخرته ويسأله الفلاح والنجاة والهداية والسداد وحسن الختام وحسن المنقلب والمصير ..

    ثم العلم وهو نور وفضل يؤتيه الله جل وعلا من شاء من عباده ..كيف يمشي في الطريق من لا سراج معه يضيء له ..ودّ الشيطان أن يكون المسلمون كلهم جهلة لا نور معهم يضيء طريقهم ..فإن حصل له ماتمنى سهل عليه أن ينزعهم بسهولة إما إلى إفراط أو تفريط لجهلهم..وودّ لو أطفئ النور الذي مع أهل العلم حتى لا يضيء لهم طريقهم ولا يضيء لمن خلفهم من أتباعهم المؤمنين..
    هذا العلم الحق العلم بالله تعالى وبكتابه وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هوسبب بإذن الله تعالى يهديك الله تعالى به فتعرف طريقة النبي صلى الله عليه وسلم فتسير على نفس الطريق الذي سار عليه تضع الخطوة على الخطوة وتتبع الأثر ولا تبتدع ولا تحيد لا يمنة ولا يسرة معك بفضل من الله تعالى النور الذي يضيء لك الطريق ويكشف لك آثارنبيك صلى الله عليه وسلم على ذلك الطريق فتتبعها وقد قال الله جل وعلا عن نبيه صلى الله عليه وسلم"فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه أولئك هم المفلحون"(الأعراف 157)
    وقال جل وعلا:" قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون" (الأعراف 158)
    وقال تعالى:"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"(آل عمران 31)
    فلنحرص على العلم بالله جل وعلا والعلم بكتابه والعلم برسوله صلى الله عليه وسلم ولنقبل على العلم.. فنية الخير كريمة مباركة من نوى أن يعرف الله تعالى ليطيعه ويتقيه وأن يعرف رسوله صلى الله عليه وسلم ليتبعه ويسير على هديه فإنه موفق ومسدد ومعان بإذن الله تعالى ..

    ثم مالذي يجعل الإنسان يظن ان تنطعه وتكلفه من الدين ؟؟
    إنه الجهل بلا شك...وهذا الجهل أثمر ظنونا فاسدة هي المحرك الرئيسي لعجلة التشدد والتنطع..إن الواحد من هؤلاء يظن أن دخول الجنة يكون مجازاة ومقابلة على ما يعمله من العمل فيرى عمله كثيرا وكبيرا وحسنا وأنه كلما تزوّد من العمل كان أضمن لدخول الجنة ومن هنا فهو يتزود حتى يخرج عن الاعتدال والمشروع وهذا لايصح ..لأنه لن يدخل احد الجنة بعمله وإنما بفضل الله تعالى ورحمته ..وهذه الأعمال إنما هي أسباب تفعلها فيدخلك الله جنته برحمته وفضله وهي بذاتها من فضل الله ورحمته ..
    ..
    فدخول الجنة بفضل الله ورحمته أولا وآخرا, وتفاوت الدرجات يكون بسبب الأعمال ..فمن هنا يطمئن الإنسان ويأمن من نزعة الغلو والتشدد التي تهديه الوساوسَ على طبق من ذهب..

    ثم الظن بأن المشاق والمصاعب من المحبوبات الى الله جل وعلا وأنها من توقير أمر الله تعالى.. لذلك يتنطع المرء ويتكلف مالا يزيده إلا نصبا ورهقا ويورثه انقطاعا..والحقيق ة ان احب العمل إلى الله أدومه وإن قل..فقد جاء من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:"سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة وأن أحب الأعمال إلى الله أدومهاوإنقل"(صحيح الترغيب 3174 )
    ولابد من معرفة المقصود من مشروعية هذه العبادات فإن الله جل وعلا لايريد بالعباد المشقّة ولا الحرج ... بل بالعكس يريد بهم اليسرولا يريد بهم العسر ..كل مايريده الله جل وعلا منا قول طيب وفعل طيب وعقيدة طيبة كما يذكر الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله تعالى....
    وذكر الإمام الحطاب رحمه الله تعالى صاحب كتاب "مواهب الجليل" نقلا عن ابن الإمام رحمه الله تعالى قوله:(....لأن الله تعالى لم يطلب من عباده المشاقّ ,ولان القُرَب كلها تعظيم وتوقير ,وليس عين المشاق تعظيما ولا توقيرا..وإنما طلب منهم تحصيل المصالح ,فإن لم تحصل إلا بمشقة عظُم الأجر لقُرب الإخلاص "
    ثم قال:"وإن أمكن حصول المصالح بدون مشقة وأراد أحد فعل الأشق طلبا لمزيد الثواب كالوضوء والغسل بالبارد مع وجود المسخَّن ,وكسلوك الطريق الأبعد إلى الجامع والحج ..دون الأقرب مع إمكان سلوكه.. قصدا لما ذُكِر,كان غالطا لما تقدّم من أن المشقّة من حيث هي ليست بقربة بل منهي عنها لقوله صلى الله عليه وسلم:"إن لنفسك عليك حقا" ,قال بعض العلماء:وربما كان في فعله العقاب على قدر المفسدة") (1/137)

    ماخلقنا جل وعلا ليشقينا ولا ليعذبنا ولا يريد بنا التنطع والتكلف فوق طاقتنا يقول الله تبارك وتعالى:"ما انزلنا عليك القرآن لتشقى"..قال الشنقيطي رحمه الله تعالى في اضواء البيان:
    (( في قوله تعالى” : ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى "وجهان من التفسير ، وكلاهما يشهد له قرآن....
    ثم قال: الوجه الثاني أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بالليل حتى تورمت قدماه ، فأنزل الله:
    ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى "أي تنهك نفسك بالعبادة ، وتذيقها المشقة الفادحة . وما بعثناك إلا بالحنيفية السمحة . وهذا الوجه تدل له ظواهر آيات من كتاب الله ، كقوله” :"ما جعل عليكم في الدين من حرج" وقوله" يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)).

    وقال الإمام ابن كثيرحمه الله تعالى: وقال مجاهد في قوله:"ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى"هي كقوله:"فاقرءوا ماتيسر منه"وكانوا يعلّقون الحبال بصدورهم في الصلاة,وقال قتادة:"ما انزلنا عليك القرآن لتشقى"لا والله ماجعله شقاء ولكن جعله رحمة ونورا ودليلا إلى الجنة.."
    بل خلقنا الله تعالى لنكون له عبادا كما شرع نمجده ونقدسه وننزهه ونتقرب إليه بما شرعه جل وعلا لنا لانزيد على ذلك ولا نحيد عن طريق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ..
    فالمقصود أن الغلو في الدين والتنطع فيه أمر خطير جدا قد يُخرج صاحبه من الدين وهو يظن انه يُحسن العمل ويزين له الشيطان ذلك ويتمادى فيه حتى تنقلب المسنونات عنده إلى واجبات والمكروهات الى محرمات ويشق على نفسه مشقة عظيمة تأباها الفطر السليمة السوية فتثور الوساوس ويظهر سوء الظن والريبة والشك عند أدنى ابتلاء يتعرض له العبد..وإنما الهدى هدى الله تعالى الذي يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر .
    وقد يتساءل احدنا وكيف نهتدي ؟
    فالجواب قاله الله جل وعلا:
    "وإن تطيعوه تهتدوا"(النور 54)
    وقال جل وعلا "واتبعوه لعلكم تهتدون"(الأعراف 158)
    ..ويقول جل وعلا :"فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النورالذي أنزل معه أولئك هم المفلحون"(الأعراف 7)
    قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى "واتبعوا النور الذي أنزل معه":أي القرآن والوحي الذي جاء به مبلغا إلى الناس.
    وقال جل وعلا :"فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا"(التغابن 8)
    قال الشنقيطي رحمه الله تعالى في أضواء البيان: (النور هنا هو القرآن كما قال تعالىما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم"،، وفي المذكرة سماه نورا ; لأنه كاشف ظلمات الجهل ، والشك ، والشرك ، والنفاق)

    وقال جل وعلا :"ياأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا* فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما"(النساء 174-175)
    قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى:”) وأنزلنا إليكم نورا مبينا"أي : ضياء واضحا على الحق ، قال ابن جريج وغيره : وهو القرآن .
    فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا بهأي : جمعوا بين مقامي العبادة والتوكل على الله في جميع أمورهم . وقال ابن جريج : آمنوا بالله واعتصموا بالقرآن . رواه ابن جرير .

    فسيدخلهم في رحمة منه وفضل "أي : يرحمهم فيدخلهم الجنة ويزيدهم ثوابا ومضاعفة ورفعا في درجاتهم ، من فضله عليهم وإحسانه إليهم ،
    ويهديهم إليه صراطا مستقيما":أي طريقا واضحا قصدا قواما لا اعوجاج فيه ولا انحراف . وهذه صفة المؤمنين في الدنيا والآخرة ، فهم في الدنيا على منهاج الاستقامة وطريق السلامة في جميع الاعتقادات والعمليات ، وفي الآخرة على صراط الله المستقيم المفضي إلى روضات الجنات .")

    ويقول صلى الله عليه وسلم: ((تركت فيكم أمرين لن تظلوا بعدي ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي)).

    فليكن دأبنا الاستعانة بالله جل وعلا والاعتماد عليه في الهداية للطريق المستقيم فكل العباد ضالون إلا من هداه الله تعالى ولا يعتمد المرء على نفسه فإن فعل خُذل وخاب وخسر..
    ثم مع الاستعانة بالله تعالى وطلب الهداية والسداد والتوفيق منه علينا اتباع النور الذي أنزله الله تعالى وهو كتاب الله تعالى وماصح من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
    إذن هما نوران بين أيدينا كتاب الله تعالى قراءة وفهما وتدبرا ثم عملا ودعوة, وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم واتباع هديه , نتتبع ما صح ّمن سنته صلى الله عليه وسلم ونفهمه عن علمائنا الثقات ونضبطه ثم نعمل به وندعو إليه ..

    ولنكن..كمن يسير في طريق متتبعا آثار صاحب و حبيب له قد سبقه ومضى ووصل إلى غايته وبقيت آثار أقدامه يراها بينة واضحة قد طُبعت على الأرض فهو يتتبعها ويسير عليها لئلا يضل الطريق وليصل إلى حيث وصل صاحبه ليفوز بلقياه وصحبته..
    فالطريق الصحيح في الدنيا صراط الله المستقيم والآثار التي نتبعها سنة نبينا صلى الله عليه وسلم وما صح من هديه والغاية بإذن الله تعالى وفضله الجنة ولقيا نبينا صلى الله عليه وسلم فيها
    وإذا استنار القلب بهذا النور وهو الوحي كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لم يبق فيه ظلام تتخفى فيه الوساوس والشبهات والشكوك بل النور يشع من القلب ويحرق كل مايُقبل إليه من الشيطان وجنده فهم لا يعيشون إلا في ظلام ولا يطيب لهم العيش في النور فلنحرص على هذا النور ولنستنر به ولنطلب من الله جل وعلا التوفيق اليه والى قبوله والعمل به والدعوة اليه ..لنهتدي لنور الله تعالى .. وما ذاك إلا بتوفيق من الله تعالى قال جل وعلا:"يهدي الله لنوره من يشاء" (النور 35)اللهم إنا نسألك من فضلك العظيم...

  4. #4

    افتراضي رد: الوساوس ..طرق الشيطان على بابك..فهل ستفتح له؟!(2)

    هذه أهم الأسباب التي قد تورث الإنسان وساوسا واضطرابا في قلبه ,فيمرض القلب وقد يموت بسببها إن لم تتداركه رحمة الله وفضله..

    وإن كان هناك أسباب أخرى قدلا يتسع المقام للتفصيل فيها ومنها:
    الإصابة بالحسد او العين لضعف التحصين وقد تكون الإصابة بهذا بسبب دين المرء والتزامه فيحسده من حوله على ذلك فتصيبه الوساوس وقد يضعف تدينه بسببها وقديتزايد الأمر الى مالا تحمد عقباه ....فعلى المرء التوكل على الله تعالى والأخذ بأسباب التحصين ومنها ملازمة ذكر الله تعالى والمداومة على أذكار الصباح والمساء والمحافظة على الصلوات المفروضة وعليه الاهتمام بالرقية الشرعية مع الاعتماد على الله جل وعلا والتوكل عليه في دفع المضاروجلب المنافع ..

    أيضا من أسباب الوساوس فراغ الشخص مع عزلته عن مخالطة الناس العزلة المذمومة وكبت النفس والتضييق عليها فتثور الوساوس في صدر المرء كالنار حين تأكل بعضها,والإنسان خلق بطبعه اجتماعيا يألف الناس ويستوحش إن ظل منفردا وحيدا لفترة طويلة ..ثم إن الشيطان ينفرد به ويستولي عليه كما يأكل الذئب من الغنم القاصية البعيدة عن بقية الغنم ..يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية"(صحيح الترغيب 427)
    وفي حديث آخر وإن كان الحديث فيمن أراد التفريق بين الأمة ومفارقة جماعتها لكن نستأنس به ,يقول عليه الصلاة السلام:"فإن يد الله مع الجماعة,وإن الشيطان مع المفارق للجماعة يركض"(صحيح الجامع 3621)
    فالإنسان لابد له من إخوة في الله يشدون من أزره ويثبتونه بأمر الله تعالى على الحق ويأخذون على يده إن أخطأ ولابد له من مجالسة أهله ومزاورتهم فهذا من حقهم عليه ولا بد أن يتواصل مع جماعة مسجده ويسال عنهم ويتفقدهم لا ينعزل ويخيل له الشيطان أنه في أنس وسرور حتى إذا مضت الايام والسنين استفرد به وقضى عليه ..لا ..بل العزلة أحيانا تكون مطلوبة لكن بقدر مشروع لا يمنع النفس من حقوقها ولا يحرم من حولنا من حقوقهم..والله أعلم

    أيضا من الأسباب خواء القلب وفراغه من مادته الحقيقية الإيمان بالله تعالى ومحبته والثقة به واليقين بوعده وعهده فينتج من ذلك أن تحتله الوساوس والخواطر الفاسدة والشبهات فإنها ستجد مكانا خاويا فتستقر فيه وتتوطن فعلى العبد ان يستعين بالله جل وعلا ويسأله ان يملئ قلبه بالإيمان والحكمة وحب الله ورسله والصالحين وأن يصلح له قلبه وعمله..فالقلب المؤمن يطمئن بذكر الله جل وعلا ويأنس به فهوممتلئ عن آخره, لا خواء فيه ولا مكان للوساوس والخطرات ,يقول جل وعلا:"الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب"(الرعد 28) .

    أيضا قد تكون الوساوس عارضة على القلب غير مستقرة فيه لكن الشخص نفسه يساعد على بقائها في قلبه بسبب سوء الظن بربه جل وعلا وبسبب انقياده وراءها وحرصه على تقليبها في فكره والأخذ والرد معها فهذا يسبب استفحالها وتزايدها بشكل كبير مؤذي ...

    هذه بتوفيق الله تعالى وفتحه بعض ما عرفته من الأسباب التي تؤدي للإصابة بالوساوس أو تزيد من مخاطرها وسرعة نموها في القلوب ..ولنعلم ان الوساوس في بداية امرها كبذرة ألقيت في الارض لن تنمو إلا إذا حصلت على غذائها من الماء والهواء وضوء الشمس ونحو ذلك ومتى ما قُطع عنها ذلك فستموت ولن تنبت ولن يكون لها أصل متجذر ..وهكذا الوساوس في بدايتها لا تحاول سقيها بالتفكر فيها والأخذ والعطاء معها ومحاولة تقليبها والانسياق وراءها ومحاولة تأييدها والرضا بها وتصديقها وتطبيقها والعمل بمقتضى ما تمليه عليك فهذا هو غذاؤها الذي يزيدها نموا واستطالة بل ويسهم في تجذرها في قلبك ...لكن اقطع عنها اسباب حياتها وستموت شيئا فشيئا حتى تتخلص منها بإذن الله جل وعلا..وقد علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بالعلاج الناجع لهافعلينا ان نتوكل على الله تعالى ونعتمد عليه في شفاء هذا الداء مع الأخذ بالأسباب التي ذكرناها في المقالة الاولى وهي الاستعاذة بالله تعالى وقول آمنت بالله ورسله والانتهاء وقطع الفكرة من أساسها وعدم الاسترسال معها ....

    اعتذر جدا عن الإطالة وأسأل الله جل وعلا أن يجزيكم خيرا ,وأن يجعل في هذا الموضوع النفع والفائدة للمسلمين ,
    وإن كان من خطأ فيما كتبته فهو من نفسي والشيطان.وجزى الله خيرا من صوّبه.. وما كان من صواب وسداد فهو من الله جل وعلا وحده له المنة والفضل والثناء الحسن ..وسأحاول أن ألحق بالموضوع مقالة ثالثة مهمة أيضا ليتم الموضوع ويكتمل وأسأل الله تعالى ان ييسر ذلك بفضله ومنته..
    هذا..والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •