في أسلوب الحديث النبوي الشريف محفوظ فرج إبراهيم
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـ


عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
( لا يقضينَّ حَكمٌ بينَ اثنين وهوَ غضبان )[1] فتح الباري شرح صحيح البخاري 14: 118 رقم 7159 مختصر صحيح البخاري ص492

[1] في صحيح مسلم بشرح النووي 12: 14 رقم 1717 ( لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان )



ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ

ورد الحديث النبوي الشريف في جملة إنشائية طلبيه بأسلوب النهي ( لا يقضين حكم بين اثنين ) تلا ذلك ما يباين ذلك الأسلوب وهو( الخبر) (وهو غضبان) جملة اسمية مسبوقة بواو الحال.

ولما كان الحديث إيجاز لقضية مهمة دقيقة تتعلق بمصير الإنسان وذلك المصير، والعناية الربانية فيه وردت من خلال القرآن، ووضحها الحديث الشريف وأكد عليها بطريقة التباين في الإنشاء والخبر يرد في النهي النفي والإثبات (وهو غضبان ) المنسجم مع الصراع الحاصل في فكرة الحديث وهو أن يحكم الحاكم وهو غضبان والحكم في أمر الإنسان أي إنسان ( لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان ) فهذا الحديث يؤكد على التأسيس للنظرية الإسلامية في القضاء إلى ما شاء الله ويجب على الحاكم أن يتبعه[1].

لا الناهية الجازمة + يقضين الفعل المضارع المبني على الفتح في محل جزم لاتصاله بنون التوكيد والفعل (يقضيَنَّ ) متفق في الدلالة مع الفكرة؛ فالقاف في أصل مدلولها القطع والرسول صلى الله عليه وسلم أكد النهي عن القطع في الحكم حين الغضب . والمتتبع للحروف في مدلولاتها يجدها وضعت لما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم ف (الحاء) في ( حكم ) مخرجه من بين طرفين في الحلق وموقعه في موضع الحديث هو الحكم بين طرفين (بين اثنين) ( لا يقضين حكم بين اثنين ) وقد وردت الجملة الحالية لتبين متى يجب على الحاكم أن يمتنع عن الحكم ( وهو غضبان) فورد حال الحكم بجملة اسمية دالة على ثبات غضبه من حيث الرفع في المبتدأ والخبر إذ ان في الرفع دلالة الثبات ومن حيث الصفة المشبهة ( الخبر) غضبان وهي تختلف عن اسم الفاعل بأنها ثابتة وكل ذلك ورد بعد واو الحال أما دلالة الحروف في (غضبان ) فقد توافق مع مدلولها فالغين فيها الغموض والغرابة، والضاد فيها ضبابية وضلال، والإنسان في غضبه لا يتبين الأشياء

محفوظ فرج / بغداد
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــ




[1] الحق بها الحديث على القياس نهي القاضي عن الحكم بين الخصوم في حالة الجوع ، والعطش، والحقن، والحزن وذلك بجامع انشغال الذهن وتشويشه


ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ

من كتابي في أسلوب الحديث النبوي / محفوظ فرج إبراهيم