الرجال لايبكون !
قلب الرجل يبكي . يُكوى .. وربما نزَ جرحا صامتا بلا انتهاء .

والدمع ضعف . مشاعر آنية . بركان ثائر خامد . غليل واهم تطفئوه أقلُ جرعة .

الطفل وحده يبكي . دموعه كلمة شكوى ، أو عتاب ، أو مرارة .. يبكي ضعفه ، حزنه ، عدم قدرته على حلم معاش !

الرجال لا يبكون ! عزيمتهم فعل ، وقولهم فعل ، وأفكارهم فعل ، ومشاعرهم فعل ! وعندما يبكون ، يبكي قلبهم ،

يُعتصر ، وربما نزَ جرحا صامتا بعيد الغور !

الدمع ضعف . نفثة حزينة . وكلمة مصدور .

قد يُشفي ، أو ربما يُبرئ فيُريح . لكن برءه محبط ، وراحته ألم ساذج !

لا يٌلغي ليبني ، إنما يغشى ليٌسلي !

وأنت لم ترد السلوى أو الراحة الآنية . أنت تطلب دفق السعادة ، ونهر الأمل . تدق على الأبواب الخضر بقبضة قلبك الندية , وتُترجم لغات اليمِ بكل خلجات نفسك . وتريد ، وتنادي ، وتزخر في صدرك بحار وأنهار .

أنت أردت الكل ! لكنك أردته وأنت تبكي . والبكاء امرأة هشة ، بل البكاء طفل !

الكل إرادة , وثبات ، وعزيمة . وأنت لا مبالاة ، وطيش ، وجنون .

تتمنى ، والمنى كلام ! وتحلم ، والحلم كلام ! وتكتب ، والكتابة عندك نزق وطيش وضباب رؤى !

فان كنت صادقا ، اكسر قلمك ، واحبس دمعك ، وأرني فعلا مرئيا ، ألمسه ، وأشعر به ، وأحس بحرارته .

الكلام فعل بارد ، لأن حروفه جليد ، وروحه عدم ! يتشكل صورة بلا ملامح ملموسة ، واسما بلا مضمون ، وعنوانا بلا هوية ، وصوى بدون درب !

اكسر قلمك . حوِل جناتك إلى حقيقة . ودع زوارق الحلم تسافر وحدها إلى مدن النجوم . وضع الأكوان والألوان _ دون وهم _ في صدرك , واغزلها حقيقة عين وجود !

فأنت ذات ، والذات فرد ، والفرد حركة ، وصخب ، وحياة ، وعطاء .

افتح ذراعيك . املأ رئتيك بنسغ الوجود . اهدر بصخب . صح بأعلى صوتك . مزِق الأستار والأفكار والأوهام .

وانطلق . انطلق بفتاء نحو الشمس . واصهل بقوة وثبات ..

فأنت أنت . وأنت لست الدموع .

15 / 12/ 1987م