أين أنت من علم هؤلاء القوم؟!
أين أنت من الاعتناء بكلامهم المنقول في هذا العلم الجليل والذي هو أفضل من كثير من العلوم؟!
كيف نصيبك من هذا العلم؟!
ما مقداره؟!
هل هو في خطة طلبك للعلم؟!
إنهم العلماء المتكلمون في علم السلوك وحقائق الإيمان وأحوال القلوب وتزكية النفوس
مالك بن دينار وحسان بن أبي سنان وفرقد السبخي وأمثالهم
والفضيل وابنه ويوسف بن أسباط وحذيفة المرعشى وأمثالهم
وابن أدهم ومعروف الكرخي والحافي وأمثالهم
والجنيد وابن أبي الحواري والداراني وأمثالهم.
لقد حباهم الله وخصهم ببلوغ الرتبة العلية في هذا العلم
فلهم فيه الكلمات الرائقة
والكشف عن دقائق الحقائق
والحكم الطيارة والمعاني المستنبطة الجليلة
نعم شاركهم غيرهم من العلماء فيه لكن السبق كان لهم والإمامة فيه كانت من نصيبهم
ولا يخفى أن هذا العلم علم من علوم الشرع الشريفة الصحيحة المنقولة عن السلف الصالح.
وطريقة أهله الأوائل ممن سمينا في صدر هذه الكلمة حسنة لا ابتداع فيها ولا اعوجاج
وهم كانوا أهل إتباع وسنن لا أهل ابتداع وضلال، وكلامهم في حقائق الإيمان حق وصواب ولا متمسك فيه للصوفية وأهل البدع.
وقد ورد عن كثير منهم أنهم لا يجيزون شيئا من هذا العلم إلا بشاهدين: شاهد من الكتاب وآخر من السنة.
وقد روي ذلك عنهم بأسانيد صحاح، وحكاه عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره وأثنى عليهم وعلى علمهم وطريقتهم.
نعم وقع في كلام بعض أهل هذا العلم مخالفات لكن لا يمنع ذلك من الاستفادة من علمهم في هذا المجال إذ غلبت عليهم الاستقامة كذي النون والشبلي وأمثالهما لأنه ما من معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن أغلب كلامهم حق وصواب بخلاف من كانت حاله مغايرة لهؤلاء كالحلاج وابن عربي وابن فارض وأمثالهم من مبتدعة الصوفية إذ زاد هؤلاء وأمثالهم على طريقة أهله الأوائل ما خرج بهم عن الطريقة المرضية التي كان عليها السلف وأتباعهم.
ومما يؤسف له أن كان لجهلة الصوفية وبعض الطوائف النصيب الأوفر في الاعتناء بكلام أهل هذا العلم الأوائل
فأخذوا واحتفلوا به غاية الاحتفال إلا أنهم زادوا فيه ما وصفت قبل قليل
والأولى بأهل الحق الاعتناء بكلام تلك الطائفة والجُلة الأُوَل والاحتفال به أكثر من غيرهم من صوفية ونحوهم
وقد قام بذلك بعض أهل الحق ولكنهم قلة كشيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي وأبي نعيم الأصفهاني وأبي بكر البيهقي وأبي العباس ابن تيمية شيخ الإسلام وابن القيم وابن رجب
كما يعلم ذلك من مصنفاتهم المتنوعة
فأين نحن اليوم من هذا العلم وموروث تلك الطائفة المرضية؟!