السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته


الحمدلله



قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ( ٤١ ) سورة الرعد


وَقَوْلُهُ : (
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَوْ لَمْ يَرَوْا أَنَا نَفْتَحُ لِمُحَمَّدٍ الْأَرْضَ بَعْدَ الْأَرْضِ ؟

وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ : أَوْ لَمْ يَرَوْا إِلَى الْقَرْيَةِ تُخَرَّبُ ، حَتَّى يَكُونَ الْعُمْرَانُ فِي نَاحِيَةٍ ؟


وَقَالَ
مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ : ( نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ) قَالَ : خَرَابُهَا .

وَقَالَ
الْحُسْنُ وَالضَّحَّاكُ : هُوَ ظُهُورُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ .

وَقَالَ
الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : نُقْصَانُ أَهْلِهَا وَبَرَكَتُهَا .

وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : نُقْصَانُ الْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَخَرَابُ الْأَرْضِ .

وَقَالَ
الشَّعْبِيُّ : لَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَضَاقَ عَلَيْكَ حُشُّكَ ، وَلَكِنْ تَنْقُصُ الْأَنْفُسُ وَالثَّمَرَاتُ . وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ : لَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَمْ تَجِدْ مَكَانًا تَقْعُدُ فِيهِ ، وَلَكِنْ هُوَ الْمَوْتُ .

وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ : خَرَابُهَا بِمَوْتِ فُقَهَائِهَا وَعُلَمَائِهَا وَأَهْلِ الْخَيْرِ مِنْهَا . وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا : هُوَ مَوْتُ الْعُلَمَاءِ .

وَفِي هَذَا الْمَعْنَى رَوَى
الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمِصْرِيِّ الْوَاعِظِ سَكَنَ أَصْبَهَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ طَلْحَةُ بْنُ أَسَدٍ الْمَرْئِيُّ بِدِمَشْقَ ، أَنْشَدَنَا أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّىُّ بِمَكَّةَ قَالَ : أَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ غَزَالٍ لِنَفْسِهِ :

الْأَرْضُ تَحْيَا إِذَا مَا عَاشَ عَالِمُهَا مَتَى يَمُتْ عَالِمٌ مِنْهَا يَمُتْ طَرَفُ كَالْأَرْضِ تَحْيَا إِذَا مَا الْغَيْثُ حَلَّ بِهَا
وَإِنْ أَبَى عَادَ فِي أَكْنَافِهَا التَّلَفُ

وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى ، وَهُوَ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ عَلَى الشِّرْكِ قَرْيَةً بَعْدَ قَرْيَةٍ ، [ وَكَفْرًا بَعْدَ كَفْرٍ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى ) [الْأَحْقَافِ : ٢٧ ] الْآيَةَ ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنُ جَرِيرٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ] .


الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى
تفسير القرآن العظيم


والله أعلم