وقال عنهم و عن إخوانهم : ( وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ
اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ
كَرِيمٌ )
و قال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : "اللهم أنتم من أحب الناس
إلي ,اللهم أنتم من أحب الناس إلي " صحيح مسلم 2508
و قال عنهم : "إن الأنصار كَرشي و عَيْبتي " صحيح مسلم" 2510 "
(كَرشي بطانتي و خاصتي و عَيْبتي أي موضع سري و أمانتي )
و لو ذهبت تستعرض فضائلهم أفرادا و جماعات لما و سعتك هذه
المجلة و لا غيرها هؤلاء هم أنصار الأمس.
و لقد مسخت معاني هذه الكلمة اليوم , وأطلقت على قوم هم منها براء ,
و ظلمت هذه الكلمة ظلما ,لو رآه الإبراهيمي لأدرجها في مقاله " كلمات مظلومة "
أنصــــــــار الأمس نصروا رسول الله و رفعوا راية التوحيد ....
أنصــــــــار اليوم نصروا الـفـريق العتيد و رفعوا لواء اللهو الجديد .
أنصــــــــار الأمس جاهدوا في سبيل الله حق جهاده و بذلوا النفس والنفيس ...
أنصــــــــار اليوم قاتلوا في سبيل فريقهم و دفعوا الغالي والرخيص
أنصــــــــار الأمس أنـفـقـوا ما عندهم لله ..
. أنصــــــــار اليوم صرفوا أموالهم ليصدوا عن سبيل الله
أنصــــــــار الأمس إذا خرج الرسول للغزو تركوا ديارهم و أهليهم
أنصــــــــار اليوم إذا سافر فريقهم للعب فعلوا كذلك ,فجمعوا بين شرف الهجرة و شرف النصرة
أنصــــــــار الأمس إذا وصلوا إلى ساحة القتال و التحم الجيشان , ذكروا الله
أنصــــــــار اليوم إذا دخلوا ملعب المعركة و التقى الفريقـان , سبوا الله
أنصــــــــار الأمس إذا انتصروا حمدوا الله وشكروه
أنصــــــــار اليوم إذا فازوا خرجوا الى الطرقات فصاحوا ورقصوا
أنصــــــــار الأمس إذا هُزموا رجعوا الى الله و اعترفوا بالتقصير
أنصــــــــار اليوم إذا خسروا عادوا على الممتلكات بالتخريب , و ربما تقابلوا
في الخارج مع أعدائهم , فـأخـذوا حِذرهم و لم يغفلوا عن أسلحتهم
و أمتعتهم , و مـالوا عليهم ميلة واحدة , و قد يكون في صفوفهم جرحى و موتى
أنصــــــــارال أمس يوالون المؤمنين و يعادون الكافرين و لا يوادّون من حاد
الله و رسوله و لو كانوا أولي قربى ....
أنصــــــــار اليوم يوالون من والى فريقهم و يعادون من عاداه و لو كانوا
أباءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم .
أنصــــــــار الأمس يأكلون من الكسب الحلال الطيٍبات ...
أنصــــــــار اليوم يشربون المسكرات والمخدرات ...
و ليت شعري ,إن هذه المقارنة ليست بين أولئك القوم و هؤلاء ,بل بين
لفظ الأنـصـار و لفظ الأنـصــار .
ألم تر أن السيف ينقص قدره *** إذا قيل أن السيف أمضى من العصا
فيا أيها الكتاب و الصحافيون و الإعلاميون ,سموا هؤلاء مشجعين أو
مهرجين أو ما شئتم ,و لا تسموهم أنصار ا,فانهم لا يستحقون أن يكونوا
شعارا و لا دٍثارا
( الشِعار هو الثوب الذي يلي الجسد و الدِثار فوقه )
هؤلاء هم أنصار اليوم ,و أولئك هم أنصار الأمس ,و شتان بين التًّرى والثُريا .
و بين هؤلاء و هؤلاء صنف ثالث ,هم في ظاهرهم بأنصار الأمس أشبه ,
و لكنهم في أفعالهم إلى أنصار اليوم أقرب .
قوم لبسوا ثياب الاستقامة وتزيَّوا بزيها , و لكنهم لم يرعوا لها حرمتها ,
و اسْألْ أيام الكؤوس و البطولات ,تنبئك عن أصحاب القمص و السبلّات
( قيل هي ما على الشارب من الشَّعر )
فمنهم من يتخلف عن الصلاة إذا تعارض وقتها مع وقت المباراة ,
و الجمع في هذا الموضع غير صحيح ,بل لابد من الترجيح , و منهم من
إذا سلم الإمام قام ينقر ما فاته من الأولى ليدرك ما فاته من الثانية ,
و أحسنهم حالا من إذا أدرك الإمام كادا يسبقه بالسلام , ليلحق الحكم
قبل صافرة الختام , فان قيل له : سبح قال إذا خرجت حتى يشهد
لي الطريق ,فان قيل : و النوافل ؟ في البيت الأفضل
فإذا قضيت الصلاة على غير موعد المباراة ,تعالت في المسجد الأصوات ,
لعلك تحسبها بالتكبير و التهليل ,كلا , بل باللغط و العويل , يستذكرون
أحداث المقابلات , و يتحسرون على ما ضاع من الأهداف واللقطات ,
و يذمون المتسبب في السقطات , تسمع كل ذلك بالتفصيل حتى كأنك
قد حضرت اللقاءات , و ليس الخبر كالعيان إلا في هذا المكان
و إن كنت على موعد مع أحدهم - .ديني أو دنيوي- وافق زمن المقابلة ,
فربما وفى عرقوب و لم يفِ صاحبك
و أما أخبار اللاعبين و أسماؤهم و أعمارهم و أموالهم و سيرهم وتراجمهم
فشيء عجيب , كأنك تقرأ في "التهذيب" أو "التقريب " , و لو حلفت أن
أكثرهم لا يعرف أسماء أمهات المؤمنين لكنت بارا غير حانث إلا من رحم
ربي ,و يزداد الخطب سوءا بذكر أسماء الكفار في بيوت الله و الانتصار
لهم و الذبِ عن لعبهم و احترافهم والتماس الأعذار لهم , بل ربما وصل
الأمر إلى الشقاق و الفراق و سوء الأخلاق و الله عز و جل يقول:
" فما لكم في المنافقين فئتين و الله أركسهم بما كسبُوا " سورة النساء 88
و لم يسلم من ذلك لا المسجد النبوي و لا الحرام , و لا احسب الأقصى
بمنأى عن هذا الحرامِ
فان كان اللاعب الكافر ممن ذاع صيته و ضرب في شهرة القدم بسهم ,
قالوا انه مسلم أو سيسلم , و ان زوجته قد لبست الحجاب و ربما
الجلباب , و إن كان مسلما , قالوا : انه من المصلين و ممن يطعم
المسكين , و لا تفوته الصلاة في الحين , بل ربما تقدم في الصبح المأمومين
و ليس هذا مبالغة فقد سمعنا أكثر منه , و سمعنا من هؤلاء من إذا
ذكر عنده بعض العلماء عرض بالهمز و اللمز .
وبعد هذه بعض أخبار القوم أردت بسردها تذكير نفسي و إخواني بما
نحن فيه من غفلات , حتى نتفطن لما يدبر لنا الأعداء من مكيدات ,
لعلنا نتدارك قبل فوات الأوان , ونغتنم الأوقات في الباقيات
الصالحات , فمن أبى إلا .....فلاّ أقل من المباحات الواضحات و اجتناب
الشبهات مع لزوم السنة و الإكثار من الدعاء بالثبات .
وفق الله الجميع لما يحب و يرضى, و الحمد لله رب العالمين
منقول من مجلة الإصلاح الجزائرية