بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اتبع هداه، و بعد.
ففي كتاب العلامة الشَّيخ بكر بن عبدالله أبو زيد -شفاه الله و عافاه- :
( المداخل إلى آثار شيخ الإسلام ابن تيمية ) بعد سرده لأحداث سجن شيخ الإسلام و ترسيمه بالإقامة الجبرية ، قال ( بعد السجنة الأخيرة وهي السابعة ) :
"و فيها حصل له من الفتوح الربانية بالعلم و العبادة، ما يبهر العقول، و صدر منه من الكتب و الرسائل و الفتاوى العجب العجاب، مع أنه في آخر وقته مُنِع القلم و الدواة و الكتب و الرقاق.
و هذه السياقات تفيد أن طريق الإصلاح شاقٌّ و طويل، و محفوف بالمخاطر، و الأذايا ، و المكاره، فلا بد للداعي من الصبر و التحمّل،و لكن ليس معنى هذا أن يشحن امرؤٌ نفسه بالمُشَاقَّة ،و ليس له رصيد من علم، و لا حصانة من إخلاص و لا لسان صدق في الأمة، ثم يقول: لي قدوة بشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-!!
فإن هذا من التعرُّض للبلاء بما لا يطاق، و له من المردودات السالبة على مسيرة الدعوة و العلم ما لا يخفى، و الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
و يذكّرني في الوصية بالصبر في سبيل الدعوة :
أنه لمّا تخرج فوجٌ من الجامعة الإسلامية بمدينة النبي صلى الله عليه و سلم بعد سنة 1385هـ ؛ أعدّ حفل التخرج وكانت كلمة الأساتذة لشيخنا العلامة الشيخ ( محمد الأمين الشنقيطي ) المتوفى سنة 1393هـ -رحمه الله تعالى- فاخذ في كلمته يوصي بتقوى الله و الصبر على ما يلاقيه الداعي إلى الله من المشاق، و قال ما محصله : إن طريق الدعوة شاق و طويل، و مملوء بالشوك و الحُفَر فتسلّحوا بالإيمان و الصبر و التحمّل ... إلخ.
فكانت وصيةً وقعت في القلوب موقعاً.
ثم كان من الحضور الشيخ ( محمد محمود الصَّواف ) المتوفى سنة 1413هـ -رحمه الله- فعقَّب على ما ذكر، و قال ما محصّله: إن طريق الدعوة سهلٌ، و مفروش بالورود و الرياحين، و العالم الإسلامي يفتح ذراعيه لاستقبالكم ...إلخ.
فعقَّبَ عليه الشيخ الأمين –رحمه الله تعالى- بقوله :إذا كان ما يقوله الصوّاف صحيحاً فليرجع إلى مسقط رأسه : العراق. داعيةًً إلى الله لينظر ماذا سيلاقيه ؟!
فضجَّتْ الصالة بالتكبير، وانصرف الحضور وهم للأمين شاكرون؟!"
ص37-38
اللهم إنا نسألك العافية ..و ارزقنا الصبر و التصبر في سبيلك حين الابتلاء .