من الأسباب التركيبية لعدم المطابقة بين مكونات الجملة القرآنية من حيث التذكير والتأنيث بين لفظ ملائكة و فِعله ، ما يتعلق بالرتبة . ونكاد نجزم بأن هناك قاعدة مطردة في القرآن الكريم مفادُها أنه إذا جاء الفعل من حيث الرتبة بعد ذكر الملائكة (فاعل ـ فعل ـ ... ) فإنه يكون مذكرا دائما ً ، كما في قولــه : ( و الملائكة يدخلون عليهم من كل باب ) الرعد 23 . وقوله : ( و الملائكة يشهدون ) النساء 166 وقولــه : ( الملائكة يضربون وجوههم ) الأنفال / 50.
و ورَد وصف الملائكة أيضاً بصيغة المذكر كقوله : ( و الملائكة باسطوا أيديهم ) الأنعام / 93 ، و قوله : ( يمددكم ربكم بخمسة لآلاف من الملائكة مسومين ) آل عمران / 125 و قوله : ( أني مُمِدّكم بألف من الملائكة مردفين ) الأنفال 9 .
ففي هذه الآيات و غيرها كلما تقدَّم لفظ (ملائكة) عومل معاملة جمع المذكر السالم . لذلك نلاحظ أن الفعل الذي يأتي بعده يُسند إلى ضمير الغائبِين (يشهدون – يضربون – يدخلون)، أو يُشتقُّ منه اسم فاعل أو اسم مفعول للجمع المذكر( باسطوا ، مسومين ، مردفين ) عملا بقاعدة : إن الراجع ينبغي أن يكون على حسب ما يرجع إليه . فيُفهَم بأن الفعل للاسم المتقدم لا لغيره ، فيُقال : زيدٌ قام ، الزيدان حاضران ، الزيدون قاموا .
أما إذا تمت المحافظة على الترتيب الأصلي للغة العربيــة (فعل – فاعل – ...) فإن الفعل يأتي بالتأنيث مع لفظ " ملائكة " ، ومن ذلك قوله : ( فنادته الملائكة ) آل عمران / 39 ، وقوله : ( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة ) الأنعام / 158 ، وقوله : ( وتتلقّاهم الملائكة ) الأنبياء / 103 ، و قوله الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي انفسهم ) النحل / 28 ، و غيرها من الآيات .