إخواني الفضلاء
وقع لي إشكالات في كلام لابن القيم رحمه الله في كتابه [جلاء الأفهام]

قال رحمه الله :

[الثاني أن الأكثرين لا يجووزون استعمال اللفظ المشترك في معنييه لا بطريق الحقيقة ولا بطريق المجاز
وما حكي عن الشافعي رحمه الله من تجويزه ذلك فليس بصحيح عنه
وإنما أخذ من قوله إذا أوصى لمواليه وله موال من فوق ومن أسفل تناول جميعهم
فظن من ظن أن لفظ المولى مشترك بينهما وأنه عند التجرد يحمل عليهما
وهذا ليس بصحيح فإن لفظ المولى من الألفاظ المتواطئة
فالشافعي في ظاهر مذهبه وأحمد يقولان بدخول نوعي الموالي في هذا اللفظ وهو عنده عام متواطئ لا مشترك
وأما ما حكي عن الشافعي رحمه الله أنه قال في مفاوضة جرت له في قوله : أو لامستم النساء
وقد قيل له قد يراد بالملامسة المجامعة ، قال : هي محمولة على الجس باليد حقيقة ، وعلى الوقاع مجازا
فهذا لا يصح عن الشافعي ، ولا هو من جنس المألوف من كلامه ، وإنما هذا من كلام بعض الفقهاء المتأخرين
وقد ذكرنا على إبطال استعمال اللفظ المشترك في معنييه معا بضعة عشر دليلا في مسألة القرء
في - كتاب التعليق على الأحكام
-]اهـ

وقال رحمه الله في الكتاب نفسِه :
[والدعاء نوعان : دعاء عبادة ودعاء مسألة ، والعابد داع كما أن السائل داع
وبهما فسر قوله تعالى وقال ربكم ادعوني أستجب لكم
قيل : أطيعوني أثبكم ، وقيل : سلوني أعطكم
وفسر بهما قوله تعالى : وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان
والصواب أن الدعاء يعم النوعين وهذا لفظ متواطئ لا اشتراك فيه.]اهـ

============================== =========
الإشكال الأول :
أن قوله رحمه الله :
[الأكثرين لا يجووزون استعمال اللفظ المشترك في معنييه لا بطريق الحقيقة ولا بطريق المجاز.]

ُمسَلَّم في المعنيين المجازيين ، أما حمل اللفظ المشترك على معنييه الحقيقين
فنقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله جوازه عن أكثر الفقهاء
وذلك في قوله في مقدمة التفسير :

[وإما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به معنياه
إذ قد جوز ذلك أكثر الفقهاء المالكية والشافعية والحنبلية وكثير من أهل الكلام.]اهـ

ونقله الإمام الشوكاني رحمه الله في الإرشاد عن الجمهور كذلك فقال :

[اختلف في جواز استعمال اللفظ المشترك في معنييه أو معانيه.
فذهب الشافعي، والقاضي أبو بكر، وأبو على الجبائي، والقاضي عبد الجبار بن أحمد،
والقاضي جعفر، والشيخ الحسن، وبه قال الجمهور، وكثير من أئمة أهل البيت إلى جوازه.
وذهب أبو هاشم، وأبو الحسين البصري، والكرخي، إلى امتناعه.]اهـ

فهل من توجيه لكلام ابن القيم رحمه الله ؟
============================== =============
الإشكال الثاني :
أن قوله رحمه الله : [والصواب أن الدعاء يعم النوعين ، وهذا لفظ متواطئ لا اشتراك فيه.]اهـ
مع قوله رحمه الله كذلك في البدائع :
[وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة
وعلى هذا فقوله تعالى إذا سألك عبادى عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان
يتناول نوعي الدعاء ، وبكل منهما فسرت الآية ، قيل : أعطيه إذا سألني وقيل : أثيبه إذا عبدني
والقولان متلازمان ، وليس هذا من استعمال اللفظ المشترك في معنييه كليهما أو استعمال اللفظ في حقيقة ومجازه
بل هذا استعمال له في حقيقته الواحدة المتضمنة للأمرين جميعا

فتأمله فإنه موضع عظيم النفع قل من يفطن له ، وأكثر ألفاظ القرآن الدالة على معنيين فصاعدا هي من هذا القبيل.]اهـ

ظاهره التعارض مع كلام الأصوليين أن المتواطيء لفظ واحد له معنى كلي مشترك بين ذوات كثيرة بالتساوي
أما المشترك فلفظ واحد له معاني مختلفة ،
فهل الدعاء ينطبق عليه هذا المعنى ، أم إن ابن القيم رحمه الله يخالف الأصوليين في أصل المسألة ؟

============================== ===========

الإشكال الثالث :
أن قوله رحمه الله :
[وقد ذكرنا على إبطال استعمال اللفظ المشترك في معنييه معا بضعة عشر دليلا في مسألة القرء]اهـ
ظاهره إبطال حمل المشترك على معنييه مطلقا ، مع كونه ثابتا عن جمع من السلف
فيما نقله المروزي في كتاب السنة عن الحسن وابن عيينة وابن راهويه
وهي طريقة إمام المفسرين الطبري رحمه الله كما في مواضع كثيرة من تفسيره
ومنها قوله تعالى : لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة

فما رأيكم بارك الله فيكم في اختيار ابن القيم رحمه الله في هذا الباب ؟
وجزاكم الله عنا خير الجزاء