تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: للأمهات.. لفتة تربوية. (من واقع الحياة)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    11

    افتراضي للأمهات.. لفتة تربوية. (من واقع الحياة)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَنْ والاه، واتَّبَعَ هداهُ، إلى يوم الدين، وبعد:


    بادئَ ذِي بدءٍ؛ أحيي كلَّ قارئةٍ لكلماتي في هذا المنتدى الشامخ؛ الذي طوَّفْتُ في أرجاءه ما طوَّفْتُ، ورأيتُ مِنْ خيرهِ ما رأيْتُ؛ ثم آليْتُ ألا آوي إلا لمجلس طالبات العلم، وألا أخرجَ عنه بإذن الله؛ وقد – والله – رأيْتُ مِنَ حديثِ الأخواتِ فيهِ ما يَسُرُّ القلبَ، ويَشْرَحُ الصدر؛ فحمدتُ المولى – جَلَّ وعلا – على أنْ يَسَّرَ وجودَ مثلكنَّ في هذا العصرِ والزمانِ الذي طغتْ فيه الشرور والبلايا؛ فلهُ سبْحَانَهُ الحمدُ والمِنَّةُ.

    وقد بحثتُ عنْ كلمَةٍ أعبِّرُ بها عمَّا أجدُ نحوكنَّ؛ فلم أجد أبلغَ ولا أجملَ ولا أروعَ مِنْ قولِ النبي – صلى الله عليه وسلم – لِجَوارٍ مِنْ بني النجارِ: «اللهُ يَعْلَمُ أنَّ قلبي يحبكُنَّ» وبقول المصطفى أقول. وأسألُ الله – سبحانه – أنْ ينفعني بهذا المنتدى، وقد فعَلْ.

    أما موضوعي الذي نويتُ الكتابةَ فيهِ؛ فهو لفتةٌ للأمهاتِ حولَ خِطْئٍ كبيرٍ، وبلاءٍ عظيمٍ، يقع فيهِ الكثيرُ مِنْهُنَّ – وليسَ فيكنَّ مَنْ تقَعُ فيهِ إن شاء الله – وهوَ الدعاءُ على أولادهنَّ الصغار بالهلاك والويْلِ والثبور، وعدم التوفيق، وألا يبارك الله فيهم، وأنْ يُخَلِّصَهَا منهم، إلى غيرِ ذلكَ مِنْ أصناف الدعاءِ الذي ينبغي ألا يُذْكَرَ إلا في معرضِ الدعاء على أعداء الدين، وأذنابهم من الظالمين المعتدين!

    لستُ فقيهةً لأتحدث عن الأمر من ناحيةٍ شرعيةٍ، ولا أظنُّ أنَّ هناكَ مَنْ تجهلُ الحكم الشرعي، وكلام أهل العلم حول هذا الأمر.

    كما أنني لستُ خبيرةً تربويةً لأنقل كلام أهل التربية وعلمائها حول الآثار السلبية على نفوس الأطفال لهذا الأمر.

    بل سأنقلُ ما حَدَّثَ به أحدُ مَحارِمي – وفقه الله تعالى – فقال: قدْ كنتُ فِي صِغَرِي وأخوتي كأكثر الأطفال مشاغبينَ، ومزعجين، وكانتْ أمي أكثر ما تتلقى إزعاجنا بضيقِ صدرٍ، وتأديبٍ لنا صارمٍ، وليتَ الأمر كان يقف عند ذلك؛ إذن لهان الخطبُ، ولكن أكثرَ ما كان يؤلمنا رغم صغرِ أسناننا هو دعاؤها علينا؛ فقد كانت تدعو علينا بكل ما يخطرُ على البال مِنْ أدعيةِ الهلاك، وأنها تتمنى الخلاص منا في أقرب فرصة، ولو وجدتْ من يبتاعنا منها لباعتنا بأرخصِ الأسعار وتخلصتْ منا!

    لا تحسبوا أنَّ أمي كانت قاسيةَ القلب؛ كلا بل كانَ فيها حنانٌ دفاقٌ؛ إلا أننا لم نكن نلمسهُ ونحن صغارٌ بسبب شدةِ دعائها علينا، وعندما كنا نراها تُهْرَعُ لإسعافِ مريضٍ، أو تخفيفِ آلامِ متألمٍ؛ لم يكن يخطرُ لنا أنها تفعلُ ذلكَ بسبب الحبِّ والعطفِ والحنانِ!!

    كنَّا كأطفالٍ نتأثر بالأقوال ما لا نتأثرُ بالأفعال، ونشأَ مِنْ ذلكَ لدينا - وأنا بالذاتِ بحكمِ أنني الأكبرُ بين أخوتي – شعور عميقٌ بأنَّ أمي تكرهنا ولا تحبنا، ولا ترغب فينا، وهو مِنْ أصعبِ ما يمكنُ أن يلاقيه الطفلُ مِنْ شعور!!

    يقول: والعجيب أن والدي – حفظه الله – قد كان أشدَّ صرامةً، وأقوى هيبةً، وأشدَّ تأديباً لنا، ورغم ذلك لا أذكرُ أبداً أنه دعا علينا في يومٍ من الأيام؛ فلهذا كنا نأنس به، ونشعرُ بحبه وحنانه رغم هيبته بما لا نشعره من أمنا – حفط الله الجميع –.

    ثم يقول: وبقي هذا الشعور ملازماً لي إلى أنْ دخلتُ المرحلة الثانوية؛ وحصل لي في تلك الفترةِ أمرُ غريبٌ؛ فقد عرضَ عمِّي المقيم في بريطانيا على أبي أنْ أنتقِلَ عندهُ وأكملَ دراستي في بريطانيا؛ فيحصل لي بذلك فوائد عدة، منها: إتقان اللغة الانجليزية، واختصار سنوات الدراسة، والحصول على الجنسية، وغير ذلك مِنَ المميزات!

    فَسُررْتُ بهذا العرض الرائع، ورغبتُ فيه رغبةً شديدةً، وقد تقبله والدي في البداية، ولكن كانت المفاجأةُ لي هي اعتراضُ أمي الشديد على سفري، وعدم رغبتها فيه، ودعاؤها بألا يتيسر الأمر؛ وأنا لا يكاد ينقضي عجبي من ذلك؛ فسألتها: ألستِ تكرهينني وتتمنينَ لي الهلاك والوفاة؟! فلماذا لا تتركيني أسافرُ إلى تلك البلاد؛ لعلَّ الله يخلصُكِ مني؟!
    فأجابتني: أيها الأحمق! أتظنُّ أنَّ في الدنيا أمًّا تكرهُ ابنها، وتتمنى له الهلاك؟! المرأةٌ إن وقعتْ في شيءٍ مِنَ الدعاءِ على ابنها فإنما يكون ذلك لسوء صنيعهِ وشدةِ إزعاجه وتخريبهِ، المرأةُ تحبُ ابنها ولا تستطيعُ الاستغناء عنه، و.... الخ.

    فيقول: فلا أستطيعُ أن أصفَ سروري يومها، يوم أن عرفتُ أنَّ أمي تحبني، وأنها إنما تمانع في سفري حباً لي، وخوفاً منها عليَّ!
    ولكني أتساءل: لو لم يقدر الله – جل وعلا – أمر طرح السفر إلى بريطانيا؛ فكيف كان يمكن أن أتعرَّفَ شعور أمي نحوي؟!!

    ثم يقول: أنا لم أحدثكم بهذا لتأخذوا فكرةً سيئةً عن أمي؛ فوالله إنها لمن خير أمهات العصر، وفيها من الحنان والحب والخير وحب الدين ونصرته وغير ذلك من الصفات ما لا يوجد في الكثيرين من أهل هذا الزمان – أسأل الله أن يطيل عمرها على طاعته -.

    وإنما الذي قصدتُهُ هو التنبيه على عدم الدعاء على الأبناء، احْتَمِلْنَ أبناءكنَّ، ولا بأس بتأديبهم بكل ما يمكنُ أن يردعهم عن الخطأ؛ ولكن إياكنَّ والدعاء عليهم...

    هذا ما حَدَّثَ به، قد نقلته إليكنَّ، ليس لي فيه إلا صياغةٌ لا أدري هل أوصلت لكنَّ ما شعرتُ به من حديثه أم لا؟! أرجو أنْ نعم.

    وأخيراً أرجو العذر إنْ حصل خطأٌ غير مقصودٍ؛ فما أنا إلا متطفلةٌ على موائدكنَّ أيتها الشامخات – حفظكنَّ ربي مِنْ كل سوءٍ (آمين) –.

    أختكنَّ/ بارقةُ الأمل

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    2,172

    افتراضي رد: للأمهات.. لفتة تربوية. (من واقع الحياة)

    هاقد لمع بريق أمل جديد في مجلسنا الطيب
    هاقد تزين وتعطر بأريج عبيركِ وجمال حرفكِ

    فأهلا بكِ مرحبًا وحمدًا لله حمدًا أن أشرقت شمس أمل جديد تنبيء بحرف واعد

    قرأت على عجالة حديثكِ العذب الخارج من القلب, فبادرتُ بتسطير كلمة إعجاب وشكر لأسلوب ما أراه غريبًا عليّ, وحديث قريب إليّ, فما أرى حرفكِ يذكرني إلا بأعز الناس وأعظمهم مكانة عندي في عالم الشبكة الواسع, فسبحان من جمع بينكما في الحرف!

    حياكِ الله وبياكِ.. بداية موفقة وقوية, وفقكِ الله لما يحب ويرضى.. آمين.
    أرجو من أخواتي الفاضلات قبول عذري عن استقبال الاستشارات على الخاص.
    ونرحب بكن في قسم الاستشارات على شبكة ( الألوكة )
    انسخي الرابط:
    http://www.alukah.net/Fatawa_Counsels/Counsels/PostQuestion.aspx

  3. #3

    افتراضي رد: للأمهات.. لفتة تربوية. (من واقع الحياة)

    .
    صدقت والله، كلمات غاية في الروعة وتنبيه ممتاز.
    حرمت أناملك عن النار وبارك فيك.


    حتما إن دعاء الأم على ولدها أمر عظيم، فالخوف الخوف أن توافق دعوتها موطن إجابة فتقعد لاطمة الخدين والله المستعان.
    كم أرى من أمهات وقعن في هذا البلاء العظيم ووالله أغلب أولادهم من ذكور وإناث فعلا لم يوفقوا ووقع عليم كثيرا من البلاء،
    لكن هل تتعلم هذه الأم من هذا؟ كلا! والله إن أغلبهن يكابرن في هذا وأنا حقيقة أصف هذه الأم بقسوة القلب.
    كيف تلجأين بالدعاء على ولدك بعدم التوفيق لأنه أتعبك وأتعب قلبك بتصرف ما (ألا يزيد هذا الدعاء من ألم قلبك وألم فكرك؟)
    ألا ترين لو بدلت هذه الدعوة المدمرة بدعوة معمرة؟ لسعدت وارتاح قلبك!
    أسأل الله أيتها الأم الغالية أن تعي لما يلفظ لسانك ونحن نعلم أنك تحبين ابنك ولا تودين له السوء لكن طبقي هذا بدعوة صالحة بدلا من دعوة مدمرة.

    آسفة
    إن كان في ردي شيئا من القسوة على هذه الأم لكن
    والله لم أتحدث بهذا إلا لأنني رأيت ألم وأوجاع أولاد هذه الأمهات، هداهن الله وحماهن من كل مكروه هن وأولادهن.

    وآسفة للإطالة.

    .
    .

    اللهم اغفر لأبي عبد الرحمن (محمد خالد) المعروف ب (الوراق) وأسكنه فردوسك الأعلى من غير حساب ولا سابقة عذاب.
    واصلح ذريتي ووفقهم لكل خير.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    2,172

    افتراضي رد: للأمهات.. لفتة تربوية. (من واقع الحياة)

    من أعجب ما رأيت وسمعت في هذا الشأن أمر جارتنا غفر الله لها, كانت كغيرها من الأمهات ممن يتفنن في الدعاء على أبنائهن
    وقد رزقها الله بولد أقل ما يقال فيه أنه عاق!
    فكنت أعذرها تارة وأعجب لحالها تارة أخرى

    سمعتها يومًا تبتهل إلى الله, وما كنت أدري أنها تعلم بل تتقن آداب الدعاء بهذا الشكل, ولولا حاجة مُلحة في نفسها لما فعلتْ!
    ثم كان من أعجب ما سمعت من أمرها, وصوتها يأتيني من شرفة غرفتي:
    يارب!
    قد دعوتك وقت خطبة الجمعة وهو وقت استجابة الدعاء, دعوتك ألا يعود إليّ ولدي وهاقد عاد, أولم تعدنا بإجابة الدعاء؟!!!!

    والله لقد نزلت كلماتها على سمعي كصاعقة لا أدري أفي حلم أنا أم حقيقة!!

    وما أسرع تقلب قلوب النساء!
    وما أسرع تبدل أحوالهن!

    جاءت بعد أيام ربما أسبوع أو أكثر لا أذكر, وهي تولول وتصيح: لقد جرح ولدها وعنقه ينزف دمًا!!
    كانت في حالة هياج عجيبة وهلع وذعر وكانت كالمحمومة من شدة خوفها عليه!!

    لو لم يكن الموقف من الصعوبة بمكان لذكرتها وهنأتها أن كادت دعوتها تتحقق!!
    أرجو من أخواتي الفاضلات قبول عذري عن استقبال الاستشارات على الخاص.
    ونرحب بكن في قسم الاستشارات على شبكة ( الألوكة )
    انسخي الرابط:
    http://www.alukah.net/Fatawa_Counsels/Counsels/PostQuestion.aspx

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    11

    افتراضي رد: للأمهات.. لفتة تربوية. (من واقع الحياة)

    أستاذتنا ومعلمتنا (التوحيد):



    قد غمرني شرفٌ مرومٌ بقراءتكِ لموضوعي؛ فأردتُ أن أهديكِ من أفانين القول حللاً؛ فوجدتُ أسمى ما عندي من تبرٍ؛ لا يُداني ما تمشينَ عليه مِنْ ترابٍ؛ فغلبني الحياء!


    جزاكِ الله خيراً...

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    11

    افتراضي رد: للأمهات.. لفتة تربوية. (من واقع الحياة)

    أستاذتي (أم عبد الرحمن طالبة العلم):


    [وكلُّ طالبةِ علمٍ فهي أستاذةٌ لي، وأتشرفُ بأنْ أثني ركبتي بين يديها، وأنهل من علمها وسَمْتِهَا وهَدْيِهَا، وإن كنتُ لستُ مِنْ طالبات العلمِ فضلاً عن أن أكون من أهله؛ وإنما أتعلقُ بالأذيال، لعلي أنتفعُ بصحبتهم وحبهم؛ فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم، ويحشرُ المرء مع مَنْ أحبّ، وحبُّهُم هو ذخري ليوم المزيد].



    ثمَّ أسأل الله العليَّ القدير بمنِّهِ وكرمهِ أن يرحم أبا عبد الرحمن وأن يغفر له، وأن يرفع درجته في المهديين، وأن يسكنه في أعلى عليين، وأن ينزله منازل الشهداء، وأن يجمعكِ به في أعالي الجنان؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه...



    كما وأسأله سبحانه أن يصلح لكِ في ذريتكِ، وأن يهب لكِ منهم قرة عينٍ، وأن يبلغكِ فيما يرضيه آمالكِ...




    وبعد: فأشكرُ لكِ ردَّكِ ولطفكِ ودعاءكِ الصالح؛ الذي أرجو أن تُفَتَّحَ له أبوابُ السماء، وأن يكون لكِ منه أوفر الحظِّ والنصيب..




    ولا أكتمكِ خبراً أن ردَّكِ وردَّ أستاذتنا (التوحيد) قد أدخلا على قلبي سروراً لا يوصف، فلكما الشكر الجزيل....




    ولقد ذكرني مروركما – حفظكما الله – بما وردَ في حديث الصحابي كعب بن مالك – رضي الله عنه – الذي ذكر فيه قصةَ تخلفهِ عن غزوة تبوك، وفيه أنه لما تاب الله عليه وعلى مَنْ معه؛ ودخل على مجلس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قام له طلحةُ بن عبيد الله – رضي الله عنه – وأقبل عليه، ولم يقم غيره...


    قال الراوي: فكان كعبٌ لا ينساها لطلحة!




    فأحسبني لن أنساها لكما – بارك الله فيكما – وجزاكما خير الجزاء...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •