بسم الله الرحمن الرحيـمـ


عن عاصم الأحول قال: جلست إلى قتادة فذكر عمرو بن عبيد فوقع فيه فقلت: لا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض! فقال: "يا أحول أو لا تدري أن الرجل إذا ابتدع فينبغي أن يذكر حتى يُحذَرَ"["ميزان الاعتدال"للإمام الذهبي ( 3/273 ) ط: دار الفكر، تحقيق: علي البجاوي]


(2) قال أبو صالح الفراء: حكيت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئاً من أمر الفتن فقال:ذاك يشبه أستاذه - يعني: الحسن بن حي-.فقلت ليوسف: ما تخاف أن تكون هذه غيبة ؟ فقال: "لم يا أحمق! أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم، أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتتبعهم أوزارهم، ومن أطراهم كان أضر عليهم".[سير أعلام النبلاء ( 7/364 ) ط: الرسالة، وتهذيب الكمال (6/182) ط: الرسالة].


(3) قال أبو داود السجستاني: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: أرى رجلاً من أهـل البيت مع رجل من أهل البدع، أترك كلامه؟ قال: "لا، أوَ تُعْلِمه أن الذي رأيته معه صاحب بدعة، فإن ترك كلامه وإلا فألحقه به"، قال ابن مسعود:"المرء بخدنه".[طبقات الحنابلة ( 1/158 ) ط: دار المعرفة، تحقيق: محمد حامد الفقي].


(4)وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي ـ أي الإمام أحمد ـ: ما تقول في أصحاب الحديث يأتون الشيخ لعله أن يكون مرجئاً، أو شيعياً، أو فيه شيء من خلاف السنة، أيسعني أن أسكت عنه، أم أحذِّرَ منه؟ فقال:"إن كان يدعو إلى بدعة، وهو إمام فيها، ويدعو إليها، نعم؛ تحذِّرُ عنه"[الكفاية للخطيب البغدادي ص(46) ط: العلمية].


(5) عن سلام بن أبي مطيع، أنَّ رجلاً من أصحاب الأهواء قال لأيّوب السختِياني:
"يا أبا بكر أسألُك عن كلمة، قال: فولّى أيّوب، وجعل يشير بإصبعه؛ ولا نصف كلمة، ولا نصف كلمة"[أخرجه الآجُرّيُّ في "الشريعة" (120)، والدارميُّ في "سننه"(404)، وابن بطة في "الإبانة"(402)].


(6) قال عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما -:"لا تجالس أهل الأهواء فإنَّ مجالستهم مُمْرِضةٌ للقلوب"[الإبانة لابن بطة(1/136) رقم (371) ط:العلمية].


(7) قال أحمد بن حنبل:"أهل البدع لا ينبغي لأحد أن يجالسهم، ولا يخالطهم، ولا يأنس بهم". [الإبانة لابن بطة (1/15 وقال ـ أيضاً ـ في رسالته إلى مسدد:"ولا تشاور صاحب بدعة في دينك، ولا ترافقه في سفرك".[الآداب الشرعية:3/578].


(9) قال مسلم بن يسار:"لا تمكّن صاحب بدعة من سمعك، فيصب فيه ما لا تقدر أن تخرجه من قلبك".[الإبانة لابن بطة (1/14 قال الفضيل بن عياض:"من عظّم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام، ومن تبسم في وجه مبتدع فقد استخف بما أنزل الله عز وجل على محمد ، ومن زوّج كريمته من مبتدع فقد قطـع رحمهـا، ومن تبع جنازة مبتدع لم يزل في سخط الله حتى يرجع".[شرح السنّة للإمام البربهاري ص(139 )]


وقال أيضاً: "الأرواح جنود مجندة؛ فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، ولا يمكن أن يكون صاحب سنة يمالئ صاحب بدعة إلا من النفاق".
قال الإمام ابن بطة – معلقاً على قول الفضيل - : "صدق الفضيل : فإنا نرى ذلك عياناً". [الإبانة لابن بطة (1/ 146) رقم (429) ط: العلمية].


(19) وعن عقبة بن علقمة قال: "كنت عند أرطأة بن المنذر فقال بعض أهل المجلس: ما تقولون في الرجل يجالس أهل السنّة ويخالطهم، فإذا ذكر أهل البدع قال: دعونا من ذكرهم لا تذكروهم؟
قال أرطأة: هو منهم لا يُلبّس عليكم أمره.
قال: فأنكرت ذلك من قول أرطأة !قال: فقدمت على الأوزاعي، وكان كشّافاً لهذه الأشياء إذا بلغته، فقال: صدق أرطأة والقول ما قال؛ هذا يَنهى عن ذكرهم، ومتى يحذروا إذا لم يُشد بذكرهم"[تاريخ دمشق ( 8/15 )]


(20)قال الشاطبي في "الاعتصام": "فإن توقير صاحب البدعة مظنّة لمفسدتين تعودان على الإسلام بالهدم: إحداهما: التفات الجهال والعامة إلى ذلك التوقير؛ فيعتقدون في المبتدع أنّه أفضل الناس، وأن ما هو عليه خير مما عليه غيره، فيؤدي ذلك إلى اتباعه على بدعته دون اتباع أهل السنّة على سنّتهم.
والثانية: أنّه إذا وُقِّرَ من أجل بدعته صار ذلك كالحادي المحرض له على إنشاء الابتداع في كل شيء. وعلى كل حال فتحيا البدع وتموت السنن، وهو هدم الإسلام بعينه"[الاعتصام ص(86) ط: دار الحديث، تحقيق: سيد إبراهيم]

**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/

ذكر الآثار عن السلف في الخوف من الله

مَنْ تَأَمَّلَ أَحْوَالَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَجَدَهُمْ فِي غَايَةِ الْعَمَلِ مَعَ غَايَةِ الْخَوْفِ ، وَنَحْنُ جَمِيعًا بَيْنَ التَّقْصِيرِ ، بَلِ التَّفْرِيطِ وَالْأَمْنِ ، فَهَذَا الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ : وَدِدْتُ أَنِّي شَعْرَةٌ فِي جَنْبِ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ ، ذَكَرَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ .

وَذَكَرَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَمْسِكُ بِلِسَانِهِ وَيَقُولُ : هَذَا الَّذِي أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ ، وَكَانَ يَبْكِي كَثِيرًا ، وَيَقُولُ : ابْكُوا ، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكُوا .

وَكَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ كَأَنَّهُ عُودٌ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .

وَأَتَى بِطَائِرٍ فَقَلَبَهُ ثُمَّ قَالَ : مَا صِيدَ مِنْ صَيْدٍ ، وَلَا قُطِعَتْ شَجَرَةٌ مِنْ شَجَرَةٍ ، إِلَّا بِمَا ضَيَّعَتْ مِنَ التَّسْبِيحِ ، فَلَمَّا احْتَضَرَ ، قَالَ لِعَائِشَةَ : يَا بُنَيَّةُ ، إِنِّي أَصَبْتُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ هَذِهِ الْعَبَاءَةَ وَهَذِهِ الْحِلَابَ وَهَذَا الْعَبْدَ ، فَأَسْرِعِي بِهِ إِلَى ابْنِ الْخَطَّابِ ، وَقَالَ : وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ تُؤْكَلُ وَتُعْضَدُ .

وَقَالَ قَتَادَةُ : بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ : لَيْتَنِي خُضْرَةٌ تَأْكُلُنِي الدَّوَابُّ .

وَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَرَأَ سُورَةَ الطُّورِ إِلَى أَنْ بَلَغَ : إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ [ سُورَةُ الطُّورِ : 77 ] فَبَكَى وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ حَتَّى مَرِضَ وَعَادُوهُ .

[ ص: 41 ] وَقَالَ لِابْنِهِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ : وَيْحَكَ ضَعْ خَدِّي عَلَى الْأَرْضِ عَسَاهُ أَنْ يَرْحَمَنِي ، ثُمَّ قَالَ : وَيْلُ أُمِّي ، إِنْ لَمْ يَغْفِرْ لِي ( ثَلَاثًا ) ، ثُمَّ قُضِيَ .

وَكَانَ يَمُرُّ بِالْآيَةِ فِي وِرْدِهِ بِاللَّيْلِ فَتُخِيفُهُ ، فَيَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَيَّامًا يُعَادُ ، يَحْسَبُونَهُ مَرِيضًا ، وَكَانَ فِي وَجْهِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَطَّانِ أَسْوَدَانِ مِنَ الْبُكَاءِ .

وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، مَصَّرَ اللَّهُ بِكَ الْأَمْصَارَ ، وَفَتَحَ بِكَ الْفُتُوحَ ، وَفَعَلَ ، فَقَالَ : وَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُو لَا أَجْرَ وَلَا وِزْرَ .

وَهَذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى الْقَبْرِ يَبْكِي حَتَّى تُبَلَّ لِحْيَتُهُ ، وَقَالَ : لَوْ أَنَّنِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ لَا أَدْرِي إِلَى أَيَّتِهِمَا يُؤْمَرُ بِي ، لَاخْتَرْتُ أَنْ أَكُونَ رَمَادًا قَبْلَ أَنْ أَعْلَمَ إِلَى أَيَّتِهِمَا أَصِيرُ .

وَهَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبُكَاؤُهُ وَخَوْفُهُ ، وَكَانَ يَشْتَدُّ خَوْفُهُ مِنِ اثْنَتَيْنِ : طُولِ الْأَمَلِ ، وَاتِّبَاعِ الْهَوَى ، قَالَ : فَأَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ ، وَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ ، أَلَا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ مُدَبِّرَةً ، وَالْآخِرَةَ مُقْبِلَةٌ ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَنُونُ ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ ، وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابٌ ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ .

وَهَذَا أَبُو الدَّرْدَاءِ كَانَ يَقُولُ : إِنَّ أَشَدَّ مَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يُقَالَ لِي : يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ ، قَدْ عَلِمْتَ ، فَكَيْفَ عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ ؟ وَكَانَ يَقُولُ : لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَنْتُمْ لَاقُونَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمَا أَكَلْتُمْ طَعَامًا عَلَى شَهْوَةٍ ، وَلَا شَرِبْتُمْ شَرَابًا عَلَى شَهْوَةٍ ، وَلَا دَخَلْتُمْ بَيْتًا تَسْتَظِلُّونَ فِيهِ ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَضْرِبُونَ صُدُورَكُمْ ، وَتَبْكُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَةٌ تُعْضَدُ ثُمَّ تُؤْكَلُ .

وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْفَلُ عَيْنَيْهِ مِثْلُ الشِّرَاكِ الْبَالِي مِنَ الدُّمُوعِ .

وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ يَقُولُ : يَا لَيْتَنِي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ ، وَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أُخْلَقْ وَعُرِضَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ ، فَقَالَ : مَا عِنْدَنَا عَنْزٌ نَحْلِبُهَا وَحُمُرٌ نَنْقُلُ عَلَيْهَا ، وَمُحَرَّرٌ يَخْدِمُنَا ، وَفَضْلُ عَبَاءَةٍ ، وَإِنِّي أَخَافُ الْحِسَابَ فِيهَا .

وَقَرَأَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ لَيْلَةً سُورَةَ الْجَاثِيَةِ ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [ سُورَةُ الْجَاثِيَةِ : 21 ] جَعَلَ يُرَدِّدُهَا وَيَبْكِي حَتَّى أَصْبَحَ .

[ ص: 42 ] وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَامِرُ بْنُ الْجَرَّاحِ : وَدِدْتُ أَنِّي كَبْشٌ فَذَبَحَنِي أَهْلِي ، وَأَكَلُوا لَحْمِي وَحَسُوا مَرَقِي . وَهَذَا بَابٌ يَطُولُ تَتَبُّعُهُ .

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ : بَابُ خَوْفِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يُحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ .

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ : مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ : إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ .

وَيُذْكَرُ عَنِ الْحَسَنِ : مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ ، وَلَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ .

وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِحُذَيْفَةَ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ سَمَّانِي لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، يَعْنِي فِي الْمُنَافِقِينَ ، فَيَقُولُ : لَا ، وَلَا أُزَكِّي بَعْدَكَ أَحَدًا .


فَسَمِعْتُ شَيْخَنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ : لَيْسَ مُرَادُهُ لَا أُبْرِئُ غَيْرَكَ مِنَ النِّفَاقِ ، بَلِ الْمُرَادُ لَا أَفْتَحُ عَلَى نَفْسِي هَذَا الْبَابَ ، فَكُلُّ مَنْ سَأَلَنِي هَلْ سَمَّانِي لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُزَكِّيهِ .

قُلْتُ : وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي سَأَلَهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ : سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ . وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ عُكَاشَةَ وَحْدَهُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِمَّنْ عَدَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَلَكِنْ لَوْ دَعَا لَقَامَ آخَرُ وَآخَرُ وَانْفَتَحَ الْبَابُ ، وَرُبَّمَا قَامَ مَنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ ، فَكَانَ الْإِمْسَاكُ أَوْلَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

الْجَوَابُ الْكَافِي لِمَنْ سَأَلَ عَنْ الدَّوَاءِ الشَّاِفي
أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية


**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/


آثار سلفية وفوائد علمية


عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ((لا تكون تقياً حتى تكون عالماً)) رواهُ أبو نُعيم في الحلية (1/213) وابن عبد البرّ في جامع بيان العلم وفضله (2/7). وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: ((ليس يتّقي من لا يدري ما يتّقي)) رواهُ الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1065).


قيل لأبي بكر بن عيّاش رحمه الله تعالى: يا أبا بكر، من السُنّيُّ ؟ فقال: ((الذي إذا ذُكرت عندهُ الأهواءُ لم يغضب لشيء منها)) أوردهُ ابن تيمية في ((الاستقامة 1/144)).


قال عثمان بن أبي شيبة رحمه الله تعالى: ((فسّاقُ أصحاب الحديث خيرٌ من عُبّاد غيرهم)) أخرجه الإمام الهروي في ((ذمّ الكلام ص 96)).


قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: ((إيّاكم والفتنة، فلا تهموا بها، فإنّها تُفسدُ المعيشة وتُكدّرُ النّعمة وتورثُ الاستئصال)) ذكره الذهبيُّ في ((السّير 3/148)).



قال النووي رحمه الله: (( جرحُ المجروحين من الرّواة والشهود والمُصنّفين جائزٌ بالإجماع، بل واجبٌ، صوناً للشريعة)) (شرح صحيح مسلم 16/143)


قال ابن القيم رحمه الله
( يعرض للسالك مَعاطب ومهالك لا يُنجيه منها إلا بصيرة العلم ) مدارج السالكين


قال النووي رحمه الله: (( جرحُ المجروحين من الرّواة والشهود والمُصنّفين جائزٌ بالإجماع، بل واجبٌ، صوناً للشريعة)) (شرح صحيح مسلم 16/143)


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((فتبيّن بذلك أنّ أهل السنّة في كلّ مقام أصحُّ نقلاً وعقلاً من غيرهم)) (الاستقامة 1/116)



قال العلامة النّووي رحمه الله تعالى: ((إ ذا ذَكَرَ مُصنّف كتاب شخصاً بعينه في كتابه قائلاً: قال فلانٌ كذا، مريدا تنقُّصهُ والشناعة عليه فهو حرامٌ. فإذا أراد بيان غلطه لئلا يُقلّد، أو بيان ضعفه في العلم لئلا يُغترّ به ويُقبل قولُه، فهذا ليس غيبة، بل نصيحة واجبة يُثابُ عليها إذا أراد ذلك)) (الأذكار النّووية ص 291)


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((وكلّ ما أوجب فتنة وفُرقة فليس من الدّين، سواء كان قولاً أو فعلاً)) (الاستقامة 1/34)




قال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى: ((من استخفّ بالعلماء ذهبت آخرتُهُ، ومن استخفّ بالأُمراء ذهبت دُنياهُ، ومن استخفّ بالإخوان ذهبت مُروءتُهُ)) تاريخ دمشق لابن عساكر (32/444)



قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((ولا تقع فتنةٌ إلا من ترك ما أمر الله به، فإنّهُ سُبحانهُ أمر بالحقّ وأمر بالصبر. والفتنةُ إمّا من ترك الحقّ وإمّا من ترك الصبر)) (الاستقامة 1/35)




قال مسعر بن كدام رحمه الله تعالى: ((رحم الله من أهدى إليّ عيوبي في سرّ بيني وبينهُ، فإنّ النّصيحة فب الملأ تقريع)) ذكرهُ ابن عبد البرّ في (بهجة المجالس 1/47)



قال ابن القيّم رحمه الله تعالى: ((فإنّ الشريعة مبناها وأساسها على الحكَم، ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدلٌ كلّها، ومصالحُ كلّها، وحكمة كلّها، فكلّ مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدّها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشّريعة، وإن أُدخلت فيها بالتّأويل)) (إعلام الموقّعين 3/14)



قال ابن أبي جمرة -رحمه الله تعالى- في شرحه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنّه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتةً جاهلية)) رواه البخاري ومسلم، قال رحمه الله: ((المُراد بالمفارقة السّعيُ في حلّ عَقَد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء فكنّى عنها بمقدار شبر، لأنّ الأخذ في ذلك يؤولُ إلى سفك الدّماء بغير حقّ)) (فتح الباري 13/7).




قال الإمام أبو جعفر الطحاوي -رحمه الله تعالى- ((أوَ كلّما قال به أبو حنيفة أقول به ؟! وهل يقلّد إلا عصبيٌّ أو غبي ؟!!)) (لسان الميزان 305/1)

**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/

آثار السلف في قيامـ الليل


قال ابن مسعود رضي الله عنه : فضل صلاة الليل على صلاة النهار كفضل صدقة السر على صدقة العلانية

قال عمرو بن العاص : ركعة بالليل خير من عشر بالنهار ، خرجه ابن أبي الدنيا .

. قال الحسن : كان الرجل يكون عنده زواره فيقوم من الليل يصلي لا يعلم به زواره

كان الرجل ينام مع امرأته على وسادة فيبكي طول ليلته و هي لا تشعر

كان محمد بن واسع يصلي في طريق الحج طول ليله و يأمر حاديه أن يرفع صوته ليشغل الناس عنه

كان بعضهم يقوم من وسط الليل و لا يدري به ، فإذا كان قرب طلوع الفجر رفع صوته بالقرآن يوهم أنه قام تلك الساعة

قال بعضهم : أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس

في المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قيل له : إن فلاناً يصلين الليل فإذا أصبح سرق ؟ فقال : سينهاه ما تقول.

. قالت عائشة رضي الله عنها لرجل : لا تدع قيام الليل فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان لا يدعه ، و كان إذا مرض أو قالت : كسل صلى قاعداً .

و في رواية أخرى عنها قالت : بلغني عن قوم يقولون : إن أدينا الفرائض لم نبال أن لا نزداد ، و لعمري لا يسألهم الله إلا عما افترض عليهم ، و لكنهم قوم يخطئون بالليل و النهار و ما أنتم إلا من نبيكم ، و ما نبيكم إلا منكم ، و الله ما ترك رسول الله صلى الله عليه و سلم قيام الليل و نزعت كل آية فيها قيام الليل

قال بعض السلف : قيام الليل يهون طول القيام يوم القيامة ، و إذا كان أهله يسبقون إلى الجنة بغير حساب فقد استراح أهله من طول الموقف للحساب

في حديث أبي أمامة و بلال المرفوع : عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، و إن قيام الليل قربة إلى الله تعالى ، و تكفير للسيئات ، و منهاة عن الإثم و مطردة للداء عن الجسد ، خرجه الترمذي .

صلى كثير من السلف صلاة الصبح بوضوء العشاء عشرين سنة ، و منهم من صلى كذلك أربعين سنة

قال بعضهم : منذ أربعين سنة ، ما أحزنني إلا طلوع الفجر

قال ثابت : كابدت قيام الليل عشرين سنة و تنعمت به عشرين سنة أخرى .

و يروى أن داود عليه السلام قال : يا رب أي وقت أقوم لك ؟ قال : لا تقم أول الليل و لا آخره ، و لكن قم وسط الليل حتى تخلوا بي و أخلو بك ، و ارفع إلي حوائجك .

كان أبو سليمان يقول : أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ، و لولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا ، وسط الليل للمحبين للخلوة بمناجاة حبيبهم ، و السحر للمذنبين للإستغفار من ذنوبهم ، فوسط الليل خاص لخلوة الخواص ، و السحر عام لرفع قصص الجميع و بروز التواقيع لأهلها بقضاء الحوائج ، فمن عجز عن مسابقة المحبين في ميدان مضمارهم ، فلا يعجز عن مشاركة المذنبين في استغفارهم و اعتذارهم ، صحائف التائبين خدودهم ، و مدادهم دموعهم .

قال بعضهم : إذا بكى الخائفون فقد كاتبوا الله بدموعهم ، رسائل الأسحار تحمل و لا يدري بها الفلك ، و أجوبتها ترد إلى الأسرار و لا يعلم بها الملك .


كان النبي صلى الله عليه و سلم يطرق باب فاطمة و علي و يقول : ألا تصليان ، و في الحديث : إذا استيقظ الرجل و أيقظ أهله فصليا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيراً و الذاكرات .


كانت امرأة حبيب توقظه بالليل و تقول ذهب الليل و بين أيدينا طريق بعيد و زادنا قليل و قوافل الصالحين قد سارت قدامنا و نحن قد بقينا
-------------------------------------------
لطائف المعارف
فيما لمواسم العام من الوظائف
الحافظ ابن رجب


**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/**/

آثار السلف في الزهد

قال علي : من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب .
وقال الثوري : الزهد في الدنيا : قصر الأمل .
وقال الحسن : الزاهد الذي إذا رأى احدا قال هو افضل مني


وقال ابو سليمان : الزهد ترك ما يشغل عن الله .
وقال : كل ما يشغلك عن الله من مال وأهل فهو مشئوم


وقال الحسن : الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن .
وقال ابن الحنفية : من كرمت عليه نفسه لم يكن للدنيا عنده قدر


وقال الثوري : الزهد في الدنيا هو الزهد في الناس .
وقال مالك : بلغني أنه ما زهد أحد في الدنيا واتقى إلا نطق بالحكمة


وقال الفضيل : حرام على قلوبكم ان تصيب حلاوة الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا


وقال أبوداود : كانت مجالس أحمد مجــالس الآخرة لا يذكر يها شيء من أمر الدنيا ، ما


رأيته ذكر الدنيا قط


وقال ابن مسعود لأصحابه : أنتم أكثر صلاة وصوماً ، وجهاداً من أصحاب محمد ، وهــــم


كــــــانوا خيراً منكم ،


قالوا : كيف ذلك ؟ قال : كانوا أزهد منكم في الدنيا وأرغب منكم في الآخرة


المرجع / سير النبلاء - جامع العلوم والحكم