زال المُلك عن خُلفاء بني أميَّة بالمشرق، وانتقلتِ الخلافةُ إلى بني العبَّاس ....
وقد كانت الأمواج العاتية مع بني العبَّاس في عهْد مروان بن محمَّد آخر خلفاء بني أمية.
وتنادى النَّاسُ بطغيان بعض خلفاء بني أميَّة، وظُلْمهم، حتَّى نُقل تشفِّي بعضِ العبَّاسيين من رُفات الأموات من خلفاء بني أميَّة.
في ظلِّ هذه الأجواء، وانهزام مرْوان بن محمَّد آخِر خُلفاء بني أميَّة، اتَّخذ الكاتب البليغ عبد الحميد بن يحيى بن سعد [المعروف بعبد الحميد الكاتب] موقفًا غريبًا ضدَّ الطوفان، واختار طريقًا مخالفًا لما عليه الناس.
فقد نقلوا أنَّه كان كاتبَ مرْوان هذا ومن خواصِّه ...
فلمَّا أدرك مرْوانُ أنَّ ملكه زائلٌ لا محالة .. نصحَه بأن يُظهِر البراءةَ منه وأن ينضمَّ للعباسيين ..
وأن يُعلِن أنَّه من المعارضين لمروان، المنضوين تحت لواء الدولة الفتية الناشئة.
ولكن أبَى ذلك عبدُ الحميد الكاتب.
وكرِه أن يتحدَّث الناس بأنَّه غدر بصاحبه وصار إلى عدوِّه...
حتى لو كان ذلك في ظاهر الأمر لا في حقيقته، وأنشد:
أُسِرُّ وفاءً ثُمَّ أُظهِرُ غدرةً * * * فمَن لي بعُذرٍ يُوسِعُ الناسَ ظاهِرُه
وأنشد:
فلَومٌ ظاهرٌ لا شكَّ فيه * * * للائمةٍ وعُذري بالمغيب
ورضي عبد الحميد الكاتب لنفسه أن يكون من الفلول..
مع أنَّ الظَّنَّ أنَّه لم يكن من أصحاب القرار في عهد مروان، ولم تكن يده متلوِّثة بدماء العباسيين.
وقد قُتِل عبدُ الحميد مع صاحبه الخليفة مرْوان بن محمَّد ببوصير بمصر.
- - -
تُرى أيها الإخوة ... هل يُمدح عبد الحميد الكاتب بهذا الموقف؟