تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الكفاءة في النسب

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    18

    افتراضي الكفاءة في النسب


    الكفاءة لغة: المماثلة والمساواة ، يقال: فلان كفء لفلان أي مساو له. ومنه قوله صلّى الله عليه وسلم : «المسلمون تتكافأ دماؤهم» (رواه أحمد والنسائي وأبو داود عن علي) أي تتساوى ، فيكون دم الوضيع منهم كدم الرفيع. ومنه قوله تعالى: {ولم يكن له كُفُواً أحد} أي لا مثيل له.(بتصرف من لسان العرب 1/139)
    وفي اصطلاح الفقهاء: المماثلة بين الزوجين دفعاً للعار في أمور مخصوصة، وهي عند المالكية: الدين، والحال (أي السلامة من العيوب التي توجب لها الخيار). وعند الجمهور: الدين، والنسب، والحرية، والحرفة (أو الصناع)، وزاد الحنفية والحنابلة: اليسار (أو المال) (انظر حاشية الدسوقي: 248/2، كشاف القناع: 72/5، مغني المحتاج: 164/3، حاشية ابن عابدين: 436/2.) .
    الحكمة من اشتراط الكفاءة :
    ويراد منها تحقيق المساواة في أمور اجتماعية من أجل توفير استقرار الحياة الزوجية، وتحقيق السعادة بين الزوجين، بحيث لا تعير المرأة أو أولياؤها بالزوج بحسب العرف. ( الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي)
    آراء الفقهاء :
    وأما آراء الفقهاء في اشتراط الكفاءة، فلهم رأيان:
    الرأي الأول ـ يروى عن عمر وابن مسعود وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز ، وعن بعض الفقهاء كالحسن البصري ، والثوري ، والكرخي من الحنفية والمشهور عند المالكية : أن الكفاءة ليست شرطاً أصلاً ، لا شرط صحة للزواج ولا شرط لزوم، فيصح الزواج ويلزم سواء أكان الزوج كفئاً للزوجة أم غير كفء .
    قال ابن عبدالبر : جملة مذهب مالك وأصحابه أن الكفاءة عندهم في الدين ، وقال ابن القاسم عن مالك : إذا أبى والد الثيب أن يزوجها رجلاً دونه في النسب والشرف إلا أنه كفؤ في الدين فإن السلطان يزوجها ولا ينظر إلى قول الأب والولي من كان إذا رضيت به وكان كفؤا في دينه ولم أسمع منه في قلة المال شيئا قال مالك تزويج المولى العربية حلال في كتاب الله عز و جل قوله إنا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية وقوله فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها .(الاستذكار 19/163)
    واستدلوا بما يأتي:
    1 - قوله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات:13/49] وقوله تعالى: { وهو الذي خلق من الماء بشراً } [الفرقان:54/25] وحديث: « ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى» (رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح عن أبي نضرة( مجمع الزوائد: 266/3).).
    2- حديث أن سالماً مولى أبي حذيفة زوجه أبو حذيفة من ابنة أخيه: هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة (رواه البخاري والنسائي وأبو داود عن عائشة (نيل الأوطار: 128/6)) . وكذلك أمر النبي صلّى الله عليه وسلم امرأة قرشية هي فاطمة أخت الضحاك بن قيس ، وهي من المهاجرات الأول أن تتزوج أسامة قائلاً لها: «انكحي أسامة» (رواه مسلم عن فاطمة بنت قيس ) ، وروى الدارقطني أن أخت عبد الرحمن بن عوف كانت تحت بلال . (3/301)
    ويدل له: «أن أبا هند الذي حجم النبي صلّى الله عليه وسلم في اليافوخ ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : يا بني بياضة ، أنكحوا أبا هند، وانكحوا إليه » (رواه أبو داود عن أبي هريرة )).
    3 - الدماء متساوية في الجنايات، فيقتل الشريف بالوضيع، والعالم بالجاهل، فيقاس عليها عدم الكفاءة في الزواج ، فإن كانت الكفاءة غير معتبرة في الجنايات، فلا تكون معتبرة في الزواج بالأولى. ( الفقه الإسلامي وأدلته (9/218 ) .
    الرأي الثاني : وهو قول الجمهور من الفقهاء على أن الكفاءة شرط لزوم في الزواج ، وليست شرطاً في صحة النكاح ، فإذا تزوجت المرأة غير كفء ، كان العقد صحيحاً ، وكان لأوليائها حق الاعتراض عليه وطلب فسخه ، دفعاً لضرر العار عن أنفسهم ، إلا أن يسقطوا حقهم في الاعتراض فيلزم ، ولو كانت الكفاءة شرط صحة لما صح ، حتى ولو أسقط الأولياء حقهم في الاعتراض ؛ لأن شرط الصحة لا يسقط بالإسقاط . (الفقه الإسلامي وأدلته (9/218) .



    واستدلوا على ذلك بأحاديث منها :
    عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { العرب بعضهم أكفاء بعض ، والموالي بعضهم أكفاء بعض إلا حائكاً أو حجاماً } رواه الحاكم قال ابن حجر : وفي إسناده راو لم يسم , واستنكره أبو حاتم وله شاهد عند البزار : عن معاذ بن جبل بسند منقطع وحكم ابن حبان بوضعه في كتابه (( المجروحين )) وكذا ابن عبدالبر في التمهيد وقال الدارقطني في "العلل": لا يصح.
    وعن علي أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال له: «ثلاث لا تؤخر: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفئاً» (رواه الترمذي عن علي وقال : هذا حديث غريب، وما أرى إسناده بمتصل ، وضغفه الألباني).
    وحديث جابر: «لا تنُكحوا النساء إلا الأكفاء ، ولا تزوجوهن إلا الأولياء ، ولا مهر دون عشرة دراهم » (رواه الدارقطني عن جابر بن عبد الله ، وفيه مبشر بن عبد الله متروك الحديث (نصب الراية: 196/3).) .
    وحديث عائشة: « تخيروا لنطفكم، وأنكحوا الأكفاء » (روي من حديث عائشة، ومن حديث أنس، ومن حديث عمر بن الخطاب، من طرق عديدة كلها ضعيفة (نصب الراية: 197/3).)
    وحديث عائشة وعمر: « لأمنعن تزوّج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء » (رواه الدارقطني وضعفه الألباني) .
    وحديث أبي حاتم المزني: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه، فأنكحوه، إلا تفعلوه، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسنغريب، وعده أبو داود في المراسيل (نيل الأوطار: 127/6).) .
    وحديث بريدة الذي جعل فيه النبي صلّى الله عليه وسلم الخيار لفتاة زوجها أبوها ابن أخيه ليرفع بها خسيسته (رواه ابن ماجه وأحمد والنسائي من حديث ابن بريدة) .
    مذهب الحنفية : قال الكمال بن الهمام: ( بعد ذكره لأحاديث اشتراط الكفاءة ) هذه الأحاديث الضعيفة من طرق عديدة يقوي بعضها بعضاً، فتصبح حجة بالتضافر والشواهد ، وترتفع إلى مرتبة الحسن ، لحصول الظن بصحة المعنى، وثبوته عنه صلّى الله عليه وسلم وفي هذا كفاية. (فتح القدير: 417/2 وما بعدها) .
    مذهب الشافعية : قال الإمام النووي : وأما النسب فهو معتبر فالأعجمي ليس بكف ء للعربية ، لما روى عن سلمان رضى الله عنه أنه قال (لا نؤمكم في صلاتكم، ولا ننكح نساءكم) وغير القرشي ليس بكفء للقرشية لقوله صلى الله عليه وسلم (قدموا قريشاً ولا تتقدموها) . (المجموع ( 6 / 182).

    مذهب الحنابلة : قال ابن قدامة : ( فإن غرها بنسب فبان بدونه وكان ذلك مخلاً بالكفاءة وقلنا بصحة النكاح فلها الخيار فان اختارت الإمضاء فلأوليائها الاعتراض عليها وان لم تخل بالكفاءة فلا خيار لها لان ذلك ليس بمعتبر في النكاح فأشبه ما لو شرطته فقيها فبان بخلافه) (المغني (7/554).
    وأما من المعقول: وهو أن انتظام المصالح بين الزوجين لا يكون عادة إلا إذا كان هناك تكافؤ بينهما ؛ لأن الشريفة تأبى العيش مع الخسيس ، فلا بد من اعتبار الكفاءة من جانب الرجل، لا من جانب المرأة؛ لأن الزوج لا يتأثر بعدم الكفاءة عادة، وللعادة والعرف سلطان أقوى وتأثير أكبر على الزوجة، فإذا لم يكن زوجها كفئاً لها، لم تستمر الرابطة الزوجية، وتتفكك عُرى المودة بينهما، ولم يكن للزوج صاحب القوامة تقدير واحترام. وكذلك أولياء المرأة يأنفون من مصاهرة من لا يناسبهم في دينهم وجاههم ونسبهم، ويعيرون به، فتختل روابط المصاهرة أو تضعف، ولم تتحقق أهداف الزواج الاجتماعية ، ولا الثمرات المقصودة من الزوجية .
    رأي المحققين من أهل العلم :
    أشار الإمام البخاري إلى نصرة القول الأول حيث قال : باب الأكفاء في الدين وقوله تعالى { وهو الذي خلق من الماء بشراً } الآية فاستنبط من الآية الكريمة المساواة بين بني آدم ثم أردفه بإنكاح أبي حذيفة سالم بابنة أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وسالم مولى لامرأة من الأنصار . (البخاري حديث رقم 5088) .
    وقال ابن القيم :لم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة إلا الدين ، فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الدين في الكفاءة أصلاً وكمالاً فلا تزوج مسلمة بكافر ولا عفيفة بفاجر ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمرا وراء ذلك فإنه حرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث ولم يعتبر نسبا ولا صناعة ولا غنى ولا حرية فجوَّز للعبد القن نكاح الحرة النسيبة الغنية إذا كان عفيفا مسلما وجوز لغير القرشيين نكاح القرشيات ولغير الهاشميين نكاح الهاشميات وللفقراء نكاح الموسرات . ( زاد المعاد 5/ 145-146) .


    وقالت اللجنة الدائمة : الصحيح: أن المعتبر في النكاح الكفاءة في الدين لا في النسب ؛ لعموم قوله تعالى: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } ولما ثبت من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- زوج فاطمة بنت
    قيس - وهي قرشية- أسامة بن زيد مولاه رضي الله عنهم ولما ثبت من أن زيد بن حارثة مولى النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج زينب بنت جحش وهي أسدية ولما رواه البخاري والنسائي وأبو داود عن عائشة أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشي - وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم- تبنى سالما وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى لامرأة من الأنصار ولما رواه الترمذي عن أبي حاتم المزني قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه » ثلاث مرات، (رواه الترمذي) وقال الترمذي حديث حسن غريب.
    ولما رواه أبو داود عن أبي هريرة أن أبا هند رضي الله عنهما حجم النبي -صلى الله عليه وسلم- في اليافوخ ، فقال -صلى الله عليه وسلم-: « يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه » وأخرجه الحاكم وحسنه لكن لا بد من استئذان البكر واستئمار الثيب، وحصول الرضا، ولو كانت المخطوبة أعجمية وخاطبها قرشي؛ للأحاديث الواردة في اعتبار ذلك .
    وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز .
    وقد نص على هذا القول الإمام الشوكاني في نيل الأوطار ، والإمام ابن الأمير الصنعاني في سبل السلام .
    المبحث الثالث : صاحب الحق في الكفاءة ( عند الجمهور ) :
    الكفاءة تعتبر للنساء لا للرجال على معنى أنه تعتبر الكفاءة في جانب الرجال للنساء ولا تعتبر في جانب النساء للرجال لأن النصوص وردت بالاعتبار في جانب الرجال خاصة

    وكذا المعنى الذي شرعت له الكفاءة يوجب اختصاص اعتبارها بجانبهم لأن المرأة هي التي تستنكف لا الرجل لأنها هي المستفرشة فأما الزوج فهو المستفرش فلا تلحقه الأنفة من قبلها .
    قال ابن قدامة : ( (فصل) وإنما تعتبر الكفاءة في الرجل دون المرأة فان النبي صلى الله عليه وسلم لا مكافئ له وقد تزوج من أحياء العرب وتزوج صفية بنت حي وتسرى بالإماء، وقال (من كانت عنده جارية فعلمها وأحسن تعليمها وأحسن إليها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران) متفق عليه ولان الولد يشرف بشرف أبيه لا بأمه فلم يعتبر ذلك في الأم ) ( الشرح الكبير 7/ 468).
    المبحث الرابع : هل الكفاءة شرط صحة أو شرط لزوم ؟
    اتفق فقهاء المذاهب الأربعة في الراجح عند الحنابلة والمعتمد عند المالكية والأظهر عند الشافعية على أن الكفاءة شرط لزوم في الزواج ، وليست شرطاً في صحة النكاح ، فإذا تزوجت المرأة غير كفء ، كان العقد صحيحاً، وكان لأوليائها حق الاعتراض عليه وطلب فسخه، دفعاً لضرر العار عن أنفسهم، إلا أن يسقطوا حقهم في الاعتراض فيلزم ، ولو كانت الكفاءة شرط صحة لما صح ، حتى ولو أسقط الأولياء حقهم في الاعتراض ؛ لأن شرط الصحة لا يسقط بالإسقاط . ( الفقه الإسلامي وأدلته 9/221)
    الخلاصة :
    أن الكفاءة في النسب بمعنى المماثلة والمساواة في النسب ، وقد ذهب الجمهور من الفقهاء إلى اعتبارها عند النكاح ، لكن لو حصل نكاح فالزواج صحيح ، وذهب المالكية في المشهور عنهم إلى أن الكفاءة في الدين فقط ، وعند الـتأمل في أدلة الفريقين يتبين رجحان قول المالكية وذلك لضعف أدلة الجمهور وقوة دليل المالكية واعتماده كذلك من قبل كثير من المحققين من أهل العلم كابن القيم والشوكاني وابن الأمير الصنعاني وكثير من المعاصرين .
    لكن ينبغي للشاب أن ينتبه خصوصاً إذا كان في قبيلته لهذا الأمر اعتبار ، كما هو في معظم القبائل اليوم ، فلا داعي أن يُدْخِل نفسه في خلاف مع قبيلته وربما ينتقص ولده ويُعَيَّر بسبب ذلك ، وأيضاً فمن الملاحظ والمشاهد أن هناك كثير من الصفات والعادات تختلف بين القبيلي وغيره ، مما يؤدي إلى عدم التفاهم بين الزوجين أو بين الزوج وأصهاره فيما بعد ، ولذلك فإني وإن كنتُ أقول بخلاف قول الجمهور من الناحية العلمية ولكن أقول به من الناحية العملية . والله أعلم .
    ا.هـــــ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    2,225

    افتراضي رد: الكفاءة في النسب

    شكر الله لك.
    ولأستاذنا/ مصطفى حسنين هذا الموضوع:
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=12519
    صورة إجازتي في القراءات العشر من الشيخ مصباح الدسوقي

  3. #3

    افتراضي رد: الكفاءة في النسب

    أبو محمد المصري

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •