[justify]أول ما يجب على مريد إتقان قراءة القرآن تصحيح إخراج كل حرف من مخرجه المختص به تصحيحا يمتاز به عن مقاربه، وتوفية كل حرف صفته المعروفة به توفية تخرجه عن مجانسه، يعمل لسانه وفمه بالرياضة في ذلك إعمالا يصيّر ذلك له طبعا وسليقة، فكل حرف شارك غيره في مخرج فإنه لا يمتاز عن مشاركه إلا بالصفات، وكل حرف شارك غيره في صفاته، فإنه لا يمتاز عنه إلا بالمخرج ... فإذا أحكم القارئ النطق بكل حرف على حدته موف حقه، فليعمل نفسه بإحكامه حالة التركيب؛ لأنه ينشأ عن التركيب ما لم يكن حالة الإفراد، وذلك ظاهر، فكم ممن يحسن الحروف مفردة ولا يحسنها مركبة بحسب ما يجاورها من مجانس ومقارب وقوي وضعيف ومفخّم ومرقّق، فيجذب القوي الضعيف، ويغلب المفخّم المرقّق، فيصعب على اللسان النطق بذلك على حقّه إلا بالرياضة الشديدة حالة التركيب، فمن أحكم صحّة اللفظ حالة التركيب حصّل حقيقة التجويد بالإتقان والتدريب، وسنورد لك من ذلك ما هو كاف إن شاء الله تعالى بعد قاعدة نذكرها، وهي أنّ أصل الخلل الوارد على ألسنة القرّاء في هذه البلاد وما التحق بها هو إطلاق التفخيمات والتغليظات على طريق ألفتها الطباعات، تُلقّيت من العجم واعتادتها النّبط واكتسبها بعض العرب؛ حيث لم يقفوا على الصواب ممّن يرجَع إلى علمه، ويوثَق بفضله وفهمه، وإذا انتهى الحال إلى هذا فلا بد من قانون صحيح يرجع إليه، وميزان مستقيم يعوّل عليه ... .
قاله الإمام ابن الجَزَرِي في النشر 1 : 214 - 215.[/justify]