تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قد يستغرب طالب العلم ويقول: هل اليهود يقولون: "لا إله إلا الله"؟!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2011
    المشاركات
    34

    Arrow قد يستغرب طالب العلم ويقول: هل اليهود يقولون: "لا إله إلا الله"؟!

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    هنا مسألة أحب أن أنبه طالب العلم لها، فالمصنف -رحمه الله تعالى- يذكر أن هناك شُبَهًا يوردونها، ومن أكثر ما يوردون: حديث أسامة -رضي الله عنه- الذي قتل رجلاً بعدما قال: لا إله إلا الله.

    (وَلِلْمُشْرِكِي نَ شُبْهَةٌ أُخْرَى، يَقُولُونَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْكَرَ عَلَى أُسَامَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَ- قَتْلَ مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ. وَقَالَ: « أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ؟!». وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ». وَأَحَادِيثُ أُخْرَى فِي الْكَفِّ عَمَّنْ قَالَهَا.
    وَمُرَادُ هَؤُلاءِ الْجَهَلَةِ: أَنَّ مَنْ قَالَهَا لا يَكْفُرُ، وَلا يُقْتَلُ، وَلَو فَعَلَ مَا فَعَلَ.
    فَيُقَالُ لِهَؤُلاءِ الْمُشْرِكِينَ الْجُهَّالِ: مَعْلُومٌ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاتَلَ الْيَهُودَ وَسَبَاهُمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ).

    سيأتي الكلام كله -إن شاء الله- مفصلاً عن موضوع حديث أسامة وغيره، وقد يستغرب طالب العلم ويقول: هل اليهود يقولون: "لا إله إلا الله"؟! ذكر الشافعي -رحمه الله- في "الأم" أن في اليهود ليس فقط مَن يشهد "ألا إله إلا الله"، بل يشهد "ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله" أيضًا! ولكن لا يُكفُّ عنهم؛ لأنهم يقولون: محمد رسول الله، لكنه فقط لبني إسماعيل، ونحن على ديننا، وهو صادق -صلى الله عليه وسلم، ويرون أن المسلمين ناجون!
    وظهر في زمن أبي جعفر المنصور(10) أناس يُنسبون إلى رجل يُدعى أبا عيسى من اليهود، وذكر أن القرآن حق، وأن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- رسول حق، وأن متبعيه ناجون، قال: لكن هم على اتباع هذا الرسول الصادق، ونحن على ديننا الأول.

    ولقي ابن القيم(11) -رحمه الله تعالى- أحد هؤلاء اليهود، وذكر قصته معه مفصلة في كتاب "هداية الحيارى"، وفي "الصواعق"، يقول كلامًا ملخصه: قلت: إنكم تسبون الله مسبة ما سبها أحد! فقال لي: تقول هذا وأنت رجل من أهل العلم، وتعرف أنني من أهل الكتاب؟!
    قال له ابن القيم: تعالَ أبيِّن لك، أنتم تقولون: إن الله بعث كذابًا، وادعى هذا الكذاب أن الله أنزل عليه كتابًا، والتف حوله أناس، وظل ثلاثًا وعشرين سنة يدعو الناس، والله يؤيده ويظهر الآيات على يديه حتى مكنه ومكن لأصحابه، وقتل أتباع الأنبياء السابقين الذين كانوا من الكفار من اليهود والنصارى، ثم ظهر أصحابه على البلاد، والأمر يتفاقم بشأن هذا الذي ادَّعى ما ادعى، وأنتم تقولون: إنه كذاب! فأنتم تسبون الله لا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بفعلكم هذا، واعتقادكم هذا أن الله ينصر ويؤيد بالآيات ولا يظهر كذب هذا الذي ما ادعاه.
    فقال: معاذ الله أن نقول هذا، بل هو والله رسول الله، وكتابه حق، وأنتم ناجون، ولكن نحن على دين من قبلنا، وأنتم استمروا على دينكم، فأنتم ناجون ونحن ناجون يوم القيامة. يقول: فقلت له: غلبت كل الغلب، الآن هُزمت أعظم هزيمة، كيف ذلك؟ قال: أتقول إنه صادق؟ فقد أخبر أن الله بعثه للعالمين، وأنه على أتباع الأنبياء قبله أن يتبعوه، وأن يتركوا الدين الذي هم عليه. يقول: فازداد وجهه احمرارًا إلى احمراره، ثم قال: حدثنا بغيرها! أي يقول: ابحث لنا عن موضوع آخر؛ لأنه شعر بأنه لا يستطيع أن يجيب؛ لأنه إذا قال: إنه رسول الله. فيقال: هو صادق، وقد أخبر أنه رسول الله إلى العالمين، وأن عليكم أن تتبعوه، وأخبر أن الله قال: ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ﴾(12).
    فهذه الطائفة موجودة في اليهود وفي النصارى على حد سواء، وذكرها الشافعي، وذكرها ابن حزم(13). وذكر ابن تيمية أنه لقي منهم أناسًا كثيرين، وأن منهم عددًا غير قليل أسلموا على يديه، ورجعوا إلى قومهم وأسلم على أيديهم أناس؛ لأنه إذا شهد أن محمدًا رسول الله، فلا بد أن يصدقه في كل شيء، أما أن يقول: هو رسول الله لكن ليس إلى العالمين فإنه يتناقض.

    والخطابي(14) -رحمه الله- عند قول النبي -صلى الله عليه وسلم: « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ». يقول: المراد: أهل الأوثان دون أهل الكتاب؛ لأنهم يقولون: لا إله إلا الله. فأهل الكتاب -الذين هم اليهود والنصارى- يقولون: لا إله إلا الله، ثم يقاتلون ولا يُرفع عنهم السيف(15).
    وقد نقلت هذه النقول حتى يُعرف أن كلام المصنف: (قاتلَهُم الرسولُ -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وسبَاهُم وهم يقولون: لا إلهَ إلاَّ اللهُ). كلام صحيح، فإنهم يقولون: لا إله إلا الله، لكنهم لا يلتزمون هذه الكلمة العظيمة.

    (وَأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاتَلُوا بَنِي حَنِيفَةَ وَهُمْ يَشْهَدُونَ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُصَلُّونَ، وَيَدَّعُونَ الإِسْلامَ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ حَرَّقَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِالنَّارِ. وَهَؤُلاءِ الْجَهَلَةُ مُقِرُّونَ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ الْبَعْثَ كُفِّرَ، وَقُتِلَ، وَلَوْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مَنْ جَحَدَ شَيْئًا مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلامِ كُفِّرَ وَقُتِلَ، وَلَوْ قَالَهَا).

    هذا كله تقدم، سواء ما يتعلق ببني حنيفة، أو ما يتعلق بمن حرقهم عليٌّ، أو ما يتعلق بمن جحد شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة مع قوله: لا إله إلا الله، فإنهم يُقتلون، ولو قالوا: لا إله إلا الله.
    جزء مقتبس من شرح الشيخ العنقري لكتاب كشف الشبهات .

    ------

    (1) هو: الصحابي الجليل أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن امرئ القيس المولى، الأمير الكبير، حِبُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومولاه، وابن مولاه، أبو زيد، ويقال: أبو محمد، وأبو حارثة، وأبو يزيد. استعمله النبي -صلى الله عليه وسلم- على جيش لغزو الشام. قيل: إنه شهد يوم مؤتة مع والده. سكن المزة مدة؛ ثم رجع إلى المدينة، فمات بها -وقيل: مات بوادي القرى- سنة أربع وخمسين. انظر: الاستيعاب (ص46 ترجمة 12)، وأسد الغابة (1/ 194 ترجمة 84).
    (2) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة (4269، 6872)، مسلم: كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله ..(96) من حديث أسامة بن زيد.
    (3) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة (1400، 2946، 6924، 7285)، مسلم: كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله (20) من حديث أبي هريرة، وفي الباب من حديث عبد الله بن عمر، وأنس وغيرهما.
    (4) النساء: 94.


    (5) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله عز وجل ﴿وأما عاد فأهلكوا بريح...﴾(3344، 7432)، مسلم: كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (1064) من حديث أبي سعيد الخدري.
    (6) الحجرات: 6.


    (7) هو: الصحابي الجليل أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن امرئ القيس المولى، الأمير الكبير، حِبُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومولاه، وابن مولاه، أبو زيد، ويقال: أبو محمد، وأبو حارثة، وأبو يزيد. استعمله النبي -صلى الله عليه وسلم- على جيش لغزو الشام. قيل: إنه شهد يوم مؤتة مع والده. سكن المزة مدة؛ ثم رجع إلى المدينة، فمات بها -وقيل: مات بوادي القرى- سنة أربع وخمسين. انظر: الاستيعاب (ص46 ترجمة 12)، وأسد الغابة (1/ 194 ترجمة 84).
    (8) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة (4269، 6872)، مسلم: كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله ..(96) من حديث أسامة بن زيد.
    (9) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة (1400، 2946، 6924، 7285)، مسلم: كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله (20) من حديث أبي هريرة، وفي الباب من حديث عبد الله بن عمر، وأنس وغيرهما.
    (10) هو: الخليفة المنصور عبدالله بن محمد بن علي بن العباس، أبو جعفر، الهاشمي، العباسي، وأمه سلامة البربرية، ولد في سنة خمس وتسعين أو نحوها، ضرب في الآفاق ورأى البلاد، وطلب العلم، قيل: كان في صباه يلقب بمدرك التراب، وكان فحل بني العباس هيبة وشجاعة، ورأيًا وحزمًا، ودهاء وجبروتًا، وكان جماعًا للمال، حريصًا، تاركًا اللهو واللعب، كامل العقل، أباد جماعة كبارًا حتى توطد له الملك، ودانت له الأمم على ظلم فيه وقوة نفس، ولكنه يرجع إلى صحة إسلام وتدين في الجملة، وصلاة وخير، مع فصاحة وبلاغة وجلالة. توفي سنة ثمان وخمسين ومئة. انظر: تاريخ الطبري (7/ 469)، وسير أعلام النبلاء (7/ 83 ترجمة 37).
    (11) هو: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز، شمس الدين، أبو عبد الله، الزرعي، ثم الدمشقي، الفقيه، الأصولي، المفسر، النحوي، العارف، ابن قيم الجوزية، تفقه في المذهب الحنبلي، وبرع وأفتى، ولازم شيخ الإسلام ابن تيميَّة، وكان ذا عبادة وتهجد، وطول صلاة، ولهج بالذكر، له تواليف حسان؛ منها: "زاد المعاد"، و"بدائع الفوائد". ولد سنة إحدى وتسعين وست مئة، وتوفي سنة إحدى وخمسين وسبع مئة. انظر: البداية والنهاية (18/ 523)، والذيل على طبقات الحنابلة (5/ 170 ترجمة 600).
    (12) آل عمران: 85.
    (13) هو: الإمام الأوحد أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد، الفارسي الأصل، ثم الأندلسي، القرطبي، اليزيدي، الفقيه الحافظ، المتكلم، الأديب، الوزير، الظاهري، صاحب التصانيف، ولد بقرطبة في سنة أربع وثمانين وثلاث مئة. فنشأ في تنعم ورفاهية، ورزق ذكاء مفرطًا، وذهنًا سيَّالاً، وكتبًا نفيسة كثيرة. مات سنة ست وخمسين وأربع مئة. انظر: سير أعلام النبلاء (18/184 ترجمة 99)، والأعلام للزركلي (4/ 254).
    (14) هو: الإمام الحافظ اللغوي، أبو سليمان، حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب، البستي، الخطابي، صاحب التصانيف، ولد سنة بضع عشرة وثلاث مئة، عني بالحديث متنًا وإسنادًا، وأخذ الفقه على مذهب الشافعي، من تصانيفه: "معالم السنن"، و"العزلة". مات ببُست في ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة. انظر: سير أعلام النبلاء (17/ 23 ترجمة 12)، وطبقات الحفاظ (ص81).
    (15) معالم السنن (1/287).
    في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    229

    افتراضي رد: قد يستغرب طالب العلم ويقول: هل اليهود يقولون: "لا إله إلا الله"؟!

    هناك موحدون من النصارى ومن اليهود وما شعاراتهم إلا رموز وليست معبودات كما أن الكعبة رمز لنا وليست معبود.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2011
    المشاركات
    34

    افتراضي رد: قد يستغرب طالب العلم ويقول: هل اليهود يقولون: "لا إله إلا الله"؟!

    رفع الله قدرك أختنا الفاضلة .
    شكرا جزيلا لك ولتعليقك المميز .
    في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •