تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: خطورة النظر في كتب العلل لمن لم يـاهل علمياً ..

  1. #1

    افتراضي خطورة النظر في كتب العلل لمن لم يـاهل علمياً ..

    الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
    أمَّا بعد :
    قد يظن قارىء هذا العنوان أنَّ فيه شيءٌ من المبالغة ، كيف يكون النظر في الكتب المؤلفة في علم علل الحديث فيه خطورة على طالب العلم ..؟؟.
    اتصل بي أحد الإخوة يسألني عن حديث :" لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ".
    فقلت له : هذا حديث صحيح ، متفق على صحته بين البخاري ومسلم .
    فقال : كيف يضعفه أبو حاتم إذاً ..؟؟.
    فقالت : و أين ضعفه ..؟؟.
    قال : في علله ابنه ..!!.
    فعرفت أنَّ الأمر اشتبه على هذا الأخ ، فقلتُ له : لم أقف على كلام أبي حاتم في هذا ، لكن صنيع هؤلاء الأئمة النقاد في إعلال الحديث معروف ، إذ أنَّهم هم في الغالب ما يعلِّون الأحاديث - وإن كانت متونها صحيحة - من طريق معين ، فالنقد يكون متجه نحو طريق أو أكثر من طرق هذا الحديث ، لا على متن الحديث ذاته.
    فقلت له على كل حال : سوف أنظر في كلام أبي حاتم هذا ، وسنعرف في أي سياق جاء كلامه رحمه الله تعالى .
    فلمَّا رجعتُ إلى كلامه رحمه الله تعالى في كتاب العلل ، وجدتُ أنَّ الأمر كما توقعت ، فقد كان كلام هذا الإمام رحمه الله تعالى متجه حول طريق أبي الدرداء رضي الله عنه ، وإليكم نص الكلام كما جاء في العلل ، فقد قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى :(5/45).
    " سالتُ أبي عن حديث رواه مسلمٌ بن إبراهيم عن شعبة عن يزيد بن خمير عن سليمان بن مرثد عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً.
    قال أبي : كذا حدَّثنا مسلم ، وحدَّثنا أبو عمر الحوضي عن عبة عن يزيد بن خمير عن سليمان عن ابن بنت أبي الدرداء عن أبي الدرداء ، قال : لو تعلمون .. موقوف .
    قال أبي : وهذا أشبه ، وموقوف أصح ، ,اصحاب شعبة لا يرفعون هذا الحديث ". انتهى ما جاء في كتاب العلل .
    وهذا واضح في أنَّ هذا الحديث لا يُرفع من هذا الطريق ، بل هو موقوف على أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه من قوله .
    وهذا لا يمنع أن يكون الحديث صحيح من طرق أخرى ، وهذا هو الحال بالنسبة إلى هذا الحديث ، إذ أنَّه قد صحَّ من حديث عائشة رضي الله عنها ، كما عند البخاري :(رقم1044). ومسلم :(رقم901). وغيرهما
    ومن حديث أنس رضي الله عنه ، كما عند البخاري رحمه الله تعالى :(رقم4621). وابن ماجه:(رقم4191).وغير هما
    ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، كما عند البخاري رحمه الله تعالى :(رقم6485). والترمذي :(رقم2313). وغيرهما
    لذا لا ينبغي على طالب العلم أن يتسرع في نقل كلام أهل العلم ، قبل أن يفهم مرادهم منه على وجه الدقة ، وإلاَّ وقع في إشكال علمي كبير ، وهو تضعيفه لما صحَّ من الحديث ، كما هو الحال مع صاحينا هذا .
    وفي ذلك يقول العلامة :" مقبل بن هادي الوادعي " رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه : أحاديث معلة ظاهرها الصحة :(ص23)
    " فعليه لا يجوز لطالب علم أن يحكم على الحديث بالضعف بمجرد أن يراه في كتب العلل، فربما يكون صحيحاً من طريق أخرى ، أو صحيحاً عن صحابي آخر ، بل ربما يكون الحديث في "مجمع الزوائد" بسند ضعيف وهو في "الصحيحين" عن صحابي آخر.

    ولا يحكم على الحديث بالضعف المطلق إلا حافظ كبير كالإمام أحمد و علي بن المديني ، والبخاري ، ومسلم ، و أبي زرعة ، و أبي حاتم الرازيين، ومن كان في مضمارهم كالدارقطني وبقية حفاظ الحديث المتبحرين في هذا الفن ".انتهى كلام الوادعي رحمه الله تعالى.
    ومن هنا نقول : إنَّه لا ينبغي على طالب العلم غير المتمرس النظر في كتب العلل ، حتى لا يقع في مثل هذا الإشكال العلمي الكبير ، ذلك أنَّ هذا العلم من أغمض فنون علم الحديث ، كما قد نصَّ على هذا غير واحد من أهل العلم ، فقد قال ابن الصلاح في مقدمته الشهيرة :(ص187)
    " اعلم : أن معرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث وأدقها أشرفها، وإنما يضللع بذلك أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب ".
    ومن هنا كان كلام العلامة :" الوادعي ". رحمه الله تعالى دقيقاً جداً عندما قال في مقدمة كتابه النافع : " غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل ". ما نصه :(ص3)
    " والحق أنَّ كتب العلل فوق مستوانا ، فقد طلب مني بعض إخواني في الله أن أدَّرسهم في كتاب العلل لابن أبي حاتم ، فقلتُ لهم : لا أستطيع أخشى ان نقرأ الحديث ونعتقد ضعفه ، ويكون في الصحيحين ، أو غيرهما عن صحابي آخر ، أو من طريق أخرى عن ذلك الصحابي ، فهي تحتاج إلى حافظ يعلم أنَّ الحديث في كتاب آخر صحيح كما تقدم ، أو أنَّه مُعلِّ من جميع طرقه ".
    من هنا نعرف مقدار الخطر الحقيقي في النظر في كتب العلل ، لمن لا يحسن فهم كلام أئمة هذا الفن ، في إعلالهم الحديث .
    وفي الوقت الذي نقرر هذه الحقيقة ، نقول :
    إنَّه في الوقت ذاته لا يكتمل النقد الحديثي ، ولا يستوي على ساقه بدون الرجوع إلى كتب العلل ، وذلك لمن تأهل علمياً طبعاً ، فكما أنَّ النظر في كتب العلل لمن لم يتأهل علمياً يُعد ذلك خطراً كبيراً على السنة النبوية ، إذ ربما ضعف ما صحَّ منها ، كما هو الحال مع صاحبنا هذا - وغيره كثر - فكذلك الحال بالنسبة لمن تأهل علمياً ، وأخذ يصحح ويضعف ، دون الرجوع إلى كتب العلل - كحال الكثير ممن يشتغل في علوم السنة اليوم - فإنَّه ربما صحح حديثاً من طريق لا يصح ، وقد وقفنا على الكثير من أمثال هذه الحالات ، ولا يتسع المجال لذكر أمثلة في هذه العجالة.
    وفي الختام أقول :
    لقد أحببتُ في هذه العجالة أن أذّكر نفسي - وإخواني من طلاب العلم - أهمية وخطورة كتب العلل في الوقت ذاته ، أهميتها بالنسبة لمن تأهل علمياً ونضج إلى حد كبير ، وخطورتها بالنسبة لمن ليس هذا حاله .. هذا والله أعلم.
    أخوكم من بلاد الشام الجريحة
    أبو محمد السوري
    قال سفيان الثوري :
    الملائكة حرَّاس السماء , وأصحاب الحديث حراس الأرض0

  2. #2

    افتراضي رد: خطورة النظر في كتب العلل لمن لم يـاهل علمياً ..

    صدقت ، وقد وضع الشيخ عبدالله السعد خطوات في تعلم العلل ، ونبه إلى أن علل لابن حاتم لا تناسب طالب العلم المبتدئ بسبب عدم معرفته لمراد أبي حاتم في هذا المجال ..
    وأوصى الشيخ أن يكون التمييز للإمام مسلم ، والعلل الكبير للترمذي هي في المقدمة ..

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •