هل يجوز للمسلم أن يتنفل بأن يصلي ركعتين بعد صلاة العصر ؟
الجواب : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ )) متفق عليه . وقال صلى الله عليه وسلم ((قال لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة)) رواه أحمد وأبو داود وغيرهما ، وصححه ابن حجر في التلخيص الحبير والألباني في السلسلة الصحيحة والأرنؤوط في حاشية ابن حبان وقال : " وصححه الحافظ العراقي في "طرح التثريب" 2/187، وحسنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 2/61 ".
وهناك أحاديث أخرى متعارضة في الظاهر في هذا الباب ، لذا اختلف العلماء على قولين :
الأول : النهي عن التنفل بعد العصر حتى تغرب الشمس ، وهو مذهب أكثر أهل العلم ومنهم المذاهب الأربعة وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم من الصحابة كما ذكر ابن رجب في فتح الباري ( وجمهور الفقهاء على الكراهية ،وبعضهم على التحريم كما في الموسوعة الفقهية الكويتية (7/ 183) ) . وفيه أيضا (27/ 313): " اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّنَفُّل بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشمس " . واختار النهي من المعاصرين علماء اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة ابن باز ، وابن عثيمين كما في مجموع فتاواه وغيرهم .
القول الثاني : جواز التنفل بعد العصر إلى أن تصفر الشمس ، نقله ابن رجب عن جمع من الصحابة ، وهو رواية عن أحمد كما في الإنصاف، واختاره الألباني بل استحبه .
والأرجح هو القول الأول ؛ لأن أحاديث النهي عن الصلاة بعد العصر إلى غروب الشمس أصح وأكثر كما في الجامع لأحكام الصلاة (3 / 9) ، فترجح على غيرها ولا يمكن تقييدها بحديث جواز الصلاة حتى تصفر الشمس ؛ لأن التعارض هنا ليس بين عام وخاص أو مطلق ومقيد بل التعارض بين خاص وخاص فلابد من الترجيح ، جاء في مذكرة أصول الفقه للشيخ الشنقيطي (ص: 214): " تعارض خاصين فيجب الترجيح ".
ومع ذلك قال ابن رجب في فتح الباري (3/ 278): " وهذا لا يدل على أن أحمد رأى جوازه ، بل رأى أن من فعله متأولاً ، أو مقلداً لمن تأوله لا ينكر عليه ، ولا يعاب قوله ؛ لأن ذلك من موارد الاجتهاد السائغ " .
تنبيه : الأرجح من أقوال العلماء أن النهي خاص بالتنفل المطلق ، وعليه فلا بأس بالقضاء وصلاة ما له سبب كتحية المسجد وسنة الوضوء وغيرهما . شرح زاد المستقنع للشيخ حمد الحمد باب صلاة التطوع .
والحمد لله رب العالمين .