تنبيه هامإذا التقت الضاد المعجمة بالظاء المشالة لزم بيان مخرج كل منهما سواء أكان بينهما فاصل في الخط أم لم يكن كقوله تعالى : {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ} [بالفرقان، الآية : 27].
وكقوله سبحانه : {أَنقَضَ ظَهْرَكَ} [بالإنشراح، الآية : 3].
وذلك لئلا تختلط إحداهما بالأخرى فتبدل الضاد ظاء أو العكس وهذا لحن لا تصح به القراءة ولا توصف به التلاوة وفيه تغيير للَّفظ وإخراج للكلمة عن معناها المراد.
وكذلك الحكم في لزوم بيان الضاد المعجمة في الطاء المهملة ومن التاء المثناة فوق أيضاً.
فالأولى : في نحو قوله تعالى : {فَمَنِ اضطر} [البقرة : 173] و{ثُمَّ أَضْطَرُّهُ} [البقرة : 126] و{إلاَّ مَا اضطررتم إِلَيْهِ} [الأنعام : 119].
والثانية في قوله تعالى : {فَإِذَا قَضَيْتُمْ} [البقرة : 200] {وَخُضْتُمْ} [التوبة : 69] و{عَرَّضْتُمْ} [البقرة : 235] {... فَقَبَضْتُ} [طه : 96] وذلك لئلا يسبق اللسان إلى إدغامها فيها لأنه الأخف حينئذ وهو ممنوع بالاتفاق.
وكذلك الحكم في لزوم بيان الظاء المشالة من التاء المثناة فوق
نحو قوله تعالى : {أَوَعَظْتَ} [الشعراء : 136] لئلا يسبق اللسان إلى إدغامها فيها
وهو ممنوع .
كذلك وليس بيان الضاد المعجمة قاصراً على ما ذكر بل بيانها لازم مطلقاً خصوصاً إذا كانت ساكنة نحو {فَضَّلْنَا} [الإسراء : 21، 55] و{وَقَيَّضْنَا} [فصلت : 25] و{يُضْلِلِ} [الرعد : 33] {واخفض جَنَاحَكَ} [الشعراء : 215].
بالصلة إذا وقعت ضميراً كقوله تعالى : {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً} [الانشقاق : 15]. وقد أشار إلى ذلك الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله :
وإنْ تَلاقَيَا البَيَانُ لاَزمُ... أَنْقَضَ ظَهْرَك يَعَضُّ الظَّالِمُ
واضْطُرَّ معْ وَعَظْتَ مع أَفَضْتُمْ...
والله تعالى أعلى وأعلم.
ومما يجب مراعاته أيضاً تصفية الهاء أي تخليصها إذا جاورت هاء أو ياء أو غيرهما
نحو {جِبَاهُهُمْ} [التوبة : 35] و{جُنوبُهُمْ} [التوبة : 35] و{ظُهُورُهُمْ} [التوبة : 35] ونحو {عَلَيْهِم} [الفاتحة : 7] و{إِلَيْهِمْ} [آل عمران : 199] و{يُزَكِّيهِمْ} [البقرة : 129] وذلك لأن الهاء حرف خفي ولاتصافها بصفات الضعف كما تقدم ولذلك قويت بالصلة إذا وقعت ضميراً كقوله تعالى : {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً} [الانشقاق : 15].
وقد أشارإلى ذلك الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله :
... وَصَفِّ هَا جِبَاهُهُمْ عليْهمُ
والله تعالى أعلم.
النون الساكنة والتنوينتعريف النور الساكنة :
النون الساكنة هي التي سكونها ثابت في الوصل والوقف "تثبت خطّاً ولفظاً ووصلاً ووقفاً" وتقع في الأسماء والأفعال متوسطة ومتطرفة وفي الحروف متطرفة فقط.
نحو {مَنْ هَاجَرَ} {يَنْهَوْنَ} {إِنْ عَلَيْكَ}
تعريف التنوين :
التنوين معناه في اللغة : التصويت.
وفي الاصطلاح : "نون ساكنة زائدة لغير توكيد تلحق آخر الاسم وصلاً وتفارقه خطّاً ووقفاً نحو قوله تعالى : {والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} {والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
الأمور التي تخالف فيها النون الساكنة التنوين :
1- أن النون الساكنة تقع في وسط الكلمة وفي آخرها والتنوين لا يقع إلا في الآخر.
2-أن النون الساكنة تقع في الأسماء والأفعال والحروف والتنوين لا يقع إلا في الأسماء.
3- أن النون الساكنة تكون ثابتة في الوصل والوقف والتنوين لا يثبت إلا في الوصل.
4- أن النون الساكنة تكون ثابتة في الخط واللفظ والتنوين لا يثبت إلا في اللفظ.
هذا : وللنون الساكنة والتنوين بالنسبة لما يأتي بعدهما من الحروف الهجائية أربعة أحكام وهي الإظهار والإدغام والقلب والإخفاء.
وقد اشار إليها الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله :
وحُكْمُ تنوين ونُون يُلْفَى... إظهارٌ ادْغامٌ وقلبٌ اخْفا أهـ
الكلام على الحكم الاول "الإظهار" ووجهه وضوابطه
الإظهار في اللغة : البيان.
ومن معانيه في الاصطلاح : إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنة في الحرف والمظهر.
وقال بعضهم : "هو فصل الحرف الأول من الثاني من غير سكت عليه.
وحروفه ستة : الهمزة والهاء والعين والحاء المهملتان والغين والخاء المعجمتان وهي المسماة بحروف الحلق لخروجها منه كما تقدم في المخارج .
فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد النون الساكنة سواء أكان معها في كلمة ، أم كان منفصلاً عنها بأن كانت النون آخر الكلمة وحرف الحلق أول الثانية ، أو بعد التنوين ولا يكون إلا من كلمتين وجب الإظهار، "ويسمى إظهاراً حلقيّاً "
وهذه بعض الأمثلة على حروف الإظهار :
فالهمزة : في كلمة {وَيَنْأَوْنَ} ولا ثاني لها فيالقرآن، و{وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً} .
والهاء : {يَنْهَوْنَ} ،{مَنْ هَاجَرَ} ،{وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} .
والعين المهملة : {أَنْعَمَ الله} ، {إِنْ عَلَيْكَ} ، {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} .
والحاء المهملة : {وَتَنْحِتُونَ} ، {مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} .
والغين المعجمة : {فَسَيُنْغِضُون } ولا ثاني لها في القرآن ، {مِّنْ غِلٍّ} ، {إِنَّ الله لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} .
والخاء المعجمة : {والمنخنقة} ولا ثاني لها في القرآن ، {مِنْ خَيْرٍ} ، {إِنَّ الله عَلَيمٌ خَبِيرٌ}.
سبب الإظهار:
إظهار النون الساكنة والتنوين عند هذه الأحرف بُعد مخرجهما عن مخرج حروف الإظهار .
فحروف الإظهار تخرج من الحلق ، والنون تخرج من طرف اللسان .
لماذا سمي إظهاراً :
وذلك لظهور النون الساكنة والتنوين عند ملاقاتهما بحرف من هذه الأحرف.
ولماذا سمي حرفياً :
وسمي حلقيّاً لخروج حروفه من الحلق .
وقد أشار صاحب التحفة إلى أحكام النون الساكنة والتنوين بقوله :
للنُّون إنْ تسكُنْ وللتنوين... أرْبَعُ أحْكَامٍ فخذ تبيينِي
فالأول الإظهارُ قبل أحْرُف... للحلق سِتٌّ رُتِّبت فلتُعْرَفِ
همزٌ فهاءٌ ثمَّ عينٌ حاءُ... مُهملتَان ثمَّ غيْنٌ خَاءُ
بارك الله فيك