السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و مغفرته

يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا "


يَعِدُهُمْ:ما لا ينجزه
يُمَنِّيهِمْ:ما ا ينالون


وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًاو هو إظهار النفع فيما فيه الضرر و هذا الوعد اما بالخواطر الفاسدة او بلسان اوليائه


قوله مالاينجزه و مالا ينالون: إشارة الى ان المفعول الثانى للوعد و التمنية محذوف للعلم به و هو مالا ينجزه نحو طول العمر و العاقبة و نيل لذائذُ الدنيا من الجاه و المال و قضاء شهوات النفس و ما لا ينالون نحو لا بعث و لا حساب و لا جزآء و نيل المثوبات الاخروية من غير عمل.

قوله و هو إظهار النفع فيما فيه الضرر: يعنى ان الغرور مصدر غر .
يغرّ: بمعنى خدعة فيكون معناه إظهار ما يستحسن ظاهره و يحصل الندم عند انكشاف حقيقة الحال فيه و غرورا في الآية منصوب على انه مفعول له اي ما يعدهم لشئ الا لإجل ان يغرهم بوعده فإن الشيطان يزين لهم المعاصي و اتباع الشهوات و يوهمهم التمكن من التوبة بناء على طول العمر

و العاقبة لمن أغتر بوعده و فتح باب إتباع الحظوظ العاجلة و اللذائذ الفانية استحكم فيه خصلتان الحرص و طول الأمل و من اشتد حرصه على الشئ لم يأت له ان يصل إليه الا بمعصيةالله و إيذاء خلق الله و لا يبالى بشئ منهما و لا يتركهما طوعا و رغبة و من أطال أمله نسى الآخرة و استغرق في طلب الدنيا و تحصيل طيباتها فلا يكاد يؤثر فيه الزواجر و المواعظ فيصير قلبه كالحجارة او اشدّ قسوة و من فطره الله تعالى مستعداً لادراك الحق و قبوله و اتباعه فاغتر بوعد الشيطان و أطاعه فقد غير فطرة قلبه و استحق سخط ربه أليم عذابه فظهر ان ما وعده الشيطان و ألقاه إليه و ان كان ظاهره مستحسنا لذيذا الا ان عاقبته ضرر عظيم و هذا معنى الغرور.



و اعلم ان العمدة في آغواء الشيطان ان يزين له زخارف الدنيا و يلقى الامانى في قلب الانسان مثل ان يلقى في قلبه انه سيطول عمره و ينال من الدنيا امله و مقصوده و يستولى على اعدآئه و سيحصل له ما تيسر لأرباب المناصب و الاموال و كل ذلك غرور لانه ربما لا يطول عمره و ان طال فربما لا ينال امله و مطلوبه و ان طال عمره ووجد مطلوبه على احسن الوجوه فلابد ان يفارقه بالموت فيقع في اعظم انواع الغم و الحسرة فان تعلق القلب بالمحبوب

كلما كان اشد و اقوى كانت مفارقته اعظم تأثيرا في حصول الغم و الحسرة فنبه سبحانه و تعالى على أن الشيطان انما يعد و يمنى لأجل ان يغتر الانسان و يخدعه و يفوّت عنه اعز المطالب و انفع المآرب فالعاقل من لا يتبع وساوس الشيطان و لا يبتغى الا رضى الرحمن بالتمسك بكتابه العظيم و سنة رسوله الكريم و العمل بهما ليفوز فوزا عظيما وكفى بذلك نصيحة .




تفسير شيخ زاده