المنهجية في دراسة علم الحديث
بالنسبة للحديث هناك قاعدة عامة للطالب عند اختيار الكتب أن يراعي ويتحرى الكتب المحققة والطبعات المحققة، خاصة إذا كان من قام على تحقيقها من أهل العلم المشهود لهم، والذين اشتهروا بالتدقيق في تحقيقهم وبذل أقصى وسعهم.
عدم الاشتغال بالحديث قبل حفظ القرآن
أيضاً: مازال العلماء ينصحون الإنسان أن لا يشتغل بالحديث قبل أن يحفظ القرآن ويولي القرآن اهتماماً، فكان العلماء إذا أتاهم طالب يطلب سماع الحديث سألوه: هل حفظت القرآن؟ فإن قال: لا، أبوا أن يقرءوا عليه أو يسمعوه الأحاديث حتى يفرغ من قراءة القرآن وحفظ القرآن، فإذا جاءهم حافظ للقرآن اختبروه فيه، وحينئذ يبدءون في تسميعه، لكن اليوم في الحقيقة هناك آفة منتشرة جداً: أن بعض الناس يهجرون القرآن تماماً ويركزون فقط على علم الحديث، وليس على كل فروع علم الحديث، إنما في أبواب معينة أو علوم معينة من علوم الحديث، فيركزون عليها ويهملون سائر العلوم بما في ذلك التوحيد أو الفقه أو غير ذلك، وللأسف الشديد ظهر هذا كشعار لمن ينتسبون إلى الدعوة السلفية في كثير من بقاع الأرض، ظنوا أن السلفية هي هذا النموذج! أن يشتغل الطالب ليل نهار في علم الرجال وعلم الحديث ويهجر القرآن تماماً، ويهجر العلوم الشرعية الأخرى بما في ذلك الفقه وغيره من العلوم، حتى وصل الأمر ببعض الناس ممن ينتسبون إلى السلفية أن أنكروا علم أصول الفقه تماماً! والبعض يقول: التجويد هذا ليس له أي أصل، وما نعترف بعلم التجويد.. وهكذا!! وهذا من الخطأ في فهم هذه المسألة، فالسلف رحمهم الله تعالى كانوا يراعون هذا الأمر، وكانوا يرفضون قراءة الأحاديث على من لم يفرغ من حفظ القرآن الكريم.
عدم الاشتغال بفروع تخصصية في علم الحديث مع إهمال ما هو أهم منها
وكذلك هناك اشتغال بعض الإخوة أحياناً بفروع تخصصية في علم الحديث، وهذه الفروع قد خدمها من هم أعلم منهم وأقدر على خدمتها، لكن ينبغي الاشتغال بالسنة؛ ولهذا نجد الآن بعض الإخوة قد وصل إلى سن الأربعين أو الثلاثين مثلاً وبدأ الآن يحفظ الكتب بأسانيدها، هذا شيء طيب بلا شك، لكن إذا تقدم بك العمر وأنت ما زلت بعد بادئاً مبتدئاً في طلب العلم فلا تضمن امتداد العمر يكون إلى متى، فإذا أنفقت عمرك في حفظ الأسانيد الآن فمتى تنتهي؟ وما جدواها؟! والآن في الغالب يكون بعضهم مسئولاً عن نشاط دعوي معين يُسأل في العلم الشرعي، وهو في سلوكه وفي حياته يحتاج إلى معرفة حكم الشرع في مسائل كثيرة، فإن لم يكن عنده علم ووسائل لطلب العلم في هذه الفروع فإنه سيتكلم بدون علم، فالشاهد: أن هناك فروعاً في علوم الحديث قد كفينا شأنها، ليس المطلوب أن يكون جميع الإخوة طلاب العلم محققين للأحاديث، فالعلماء المحققون متواترون، ولا بأس من التدرب على تصحيح الأحاديث: أن يأخذ حديثاً من الأحاديث وتدرس أسانيده، وتنظر في كتب الرجال والتراجم، وتحاول أن تطبق ما تقرؤه على سبيل التدريب والتجربة، أما أن تستقل بتصحيح وتضعيف الأحاديث وأنت مازلت تخطو الخطوات الأولى في علم الحديث، فهذا ما لا يكون أبداً، وعلى أي الأحوال فإن هذا حديث المتون، ولكن الشاهد أنا قد كفينا ولله الحمد، سواء من علمائنا السابقين، أو العلماء المعاصرين الذين محضوا حياتهم لخدمة الأحاديث وتحقيقها.
التقليد في تصحيح وتضعيف الأحاديث ليس مذموماً
فطالب العلم وخصوصاً من يبدأ متأخراً ربما يكون أقصى ما يحتاجه الآن في الواقع العملي أن يعرف الحديث هل هو حسن أم صحيح أم ضعيف، وهذا يسهل جداً الرجوع إليه من خلال كتب العلماء في ذلك، فالذي يبدأ بهذه الصورة لا يصلح لأن يكون مستقلاً في الحكم على الأحاديث، فعليه أن يقلد، كما قال الحافظ العراقي رحمه الله في شأن علم الحديث: ولا تأخذ بالظن، ولا تقلد غير أهل الفن، أي: فن الحديث، فهذا ليس من التقليد المذموم الذي أشرنا إلى ذمه في مسألة الفقه ومخالفة الدليل، لكن هذا من باب قبول خبر العدل؛ لأن الجهبذ مثل الحافظ ابن حجر أمير المؤمنين في الحديث رحمه الله تعالى، حينما يقول في الحديث مثلاً: إنه حسن أو صحيح، فهذا ليس مجرد كلمة تقال، بل هذه خلاصة بحث طويل، وربما سهروا الليالي والشهور وبذلوا جهداً جهيداً في دراسة الأسانيد، وتتبع طرق الحديث، والنظر في السند والنظر في المتن وغير ذلك، حتى توصل في النهاية إلى كلمة (حسن) فهي تساوي أن يخبرك هذا الحافظ أو هذا الإمام: بأني قد تتبعت طرق هذا الحديث وتتبعت رجال الأسانيد، وبحثت عن شروط الصحة والحسن، وانتهيت إلى أنه حديث حسن، فهي كلمة لا تقال جزافاً، وإنما هي ثمرة بحث طويل من ورائها، فهذا من باب قبول خبر العدل، عدل يخبرك بخبر فأنت تصدقه، وليس من باب التقليد المذموم المعروف.فهناك -كما ذكرنا- من العلماء من قدم السنة وسهلها وقربها من هذه الأمة، وما من شك أنه لا يستطيع أي إنسان أن ينكر أو يجحد فضل محدث الديار الشامية العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى، فعامة طلاب العلم في هذا العصر، بل ومن الخواص أيضاً من هم على كتبه وخدمته العظيمة والجليلة التي أداها إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا شك أنه جدير بأن يلقب بالفعل بمحدث العصر، بشهادة أئمة العلم وأئمة الهدى في مشارق الأرض ومغاربها، فمصنفات الألباني ما يكاد يستغني عنها أحد، حتى الذين يغيبون الألباني يستدلون من كتبه وإن جحدوا في الظاهر، فقل أن يستغني إنسان عن مؤلفات العلامة الألباني حفظه الله تعالى.
الكتب المختارة في الحديث وعلومه
هناك مجموعة من الكتب في علم الحديث مرشحة إن شاء الله:أولاً: رياض الصالحين، وهو كتاب مبارك، وتظهر في مؤلفات الإمام النووي رحمه الله تعالى علامات إخلاص هذا الرجل، فقد وضع لكتبه نوع من القبول ليس له تفسير إلا أن هذا الرجل كان يبتغي بها وجه الله عز وجل، رحمه الله تعالى ورضي عنه، فتتعامل مع كتبه كأنك تتعامل مع كائن حي لا تتعامل مع ورق وحبر، تشعر بروح ونفس لهذا العلامة الجليل في كتبه، وبالذات في هذا الكتاب المبارك الذي وضع له القبول في الأرض وفي كل الأعصار بصورة لا تكاد تتوفر في كتاب آخر مما ألفه العلماء، فرياض الصالحين كتاب أساسي جداً، وينبغي أن يعطى اهتماماً خاصاً، وهناك بعض المساجد في بعض البلاد يومياً بعد العصر لابد أن يقرأ باب في رياض الصالحين، فهذه سنة حسنة ينبغي المحافظة عليها وإحياؤها وتجديدها في الناس، أن يقرأ من رياض الصالحين حتى ولو ثلاثة أحاديث في اليوم تتلى على الناس، ثم شرح مبسط جداً لها يتعلق بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهديه، فرياض الصالحين يتربع في قلة كتب السنة الجامعة التي ينبغي الاهتمام بها.ومنها أيضاً: كتاب الترغيب والترهيب للحافظ ابن رجب، وقد حقق العلامة الألباني قسماً كبيراً منه في كتابه: صحيح الترغيب والترهيب.ومنها: جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم، وهو عبارة عن الأربعين النووية، ثم أضاف إليها الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى عشرة أحاديث أيضاً، ثم شرحها في هذا الكتاب: جامع العلوم والحِكم، بكسر الحاء لا بضمها؛ لأن بعض الإخوة كانوا معتقلين، وكان أقاربهم يفتشون إذا أحضروا لهم كتباً، فأحد العباقرة قرأها: الحُكم! فمنعوا الكتاب وصادروه، قال: هذا يتكلم عن الحكم!! ومثله أيضاً أن عبقرياً آخر منع الأربعين النووية، قال: هذا يتكلم عن القنابل النووية!!ومنها أيضاً: كتاب مبارك قيم جداً للعلامة الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى هو: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع.وفي هذه المرحلة لابد من حفظ الأربعين النووية، هذا أقل ما ينبغي، ومن القبيح جداً أن الإنسان لا يكون قد حفظ الأربعين النووية، وإذا أضاف إليها العشر الرجبية فتكون خمسين، وهي أحاديث أمهات الإسلام، وبعد حفظ الأربعين النووية، إن وجدت همة واستطعت أن تحفظ رياض الصالحين بعدما تكون حفظت العشر الرجبية فهذا أمر عظيم جداً. ومنها أيضاً: مختصر الشمائل للإمام الترمذي رحمه الله تعالى، وهو يتكلم باختصار عن شمائل الرسول عليه الصلاة والسلام وخصائصه صلى الله عليه وآله وسلم وأفعاله وأحواله، وقد حققه العلامة الألباني بهذا الاسم: مختصر الشمائل للترمذي، فهذه كتب عامة في السنة لابد من الإلمام بها: رياض الصالحين، الترغيب والترهيب، جامع العلوم والحكم، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، مختصر الشمائل للترمذي.
الكتب المختارة في حجية السنة والدفاع عنها
وهناك موضوع آخر، أو نوع من القضايا الأخرى في السنة: وهي كتب تتكلم عن حجية السنة والدفاع عنها، وهذا مما نحتاجه في هذا العصر الذي انطلقت فيه كثير من الدعاوى المعادية لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، سواء كانت صدى لبدعة ظهرت في قرون سابقة، أو لبدع حديثة ناشئة، فهذا الموضوع من الموضوعات المهمة جداً: حجية السنة والرد على أعدائها والدفاع عنها، وفي هذا كتب كثيرة لكن نرشح كتابين أساسيين في هذا الموضوع: الكتاب الأول: زوابع في وجه السنة قديماً وحديثاً، للشيخ صلاح الدين مقبول من علماء باكستان، والكتاب طبع هناك لكن ما أظن أنه متوفر هنا، ولكن إن وجد فيكون فيه خير كثير إن شاء الله، وهذه الكتب التي يصعب توفرها لعلنا نجتهد في تدريسها إن شاء الله فيما بعد، والذي يهمنا كثيراً جداً في هذا البحث هو كلمة (حديثاً)؛ لأنه تطرق بجهد جيد جداً للدعاوى الحديثة ضد السنة، وذكر من هؤلاء الناس الذين كان لهم شيء من التخبط في بعض المواقف من السنة الغزالي ، وهذا الكتاب قد كتبه قبل أن يطبع كتاب الغزالي المشئوم الأبتر الذي هو: السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث، وهو يأخذ على الغزالي مآخذ ويراه في مصاف الذين انحرفوا عن السنة، وهاجموا أحاديث صحيحة قبل أن يطبع، فما بالك لو كان قد طبع.أيضاً انتقد بعض مواقف المودودي رحمه الله تعالى في بعض القضايا في السنة وغير ذلك، فهو استقرأ وتتبع كثيراً من مواقف بعض المشاهير غير الحميدة فيما يتعلق ببعض القضايا المتعلقة بالسنة والحديث.الكتاب الثاني: السنة ومكانتها في التشريع، للشيخ مصطفى السباعي رحمه الله تعالى، فهذان هما الكتابان المرشحان في هذا، وهناك كتب أخرى جيدة لا بأس إن توفر منها شيء بديل فهو يغني، مثلاً: حجية السنة، للشيخ عبد الغني عبد الخالق رحمه الله تعالى فهو كتاب قيم جداً، وكتاب دفاع عن السنة، للدكتور محمد أبو شهبة رحمه الله، وهناك كتاب السنة قبل التدوين لـمحمد عجاج الخطيب . وهناك رسالة مختصرة ولطيفة الحجم ولكنها تحوي علماً غزيراً في هذه القضية بالذات، وهي: الأضواء السنية للدكتور عمر الأشقر، وقد سبق أن نوهنا أن فضيلة الدكتور عمر الأشقر إذا وجدت اسمه على كتاب فلا تنظر في عنوان الكتاب، إنما خذ الكتاب ما زال اسمه عليه، وإلا تكون قد خسرت خيراً عظيماً، فهو من المؤلفين الذين يجيدون في الكتابات، ولعل القبول الذي وضعه الله سبحانه وتعالى لكتبه ناشئ عن الإخلاص إن شاء الله، كما ترون في المجموعة المباركة: مجموعة العقيدة في ضوء الكتاب والسنة، وكتابه المبارك: "مقاصد المكلفين" هو من أروع الكتب في مسألة النيات، وسنتكلم عنه إن شاء الله تعالى. وهناك رسالة للشيخ ناصر الألباني لطيفة الحجم تدعى: الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام، فيما يتعلق بقضية خبر الواحد، وهناك أيضاً رسالة جيدة للشيخ سليم الهلالي تدعى: الأدلة والشواهد على وجوب الأخذ بخبر الواحد. وأخيراً فيما يتعلق بمشكلات الأحاديث: الأحاديث التي أشكل معناها على كثير من الناس كيف يتم التأليف بينها ودفع التعارض عنها؟ هناك كتاب جمعه الشيخ زكريا علي يوسف رحمه الله من علماء أنصار السنة يدعى: دفاع عن الحديث النبوي ومشكلات الأحاديث، وهذا الكتاب شطر منه في حجية السنة والدفاع عنها، والشطر الآخر في دفع التعارض عن الأحاديث المشكلة، إذاً حجية السنة والدفاع عنها أيسر من هذه الكتب الأساسية، وبالذات لو أمكن كتاب: زوابع في وجه السنة قديماً وحديثاً، والسنة ومكانتها في التشريع، فنحن نحتاج بعد هذه الزوبعة التي أثارها في كتابه: السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث إلى التنبيه لبعض الكتب التي ردت عليه؛ لأن لصوته صدىً عالياً، وأحياناً تنتشر الضلالة فنحتاج للرد عليه، وأشهر كتاب معروف في الرد عليه هو كتاب: حوار هادئ أو كتاب: "جناية الغزالي على السنة وأهلها" للأخ أشرف عبد المقصود وهو جيد ولا بأس به، أو كتاب: المعيار لعلم الغزالي، لفضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ، أو كتاب: أزمة الحوار الديني، وهذا من أفضل الردود للشيخ جمال سلطان ، وإلا فهناك عشرات الكتب ألفت في الرد على الغزالي ، لكن أوجزها من حيث التركيز والقوة مع صغر حجمها هما هذان الكتابان: المعيار لعلم الغزالي، وأزمة الحوار الديني، لـجمال سلطان .
الكتب المختارة في علم مصطلح الحديث
بالنسبة للمصطلح: فإنه يحفظ فيه أي متن في مصطلح الحديث، مثلاً: نزهة النظر في مصطلح أهل الأثر" للحافظ ابن حجر العسقلاني ، أو " القصيدة البيقونية" أو قصيدة "غرامي صحيح" هي قصيدة في ظاهرها أنها قصيدة غزلية، ولكنها استوعبت أحكام الحديث، أو يحفظ "متن التقريب" للنووي ، وفي الحقيقة فإن عامة الكتب التي تناولت علم المصطلح إنما هي فرع على كتاب ابن الصلاح في مصطلح الحديث، فإما اختصروه وإما هذبوه وإما شرحوه، فعامة الكتب الموجودة في المصطلح سواء هذه الكتب التي ذكرناها أو غيرها يدور حول كتاب الإمام ابن الصلاح رحمه الله تعالى.وهناك ألفية السيوطي، وألفية العراقي ، من وجد همة فالباب مفتوح، ولكن هذه من أخصر المتون، لو حفظت البيقونية ودرست شرحها فهذا جيد، أو نزهة النظر، أو غرامي صحيح، أو التقريب للنووي، وعلى حسب الكتاب الذي ستدرسه، فإن كنت مثلاً ستدرس "تدريب الراوي" للسيوطي فتحفظ معه متن التقريب للنووي ، كذلك أيضاً كتاب الباعث الحثيث وهو شرح "مختصر علوم الحديث" للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى كذلك قواعد التحديث للقاسمي ، وتوضيح الأفكار للصنعاني ، هذه كلها كتب في المصطلحات، إن كان ولابد من كتاب واحد مختصر على الطريقة المدرسية المبسطة والمجدولة، فليأخذ كتاب تيسير مصطلح الحديث للشيخ الطحان ، لكن الكتاب الذي يرشح هنا أن يحفظ متن تقريب النووي ويدرس شرحه تدريب الراوي فهذا يكفي، أو نزهة النظر أو الباعث الحثيث -كما ذكرنا- أو قواعد التحديث للقاسمي أو توضيح الأفكار. ويمكن أن تقرأ رسالة موفقة جداً في الناسخ والمنسوخ وهي: إخبار أهل الرسوخ بالناسخ والمنسوخ للإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى.
الكتب المختارة في علم التخريج ودراسة الأسانيد
وهناك فرع آخر من علوم الحديث هو علم التخريج ودراسة الأسانيد، فأول كتاب ألف هو كتاب للدكتور الطحان أيضاً اسمه: أصول التخريج ودراسة الأسانيد للشيخ محمود الطحان، وهو شقيق الشيخ عبد الرحيم الطحان وهناك كتاب آخر اسمه "طرق تخريج أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن الكتاب المختار والمرشح في هذا الفن هو كتاب قيم ومفيد جداً، وهو أوسع كتب التخريج كتاب يدعى: كشف اللثام عن تخريج أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، ويقع في مجلدين.
أحاديث الأحكام
فرع آخر من فروع علم الحديث: أحاديث الأحكام، كما أن في القرآن آيات الأحكام فهناك كتب متخصصة ألفت في آيات الأحكام، كذلك في السنة هناك أحاديث الأحكام، وهي التي يمكن أن نعبر عنها بفقه الحديث أو فقه السنة؛ لأن البعض يقرأ ويحصل عندهم خلط، فبعض الإخوة إذا قلت له: ماذا تدرس في الفقه؟ يقول لك مثلاً: أدرس سبل السلام أو غيره من كتب أحاديث الأحكام، وأحسن منها دلالة فقه السنة، لكن الذي يحصل في أحاديث الأحكام هو أن الأئمة العلماء يجمعون أمهات الأدلة في المسائل الفقهية المشهورة في طريقة أبواب، ثم يشرحها عالم آخر أو هو نفسه، فهذا الفقه مقيد بفقه السنة مثل آيات الأحكام، فأنت إذا درست آيات الأحكام لا تكون قد ألممت بالفقه كله، وإنما ألممت فقط بالآيات التي تتعلق بالأحكام، كذلك أحاديث الأحكام هناك فرق بين دراسة الفقه، وبين دراسة فقه الحديث أو فقه السنة أو أحاديث الأحكام، فهذا خاص، أما الفقه ككل فهو لا يحتوي فقط على الأحكام من القرآن والأحكام من السنة، إنما يحتوي أيضاً جملة أخرى من الأدلة، سواء كانت أدلة متفق عليها أو أدلة مختلف فيها، هناك قياس، هناك الإجماع، هناك قول الصحابي، سد الذرائع، المصالح المرسلة، شرع من قبلنا.. وغير ذلك من الأدلة حسب الاختلاف في المذاهب في بعض هذه الأدلة من القرآن أو المذكورة أخيراً.إذاً: الفقه أوسع وأعم من فقه الحديث، أو فقه القرآن، أو آيات الأحكام، أو أحاديث الأحكام، ومن القصور: أن يقتصر في دراسة الفقه فقط على القضايا التي وردت فيها أدلة من القرآن أو أدلة من السنة ولا شك أن هذه أمهات المسائل، والأصول هي: القرآن والسنة، لكن علم الفقه يشمل أوسع من ذلك، يشمل اجتهادات الفقهاء، وحكايات الخلاف والتفريق .... إلخ.والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.