* النص القرآني الذي ورد فيه الدعاء :
قال الله تعالى وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ( الأعراف : 89 ) .
( محاور الدعاء الوارد )
يرتكز هذا الدعاء على ثلاثة محاور ، هي :
1- العلم .
2- التوكل .
3- طلب الفتح .
أما بالنسبة للحديث عن محوري ( الفتح ، والتوكل ) فقد سبقت الإشارة إليهما في الكلام عن دعاء نوح ، وإبراهيم .
* أما الكلام عن محور: العلم .
الْعِلْمُ فِي اللُّغَةِ :
يُطْلَقُ عَلَى الْمَعْرِفَةِ وَالشُّعُورِ وَالإِْتْقَانِ وَالْيَقِينِ ، يُقَال : عَلِمْتُ الشَّيْءَ أَعْلَمُهُ عِلْمًا عَرَفْتُهُ ، وَيُقَال : مَا عَلِمْتُ بِخَبَرِ قُدُومِهِ أَيْ : مَا شَعَرْتُ ، وَيُقَال : عَلِمَ الأَْمْرَ وَتَعَلَّمَهُ : أَتْقَنَهُ .
وَاصْطِلاَحًا : هُوَ حُصُول صُورَةِ الشَّيْءِ فِي الْعَقْل ( الموسوعة الفقهية الكويتية 30 / 290 ) .
ومن أسماء الله تعالى ( العليم ) وهو :
متضمن للعلم الكامل الذي لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان قال الله تعالى قَالَ عِلمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى ( طه : 52 ) .
وهو العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلا سواء ما يتعلق بأفعاله أو أفعال خلقه قال الله تعالى وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ( الأنعام : 59 ) .
واسم الله العليم يدل على ذات الله وصفة العلم بدلالة المطابقة ، وعلى ذات الله وحدها بالتضمن ، وعلى صفة العلم وحدها بدلالة التضمن ، ويدل باللزوم على الحياة والقيومية ، والعلو القوة ، والقدرة والعزة ، وكل ما يلزم لقيام صفة العلم وما تؤدي إليه .
وعلم الله له مراتب :
- منها : علمه بالشيء قبل كونه وهو سر الله في خلقة .
قال تعالى قُل لا يَعْلمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ .
- ومنها :علمه بالشيء وهو في اللوح المحفوظ بعد كتابته وقبل إنفاذ مشيئته . فالله كتب مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقهم بخمسين ألف سنة ، فالمخلوقات في اللوح عبارة عن كلمات ، وتنفيذ ما في اللوح من معلومات تضمنتها الكلمات ، مرهون بمشيئته في تحديد الأوقات المناسبة لأنواع الابتلاءات التي يحدثها لخلقه ، وكل ذلك عن علمه بما في اللوح من حسابات وتقديرات ، يقول تعالى أَلمْ تَعْلمْ أَنَّ اللهَ يَعْلمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلكَ عَلى اللهِ يَسِيرٌ ( الحج : 70 ) .
- ومنها : علمه بالشيء حال كونه وتنفيذه ، وخلقه وتصنيعه .
قال تعالى يَعْلمُ مَا يَلجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الغَفُورُ ( سبأ : 2 ) .
- ومنها : علمه بالشيء بعد كونه وتخليقه وإحاطته الكاملة بعد تمامه وفنائه .
قال تعالى وَهُوَ الذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِالليْل وَيَعْلمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ليُقْضَى أَجَلٌ مُسَمّىً ثُمَّ إِليْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( الأنعام : 60 ) .
فالله عالم بما كان وما هو كائن وما سيكون وما لو كان كيف يكون على ما اقتضته حكمته البالغة .