تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: دراسة موسَّعة لحديث ابن مسعود : إنها ركس

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي دراسة موسَّعة لحديث ابن مسعود : إنها ركس

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أولاً: تخريج الحديث وسرد طُرُقِهِ:

    قال البخاري في صحيحه (156): حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق قال: ليس أبو عبيدة ذكره، ولكن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، أنه سمع عبد الله يقول: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: «هذا ركس».

    أخرجه النسائي في الصغرى (1/39) والكبرى (1/73) عن أحمد بن سليمان، والدارقطني في العلل (5/28) من طريق يوسف بن موسى القطان وشعيب بن أيوب، والبيهقي في السنن (1/108) والخلافيات (2/89) من طريق محمد بن الهيثم، أربعتهم -أحمد بن سليمان ويوسف وشعيب وابن الهيثم- عن أبي نعيم به.
    وأبو داود الطيالسي في مسنده (ص37) -وعنه أحمد (1/427) وعمرو بن علي الفلاس كما أخرجه عنه البزار (1646)-،
    وأحمد (1/418) وابن أبي شيبة في مسنده (424) والدارقطني في العلل (5/28) من طريق أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، ثلاثتهم -أحمد وابن أبي شيبة وحفيد يحيى القطان- عن يحيى بن آدم،
    وابن ماجه (314) عن أبي بكر بن خلاد، وأبو يعلى (5127) عن محمد بن أبي بكر المقدمي، والطحاوي (1/122) من طريق مسدد، والإسماعيلي في مستخرجه على البخاري- كما ذكر ابن دقيق العيد في الإمام (2/570)-، والدارقطني في العلل (5/28) من طريق معاذ، أربعتهم -أبو بكر وابن أبي بكر ومسدد ومعاذ- عن يحيى بن سعيد القطان،
    والبزار (1646) من طريق معاذ بن معاذ،
    وابن المنذر في الأوسط (296) والبيهقي في السنن (1/108، 2/413) والخلافيات (2/89) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس،
    وأبو يعلى (5336) من طريق الحسن بن موسى،
    والطبراني في الكبير (9953) من طريق أحمد بن عبد الملك بن واقد، وعمرو بن خالد، وعمرو بن مرزوق،
    والدارقطني في العلل (5/28) من طريق حفص بن عمر الطنافسي، وأبي حماد الحنفي،
    الاثنا عشر راويًا رووه عن زهير بن معاوية بإسناد البخاري المتقدم، إلا أن:
    1- الطيالسيَّ في مسنده أسقط الأسود بن يزيد، فتعقبه أبو بشر يونس بن حبيب راوي المسند، قال: «أظن غير أبي داود يقول عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه»، ورواية أحمد والفلاس عن أبي داود على الصواب، وأبو داود يخطئ أحيانًا، فلعله حدَّث يونس بن حبيب بهذا على الخطأ، وحدَّث أحمدَ والفلاسَ على الصواب.
    2- الحسنَ بن موسى أسقط الأسود بالشك فقال: عن عبد الرحمن أُراه عن عبد الله، وكافة الرواة عن زهير على إثبات الأسود، فليس هذا الشك بمؤثر.

    وأخرجه الطحاوي (1/122) والدارقطني في العلل (5/29) من طريق يزيد بن عطاء،
    والطبراني في الكبير (9954) من طريق يحيى الحماني، وأخرجه الدارقطني في العلل (5/37) من طريق منجاب بن الحارث، كلاهما- يحيى ومنجاب- عن شريك به،
    والطبراني في الكبير (9955) والدارقطني في العلل (5/36) من طريق سهل بن عثمان، وفيه (5/36) من طريق يحيى بن محمد بن يحيى الشهيد، ومن طريق محمد بن عثمان، كلاهما- يحيى ومحمد- عن منجاب، وكلاهما- سهل ومنجاب- عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة،
    والطبراني في الكبير (9956) عن مطين، والدارقطني في العلل (5/35) عن محمد بن القاسم بن زكريا، كلاهما- مطين ومحمد بن القاسم- عن أبي كريب عن عبد الرحيم بن سليمان،
    والدارقطني في العلل (5/34) من طريق الفضل بن موسى، وفي (5/35) من طريق إسحاق الأزرق، وإسماعيل بن أبان الغنوي، وفي (5/37) من طريق سلمة بن رجاء،
    ستتهم -يحيى بن زكريا وعبد الرحيم والفضل وإسحاق وإسماعيل وسلمة- عن زكريا بن أبي زائدة،
    والدارقطني في العلل (5/36، 37) من طريق علي بن صالح، ويوسف بن أبي إسحاق- وعلق رواية يوسف البخاري في صحيحه (156)-، ومالك بن مغول، وحديج بن معاوية،
    وذكر الدارقطني في العلل (5/23) والتتبع (ص227) رواية أبي مريم،
    ثمانيتهم -يزيد بن عطاء وشريك وزكريا وعلي ويوسف ومالك وحديج وأبو مريم- عن أبي إسحاق به.
    إلا أنه:
    1- في رواية الطحاوي من طريق يزيد بن عطاء أُسقط عبد الرحمن بن الأسود، وقرن يزيدُ بن عطاء علقمة بالأسود في الروايتين كليهما عنه.
    2- وفي رواية منجاب عن شريك أسقط عبد الرحمن بن الأسود أيضًا.
    3- في رواية يحيى بن محمد عن منجاب عن يحيى بن زكريا أسقط الأسود بن يزيد، وفي رواية محمد بن عثمان عن منجاب أسقط عبد الرحمن بن الأسود.
    4- في رواية محمد بن القاسم بن زكريا عن أبي كريب عن عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا، ورواية الفضل بن موسى عن زكريا = أسقط الأسود بن يزيد.
    5- أبدل عبد الرحيم بن سليمان والفضل بن موسى وإسحاق الأزرق وإسماعيل بن أبان = عبد الرحمن بن الأسود بعبد الرحمن بن يزيد، فجعلوا عبد الرحمن بن يزيد يروي عن أخيه الأسود.
    6- في رواية سلمة بن رجاء عن زكريا بن أبي زائدة أسقط عبد الرحمن بن الأسود.
    7- أسقط علي بن صالح ويوسف بن أبي إسحاق -في رواية الدارقطني في العلل من طريقه- ومالك بن مغول وحديج بن معاوية = أسقطوا عبد الرحمن بن الأسود.

    وأخرجه أحمد (1/426) عن ابن فضيل، وابن أبي شيبة في مصنفه (1650) ومسنده (421) -ومن طريقه أبو يعلى (4978) والبيهقي (1/108)- والدارقطني في العلل (5/19) من طريق عبد الرحيم بن سليمان، وأبو يعلى (5184) والبزار (1645) من طريق جرير بن عبد الحميد، وأبو يعلى (5275) وابن المنذر في الأوسط (318) والطبراني في الكبير (9958) والدارقطني في العلل (5/20) من طريق زائدة، والطبراني (9959) من طريق أبي الأشهب جعفر بن الحارث، والدارقطني في العلل (5/20) من طريق زهير، وذكر الدارقطني فيه (5/19) رواية عبد الوارث، سبعتهم -ابن فضيل وعبد الرحيم وجرير وزائدة وأبو الأشهب وزهير وعبد الوارث- عن ليث بن أبي سليم،

    وأخرجه البزار (1611) وابن خزيمة (70) (1) والطبراني (9960) في الكبير عن محمد بن عبد الله الحضرمي مطين، ثلاثتهم عن عبد الله بن سعيد الأشج عن زياد بن الحسن بن فرات عن أبيه عن جده، وهو فرات بن أبي عبد الرحمن،

    وأخرجه الدارقطني في العلل (5/20) من طريق محمد بن خالد الضبي، و (5/21) من طريق جابر الجعفي،

    أربعتهم -ليث وفرات ومحمد بن خالد وجابر- عن عبد الرحمن بن الأسود به.
    إلا أنه:
    1- قد جاءت زيادةُ راوٍ في رواية زهير عن ليث بن أبي سليم، فقد قال فيها عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وعبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود.
    2- في رواية أبي يعلى من طريق زائدة جُعل ليث يروي عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود.
    3- قد جاء لفظ ليث بهذا اللفظ ونحوه: ( انطلق النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته، فقال: «ائتني بشيء أستنجي منه، ولا تقربني حائلاً ولا رجيعًا»، ففعلت، فتوضأ، وصلى ).
    4- قد اختُلف في رواية فرات، فرواه البزار عن عبد الله بن سعيد الأشج به كإسناد البخاري الأول المتقدم ( عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود )، وخالفه ابن خزيمة ومطين، فروياه عن عبد الله بن سعيد الأشج عن زياد بن الحسن عن أبيه عن جده عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن ابن مسعود، فجعلا شيخَ عبدِ الرحمن بن الأسود علقمةَ لا الأسود أباه، وابنُ خزيمة ومطين أحفظ من البزار وأضبط، وقد ذكروا عن البزار خفة في الضبط، فروايتهما أرجح.

    وأخرجه أحمد (1/388)، وابن أبي شيبة (1643، 36311)، والترمذي (17) عن هناد وقتيبة، والدارقطني في العلل (5/33) من طريق يوسف بن موسى، خمستهم -أحمد وابن أبي شيبة وهناد وقتيبة ويوسف- عن وكيع،
    وأحمد (1/465) عن حسين بن محمد،
    والشاشي (921) والدارقطني في العلل (5/33) من طريق عبيد الله بن موسى،
    والطبراني في الكبير (9952) من طريق عبد الله بن رجاء،
    والدارقطني في العلل (5/33) من طريق عيسى بن جعفر، وأبي أحمد الزبيري،
    وفيه (5/37) من طريق سلمة بن رجاء،
    والبيهقي في الخلافيات (2/93) من طريق أحمد بن خالد الوهبي،
    ثمانيتهم -وكيع وحسين وعبيد الله وابن رجاء وعيسى وأبو أحمد وسلمة والوهبي- عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق،
    والدارقطني في العلل (5/38) من طريق الثوري،
    وفيه (5/38) والخطيب في تاريخ بغداد (2/398) من طريق الحسن بن قتيبة، والدارقطني في العلل (5/38) من طريق محمد بن الحسن، وفيه (5/37) من طريق هارون بن عمران،
    ثلاثتهم -الحسن ومحمد وهارون- عن يونس بن أبي إسحاق،
    وذكر الترمذي (17) رواية قيس بن الربيع،
    أربعتهم -إسرائيل والثوري ويونس وقيس- عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه.
    إلا أن الحسن بن قتيبة عن يونس قرن أبا الأحوص بأبي عبيدة عن ابن مسعود، وأدرج الحديث في حديث ليلة الجن، وقد أفرد هارونُ بن عمران أبا الأحوص لم يذكر أبا عبيدة عن يونس.

    وأخرجه أحمد (1/450) والبزار (1606) وابن المنذر في الأوسط (312) والطبراني في الكبير (9951) والدارقطني في السنن (1/55) والعلل (5/29، 30) والبيهقي في السنن (1/103) والخلافيات (2/99)، كلهم من طريق عبد الرزاق عن معمر،
    والدارقطني في السنن (1/55) والعلل (5/31) عن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن بهلول عن جده عن أبيه عن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان، وفي (5/29) عن يوسف عن جده عن أبيه عن ورقاء بن عمر،
    وفي (5/29) من طريق عمار بن رزيق،
    وفي (5/30) من طريق سليمان بن قرم،
    وفي (5/31) من طريق إبراهيم بن ميمون الصائغ، وعبد الكبير بن دينار،
    وفي (5/31، 32) وعلي بن عمر الحربي في الجزء الثاني من حديثه من رواية أبي الحسين بن النقور عنه (ق4أ) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (43/560) - من طريق محمد بن جابر،
    والدارقطني في العلل (5/32) والأفراد (3751- أطرافه) من طريق شعبة،
    وفي العلل (5/32) من طريق شريك، وروح بن مسافر،
    وفيه (5/32) -ومن طريقه السمعاني في الأنساب (2/175)- من طريق صباح المزني،
    وذكر الدارقطني في العلل (5/25) والتتبع (ص230) رواية عباد بن ثابت القطواني وخالد العبدي عن إسرائيل،
    وسبقت رواية يزيد بن عطاء عن أبي إسحاق، التي قرن فيها الأسودَ بعلقمة،
    الأربعة عشر راويًا عن أبي إسحاق عن علقمة بن قيس عن ابن مسعود به.

    وأخرجه الطبراني في الأوسط (5637) والكبير (9957) والدارقطني في العلل (5/38) عن جعفر بن محمد بن نصير، كلاهما- الطبراني وجعفر- عن محمد بن عبد الله الحضرمي مطين،
    وأخرجه العقيلي في الضعفاء (2/214) عن علي بن الحسين بن الجنيد الرازي، كلاهما- مطين وعلي بن الحسين- عن سهل بن زنجلة عن الصباح بن محارب عن أبي سنان عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم عن ابن مسعود.
    إلا أن جعفر بن محمد بن نصير الراوي عن مطين جعل أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود مكان هبيرة بن يريم.

    وأخرجه الدارقطني في العلل (5/34) من طريق إسرائيل وسفيان بن عيينة، كلاهما عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود.

    __________________________
    (1) وقع في المطبوع : حدثنا أبو عبد الله بن سعيد الأشج ، وهو خطأ صوابه : عبد الله بن سعيد الأشج ، جاء على الصواب في إتحاف المهرة :
    10/350 ، وكان الشيخ عبد العزيز العثيم - رحمه الله - قد نبه عليه في النقط لما وقع في أسانيد صحيح ابن خزيمة من التصحيف والسقط ، ص13 .


    يتبع - إن شاء الله - .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,642

    افتراضي



    أحسنتم بارك الله فيكم

    ولي ملحوظتان شكليتان:
    الأولى/ لم ألحظ منهجاً مطَّرداً في ترتيب مصادر التخريج عند ذكر المتابعات، ومعلومٌ أنَّ ثمة طريقتان مشهورتان، وهما:
    1/ ترتيب مصادر التخريج بحسب التسلسل الزمني
    2/ ترتيبها بحسب أنواع الكتب المصنفة، فيُبدأ بالكتب الستة ثم الصحاح -سوى الصحيحين- ثم السنن ثم المسانيد ثم المعاجم ثم الآثار وهكذا

    فعند ذكر المتابعات يُفضَّل مراعاة هذا الترتيب، فيُبدأ بالمتابعة التي رواها ابن ماجه على المتابعة التي رواها
    أحمد في المسند، وهذا لمن سلك مسلك الترتيب بحسب نوع التصنيف

    الملحوظة الثانية/ سياق المتابعات والاختلافات يحتاج إلى نوع من الترتيب، فالعلومات التي أوردتها مهمة ودقيقة، ولكن تحتاج إلى شيءٍ من الترتيب عند عرضها

    بحيث يُقال عند المتابعات -مثلاً-:
    وتابع فلاناً على هذا الوجه:
    1...
    2...

    وهكذا، وتخرَّج كلُّ متابعة تخريجاً علمياً مرتباً بحسب الترتيب الذي يرتضيه الباحث

    هاتان ملحوظتان شكليتان، وإلا فالبحث يسرُّ الخاطر، وفقك الله ونفع بعلمك




  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي

    شيخنا أبا محمد ..
    أحسن الله إليك ، أما الأمر الأول فواقع ، واستدركته فيما تلاه من البحوث . وأذكر أن الشيخ ماهر الفحل كان يرى أن طريقة الترتيب بحسب التاريخ هي الأولى والأصوب ؛ ولهذا قوته ووجهه .
    وأما الثاني ، فكان نظامي أن أنظم الرواة الأدنين جميعًا ثم أقول : كلهم عن فلان ، ثم أضم متابعي هذا الشيخ إليه وأقول : كلهم عن فلان ، وهكذا حتى أصل إلى المدار ، أو إلى الصحابي .



    ثانيًا : دراسة أسانيد الحديث :

    # دراسة أسانيد طريق زهير بن معاوية ومتابعاته عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود، ومتابعات أبي إسحاق على هذا الوجه:

    1- في رواية شعيب بن أيوب عن أبي نعيم وحفص بن عمر الطنافسي = لم أجد ترجمة للراوي عن شعيب: أحمد بن محمد بن سعدان الصيدلاني الواسطي، وهو شيخٌ للدارقطني، وقد أكثر الدارقطني عنه، خاصةً روايته عن شعيب بن أيوب، فلعلها مستقيمة، وقد قال الدارقطني في السنن (3/239): ( أخبرنا أحمد بن محمد بن سعدان الصيدلاني بواسط من أصله )، والتحديث من الأصل أضبط، واختيار الدارقطني هذا الراوي راويةً له عن شعيب بن أيوب وأخذه من أصله دليل على أنه مقبول الرواية.

    2- قد روى الحسين بن إسماعيل المحاملي ويعقوب بن إبراهيم عن أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان الحديث على ثلاثة أوجه:
    - مرةً عن يحيى بن آدم عن زهير،
    - ومرةً عن يحيى بن آدم عن أبي حماد الحنفي مفضل بن صدقة،
    - ومرةً عن يحيى بن آدم عن عمار بن رزيق عن أبي إسحاق السبيعي عن علقمة عن ابن مسعود،
    والصحيح من ذلك الأول، لموافقته حديث أحمد وابن أبي شيبة عن يحيى بن آدم، والوجهان الآخران خطأ من حفيد القطان هذا، فإنه صدوق، ولا يحتمل منه تعدد الأسانيد هكذا.

    فرواية أبي حماد الحنفي إذن لا تصح عن زهير، وحتى لو صحت، فحماد ضعيف، قال فيه ابن معين: «ليس بشيء»، وقال أبو حاتم الرازي: «ليس بقوي، يكتب حديثه»، وقال أبو زرعة الرازي: «ضعيف الحديث»، وقال النسائي: «متروك الحديث». (تاريخ ابن معين رواية الدوري: رقم 2700، الجرح والتعديل: 8/315، الضعفاء والمتروكين للنسائي: رقم 669).

    3- ظهر من التخريج أنه قد تابع زهيرًا على هذا الوجه:
    أ- يزيد بن عطاء، واختُلف عنه:
    فرواه إبراهيم بن أبي داود البرلسي عن زهير بن عباد عنه عن أبي إسحاق عن الأسود وعلقمة به، بإسقاط عبد الرحمن بن الأسود،
    ورواه أحمد بن حماد بن مسلم عن زهير بن عباد عنه عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود به، فأدخل عبد الرحمن بن الأسود،
    وتابع زهيرًا على الوجه الثاني: عثمان بن سعيد المري، رواه عن يزيد بن عطاء عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن به.
    وفي الجميع قرن يزيد بن عطاء علقمة بالأسود، فجعل لعبد الرحمن بن الأسود شيخين.
    ويزيد بن عطاء ليّن الحديث، ضعَّفه الأكثر (تهذيب الكمال: 32/211-213)، وزهير بن عباد الراوي عنه ثقة حافظ (تهذيب التهذيب: 3/297)، وإلقاء تبعة الاضطراب على يزيد بن عطاء على ما فيه أولى من إلقائها على زهير بن عباد الثقة، خاصةً أن يزيد قد زاد علقمةَ في الإسناد، ولا يقرن أحدٌ علقمة والأسود جميعًا إلا هو، فروايته لهذا الحديث ضعيفة على ضعفِهِ.

    ب- شريك، واختُلف عنه:
    فرواه يحيى الحماني عنه عن أبي إسحاق به،
    ورواه منجاب بن الحارث عنه عن أبي إسحاق عن الأسود، بإسقاط عبد الرحمن بن الأسود،
    وجاءت رواية عن شريك من طريق إسحاق الأزرق عنه عن أبي إسحاق عن علقمة عن ابن مسعود، وهذه الرواية الأخيرة لا تصح، إذ قد اختُلف على إسحاق الأزرق:
    - فرواه عبد الحميد بن بيان عنه على هذا الوجه،
    - ورواه علي بن إشكاب وجعفر بن النضر الواسطي عنه عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن الأسود عن ابن مسعود.
    وعبد الحميد بن بيان ذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه مسلمة بن القاسم (تهذيب التهذيب: 6/100)، فهو صدوق أو ثقة، وهو واسطي كإسحاق، إلا أنه قد خالف اثنين:
    - علي بن إشكاب، وقد وثقه النسائي وقال فيه أبو حاتم - على تشدده -: «صدوق»، وقال ابنه عبد الرحمن: «صدوق ثقة»، ووثقه مسلمة بن القاسم (تهذيب التهذيب: 7/266)،
    - وجعفر بن النضر، وقد قال فيه أبو حاتم - على تشدده -: «صدوق»، وقال ابنه عبد الرحمن فيه مثل ذلك (الجرح والتعديل: 2/492)، وهو واسطي أيضًا كإسحاق، فانضم في هذا قرائن لترجيح الوجه الثاني: العدد؛ فهما اثنان اتفقا مقابل واحد، والحفظ؛ فهما أحفظ من عبد الحميد، واتفاق البلد.
    فالرواية عن شريك عن أبي إسحاق على هذا الوجه خطأ.

    وبقيت روايتا يحيى الحماني ومنجاب بن الحارث عن شريك،

    وقد جاء الحديث عن منجاب على ثلاثة أوجه:
    - أحدها: عن شريك عن أبي إسحاق بهذا الوجه، بإسقاط عبد الرحمن بن الأسود،
    - والثاني: عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن عبد الرحمن بن الأسود عن ابن مسعود بإسقاط الأسود،
    - والثالث: عن يحيى عن أبيه عن أبي إسحاق به بإسقاط عبد الرحمن بن الأسود.
    ومنجاب ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه بعض كبار الأئمة، إلا أن تعدد الروايات عنه هكذا مما لا يحتمل منه، وكأن هذا اضطراب منه في هذا الحديث، والخلاف في هذا الحديث دقيق، لا يضبطه إلا حافظ ذو ضبط.

    وأما يحيى الحماني، فاختلف عنه:
    فقال الحسين بن إسحاق التستري عنه عن شريك عن أبي إسحاق بهذا الوجه،
    وقال إبراهيم الحربي ومحمد بن عبد الله الحضرمي مطين عنه عن حديج بن معاوية عن أبي إسحاق عن الأسود عن ابن مسعود بإسقاط عبد الرحمن بن الأسود.
    والحسين بن إسحاق التستري ثقة (تاريخ الإسلام: وفيات 281-290، ص157)، إلا أن إبراهيم الحربي ومطينًا حافظان ثبتان، وروايتهما عن الحماني أرجح. وقد يقال: إن الرواية عن الحماني عن شريك تعتضد بحالِهِ معَهُ، فإن للحماني اختصاصًا بشريك، وذُكر أنه كان مستمليَهُ، وقال أبو حاتم الرازي: «لم أرَ أحدًا من المحدثين ممن يحفظ يأتي بالحديث على لفظ واحد سوى يحيى الحماني في شريك...»، وقال علي بن حكيم: «ما رأيت أحدًا أحفظ لحديث شريك منه» (الجرح والتعديل: 9/169، تهذيب التهذيب: 11/217)، فالحماني حافظٌ لحديث شريك، ولا يستغرب منه روايته لحديثٍ عنه مع روايته عن غيره. وروايته عن شريك إن لم تكن حسنة، فهي في حيز الضعيف الذي يكتب للاعتبار ؛ لما سبق، ولعل كون رواية شريك هنا متابعة لزهير وغيره = يقوّي روايته ورواية الحماني عنه، ويرفعها إلى حيّز القبول، والله أعلم.

    ج- زكريا بن أبي زائدة، ورواه عنه جماعة:
    أحدهم: ابنه يحيى، واختُلف عنه:
    فرواه منجاب بن الحارث عنه على وجهين مختلفين سبق قريبًا ذكرهما وبيان اضطراب منجاب في هذا الحديث، وقد خالفه في الرواية عن يحيى بن زكريا: سهلُ بن عثمان، رواه عن يحيى عن أبيه عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود، وسهل أحد الحفاظ، وهو أوثق من منجاب، فروايته عن يحيى بن زكريا هي المعتمدة.

    الثاني - عن زكريا بن أبي زائدة -: عبد الرحيم بن سليمان، وعنه أبو كريب، واختلف عنه:
    فرواه محمد بن القاسم بن زكريا عنه عن عبد الرحيم عن زكريا به بإسقاط الأسود،
    ورواه مطين عنه عن عبد الرحيم عن زكريا به بذكر الأسود،
    ومطين أحفظ من محمد بن القاسم، بل هو حافظ مشهور، وقد تُكُلِّم في محمد بن القاسم بن زكريا هذا (لسان الميزان: 5/347).

    الثالث: الفضل بن موسى، وقد رواه عن زكريا به فأسقط الأسود بن يزيد، والفضل وإن كان ثقة ثبتًا، إلا أنه ربما أغرب (تقريب التهذيب: رقم 5419)، قال عبد الله بن علي بن المديني: «روى مناكير» (تهذيب التهذيب: 8/275)، ولعل هذا منها، فإن رواية يحيى بن زكريا وهو من كبار الثقات، وابن المروي عنه ( زكريا بن أبي زائدة ) = على إثبات الأسود بن يزيد في الإسناد وعدم إسقاطه، وتابع يحيى على ذلك عبد الرحيم بن سليمان وإسحاق الأزرق.

    الرابع: إسحاق الأزرق، وسبق أن هذا الوجه هو الراجح عنه.

    الخامس: إسماعيل بن أبان الغنوي، وهو متروك، وقد رمي بالوضع (تهذيب التهذيب: 1/237).

    السادس: سلمة بن رجاء، رواه عنه عن أبي إسحاق عن الأسود، بإسقاط عبد الرحمن بن الأسود. وسلمة ضعفه بعض العلماء، وقوى روايته بعضهم، وقال فيه ابن عدي: «أحاديثه أفراد وغرائب، ويحدث عن قوم بأحاديث لا يتابع عليها» (الكامل: 3/331، تهذيب التهذيب: 4/127)، ولعل هذه الرواية من غرائبه، ودليل ذلك أنه خالف يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ويحيى ثقة متقن حافظ، ويُقدّم في الرواية عن أبيه على غيره، كما أن سلمة قرن رواية زكريا هذه برواية إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن ابن مسعود، وسلمة ليس بذاك الحافظ الذي يُقبل قرنه بين الحفاظ متفردًا عنهم بأسانيد مختلفة.

    هذا ؛ وقد جعل عبد الرحيم بن سليمان والفضل بن موسى - وكأنه لم يضبط هذا جيدًا فإنه قد أخطأ في إسقاطه الأسود - وإسحاق الأزرق وإسماعيل بن أبان - ولا يُعتد برواية الأخير - = جعلوا شيخَ أبي إسحاق في هذه الرواية: عبدَ الرحمن بن يزيد، مكان عبد الرحمن بن الأسود، ولعل رواية يحيى بن زكريا مقدمة على رواياتهم عن أبيه زكريا بن أبي زائدة، فإنه ثقة ثبت حافظ، وله درجة كبرى في التثبت والضبط، أعلى من جميع هؤلاء، وقد روى عن أبيه، وابن الرجل أعلم الناس بأبيه، ثم إن هذا ما رواه زهير بن معاوية وشريك ويوسف بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق، فقالوا: عبد الرحمن بن الأسود، وهذا دليل على خطإ جعله ابن يزيد. وربما كان قول هؤلاء الرواة: عبد الرحمن بن يزيد من نسبة عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد إلى جده، لكن كأن في هذا بُعدًا، والله أعلم.

    فالراجح إذن عن زكريا بن أبي زائدة متابعته لزهير عن أبي إسحاق على الوجه الذي أخرج البخاري الحديث عليه.

    د- علي بن صالح، رواه عن أبي إسحاق عن الأسود بإسقاط عبد الرحمن بن الأسود، وفي الإسناد إلى علي بن صالح: وصيف بن عبد الله، وصفه الدارقطني بالحافظ، ولم أجد فيه كلامًا للأئمة، وشيخه أحمد بن الفرج أبو عتبة الحمصي، وثقه بعض العلماء، وحسن أمره بعضهم، وضعّفه بلديُّهُ محمد بن عوف - بل كذبه -، وضعفه ابن جوصا الدمشقي (تهذيب التهذيب: 1/59)، وشيخه في هذا الإسناد سلمة بن عبد الملك العوصي، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: «ربما أخطأ» (الثقات: 8/286).
    وهذا الإسناد لا يرقى إلى مقابلة أسانيد زهير وزكريا بن أبي زائدة مع وجود المخالفة فيه، فلعل فيه خطأً من بعض الرواة، خصوصًا مع هذا التفرد في الطبقات المتأخرة، والغالب على تفرد الطبقات المتأخرة الخطأ.

    هـ- مالك بن مغول ويوسف بن أبي إسحاق، وعنهما أبو جنادة، ولم أتبينه، إلا إن كان حصين بن مخارق الذي اتهمه الدارقطني بالوضع، وحتى لو لم يكن هو ذلك الكذاب، فإنه قد اضطرب في هذا الحديث، فجاء عنه عن مالك ويوسف عن أبي إسحاق بهذا الإسناد، وعنه عن محمد بن خالد الضبي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود، ولا يُقبل تعدد الأسانيد من مثل هذا، خاصةً أنه قرن هنا بين مالك بن مغول ويوسف بن أبي إسحاق، وهما ثقتان حافظان، وقد خَطَّأ الأئمة بعض الثقات الكبار إذا قرنوا الرواة في الأسانيد، فكيف بأبي جنادة هذا، وكيف وقد تفرد عن هذين الثقتين الحافظين بهذا الإسناد ؟!
    إلا أن البخاري قد علق الحديث عن إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه يوسف عن أبي إسحاق به كرواية زهير - ولم أجد هذه الرواية موصولة، ولم يصلها ابن حجر في التغليق -، وإبراهيم فيه لين، ويكتب حديثه في المتابعات (انظر: تهذيب التهذيب: 1/160)، وليست في هذه الرواية مخالفة بإسقاط عبد الرحمن بن الأسود، والله أعلم.

    و- حديج بن معاوية، والراوي عنه يحيى الحماني، ويحيى فيه كلام كثير، وقبل بعض العلماء روايته عن شريك خاصة، لاختصاصه به، ففي روايته عن غيره نظر مع تضعيف الأكثر له. وحتى لو صح هذا الوجه عن حديج، فحديج فيه كلام، وأخوه زهير أقوى منه، بل كان زهير لا يرضى حديجًا - كما نقل أبو داود السجستاني (سؤالات أبي عبيد الآجري: 1/180)، وهذا من لطائف هذا العلم -، وعليه ؛ فروايته المخالِفةُ هذه ( بإسقاط عبد الرحمن بن الأسود ) لا تصح.

    ز- أبو مريم، وهذه الرواية علّقها الدارقطني في علله وتتبعه، ولم أجدها مسندةً، وحتى لو صحت، فأبو مريم عبد الغفار بن القاسم رافضي متروك متهم بالوضع (لسان الميزان: 4/42).

    فظهر من كل هذا أن الصحيح عن أبي إسحاق من هذا الوجه: روايةُ زهير بن معاوية وشريك وزكريا بن أبي زائدة عنه عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود.

    4- ظهر من التخريج أنه قد تابع أبا إسحاق على هذا الوجه:
    أ- ليث بن أبي سليم، ورواه عنه جماعة ثقات، إلا أبا الأشهب جعفر بن الحارث، ففيه كلام.
    وفي الرواة عن ليث: زائدة، واختُلف عنه:
    فرواه عبد الله بن عمر عن الحسين بن علي الجعفي عن زائدة عن ليث عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن ابن مسعود،
    ورواه شعيب بن أيوب عن الحسين عن زائدة عن ليث عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود،
    ورواه يحيى بن أبي بكير ومعاوية بن عمرو عن زائدة عن ليث عن عبد الرحمن بن الأسود به،
    والراجح من الوجهين الأولين: الثاني منهما، لأن رواية شعيب عن الحسين جاءت موافقة لما رواه أصحاب زائدة الثقات عن زائدة، فدل على أنها أصح.

    وفي الرواة عن ليث كذلك: زهير، وعنه أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، وقد خالف أبو غسان في ذلك اثنا عشر راويًا فيهم أئمة كبار رووه عن زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود، فهذه الرواية خطأ، إضافةً إلى ما فيها من زيادة راوٍ، إذ قد قال في هذه الرواية: عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وعبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود.

    ب- فرات بن أبي عبد الرحمن، وروايته فيها حفيده زياد بن الحسن بن فرات، قال فيه أبو حاتم: «منكر الحديث»، وقال الدارقطني: «لا بأس به، ولا يحتج به» (الجرح والتعديل: 3/529، تهذيب التهذيب: 3/313)، ولعل الدارقطني يعني أنه عدلٌ ولا يحتج به في الرواية لحال ضبطه، فهذه الرواية ضعيفة، خاصةً مع مخالفتها لبقية الروايات التي جعلت شيخ عبد الرحمن بن الأسود أباه لا علقمة - كما جاء في هذه الرواية الضعيفة -.

    ج- محمد بن خالد الضبي: وعنه أبو جنادة، وسبق قريبًا بيان اضطرابه وضعف روايته، فلا تصح الرواية عن محمد بن خالد.

    د- جابر الجعفي: وهو الضعيف مشهور الضعف، الرافضي المتروك، لا يُفرح بمتابعته، بل لم تصح عنه، ففي إسنادها محمد بن حميد الرازي، ضعفه أكثر الأئمة.

    ومن ذلك نخلص أن الصحيح في هذا الوجه رواية زهير بن معاوية وشريك بن عبد الله وزكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق، ورواية ليث بن أبي سليم، كلاهما - أبو إسحاق وليث - عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.


    يتبع - إن شاء الله - ..

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي

    وفي الإسناد إلى علي بن صالح: وصيف بن عبد الله، وصفه الدارقطني بالحافظ، ولم أجد فيه كلامًا للأئمة
    له ترجمة في سير أعلام النبلاء (14/496 ، 497) ، ووصفه الذهبي بالحافظ الإمام الثقة ، لكن العلة في ذلك السند باقية بشيخه وشيخ شيخه .


    # دراسة أسانيد طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ومتابعاته عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه:

    1- رواه عن إسرائيل بهذا الإسناد جماعة ثقات وصدوقون، وفيهم سلمة بن رجاء، سبق بيان أن فيه كلامًا، وأنه ذو إغراب، وأنه قرن روايتين عن زكريا بن أبي زائدة وإسرائيل متفردًا عنهما مع عدم احتمال ذلك منه، إلا أن روايته هذه تمشّى لموافقته فيها الرواة المتكاثرين.

    وقد خالفهم عباد بن ثابت القطواني وخالد العبدي، روياه - فيما ذكر الدارقطني معلَّقًا - عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن علقمة عن ابن مسعود، وعباد بن ثابت لم أجد له ترجمة، وخالد العبدي لم أتبينه، إلا إن كان ابن عبد الرحمن، أبا الهيثم العطار الكوفي، وهو مجهول، لكن الدارقطني ذكر أن أبا الهيثم هذا لم يروِ إلا حديثًا باطلاً عن سماك (انظر: تهذيب التهذيب: 3/90)، فالله أعلم. وحتى لو كان الراويان عن إسرائيل على هذا الوجه ثقتين، فروايتهما خطأ بلا إشكال، لمخالفتهما جماعة فيهم وكيع وحسين بن محمد وغيرهما من الثقات الأثبات الذين رووه عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه.

    2- متابعة سفيان إسرائيلَ جاءت من رواية زيد بن أخزم عن أبي أحمد الزبيري عن سفيان عن أبي إسحاق به، وهذا وجهٌ عن أبي أحمد،
    والوجه الآخر عنه: رواه أحمد بن سنان القطان عنه عن إسرائيل عن أبي إسحاق به،
    ووجهٌ ثالث: رواه محمد بن عبد الملك بن زنجويه عنه عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود.
    وزيد بن أخزم معدود في الثقات، ومثله ابن زنجويه، إلا أن مسلمة بن القاسم قال في ابن زنجويه: «ثقة كثير الخطأ» (تهذيب التهذيب: 9/280) وقد جاء الحديث عن ابن زنجويه على هذا الوجه وعن عبد الرزاق عن معمر، وهذا يبيّن أنه لم يضبط الحديث ضبطًا جيدًا، وأحمد بن سنان أوثق منهما وأحفظ، قال فيه ابن أبي حاتم: «إمام أهل زمانه»، وقال الدارقطني: «كان من الثقات الأثبات» (تهذيب التهذيب: 1/30)، فروايته أرجح من الروايتين الأخريين.

    3- متابعة يونس بن أبي إسحاق جاءت من ثلاث طرق:
    إحداها: من طريق محمد بن عيسى المدائني عن الحسن بن قتيبة عن يونس، وقد أسند الخطيب بعقبها عن الدارقطني قوله: «الحسن بن قتيبة ومحمد بن عيسى ضعيفان» (تاريخ بغداد: 2/399)، وقد قرن الحسن بن قتيبة هنا أبا عبيدة بأبي الأحوص.

    والثانية: من طريق رجاء بن سعيد عن محمد بن الحسن - لعله الشيباني صاحب أبي حنيفة - عن يونس، ولم أجد ترجمة لرجاء بن سعيد، وهو البزاز، ولم أجد راويًا عنه غير موسى بن علي بن موسى الختلي أبو عيسى، وثقه الخطيب. (تاريخ بغداد: 13/54)، وهذه الرواية من طريق أبي إسحاق عن أبي عبيدة وحده - كرواية إسرائيل -.

    والثالثة: من طريق هارون بن عمران عن يونس، وقد أفرد أبا الأحوص عن ابن مسعود، لم يذكر أبا عبيدة، وهارون بن عمران ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وسكت عليه، وذكره ابن حبان في ثقاته (الجرح والتعديل: 9/93، الثقات: 9/238)، ولم أجد راويًا عنه غير علي بن حرب الموصلي، وهو من الثقات (تهذيب التهذيب: 7/260)، وهذه الرواية من طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص وحده عن ابن مسعود.

    وكما يظهر، فإن أحد الرواة عن يونس رواه عنه عن أبيه أبي إسحاق عن أبي عبيدة وحده، والآخر عنه عن أبيه عن أبي عبيدة وأبي الأحوص، والثالث عنه عن أبيه عن أبي الأحوص وحده، قال الدارقطني: «واختُلف عن يونس بن أبي إسحاق في روايته لهذا الحديث عن أبيه، فقال هارون بن عمران عن يونس عن أبيه عن أبي عبيدة عن عبد الله، وقال الحسن بن قتيبة عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي عبيدة وأبي الأحوص عن عبد الله، فأشبه أن يكون القولان عن يونس بن أبي إسحاق صحيحين» (العلل: 5/27)، ولعل الدارقطني نظر إلى توافق اثنين من الرواة - وفي رواياتهم لين - على ذكر أبي عبيدة، واثنين على ذكر أبي الأحوص، وكلهم يروونه عن يونس، فقوى رواياتهم ببعضها، وصحح الوجهين عن يونس، فيكون يونس إذن متابعًا لابنه إسرائيل عن أبي إسحاق في روايته عن أبي عبيدة عن ابن مسعود .
    إلا أنه يبقى النظر في إدخاله أبا الأحوص متابعًا لأبي عبيدة، فإن إسرائيل لم يدخله عن أبي إسحاق، وهو أوثق فيه، فلعلَّ إدخالَهُ خطأ.

    4- ذكر الترمذي متابعة قيس بن الربيع لإسرائيل عن أبي إسحاق على هذا الوجه، ولم أجدها مسندةً، فالله أعلم.

    فخلاصة هذا الوجه: رواية إسرائيل بن يونس وأبيه وقيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عنه أبيه.


    يتبع - إن شاء الله - ..

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي

    # دراسة أسانيد طريق معمر ومتابعاته عن أبي إسحاق عن علقمة بن قيس عن ابن مسعود:
    1- رواية البهلول بن حسان جاءت عن ورقاء بن عمر وعن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان، وهذا غريب، وكأن هذه نسخة كانت عند الدارقطني عن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن بهلول، وفيها هاتان الروايتان، فنقلهما عنها، ولا يُعرف سماع البهلول منهما، ولم أجد في الكلام عليه إلا قول حفيده البهلول بن إسحاق بن البهلول: «كان جدي البهلول بن حسان قد طلب الأخبار واللغة والشعر وأيام الناس وعلوم العرب، فعلم من ذلك شيئًا كثيرًا، وروى منه رواية واسعة، ثم طلب الحديث والفقه والتفسير والسير، وأكثر من ذلك، ثم تزهد إلى أن مات بالأنبار» (تاريخ بغداد: 7/108)، وليس في هذا توثيق للبهلول، فسعة الرواية أو الإكثار فيها لا يدل على الثقة والضبط، ومن هذه حالُهُ لا يحتمل منه تعدد الأسانيد وقرن راويين معًا.

    2- رواية عمار بن رزيق جاءت من طريق أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد عن يحيى بن آدم عن عمار، وقد سبق أنه قد روي الحديث عن حفيد يحيى القطان هذا على ثلاثة أوجه، صحَّ منها أحدُها، وليس هو هذا، فإنه لا يصح.

    3- رواية سليمان بن قرم جاءت من طريق محمد بن سعد العوفي عن أبيه عنه، وفي محمد بن سعد هذا كلام (انظر: لسان الميزان: 5/174)، وفي أبيه أيضًا كلام (انظر: لسان الميزان: 3/18)، وسليمان بن قرم ضعيف (انظر: تهذيب التهذيب: 4/187).

    4- في رواية إبراهيم بن ميمون الصائغ ذكر تصريح أبي إسحاق بالسماع من علقمة، وهذا خطأ؛ لمخالفته الرواة الأحد عشر هنا وفيهم أحفظ منه وأوثق، ولإقرار أبي إسحاق نفسه عدم سماعه من علقمة، ولتوارد الأئمة على نفي هذا السماع (مراسيل ابن أبي حاتم، ص145).

    5- عبد الكبير بن دينار ذكره ابن حبان في الثقات ومشاهير علماء الأمصار، ولم أجد من تكلم فيه، إلا أن ابن حبان قال في المشاهير (ص197): «من أصحاب أبي إسحاق السبيعي».

    6- رواية محمد بن جابر وهو الحنفي جاءت من طريق لوين وإسحاق بن أبي إسرائيل عنه، وفي إسناد طريق إسحاق بن أبي إسرائيل: إسماعيل بن يونس بن ياسين، ترجمه الخطيب ولم يذكر جرحًا ولا تعديلاً، وقال ابن القطان: «لا أعرف حاله» (لسان الميزان: 1/446)، ففي صحة هذه الطريق نظر، ومحمد بن جابر ضعيف (انظر: تهذيب التهذيب: 9/77)، إلا أن رواية إسحاق بن أبي إسرائيل لا بأس بها عنه، قال ابن عدي: «وعند إسحاق بن أبي إسرائيل عن محمد بن جابر كتاب، أحاديث صالحة» (الكامل: 6/153)، لكن روايته عنه لا تصح - كما سبق -، فيبقى في صحة هذه الرواية نظر.

    7- رواية شعبة جاءت من طريق عبد العزيز بن النعمان عنه، وتفرد بها عنه، قال الدارقطني في الأفراد: «تفرد به عبد العزيز بن النعمان - شيخٌ بصري صار إلى الموصل - عن شعبة، وتفرد به علي بن حرب عنه»، وعبد العزيز هذا قال عنه أبو حاتم: «مجهول»، وحسن الذهبي حديثه (الجرح والتعديل: 5/398، ميزان الاعتدال: 2/ رقم 5135)، ومن هذه حالُهُ لا يُحتمل تفرده عن شعبة، وليس لشعبة ذكرٌ في هذا الحديث إلا هنا، فلا تصح الرواية عن شعبة، وأشار إلى هذا الدارقطني، بعد أن جزم بنسبة الروايات إلى جماعة من الرواة عن أبي إسحاق على هذا الوجه قال: «وكذلك روي عن شعبة عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله» (العلل: 5/24)، فإعقاب الجزم تمريضًا يشير إلى إعلال الرواية الممرَّضة، وهي هذه، والله أعلم.

    8- رواية شريك جاءت من طريق إسحاق الأزرق عنه، وسبق ذكر الخلاف على شريك، وأن هذا الوجه معلول، وأن الصحيح عن شريك رواية يحيى الحماني عنه.

    9- روح بن مسافر متروك الحديث، تركه ابن المبارك وغيره (انظر: لسان الميزان: 2/467).

    10- صباح المزني وهو ابن يحيى، متروك، بل متهم، قال فيه البخاري: «فيه نظر»، وقال ابن حبان: «كان ممن يخطئ حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد»، وقال أبو حاتم: «شيخ» (لسان الميزان: 3/180، مجروحي ابن حبان: 1/377، الجرح والتعديل: 4/442)، وفي السند إليه شيخ الدارقطني محمد بن أحمد بن إسحاق الحجاري، ترجمه السمعاني في الأنساب (2/175) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، ولم أجد من ترجمَهُ غيره، وشيخُهُ إسماعيل بن محمد المزني الكوفي، قال فيه الدارقطني: «كذاب، حدثونا عنه» (ميزان الاعتدال: 1/ رقم 931)، فهذه الرواية مظلمة الإسناد.

    11- رواية عباد بن ثابت وخالد العبدي عن إسرائيل سبق خطؤها، وأن الصواب عن إسرائيل الرواية عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه.

    12- رواية يزيد بن عطاء التي قرن فيها الأسودَ بعلقمة = سبق بيان اضطرابه وضعفه فيها.

    13- وأما رواية معمر عن أبي إسحاق؛ فقال البزار بعد إخراجها: «كذا قال معمر: عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله في هذا الحديث»، وكأنه يستغربها.
    وفيها زيادة: «ائتني بحجر»، وفي ألفاظ: «ائتني بغيرها»، ولم يوافقه على هذا اللفظ إلا أبو شيبة إبراهيم بن عثمان - إن صحّت روايته -، وأبو شيبة متروك منكر الحديث (تهذيب التهذيب: 1/125)، فلا يفرح بمتابعته لمعمر، فلا تصح هذه الزيادة، خاصةً أنها لم تُزد في الحديث كلّه إلا في هاتين الروايتين، وقد قال الدارقطني في العلل (5/30) بعد أن أسند الرواية التي فيها الزيادة: «هذه زيادة حسنة، زادها معمر، وافقه عليها أبو شيبة إبراهيم بن عثمان»، وقوله: «حسنة» ليس بالمعنى الاصطلاحي للحسن عند المتأخرين، وإنما أراد به إعلالها، أو المعنى اللغوي للحُسْنِ، وليس هذا موضع البسط في مراد الدارقطني بالحسن، والله أعلم.


    # دراسة أسانيد طريق أبي سنان عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم عن ابن مسعود:
    1- رواه الطبراني وجعفر بن محمد بن نصير عن مطين بإسناده، إلا أن جعفرًا جعل أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود مكان هبيرة بن يريم، ولعله خطأ منه، فالطبراني أحفظ وأوثق منه، وقد خالفه.

    2- لم يرو هذا الوجه عن أبي إسحاق إلا أبو سنان، ولا عن أبي سنان إلا الصباح بن محارب، قال الطبراني في الأوسط بعد أن أسند الحديث من هذا الوجه: «لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق عن هبيرة بن مريم إلا أبو سنان، تفرد به الصباح بن محارب».


    # دراسة أسانيد طريق أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود:
    1- رواية إسرائيل عن أبي إسحاق به جاءت من طريق ابن زنجويه عن أبي أحمد الزبيري عن سفيان عن إسرائيل به، وقد سبق بيان الاختلاف على أبي أحمد الزبيري، وأن هذا الوجه خطأ عنه.

    2- رواية سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق جاءت من طريق محمد بن الصباح الجرجرائي، وهو ثقة (تهذيب التهذيب: 9/202)، وزيد بن المبارك الصنعاني، وهو صدوق (تهذيب التهذيب: 3/366).
    وهذا الوجه غريب عن أبي إسحاق، و لم يأتِ ذكر ابن عيينة في هذا الحديث إلا في هذه الرواية، والحديث معروف مشهور، ولو رواه ابن عيينة لرواه عنه كبار أصحابه من الثقات الأثبات الأئمة، فلعله لا يثبت عن سفيان.
    وقد ذكر الدارقطني في العلل (5/26) رواية الحميدي عن ابن عيينة عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد، ولم أجد هذه الرواية مسندةً، وفيها غرابة، فإن ابن عيينة قديم، ويروي عن أبي إسحاق مباشرة، ولم تجئ رواية هذا الحديث عنه عن أبي إسحاق على وجهٍ معتبر - كما سبق -، والله أعلم.
    ومنه فلا يثبت هذا الوجه عن أبي إسحاق.


    يليه - بعون الله تعالى - خلاصة الخلاف ، والترجيح ..

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي

    ثالثًا: خلاصة الخلاف على أبي إسحاق مما صح عن الرواة غير الهلكى والمتروكين عنه:

    اختُلف على أبي إسحاق في هذا الحديث على أوجه:
    - الوجه الأول: رواه زهير بن معاوية وشريك بن عبد الله وزكريا بن أبي زائدة ويوسف بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود.
    وتابع أبا إسحاق على هذا الوجه: ليث بن أبي سليم.

    - الوجه الثاني: رواه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق وأبوه يونس وقيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه.

    - الوجه الثالث: رواه معمر وإبراهيم بن ميمون الصائغ وعبد الكبير بن دينار عن أبي إسحاق عن علقمة بن قيس عن ابن مسعود.

    - الوجه الرابع: رواه أبو سنان عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم عن ابن مسعود.

    والوجه الرابع لا إشكال في خطئه، فقد تفرد به أبو سنان سعيد بن سنان، وهو ثقة له غرائب وأوهام وأخطاء (انظر: تهذيب التهذيب: 4/40)، ولعلَّ هذه الرواية من أخطائه، فليس يروي هذا الوجه عن أبي إسحاق إلا هو، وكبار أصحاب أبي إسحاق يختلفون في الرواية عنه عن غير واحد ليس فيهم هبيرة، ومنه فلا يصح هذا عن أبي إسحاق.

    ويبقى النظر في الأوجه الثلاثة الأُوَل، وفي مرجحات كلِّ وجه وما يعكّر عليه:

    # مرجحات الوجه الأول:
    1- اتفاق أربعة من الثقات الحفاظ على رواية الحديث عن أبي إسحاق عليه، قال ابن حجر: «لكن رواية زهير هذه ترجحت عند البخاري بمتابعة يوسف حفيد أبي إسحاق، وتابعهما شريك القاضي وزكريا بن أبي زائدة وغيرهما...» (فتح الباري: 1/258).

    2- كون رواية شريك عليه، وشريك فضّله العلماء على إسرائيل في أبي إسحاق، مع أن إسرائيل مُفضَّلٌ على أكثر الرواة في أبي إسحاق - ويأتي -، قال عثمان الدارمي في سياق سؤاله ابن معين عن أصحاب أبي إسحاق: ( قلت: فشريك أحب إليك أو إسرائيل ؟ فقال: «شريك أحب إليّ وهو أقدم، وإسرائيل صدوق» )، وقال يعقوب بن سفيان عن الفضل بن زياد: ( وسئل - يعني: أحمد بن حنبل - عن شريك وإسرائيل عن أبي إسحاق، أيهما أحب إليك ؟ فقال: «شريك أحب إليّ، لأن شريكًا أقدم سماعًا من أبي إسحاق» )، وقال صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه: «سمع شريك من أبي إسحاق قديمًا، وشريك في أبي إسحاق أثبت من زهير وإسرائيل وزكريا»، وقال العجلي: «وروايته - أي: زكريا بن أبي زائدة - ورواية زهير بن معاوية وإسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق قريبٌ من السواء، ويقال: إن شريكًا أقدم سماعًا من أبي إسحاق من هؤلاء» (تاريخ ابن معين برواية الدارمي،
    ص59، المعرفة والتاريخ: 2/168، الجرح والتعديل: 4/366، ترتيب ثقات العجلي: 1/370).

    3- متابعة ليث بن أبي سليم لأبي إسحاق عليه، قال البيهقي بعد إخراجه رواية ليث: «وهذه الرواية إن صحت تقوِّي رواية أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود، إلا أن ليث بن أبي سليم ضعيف» (السنن: 1/108)، وظاهر كلامه أنه لا يعتبر بليث بن أبي سليم في التقوية والاستشهاد، وخالفه ابن التركماني، قال بعد أن نقل كلامه: «قلت: أخرج له الشيخان، كذا ذكره صاحب الكمال، وقال الدارقطني: ( صاحب سنة، يخرج حديثه )، وقال العجلي: ( جائز الحديث )، فأقل أحواله أن يصلح للاستشهاد به» (الجوهر النقي: 1/110)، وقال ابن حجر: «وليث وإن كان ضعيف الحفظ، فإنه يُعتبر به ويستشهد، فيُعرف أن له من رواية عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أصلاً» (هدي الساري، ص349).

    4- استحضار أبي إسحاق الوجه الثاني للحديث حال تحديثه بهذا الوجه، وعدوله عن الآخر إليه، فإنه قد قال في رواية زهير عنه: «ليس أبو عبيدة ذكره، ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه...»، قال ابن دقيق العيد: «ومما يعارض كون الصحيح: أبو عبيدة عن أبيه: روايةُ البخاري عن أبي إسحاق، وقوله: ( ليس أبو عبيدة ذكره )، وهذا نفي لروايته عن أبي عبيدة عن أبيه صريحًا» (الإمام: 2/571)، وقال ابن التركماني: «فيما تقدم من قول أبي إسحاق: ( ليس أبو عبيدة ذكره ) نفيٌ لروايته عنه، وهذا يبطل قول الترمذي: ( حديث إسرائيل أصح ) » (الجوهر النقي: 1/108)، وقال ابن حجر: «ومما يرجحها - أي: رواية زهير ومن تابعه - أيضًا: استحضار أبي إسحاق لطريق أبي عبيدة وعدوله عنها، بخلاف رواية إسرائيل عنه عن أبي عبيدة، فإنه لم يتعرض فيها لرواية عبد الرحمن كما أخرجه الترمذي وغيره، فلما اختار في رواية زهير طريق عبد الرحمن على طريق أبي عبيدة، دلَّ على أنه عارف بالطريقين، وأن رواية عبد الرحمن عنده أرجح» (الفتح: 1/258).

    5- ما ذكره ابن التركماني قال: «ومما يقوي رواية أبي إسحاق هذه: أن زهيرًا لم يختلف عليه فيها، وإسرائيل اختلف عليه كما بينه الدارقطني وغيره» (الجوهر النقي: 1/109)، وهذا المرجِّح أغلبي، قال ابن حجر: «فحديث من لم يختلف فيه على راويهِ أصلاً أصح من حديث من اختلف فيه في الجملة» (النكت: 2/274)، ولعل الخلاف عن إسرائيل لا يؤثر هنا، فالحفاظ الكبار رووه عنه على وجه واحد، وشذَّ مجهولان - لا ندري إسناد روايتيهما - بوجهٍ آخر، فليست مخالفتهما بمؤثرة، والله أعلم.

    6- ترجيح الإمام البخاري إياه من بين الأوجه الأخرى، قال الترمذي: «سألت محمدًا - يعني: البخاري - عن هذا، فلم يقض فيه بشيء، وكأنه رأى حديث زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله أشبه، ووضعه في كتاب الجامع» (السنن: 1/26، 27)، وقال البيهقي: «هذا حديث قد اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي، فرواه زهير بن معاوية هكذا، واعتمده البخاري، ووضعه في الجامع...» (سنن البيهقي:
    1/108).

    7- كونه ظاهر ترجيح الإمام النسائي، إذ أخرجه في المجتبى ( السنن الصغرى ).

    8- ترجيح الإمام العقيلي له، قال بعد أن ذكر بعض الروايات: «والحديث من حديث أبي إسحاق مضطرب، وأحفظه من رواية زهير بن معاوية» (ضعفاء العقيلي: 2/214)، والظاهر أن قوله: «أحفظه» صيغة تفضيل على وزن ( أفعل ) من الفعل ( حفظ )، وليست فعلاً مضارعًا، فالعقيلي يقول: إن أحفظَ وجهٍ وأثبَتَهُ عن أبي إسحاق: رواية زهير بن معاوية.

    9- ترجيح الإمام الدارقطني له، قال بعد أن ساق الروايات: «... عشرة أقاويل من أبي إسحاق، أحسنها إسناد الأول الذي أخرجه البخاري، وفي النفس منه شيء لكثرة الإختلاف عن أبي إسحاق» (التتبع، ص230).

    # ما يعكّر على الوجه الأول:
    1- مخالفته لرواية إسرائيل، وقد ذكر العلماء أن من أثبت أصحاب أبي إسحاق: إسرائيل، ويأتي لذلك مزيد.

    2- كون زهير سمع من أبي إسحاق بعد تغيره، قال الترمذي: «وزهير في أبي إسحاق ليس بذاك، لأن سماعه منه بآخرة. وسمعت أحمد بن الحسن الترمذي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ( إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير فلا تبالي أن لا تسمعه من غيرهما، إلا حديث أبي إسحاق ) » (السنن:
    1/28).

    3- كون متابع زهير: زكريا بن أبي زائدة سمع من أبي إسحاق بأخرة أيضًا، ذكر ذلك عنه أحمد بن حنبل والعجلي. (الجرح والتعديل: 3/593، ترتيب ثقات العجلي: 1/370).


    # مرجحات الوجه الثاني:
    1- اتفاق ثلاثة من الرواة عليه.

    2- كون رواية إسرائيل بن يونس عليه، وإسرائيل من أثبت الناس في أبي إسحاق، نقل ابن أبي حاتم عن أبي زرعة قوله بعد أن ساق بعض أوجه الخلاف: «والصحيح عندي حديث أبي عبيدة - والله أعلم -، وكذا يروي إسرائيل - يعني: عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة -، وإسرائيل أحفظهم» (العلل:
    1/41)، وقال الترمذي بعد أن ذكر بعض الروايات: «وأصح شيء في هذا عندي حديث إسرائيل و قيس عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله، لأن إسرائيل أثبت وأحفظ لحديث أبي إسحاق من هؤلاء، وتابعه على ذلك قيس بن الربيع. وسمعت أبا موسى محمد بن المثنى يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما فاتني الذي فاتني من حديث سفيان الثوري عن أبي إسحاق إلا لما اتكلت به على إسرائيل، لأنه كان يأتي به أتم» (السنن: 1/27)، وكلمات الأئمة في تفضيل إسرائيل على زهير وغيره في أبي إسحاق = متعددة، تنظر في مواضعها، وجمعها الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف في دراسته حال إسرائيل الملحقة بكتابه ( ضوابط الجرح والتعديل )، نشرة العبيكان.

    3- ترجيح الإمام أبي زرعة الرازي له، كما سبق نقله.

    4- ترجيح الإمام أبي عيسى الترمذي له، كما سبق نقله.

    # ما يعكر على الوجه الثاني:
    1- مخالفة إسرائيل لما رواه شريك عن أبي إسحاق، وقد فضل الأئمة شريكًا على إسرائيل في أبي إسحاق - كما سبق -.

    2- تفضيل بعض الأئمة لزهير على إسرائيل في أبي إسحاق، قال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن زهير وإسرائيل في أبي إسحاق، فقال: «زهير فوق إسرائيل بكثير كثير». (سؤالاته: 1/224).

    3- أن رواية إسرائيل عن أبي إسحاق فيها شيء، قال صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه: «إسرائيل عن أبي إسحاق فيه لين، سمع منه بأخرة» (الجرح والتعديل: 2/331).

    4- أن إسرائيل قد اختُلف عليه، ولم يُختلف على زهير، وسبق الكلام على هذا في المرجِّح الخامس من مرجحات الوجه الأول.


    # مرجحات الوجه الثالث:
    1- اتفاق ثلاثة من الرواة عليه.

    2- أن رواية زهير وزكريا بن أبي زائدة - ومعهم إسرائيل أيضًا - عن أبي إسحاق = بأخرة، قال عباس الدوري عن ابن معين: «زكريا بن أبي زائدة وزهير بن معاوية وإسرائيل حديثهم عن أبي إسحاق قريب من السواء»، ونقل هذه الرواية ابن رجب قال: ( ونقل الدوري عنه - يعني: عن ابن معين - قال: «زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم عن أبي إسحاق قريب من السواء، سمعوا منه بأخرة» )، وقال صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه: «إذا اختلف زكريا وإسرائيل فإن زكريا أحب إليّ في أبي إسحاق من إسرائيل»، قال صالح: ثم قال - يعني: أباه -: «ما أقربهما، وحديثهما عن أبي إسحاق ليِّن، سمعا بأخرة»، وقال العجلي: «إلا أن سماعه - أي: زكريا بن أبي زائدة - من أبي إسحاق السبيعي بأخرة بعدما كبر أبو إسحاق، وروايته ورواية زهير بن معاوية وإسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق قريبٌ من السواء» (تاريخ ابن معين برواية الدوري: 2/173، شرح العلل: 2/711، الجرح والتعديل:
    3/593، ترتيب ثقات العجلي: 1/370).

    # ما يعكر على الوجه الثالث:
    1- عدم ترجيح أحدٍ من الأئمة له.

    2- استغراب البزار رواية معمر له، إذ قال بعد أن أخرجه: «كذا قال معمر: عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله في هذا الحديث».

    3- عدم رواية أيٍّ من كبار أصحاب أبي إسحاق له.



    يعقبه - بإذن الله تعالى - بيان الراجح ..

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي

    التتمـة :

    # الراجح:

    قبل التفصيل في ذلك، وبالنظر إلى مرجّحات كلِّ وجه وما يعكّر عليه؛ تظهر جليَّةً قوةُ الوجه الذي اختاره إمام الحديث وجهبذ العلل أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري - رحمه الله -، ووافقه عليه الأئمة الحفاظ أبو عبد الرحمن النسائي وأبو جعفر العقيلي وأبو الحسن الدارقطني - رحمهم الله جميعًا -، ومع أن البحث أخذ صفحاتٍ طويلة، ووقتًا، وكلامًا كثيرًا، إلا أنه في نهايته بيّن أن ما اختاره البخاري والنسائي والعقيلي والدارقطني - رحمهم الله - أقوى من غيره، مع أن اختيار البخاري والنسائي ما كان إلا تصرُّفًا منهما، ولم يكتبا في الحكم على الحديث حرفًا واحدًا. وهذا نموذجٌ من نماذج كثيرة تبيّن مدى قوة نظر الأئمة الحفاظ المتقدمين وفحصهم ودقتهم وسعة علمهم وفهمهم في علل الحديث وطرقها ومخارجها، وهذا يوجب احترام أحكامهم على الأحاديث وآرائهم وأقوالهم، لا كتصرف من ينسف كلَّ ذلك بجرّة قلمٍ غيرِ مسؤولة - وربما كانت غير مؤدبة ! -، قال ابن حجر: «وبه يظهر نفوذ رأي البخاري وثقوب ذهنه... »، ثم ذكر من خالف البخاري في ترجيحه هذا الوجه من الأئمة الكبار ( كأبي زرعة والترمذي ) = فحكم عليه بالمرجوحية، ثم قال: «ومع ذلك فتبين بالتنقيب والتتبع التام أن الصواب في الحكم له - أي: للبخاري - بالراجحية، فما ظنك بما يدعيه من هو دون هؤلاء الحفاظ النقاد من العلل، هل يسوغ أن يُقبل منهم في حق مثل هذا الإمام مُسَلَّمًا ؟! كلا والله، والله الموفق» (هدي الساري، ص349، 350).

    ثم إن الوجه الذي اختاره الحافظان الإمامان أبو زرعة الرازي وأبو عيسى الترمذي له قوة أيضًا، ولا يمكن إغفاله، ولعله لأجل ذلك توقف الدارمي في هذا الحديث، فلم يحكم فيه بشيء - كما نقل الترمذي عنه في السنن -، وذكر العيني في العمدة (2/302) أن ابن المديني توقف فيه أيضًا.

    وفيما يلي تفصيل الراجح:

    فأولاً: لعله يظهر من الوجه الثالث أنه لا يقوم أمام الوجهين الأولين، والظاهر أنه لا يثبت، لأن معمرًا ومن معه ليسوا من أصحاب أبي إسحاق، وأصحاب أبو إسحاق الكبار لم يرووا هذا الوجه عنه، فهو غريب عن أبي إسحاق، لا يثبت، ولذا استغربه البزار - رحمه الله -، ولم يرجحه أحدٌ من الأئمة أو يقويه. والظاهر - والله أعلم - أنه خطأٌ من اشتباه هذا الحديث بحديثٍ آخر، هو حديث ليلة الجن، إذ فيه نهيٌ عن الاستنجاء بالروث، وقد أخرجه مسلم في صحيحه (450) من طريق الشعبي وإبراهيم النخعي ومسروق عن علقمة عن ابن مسعود، فلعل هذا اشتبه على بعض الرواة، فظنوا حديثنا مرويًّا عن أبي إسحاق عن علقمة عن ابن مسعود أيضًا، والله أعلم.

    وأما الوجه الأول، فجاء من رواية زهير وزكريا بن أبي زائدة ويوسف بن أبي إسحاق وشريك. وإن كان الأولان قد سمعا من أبي إسحاق بعد تغيره، فهما اثنان اتفقا على هذا الوجه، واتفاقهما يعطي روايتهما قوة، لا سيما أن الآخرَيْن لم يذكر عنهما تأخر سماعهما من أبي إسحاق، بل ذكر الأئمة أن سماع شريك من أبي إسحاق قديم، وقدموه على إسرائيل الذي فضلوه على كثير من الرواة عن أبي إسحاق، وهذا التقديم ينفي تأثير كون هذا الوجه مخالفًا لرواية إسرائيل، وإن ذُكر أنه من أثبت أصحاب أبي إسحاق.

    أما الوجه الثاني فيقويه أنه جاء من رواية إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وهو من أثبت أصحاب أبي إسحاق، وحفظه لحديث أبي إسحاق عجيب، فقد قال هو: «كنت أحفظ حديث أبى إسحاق كما أحفظ السورة من القرآن» وقال عبد الرحمن بن مهدي عنه: «كان إسرائيل يحفظ حديث أبي إسحاق كما يحفظ الحمد» (الجرح والتعديل: 2/330، مستدرك الحاكم: 2/170)، وكان أبو إسحاق قد أملى حديثه على إسرائيل، قال شبابة بن سوار: ( قلت ليونس بن أبي إسحاق: أَمِلَّ عليَّ حديث أبيك. قال: «اكتبه عن إسرائيل فإن أبي أملاه عليه» )، وقيل لأحمد بن حنبل: من أحب إليك يونس أو إسرائيل في أبي إسحاق ؟ قال: «إسرائيل لأنه صاحب كتاب» (الجرح والتعديل: 2/330، 331)، فكون إسرائيل ذا كتاب عن جده يعطي روايته عنه قوة وزيادة ضبط وتثبُّت، وإن كان قد سمع بأخرة من أبي إسحاق، فالإملاء «أعلى وجهي السماع من لفظ الشيخ، كما أن الأداء من الكتاب أضبط وجهي الأداء» (ترجمة إسرائيل بن يونس، للشيخ عبد العزيز العبد اللطيف، ص295)، ومما لا يُستهان به في تقوية هذا الوجه: كونُهُ ما رجحه الإمامان الحافظان الفَهِمان أبو زرعة الرازي وأبو عيسى الترمذي - رحمهما الله -.

    وأما ما ذكر عن أبي داود من تفضيل زهير على إسرائيل بكثير كثير، فهو غريب، وابن معين قارب بينهما، وأبو حاتم يقول: «زهير أحب إلينا من إسرائيل في كل شيء إلا في حديث أبي إسحاق» (الجرح والتعديل: 3/589)، وعموم المروي عن الأئمة بتفضيل إسرائيل على غالب الرواة عن أبي إسحاق، وهو الأظهر.

    وأما ما ذكر من أن أبا إسحاق كان عالمًا بطريق أبي عبيدة وعدل عنه، فلعله كما قال ابن حجر: «فمراد أبي إسحاق هنا بقوله: ( ليس أبو عبيدة ذكره ) أي: لست أرويه الآن عن أبي عبيدة، وإنما أرويه عن عبد الرحمن» (الفتح: 1/257)، وهذا يدل على أن الوجهين كليهما كانا عند أبي إسحاق، فحدث زهيرًا بهذا، ولمزيد تثبتٍ ليطمئن زهير على ضبطه للحديث ( إذ إن سماع زهير من أبي إسحاق كان بأخرة ) = قال له: ليس أبو عبيدة ذكره، بالمعنى المذكور. وله احتمال آخر، قال العيني: «قول أبي إسحاق هذا يحتمل أن يكون نفيًا لحديثه - أي: لحديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه - وإثباتًا لحديث عبد الرحمن، ويحتمل أن يكون إثباتًا لحديثه - أي: أبي عبيدة - أيضًا، وأنه كان غالبًا يحدثه به عن أبي عبيدة، فقال يومًا: ليس هو حدثني وحده، ولكن عبد الرحمن أيضًا» (عمدة القاري: 2/302).

    ويبقى أن إسرائيل خالف شريكًا، وقد جاءت كلمات الأئمة - كما سبق - في الحكم لشريك عند اختلافهما، لكن لإسرائيل قوة عن أبي إسحاق
    - عمومًا وفي هذا الحديث -، وقد توبع هنا، تابعه أبوه وقيس بن الربيع. وثمة أمرٌ آخر، هو أنه لا يمتنع أن يكون أبو إسحاق تحمّل الوجهين من شيخيه ورواهما، وهذا إنما يقبله الأئمة من الحافظ الثقة واسع الرواية، وأبو إسحاق من هذا الصنف بلا شك (انظر - مثالاً - كلام أبي حاتم في ذلك: علل ابن أبي حاتم: 1/102)، قال الحافظ ابن دقيق العيد: «فلعل البخاري - رحمه الله - لم يرَ ذلك متعارضًا، وجعلهما إسنادين أو أسانيد»، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «وبعض ما يصححه الترمذي ينازعه غيره فيه، كما قد ينازعونه في بعض ما يضعفه ويحسنه، فقد يضعف حديثًا ويصححه البخاري، كحديث ابن مسعود لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أبغني أحجارًا أستنجي بهن»، قال: فأتيته بحجرين وروثة، قال: فأخذ الحجرين وترك الروثة، وقال: «إنها رجس»، فإن هذا قد اختُلف فيه على أبي إسحاق السبيعي، فجعل الترمذي هذا الاختلاف علة، ورجح روايته له عن أبي عبيدة عن أبيه، وهو لم يسمع من أبيه، وأما البخاري فصححه من طريق أخرى، لأن أبا إسحاق كان الحديث يكون عنده عن جماعة، يرويه عن هذا تارة وعن هذا تارة، كما كان الزهري يروي الحديث عن سعيد بن المسيب وتارة عن أبي سلمة وتارة يجمعهما، فمن لا يعرفه فيحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا، يظن بعض الناس أن ذلك غلط، وكلاهما صحيح، وهذا باب يطول وصفه»، وقال ابن التركماني: «والبخاري أخرج الحديث من جهة زهير، ولعله لم يرَ رواية إسرائيل معارضةً لروايته، أو جعلهما إسنادين ورجح رواية زهير...»، وقال العيني: «أبو إسحاق سمعه من جماعة، ولكنه كان غالبًا إنما يحدث به عن أبي عبيدة، فلما نشط يومًا قال: ليس أبو عبيدة الذي في ذهنكم أني حدثتكم عنه = حدثني وحدَهُ، ولكن عبد الرحمن بن الأسود، ولعل البخاري لم يرَ ذلك متعارضًا، وجعلهما إسنادين أو أسانيد»، وقال أيضًا: «كون حديث أبي عبيدة عن أبيه صحيحًا عند أبي زرعة لا ينافي صحة طريق البخاري»، وقال ابن حجر: «وإنما عدل أبو إسحاق عن الرواية عن أبي عبيدة إلى الرواية عن عبد الرحمن مع أن رواية أبي عبيدة أعلى له؛ لكون أبي عبيدة لم يسمع من أبيه على الصحيح، فتكون منقطعة، بخلاف رواية عبد الرحمن فإنها موصولة» وهذا السبب قد يوافَقُ عليه ابن حجر وقد يُخالف، لكن المقصود مفهوم كلامه من أن الوجهين كليهما كانا عند أبي إسحاق، وقال الشيخ أحمد شاكر: «ويظهر من مجموع الروايات أن هذا الحديث كان عند أبي إسحاق بأسانيد متعددة عن عبد الله بن مسعود، ويؤيده رواية البخاري ( عن أبي إسحاق: ليس أبو عبيدة ذكره ولكن عبد الرحمن بن الأسود... ) إلخ...»، ثم نقل الشيخ كلام ابن حجر السابق (الإمام: 2/570، 571، مجموع فتاوى ابن تيمية: 18/24، الجوهر النقي: 1/108، عمدة القاري: 2/303 - واستفاد الأخيران من ابن دقيق العيد -، فتح الباري: 1/257، سنن الترمذي بتعليق الشيخ أحمد شاكر: 1/27، 28)، وكلامهم - رحمهم الله - ظاهر، ولعله هو الراجح.

    وهذا لا يؤثر في صحة الحديث:
    - فالوجه الأول صحيح بلا إشكال، وهو في صحيح البخاري، وقد أعله الشاذكوني بتدليس أبي إسحاق، فأسند الحاكم عن علي بن المديني قوله: «وكان زهير وإسرائيل يقولان عن أبي إسحاق إنه كان يقول: ليس أبو عبيدة حدثنا ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستنجاء بالأحجار الثلاثة»، ثم قال الحاكم: ( قال ابن الشاذكوني: «ما سمعت بتدليس قط أعجب من هذا ولا أخفى، قال: أبو عبيدة لم يحدثني ولكن عبد الرحمن عن فلان عن فلان، ولم يقل: حدثني، فجاز الحديث وسار» ) (معرفة علوم الحديث، ص350، 351 ط. السلوم)، وأجيب عليه من وجوه:

    أحدها: أن البخاري أتبع تلك الرواية برواية معلقة عن أبي إسحاق مصرحًا بالسماع من عبد الرحمن بن الأسود، وقد نوزع في هذا، للِّين الواقع في الرواية المعلقة، قال البيهقي: «وذِكْرُ إبراهيم بن يوسف سماعه لا يجعله متصلاً» ثم أسند عن يحيى بن معين تضعيفه لإبراهيم بن يوسف (الخلافيات:
    2/92، 93).

    ثانيها: أن يحيى بن سعيد القطان روى الحديث عن زهير، قال الإسماعيلي: «والقطان لا يرضى أن يأخذ عن زهير عن أبي إسحاق ما ليس بسماع لأبي إسحاق» (الإمام: 2/570)، وقد يُنازع في هذا أيضًا، وإن قال ابن حجر بعقب ذلك: «وكأنه عرف ذلك بالاستقراء من صنيع القطان أو بالتصريح من قوله» (فتح الباري: 1/258) = فإن ما اشتهر عن القطان أنه لا يأخذ من مشايخه إلا مسموع حديثهم من شيوخهم.

    ثالثها - وهو كافٍ في ردِّ علة التدليس إن شاء الله -: أن لفظ أبي إسحاق يقوم مقام التصريح بالتحديث، وأن احتمال التدليس غير ظاهر، قال ابن دقيق العيد: «فهو محتمل، لكنه ليس بظاهر من اللفظ» (الإمام: 2/569)، وقال ابن حجر: «قوله: ( ليس أبو عبيدة ) أي: ابن عبد الله بن مسعود، وقوله: ( ذكره ) أي: لي، ( ولكن عبد الرحمن بن الأسود ) أي: هو الذي ذكره لي، بدليل قوله في الرواية الآتية المعلقة: حدثني عبد الرحمن»، ورواية أبي داود الطيالسي عن زهير بلفظ: ( ليس أبو عبيدة حدثني ) وهذا ما نقله ابن المديني من الرواية - كما سبق -، والكرابيسي في المدلسين - كما نقله عنه العيني في عمدة القاري (2/302) -، وعليه فيكون المراد: ولكن عبد الرحمن بن الأسود حدثني، قال العيني بعقب ذلك: «وهذا دليل واضح أنه رواه عن عبد الرحمن بن الأسود سماعًا، فافهم».

    رابعها: أن الشاذكوني الذي أعلَّ الحديث بالتدليس ضعيف جدًّا، ورمي بالوضع، ذكر هذا الشيخُ أبو إسحاق الحويني (بذل الإحسان: 1/371)، وهذا صحيح، لكنَّ هذا قولٌ له لا رواية، وكلامه محتمل في وقوع التدليس؛ فوجب الرد عليه، والعلماء والحفاظ ردُّوا على كلامه ولم يذكروا ضعفه مع أنه كان متقرِّرًا عندهم.

    تنبيه: في نقل ابن المديني نسبةُ رواية أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه = إلى زهير وإسرائيل، ولم أرَ لزهير روايةً عن أبي إسحاق على هذا الوجه، وإن صحت فهي دليل آخر على أنه قد كان الوجهان عند أبي إسحاق، وحدّث بهما.

    - والوجه الثاني للحديث عن أبي إسحاق ( أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ) صحيحٌ أيضًا بحكم جماعة من الأئمة الحفاظ النقاد، وإن لم يسمع أبو عبيدة من أبيه، فقد صحح روايته عنه أو قواها ابن المديني ويعقوب بن شيبة والنسائي والطحاوي والدارقطني وابن تيمية وابن رجب وغيرهم، وليس هذا موضع البسط في هذه الجزئية.

    تنبيه: أطال بعض المتأخرين والمعاصرين في الرد على الترمذي - رحمه الله - في قوله: «وهذا حديث فيه اضطراب»، وحاكموه في ذلك إلى مفهوم المتأخرين للاضطراب، وأنه لا يُحكم بالاضطراب إلا عند استواء الأوجه عن الراوي، وتعذر الجمع بين الأوجه. لكن الترمذي - رحمه الله - على أنه قال عن الحديث: «فيه اضطراب» = قال: «وأصح شيء في هذا عندي حديث إسرائيل وقيس عن أبي إسحاق»، فهو لا يرى الأوجه مستويةً عن أبي إسحاق، وقال بالاضطراب مع ذلك، وهذا يُبيِّن أن مراد الترمذي بالاضطراب ليس الاضطراب الذي اصطلح عليه المتأخرون، وأنه قصد الاختلافَ الكثير والرواياتِ المتعددة والأوجُهَ المختلفة، ومثلُ ذلك قول العقيلي: «والحديث من حديث أبي إسحاق مضطرب».

    تنبيهٌ آخر: رجَّح بعض المعاصرين طريق زهير على طريق إسرائيل عن أبي إسحاق؛ لأن طريق زهير متصلة، وطريق إسرائيل منقطعة !
    وعلى التسليم بانقطاع طريق إسرائيل ( أبي عبيدة عن أبيه )، فإنه كون السند متصلاً لا يرجِّحه على السند المنقطع، وليس من قرائن ترجيح أحد الوجهين المختلفين كونه متصلاً، وهذا ظاهر، ولو رجحنا كل سند متصل على الأسانيد المنقطعة، لَمَا حُكم على حديثٍ فيه اختلاف في الإسناد بين اتصالٍ وانقطاعٍ بالانقطاع، ولَصُحِّحت أحاديث كثيرة معلولة بانقطاعٍ في أسانيدها، وهذا مخالفٌ لِمَا استفاض من ترجيح رواياتٍ منقطعة في أحاديثَ على رواياتٍ متصلة. وصنيعهم هذا يشبه قول من قال: إن الحكم للواصل عند تعارض الوصل والإرسال، وهو مردود بلا إشكال.

    هذا؛ والله أعلم وأجلُّ وأحكم. وهذا جهد المقل، وعمل الفقير الضعيف، فما كان فيه من صواب فمن الله وحده وله الحمد والفضل والمنة على ما وفّق وسدّد، وإن كان فيه من خطإٍ فمن نفسي المقصرة والشيطان. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    والحمد لله رب العالمين .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: دراسة موسَّعة لحديث ابن مسعود : إنها ركس

    صياغة أخرى للتخريج أرجو أنها أوضح وأسهل، وفيها بعض الاستدراكات:

    1- تخريج رواية أبي إسحاق السبيعي:
    الوجه الأول عن أبي إسحاق: عنه عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن ابن مسعود:
    أخرجه البخاري في صحيحه (156)، والنسائي في الصغرى (1/39) والكبرى (1/73) عن أحمد بن سليمان، والدارقطني في العلل (5/28) من طريق يوسف بن موسى القطان وشعيب بن أيوب، والبيهقي في السنن (1/108) والخلافيات (2/89) من طريق محمد بن الهيثم، أربعتهم - أحمد بن سليمان ويوسف وشعيب وابن الهيثم - عن أبي نعيم،
    وأبو داود الطيالسي في مسنده (ص37) - وعنه أحمد (1/427) وعمرو بن علي الفلاس كما أخرجه عنه البزار (1646) -،
    وأحمد (1/418) وابن أبي شيبة في مسنده (424) والدارقطني في العلل (5/28) من طريق أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، ثلاثتهم - أحمد وابن أبي شيبة وحفيد يحيى القطان - عن يحيى بن آدم،
    وابن ماجه (314) عن أبي بكر بن خلاد، وأبو يعلى (5127) عن محمد بن أبي بكر المقدمي، والطحاوي (1/122) من طريق مسدد، والإسماعيلي في مستخرجه على البخاري - كما ذكر ابن دقيق العيد في الإمام (2/570) -، والدارقطني في العلل (5/28) من طريق معاذ، أربعتهم - أبو بكر وابن أبي بكر ومسدد ومعاذ - عن يحيى بن سعيد القطان،
    والبزار (1646) من طريق معاذ بن معاذ،
    وابن المنذر في الأوسط (296) والبيهقي في السنن (1/108، 2/413) والخلافيات (2/89) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس،
    وأبو يعلى (5336) من طريق الحسن بن موسى،
    والطبراني في الكبير (9953) من طريق أحمد بن عبد الملك بن واقد، وعمرو بن خالد، وعمرو بن مرزوق،
    والدارقطني في العلل (5/28) من طريق حفص بن عمر الطنافسي،
    الأحد عشر راويًا رووه عن زهير بن معاوية،
    والطبراني في الكبير (9954) من طريق يحيى الحماني عن شريك،
    والطبراني في الكبير (9955) والدارقطني في العلل (5/36) من طريق سهل بن عثمان، والدارقطني في العلل (5/36) من طريق يحيى بن محمد بن يحيى الشهيد عن منجاب بن الحارث (1)، كلاهما - سهل ومنجاب - عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه زكريا بن أبي زائدة،
    والدارقطني في العلل (5/28) من طريق أبي حماد الحنفي،
    وعلق البخاري في صحيحه رواية يوسف بن أبي إسحاق (156)،
    وذكر الدارقطني في العلل (5/23) والتتبع (ص227) رواية أبي مريم،
    ستتهم - زهير وشريك وزكريا وأبو حماد ويوسف وأبو مريم - عن أبي إسحاق به، قال ابن مسعود: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: «هذا ركس». هذا لفظ البخاري.
    إلا أن:
    1- الطيالسيَّ في روايته عن زهير أسقط الأسود بن يزيد، فتعقبه أبو بشر يونس بن حبيب راوي المسند، قال: «أظن غير أبي داود يقول عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه»، ورواية أحمد والفلاس عن أبي داود على الصواب، وأبو داود يخطئ أحيانًا، فلعله حدَّث يونس بن حبيب بهذا على الخطأ، وحدَّث أحمدَ والفلاسَ على الصواب.
    2- الحسنَ بن موسى في روايته عن زهير أسقط الأسود بالشك فقال: عن عبد الرحمن أُراه عن عبد الله، وكافة الرواة عن زهير على إثبات الأسود، فليس هذا الشك بمؤثر.

    الوجه الثاني عن أبي إسحاق: عنه عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه الأسود وعلقمة، كلاهما عن ابن مسعود:
    أخرجه الدارقطني في العلل (5/28، 29) من طريق يزيد بن عطاء، عن أبي إسحاق به.

    الوجه الثالث عن أبي إسحاق: عنه عن الأسود بن يزيد، عن ابن مسعود:
    أخرجه الدارقطني في العلل (5/36) من طريق محمد بن عثمان عن منجاب بن الحارث عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وفي (5/37) من طريق سلمة بن رجاء، كلاهما - يحيى وسلمة - عن زكريا بن أبي زائدة،
    والدارقطني في العلل (5/36، 37) من طريق علي بن صالح، ومالك بن مغول، ويوسف بن أبي إسحاق، وحديج بن معاوية،
    وفيه (5/37) من طريق منجاب بن الحارث عن شريك،
    كلهم - يزيد وزكريا وعلي ومالك ويوسف وحديج وشريك - عن أبي إسحاق به.

    الوجه الرابع عن أبي إسحاق: عنه عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود:
    أخرجه الدارقطني في العلل (5/35) عن محمد بن القاسم بن زكريا، عن أبي كريب، عن عبد الرحيم بن سليمان،
    وفيه (5/34) من طريق الفضل بن موسى،
    كلاهما عن زكريا بن أبي زائدة،
    وفيه (5/34) من طريق ابن عيينة عن إسرائيل، ومن طريق محمد بن الصباح وزيد بن المبارك عن ابن عيينة،
    ثلاثتهم - زكريا وإسرائيل وسفيان - عن أبي إسحاق به.

    الوجه الخامس عن أبي إسحاق: عنه عن عبد الرحمن بن يزيد، عن الأسود بن يزيد، عن ابن مسعود:
    أخرجه الدارقطني في العلل (5/35) من طريق إسحاق الأزرق، وإسماعيل بن أبان الغنوي (2)، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق به.

    الوجه السادس عن أبي إسحاق: عنه عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه:
    أخرجه أحمد (1/388)، وابن أبي شيبة (1643، 36311)، والترمذي (17) عن هناد وقتيبة، والدارقطني في العلل (5/33) من طريق يوسف بن موسى، خمستهم - أحمد وابن أبي شيبة وهناد وقتيبة ويوسف - عن وكيع،
    وأحمد (1/465) عن حسين بن محمد،
    والشاشي (921) والدارقطني في العلل (5/33) من طريق عبيد الله بن موسى،
    والطبراني في الكبير (9952) من طريق عبد الله بن رجاء،
    والدارقطني في العلل (5/33) من طريق عيسى بن جعفر، وأبي أحمد الزبيري،
    وفيه (5/37) من طريق سلمة بن رجاء،
    والبيهقي في الخلافيات (2/93) من طريق أحمد بن خالد الوهبي،
    ثمانيتهم - وكيع وحسين وعبيد الله وابن رجاء وعيسى وأبو أحمد وسلمة والوهبي - عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق،
    والدارقطني في العلل (5/38) عن جعفر بن محمد بن نصير عن محمد بن عبد الله الحضرمي مطين عن سهل بن زنجلة عن الصباح بن محارب عن أبي سنان،
    والدارقطني في العلل (5/38) من طريق الثوري،
    والدارقطني في العلل (5/38) من طريق محمد بن الحسن عن يونس بن أبي إسحاق،
    وذكر الترمذي (17) رواية قيس بن الربيع،
    خمستهم - إسرائيل وأبو سنان والثوري ويونس وقيس - عن أبي إسحاق به.

    الوجه السابع عن أبي إسحاق: عنه عن أبي عبيدة وأبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود:
    أخرجه الدارقطني في العلل (5/38) والخطيب في تاريخ بغداد (2/398) من طريق الحسن بن قتيبة عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه به.
    وأدرج الحسن بن قتيبة الحديث في حديث ليلة الجن.

    الوجه الثامن عن أبي إسحاق: عنه عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود:
    أخرجه الدارقطني في العلل (5/37) من طريق هارون بن عمران عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه به.

    الوجه التاسع عن أبي إسحاق: عنه عن علقمة بن قيس عن ابن مسعود:
    وأخرجه أحمد (1/450) والبزار (1606) وابن المنذر في الأوسط (312) والطبراني في الكبير (9951) والدارقطني في السنن (1/55) والعلل (5/29، 30) والبيهقي في السنن (1/103) والخلافيات (2/99)، كلهم من طريق عبد الرزاق عن معمر،
    والدارقطني في السنن (1/55) والعلل (5/31) عن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن بهلول عن جده إسحاق بن بهلول عن أبيه بهلول بن حسان عن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان،
    وفي (5/29) عن يوسف عن جده عن أبيه عن ورقاء بن عمر،
    وفي (5/29) من طريق عمار بن رزيق،
    وفي (5/30) من طريق سليمان بن قَرْم،
    وفي (5/31) من طريق إبراهيم بن ميمون الصائغ، وعبد الكبير بن دينار،
    وفي (5/31، 32) وعلي بن عمر السكري الحربي في الجزء الثاني من حديثه (4أ) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (43/560) - من طريق محمد بن جابر،
    والدارقطني في العلل (5/32) والأفراد (3751- أطرافه) من طريق شعبة،
    وفي العلل (5/32) من طريق إسحاق الأزرق عن شريك، ومن طريق روح بن مسافر،
    وفيه (5/32) - ومن طريقه السمعاني في الأنساب (2/175) - من طريق صباح المزني،
    وذكر الدارقطني في العلل (5/25) والتتبع (ص230) رواية عباد بن ثابت القطواني وخالد العبدي عن إسرائيل،
    الأربعة عشر راويًا عن أبي إسحاق به.

    الوجه العاشر عن أبي إسحاق: عنه عن هبيرة بن يريم عن ابن مسعود:
    وأخرجه الطبراني في الأوسط (5637) والكبير (9957) عن محمد بن عبد الله الحضرمي مطين،
    وأخرجه العقيلي في الضعفاء (2/214) عن علي بن الحسين بن الجنيد الرازي، كلاهما - مطين وعلي بن الحسين - عن سهل بن زنجلة عن الصباح بن محارب عن أبي سنان سعيد بن سنان عن أبي إسحاق به.

    2- تخريج رواية ليث بن أبي سليم:
    الوجه الأول عن ليث: عنه عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن ابن مسعود:
    وأخرجه أحمد (1/426) عن ابن فضيل، وابن أبي شيبة في مصنفه (1650) ومسنده (421) - ومن طريقه أبو يعلى (4978) والبيهقي (1/108) - والدارقطني في العلل (5/19) من طريق عبد الرحيم بن سليمان، وأبو يعلى (5184) والبزار (1645) من طريق جرير بن عبد الحميد، وابن المنذر في الأوسط (318) والطبراني في الكبير (9958) والدارقطني في العلل (5/20) من طريق زائدة، والطبراني (9959) وابن عدي في الكامل (2/137) من طريق أبي الأشهب جعفر بن الحارث، وذكر الدارقطني فيه (5/19) رواية عبد الوارث، ستتهم - ابن فضيل وعبد الرحيم وجرير وزائدة وأبو الأشهب وعبد الوارث - عن ليث بن أبي سليم به.

    الوجه الثاني عن ليث: عنه عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وعبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود:
    أخرجه الدارقطني في العلل (5/20) من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي عن زهير بن معاوية عن ليث به.

    الوجه الثالث عن ليث: عنه عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود:
    أخرجه أبو يعلى (5275) من طريق عبد الله بن عمر عن الحسين بن علي الجعفي عن زائدة بن قدامة عن ليث به.

    3- تخريج رواية فرات بن أبي عبد الرحمن:
    الوجه الأول عن فرات: عنه عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن ابن مسعود:
    أخرجه البزار (1611) عن عبد الله بن سعيد الأشج عن زياد بن الحسن بن فرات عن أبيه عن جده فرات به.

    الوجه الثاني عن فرات: عنه عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن ابن مسعود:
    أخرجه ابن خزيمة (70) (3) والطبراني (9960) في الكبير عن محمد بن عبد الله الحضرمي مطين، كلاهما - ابن خزيمة ومطين - عن عبد الله بن سعيد الأشج عن زياد بن الحسن بن فرات عن أبيه عن جده فرات به.

    4- تخريج رواية محمد بن خالد الضبي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود:
    أخرجه الدارقطني في العلل (5/20) من طريق أبي جنادة حصين بن مخارق عن محمد بن خالد به.

    5- تخريج رواية جابر بن يزيد الجعفي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود:
    أخرجه الدارقطني في العلل (5/21) من طريق عنبسة بن سعيد عن جابر به.


    __________________________
    (1) وقع في المطبوع في هذه الرواية: «عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن عبد الله»، وهو خطأ - فيما يظهر -، صوابه: «عن عبد الرحمن عن الأسود عن عبد الله»، ويدل لذلك أن الدارقطني ساق الطرق أولاً معلقةً ثم أسندها، وقد ذكر هذه الطريق في سياقه الطرق (5/26) قال: «وقال منجاب عن يحيى بن زكريا عن أبيه عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله»، وقد اتفق ما قبل هذه الرواية وما بعدها في سياق الطرق وفي سياق أسانيدها.
    (2) وثالث سقط من المخطوط، لم يتبينه المحقق - رحمه الله -، ولم أتبينه.
    (3) وقع في المطبوع: حدثنا أبو عبد الله بن سعيد الأشج، وهو خطأ صوابه: عبد الله بن سعيد الأشج، جاء على الصواب في إتحاف المهرة: 10/350، وكان الشيخ عبد العزيز العثيم - رحمه الله - قد نبه عليه في النقط لما وقع في أسانيد صحيح ابن خزيمة من التصحيف والسقط، ص13.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,469

    افتراضي رد: دراسة موسَّعة لحديث ابن مسعود : إنها ركس

    ما شاء الله
    زادك الله من فضله
    قال العلامة الأمين : العقيدة كالأساس والعمل كالسقف فالسقف اذا وجد أساسا ثبت عليه وإن لم يجد أساسا انهار

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    701

    افتراضي رد: دراسة موسَّعة لحديث ابن مسعود : إنها ركس

    بحث محرر ماتع .
    بارك الله فيك ونفع بك وزادك من فضله

  11. #11

    افتراضي رد: دراسة موسَّعة لحديث ابن مسعود : إنها ركس

    مجهود مبارك ماشاء الله

    نفع الله بكم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •