كتاب الجدول في إعراب القرآن
محمود بن عبد الرحيم صافي
الجزء الاول
سورة البقرة
الحلقة (27)
من صــ 221 الى صـ 228
[سورة البقرة (2) : آية 103]
وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (103)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (لو) حرف شرط غير جازم (أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد و (هم) ضمير متّصل في محلّ نصب اسم إنّ (آمنوا) فعل وفاعل.
والمصدر المؤوّل من (أنّ) واسمها وخبرها في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت. (الواو) عاطفة (اتّقوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.. والواو فاعل (اللام) واقعة في جواب لو «1» ، (مثوبة) مبتدأ مرفوع (من عند) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت ل (مثوبة) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (خير) خبر مرفوع (لو) مثل الأول (كانوا) فعل ماض ناقص.. والواو اسم كان (يعلمون) فعل مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة: «ثبت إيمانهم (المحذوفة) » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة: «اتقوا» في محلّ رفع معطوفة على جملة آمنوا.
وجملة: «مثوبة.. خير» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «كانوا يعلمون» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يعلمون» في محلّ نصب خبر كانوا.. وجواب (لو) الثانية محذوف تقديره: ما آثروا عليه.
الصرف:
(اتقوا) ، فيه إعلال بالحذف، حذفت الألف لام الفعل لالتقاء الساكنين وزنه افتعوا، وفيه إبدال.
(مثوبة) ، مصدر سماعي بمعنى الثواب، وقيل هو على وزن اسم المفعول من ثاب بحذف واو مفعول وأصله مثووبة بضمّ الواو الأولى، أو بحذف عين الكلمة وذلك بنقل ضمّة الواو الى الثاء لاستثقالها وتسكين الواو ثمّ حذف الواو الأولى لالتقاء الساكنين في الواوين. وقيل هو مصدر على وزن مفعلة بضمّ العين، وإنّما نقلت الضمّة الى الثاء.
(خير) ، صفة مشتقّة خرجت عن معنى التفضيل بمعنى فاضلة، أو هو مصدر استعمل استعمال الصفات، وزنه فعل بفتح فسكون، وقد يراد به التفضيل، وأصله أخير وقد حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال تخفيفا.
الفوائد
لو ولولا: ينظر إليهما من وجهين، الوجه الأول معناهما: فقد أطلق علماء اللغة على «لو» انها حرف امتناع لامتناع وعلى «لولا» أنها حرف امتناع للوجود أما الوجه الآخر فهو عملهما فكل منهما أداة شرط غير جازمة.
[سورة البقرة (2) : آية 104]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (104)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أي) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت ل (أيّ) أو بدل منه (آمنوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ..
والواو فاعل (لا) ناهية جازمة (تقولوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (راع) فعل أمر مبنيّ على حذف حرف العلّة و (نا) ضمير مفعول به والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الواو) عاطفة (قولوا) أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل (انظر) أمر دعائي (ونا) مفعول به والفاعل أنت، (الواو) عاطفة (اسمعوا) مثل قولوا. (الواو) استئنافيّة (للكافرين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (عذاب) مبتدأ مؤخّر مرفوع (أليم) نعت ل (عذاب) مرفوع مثله.
جملة النداء يأيّها ... لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «لا تقولوا ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «راعنا» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «قولوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة النداء.
وجملة: «انظرنا» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «اسمعوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «للكافرين عذاب ... » لا محل لها استئنافيّة.
الصرف:
(راعنا) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء، حذف حرف العلّة في الأمر لكونه معتلّ الاخر في المضارع، وزنه فاعنا.
الفوائد
- كان المسلمون يستعملون كلمة «راعنا» بمعنى تمهّل وترفّق بنا وكان هذا اللفظ يوافق كلمة (راعينو) العبرية التي معناها (شرير) فراح اليهود يستعلمون هذه الكلمة في حديثهم مع الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) وهم يميلون ألسنتهم لتكون قريبة من (راعينو) العبرية.
وإن دلت هذه القصة على شيء فإنما تدل على مكر اليهود وخبثهم وسوء طينتهم حيال الرسول والمسلمين منذ أن كان اليهود وكان المسلمون ...
[سورة البقرة (2) : آية 105]
ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)
الإعراب:
(ما) نافية (يودّ) مضارع مرفوع (الذين) اسم موصول فاعل (كفروا) فعل وفاعل (من أهل) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من فاعل كفروا (الكتاب) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (المشركين) معطوفة على أهل مجرور مثله وعلامة الجرّ الياء (أن) حرف مصدري ونصب (ينزّل) مضارع مبنيّ للمجهول منصوب (على) حرف جرّ و (كم) ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق ب (ينزّل) ، (من) حرف جرّ زائد (خير) مجرور لفظا مرفوع محلّا نائب فاعل (من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت ل (خير) «2» ، و (كم) مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل من (أن ينزّل) في محلّ نصب مفعول به ل (يودّ) .
(الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يختصّ) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (برحمة) جارّ ومجرور متعلّق ب (يختصّ) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (من) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به «3» ، (يشاء) فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله، ومفعول يشاء محذوف أي يشاء اختصاصه (الواو) عاطفة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (ذو) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو (الفضل) مضاف إليه مجرور (العظيم) نعت للفضل مجرور مثله.
جملة: «ما يودّ الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كفروا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «الله يختصّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يختص ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة: «الله ذو الفضل» لا محلّ لها معطوفة على جملة الله يختصّ.
الصرف:
(أهل) ، اسم جمع لا مفرد له من لفظه، جمعه أهلون وأهال وآهال وأهلات بسكون الهاء وفتحها مع فتح الهمزة، وزنه فعل بفتح فسكون.
(المشركين) ، جمع المشرك وهو اسم فاعل من أشرك الرباعي على وزن مضارعه بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وكسر ما قبل آخره.
(خير) مصدر استعمل استعمال الاسم بمعنى وحي، وزنه فعل بفتح فسكون.
البلاغة
الكناية: في قوله تعالى ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ فالنفي في هذه الآية كناية عن الكراهة.
الفوائد
«ذو» هي من الأسماء الخمسة تعرب بالأحرف بدلا من الحركات بشرط أن تكون بمعنى صاحب وبشرط أن تكون مفردة، فإذا ثنيت أعربت إعراب المثنى بالألف رفعا، وبالياء نصبا وجرا، وإذا جمعت فسوف تعرب إعراب جمع المذكر السالم وتلحق به وسوف نستوفي هذا البحث في إعراب الأسماء الخمسة.
[سورة البقرة (2) : آية 106]
ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)
الإعراب:
(ما) اسم شرط جازم في محلّ نصب مفعول به مقدّم (ننسخ) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (من آية) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من اسم الشرط «4» ، (أو) حرف عطف (ننس) مضارع مجزوم معطوف على ننسخ و (ها) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن (نأت) مضارع مجزوم جواب الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل نحن للتعظيم (بخير) جارّ ومجرور متعلّق ب (نأت) ، (من) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (خير) ، (أو) مثل الأول (مثل) معطوف على خير مجرور مثله و (ها) مضاف إليه. (الهمزة) للاستفهام التقريريّ (لم) حرف نفي وجزم وقلب (تعلم) مضارع مجزوم، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد (الله) لفظ الجلالة اسم أنّ منصوب (على كلّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (قدير) ، (شيء) مضاف إليه مجرور (قدير) خبر مرفوع.
والمصدر المؤوّل من أنّ واسمها وخبرها سدّ مسدّ مفعولي تعلم.
جملة: «ننسخ» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ننسها» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «نأت بخير منها» لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «تعلم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(ننسها) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم وأصله ننسيها، وزنه نفعها بضمّ النون الأولى.
(نأت) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم وأصله نأتي، وزنه نفع.
(شيء) ، اسم لما يصحّ أن يعلم ويخبر عنه ... أو مصدر سماعيّ لفعل شاء (انظر الآية 20) .
الفوائد
1- نلاحظ أن فعل «نسخ» يدل على التحوّل من حال الى حال أفضل وأحسن وقيل إن كل فعل أوله نون وثانيه سين يدل على التبدل من حسن الى أحسن وهذه النظرية طرقها علماء فقه اللغة واستدلوا بها على نشوء اللغة وتطورها ومن أمثلتهم أن كل فعل مبدوء بحرف النون يدل على النشوء والظهور مثل «نبغ ونبع، ونجم، ونفذ، ونبر، ونبش، ونبت» ..فالنون تدل على المعنى الأولي أو الأصلي ثم يتطور المعنى الأصلي الى معان كثيرة بواسطة ما يضاف الى النون من أحرف الهجاء. ولا ندري هل هذه الخاصة وقف على اللغة العربية وحدها، أم تجر ذيلها على بعض اللغات أو سائرها. وعلى كل فإنها دليل قاطع على عبقرية لغتنا وأصالتها.
2- نأت: فعل مضارع مجزوم لأنه جواب لأداة الشرط «ما» وقد جزم بحذف حرف العلة من آخره. وعلامات الجزم ثلاث السكون في الأفعال الصحيحة الآخر، وحذف النون في الأفعال الخمسة، وحذف حرف العلة في الفعل المعتل الآخر.
__________
(1) وهو اختيار الزمخشري وعند بعض المحقّقين هي لام القسم لقسم مقدّر- أشار الى ذلك ابن هشام في المغني- وعلى هذا فجواب (لو) محذوف تقديره لأثابهم عليه الله. وعند ابن حيان هي لام الابتداء وجواب لو محذوف والجملة الاسمية لا محل لها استئنافية.
(2) أو متعلّق ب (ينزّل) .
(3) قد يكون الموصول فاعلا لفعل يختصّ فيتضمّن حينئذ معنى يتميّز اللازم، أي يتميّز من يشاء الله تمييزه برحمة الله.
(4) ويجوز أن يكون الجار والمجرور تمييزا للشرط أي: أيّ شيء ننسخ من آية، وهذا إذا كانت (من) زائدة وأما إذا كانت تبعيضيّة فالجار والمجرور نعت ل (ما)