شرح لمعة الاعتقاد للإمام ابن قدامه المقدسي
سؤال وجواب
شرح فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور
نـاصر بن عبد الكريم العقل
الدرس الأول مقدمات وقواعد فى العقيدة:
س : ما أهمية العقيدة ؟
ج : أهمية العقيدة ترجع إلىأهمية الدين وأهمية الدين معلومة فالدين هو القيمة الحقيقية الأساسية للإنسانوَمَا}في الدنيا والآخرة ، فالإنسان بلا دين لا قيمة له والله عز وجل يقول : (الذاريات:56) .{خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
س : متى تتحقق العبادة الحق ؟
ج : تتحقق بالعقيدةالسليمة ، لا من حيث فقط منهج العبادة الشرعي بل حتى من حيث الاعتقاد أولاً ابتداءً باللهعز وجل وبأصول الإيمان الأخرى ، والاعتقاد بالغيبيات ، والاعتقاد بمنهاج الدين جملة وتفصيلا على قدر مدارك الإنسان ، فالإنسان إذا صحت عقيدته صح دينه وإذا صح دينهصحت صلته بالله عز وجل فإذا وصل إلى هذه الدرجة حقق السعادة في الدنيا والآخرةالدائمة.
س : ما مفهوم العقيدة فى اللغة ؟
ج : العقيدة من العقد وهو الشد والربط بقوةوإحكام فكل أمر ذي بال يسمى عقيدة ، ولذلك تسمى العهود والمواثيق عقد ، فإجراءالنكاح يسمى عقد ، وإجراء البيع يسمى عقد ، فمن باب أولى ما بين العبد وربه منالأمور التي يجب تصورها ويؤمن بها وتسمى عقيدة.
س : وما هوالمفهوم الاصطلاحي ؟ج : هو الإيمان الجازم الذي لا يتطرق إليه الشكلدى معتقده هذا على وجه العموم.
س : عرف العقيدة الإسلامية؟
ج : هي الاعتقاد الجازم بأركان الإيمان وأصول الدين وثوابته وكل ماثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم وعن الله تعالى من الأمور القلبية والعلمية والقولبة وأيضاًمناهج الحياة كل هذه الأصول ثوابتها ومسلماتها فى الدين .
س : ما هى ثمرة العقيدة ؟
ج : هي منهج التعامل ، تعامل الإنسان مع ربهعزوجل، التعامل مع حقوق الرسول صلي الله عليه وسلم التعامل مع حقوق المؤمنين والمسلمين من عهدا لصحابه رضي الله عنهم إلي وقتنا الحاضر حقوق الخلق، أيضاً التعامل مع الحياة الذي هو منهاجحياة المسلم.
س : ما هى مرادفات العقيدة ؟
ج : العقيدة يراد فها إطلاقات شرعية صحيحة ، فالعقيدة تأتى بمفهومالإيمان بمعناه الشامل ، الإسلام بمعناه الشامل ، أصول الدين بمعناه الشامل ، كذلكالتوحيد ، واصطلح بعض الفقهاء على تسمية العقيدة بالفقه الأكبر.
س : ما هي أقسام الدين اصطلاحياً ؟
ج : يمكن تقسيمالدين إلى فقهين ؟
1-
الفقه الأكبر:
فقه الثوابت والمسلمات ، فقه القواعدوالقواطع وهذا هو العقيدة.
2-
الفقه الثاني"
وهو التطبيقات والأحكام.
س : ماذا كان يطلق السلف على العقيدة ؟ وما المؤلفات في ذلك ؟
ج : كان السلف يطلقون عليها السنة ولهم في ذلك مؤلفات وكتب كثيرةمنها : السنة للإمام أحمد ، شرح السنة للألكائى ، السنة لابن أبى عاصم ... الخ.
س : لماذا يفرق البعض بين العقيدة والتوحيد ؟
ج : هذا ناتج عن أنهم ظنوا أن مسمى التوحيد مقصور على جانب التوحيدفي العقيدة الذي هو توحيد الله عز وجل ، بالعبادة بأسمائه وصفاته وأفعاله.
س : وما هي موضوعات العقيدة إجمالاً وتفصيلاً ؟
ج : منحيث الإجمال :
هي ثوابت الدين ، قطعيات الدين ومسلماته
أما من جهة التفصيل :
نجدأن الثوابت والمسلمات والقطعيات التي هي موضوع العقيدة تشمل الجانب القلبي العقدي ،والجانب العلمي ، والجانب المنهجي الذي يرسم منهاج الحياة لدى المسلم ، وكذلك أصولالأخلاق .. كالصدق والأمانة والوفاء بالعهد. فهذه كلها من موضوعات العقيدة ، وكذلكمواقف المسلم كفرد أو الأمة المسلمة كجماعة أو كدول وهيئات ومؤسسات ومواقف المسلمينتجاه بعضهم وتجاه الآخرين.
س : هل نصوص الدين التي ينبنيعليها نصوص ظنية ؟
ج: نصوص الدين التي يبنى عليها قطعيات والأصولوالقواعد والثوابت والمسلمات ليست نصوص ظنية. يعنى أن الدين يقوم على قطعيات لكنهذه القطعيات ترجع إلى منهج الاستدلال. والعقيدة تبنى إما على نص قطعي أو مجموعةنصوص اكتسبت القطعية في مجموعها ، أو على قاعدة شرعية أو على الإجماع.
س : ما هي أقسام الأدلة ؟
ج : أدلة ظنية ، وأدلةقطعية.
س : ما هي أول مباني العقيدة ؟
ج : أول مباني العقيدة أنواع التوحيد الثلاثة وهذا تقسيم اصطلاحي وهم (1)توحيد الربوبية (2)،توحيد الأسماء والصفات ،(3) توحيد الإلوهية وهو توحيد العبادة.
س : ما هي مفردات العقيدة ؟
ج 1- حقوق الله عز وجل 2-،حقوق النبي صلي الله عليه وسلم 3- ، حقوق الصحابة وأمهات المؤمنين 4- وحقوق كل ما يحبه الرسولصلي الله عليه من الأشخاص والأشياء هي ضمن حقوق النبي صلي الله عليه وسلم، ثم5- حقوق السلف الصالح أعلام الأمة 6- وكذلكأركان الدين الستة 7-، وأركان الإسلام أيضاً من الغيبيات كالشفاعة ، الرؤية 8-، موضوعاتالإمامة والجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
س : ماهي مصادر العقيدة ؟
ج : مصادر العقيدة هي مصادر الدين أولاً ، فلافر ق أن نقول مصادر الدين أو مصادر العقيدة وهى الكتاب والسنة والإجماع.
س : هل هناك تعارض بين العقل ومصادر الدين ؟
ج : فيالحقيقة الصحيح أنه يمكن أن نقول هل هناك تكافؤ بين العقل والشرع ، ليس بمنزلتهلأنه معرض للخطأ لأن الشرع هو دين الله مبنى على كلام الله المعصوم من الخطأ ، ولكنالعقل لا يعدو أن يكون مخلوقاً ، فإذا كان مخلوق فلابد أن تعتريه عوارض كالنقصوالسهو والنسيان والخلل وكذلك الفناء. فالنقص للعقل والكمال للشرع.
س : ما هى خصائص العقيدة الإسلامية ؟
ج : خصائصهاكثيرة وعظيمة ولعل أعظمها وأهمها هو"
1- أنها ربانية إلهية ، فالعقيدة هي الدين الذي شرعه الله عز وجل ، فالله هو الذي أوحى إلى رسولهصلي الله عليه وسلم وكفي بها من سمة وخصيصة يدخل فيها كل ما تحتها من الخصائص الإيجابية وكذلك أنه
2- قطعية لا يعتريها شك ولا خلل ولانقص ولا سهو ولا ريب على الإطلاق وكذلك أنه
3- توقيفية غيبية.
س : ما معنى أن العقيدة الإسلامية توقيفية غيبية ؟
ج : معناها أن العقيدة موقوفة عن الشرع ، لا يمكن أن تستمد من غير الدين والشرع وأنهافي أصولها في منطلقاتها غيبية ، قد يكون بعض الجوانب يدركها الإنسان بعقله السليم وفطرتهلكن إدراك إجمالي وتبقى أصولها تفاصيلها غيبية وكذلك الشمول ، وأن الدين محفوظ.
س : أذكر مثال يوضح أن العقيدة الإسلامية غيبية توقيفية ؟
ج : كالإيمان باليوم الآخر عند بعض العقول السوية ضرورة أي الحاجةإلى البعث ، إدراك أهمية البعث ، هذه ضرورة يدركها العقلاء وليس كل العقلاء ، لكنهذا الإنسان الذي أدرك بعقله أهمية البعث أو حتى ضرورة البعث هل يمكن أن يدرى كيفيبعث الناس ؟ وإذا بعث الناس ما الذي يحصل لهم ؟ هل يمكن أن يدرك البعث والحشروالميزان على جهة التفصيل ؟ لا يمكن هذا. فمن هنا تكون العقيدة توقيفية غيبية لهاأصول وإن أدركت بعض مجملاتها
س1: من خصائص العقيدة الشمول. وضحذلكج : الشمول :
شمول لجميع حاجات الفرد في قلبه وعاطفته وأحاسيسه، في مشاعره، وفى جوارحه، وفى متطلبات حياته الفردية والأسرية والاجتماعيةوالعالمية، متطلبات الإنسانية بأفرادها ومجتمعاتها ومتطلبات الإنسان في الدنياوالآخرة، وهو شامل لجميع أمور البشرية.
س : وضح كيف يكونالدين محفوظ ؟
ج : الدين محفوظ بجميع جزئياته ليس فقط قواعده وأصوله، بل محفوظ بأحكامه ، وهو عبارة عن كنز موجود واضح بين نقى ليس فيه غموض. يقول) النبي صلي الله عليه وسلم(تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك) فالدينمحفوظ إلى يوم القيامة.
س : هل في العقيدة ألغاز وألفاظ غيرمفهومة ؟ وهل تتوافق مع العقل ؟
ج : من خصائص العقيدة أنها تتميزبالسهولة واليسر وهى ليس فيها ألغاز ولا فلسفات ولا غموض وهى سهلة ميسورة يفهمهاالعامي بقدر والمثقف بقدر وطالب العلم بقدر والعالم الراسخ بقدر ، وهى تتوافقتماماً مع العقل السليم والفطرة ، بل تستجيب لمتطلبات العقل السليم والفطرة ويأنسبها العقل السليم ويتذوقها ويستوعبها.
س : عرف السنةوالجماعة ؟
ج : السنة والجماعة تعنى التزام سنة النبي صلي الله عليه وسلم وجماعة المسلمين.
س : وما هى سنة النبي صلي الله عليه وسلم؟
ج : هيماكان عليه النبي صلي الله عليه وسلموالصحابة في جميع أمور الدين والتابعين والقرون الثلاثةالفاضلة وأئمة الهدى أئمة الإسلام المقتدى بهم في الدين ، أهل السنة والجماعة إلىأن تقوم الساعة.
س : لماذا سميت عقيدة أهل السنة والجماعة ؟لأن النبي صلي الله عليه وسلم أوصي بها لما ذكر الاختلاف في قوله صلي الله عليه وسلم (إنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافا كثيراً)قال صلي الله عليه وسلم(فعليكم بسنتي ) إذن فالذين يتمسكون بسنته صلي الله عليه وسلم بعد الاختلاف أهل السنة ثم قال وعليكم بالجماعة فمن هنا وجب الأخذ بالوصية وهي سنته صلي الله عليه وسلم ومنهج الجماعة وعلي هذا سميت أهل السنة والجماعة
س : ما هو المنهاج الذي يحكم عقيدة السلف أهل السنة والجماعة؟ج : الأمر الأول :إنها هي منهاج النبوة ليست منسوبة إلى عالم ولا إلى طائفة ولا إلىمذهب ولا إلى حزب ولا دولة ولا حاكم وهذا الذي يعطيها صفة الثبوت والقداسة والحفظ.
الأمر الثاني :سلامة المصادر فالعقيدة تقوم على الوحي من الكتاب والسنة فمن هنا تسلم من كل خلل وعيب وزلل قال الله تعالى) إِنَّا نَحْنُ الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ولذلك: (الحجر:9 الأمر الثالثسلامة منهجالاستدلال واعتبار القياس الصحيح في الأحكام.
س : من قواعدالعقيدة أنها تجمع ولا تفرق وضح ذلك ؟
ج : مصطلح العقيدة منالمصطلحات التي تعارف عليها أهل السنة والجماعة والعلماء ، وأنه لم يحدث بعدالصحابة افتراق على الأصول الثابتة ولا يحصرها مذهب ، أصول السنة والجماعة لايحصرها مذهب ، ليس فيها ردود أفعال ولا انعكاسات للأحداث وليست مجرد اجتهاد لشخصولا رأى لطائفة ، إنما هي الحق المنبثق من الكتاب والسنة فلذلك من يتمسك بها يجتمععليها ، ومن يتخلف عنها من أهل الأهواء والبدع يفترق.
انتهي الدرس الأول
http://tafregh.a146.com/play.php?catsmktba=122


ملف لمعة الاعتقاد سؤال وجواب / د نـاصر بن عبد الكريم العقل