لم يثبت هذا الدعاء عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - :
رواه ابن جرير الطبري في " تفسيره "(18/141) :
حدثني محمد بن خالد بن خداش ، قال : حدثني سالم بن قتيبة ، عن أبي بكر الهُذَليّ ، عن عاتكة ، عن فاطمة ابنة عليّ ، قالت : كان عليّ يقول : يا ( كهيعص ) : اغفر لي .
وهذا إسناد ضعيف جداً ، فيه أبو بكر الهذلي ، مشهور بكنيته ، قيل اسمه : سلمى- بضم المهملة- ابن عبد الله ، وقيل : روح ، إخباري متروك الحديث ، مات سنة سبع وستين ومائة وقد أخرج له ابن ماجه .
(انظر: تقريب التهذيب 69) .
وقال الذهبي في "ديوان المتروكين والضعفاء " ص 352 : مجمع على ضعفه .
ورواه عثمان بن سعيد الدارمي في النقض (ص20) ، وابن ماجه في تفسيره -كما في تهذيب الكمال (29/284) - من رواية محمد بن مسلم ، عن نافع بن أبي نعيم القارئ ، عن فاطمة بنت علي ابن أبي طالب ؛ أنها سمعت علي بن أبي طالب يقول: "يا كهيعص اغفرلي " .
ومحمد بن مسلم هو المدني ، قال عَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبي حَاتِم في "الجرح والتعديل "(8/79) : سأَلتُ أَبا زُرعَة ، فقال : مدني، قدم عليهم البصرة أحاديثه مستقيمة .
وَقَال الحافظ ابن حجر في " التقريب " : صدوق .
ونافع هو الإمام المقرئ المعروف، ثقة إمام في القراءة ، قرأ على سبعين من التابعين ، وليس له في علم الحديث دراية ، وهذه ليس بنقيصة ، قال الإمام أحمد : "كان يؤخذ عنه القرآن وليس في الحديث بشيء .. وقال يحي بن معين ثقة ... وقال ابن سعد: كان ثبتاً ."
انظر "تهذيب التهذيب" (10/364) .
وقال الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (7/377) : "وما هو من فرسان الحديث ... أما في الحروف فحجة بالإتفاق " .
وضعف هذه الرواية ظاهر ، فنافع لم يثبت أنه سمع من فاطمة ، وهي لم تسمع من أبيها، وفاطمة لم تحدّث إلا عن أخيها محمد بن الحنفية ، وأسماء بنت عميس - رضي الله عنها - .
قال موسى الجهني : دخلت على فاطمة بنت علي ، وهي ابنة ست وثمانين سنة ، فقلت لها : أتحفظين عن أبيك شيئًا ، قالت : لا .
قال ابن جرير : توفيت سنة سبع عشرة ومائة ، وبين موت أبيها وموتها سبع وسبعون سنه ، وقد تجاوزت السادسة والثمانون - رضي الله عنها - .
تهذيب الكمال (35/261) .
فالحديث ضعيف ، وأغلب الظن أن الخلل من محمد بن مسلم ؛ وأنه سمع أن نافعًا يقول هذا ، والله اعلم .
وروى هذا الأثر الدينوري في " المجالسة وجواهر العلم " (2/287) :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَغْدَادِيُّ ، نَا أَبُو بِلَالٍ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْقُرَشِيِّ ، عَنِ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ : أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى أَبِيهِ فِي حَاجَةٍ لَهُ ، فَقَالَ الْحَسَنُ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ خَلَا فِي بَيْتٍ يَدْعُو إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ . قَالَ : قُلْتُ لَهُ : فَأَدْنِنِي مِنَ الْبَابِ حَتَّى أَسْمَعَ كَلَامَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . قَالَ : فَدَنَوْتُ مِنَ الْبَابِ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : يَا ( كهيعص) [ مريم : 1 ] ! يَا نُورَ النُّورِ ! يَا قُدَّوسُ ! يَا اللهُ ! يَا رَحْمَنُ ! ( رَدَّدَهَا ثَلَاثًا ) ، ثُمَّ قَالَ : اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تُحِلُّ النِّقَمَ ، وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ ، وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلَاءَ ، وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الْقِسَمَ ، وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تُدِيْلُ الْأَعْدَاءَ ، وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَرُدُّ الدُّعَاءَ ، وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تُعَجِّلُ الْفَنَاءَ ، وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَكْشِفُ الْغِطَاءَ " .
قال محقق الكتاب الشيخ مشهور حسن آل سلمان : "إسناده مظلم".