الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فهذه مجموعة من الآداب الإسلامية نذكرها لإخواننا القراء للعلم والعمل إذ لا يستغني المسلم عن الأدب لأنّ الإسلام جاء شاملا لكل جوانب حياة المسلم العلمية والعملية والسلوكية، بل الأدب داخل في كل عمل يعمله المسلم قال عليه الصلاة والسلام: (لا عمل إلا بنية)، فالمسلم إما أن يتأدب مع الخالق وإما مع المخلوق بل يتأدب حتى مع البهائم.
لكننا نجد كثيرا من المغترين بحضارة الغرب يردد دوما على أسماع إخوانه المسلمين أنّ الكفار مؤدبون متخلقون وغير ذلك من الأقوال المادحة لهم الفاتنة لضعاف الإيمان، وكأنّ الإسلام لا خلق فيه ولم يأت إلا بما تشمئز له النفوس وكذبوا في ذلك والله فإنّ الإسلام دين الأخلاق والآداب قال الله تعالى واصفا نبيه: ولو كنت فضا غليظ ...، وقال أيضا: وإنك لعلى خلق عظيم، وقال عليه الصلاة والسلام: إنّما بعثت لأتمم محاسن الأخلاق وقال: إنّ من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا أحاسنكم أخلاقا. فأقول لهؤلاء المنبهرين شتان بين الباكية الثكلى والباكية المستأجرة، شتان بين من تخلق اختيارا ومن تخلق اضطرارا، شتان بين من تخلق تعبدا لله، ومن تلبس بالأخلاق خوفا أو طمعا فإنّ حال الغرب يعلمه من عاشرهم وكم أخبرني من الإخوة الذين ابتلوا بالعيش بين ظهراني الكفار أن الأخلاق التي يدعونها من الوفاء والعدل ما هي إلا خوفا من السلطان لأنّ الحكومات عندهم أشد ما تكون على من خالف القانون، ثم هذه الشدة عندهم ليست حبا في الأخلاق إنما خوفا على اقتصاد البلاد، وليلاحظ المسلم كيف يكونون إذا هدد اقتصادهم فتجدهم يستعملون كل الأساليب حفاظا على دنياهم ولا يهمهم الغير فانظر كيف يستعملون الربا والمكس وغيرها على الفقراء ثم يدعون الأخلاق.
واسأل أخي عن الظواهر الشاذة والعقوق والفاحشة وغيرها من المظاهر التي أنكرها الإسلام بل حتى الأدب مع الشيوخ والعجائز لا يوجد عندهم إلا قليلا، ثم يأتي هؤلاء فيثبطون المؤمنين ويباهون بالكفار حبا فيهم فنقول لهم اتقوا الله في دينكم واتقوا الله في إخوانكم ومن أحب قوما حشر معهم[1].
وقد حاولت جاهدا أن أجمع من القرآن الكريم والسنة النبوية والعرف الصحيح مجموعة من الآداب الشرعية المتعلقة بالأعمال اليومية لعل الله ينفعني بها وإخواني ولم أقصد الشرح والتفريع لأنّ ذلك يطول، فأقول وبالله التوفيق.
آداب الأكل
1. إخلاص النية لله : لأنّ نظرة المؤمن للأمور ليست كنظرة غيره فهو يربط أفعاله دوما بالله تعالى، فلا يجعل المسلم أكله وشرابه أمرا روتينيا بل يخلص نيته في هذا الطعام والشراب لله فينوي تقوية بدنه على طاعة لله ممتثلا في ذلك قوله تعالى (ومحيياي ومماتي لله ) وبقوله عليه الصلاة والسلام (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) .
2. تحري الطعام الحلال: سواء في ثمنه فلا يشترى الطعام أو الشراب بالمال الحرام، أو في جنسه فلا تأكل إلا طيبا ولا تشرب إلا طيبا وليعلم أنّ (اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }، وَقَالَ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } )
3. اجتناب أواني الذهب والفضة: لقوله عليه الصلاة والسلام: (لاَ تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ )[2].
4. التواضع في الأكل ويكون بأمرين اثنين: إشراك الفقراء في طعامك لقوله عليه الصلاة والسلام : (شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ )[3]، والنهي عن الاتكاء عند الأكل قال عليه الصلاة والسلام (لاَ آكُلُ مُتَّكِئًا)[4].
5. إشراك الجيران: ودليله قوله عليه الصلاة والسلام: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ح يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ )[5] ولقوله (إِنَّ خَلِيلِي ح أَوْصَانِي إِذَا طَبَخْتَ مَرَقًا فَأَكْثِرْ مَاءَهُ ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ)[6]، بل إشراك الجار من علامات المؤمن قال صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِى يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ)[7].
6. إطعام الإخوان: (عن أبي هريرة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم أي الأعمال أفضل ؟ قال: أَنْ تُدْخِلَ عَلَى أَخِيكَ المُسْلِمِ سُرُورًا أَوْ تَقْضِيَ عَنْهُ دَيْنًا أَوْ تُطْعِمَهُ خُبْزًا)[8].
7. إطعام الزوجة أو الخادم بيدك: (إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَليُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ فَإِنَّهُ وَلِيَ عِلاَجَهُ)[9]، أما الزوجة فلقوله عليه الصلاة والسلام: وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلاَّ أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ)[10].
8. عدم الإسراف: لقوله تعالى (فكلوا واشربوا ولا تسرفوا ) [الأعراف: 31].
9. الاجتماع على الطعام: لأنه أدعى للتواضع ومجلبة للألفة والمحبة وسبب لحصول البركة ولأنه مدعاة للشبع أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ ح إِنَّا نَأْكُلُ وَمَا نَشْبَعُ قَالَ: ((فَلَعَلَّكُمْ تَأْكُلُونَ مُفْتَرِقِينَ اجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ))[11].
10. غسل الأيدي قبل الطعام إن كان بها أذى: لأنّ الأذى قد يضر بالجسم خاصة إذا دخل الجوف وديننا يطالب بدفع الضرر وجماية النفس التي هي إحدى الضروريات وقد قال عليه الصلاة والسلام ( لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ)[12].
11. أن لا يعيب الطعام: وهذا من خلق الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ح عَابَ طَعَامًا قَطُّ كَانَ إِذَا اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِهِ سَكَتَ )[13].
التسمية قبل الأكل: لقوله عليه الصلاة والسلام (يَا غُلاَمُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ)[14].
13. الحمدلة عند الفراغ من الأكل: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من طعامه أو شرابه قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا)[15] ولأن ذلك سبب لمرضاة الله (إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا)[16]، ويسن له أن يقول: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَارْزُقْنَا خَيْرًا مِنْهُ )[17]؛ إلا اللبن فيقول:
14. ذكر الله عند شرب اللبن: اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يقول إذا شرب لبنا خاصة: (وَمَنْ سَقَاهُ اللَّهُ لَبَنًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ)[18].
ذكر الله عند إفطار الصائم: فيقول: (ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ)[19].
16. انتظار الطعام الساخن حتى يذهب فوره: فَعَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا ثَرَدَتْ غَطَّتْهُ شَيْئًا حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرَةُ دُخَانِهِ ، وَتَقُولُ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ : إِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ)[20].
17. الأكل باليد اليمنى: لقوله عليه الصلاة والسلام لعمر بن أبي سلمة : (يا غلام سم الله وكل بيمينك ) وقد تقدّم، وشدّد النبيّ عليه الصلاة والسلام في الأكل بالشمال فعن سلمةَ بن الأَكْوَع - رضي الله عنه - : أنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بِشِمَالِهِ ، فَقَالَ : (( كُلْ بِيَمِينِكَ قَالَ : لا أسْتَطِيعُ . قَالَ : لاَ اسْتَطَعْتَ ! مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الكِبْرُ ! فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ)[21] . ثم إنّ الأكل بالشمال تشبه بالشيطان فقد روى مسلم أيضا عن عَن ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ح قَالَ: (إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ)[22].
18. الأكل على الأرض: لما فيه من تواضع العبد لربه ولأنه سنة المصطفى صلى الله عليه رغم أنف الداعين إلى التحضر _زعموا_ فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه صفة أكله صلى الله عليه وسلم فقال: (مَا أَكَلَ النَّبِيُّ ح عَلَى خِوَانٍ وَلاَ فِي سُكُرُّجَةٍ قَالَ: فَعَلاَمَ كَانُوا يَأْكُلُونَ؟ قَالَ عَلَى السُّفَرِ)[23].
ونقل المباركفوري في التحفة: أنّ الأكل على الخوان كان من دأب المترفين لئلا يفتقر إلى التطاطؤ والانحناء[24].
19. الأكل بثلاثة أصابع: وهو هديه صلى الله عليه وسلم لما رواه كعب بن مالك رضي الله عنه قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ح يَأْكُلُ بِثَلاَثِ أَصَابِعَ وَيَلْعَقُ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا)[25].قال ابن حجر في الفتح: (( قال عياض: والأكل بأكثر منها من الشره وسوء الأدب وتكبير اللقمة))[26].
20. الأكل من جوانب القصعة: عن ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ح بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ فَقَالَ : « كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا وَلاَ تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِى وَسَطِهَا »[27].
21. الأكل مما يليك: للحديث الذي تقدّم : (( يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ))، فمن الأدب أن لا يمد الآكل يده إلى ما يلي الآخرين بل يأكل مما يليه من جانب القصعة حتى لا يؤذي غيره وليقنع بما رزقه الله وحتى لا يتهم بالشره. لكن يجوز أن يتتبع الرجل أكلا اشتهاه ولم يكن أمامه مثله خاصة إذا كان المقدَّم أصنافا عدّة من الطعام وقد ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قدِّم له خُبْزُ شَعِيرٍ وَمَرَقٌ فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ قال أنس – راوي الحديث - رَأَيْتُ النَّبِيَّ ح يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيْ الْقَصْعَةِ))[28].
22. عدم الإسراع في الأكل: بل يمضغ الطعام جيدا حتى لا يؤذي بطنه بسوء الهضم ولا يؤذي غيره فقد يكون معه من هو أكثر جوعا منه فلا يترك له ما يأكله ولعله قد يدخل في وعيد من بات شبعان وجاره جائع.
23. النهي عن الأكل منبطحا على البطن: لنهيه عليه الصلاة والسلام عن ذلك فقد روى أبو داود وغيره عن ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه قال: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ح أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ وَهُوَ مُنْبَطِحٌ عَلَى وَجْهِهِ))[29]. قال المناوي في التيسير (2/901): ((لأنه مع ما فيه من قبح الهيئة يضر بالمعدة وأمعاء الجنب ويمنع من حسن الاستمراء لعدم بقاء المعدة على وضعها الطبيعي.))
24. عدم القران بين التمرتين: لقوله ابن عمر: (لاَ تَقْرُنُوا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْإِقْرَانِ إِلاَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ)[30]. قال في الفتح: ( قال مالك: ليس بجميل أن يأكل أكثر من رفقته).
وقد فهم العلماء أنّ الحكم لا يخص التمر فقط بل يتعداه إلى غيره من الطعام مما كان على شاكلته الزبيب والعنب والخوخ ونحوه لوضوح العلة الجامعة. أنظر الفتح والتيسير.
25. أكل الطعام الساقط على الأرض: فلا يتركه للشيطان وليمط عنه الأذى إن وجد فيه فقد روى جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى وَلْيَأْكُلْهَا وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَان)[31].
إجتناب الطعام الذي يضر: قال الشيخ ابن عثيمين عند شرحه للحديث السابق[32]: (وفي هذا الحديث من الفوائد أنه لا ينبغي للإنسان أن يأكل طعاما فيه أذى لأن نفسك عندك أمانة لا تأكل شيئا فيه أذى من عيدان أو شوك أو ما أشبه ذلك، وعليه فإننا نذكر الذين يأكلون السمك أن يحتاطوا لأنفسهم لأن السمك لها عظام دقيقة مثل الإبر إذا لم يحترز الإنسان منها فربما تدخل إلى بطنه وتجرح معدته أو أمعاءه وهو لا يشعر)، وأيضا من كان به مرض ما فلا يأكل ما يزيد في مرضه فإنّ ذاك مناف للشرع والعقل.
26. ما يفعل إذا سقط الذباب في الإناء؟: قال عليه الصلاة والسلام: (إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالْأُخْرَى شِفَاءً)[33].
27. أن لا يفعل المرء ما يستقذر عرفا: كرمي الزبل في الصحن، أو التنخم أو العطاس أو السعال في الطعام، لأنّ ذلك يؤذي الجلساء.
28. خدمة الضيوف بنفسه وأن يدعوهم بنفسه إلى الطعام: وهي سنة الأنبياء من قبل كما ذكر الله عز وجلّ عن أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام: (فقرّبه إليهم)، وكما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في سقايته الصحابة كما سيأتي.
29. عدم الإفراط في الأكل: قال عليه الصلاة والسلام (مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ الْآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ غَلَبَتْ الْآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ)[34]، وفي الصحيحين: (عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ فَأَكَلَ كَثِيرًا فَقَالَ يَا نَافِعُ لاَ تُدْخِلْ هَذَا عَلَيَّ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ح يَقُولُ الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ).
قال ابن رجب في جامعه: (والمراد أن المؤمن يأكل بآداب الشرع فيأكل في معي واحد والكافر يأكل بمقتضي الشهوة والشرة والنهم فيأكل في سبعة أمعاء وندب صلى الله عليه و سلم مع التقلل من الأكل والاكتفاء ببعض الطعام إلى الإيثار بالباقي منه فقال طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الثلاثة وطعام الثلاثة يكفي الأربعة فأحسن ما كل المؤمن في ثلث بطنه وشرب في ثلث وترك للنفس ثلثا كما ذكره النبي صلى الله عليه و سلم في حديث المقدام فإن كثرة الشرب تجلب النوم وتفسد الطعام).
30. لعق الصحفة: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك فعن أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ح كَانَ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلاَثَ قَالَ وَقَالَ إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ قَالَ فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمْ الْبَرَكَةُ)[35].
31. لعق الأصابع قبل مسح الأيدي: للحديث المتقدّم قريبا ولقوله عليه الصلاة والسلام: (إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى وَلْيَأْكُلْهَا وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ وَلاَ يَمْسَحْ يَدَهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَرَكَةُ)[36].
فيستحب لعق الأصابع أو أن يلعقها زوجه أو أحد أبنائه، فقد جاء في الصحيحين عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ح قَالَ: (إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا).
32. لا تستحي إذا طلب منك الأكل: فإذا طلب منك أن تأكل وأنت جائع فلا ترفض استحياء فإنّ هذا ليس موضعه فعن أسماء بنت يزيد قَالَتْ: أُتِيَ النَّبِيُّ ح بِطَعَامٍ فَعَرَضَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا لاَ نَشْتَهِيهِ فَقَالَ (لاَ تَجْمَعْنَ جُوعًا وَكَذِبًا)[37].
33. الدعاء لصاحب الطعام إذا فرغت من الأكل: قال الله تعالى: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله )[38]، ويستحب أن يدعو له بالدعاء المأثور وهو : (أَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلاَئِكَةُ وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ )[39] .
34. الدعاء لصاحب الطعام وإن لم تأكل: إما لكونك صائما، وإما لأن الطعام قد نفد وهذا يحصل كثيرا في الولائم الكبيرة. فيستحب للمرء أن يقابل نية المضيف بأحسن جزاء وهو الدعاء له؛ قال عليه الصلاة والسلام: (إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ).[40]
التمضمض بعد الأكل: فعن سُوَيْد بْنِ النُّعْمَانِ (أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ح عَامَ خَيْبَرَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ وَهِيَ أَدْنَى خَيْبَرَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَعَا بِالْأَزْوَادِ فَلَمْ يُؤْتَ إِلاَ بِالسَّوِيقِ فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ ح وَأَكَلْنَا ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا)[41]. وخاصة عند شرب اللبن لقوله عليه الصلاة والسلام: (مَضْمِضُوا مِنْ اللَّبَنِ فَإِنَّ لَهُ دَسَمًا)[42].
36. غسل اليدين بعد الأكل قبل النوم: لورود النهي عن ذلك فقد قال عليه الصلاة والسلام: (مَنْ نَامَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ وَلَمْ يَغْسِلْهُ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَ نَفْسَهُ)[43]، والغمر بفتح الغاء والميم الدسم والزهومة من اللحم[44].
37. الانتشار بعد الطعام: لقوله تعالى : + فإذا طعمتم فانتشروا ) [الأحزاب: 53] إلا أن يعلم أن صاحب البيت يرغب في بقائه فلا حرج.
38. الوضوء من أكل لحم الإبل: لما ورد في صحيح مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ قَالَ إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ قَالَ أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ).
39. النهي عن التنفس في الإناء: لما جاء عند البخاري ولمسلم نحوه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ح: (إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ). لكن هناك أدب آخر متعلق بالتنفس وهو:
40. شرب الماء على ثلاث جرعات: فيشرب المرء مرة ثم يتنفس خارج الإناء ثم ثانيا ، ثم ثالثا وهو سنة فعن أنس رضي الله عنه (أَنَّ النَّبِيَّ ح كَانَ إِذَا شَرِبَ تَنَفَّسَ ثَلاَثًا وَقَالَ هُوَ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ وَأَبْرَأُ)[45]. ويجوز الشرب بنفس واحد لورود ذلك أيضا[46].
41. التوسع في المجلس: فهو أدعى لتكثير المجتمعين على الطعام وحتى يتسنى للغير حضور الأكل خاصة عند كثرة الناس.
42. لا تجلس على مائدة فيها منكر: كمائدة فيها خمر أو قمار أو أي منكر فالواجب محاولة إزالته وإلا فلتقم عنهم فقد (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَطْعَمَيْنِ عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ...)[47].
43. كن آخر من يشرب إن كنت ساقيا: لحديث أبي قتادة قال: (ثُمَّ صَبَّ رَسُولُ اللَّهِ ح فَقَالَ لِي اشْرَبْ فَقُلْتُ لاَ أَشْرَبُ حَتَّى تَشْرَبَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا قَالَ فَشَرِبْتُ وَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ ح)[48].
44. مناولة الكبير: وهذا لما جاء في الصحيح باب بَاب هَلْ يَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ فِي الشُّرْبِ لِيُعْطِيَ الْأَكْبَرَ: (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ح أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْيَاخُ فَقَالَ لِلْغُلاَمِ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلاَءِ فَقَالَ الْغُلاَمُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا قَالَ فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ح فِي يَدِهِ)،
المناولة للأيمن: للحديث السابق وإن كان الأفضل البدء بالكبير.
46. استئذان صاحب الطعام في الرجل يأتي من غير دعوة: فإن دعيت إلى طعام وجاء معك رجل فاستأذن صاحب الطعام ولا تدخلن عليه من لم يُدْعَ فإن أذن له وإلا رجع، ولا يحدثنّ نفسه بشيء فقد يتأذى صاحب الوليمة؛ وقد ثبت مثل هذا في السنة فعن أبي مسعود الأنصاري قال: (كَانَ مِنْ الْأَنْصَارِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ وَكَانَ لَهُ غُلاَمٌ لَحَّامٌ فَقَالَ اصْنَعْ لِي طَعَامًا أَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ ح خَامِسَ خَمْسَةٍ فَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ ح خَامِسَ خَمْسَةٍ فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِيُّ ح إِنَّكَ دَعَوْتَنَا خَامِسَ خَمْسَةٍ وَهَذَا رَجُلٌ قَدْ تَبِعَنَا فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ قَالَ بَلْ أَذِنْتُ لَهُ)[49].
47. البدء بالطعام قبل الصلاة: حتى لا يشغله الطعام في صلاته بل يأكل فإذا ذهب إلى الصلاة ذهب خاشعا فارغ البال إلا من صلاته ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ)[50].
48. محبة الطعام الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تقدم عن أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يحب الدباء فقال: (فما زلت بعد أحب الدباء)[51].
49. الاعتناء بما دلت الشريعة على فضله من الأطعمة كالتمر والزيت لما رواه مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَائِشَةُ بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ).
50. وخاتمة ما جمعت: أشرك من حضر طعامك من الحيوان كالهر تنل به صدقة فقد دخلت بغي الجنة في كلب وقال عليه الصلاة والسلام: (فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ).[52]
والله الموفق للعمل بهذا العلم


[1] واقرأ ما كتبه الشيخ عبد المالك رمضاني في رسالته (رفع الذل والصغار) تعلم حقيقة حال الكفار.

[2] رواه البخاري (5202) عن حذيفة رضي الله عنه.

[3] متفق عليه من حديث أبي هريرة.

[4] رواه البخاري (4979) عن أبي جحيفة.

[5] أخرجه مسلم (4758).

[6] مسلم (4759).

[7] البخاري في الأدب (112) وصححه الألباني فيه وفي الصحيحة (149).

[8] رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج (112)، والبيهقي في الشعب (7678)، وصححه الألباني في الصحيحة (1494).

[9] البخاري (2370)، ولمسلم نحوه (3142).

[10] البخاري (1213)، ومسلم (3076).

[11] أحمد (15498)، والبيهقي في الشعب (5835)، وحسنه الشيخ الألباني في الصحيحة (664).

[12] ابن ماجه (2331)، وصححه الألباني.

[13] مسلم (3845).

[14] متفق عليه من حديث عمر بن أبي سلمة.

[15] أبو داود (3851)، وصححه الألباني.

[16] مسلم (4915).

[17] ابن ماجه (3313)، وحسنه الألباني.

[18] المصدر السابق.

[19] أبو داود (2357)، وصححه الألباني.

[20] أحمد (25720)، وغيره بإسناد صحيح أنظر الصحيحة (392).

[21] مسلم (3766).

[22] مسلم (3764).

[23] البخاري (4967).

[24] (5/398).

[25] مسلم (3790).

[26] (9/715).

[27] رواه أحمد (2594)، واللفظ له ، والترمذي (1805)، وابن ماجه (3277)، وصححه الألباني.

[28] متفق عليه.

[29] ابن ماجه (3370)، وصححه الألباني فيه وفي الصحيحة(2394).

[30] البخاري (2310).

[31] مسلم (3793).

[32] شرح رياض الصالحين (1/557، 2/536).

[33] البخاري (3073).

[34] الترمذي (2380)، وابن ماجه (3340)، وصححه الألباني.

[35] مسلم (3795)، ومعنى نُسلت أي نمسحها ونتتبع ما بقي فيها من الطعام (شرح النووي).

[36] مسلم (3793).

[37] ابن ماجه (3289)، وصححه الألباني.

[38] أحمد (11278)، والترمذي (1954)، وصححه الألباني.

[39] أحمد (11957) وصححه الشيخ الألباني في آداب الزفاف (ص 170).

[40] مسلم (2584).

[41] أخرجه البخاري (209).

[42] ابن ماجه (498) وصححه الألباني.

[43] البخاري في الأدب المفرد (1219)، وأبو داود (3852)، والترمذي (1860)، وابن ماجه (3297)، وصححه الشيخ الألباني.

[44] النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (باب الغين مع الميم).

[45] رواه أبو داود وأصل ذكر التنفس في الصحيحين من رواية أنس موقوفا .

[46] أنظر بحث ذلك في السلسلة الصحيحة رقم: (386).

[47] أبو داود (3774)، وصححه الألباني. قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرحه لسنن أبي داود: ([ باب ما جاء في الجلوس على مائدة عليها بعض ما يكره] أي: أنه لا يجلس على مائدة مشتملة على محرم، فلا يحضرها ولا يشارك فيها).

[48] جزء من حديث طويل رواه مسلم (1099).

[49] أخرجه البخاري (5461).

[50] البخاري (5462).

[51] البخاري (5420).

[52] البخاري (5550).