من الصفات التي تميز عرب الجاهلية أنهم كانوا يحبون البيان والطلاقة والتحبير والبلاغة ولهذا تعتبر الخطابة في العصر الجاهلي من اهم سمات تلك الحقبة، حيث ودفعهم ذلك إلى الاحتفال بخطابتهم احتفالا شديدا لا من حيث العقل وتجديد الألفظ فحسب بل أيضا من حيث مخارج الكلم ،,وحتى في الكتابة والخط العربي ولعلهم من أجل ذلك كانوا يتزيدون في جهارة الأصوات كما كانوا ينتحلون سعة الأشداق وهدل الشفاه حتى أن فريقا منهم كانوا يتحللون كلامهم بألسنتهم تخلل البقرة الكلأ بلسانها ، ومن لم يصغ ذلك عهد إلى ضروب من التقعير والتمطيط والجهورة والتفخيم .
وليس بين أيدينا نصوص وثيقة نستطيع بما أن نحكم أحكاما دقيقة على خطاباتهم وضاعتهم فيها ، وحقا نجد بعض خطب مبثوثة في الطبري والأغاني والأمالي والعقد الفريد ، ولكن هذه الخطب جميعا ينبغي أن تتلقاصا بشيء من الاحتراس ، وخاصة ما رواه الكتاب الأخير من خطب طويلة لهم في وفودهم على كسرى وغير كسرى ، فإن الانتحال ظاهر فيها ، أما الخطب الأخرى فأكبر الظن أن الرواة جمعوا بعض شظايا وقطع للقوم ، وزادوا عليها من خيالهم ومن ثم لا يصح الاستدلال بهذه الخطب جميعا على أنها تمثل الخطابة الاهلية تمثيلا صحيحا ، وهذا الجاحظ على كثرة ما روى في بيانه من خطب لم يستطيع الاستهاد للجاهليين الا بجمل وصيغ متفرقة لا تكون خطبة كاملة .
ومهما يكن فنحن نومن بأن أكثر ما يروى من الخطابة الجاهلية لا يصح الاطمئنان إليه من الوجهة التاريخية لطول المسافة بين روايته وكتابته ، وإن كان ذلك لا يضعن من تسجيل بعض الظواهر والخصائص لتلك الخطابة ، فإن من يرجع إلى ما روى منها في كتب الأدب والتاريخ يلاحظ أن أغلب ما روى من خطب القوم روى مسجوما .

شواهد حية للخطابة في العصر الجاهلي :
نبذة عن حياة أشهر خطبائها :
- قيس بن ساعدة : ( توفي نحو سنة 600 م ) : هو اسقف نجران وخطيب العرب وحكيمها وقاضيها في عصره كثير ما كان يوافي سوق عكاظ ويخطب في الملا للدعوة والترغيب في الوثنية وتخويفا من غضب الله ونقمته ، وقد مال عن الدنيا وزخرفها ، وعاش على العكاف يعظ الناس ويعبد الله توفي نحو سنة 600 م بعد عمر طويل .

* أسلوبه : بعيد عن الضعة ، كثير السمع قصير الفواصل يعمه فيه قيس إلى ضرب الأمثال وإرسال الأحكام .
ب – أكثم بن صيفي ( توفي سنة 630 م / 9 هـ) هو أكثم بن صيفي بن رباح بن الحارث التميمي أشهر حكماء العرب في الجاهلية وأشهر خطبائهم وحكامهم ، كان رجل بر ونزاهة فرغب العرب في التقاضي إليه ، ولم يردوا له حكما وقد اشتهر بحكمته حتى ضرب بها المثل ، ومما يروى أن النعمان بن المنذ سمع من كسرى أنوشروان ملك الفرس كلاما في العرب أمضه ، فأحب أن يري ذكاءهم وفضلهم ، فأرسل إليه رهطا من وجوههم وحكمائهم ، وفيهم أكثم بن صيفي فألقى أكثم خطبة مشهورة كلها حكم بارعة وأمثال رائعة منها :
(( إن أفضل الأشياء أعاليها ، وأعلى الرجال ملوكهم ، وأفضل الملوك أعمها نفعا .... إصلاح الفساد الرعية خير من اصلاح فساد الراعي ... شر البلاد بلاد لا أمير بها ، شر الملوك من خانه البريء .....)) .
ولما حضرت أكثم بن يغي الوفاة جمع أبناءها وقال من وصيه (( يا بني الدهر قد أن بني وقد بني وقد أحببت أن أؤديكم ، وأزودكم أمرا يكون لكم بعدي معقلا ، يا بني تباروا فإن البر ينسىء في الأجل وينهى العدد ، وكفوا ألسنتكم فإن مقتل الرجل بين فكيه ..)) .
أما أسلوب أكثم بن صيغي فهو الأسلوب الذي يتخذ العقل وسيلة للتأثير فيتجنب المغالاة ، ويعمد إلى الحكم الرفيعة فيصرغها في قالب موجز ، ويرسلها في إتئاد ورصانة على غير وحدة تأليفية .
بالإضافة إلى خطباء آخرون منهم : عمرو بن معدي كرب الزبيدي ، عمرو بن كلثوم التغلبي ، وعمرو بن الأهتم المنقري .

الشعر في العصر الجاهلي:

ويعد شعر الحب والغزل من ابرز ما ميز هذه الحقبة فعند سؤالنا ما هو الحب يعتبر الشاعر قيس بن الملوح او من يسمى بمجنون ليلى من شعراء العصر الجاهلي المتيميين بالحب والغزل

تعريف بالشاعر :
هو قيس بن الملوح من بنى عامر بن صعصعة – عاش فى عصر الدولة الاموية – حتى عام 70 من الهجرة – وأن ليلى التى احبها وهام بها – وقضى بسبب حبها هى
ليلى بنت مهدى بن سعد بن كعب بن ربيعة – وقد نشأ فى بيت ذى ثراء وخير وفير- وقد صار مثلا لاعلى درجات الحب وهو لعشق الصادق الذى صرع صاحبه – وهو مايعرف بالحب العذرى – الذى نشأ بعد ظهور الاسلام – وله الكثير من الاشعار عن ليلى – حتى سمى ( مجنون ليلى ).


تذكرت ليلى والسنين الخواليا وايام لا تخشى على اللهو ناهيا
ويوم كظل الرمح قصرت عنه بليلى فلهانى وما كنت ناسيا
فياليل كم من حاجة لى مهمة اذا جئتكم بالليل لم ادر ما هيا
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ان لا تلاقيا

خليلى لا والله لا املك الذى قضى الله فى ليلى ولا ماقضى ليا
قضاها لغيرى وابتلانى بحبها فهلا بشىء غير ليلى ابتلانيا
فما طلع النجم الذى يهتدى به ولا الصبح الا هيجا ذكرها ليا
ولا سرت ميلا من دمشق ولا بدا سهيل لاهل الشام الا بدا ليا
ولا سميت عندى لها من سمية من الناس الا بل دمعى ردائيا
فان تمنعوا عنى ليلى وتحموا بلادها على فلن تحموا على القوافيا
فأشهد عند الله انى احبها فهذا مالها عندى فما عندها ليا

اعد الليالى ليلة بعد ليله وقد عشت دهرا لا اعد ا لليا ليا
ارانى اذا صليت يممت نحوها بوجهى وان كان المصلى ورائيا
وما بى اشراك ولكن حبها وعظم الجوى اعيا الطبيب المداويا

احب من الاسماء ماوافق اسمها أو أ شبهه او ما كان منه مدانيا
خليلى " ليلى" اكبر الحاج والمنى فمن لى بليلى أو فمن ذا بها ليا
لعمرى لقد ابكيتنى ياحمامة ا ل عقيق وابكيت العيون البواكيا

خليلان لا نرجو اللقاء ولا نرى خليلين الا يرجوان التلاقيا
اذا اكتحلت عينى بعينك لم تزل بخير وجلت غمرة عن فؤاديا
فأنت التى ان شئت اشقيت عيشى وانت التى ان شئت اشقيت باليا
وانى لا ستغشى وما بى من نعسة لعل خيالا منك يلقى خياليا
هى السحر الا ا ن للسحر رقية وا نى لا الفى لها الدهر راقيا

معذبتى لولاك ما كنت هائما ابيت سخين العين حران باكيا
معذبتى قد طال وجدى وشفنى هواك فيا للناس قل عزائيا
وقائلة وا رحمتا لشبابه فقلت اجل وارحمتا لشبابيا
وددت على طيب الحياة لو انه يزاد لليلى عمرها من حيا تيا

الا ياحمامات العراق اعننى على شجنى وابكين مثل بكائيا
يقولون ليلى بالعراق مريضة فيا ليتنى كنت الطبيب المداويا
تمر الليالى والشهو ولا ارى غرامى لها يزداد الا تماديا

فيارب اذ صيرت ليلى هى المنى فزنى بعينيها كما زنتها ليا
على مثل ليلى يقتل المرء نفسه وان كنت من ليلى على اليأس طاويا
خليلى ان ضنوا بليلى فقربا لى النعش والاكفان واستغفرا ليا

الموضوع منقول , بانتظار ردودكم