تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: تعقبات على بحث مشروعية دعاء ختم القرآن لفضيلة الشيخ/ جلال بن علي السلمي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    16

    افتراضي تعقبات على بحث مشروعية دعاء ختم القرآن لفضيلة الشيخ/ جلال بن علي السلمي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد :
    يكثر في كل سنة في شهر رمضان ، ولاسيما في آخره الكلام عن دعاء ختم القرآن في الصلاة ، هل هو من المشروع فعله ، أم أنه من المحدث الذي لا أصل له ؟ ، وقد وقفت على كتاب بعنوان : دعاء الختم في التراويح اختلاف وأدلة وترجيح . تأليف الشيخ / الشريف حاتم بن عارف العوني - حفظه الله - ، وكان لي عليه بعض الملحوظات ، فأحببت إبرازها نصحا لله ورسوله وعموم المسلمين ، وسأقتصـر إن شاء الله تعالى في هذا المقال على مناقشة كلامه في الجانب الاستدلالي فقط . هذا وأسأله سبحانه أن يغفر لي ذنوبي ، ويستر لي عيوبي .. آمين .
    .............................. .............................. ....................
    1- حصر الكاتب أدلة الاستحباب في جنسين اثنين ، الأول عنون له بقوله : ما ثبت في فضل الدعاء عقب ختم القرآن مطلقا ( دون تقييد له بكونه في الصلاة ) . وهذا العنوان فيه نظر من جهة أن ما ذكره من الأدلة المدعاة لا يصدق عليه وصف الإطلاق عند الأصوليين ، ومن ثم فلا يصح طردها واستعمالها في كل ما صدق عليه حقيقة اللفظ المطلق . ومأخذ ذلك : أنها من باب الأفعال ؛ وهي مما لا يوصف بالإطلاق على ما تقرر في الأصول . وعليه فيحتمل أنها وردت داخل الصلاة ( وهو ما يراد إثباته ) ، ويحتمل أنها وردت خارجها ، والقاعدة في الأصول : إذا ورد الاحتمال سقط الاستدلال . بل إن الكاتب حفظه الله استظهر أن أثر أنس رضي الله عنه ( وهو أقوى ما استدل به ) كان دعاءً خارج الصلاة لا فيها . ص 33 . بل إن منها ما ليس للدعاء فيه ذكر أصلا ، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
    2- قال الكاتب - حفظه الله - بعد ذكره لأثر أنس بن مالك رضي الله عنه : " ومثل هذا الأثر كاف لإثبات أن من أوقات إجابة الدعاء : الوقت الذي يكون بعد ختم القرآن ... " .
    قلت : ليس في الأثر أن أنس رضي الله عنه أخبر بأن الدعاء عقب ختم القرآن من أوقات الإجابة ، بل غاية ما فيه أنه كان يدعو ، وقد يكون في دعائه هذا معتمداً على الأصل في الدعاء ، وهو المشروعية ...
    فإن قيل : بأن أنساً رضي الله عنه لو لم يعتقد أنه محل للإجابة لما قصده بالدعاء ، وعليه فيستفاد كونه من أوقات الإجابة من فعله بواسطة دلالة الالتزام .
    فالجواب : أن كل وقت من الأوقات هو مظنة لإجابة الدعاء ، قال تعالى : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ... ) ، فلعل أنساً رضي الله عنه عول على نحو هذا ، والله أعلم .
    لماذا عدل الكاتب عن إثبات مشروعية الدعاء بواسطة هذا الأثر إلى إثبات كون ذلك الوقت من أوقات الإجابة ؟! .
    الجواب : أن القول بالمشروعية من الأمور التي يدخلها الاجتهاد ، وعليه فاحتمال اعتماد الصحابي فيها على التوقيف ليس من الظن الراجح الذي يصح اعتباره في الديانة عند الجمهور ، بينما دعوى كون وقت الختم من أوقات الإجابة أمر غيبي يتعلق بالله سبحانه وتعالى ، لا يمكن الوقوف عليه إلا بوحي ، ولا مجال لاحتمال أخذه عن بني إسرائيل الذين ورد النص بجواز التحديث عنهم ، لأن هذا أمر مختص بالقرآن ، ولا علاقة لهم به ...
    وبناءا على ما سبق فتوصيف استدلال الكاتب ما يلي :
    أن أنساً رضي الله عنه يرى أن وقت الختم من أوقات الإجابة ، وهذه مقدمة أولى .
    وتوقيت الإجابة أمر غيبي لا يعرف بالعقل ، بل بالتوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه مقدمة ثانية .
    النتيجة : ثبوت كون وقت الختم من أوقات الإجابة ثابت بالتوقيف [ المرفوع الحكمي ] .
    وعليه يشرع الدعاء في ذلك الوقت .
    وقد قررت سابقا أن المقدمة الأولى التي ذكرها الشيخ - حفظه الله - ليست بصحيحة ، من جهة أن الأثر لا دلالة فيه على كون وقت الختم وقت إجابة ، ومن المتقرر أن بطلان المقدمة يلزم منه بطلان النتيجة ولا بد .
    3- قال الشيخ بعد ذلك : ( وأنس بن مالك رضي الله عنه هو من لزم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنوات ، فالأرجح أنه لم يفعل هذا الفعل إلا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم ) .
    قلت : هذا التقرير لا يخلو من احتمالين اثنين :
    الأول : أنه ذكره على أنه معاضد للتقرير السابق .
    والثاني : أنه ذكره على أنه دليل مستقل في إثبات التوقيف .
    وعلى كلا الاحتمالين فالاعتماد على طول الصحبة في إثبات التوقيف ضرب من الخرص الذي لا يصح اعتباره لا استقلالا ولاتبعا ، قال تعالى : ( إن الظن لا يغني من الحق شيئا ) . ولو جاز اعتبار مثل هذا لطرحت السنن ، وعورضت بأقوال الصحابة المخالفة لها ؛ لاحتمال كونها صادرة عن توقيف ، والظن بالمؤلف أنه يمنع هذا .
    4- قال الشيخ : ( وإن ورد على مثل هذا الفعل احتمال حصوله اجتهاداً ( ونعني به اجتهادا خاطئا لا يستند إلى دليل صحيح ) ، فاحتمال كونه اجتهادا صحيحا هو الأرجح ، ومثله لا يكون اجتهادا صحيحا إلا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم يخرجه عن الابتداع ) .
    قلت : ادعى المؤلف أن احتمال كونه اجتهادا صحيحاً هو الأرجح ، ولم يبين للقارئ وجه الترجيح ومأخذه ، مع أنه في مقام الإبطال للاحتمال الآخر ، ومثل هذا يسمى عند الجدليين بالتحكم ، وهو ممنوع ، وللمخالف أن يدعي العكس فيقول : احتمال كونه اجتهادا خاطئا هو الأرجح ، ولا يذكر دليلا ؛ معاملة له بمثل طريقته ، والجادة أن يرجح أحد الاحتمالين مع تسبيب ذلك .
    5- قال الشيخ حفظه الله : ( ومثله لا يكون اجتهادا صحيحا إلا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم يخرجه عن الابتداع ) .
    قلت : لا يخلو من أمرين :
    الأول : أنه يقصد بالمثلية في قوله : ومثله لا يكون ... أي مثله في كونه أمرا غيبيا . وقد تقدم معنا الجواب عنه ، من جهة أن دعاء أنس رضي الله عنه مما يدخله الاجتهاد ، وأنه ليس من الأمور الغيبية ، إذ يُحتمل اعتماده على الأصل في الدعاء ، وهو المشـروعية . والله أعلم .
    الثاني : أنه يقصد بالمثلية في قوله : ومثله لا يكون ... أي مثله في كونه أمر تعبديا . ولعل هذا هو الأقرب في مراده ، لئلا يكون تكرارا مع ما سبق . وتتميم استدلاله أن يقال : والصحابة لا يحصل منهم الابتداع . النتيجة : أنها توقيف . والجواب عن هذا : أنه لا يلزم من الوقوع في البدعة حصول وصف الابتداع . فلو فرضنا جدلا أن أنسا رضي الله عنه وقع في بدعة ، فلا يلزم منه أنه مبتدع ، وهذا معلوم . وهنا بحث : وهو هل يجوز وصف فعل الصحابي التعبدي ( بهذا القيد ) المخالف للنصوص الشرعية بالبدعة ؟ . الذي يظهر لي : أنه لا مانع من ذلك ، لأن وصف البدعة [ الفعل التعبدي الذي لم يرد به دليل ] صادقٌ على مثل هذا الفعل ، ولا محظور ، وكما سبق لا تلازم بين وصف الفعل والفاعل . وقد يجاب بجواب آخر وهو : أن البدع تجري مجرى المعاصي ، [ وفيها خلاف هل هي من الكبائر لحديث ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) ، أو أنها من الصغائر ؟ ] ، والمعاصي بنوعيها جائز حصولها من الصحابة ، إذ قد وقعت ، والوقوع دليل الجواز . نعم من باب عدم إساءة الظن ينبغي حمل الفعل الذي قد يفهم منه البدعة على خلاف ذلك ما دام للتأويل فيه مدخل ، وليس هذا خاصا بالصحابة الكرام رضي الله عنهم ، ولكن يتأكد في حقهم لتزكية الله لهم ، ولعظيم فضلهم ، وإمامتهم في الدين . وقد تقدم معنا تأويل فعل أنس رضي الله عنه بأنه اعتمد على الأصل في الدعاء ، وهو المشروعية ، وقد يكون رضي الله عنه راعى الختم لكونه عمل صالح أراد أن يتوسل به في دعائه ، لا أن الختم محل لتأكد الدعاء .
    6- قال الشيخ - حفظه الله - : ( أو بعبارة أخرى : ما دام الأصل في الصحابة البعد عن الابتداع ...) .
    قلت : أراد المؤلف أن يبين في هذا مأخذ جزمه بالتوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولماذا عمد إلى الخروج عن الابتداع ؟ ، فأخذ يقرر أن الصحابة رضي الله عنهم لا يقعون في البدعة ، فيتعين أنه توقيف . وعليه فليس هذا عين التقرير السابق من كل وجه . وفي تقرير المؤلف نظر ظاهر ، وهو أن أحتاط جدا في تقرير هذه المقدمة ، فلم يجزم بعدم وقوع الصحابة في البدعة ، مع العلم بأن الاستدلال لا يتم إلا بالجزم ، وإليك بيان ذلك :
    * قال : (الأصل في الصحابة البعد عن الابتداع ) . قلت : ولم يقل لا يبتدعون . ومن المعلوم أن استعمال لفظ الأصل معناه ورود الاستثناء .
    * قال : ( أشد الناس بعدا عن الوقوع في الخلل المنهجي الداعي إلى الوقوع في البدعة ) . قلت : لم يقل هم مبتعدون عن ذلك ، ثم إنه هنا نفى الوقوع في البدعة ، وفيما سبق نفى الابتداع بتقريره الأصل ، وهذا تغاير في التقرير غير مقبول ! ، لأن بين الأمرين فرق كما سبق .
    * قال : ( وقوع هذا إذا ثبت نادر جدا ... ) . قلت : علق الوقوع على الثبوت ، ووصفه بالندرة وأكدها ، وبهذا يظهر أن المؤلف لا يتجاسر على نفي وقوع الصحابة في البدعة ، مع العلم بأن تقرير استدلاله هذا لا يتم له إلا بالجزم بذلك كما سبق .
    7- ذكر الشيخ أثر مجاهد وعبدة بن أبي لبابة ، وفيه : ( كان يقال : إذا ختم القرآن ، نزلت الرحمة ... ) .
    قلت : هذا الأثر مرسل ، والمرسل ضعيف للجهل بحال الساقط ، وبهذا قال أكثر الأصوليين . وفي تقويته بأثر أنس رضي الله عنه نظر من وجهين ، الأول : أن الضعيف لا يتقوى بضعيف مثله ، ومن قال بذلك فقد عمد إلى خلاف الأصل ، وعليه إثبات الدليل ، ولا دليل . الثاني : ليس في أثر أنس رضي الله عنه أن الختم محل لتنزل الرحمة ، وعليه فالتقوية قاصرة ، ومن المعلوم أن المؤلف يعول عليه ( أي : تنزل الرحمة ) في الاستدلال ، حيث قال : ( ففضلا عن كون باب الفضائل الغيبية أمرا بعيدا أن يقال باجتهاد أصلا ... ) . والمؤلف قوى الأثر بفعل هؤلاء النفر من التابعين رحمهم الله ، وليست هذه جادة في تقوية المرسل ، وبحثه في أصول الفقه والحديث .
    8- ذكر المؤلف وفقه الله من الأدلة أثر مالك بن دينار أنه قال : ( كان يقال : اشهدوا ختم القرآن ) . قلت : لا يدرى من القائل ، فقد يكون مقطوعا أي مرويا عن بعض التابعين ، وعليه فلا حجة فيه . ثم إنه ليس فيه ذكر الدعاء ، وعليه فلا يصلح الاستدلال به . وما ذكره المؤلف من التلازم غير متجه ، فلا يلزم من الحث على شهود الختم الدعاء لأجله ، فقد يكون المقصود لظن حصول مغفرة مرتبة على ذلك مثلا ، وفي مثل هذا لا يصح أن نقول لا مزية لأول القرآن عن آخره ...
    9- ذكر المؤلف وفقه الله من الأدلة أثر عطاء بن أبي رباح رحمه الله ...
    قلت : في إسناده : محمد بن يزيد بن خُنيس مجهول ، قال في التقريب : مقبول يعني إذا توبع ، ولم يتابع . وقول أبي حاتم عنه : شيخ صالح ، لا يعد توثيقا . وعليه فليس بثابت . ورواية الفاكهي ( والتي اعتمادها في الاستدلال ) في إسنادها أيضا أبو عمرو الزيات مجهول ، والمتابعة التي ذكرها قاصرة بالنسبة للتكبير ، مع أنه استفاد منه في تقرير المشروعية لدعاء الختم كما هو ظاهر .
    * ليس في أثر عطاء أي ذكر للدعاء فلا يصح التعويل عليه كما لا يخفى ، على أن المؤلف حول إيهام دلالته على الدعاء ولم يذكر مأخذه ، حيث قال : ( أن عطاء ... فارق بين الاجتماع لختم القرآن والتكبير عقب سورة الضحى ) .
    * من الملاحظ على المؤلف أنه قد بالغ في توصيف الأشخاص القائلين بدعاء الختم لتقرير الاستدلال ، ومثل هذا مرفوض في تناول المسائل الخلافية . قال هنا في عطاء رحمه الله : وهو من سادات التابعين علما وفقها وتقى ، وقال في البخاري رحمه الله : إمام السنة وشيخ صنعة الحديث ، وهكذا . على أن ذكر هذه الأوصاف من تعريف الواضحات ، وهو تحصيل حاصل بالنسبة للقارئ .
    * من المتقرر في الأصول عدم الاحتجاج بقول التابعي ، وقد حكي الاتفاق على هذا . والمصنف اعتمد في الاستدلال بالأثر على مجرد الفعل عن عطاء . والله أعلم.
    * أخذ المؤلف بعد ذلك يتكلم عن وجه سكوت عطاء رحمه الله عن إنكار التكبير ، وأورد للإنكار ثلاثة احتمالات ... منها أنه قصد البدعة اللغوية . قلت : في أثر عطاء لم يرد ذكر لفظ البدعة أبدا ، بل وصفها حيث قال : ( ما كان القوم يفعلون هذا ) ، فكيف يقال قصد البدعة اللغوية ؟ !!! . الاحتمال الثاني قال فيه : ( يحتمل أنه أطلق عليه وصف البدعة ويعني بها البدعة الشـرعية ) . وهذا غلط آخر إذ لم يذكر لفظ البدعة أبدا . الاحتمال الثالث قال فيه : ( سكت عن الإنكار ، لأنه رأى أن للإنكار مفسدة أعظم من مفسدة السكوت عنه ، وقد يشهد لذلك أنه قد بين صعوبة قبول إنكاره بقوله : ( أنهى رجلا يقول الله أكبر ؟ ! ) . ) . وفي هذا نظر آخر ، إذ إن صعوبة قبول الإنكار لا تعد مفسدة ، قال تعالى : (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) .
    10- ذكر المؤلف - وفقه الله - مجموعة من الآثار في الختم ومشـروعيته ، وعمل على تسويدها ، وهي خمسة أثار ، وليس فيها ذكر للدعاء ، وقد أقر بذلك ، حيث قال : ( وليس فيه ذكر دعاء الختم ) . وهذا غير مستقيم في سنن البحث ؛ لأنه أوردها تحت عنوان : ما ثبت في فضل الدعاء عقب ختم القرآن مطلقا . وعاملها معاملة الآثار التي ورد فيها ذكر الدعاء بتسويدها !! .
    11- أورد المؤلف - وفقه الله - أيضا تحت هذا العنوان في آخره نقولا عن بعض العلماء فيها القول بمشروعية الدعاء ، كالنقل عن الإمام البخاري ، والإمام ابن الجزري رحمهما الله تعالى . والجادة أن يوردها تحت الفصل السابق الذي خصصه لأقوال العلماء في دعاء ختم القرآن .
    12- ذكر الشيخ - وفقه الله - في آخر المبحث النتائج التي توصل إليها ، وهي محل نقاش ، وقد أجبت عنها في ما سبق .
    13- ذكر الشيخ - وفقه الله بعد ذلك الجنس الثاني من الأدلة الدالة على مشروعية دعاء الختم ، وعنون له بقوله : ما يدل على استحباب دعاء الختم في صلاة التراويح قبل الركوع . وذكر بأنه أصرح أدلة هذا الباب ، قال المؤلف : ( وهذا الدليل : هو الدليل الذي احتج به الإمام أحمد نفسه ، عندما ذكر أن ختم القرآن يكون بعد الفراغ من قراءة : ( قل أعوذ بالله برب الناس ) ، قبل الركوع . فسأله السائل عن حجته قائلا : ( إلى أي شيء تذهب في هذا ؟ فقال : رأيت أهل مكة يفعلونه ، وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم ) ) . قلت : جزم المؤلف بأن هذا الكلام من الإمام أحمد معناه الاحتجاج بعمل أهل مكة ، وفي هذا الجزم نظر ؛ فالأمر يحتمل أكثر من احتمال : الأول : أن الإمام أحمد قاله احتجاجا بعمل أهل مكة ، كما قال المؤلف . الثاني : أن الإمام أحمد قاله تقليدا منه لسفيان بن عيينة رحمه الله ، وأهل العلم من أهل مكة ، حيث لم يظهر له في المسألة شيء . فإن قيل : مذهب أحمد عدم جواز تقليد المجتهد لمجتهد آخر ولو ضاق الوقت نص على ذلك في رواية الفضل ابن زياد ، فكيف يقال بورود هذا الاحتمال ؟ ! الجواب : قد يكون للإمام أحمد رحمه الله في المسألة قولا آخر ، وليس بمستنكر ، ومن مثل هذا تؤخذ اختياراته الأصولية ، ثم إن المؤلف وفقه الله قد أخذ أصلا كليا من هذا النقل ، وهو حجية عمل أهل مكة ، ولم يسبقه إليه أحد من الحنابلة ، ولا ذكروه في كتبهم الأصولية ، المعتنية بأصول الاستدلال عند الإمام رحمه الله . وعليه فلا يصح إضافة هذا الأصل إلى الإمام رحمه الله .
    14- قال المؤلف وفقه الله : ( حتى أصبح القول باستحباب الختم قولا مرذولا عند عموم طلبة العلم ، مع جلالة من أيده على من عارضه عندهم ) . قلت : جلالة العلم لا أثر لها في رجحان القول ، فمثل هذا الكلام لا ينبغي إقحامه في هذا الموطن .
    15- قال المؤلف وفقه الله : ( وكم من فتنة حصلت جراء هذا الغياب لوجه استدلال الإمام أحمد ... ) . قلت : الفتنة إنما تحصل بسبب عد العلم بالطريقة الشـرعية في تناول مسائل الخلاف ، وكيفية الإنكار فيها ، لا كما ذكر الكاتب .
    16- قرر المؤلف وفقه الله عدم الإنكار في مسائل الخلاف ، بل بالغ مبالغة واضحة ، حيث ذهب إلى عدم جواز الإنكار ، وفي هذا الكلام نظر ظاهر ، لأنه مخالف للنصوص الشرعية الدالة على مشـروعية الإنكار ، حيث لم تفرق بين المنكر الاتفاقي والخلافي ، فقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- عند مسلم في الصحيح مرفوعا: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه ...» الحديثَ . ومن المضحكات أن أحدهم خالفني في هذه المسألة ، مسألة الإنكار في مسائل الخلاف ، فذكرت له هذا الحديث ، فأجاب بأن الفعل ليس منكرا عند المخالف ، فقلت له : هل تعمل بالنص بناءا على فهمك ، أما بناءا على فهم المخالف ؟ ! ، قال على فهمي وفهمه . قلت : في كل مسألة خلافية اعمل فيها بفهمك وفهم المخالف ، وانظر ما النتيجة ، فبهت .
    17- تكلم المؤلف وفقه الله بعد ذلك بكلام طويل عمد فيه إلى تبرئة الإمام أحمد رحمه الله من ذهابه إلى هذا القول اعتمادا على عمل الناس المجرد ، وأورد لذلك أدلة ثلاثة !!! . الأول : أن الإمام أحمد هو الإمام في السنة المجاهد في حمايتها المجتهد في علومها ... الثاني : أن مصادر التشريع وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس ، وما يرجع إليها ، وهي لا تخفى على صغار الطلبة فضلا عن الإمام رحمه الله . الثالث : أنه من الإمام أحمد رحمه الله تعلمنا أن فعل الناس ليس بحجة ، وأنه من الإمام أحمد عرفنا أن الاستحباب لا يثبت بمجرد اجتهاد مجتهد ولا باستحسان جاهل أو عالم ... قلت : الإمام أحمد رحمه الله علم في السنة ، وأنا أقل من أكتب حرفا في فضله ، لكن لا بد من تقرير أمر مهم ، وهو أنه لا تلازم بين فضل العالم وعدم الخطأ في الاجتهاد ، ولا تلازم بين الإمامة في الدين ، وخفاء آحاد المسائل عن العالم ، وقد حصل ذلك للأئمة الخلفاء عليهم رضوان الله تعالى ، وأعلق على الأمر الثالث أو الدليل الثالث : بأن العبرة في مذهب العالم بقوله لا بفعله ، فإذا كان الإمام أحمد يقرر عدم جواز الاعتماد على عمل الناس ، كما يقول الشيخ وفقه الله ، فينبغي إضافته مذهبا للإمام أحمد رحمه الله ، وتقديمه على فعله . هذا على فرض اعتماده رحمه الله على العمل المجرد ، وقد تقدم أن بينت احتمال كونه رحمه الله قاله تقليدا لسفيان ، وأهل العلم من أهل مكة .
    18- زاد المؤلف وفقه الله أمر رابعا في تقرير تبرئة الإمام أحمد رحمه الله من اعتماده على عمل الناس المجرد ، وهو أن القول بهذا يعد إضافة أصل من أصول التلقي لا تعرفه مصادر أهل السنة والجماعة ، والذي وصل حد المخالفة في مصادر التلقي ، إن وقع ... فلا يقع إلا من رؤوس أهل البدع وعتاتهم ... قلت : هذا منه حفظه الله مبالغة في التقرير ، ففرق بين تقرير الأصل وتبنيه ، وبين القول به مرة واحدة مثلا ، فقد يكون ذلك من باب الخطأ ونحوه . وقصد المؤلف من وراء هذه المبالغة تقوية المقدمة الأولى في استدلاله ، ألا وهي أن الإمام أحمد رحمه الله لم يعتمد على العمل المجرد ، وإنما على شيء آخر ، ولا شيء آخر غير أنه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم . قلت : فرضنا جدلا أن الإمام أحمد رحمه الله ظن اعتماد أهل مكة على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فهل يلزم من ذلك أنها سنة ، وأنهم اعتمدوا في ذلك على سماع قاطع ؟ الجواب : لا ، لأن الرواية يتوقف إثباتها على النقل المضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس الأمر كذلك هنا ، ولو كان في المسألة نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم لبينه الإمام أحمد رحمه الله واعتمد عليه ، ولا سيما وقد زار أحمد رحمه الله مكة ، وأخذ عن علمائها كسفيان بن عيينة رحمه الله وغيره . وأنا أسأل ما الفرق بين مكة والبقاع الأخرى عدا المدينة في هذا الاحتمال ، وهو الاعتماد على رواية ؟ ! ، لا أعلم فرقا غير سكن بعض الصحابة لها ، وقد سكن الصحابة غيرها ، وعليه فيلزم أن تكون تلك الأمصار كذلك ، ولأظن المؤلف يقول بمثل هذا !!! . ومثل هذا الظن غير مقبول في إثبات الشـرع ، ودعوى الرواية ، قال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) ، وقال : (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشـركوا بالله ما لم ينزل به سلطنا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) وقال : (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون) ، وقال : (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون) . وقال : (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى) . وقال : (وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً) . وقال : (وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئاً إن الله عليم بما يفعلون) ، وقال : حكاية عن الذين كفروا، على وجه الذم لهم : (إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين) ، وأمثال هذه الآيات كثير .
    19- اعتمد المؤلف في تقرير الاحتجاج لعمل أهل مكة بالقياس على عمل أهل المدينة ، حيث قال : ( فالاحتجاج به صحيح كالاحتجاج الصحيح بعمل أهل المدينة الذي كان عليه الإمام مالك ... ) . قلت : نقل الشيخ حفظه الله في مبحث أقوال العلماء في المسألة عن الإمام مالك رحمه الله ، أنه سئل عن الذي يقرأ القرآن فيختمه ، ثم يدعو ؟ فقال ما سمعت أنه يدعا عند ختم القرآن ، وما هو من عمل الناس ... ) . قلت : وعليه فعمل أهل المدينة لا دعاء للختم ، وعمل أهل مكة الدعاء للختم فأيهما سيقدم الكاتب ؟ ! ، وكيف سيفعل في حل هذا التعارض ؟ ! ...
    20- تأملت المبحث الذي ذكره الشيخ حفظه الله وعنون له بقوله : مدى حجية عمل أهل مكة ... فوجدته مجرد نقول عن بعض العلماء لا يصح التعويل عليها في استفادة حجية عمل أهل مكة ومن الأصول المقررة : لا حجة في قول أحد من العلماء . ورأيته استدل بدليل واحد وهو حديث : ( الوزن وزن أهل مكة ، والمكيال مكيال أهل المدينة ) . قلت : هذا الحديث لا دلالة فيه على حجية عمل أهل مكة ، بل غاية ما فيه أن الوزن معتبر بوزنهم يعني من كان منهم في زمانه صلى الله عليه وسلم ، لأن غير الموجودين في ذلك الزمان لا يشملهم هذا اللفظ العام على ما تقرر في الأصول .
    21- ذكر المؤلف وفقه الله في ص : 59 أن الإمام أحمد احتج بعمل أهل مكة في مسألة أخرى غير مسألة دعاء الختم في الترويح ، وهي مسألة الأذان ، وقد فهم ذلك من رواية أحمد حيث جاء فيها : ( أذان أبي محذورة أعجب إلي ، وعليه أهل مكة إلى اليوم ) . قلت : الذي يظهر أن هذا الفهم غلطٌ ، فهذا ليس تأسيسا لحكم بعمل أهل مكة ، إذ أذان أبي محذورة ثابت براوية ، وأحمد رحمه الله من رواتها ، ولا يبعد أن يكون قوله : ( وعليه أهل مكة إلى اليوم ) من باب الإخبار ليس إلا .
    وأكتفي بهذا القدر ، والله تعالى أعلم .
    كتبه / جلال بن علي حمدان السلمي .
    غفر الله له ولوالديه وأهله .
    10 / 9 / 1432 هـ .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    587

    افتراضي رد: تعقبات على بحث مشروعية دعاء ختم القرآن لفضيلة الشيخ/ جلال بن علي السلمي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوبراني مشاهدة المشاركة
    قلت : في إسناده : محمد بن يزيد بن خُنيس مجهول ، قال في التقريب : مقبول يعني إذا توبع ، ولم يتابع . وقول أبي حاتم عنه : شيخ صالح ، لا يعد توثيقا . وعليه فليس بثابت .
    بسم الله الرحمن الرحيم
    هذه وقفة مع كلام الأخ جلال السُّلمي-وفقه الله- في محمد بن يزيد بن خُنيس.. وما أحب أن أشير إليه أني لم أطلع على رسالة الشيخ حاتم التي تعقبها الأخ الكريم...
    وقد ظهر لي أن كلام الأخ في حق ابن خنيس لم يكن في محله ... كان على جلال أن يتروى في حكمه و يعود إلى أمَّات كتب الجرح والتعديل ولا يكتفي بالتقريب أو الكاشف ؟؟؟
    كما أنَّ استقصاء أقوال النقدة في الراوي ركيزة مهمة في معرفة المنزلة التي يستحقها الراوي...
    الحكم على الرجال يا جلال ليس من السهولة كما يتصوره البعض...

    ابن خُنَيس هو محمد بن يزيد بن خنيس المخزومي مولاهم أبو عبد الله المكي،روى عَنهُ قُتَيْبَة بن سعيد وَالنَّاس كما قال ابن حبان، وثقه أبو حاتم الرازي وابن حبان والعجلي وصحح له ابن خزيمة ...
    وقال عنه الذهبي في الميزان(4/68): هو وسط ،وأظن-والعلم عند الله تعالى- أنَّ الذهبي لو وقف على توثيق أبي حاتم والعجلي لتغير حكمه.

    *قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل(8/127)
    573 - محمد بن يزيد بن خنيس أبو عبد الله مولى بني مخزوم مكى روى عن الثوري [وابن جريح - 1] ووهيب بن الورد وسعيد بن حسان وعبد العزيز (82 م 5) بن أبى رواد والحسن [بن محمد - 3] بن عبيد الله ابن ابى يزيد روى عنه ابن نمير ونصر بن على [وسليمان بن معبد - 3] سمعت أبي يقول ذلك.
    قال أبو محمد روى عنه الحسن بن محمد بن الصباح وأبى رحمه الله [وابنه - 3] .
    نا عبد الرحمن قال سألت أبي عنه فقال: كان شيخا صالحا كتبنا عنه بمكة، وكان ممتنعا من التحديث فأدخلني عليه ابنه، فقيل لأبى فما قولك فيه؟ فقال: ثقة )انتهى...

    ولعل عذر جلال فيما نقله عن أبي حاتم هو أنه اكتفى بالنقل عن التهذيب أو الكاشف،والله أعلم.

    *قال ابن حبان في الثقات(9/61)
    مُحَمَّد بن يزِيد بن خُنَيْس المَخْزُومِي أَبُو عبد الله الْمَكِّيّ يروي عَن الثَّوْريّ ووهيب بن الْورْد روى عَنهُ قُتَيْبَة بن سعيد وَالنَّاس وَكَانَ من خِيَار النَّاس رُبمَا أَخطَأ يجب أَن يعْتَبر حَدِيثه إِذا بَين السماع فِي خَبره وَلم يرو عَنهُ إِلَّا ثِقَة فَأَما عبد الله بن مسيب فَعنده عَنهُ عجائب كَثِيرَة لَا اعْتِبَار بهَا مَاتَ بعد الْمِائَتَيْنِ)انتهى...

    *وممن وثقه العجلي..راجعه تاريخه الشهير بالثقات(2/57)

    وعليه فكبار النقاد المتقدمين على توثيق محمد بن يزيد،وأما الجهالة التي ذكرها جلال فهي من كيسه ليس إلا...
    هذا ما أردت أن أبينه للأخ جلال فيما جانب فيه الصواب... ولعلي أقف معه مستقبلاً إن شاء الله تعالى في بعض ما قاله ...والله أعلم
    ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ

  3. #3

    افتراضي رد: تعقبات على بحث مشروعية دعاء ختم القرآن لفضيلة الشيخ/ جلال بن علي السلمي

    يقول الشيخ سلمان حفظه الله:
    الدعاء عند ختم القرآن الكريم -أيضاً- مشروع، وقد ثبت من حديث جابر عند أحمد وأبي داود، ومن حديث عمران بن حصين عند الطبراني، وهما حديثان صحيحان، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {اقرءوا القرآن وادعوا الله به} وفي لفظ: {وسلوا الله به، فإنه يأتي قوم يتعجلون أجره ولا يتأجلونه} فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نقرأ القرآن ونسأل وندعو الله به. إذاً: فالدعاء عند ختم القرآن مستحب، وفي سنن الدارمي بسند جيد أن أنساً رضي الله عنه [[كان إذا ختم القرآن الكريم جمع أهل بيته فدعا بهم]].ثالثاً: هذا الدعاء الذي يقال عند ختم القرآن الكريم ينبغي أن يكون في صلاة الوتر، سواء في التراويح أو في القيام، وذلك لأن الوتر هو المكان الذي ثبت شرعاً أنه مكان للدعاء، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو، ويقنت في وتره، وعلَّم الحسن كما في سنن الترمذي بسند حسن، أنه صلى الله عليه وسلَّم علمه أن يقول: اللهم اهدني فيمن هديت.. إلى آخر الدعاء المعروف. فالسنة في الدعاء أن يكون في الوتر، قبل الركوع أو بعده، فكلاهما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كان أكثر دعائه صلى الله عليه وسلم بعد الركوع.رابعاً: هذا الدعاء لا مانع من إطالته بمناسبة ختم القرآن، بمعنى أن يضاعف الإنسان الدعاء بمناسبة ختم القرآن، ويضيف أدعية تتعلق بالقرآن الكريم، مثل قول بعضهم: اللهم انفعنا وارفعنا بالقرآن الكريم، اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك يا أرحم الراحمين، اللهم اجعل القرآن لنا شفيعاً.. إلى آخر الأدعية الخاصة بالقرآن، وهذه مناسبة جيدة، أن يختار الإنسان أدعية تتعلق بالقرآن الكريم. أما الدعاء الشائع عند الناس الذي يبدأ عندهم بقوله: صدق الله العظيم الذي لم يزل عليماً قديراً... إلى آخر الأدعية التي تبدأ عندهم بصدق الله العظيم، صدق الله، ومن أصدق من الله قيلاً، أو صدق الله العظيم وبلغ رسوله الكريم، ونحن على ما قال ربنا من الشاهدين، ولما أوجب وألزم غير جاحدين. فهذه لا أصل لها، والأولى بالإنسان أن يتجنبها، خاصةً وقد انتشرت عند الناس حتى ظن بعضهم أنها من السنن، فلو تركها أحد لأنكروا عليه وقاموا في وجهه، وقالوا: لقد خالفت السنة!! وليس لها أصل صحيح. ومما يدخل في المنع: أن بعض الناس يزيد في دعاء ختم القرآن مواعظ وأذكاراً تتعلق بذكر القبر وما يقع فيه من عذاب، وكذلك ذكر الصراط والبعث والجزاء والحساب والجنة والنار وما يقع فيها، ولا شك أن هذا ليس محله، وهو من الاعتداء المنهي عنه، وربما أوصل بعضهم إلى أن تبطل صلاته، لأن بعضهم يحول الدعاء إلى موعظة ويخاطب المصلين بالخطاب المباشر، وهذا يبطل الصلاة بلا شك. فينبغي أن يفرق بين هذا وهذا، فمن يقول: إن الختمة بدعة أو الختمة سنة، كلاهما ينبغي أن لا يتسرع في إطلاق هذه الكلمة، بل لا بد أن يفصل ويبين ما يكون سنة وما ليس بسنة، مع أن الأمر لا ينبغي التشديد فيه -فيما يظهر لي- حتى إن الذين يقرءون دعاء الختمة في التراويح، أعني في صلاة ثنائية في غير الوتر، يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الفجر، كما ثبت عنه مرات، وثبت عنه القنوت في غير صلاة الفجر، في صلاة الظهر والعصر والعشاء في أحاديث كثيرة، فيقولون هذا من هذا، وإن كان هذا لا يقاس عليه، والعبادات ليس فيها مجال للقياس، ولذلك لا أصل للدعاء في صلاة ثنائية فيما أعلم.
    من دروسه وقفات مع شهر رمضان التي القاها عام 1410

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    16

    افتراضي رد: تعقبات على بحث مشروعية دعاء ختم القرآن لفضيلة الشيخ/ جلال بن علي السلمي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    لي تعليق على كلام الأخ العطاب وفقه الله - :
    - جزمت في أول كلامك أن الشيخ رجع إلى التقريب والكاشف ، ومن الذي أدراك بأنه رجع إليهما فقط ؟ ! . هذا الجزم لا يليق في مناقشة الآراء . وفي خاتمة كلامك جعلته اعتذارا ، ولم تجزم به حيث قلت : لعل عذر ... . وهذا اضطراب في الكلام . وفيه تطويل من غير طائل ، وهو ضرب من التثريب ، لا يخفى على اللبيب .
    - قلتَ : ( كما أنَّ استقصاء أقوال النقدة في الراوي ركيزة مهمة في معرفة المنزلة التي يستحقها الراوي... الحكم على الرجال يا جلال ليس من السهولة كما يتصوره البعض... ) .
    أقوال : المسألة ليست بهذا القدر من التهويل ( استقصاء ) ! ، ( وليس من السهولة ) ، المسألة أسهل من هذا يا عطاب ، من قرأ كلامك حسب أنك مكثت فيها شهرا ، أو زدت قليلا ! ! ، هذا تزيدٌ من غير زيادة ، وأكثر الناس على دراية بالبرامج البحثية الحاسوبية ، فيا أيها العطاب حذارِ من العطب .
    - لم يرتب الأخ العطاب - وفقه الله- كلامه فأفاد أن العجلي وثقه ، ثم رجع وقال : ممن وثقه العجلي ، وهو في مقام نقلٍ عنه فحسب . ثم إنه أدخل كلام الذهبي في قوله : وسط . وهو نوع من التليين على نقله عمن حكى عنهم توثيقه .
    - أفاد الأخ العطاب : أن ابن حبان وثقه ، والنقل عنه لا يفيد ذلك ، فمن المعلوم أن مجرد إدخال ابن حبان للراوي في الثقات لا يعني توثيقه . وقد ورد في النقل أنه قال : ربما أخطأ ، وهذا تليينٌ له . وقال أيضا : يعتبر به . يعني أنه مقبول في الشواهد والمتابعات ، وعليه فيكون هذا في معنى كلام الحافظ ابن حجر في التقريب : مقبول . أي إذا توبع .
    - قال العطاب : وثقه العجلي . قلتُ : والعجلي رحمه الله معلوم بأنه يتفرد عن كبار الأئمة بتوثيق من لا يوجد لهم فيه توثيق . ولهذا لم يعتد جماعة من أهل الحديث بتوثيقه ، ولا يعلم مذهبه في التوثيق ، فقد يكون ممن يرى أن الثقة من لا يعرف بجرح ، وهذا مذهب غير مقبول .
    - قال العطاب : وصحح له ابن خزيمة . قلتُ : هذا ما يسمى بالتوثيق الضمني . وهو مقبول إذا شرط صاحب الكتاب الصحة ، وروى عنه من غير اقتران ، ولم يكن له مذهب في التوثيق لا يوافق عليه . ومن المعلوم أن ابن خزيمة رحمه الله يرى أن الثقة من لا يعرف بجرح ، ولذا فلا يعول على مثل هذا .
    - قال العطاب في نثر الخطاب : ( وأظن-والعلم عند الله تعالى- أنَّ الذهبي لو وقف على توثيق أبي حاتم والعجلي لتغير حكمه ) .
    قلت : لم يثرب الأخ العطاب على الإمام الذهبي في حكمه ، ولم يُعرّض بعدم الاستقصاء ، والاستسهال ! كما فعل مع جلال من قبل ، وفعلته هذه هي الجادة ، فليته يسلكها دائما ( يبين الخطأ ويطرح التثريب ) .
    - أوهم كلام العطاب أن الذهبي لم يقف على شيء من كلام أبي حاتم ، وجاء في الميزان : (محمد بن يزيد بن خنيس المكي . مولى بنى مخزوم . عن أبيه ، وابن جريج ، وسعيد بن حسان . وعنه بندار ، وأبو حاتم ، وعدة . قال أبو حاتم : شيخ صالح ، كان يمتنع من التحديث . وقال ابن حبان : ربما أخطأ ، يجب أن يعتبر بحديثه إذا بين السماع . قلت : هو وسط .) . قلت : هذا يدل على أن الذهبي على علم بأصل القصة . وكذا الحافظ ابن حجر هو على علم بأصلها . حيث قال في تهذيب التهذيب : (قال أبو حاتم كان شيخا صالحا كتبنا عنه بمكة وكان ممتنعا من التحديث أدخلني عليه ابنه . وذكره بن حبان في الثقات وقال كان من خيار الناس ربما أخطأ يجب أن يعتبر بحديثه إذا كان بين السماع في خبره ) . وهكذا جاء في تهذيب الكمال للمزي ، من غير قوله : ( فقيل لأبي فما قولك فيه ؟ . فقال: ثقة ) . وقد أشار الشيخ محقق تهذيب الكمال في الحاشية لورود هذه الزيادة في الجرح والتعديل . وهي كذلك موجودة في المطبوع .
    بقي معنا لماذا لم يذكروها ؟ الجواب : فيه احتمال الخطأ من صاحب الكمال أو تهذيبه ، حيث حذف هذه الزيادة ، وهي مؤثرة ، وتتابع عليها هؤلاء النفر من العلماء الأجلاء . احتمال آخر : أنها لم تذكر في بعض نسخ الجرح والتعديل . احتمال آخر : أن السؤال كان عن الابن ، أي : ابن محمد ابن خنيس ، لأن الضمير يعود إلى أقرب مذكور ، ولأن الأب قد سئل عنه من قبل . والذي يظهر لشيخي جلال أنها توثيق للأب ، وقد سألوه مرة ثانية ؛ لأن كلامه الأول يفيد العدالة ، فأرادوا معرفة الضبط لأنه قد دخل عليه ، وأخذ عنه .
    - للفائدة أن الشيخ جلال لا يقتصـر على أحكام الحافظ في التقريب ولا على أحكام الذهبي في الكاشف ، بل يرجع إلى تهذيب التهذيب وغيره من الكتب التي تعنى بالنقل عن الأئمة ، وهذا ظاهر في كتابه ( تطبيقات أصولية ) . وهو في هذا رجع إلى التهذيب ، ولم يرجع إلى كلام أبي حاتم في الجرح والتعديل ثقة بالنقل الموجود ، ولهذا أشار إليه ، وأجاب بأنه لا يفيد توثيقا . وهو يشكر الأخ العطاب وفقه الله على الفائدة ، ويؤكد على أهمية الرجوع إلى المصادر الأصلية ، لئلا يقع المرء في مثل هذا الخطأ الذي وقع فيه الشيخ ، والشيوخ من قبل ( الذهبي وابن حجر وغيرهما) ....
    هذا ما أردت أن أبينه للأخ العطاب فيما جانب فيه الصواب ... والله تعالى أعلم .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    587

    افتراضي رد: تعقبات على بحث مشروعية دعاء ختم القرآن لفضيلة الشيخ/ جلال بن علي السلمي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وحده...والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،أما بعد:
    فحياك الله يا جلال وأسأل الله أن يوفقني وإياك لما يحب ويرضى...
    وقد تبين لي من بعض مواضيعك أنك طالب علم مثابر...زادك الله حرصا على الخير...


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوبراني مشاهدة المشاركة
    أقول : المسألة ليست بهذا القدر من التهويل ( استقصاء ) ! ، ( وليس من السهولة ) ، المسألة أسهل من هذا يا عطاب .
    صدقت يا جلال..
    وعفا الله عن الإمام الذهبي حين قال في (الموقظة):( والكلامُ في الرُّواة يَحتاجُ إلى وَرَعٍ تامّ، وبَراءةٍ مِن الهوى والمَيْل، وخِبرةٍ كاملةٍ بالحديثِ، وعِلَلِه، ورجالِه)انتهى.

    المسألة ليست بهذا القدر من التهويل يا إمام ...
    (وَرَعٍ تامّ)؟؟؟
    (وبَراءةٍ مِن الهوى والمَيْل)؟؟؟
    (وخِبرةٍ كاملةٍ بالحديثِ)؟؟؟
    (وعِلَلِه)؟؟؟
    (ورجالِه)؟؟؟
    المسألة أسهل من هذا في عصرنا -عصر الوجبات السريعة- إنما هو كيبورد +برنامج المكتبة الشاملة وستكون النتيجة=
    فضيلة الشيخ الفقيه المحدِّث الأصولي النحرير ؟؟؟...
    المسألة ليست بهذا القدر من التهويل...
    عفا الله عنك يا إمام...


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوبراني مشاهدة المشاركة
    ثم إنه أدخل كلام الذهبي في قوله : وسط . وهو نوع من التليين على نقله عمن حكى عنهم توثيقه .

    إنما ذكرتُ قول الإمام الذهبي لئلا تظُننَّ أني لم أقف على قوله...

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوبراني مشاهدة المشاركة
    والعجلي رحمه الله معلوم بأنه يتفرد عن كبار الأئمة بتوثيق من لا يوجد لهم فيه توثيق . ولهذا لم يعتد جماعة من أهل الحديث بتوثيقه ، ولا يعلم مذهبه في التوثيق ، فقد يكون ممن يرى أن الثقة من لا يعرف بجرح ، وهذا مذهب غير مقبول .
    سبحان الله...
    أولاً: لو سلمتُ لك -تنزلاً- بصحة ما ذكرته فإنه في هذا المقام لا طائل منه، لأن الإمام العجلي لم ينفرد هنا بتوثيق ابن خنيس حتى تقول قولك هذا ...

    ثانياً:قال صاحب(تحرير علوم الحديث)(1/324) وتأمل كلامه يا جلال وأنصحك أن تسجله في دفتر الفوائد عندك:

    "أطلق بعض المتأخرين أن العجلي يوثق المجهولين ، وقد تتبعت كتاب العجلي المسمى : " معرفة الثقات من رجال أهل العلم والحديث ، ومن الضعفاء , وذكر مذاهبهم وأخبارهم " ، فوجدته في الغالب متين العبارة ، موافقاً لكلام غيره من نقاد المحدثين ، وذلك في تعديله وتجريحه ، ويتفرد عن كبار الأئمة بتوثيق من لا يوجد لهم فيه توثيق ، كما يشذ في قوله عنهم وهو في شيء قليل .
    وأقول : إذا أنصفت وجدت عامة كبار النقاد يتفرد أحدهم بتعديل لا يقوله غيره ، ويخالف الجمهور في الشيء بعد الشيء ، فإن عددناه مأخذاً على العجلي لزم أن يؤخذ على يحيى بن معين وأبي زرعة وأبي حاتم الرازي وغيرهم ، لذا فالواجب أن يعتبر له نقده ، فإن جاءت عبارته على الموافقة لعبارة سائر النقاد فذاك ظاهر القبول ، وإن خالف أخضعنا قوله لقواعد الترجيح عند اختلاف الجرح والتعديل ، وإن انفرد وجب قبول قوله والاحتجاج به كغيره ، حتى يتبين بالحجة خطؤه )انتهى.

    هذا الكلام من الجديع دليل على أنه ذا دراية بمنهاج الأيمة في الجرح والتعديل ...
    وأريد أن أنبه جلالاً إلى أن في كلامه إطلاقاً عجيبا..وذلك في قوله:
    "ولهذا لم يعتدجماعة من أهل الحديث بتوثيقه"

    ولا أدري هل جلال يرى وجود توثيق العجلي في الراوي وعدمه سواء؟؟؟
    ولا أدري أيضا من هؤلاء الجماعة الذين يرون هذا الرأي... وهو إهدار توثيق العجلي، وهل يا ترى هم ممَّن يضارعون الإمام عباس الدوري مكانة ودراية بأقوال النقاد حين قال -فيما صح عنه-:((إنا كنا نعده-أي العجلي- مثل أحمد بن حنبل ويحيى بن معين))

    فتأمل معي أخي في الله...
    الإمام الدوري يعد العجلي مثل أحمد وابن معين،وأما جلال فيقول:( ولهذا لم يعتدجماعة من أهل الحديث بتوثيقه ، ولا يعلم مذهبه في التوثيق)؟؟؟؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوبراني مشاهدة المشاركة
    ولا يعلم مذهبه في التوثيق ، فقد يكون ممن يرى أن الثقة من لا يعرف بجرح ، وهذا مذهب غير مقبول .
    لعلي أفيدك يا جلال أن ثمة رسالة علمية نوقشت قبل أشهر في جامعة أم القرى في مكة المكرمة حول توثيق العجلي-دراسة استقرائية-، توصل الباحث فيها إلى أن توثيق العجلي كتوثيق غيره من الأيمة...
    كما أن الباحث قد ناقش في ثنايا بحثه دعوى الإمام المعلمي حول توثيق العجلي.



    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوبراني مشاهدة المشاركة
    لم يثرب الأخ العطاب على الإمام الذهبي في حكمه ، ولم يُعرّض بعدم الاستقصاء ، والاستسهال ! كما فعل مع جلال من قبل .


    صدقت يا أخي...هذا خطأ منهجي ظاهر
    كان علي أن أسوي في التعامل بين قول الإمام الحافظ الذهبي(وسط) وبين قول المكرم جلال (مجهول)-مع العلم أن جلالاً لم يسبق بإمام قال مثل قوله-؟؟؟
    اللهم إنا نسألك الصفح والمغفرة.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوبراني مشاهدة المشاركة
    للفائدة أن الشيخ جلال....
    قد قلتُ آنفاً إن مواضيع الأخ جلال تدل على أنه طالب علم مثابر...


    وفقه الله تعالى
    ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    16

    افتراضي رد: تعقبات على بحث مشروعية دعاء ختم القرآن لفضيلة الشيخ/ جلال بن علي السلمي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد ..
    لي تعليق على كلامك أيها العطاب ...
    1- ( فحياك الله يا جلال ) ، ( صدقت يا جلال.. ) ، (وتأمل كلامه يا جلال ) ، (لعلي أفيدك يا جلال) .... أنت تتكلم معي أيها العطاب ( الوبراني : سلطان بن عبد الله السعيدي ، والوبراني نسبة إلى جدٍ لي اسمه وبران ، أسكن مكة ، وأعمل مدرس لغة ، وإن أردت التواصل معي ، فأرسل لي رسالة على الخاص ) ، فلماذا تحول الكلام إلى الشيخ جلال ؟ ! . لعلك تعودت الخداع ، ولبس القناع ، فأصبحت تنظر إلى الناس بعين طبعك .
    2- ( وقد تبين لي من بعض مواضيعك أنك طالب علم مثابر ) . أيها العطاب من أنت حتى تقوم الناس ؟ ! ، غاية أمرك جهالة العين والحال ، أنصحك أن تشتغل بطلب العلم ، والاجتهاد فيه ، وتترك عن نفسك تقويم الآخرين ، الذين هم أحسن منك حالا في نظر كثير من الناس ... فالشيخ جلال شهد له الموافق والمخالف ، فلا تتعب نفسك ، وتشغلها بما لا يعنيك ..
    3- ( المسألة أسهل من هذا في عصـرنا - عصـر الوجبات السـريعة - إنما هو كيبورد + برنامج المكتبة الشاملة وستكون النتيجة = فضيلة الشيخ الفقيه المحدِّث الأصولي النحرير ؟؟؟... ).
    أيها العطاب حذارِ العطب لا تجحد نعمة الله عليك وعلى أهل زمانك . وانظر إلى قول ابن حمدان الحنبلي في صفة الفتوى ، وهو يتكلم عن الاجتهاد : (ومن زمن طويل عدم المجتهد المطلق ، مع أنه الآن أيسر منه في الزمن الأول ؛ لأن الحديث والفقه قد دونا وكذا ما يتعلق بالاجتهاد من الآيات والآثار وأصول الفقه والعربية وغير ذلك ، لكن الهمم قاصرة ، والرغبات فاترة ، ونار الجد والحذر خامدة ، اكتفاء بالتقليد ، واستعفاء من التعب الوكيد ، وهربا من الأثقال ، وأربا في تمشية الحال ، وبلوغ الآمال ، ولو بأقل الأعمال ، وهو فرض كفاية ، قد أهملوه وملوه ولم يعقلوه ليفعلوه ) . فكيف لو رأى ما في زماننا من تيسير ؟ ! .
    4- (قد قلتُ آنفاً إن مواضيع الأخ جلال تدل على أنه طالب علم مثابر...) .
    الشيخ جلال شهد له بالعلم مشايخ كثر ، وقد اطلعت على شيء من توصياتهم له لما كنت أساعده في كتابة بعض اللوائح في شأن قضيته ...
    فهذا الشيخ الأصولي / عبد الله بن صالح الفوزان حفظه الله كتب له توصية قال فيها : من طلبة العلم الذين رزقهم الله علما ، وفهما ، وإدراكا ، وقد أخذ من كل فنٍّ من فنون العلم بقد يؤهله لنفع الآخرين ...
    كتب هذا بخطه بعد تخرج الشيخ جلال من الجامعة . وقد طلب الشيخ عبد الله من الشيخ جلال أن يقرأ كتابه فقه الدليل ، ويفيده إذا كان له عليه ملحوظات ، وهذا في عام 1427 هـ ، فقرأ الشيخ جلال الجزء الأول والثاني والثالث والرابع في فترة إقامة الشيخ عبد الله في الإجازة الصيفية بمكة . وكان يدفع له الكتاب بعد مدة أسبوع فيأخذه الشيخ ، وينظر في الملحوظات ثم يعيده ، وهكذا ، وبقي الجزء الخامس والسادس ، علق عليهما الشيخ جلال بعد حث الشيخ عبد الله له ، ودفعهما إليها بعد أشهر أثناء زيارته إلى القصيم . وكذا دفع الشيخ عبد الله للشيخ جلال جزءا من منحة العلام للتعليق عليه .. ويجمع الشيخ جلال بالشيخ عبد الله علاقة قوية جدا ، وأعرف أنه قد أهداه جميع كتبه ، ويرسلها له مع طلابه . وأذكر مرة أرسل له شرح الألفية ، والقطر ، وكتب أخرى مع أحد المعيدين في الجامعة ، فأهداها الشيخ جلال لبعض طلابه ، لأنه قد اقتناها فور نزولها بالمكتبات .
    أيضا الشيخ د / غازي العتيبي ، كتب له توصية علمية ، وكان يسأل الشيخ عن بعض التطبيقات الأصولية ، ويراجعه في ذلك ، ودفع له بحثه في الدكتوراه لإبداء الملحوظات ، وهو لا يزال طالبا في الجامعة ، وكذا دفع له بعض بحوثه المحكمة الأخرى . والشيخ د / أحمد الحبيب كتب له توصية ، قال فيها : أنه صاحب ذهن وقاد ، وإطلاع واسع ، وقريب من هذا توصية الشيخ د / محمد علي ابراهيم محقق التمهيد . وغيرهم كثير. ويعلم لله ما كنت أريد أن أكتب هذا الكلام ، وهي من أخبار الشيخ الخاصة ، لولا هذا التنقص المبطن من المدعو عطاب ، هداه الله إلى الصواب .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    2,225

    افتراضي رد: تعقبات على بحث مشروعية دعاء ختم القرآن لفضيلة الشيخ/ جلال بن علي السلمي

    نفع الله بكم جميعًا، إخوة صدق فضلاء.
    صورة إجازتي في القراءات العشر من الشيخ مصباح الدسوقي

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    587

    افتراضي رد: تعقبات على بحث مشروعية دعاء ختم القرآن لفضيلة الشيخ/ جلال بن علي السلمي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القارئ المليجي مشاهدة المشاركة
    نفع الله بكم جميعًا، إخوة صدق فضلاء.
    اللهم آمين...
    بارك الله فيك يا أخي الكريم
    ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    587

    افتراضي رد: تعقبات على بحث مشروعية دعاء ختم القرآن لفضيلة الشيخ/ جلال بن علي السلمي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أسأل الله أن يوفقك يا جلال لما يحب ويرضى....

    قلتَ يا أخي...
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوبراني مشاهدة المشاركة
    والمرسل ضعيف للجهل بحال الساقط ، وبهذا قال أكثر الأصوليين .

    أولاً: الأولى عند تقرير أي مسألة أن يبدأ طالب العلم بأقوال أهل الفنَّ في تقرير تلكم المسألة...وهذا أمر منهجي لا ينبغي التغافل عنه لا سيما إذا كانت أقوال أهل الفن مبثوثة معروفة في تضاعيف تصانيفهم...
    وعليه فلا حاجة لتقرير مسألة حديثية بقول أكثر الأصوليين ما دام أن لأهل الفنِّ قولٌ في تلكم المسألة ...

    ثانياً:قد انعقد إجماع المحدثين على عدم حجية المرسل
    قال الإمام مسلم في مقدمته الشهيرة "وَالْمُرْسَلُ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِي أَصْلِ قَوْلِنَا، وَقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ"
    فالقول بأن المرسل ضعيف لإجماع المحدثين على ذلك أولى وأحرى من القول بأن أكثر الأصوليين على القول بضعف المرسل.

    والله أعلم
    ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •