الفوزان: لغو اليمين هو ما يجري على اللسان دون قصد اليمين، ولا ينبغي الإكثار منه.
في لقاء أجرته قناة المجد مع فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن فوزان الفوزان، في برنامجها المتميز: " الجواب الكافي" بتاريخ 22/12/ 1432هـ هـ أجاب فضيلة الشيخ عبد العزيز على عدد من الأسئلة، والتي كان منها:
سؤال عن الأيمان الكثيرة وما عليها ؟
الشيخ: أولا لا ينبغي تعويد اللسان على كثرة الحلف والله عز وجل قال :"واحفظوا أيمانكم" .
واحفظوا أيمانكم يشمل مسألتين, الأول أن الإنسان إذا حلف يمينا منعقدة وجب عليه الوفاء بها , أو أن يدفع كفارتها إن حنث بها , ويشمل معنى آخر وهو مهم وهو ألا يكثر الإنسان من الحلف , لشيء يستحق ولا يستحق، كما يفعل كثير من الناس مع الأسف الشديد, الأمر الآخر اليمين نوعان: يمين لغو ويمين منعقدة:
يمين اللغو كما قال الله عز وجل :" لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " ولها صورتان:
الصورة الأولى: هي كما قالت عائشة رضي الله عنها : لغو اليمين كقول الرجل لا والله وبلى والله، تسألني تقول : كيف حالك ؟ أقول والله بخير , هذا صورة يمين لكن ما قصدت اليمين أو أين فلان ؟ تقول : والله خرج .. هذا أيضا يمين لكن لم ينعقد قلبي على اليمين , وإنما شئ يجري على اللسان من دون قصد , هذا لا يؤاخذ به الإنسان ولو قاله في اليوم مئة مرة، وإن كان لا ينبغي كما ذكرت أن نقوله , ولا إثم عليه على أية حال لو قاله ولا كفارة , الأمر الثاني وأظن الأخت تعنيه وهي تكثر الأيمان على ولدها -الذي كما ذكرت- لا يحافظ على الصلاة، نسأل الله أن يهديه.
الصورة الثانية: أن يحلف الإنسان على شخص يعتقد أنه لو حلف عليه لبرَّ بقسمه واستجاب لأمره , كحلف الرجل على زوجته أو الزوجة على زوجها أو الوالد على أولاده أو الصديق على صديقه الحميم , هو يعتقد أنه بقربه منه ومحبته له لا يمكن أن يقطع يمينه أو يحنث فيها , وسيستجيب ويبرُّ بقسمه , قد يحصل أحيانا بين الضيف والمضيف , يأتيه ضيف عزيز عليه ويفرح بقدومه ويقسم عليه أن ينام عنده الليلة أو أن يتعشّى أو يتغدّى معه, وذاك الرجل لا يستجيب ربما لأنه مشغول أو مرتبط أو لا يحب أن يبقى معه, فمثل هذا النوع أيضا من الأيمان فالصحيح من قول أهل العلم أنه لغوٌ وليس يمينا منعقدةً , ويدل عليه قصة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهي قصة طويلة لكن سأقتصر على موضع الشاهد منها , جاءه ضيوف رضي الله عنه وعزمهم على العشاء في بيته , ثم أنه بعد صلاة العشاء عزمه النبي صلى الله عليه وسلم , وفرح بهذا أبو بكر , أن يكون جليس رسول الله وأكيله صلى الله عليه وسلم في بيته , فقال لابنه عبد الرحمن قدّم العشاء لضيوفنا , وذهب أبو بكر وتعشّى مع النبي صلى الله عليه وسلم وتسامر معه قليلا ثم جاء إلى بيته , وإذا بالضيوف قد وُضِع العشاء أمامهم ولم يأكلوا منه شيئا , فغضب رضي الله عنه غضبا شديدا كيف يُحبس ضيوفه إلى هذا الوقت ولم يتعشَّوا ! فغضب على ولده عبد الرحمن فسبّ وجدّع ولامه لماذا لم تضيف أضيافك؟ قال : يا أبتِ لقد أبَوا إلا أن تأكل معهم , قال : والله لا آكل معهم من شدة الغضب فقالوا هم : والله لا نأكل حتى تأكل، فأكل رضي الله عنه وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم من الغد بما حصل ,قال : أنت أبرهم يا أبا بكر وأصدقهم ولم يأمره بالكفارة , فهذا أيضا يُعدّ من لغو اليمين وأظن أن أيمان كثير من الآباء والأمهات من هذا القبيل , هذه لا كفارة فيها وإن كان لا ينبغي الإكثار منها كما ذكرت في أول الحديث .