ذات يوم بعيد ، كنت في غربة عن الأهل والزوجة ، فقالت لي أختي الصغرى وقتما جئت في إجازة :_ أنت لا تشتاق إلي ! كلنا نحبك ، وأنت لاتتحدث إلا عن زوجتك !
صغيرتي :

غدا ، عندما تكبرين وتكونين منزلك الخاص ، ستجدين غالب حديثك سيكون عن زوجك ! وله وحده ستعطينه نفسك وأفكارك ومشاعرك . وساعتها ستشعرين بالأمن وأنت تكلمينه ، وستشعرين بالراحة والاطمئنان معه.

ووقتها ، سيكبر حبُك لأبويك وإخوتك ، وسيصير بصورة أعمق . وستعيشين ساعتها معاني الأمومة والأبوة وعلاقات الأخوة بشكل أوضح ، بل أفضل وأجمل !

وأنا _ إن كتبت عن زوجتي ، أو تكلمت عنها _ فلن يعني هذا أنني ناس نهر الحنان ، وملجأي ، وفيض الحب

أمي .

ولن يعني أنني غافل عن مرشدي وسبب وجودي ومنارتي أبي . فهما عيناي أتطلع بهما ، يضيآن عتمة نفسي،

وينيران حلك ليلي . هما علَماني العطاء والخير،وأشارا إلي بعلاقتهما المميزة لكل دروب السعادة . وبدعائهما

أسير دون أكبو ، وأركض فلا أزلََ.

وصورتهما دائما معي . وكثيرا مااجلس هنا_في غربتي_ وحيدا معهما ، نتحدث معا ، ويطول بنا الحديث والسمر.

وكثيرا ماغفوت على صدريهما وأنا أبكي ! فيمسحان دمعي ، ويشدان أزري.. فيمضي الوقت ونحن معا !

وكذلك أنتم .

جميعكم أراكم !

بصور كم ، بضحكاتنا بأشواقنا ، بابتساماتنا التي لاتنتهي .. أراني دائما قربكم .. وكثيرا ما أضحك وأنا مع

أيامنا الفائتة :

هل تذكرين ليالي رمضان ؟ وضحكات الحمصي ؟ وعلي بابا ، وأبو كمال ، وصحارى ؟

أماسي حلوة ..وستبقى حلوة بوجودكم وبوجود الأب والأم فوق رؤوسنا.

فهل وصلت الى ماأحببت أن تسمعيه ؟ أم أنك ستدركين معنى ذلك ذات يوم قريب!

تبقي دوما صغيرتي .. ومتجدد معكم كل لقاء.

7 / 5 /1984 م