تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 35

الموضوع: حديث الشتاء

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي حديث الشتاء

    (1)



    من حكمة الله الباهرة وقدرته الظاهرة تعاقب الليالي والأيام وتوالي السنين والأعوام فيعقب الليل النهار ويخلف النهار الليل وتتنوع الظواهر الكونية وتتغير الفصول السنوية وتختلف الأحوال الجوية خلال هذه الأيام وتلك الليالي فهذا ربيع وذاك خريف وهذا صيف وذاك شتاء حتى تكون عبرة وعظة وموعظة وذكرى لأصحاب العقول النيرة والقلوب الخيرة والأبصار المتفكرة والأفئدة المتعظة المعتبرة يقول المولى جل وعلا مبيناً وموضحاً الحكمة من توالي الليالي وتعاقب الأيام ( يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ) النور (44) قال الإمام البيضاوي في تفسيره ({ يقلب الله الليل والنهار } بالمعاقبة بينهما أو بنقص أحدهما وزيادة الآخر أو بتغيير أحوالهما بالحر والبرد والظلمة والنور أو بما يعم ذلك { إن في ذلك } فيما تقدم ذكره { لعبرة لأولي الأبصار } لدلالة على وجود الصانع القديم وكمال قدرته وإحاطة علمه ونفاذ مشيئته وتنزهه عن الحاجة وما يفضي إليها لمن يرجع إلى بصيرة ) ويقول الشيخ ابن سعدي ( { يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } من حر إلى برد، ومن برد إلى حر، من ليل إلى نهار، ومن نهار إلى ليل، ويديل الأيام بين عباده، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأولِي الأبْصَارِ } أي: لذوي البصائر، والعقول النافذة للأمور المطلوبة منها، كما تنفذ الأبصار إلى الأمور المشاهدة الحسية. فالبصير ينظر إلى هذه المخلوقات نظر اعتبار وتفكر وتدبر لما أريد بها ومنها، والمعرض الجاهل نظره إليها نظر غفلة، بمنزلة نظر البهائم )

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    ( 2 )



    يقول جل وعلا منبهاً أنظار عباده ولافتاً فكر خلقه للواجب من التفكر والتدبر والمفترض من الحمد والشكر تجاه توالي الليالي والأيام وتعاقب الفصول والأعوام واختلاف الأجواء وتغير الأحوال ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً ) قال الشيخ ابن سعدي ({ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً } أي: يذهب أحدهما فيخلفه الآخر، هكذا أبدا لا يجتمعان ولا يرتفعان، { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } أي: لمن أراد أن يتذكر بهما ويعتبر ويستدل بهما على كثير من المطالب الإلهية ويشكر الله على ذلك، ولمن أراد أن يذكر الله ويشكره وله ورد من الليل أو النهار، فمن فاته ورده من أحدهما أدركه في الآخر، وأيضا فإن القلوب تتقلب وتنتقل في ساعات الليل والنهار فيحدث لها النشاط والكسل والذكر والغفلة والقبض والبسط والإقبال والإعراض، فجعل الله الليل والنهار يتوالى على العباد ويتكرران ليحدث لهم الذكر والنشاط والشكر لله في وقت آخر، ولأن أوراد العبادات تتكرر بتكرر الليل والنهار، فكما تكررت الأوقات أحدث للعبد همة غير همته التي كسلت في الوقت المتقدم فزاد في تذكرها وشكرها، فوظائف الطاعات بمنزلة سقي الإيمان الذي يمده فلولا ذلك لذوى غرس الإيمان ويبس. فلله أتم حمد وأكمله على ذلك)

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    الدولة
    الجزيرة العربية
    المشاركات
    45

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    سبحان مقلب الأحوال

    جزاك الله خيرا.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    عبد الله ياسين : جزاك الله خيراً على مرورك بارك الله فيك .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    (3)

    في الشتاء فوائد وعبر وتأملات وفكر ووقفات وهمسات وآيات وعظات هداية للسائرين ونوراً للمستبصرين وعبرة للموقنين وعظة للمعتبرين .فيتذكر المسلم حينما يحل به فصل الشتاء وينزل به موسم الصيف حينما يقاصي شدة الحر وقرص الشتاء يتذكر منبع الحرارة والسموم ومصدر البرودة والزمهرير فليست المسألة مجرد تغيرات جوية واختلافات كونية وتقلبات فصلية بل لها مصدراً ومنبعاً وأساساً ومنشأً أخبر به الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «اشتكت النار إلى ربها ، فقالت: رب أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين : نفس في الشتاء ، ونفس في الصيف ، فهو أشد ما تجدون من الحر ، وأشد ما تجدون من الزمهرير» أخرجه مالك (28) والشافعى (1/27) وابن حبان (7466) والبخارى (3087) ومسلم (617) وابن ماجه (4319) أحمد(10545) قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :"وفي هذا الحديث : دليل على أن الجمادات لها إحساس لقوله : (اشتكت النار إلى ربها فقالت : يا رب أكل بعضي بعضاً) ، من شدة الحر ، وشدة البرد , فأذن الله لها أن تتنفس في الشتاء ، وتتنفس في الصيف , تتنفس في الصيف ليخف عليها الحرَّ , وفي الشتاء ليخفَّ عليها البرد , وعلى هذا فأشد ما نجد من الحرِّ : يكون من فيح جهنم , وأشد ما يكون من الزمهرير : من زمهرير جهنم .فإن قال قائل : هذا مشكل حسَب الواقع ؛ لأن من المعروف أن سبب البرودة في الشتاء هو : بُعد الشمس عن مُسامتة الرؤوس , وأنها تتجه إلى الأرض على جانب ، بخلاف الحر ، فيقال : هذا سبب حسِّي ، لكن هناك سبب وراء ذلك , وهو السبب الشرعي الذي لا يُدرك إلا بالوحي , ولا مناقضة أن يكون الحرُّ الشديد الذي سببه أن الشمس تكون على الرؤوس أيضا يُؤذن للنار أن تتنفس فيزدادُ حرُّ الشمس , وكذلك بالنسبة للبرد : الشمس تميل إلى الجنوب , ويكون الجوُّ بارداً بسبب بُعدها عن مُسامتة الرؤوس , ولا مانع من أنّ الله تعالى يأذن للنار بأن يَخرج منها شيءٌ من الزمهرير ليبرِّد الجو ، فيجتمع في هذا : السبب الشرعي المُدرَك بالوحي , والسبب الحسِّي ، المُدرَك بالحسِّ .ونظير هذا : الكسوف ، والخسوف , الكسوف معروف سببه , والخسوف معروف سببه .سبب خسوف القمر: حيلولة الأرض بينه ، وبين الشمس , ولهذا لا يكون إلا في المقابلة , يعني : لا يمكن يقع خسوف القمر إلا إذا قابل جُرمُه جرمَ الشمس , وذلك في ليالي الإبدار ، حيث يكون هو في المشرق ، وهي في المغرب أو هو في المغرب ، وهي في المشرق .أما الكسوف فسببه : حيلولة القمر بين الشمس ، والأرض , ولهذا لا يكون إلا في الوقت الذي يمكن أن يتقارب جُرما النيّرين , وذلك في التاسع والعشرين أو الثلاثين ، أو الثامن والعشرين , هذا أمر معروف , مُدرك بالحساب , لكن السبب الشرعي الذي أدركناه بالوحي هو : أن الله (يخوّف بهما العباد) , ولا مانع من أن يجتمع السببان الحسي والشرعي , لكن من ضاق ذرعاً بالشرع : قال : هذا مخالف للواقع ولا نصدق به , ومن غالى في الشرع : قال : لا عبرة بهذه الأسباب الطبيعية ، ولهذا قالوا : يمكن أن يكسف القمر في ليلة العاشر من الشهر ! .... لكن حسَب سنَّة الله عز وجل في هذا الكون : أنه لا يمكن أن يَنخسف القمر في الليلة العاشر أبداً" انتهى ." شرح صحيح مسلم " (شرح كتاب الصلاة ومواقيتها ، شريط رقم 10 ، وجه أ)

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    الدولة
    أكناف بيت المقدس
    المشاركات
    137

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    جزاكم الله خير الجزاء
    يا رب : إليك وإلا لا تشد الركائب وعنك وإلا فالمحدث واهم وفيك وإلا فالغرام مضيع

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    مؤمل عفو الغفور : جزاك الله خيراً على مرورك ودعواتك بارك الله فيك .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    (4 )



    نحن نتقي حرارة الصيف وبرودة الشتاء في الدنيا بما هيأ الله عز وجل وأنعم وأعد لنا من نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة من مآكل ومشارب وألبسة وغيرها من أسباب للوقاية ووسائل للحماية .فجدير بالمؤمن وحري بالمسلم أن يستعد بالأسباب النافعة والوسائل الناجعة التي تجنبه حرارة جهنم وزمهرير السعير كما أمرنا المولى جل وعلا بذلك في غير ما آية حيث قال جل وعلا (يا أيها الذين آمنوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة .. ) والتقوى هي أن تعمل بطاعة الله وتترك معصيته على نور وعلم وبصيرة من الله جل وعلا ترجو ثوابه وتخاف عذابه .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    ( 5 )



    في الشتاء يتذكر المسلم حاله صلى الله عليه وسلم عند رؤية السحاب وتلبد السماء بالغيوم والذي تصفه لنا عائشة رضي الله عنها بقولها (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً قط ضاحكاً حتى ترى لهواته إنما كان يتبسم وكان إذا رأى غيماً عرف في وجهه قلت يا رسول الله الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيت غيماً عرف في وجهك الكراهة فقال يا عائشة وما يؤمنني أن يكون فيه عذابٌ أليم قد عذب قومٌ بالريح وقد رأى قومٌ العذاب فقالوا ( هذا عارضٌ ممطرنا )رواه البخاري ( 4829)مسلم(899)



    وقالت( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة يعني الغيم تلون وجهه وتغير ودخل وخرج وأقبل وأدبر فإذا مطرت سري عنه قالت فذكرت له عائشة بعض ما رأت منه فقال وما يدريني لعله كما قال قوم عاد { فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم }) بخ (3206) مسلم(899) هذا هو حاله صلى الله عليه وسلم قلبه مربوط بخالقه متعلق بمولاه وجل من ربه خائف من عقابه ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يربط الآيات الكونية والأحوال الجوية بالأمور الشرعية والأحداث الغيبية ففي الكسوف يخشى أن تقوم الساعة وعند الغيوم والسحاب يخشى أن يكون فيه العذاب وعند شدة البرودة وقرص الشتاء يتذكر زمهرير النار وهكذا هو القلب الحي والفؤاد المتيقظ والنفس المتذكرة والعقول المتفكرة .

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    (6)

    يتذكر المسلم عند الشتاء حاله صلى الله عليه وسلم وهديه عندما تهب الرياح وتعصف الأعاصير ويتضرر كثير من الناس في مصالحهم الدنيوية ومعيشتهم اليومية ويحدث لهم نوع من الخوف والفزع والرعب والاضطراب ينتج عنه تسخط وسب ولعن وشتم للأحوال الجوية والريح العاتية وهديه صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي وأعظم التعامل ففيه الهدى والنور وفيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة



    عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - : قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «لا تسبوا الريح ، فإذا رأيتم ما تكرهون ، فقولوا : اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها ، وخير ما أمرت به ، ونعوذ بك من شر هذه الريح ، وشر ما فيها ، وشر ما أمرت به» أخرجه أحمد (5/123) والترمذي (2252) وقال حسن صحيح وحسنه الارناؤوط وصححه الألباني .



    وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الريح من روح الله تأتي بالرحمة وبالعذاب فلا تسبوها وسلوا الله من خيرها وعوذوا به من شرها " حسن : أخرجه أحمد (436) والبخاري في الأدب المفرد (720) وأبو داود (5097) وابن ماجة (3727) والنسائي في عمل اليوم والليلة (931) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبى وقال النووى فى الأذكار والرياض : إسناده حسن وصححه الألباني وحسن الأرناؤوط.



    وعن عائشة - رضي الله عنها - : «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا عصفت الريح ، قال : اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها ، وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها ، وشر ما أرسلت به».أخرجه البخاري (1034) ومسلم (899)والترمذي .



    وعن ابن عباس : (أن رجلا لعن الريح عند النبي صلى الله عليه و سلم فقال لا تلعن الريح فإنها مأمورة وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه) رواه الترمذي (1978) وقال هذا حديث حسن غريب لا نعلم أحدا أسنده غير بشر بن عمر .وأخرجه أبي داود (4908) وصححه الألباني في الصحيحة (528)وقال قال المنذري عقبه في " الترغيب " ( 3 / 288 - 289 ) :"وبشر هذا ثقة احتج به البخاري و مسلم و غيرهما و لا أعلم فيه جرحا" وأخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة "



    وعن ابن عباس قال : ما هبت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وقال : " اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا "رواه الشافعي في مسنده والبيهقي في الدعوات الكبير بسند ضعيف جداً شرح السنة (4/393) أخرجه الطبراني في "معجمه" (3/ 125/ 2) عن الحسين ابن قيس ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ الحسين بن قيس - هو الرحبي الملقب بـ (حنش) - وهو متروك كما في "التقريب" وضعفه الألباني في الضعيفة (4217) ومشكاة المصابيح (1519)



    وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الريح يقول : ( اللهم لاقحاً لا عقيماً) رواه البخاري في الأدب المفرد (718) والطبراني في معجمه الكبير (6296) وابن حبان في صحيحه ( 1008) قال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن وصححه الألباني .

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    (7)



    عندما يحل الشتاء يشكر المسلم ربه عز وجل على نعمه العظيمة ومننه الجسيمة وآلائه المتعددة وفضائله المتنوعة التي نتقلب فيها ليل نهار صباح مساء وفي كل وقت وحين مناسبة للفصول ومتلائمة مع الأوقات والأحوال والتقلبات من ملابس ومساكن ومطاعم ومشارب وغيرها من وسائل التدفئة وأسباب الحماية والصيانة ، يذكرنا المولى جل وعلا بتلك النعم وهذه المنن فيقول جل وعلا {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين (80) والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون (81) فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين (82) يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون (83)}



    يقول الشيخ السعدي (يذكر تعالى عباده نعمه، ويستدعي منهم شكرها والاعتراف بها فقال: { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا } في الدور والقصور ونحوها تكنُّكم من الحر والبرد وتستركم أنتم وأولادكم وأمتعتكم، وتتخذون فيها الغرف والبيوت التي هي لأنواع منافعكم ومصالحكم وفيها حفظ لأموالكم وحرمكم وغير ذلك من الفوائد المشاهدة، كذلك يتم نعمته عليكم حيث أسبغ عليكم من نعمه ما لا يدخل تحت الحصر { لَعَلَّكُمْ } إذا ذكرتم نعمة الله ورأيتموها غامرة لكم من كل وجه { تُسْلِمُونَ } لعظمته وتنقادون لأمره، وتصرفونها في طاعة موليها ومسديها، فكثرة النعم من الأسباب الجالبة من العباد مزيد الشكر ، والثناء بها على الله تعالى، ولكن أبى الظالمون إلا تمردا وعنادا.ولهذا قال الله عنهم: { فَإِنْ تَوَلَّوْا } عن الله وعن طاعته بعد ما ذُكِّروا بنعمه وآياته، { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ } أي: ليس عليك من هدايتهم وتوفيقهم شيء بل أنت مطالب بالوعظ والتذكير والإنذار والتحذير، فإذا أديت ما عليك، فحسابهم على الله فإنهم يرون الإحسان، ويعرفون نعمة الله، ولكنهم ينكرونها ويجحدونها، {وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} لا خير فيهم، وما ينفعهم توالي الآيات، لفساد مشاعرهم وسوء قصودهم وسيرون جزاء الله لكل جبار عنيد كفور للنعم متمرد على الله وعلى رسله) وقال تعالى ( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) فاللهم ألهمنا شكر نعمتك وحسن عبادتك ودوام ذكرك .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    (8)



    عند حلول الشتاء يشكر المسلم ربه عز وجل على نعمة التسهيل والتخفيف والسماحة والتيسير ووضع الجناح ورفع الحرج ودفع المشقة وزوال الضرر التي اتسمت بها الشريعة الإسلامية في أحكامها وتشريعاتها بعامة قال تعالى( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) وقال جل وعلا ( ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج ) وقال صلى الله عليه وسلم ( بعثت بالحنفية السمحة )

    وتتجلى مظاهر السماحة واليسر وتبرز آثار التخفيف والتسهيل في مسائل الشتاء وأحكامه المتعددة وحكمه المتنوعة في الطهارة والصلاة وغيرها مما يدل على كمال الشريعة وتمام الدين وعظم النعمة وجلالة المنة منه سبحانه وتعالى .

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    (9)

    أ – الأحكام الشتوية المتعلقة بالطهارة

    1 - طهورية ماء المطر : قال تعالى ( وأنزلنا من السماء ماء طهوراً ) قال الإمام البغوي: «هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره». يعني يطهر من الأحداث والأخباث

    2 – وجوب إسباغ الوضوء وإكماله وتمامه في شدة البرد وقرص الشتاء وهو سبب لتكفير السيئات وحط الخطيئات فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط»أخرجه مسلم (251) وفي رواية ( إسباغ الوضوء في السبرات ) أخرجه الترمذي (2863) قال المُناوي: « السبرات هي شدة البرد» فإسباغ الوُضوء مأمور به شرعاً كما في قوله –صلى الله عليه وسلم-: «أسبغوا الوضوء» ، ويزداد الأجر عند البرد والمشقة.وإسباغ الوضوء: «إتمامه وإفاضة الماء على الأعضاء تامّاً كاملاً ».
    3 - بعض الناس يتساهلون في أيام البرد في الوضوء كثيراً: لا أقول: لا يسبغون، وإنما لا يأتون بالقدر الواجب، حتى إن بعضهم يكاد يمسح مسحاً وهذا لا يجوز ولا ينبغي، بل قد يكون من مبطلات الوضوء.فالواجب في الوضوء هو غسل الأعضاء والمراد بالغسل هو إسالة الماء وليس مسحاً كمسح الرأس .

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    (10)


    أ – الأحكام الشتوية المتعلقة بالطهارة


    4 - بعض الناس لا يرفعون ولا يفسرون أكمامهم عند غَسل اليدين وهذا يؤدي إلى أن يتركوا شيئاً من الذراع بلا غَسل، وهو مُحرم، والوضوء معه غير صحيح، فالواجب أن يفسر كُمّه إلى ما وراء المرفق،ويغسل المرفق مع اليد لأنه من فروض الوضوء ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا توضأ، وترك على قدمه مثل موضع ظفر لم يصبه الماء (فأمره أن يحسن الوضوء) رواه مسلم(243) وفي مسند الإمام أحمد(أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي، وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة ( فتاوى ابن عثيمين 11 / 153)
    5 – يتحرج بعض الناس مِن تسخين الماء للوضوء، وليس معهم أدنى دليل شرعي فقد روى مسلم في «صحيحه» أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات». قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «إسباغ الوضوء على المكاره... »، قال القرطبي: أي: تكميله وإيعابه مع شدة البرد وألم الجسم ونحوه.وقال الأُبي: تسخين الماء لدفع برده ليتقوى على العبادة لا يَمنع من حصول الثواب المذكور.
    6 - يتحرج بعض الناس مِن تنشيف أعضاء الوضوء في البرد، إما لعادته في أيام الحرِّ وإما تأثُّماً فيما يظنون، وهذا ليس له أصل فلا حرج على بالتنشيف للمتوضئ والمغتسل قال ابن قدامه رحمه الله: " ولا بأس بتنشيف أعضائه بالمنديل من بلل الوضوء والغسل قال الخلال : المنقول عن أحمد أنه لا بأس بالتنشيف بعد الوضوء وممن الوضوء وممن روي عنه أخذ المنديل بعد الوضوء عثمان والحسن بن علي وأنس وكثير من أهل العلم ونهى عنه جابر بن عبد الله وكرهه عبد الرحمن بن مهدي وجماعه من أهل العلم لأن ميمونة روت أن النبي صلى الله عليه و سلم فأتيته بالمنديل فلم يردها وجعل ينفض بالماء بيده متفق عليه والأول أصح لأن الأصل الإباحة وترك النبي صلى الله عليه و سلم لا يدل على الكراهة فإن النبي صلى الله عليه و سلم قد يترك المباح كما يفعله وقد روى أبو بكر في الشافي بإسناده عن عروة عن عائشة قالت : كان للنبي صلى الله عليه و سلم خرقة يتنشف بها بعد الوضوء وسئل أحمد عن هذا الحديث فقال : منكر منكر وروي عن قيس بن سعد أن النبي صلى الله عليه و سلم اغتسل ثم أتيناه بملحفة ودسية فالتحف بها إلا أن الترمذي قال : لا يصح في هذا الباب شيء ولا يكره نفض الماء عن بدنه بيديه لحديث ميمونة " (1/195) وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم تنشيف أعضاء الوضوء .فأجاب : " تنشيف الأعضاء لا بأس به ؛ لأن الأصل عدم المنع ، والأصل فيما عدا العبادات من العقود والأفعال والأعيان الحل والإباحة حتى يقود دليل على المنع .الفتاوى (11/153)

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    (11)


    أ – الأحكام الشتوية المتعلقة بالطهارة




    7 - طين الشوارع: يكثر في فصل الشتاء الوَحَل والطين، فتصاب به الثياب، مما قد يُشْكل حكم ذلك على البعض فأقول: لا يجب غَسل ما أصاب الثوب من هذا الطين؛ لأن الأصل فيه الطهارة، قال ابن رجب في فتح الباري شرح صحيح البخاري (الخلاف في طين الشوارع : هل هو نجس أو طاهر يعفى عن يسيره ؟ حكى أصحاب الشافعي له في ذَلكَ قولين ، وكذلك حكى الخلاف في مذهب أحمد بعض أصحابنا والصحيح عند محققيهم : أن المذهب طهارته ، وعليه تدل أحوال السلف الصالح وأقوالهم ، كما تقدم عنهم في ترك غسل القدمين من الخوض في الطين ، وهذا مروي عن علي بن أبي طالب وغيره من الصحابة )(2/276)



    8 - التيمم :من لم يجد الماء، أو عَجَزَ عن استعماله لبُعد أو مرض أو شدة برد مع عدم القدرة على تسخينه يجوز له أن يتيمم، ولا إعادة عليه. قال الموفق (وإن خاف من شدة البرد وأمكنه أن يسخن الماء أو يستعمله على وجه يأمن الضرر مثل أن يغسل عضوا عضوا كلما غسل شيئا ستره لزمه ذلك وإن لم يقدر تيمم وصلى في قول أكثر أهل العلم وقال عطاء و الحسن : يغتسل وإن مات لم يجعل الله له عذرا ومقتضى قول ابن مسعود أنه لا يتمم فإنه قال : لو رخصنا لهم في هذا لأوشك أحدهم إذا برد عليه الماء أن يتيمم ويدعه ولنا قول الله تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم } وقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } وروى أبو داود و أبو بكر الخلال بإسنادهما عن عمرو بن العاص قال : (احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا عمرو أصليت بأصحابك وأنت جنب ؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت : إني سمعت الله عز و جل يقول : { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يقل شيئا )وسكوت النبي صلى الله عليه و سلم يدل على الجواز لأنه لا يقر على الخطأ ولأنه خائف على نفسه فأبيح له التيمم كالجريح والمريض )المغني (1/298)


    9 - الأصل في التيمم أن يكون على تراب وإلا فعلى حجارة أو حصى وهكذا حكم التيمم بالثلج عند تجمد المياه في الصنابير : قال الموفق (وأجاز مالك التيمم بالثلج والجبس وكل ما تصاعد على وجه الأرض ) المغني (1/ 281)


    وفي التاج والأكليل لمختصر خليل (روى ابن القاسم وعلي وابن وهب يجوز التيمم بالثلج ) (نقل الباجي ونقل ابن عرفة عن ابن القاسم يتيمم على الثلج إن عدم الصعيد ) وقال النووي ( وأما جنس ما يتيمم به فاختلف العلماء فيه فذهب الشافعي وأحمد وبن المنذر وداود الظاهري وأكثر الفقهاء إلى أنه لا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر له غبار يعلق بالعضو وقال أبو حنيفة ومالك يجوز التيمم بجميع أنواع الأرض حتى بالصخرة المغسولة وزاد بعض أصحاب مالك فجوزه بكل ما اتصل بالأرض من الخشب وغيره وعن مالك في الثلج روايتان وذهب الاوزاعي وسفيان الثوري إلى أنه يجوز بالثلج وكل ما على الأرض ) شرح مسلم (4 / 57 )

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    (12)
    أ – الأحكام الشتوية المتعلقة بالطهارة



    10 - المسح على الخفين والجوربين وفيه مسائل


    أ – تعريفات : الخفان : ما يلبس على الرجل من الجلود


    الجوارب : وهو ما يُتَّخذ على قدر الرجل سوى الجلود . من صوف ومن وبر من قطن ، وما سوى ذلك ما لم يكن جلداً فهذا يقال له : جورب .


    ب – مشروعيته: المسح على الخفين ثابت بالكتاب والسنة والإجماع .قال الشيخ ابن عثيمين (مشروعية المسح على الخفين ثابتة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه سلم أما كتاب الله ففي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ وأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(ا لمائدة: من الآية6) فإن قوله تعالى : (وأَرْجُلَكُمْ ) فيها قراءتان سبعيتان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : إحداهما : (وأَرْجُلَكُمْ ) بالنصب عطفاً على قوله : (وجُوهَكُمْ ) فتكون الرجلان مغسولتين.


    والثانية : (وأَرْجُلَكُمْ ) بالجر عطفاً على : (بِرُؤُوسِكُمْ ) فتكون الرجلان ممسوحتين - وهي قراءة ابن كثير المكي وأبي عمرو البصري وحمزة وأبي بكر عن عاصم وهي قراءة سبعية - والذي بين أن الرجل ممسوحة أومغسولة هي السنة فكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كانت رجلاه مكشوفتين يغسلهما وإذا كانتا مستورتين بالخفاف يمسح عليهما .


    وأما دلالة السنة على ذلك فالسنة متواترة في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الإمام أحمد رحمه الله : ليس في قلبي من المسح شيء . فيه أربعون حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ومما يذكر من النظم قول الناظم


    مما تواتر حديث من كذب *** ومن بنى الله بيتاً واحتسب


    ورؤية شفاعة والحوض *** ومسح خفين وهذي بعض


    فهذا دليل مسحهما من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم) (بحوث وفتاوى في المسح على الخفين – ابن عثيمين - ) وأحاديث المسح على الخفين متواترة كما قال ابن حجر في الفتح (1/366)


    ج – حكم المسح على الجوارب - من القطن والصوف وغيرهما -


    قيل يجوز المسح على الجورب الصفيق والذي يشمل أمرين : أن لا يصف لون البشرة من : حمرة ، أو سواد ، أو بياض . وأن يكون ساتراً لموضع الغسل ( أي لا يكون فيها خروق ) وهو قول الحنفية والراجح عند الشافعية ومذهب الحنابلة لأنه ثبت في حديث المغيرة: (( أَنَّهُ e مَسَحَ عَلَى النَّعْلَيْنِ وَالْجَوْرَبَيْ نِ )) [ أخرجه أبو داود ( رقم : 159 ) ، والنسائي ( رقم : 125 ) والترمذي ( رقم : 99 ) ، وابن ماجه ( رقم : 559 ) ، وأحمد في المسند ( 4 / 252 ) وصححه ابن خزيمة (189) وابن حبان (1338)] والحديث صححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وابن دقيق العيد وابن التركماني وصححه الألباني في الإرواء (101) وأحمد شاكر وقال الشيخ ابن باز : سنده جيد وقال الزامل "وهو حديث جيد وهذا هو الصواب خلافاً لمن أعله" وقد ضعفه الثوري وأحمد والنسائي وابن مهدي وابن معين ومسلم والنسائي والعقيلي والدارقطني ] لكن روي المسح على الجوربين عن تسعة من الصحابة كما قال ابن المنذر ونقله ابن القيم والعمدة على جواز المسح عليه على هؤلاء الصحابة و صحيح القياس فلا فرق بين الخفين والجوربين .


    وقيل يجوز على الجورب المجلد – وهو ما جعل على أسفله وأعلاه جلد – وهو مذهب المالكية .


    وقيل يجوز على الشفاف أجازه بعض الشافعية وروي عن إسحاق وداود وأجازه الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (1/233)


    د – شروط المسح على الخفين والجوربين


    1 – أن يكون المسح في الطهارة الصغرى : وهذا الشرط مجمع عليه حكى الإجماع النووي في المجموع وابن قدامة في المغني وشيخ الإسلام . فالمسح يكون في الحدث الأصغر دون الأكبر، والدليل على ذلك حديث صفوان بن عسال قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفرا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط، وبول، ونوم» (رواه أحمد (4/239، 240)، والنسائي (158، 159)، والترمذي (96)، وابن ماجه (478).والحديث صححه: الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والنووي، وابن حجر) .


    2 - أن يكون الخفان أو الجوارب طاهرة ، فإن كانت نجسة فإنه لا يجوز المسح عليها ، ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم بأصحابه وعليه نعلان فخلعهما في أثناء صلاته ، وأخبر أن جبريل أخبره بأن فيهما أذى أو قذراً ، وهذا يدل على أنه لا تجوز الصلاة فيما فيه نجاسة ولأن النجس إذا مسح عليه بالماء تلوث الماسح بالنجاسة ، فلا يصح أن يكون مطهراً .قال النووي في المجموع (لا يصح المسح على خف من جلد كلب أو خنزير أو جلد ميتة لم يدبغ وهذا لا خلاف فيه)(1/539) وكذا نقل الإجماع عليه المرداوي في الإنصاف(1/181)


    3 – أن يكون لابساً لهما على طهارة مائية ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة : (( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ))( رواه البخاري (206)، ومسلم (274) من حديث المغيرة بن شعبة) فإذا تيمم ثم لبس الخف ثم وجد الماء فلا يمسح وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة واختاره الشيخ ابن عثيمين لحديث أبي هريرة قال قال صلى الله عليه وسلم: «الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته، فإن ذلك خير» ( رواه أحمد (5/146، 155، 180)، وأبو داود (332، 333)، والترمذي (124)، وابن حبان رقم (1311) وهو حسن )


    4 – أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعاً،وهو يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر،لما روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:"جعل النبي صلى الله عليه وسلم للمقيم يوماً وليلة،وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن،يعني في المسح على الخفين".( رواه مسلم (276))


    5 – كمال الطهارة : عند جمهور العلماء ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة : (( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ))( رواه البخاري (206)، ومسلم (274) من حديث المغيرة بن شعبة)


    & مسألة : هل يصح له أن يغسل رجله اليمنى ثم يدخلها في الجورب ثم يغسل رجله اليسرى ثم يدخلها في الجورب ؟


    القول الأول : يجزئه ذلك وهو قول الحنفية ورواية في مذهب أحمد ورجحه شيخ الإسلام في الفتاوى وابن القيم في إعلام الموقعين وابن دقيق العيد والزامل .


    القول الثاني : لا يجزئه ذلك وهو قول للحنابلة ومذهب المالكية والشافعية ورجحه ابن باز وابن عثيمين .




    هـ – مدة المسح : يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر،لما روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:جعل النبي صلى الله عليه وسلم للمقيم يوماً وليلة،وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن،يعني في المسح على الخفين.( رواه مسلم، كتاب الطهارة: باب التوقيت في المسح على الخفين، رقم (276))


    و - متى يبدأ حساب مدة المسح :


    1 - مدة المسح يبتدئ من وقت الحدث لأنه يستبيح المسح من الحدث ، فكان من المناسب أن يبتدئ بالمسح من الحدث ، وجاء من حديث صفوان t : (( يَمْسَحُ مِنَ الْحَدَثِ إِلَى مِثْلِهِ )) [ أخرجه الترمذي ( رقم : 96 ) ، والنسائي ( رقم : 127 ) ، وابن ماجه ( 478 ) ، وأحمد في المسند ( 4 / 239 ) ، والداقر قطني في السنن ( 1 / 196 ) ] . وهذا هو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة .


    القول الثاني : أنه يبتدئ من أول مسح بعد الحدث وهي الرواية المعتمدة في مذهب الحنابلة وقول الأوزاعي وأبي ثور واختاره ابن المنذر والنووي ورجحه ابن باز وابن عثيمين في الشرح الممتع والألباني في تمام النصح في أحكام المسح وقد صح عن عمر كما رواه الخلال وابن المنذر أنه قال(امسح إلى مثل ساعتك التي مسحت فيها )


    القول الثالث : أنه يبتدئ من اللبس وهو محكي عن الحسن البصري .


    القول الرابع : خمس صلوات وهو قول الشعبي وإسحاق وأبي ثور .


    ز – مكان المسح


    مذهب المالكية والشافعية المسح على ظاهر الخف وباطنه لحديث المغيرة بن شعبة‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم مسح أعلى الخفوأسفله‏)‏‏رواه الخمسة إلا النسائي‏.‏ وقال الترمذي‏:‏ هذا حديث معلول لميسنده عن ثور غير الوليد بن مسلم وسألت أبا زرعة ومحمدًا عن هذا الحديث فقالا‏:‏ليس بصحيح‏.‏


    وقال الحنفية والحنابلة بمسح ظاهر الخف دون باطنه ورجحه ابن باز وابن عثيمين لحديث علي ( لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أول بالمسح من أعلاه وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهر خفيه) رواه أحمد (1/114)، وأبو داود، كتاب الطهارة: باب كيف المسح، رقم (162)، وأبو يعلى رقم (346) وغيرهم قال ابن حجر: «إسناده صحيح»


    قال ابن قدامة ( السنة مسح أعلى الخف دون أسفله وعقبه فيضع يده على موضع الأصابع ثم يجرها إلى ساقه خطا بأصابعه وأن مسح من ساقه إلى أصابعه جاز والأول المسنون)المغني (1/335)


    ح – كيفية وصفة المسح : قيل تسمح القدمان معاً في وقت واحد وهو مذهب الحنفية وقول للحنابلة واختاره الشيخ ابن عثيمين في فتاواه حيث قال (كيفية المسح أن يمرَّ يده من أطراف أصابع الرِّجل إلى ساقه فقط ، يعني أن الذي يُمسح هو أعلى الخف فيمر يده من عند أصابع الرِّجل إلى الساق فقط ، ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً ، يعني اليد اليمنى تَمسح الرِّجل اليمنى ، واليد اليسرى تمسح الرِّجل اليسرى في نفس اللحظة ، كما تُمسح الأذنان ، لأن هذا هو ظاهر السنة لقول المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - " فمسح عليهما " ولم يقل بدأ باليمنى بل قال: " مسح عليهما " فظاهر السنة هو هذا . نعم لو فرض أن إحدى يديه لا يعمل بها فيبدأ باليمنى قبل اليسرى، وكثير من الناس يمسح بكلتا يديه على اليمنى وكلتا يديه على اليسرى ، وهذا لا أصل له فيما أعلم ، وإنما العلماء يقولون : يمسح باليد اليمنى على اليمنى ، واليد اليسرى على اليسرى . وعلى أي صفة مسح أعلى الخف فإنه يُجزيء لكن كلامنا هذا في الأفضل (11/177)


    وقيل بتقديم اليمنى على اليسرى وهو مذهب أحمد ورجحه الشيخ ابن باز وابن عثيمين في الشرح الممتع حيث قال (وأما المسح على الخفين فقال بعض العلماء: يمسحهما معا ، لأنهما لما مسحا كانا كالرأس؛ ولأن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: «فمسح على خفيه»ولم يذكر التيامن وقال بعض العلماء: يستحب التيامن لأن المسح فرع عن الغسل؛ ولأنهما عضوان يتميز أحدهما عن الآخر بخلاف الرأس، وإنما لم يذكر التيامن لكونه معلوما من هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يعجبه التيامن، كما لو قال في الوضوء: ثم غسل رجليه، ولم يذكر اليمنى قبل اليسرى. وهذا هو الأقرب؛ أنك تبدأ باليمنى قبل اليسرى، والأمر في هذا واسع إن شاء الله تعالى)(1/177)


    وقال الشيخ ابن باز (السنة: أن يبدأ بالرجل اليمنى قبل اليسرى- في المسح على الخفين -، كالغسل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم)) وقول عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله، وفي طهوره، وفي شأنه كله)، متفق على صحته . فإذا مسح الرجل اليمنى باليد اليمنى، والرجل اليسرى باليد اليسرى، فلا بأس إذا بدأ باليمنى، وإن مسحهما جميعا باليد اليمنى أو باليسرى فلا حرج . فتاوى ابن باز (10 / 105))


    وقد جاء في صفة المسح حديث جابر قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يتوضأ ، ويغسل خفيه ، فقال بيده ، كأنه دفعه , إنما أمرت بالمسح , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده هكذا من أطراف الأصابع ، إلى أصل الساق ، وخطط بالأصابع. رواه ابن ماجه، كتاب الطهارة، باب في مسح أعلى الخف وأسفله، رقم (551)، والطبراني في «الأوسط» رقم (1157) من حديث جابر. وضعفه النووي.وقال ابن حجر: «إسناده ضعيف جدا». «الخلاصة» رقم (254)«التلخيص» رقم (219).وقال الألباني ضعيف جداً قال الموفق(قال ابن عقيل : سنة المسح هكذا أن يمسح خفيه بيديه اليمنى لليمنى واليسرى لليسرى وقال أحمد :كيفما فعله فهو جائز باليد الواحدة أو باليدين) المغني(1/335) قال الشيخ محمد بن قاسم (فإن بدأ من ساقه إلى أصابعه أجزأ، ولم يرد في كيفية المسح ولا الكمية حديث يعتمد عليه إلا حديث علي في بيان محل المسح، فحيث فعل المكلف ما يسمى مسحا لغة أجزأ، وقال أحمد: كيفما فعلت فهو جائز) حاشية الروض المربع(1/235)

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    (13)
    أ – الأحكام الشتوية المتعلقة بالطهارة

    ط – مسائل متفرقة في المسح على الخفين :


    1 – حكم لبس الخف على الخف


    يجوز وهو مذهب الحنفية والحنابلة والقديم للشافعي وقول لمالك ورجحه الموفق في المغني فقال (هو خف سائر يمكن متابعة المشي فيه أشبه المفرد وكما لو كان الذي تحته مخرقا وفي البلاد الباردة لا يكفي فيها خف واحد غالبا)(1/319)

    2 - أحوال المسح فيمن لبس خفاً على آخر


    أ – إذا لبس خفاً على خف على طهارة غسل الرجل وقبل الحدث مسح على الخف الفوقاني قولاً واحداً في مذهب من أجاز المسح على الخف فوق الخف.


    ب – إذا لبس الخف الأول ثم أحدث ثم لبس خفاً عليه وهو محدث فقول الجمهور أنه يمسح على الأسفل ولا يمسح على الفوقاني وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة


    ج – إذا لبس الخف الأول ثم أحدث ومسح عليه ثم لبس خفاً عليه فمذهب الجمهور المسح على الأسفل لأنه لبس الخف الثاني على طهارة مسح وليس طهارة غسل فخالف الحديث(أدخلتهما طاهرتين) وقيل بل يجوز المسح على الخف الفوقاني بعد الطهارة بالمسح وهو قول في مذهب مالك وأصح الوجهين عن الشافعية وقال النووي وهو الأظهر ورجحه الشيخ ابن باز في التعليق على الروض المربع ( إذا لبس الخف الفوقاني بعد الطهارة جاز المسح عليه ولو كان مسح على التحتاني قبل ذلك)(1/290) وابن عثيمين في الشرح الممتع (1/257) .


    قال الشيخ ابن عثيمين في أحوال المسح فيمن لبس خفاً على آخر


    (*إذا لبس جورباً أو خفّاً ثم لبس عليه آخر قبل أن يحدث فله مسح أيهما شاء


    *إذا لبس جورباً أو خفًّاً ثم أحدث ثم لبس عليه آخر قبل أن يتوضأ فالحكم للأول .


    *إذا لبس جورباً أو خفّاً ثم أحدث ومسحه ثم لبس عليه آخر فله مسح الثاني على القول الصحيح . قال في الفروع : ويتوجه الجواز وفاقاً لمالك . اهـ وقال النووي : إن هذا هو الأظهر لأنه لبس على طهارة ، وقولهم إنها طهارة ناقصة غير مقبول . أهـ . وإذا قلنا بذلك كان ابتداء المدة من مسح الأول)


    ومدة المسح تحسب من المسح على الأسفل كما رجحه الشيخ ابن عثيمين في فتاواه




    3 – حساب مدة المسح حال الإقامة والسفر .




    المسألة الأولى : من مسح مسافراً ثم أقام فله أحوال :




    الحالة الأولى : إذا كان قد انتهت مدة مسحه في السفر يخلع جواربه لأن حكمه الآن حكم المقيم وانتهت مدة المقيم . هذا إذا كان قد أنهى مدة المقيم يوم وليلة فأكثر ، فإذا رجع يكون حكمه حكم المقيم




    الحالة الثانية : رجل مسافر مسح يوماً فقط بدون ليلة ، مسح 14 ساعة فعندما رجع إلى بلده يكون بقي له 10 ساعات فيمسح إتمام مسح مقيم . وهذه المسألة مسألة مسح مسافر ثم أقام أنه يتم مسح مقيم هذا هو الصحيح ، وهو قول الجمهور ( الحنفية والشافعية والحنابلة ) ، ومنهم من قال بلا خلاف .

    المسألة الثانية :من مسح مقيماً ثم سافر :




    هذا إنسان مقيم ثم سافر ، يريد أن يمسح . هذا له أحوال :


    أ -- توضأ وهو مقيم ، ثم لبس الجورب ، ثم ابتدأ المسح في السفر . هذا يتم مسح مسافر بلا خلاف ، قال النووي ( بالإجماع ) .


    ب - توضأ ولبس الجورب في الحضر ، ثم أحدث في الحضر وابتدأ المسح في السفر . يتم مسح مسافر ، وهو قول الجمهور ، وقيل : بلا خلاف . ورجحه ابن باز وابن عثيمين والزامل ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ )) أخرجه مسلم (276 )


    ج - توضأ ولبس الجورب في الحضر ، ثم أحدث ومسح في الحضر ، ثم سافر . الجمهور من الشافعية والحنابلة واختيار ابن حزم على أنه يتم مسح مقيم . والقول الثاني أنه يتم مسح مسافر وهو مذهب الحنفية ورواية عن أحمد واختاره ابن عثيمين والزامل ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ)) . لذلك يكمل ما بقي عليه ، فإن كان مسح في الحضر يوماً - مثلاً - فإنه يمسح في السفر ما تبقى من مدة المسافر وهو : يومان ونصف اليوم .




    4 – مبطلات المسح على الخفين




    أ - المسألة الأولى : انقضاء مدة المسح .


    القول الأول : تبطل طهارته بانقضاء مدة المسح


    مثاله : شخص تنقضي مدة مسحه الساعة العاشرة ضحى فإذا جاءت الساعة العاشرة - ولو كان على وضوء - فإنه يبطل وضوؤه لأنها انتهت مدة المسح . والدليل عليه كما أنه لا يجوز له أن يبتدئ المسح بعد الساعة العاشرة فإنه لا يجوز له أن تبقى طهارة بعد الساعة العاشرة ، ولا يستبيح بهذه الطهارة بعد العاشرة ما كان يستبيح قبلها وهذا مذهب أصحاب الإمام أحمد في المشهور وهو اختيار الشيخ ابن باز .


    القول الثاني : لا تبطل طهارته فيجوز له أن يصلي بهذه الطهارة حتى يحدث ، مثاله : شخص تنتهي مدة مسحه الساعة العاشرة ضحىً فإذا جاءت الساعة العاشرة وهو على طهارة فإنه يصلي بهذه الطهارة حتى يحدث ، مهما صلى بعد هذا الوقت من الفرائض والنوافل . وهذا القول هو الأرجح والأظهر . والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( يَمسْحُ الْمُقِيمُ ))(( يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ )) أخرجه مسلم ( 276) وهذا الشخص لم يمسح في الحقيقة ، إنما هو مستمر على طهارة شرعية صحيحة ، لكنا نقول له : لا يجوز لك أن تمسح بعد العاشرة لكنه مسح قبل العاشرة ، واستمر بهذه الطهارة الشرعية ، فبأي دليل نُبْطِلُ وضوءه ؟! ، ثم أيضاً نواقض الوضوء معروفة وليس انتهاء المدة من نواقض الوضوء ؛ لأنه ليس عليها دليل بَيِّنٌ ، {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ }(التوبة 115) وهذا القول هو اختيار ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن عثيمين في الشرح الممتع والألباني في تمام النصح في أحكام المسح والزامل .


    القول الثالث : أنه يكفيه غسل رجليه فقط وهو مذهب الحنفية والراجح عند الشافعية




    ب – المسألة الثانية : خلع الخف : مثاله : شخص مسح ، ثم خلع قبل انتهاء مدة المسح .


    القول الأول : إنها تبطل طهارته . وهذا القول هو المشهور عند الحنابلة وقول للشافعية واختاره ابن باز .


    القول الثاني : إنه يجزئه أن يغسل الرجلين ولا تشترط الموالاة ، وهو مذهب المالكية والحنفية والقول الجديد للشافعية ورواية عن أحمد .


    القول الثالث : إن طهارته صحيحة . وهذا ذكره ابن المنذر وصاحب المغني عن الحسن البصري وقتادة بن دعامة السدوسي ، وسليمان بن حرب الأزدي ، وقال النووي : إنه المختار الأقوى . واختاره ابن المنذر ، واختاره شيخ الإسلام - على ما ذكره البعلي في الاختيارات – وهو اختيار ابن حزم والشيخ ابن عثيمين والألباني.




    ج – المسألة الثالثة : ظهور بعض محل الفرض ولو لم يخلع الخف . وفيه خلاف :




    1– إن خرج أكثر عقبه بطل مسحه وهو مذهب أبي حنيفة.


    2 – إن خرج أكثر القدم لساق الخف انتقض وإلا فلا وهو مذهب المالكية .


    3 - تبطل طهارته وهو مذهب الحنابلة والشافعية


    4 – طهارته صحيحة ولا تبطل بظهور بعض القدم وهو اختيار ابن حزم وشيخ الإسلام وابن عثيمين والزامل


    قال شيخ الإسلام (مذهب مالك وأبي حنيفة وابن المبارك وغيرهم : أنه يجوز المسح على ما فيه خرق يسير مع اختلافهم في حد ذلك واختار هذا بعض أصحاب أحمد . ومذهب الشافعي وأحمد وغيرهما : أنه لا يجوز المسح إلا على ما يستر جميع محل الغسل والقول الأول أصح)(21/172)

    د – وجود الحدث الأكبر


    قال الموفق (جواز المسح مختص بالحدث الأصغر ولا يجزئ المسح في جنابة ولا غسل واجب ولا مستحب لا نعلم في هذا خلافاً وقد روى صفوان بن عسال المرادي قال : (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يامرنا إذا كنا مسافرين أو سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم ) رواه الترمذي وقال : حديث صحيح )(1/319)

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    (14)
    أ – الأحكام الشتوية المتعلقة بالصلاة

    ا – الأذان في المطر والليلة الشديدة البرد
    عن ابن عمر - رضي الله عنه - :«أنه نادى للصلاة في ليلة ذات برد وريح ومطر ، وقال في آخر ندائه : ألا صلوا في رحالكم ، ألا صلوا في الرحال ، ثم قال : إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة بارد أو ذات مطر في السفر أن يقول : ألا صلوا في رحالكم».
    وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: «إذا قلتَ: أشهد أن محمداً رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم. فكأن الناس استنكروا! قال: فعَله خير مني» رواه البخاري (616) ومسلم(699)
    وقد اختلف في موضع قول (الصلاة في الرحال )(صلوا في رحالكم – بيوتكم-) على أقوال:
    1 – قيل تقال أثناء الأذان بدلاً من الحيعلة وهو وجه للشافعية وظاهر مذهب الحنابلة.
    2 – تقال بعد الحيعلة فيجمع بينها وبين الحيعلة وهو وجه للشافعية
    3 – تقال بعد الفراغ من الأذان وهو مذهب الحنفية والمالكية ووجه للشافعية
    4 – الأمر فيه واسع سواء قالها أثناء الأذان أو بعد الفراغ منه والأولى بعد الفراغ وهو مذهب الشافعية وهو ظاهر النصوص والأقرب للسنة فقد ورد قولها أثناء الأذان وبعد الفراغ منه .

    2 - الرخصة في التخلف عن صلاة الجمعة والجماعة لعذر المطر .
    قال ابن رجب ( أكثر أهل العلم عَلَى أن المطر والطين عذر يباح مَعَهُ التخلف عَن حضور الجمعة والجماعات ، ليلاً ونهاراً ) شرح صحيح البخاري (4/93)
    قال البغوي (وقد رخص جماعة من أهل العلم في القعود عن الجماعة في المطر والطين وكل عذر جاز به ترك الجماعة جاز به ترك الجمعة) شرح السنة (3/353)
    قال الشيخ ابن باز في التعليق على منتقى الأخبار (هذه الأحاديث فيها الدلالة في العذر في الدحض والمطر حتى في الحضر فإذا كان مطر ومشقة فلا بأس أن يصلي في رحله ولا يحضر المسجد ولهذا لما وقع لابن عباس في الطائف يوم الجمعة مطر شديد قال لمؤذنه (إذا قلت أشهد أنمحمدًا رسول اللَّه فلا تقل حي على الصلاة قل صلوا في بيوتكم) وفي اللفظ الآخر قال لمؤذنه لما فرغ من الأذان وفي بعضها لما فرغ من الحيعلة وكله جائز والأفضل أن يكمل الأذان ثم يقول ( صلوا في رحالكم ) أو الصلاة في البيوت لأن الجماعة والجمعة عزمة فيبلغهم حتى لا يتكلفوا وكذلك قال صلى الله عليه وسلم كذلك في الليلة الباردة أو المطيرة قال للناس ( صلوا في رحالكم ) فيرفق بهم إذا كان الهواء والبرد شديد فصلاتهم في رحالهم أرفق بهم وهذا كله من سماحة الشريعة والتيسير على العباد فالله عز وجل يريد لعباده اليسر )

    3 - الصلاة في البيوت حين العذر للمطر والدحض والوحل على التخيير وليست على الوجوب بوب البخاري في «صحيحه» كتاب الأذان : (باب الرخصة في المطر والعلة أن يُصلي في رَحْلِه ). قال ابن خزيمة في صحيحه (باب ذكر الخبر المتقصي للفظة المختصرة التي ذكرتها من أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالصلاة في الرحال و الدليل على أن أمر النبي صلى الله عليه و سلم بذلك أمر إباحة لا أمر عزم يكون متعديه عاصيا إن شهد الصلاة جماعة في المطر ) ثم ذكر حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - : قال : «خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر فمطرنا ، فقال : ليصل من شاء منكم في رحله». أخرجه أحمد ومسلم

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    (15)
    أ – الأحكام الشتوية المتعلقة بالصلاة
    4 – الجمع بين الصلاتين:وفيه مسائل:
    1 – معنى الجمع وصفته: الجمع هو: ضم إحدى الصلاتين للأخرى. وهذا التعريف يشمل جمع التقديم والتأخير، والمراد بضم إحدى الصلاتين ما يصح فيه الجمع بينهما. فلا يدخل في هذا ضم صلاة العصر مع المغرب وذلك لأن صلاة المغرب ليلية وصلاة العصر نهارية ولا يدخل في هذا الضم صلاة العشاء بصلاة الفجر وذلك لأن وقتها منفصل بعضه عن بعض
    أما صفته: إذا أراد أن يجمع بين الظهر والعصر مثلا أو المغرب والعشاء فهنا أمامه أمران: إما أن يؤخر الظهر إلى وقت العصر فيصليهما جميعا يعني يصلي الظهر ثم العصر أو يقدمهما يصلي الظهر في وقتها فإذا انتهى منها قام فصلى العصر، وكذا بالنسبة للمغرب والعشاء فهو مخير بين جمع التقديم أو التأخير.


    2 - مشروعية الجمع بين الصلاتين:أخرج مسلم في صحيحه، عن ابن عباس أنه قال: (صلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا مطر ).

    3 – حكم الجمع في الحضر للمطر وغيره



    أ - الجمع للمطر : قال جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة بجواز جمع المغرب والعشاء في المطر ، وأما جمع الظهر والعصر في المطر فالأكثر على عدم جوازه وأجازه الشافعي إذا كان المطر نازلاً ، وبه قال أبو ثور ، وهو رواية عن أحمد ورجحه الشيخ ابن باز وابن عثيمين .
    وقال الشيخ ابن باز (إذا وجد العذر جاز أن يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء لعذر وهو المريض، والمسافر، وهكذا في المطر الشديد في أصح قولي العلماء، يجمع بين الظهر والعصر كالمغرب والعشاء، وبعض أهل العلم يمنع الجمع بين الظهر والعصر في البلد للمطر ونحوه كالدحض الذي تحصل به المشقة، والصواب جواز ذلك كالجمع بين المغرب والعشاء إذا كان المطر أو الدحض شديدا يحصل به المشقة، فإذا جمع بين الظهر والعصر جمع تقديم فلا بأس، كالمغرب والعشاء، سواء جمع في أول الوقت أو في وسط الوقت، المهم إذا كان هناك ما يشق عليهم وهو المطر الشديد بأن كانوا في المسجد ، أو في الأسواق ويشق عليهم المشي فيها لما فيها من الطين والماء جمعوا ولا بأس، وإن لم يجمعوا فلهم العذر يصلون في بيوتهم، بوجود الأمطار في الأسواق ووجود الطين . (12 / 292))
    وقال الشيخ ابن عثيمين (القول الصحيح في هذه المسألة: أنه يجوز الجمع بين الظهرين لهذه الأعذار، كما يجوز الجمع بين العشائين، والعلة هي المشقة، فإذا وجدت المشقة في ليل أو نهار جاز الجمع.
    فأسباب الجمع هي: السفر، والمرض، والمطر، والوحل، والريح الشديدة الباردة، ولكن لا تنحصر في هذه الأسباب الخمسة، بل هذه الخمسة التي ذكرها المؤلف كالتمثيل لقاعدة عامة وهي: المشقة)(4/393)
    & المطر المبيح للجمع هو ما يبل الثياب وتلحق المشقة بالخروج فيه وأما الطل والمطر الخفيف الذي لا يبل الثياب فلا يبيح والثلج كالمطر في ذلك لأنه في معناه وكذلك البرد كما قال الموفق في المغني (2/117) وقال الشيخ ابن عثيمين (إذا كان هناك مطر يبل الثياب لكثرته وغزارته، فإنه يجوز الجمع بين العشائين، فإن كان مطرا قليلا لا يبل الثياب فإن الجمع لا يجوز، لأن هذا النوع من المطر لا يلحق المكلف فيه مشقة، بخلاف الذي يبل الثياب، ولا سيما إذا كان في أيام الشتاء، فإنه يلحقه مشقة من جهة البلل، ومشقة أخرى من جهة البرد، ولا سيما إن انضم إلى ذلك ريح فإنها تزداد المشقة. فإن قيل: ما ضابط البلل؟ فالجواب: هو الذي إذا عصر الثوب تقاطر منه الماء)الشرح الممتع(4/391)


    ب - الجمع للدحض والطين
    مذهب أحمد ومالك جواز الجمع بسببه ، وقال الشافعي وأبو ثور بعدم جواز الجمع به لأن مشقته دون مشقة المطر فإن المطر يبل النعال والثياب والوحل لا يبلها فلم يصح قياسه عليه.قال الموفق( والأول أصح لأن الوحل يلوث الثياب والنعال ويتعرض الإنسان للزلق فيتأذى نفسه وثيابه وذلك أعظم من البلل )


    ج - الجمع حال الريح الشديدة الباردة
    فيها وجهان أحدهما يبيح الجمع قال الآمدي وهو أصح وهو قول عمر بن عبد العزيز لأن ذلك عذر في الجمعة والجماعة بدليل ما روى محمد بن الصباح حدثنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ينادي مناديه في الليلة المطيرة أو الليلة الباردة ذات الريح صلوا في رحالكم ) رواه ابن ماجة عن محمد بن الصباح والثاني لا يبيحه لأن المشقة فيه دون المشقة في المطر فلا يصح قياسه عليه ولأن مشقتها من غير جنس مشقة المطر ولا ضابط لذلك يجتمعان فيه فلم يصح إلحاقه به).المغني(2/117)
    قال شيخ الإسلام (يجوز الجمع بين العشاءين للمطر والريح الشديدة الباردة والوحل الشديد ، وهذا أصح قولي العلماء وهو ظاهر مذهب أحمد ومالك وغيرهما والله أعلم )الفتاوى(24/29) وقد رجح الشيخان ابن باز وابن عثيمين الجمع في الوحل والدحض والريح الشديدة الباردة.

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: حديث الشتاء

    (16)
    أ – الأحكام الشتوية المتعلقة بالصلاة

    4 - شروط صحة جمع التقديم :
    أ – نية الجمع عند الإحرام بالصلاة الأولى
    وهو قول أحمد والشافعي ،واستدلوا بحديث (إنما الأعمال بالنيات)ونوقش بأنه دليل على اشتراط نية الصلاة عند الإحرام بها لا نية الجمع.
    وقال الجمهور من الحنفية والمالكية ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام والمزني من الشافعية لا تشترط النية عند ابتداء الجمع.ودليلهم بأنه لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم عند جمعه أمر الصحابة بالنية ولو كانت شرطاً لأمره به قبل بدء الصلاة ورجحه الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (4/397)

    ب – الموالاة والمقارنة بين الصلاتين فلا يفصل بينهما بفاصل طويل .
    وهو مذهب الحنابلة والشافعية واستدلوا بأنه صلى الله عليه وسلم جمع متوالياً وخالفهم الجمهور فقالوا بعدم اشتراطه قال شيخ الإسلام (والجمع جائز في الوقت المشترك فتارة يجمع في أول الوقت كما جمع بعرفة . وتارة يجمع في وقت الثانية كما جمع بمزدلفة وفي بعض أسفاره . وتارة يجمع فيما بينهما في وسط الوقتين وقد يقعان معا في آخر وقت الأولى وقد يقعان معا في أول وقت الثانية وقد تقع هذه في هذا وهذه في هذا ؛ وكل هذا جائز ؛ لأن أصل هذه المسألة أن الوقت عند الحاجة مشترك والتقديم والتوسط بحسب الحاجة والمصلحة )الفتاوى (24/53- 56 )
    قال الشيخ ابن عثيمين (وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله نصوصا عن الإمام أحمد تدل على ما ذهب إليه من أنه لا تشترط الموالاة في الجمع بين الصلاتين تقديما كما أن الموالاة لا تشترط بالجمع بينهما تأخيراً، والأحوط أن لا يجمع إذا لم يوال بينهما، ولكن رأي شيخ الإسلام له قوة. )الشرح الممتع (4/400)

    ج – أن يكون العذر المبيح للجمع موجوداً عند افتتاح الثانية
    قال في الإنصاف ( لا أعلم فيه خلافاً)

    5 - شروط صحة جمع التأخير :
    1 – نية الجمع وقد سبق أنه لا يشترط .
    2 – استمرار العذر إلى دخول وقت الثانية أي: يشترط لصحة الجمع أن يستمر العذر إلى دخول الثانية فإن لم يستمر فالجمع حرام وهو الصحيح .
    قال الموفق (وإن أتم الصلاتين في وقت الأولى ثم زال العذر بعد فراغه منهما قبل دخول وقت الثانية أجزأته ولم تلزمه الثانية في وقتها لأن الصلاة وقعت صحيحة مجزية عن ما في ذمته وبرئت ذمته منها فلم تشتغل الذمة بها بعد ذلك ولأنه أدى فرضه حال العذر فلم يبطل بزواله بعد ذلك كالمتيمم إذا وجد الماء بعد فراغه من الصلاة)المغني(2/124)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •