ويستحب له: الإغتسال عند دخول مكة ـ إن تيسر له ـ وأن يدخلها نهارا، لما تقدم عن ابن عمر رضي الله عنهما،
فإن لم يتيسر له ذلك فلا حرج، فقد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الجعرانة ليلا في ليل، حتى أن بعض أصحابه لم يعلموا بعمرته هذه.
وله أن يستريح قبل أداء عمرته، أو ينام، أو يجلس، أو يأكل، ولا يلزمه المبادرة بأداء العمرة، وإن بادر بأداء عمرته كان أفضل.
وله أن يبيع ويشتري ولا حرج عليه في ذلك، لقول الله تعالى "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم".
والأفضل في حق النساء أن يطفن بالليل لقلة الزحام، أو من وراء الناس كما ثبت ذلك عن أمهات المؤمنين عائشة وأم سلمة رضوان الله عليهن، إلا إذا كانت المرأة تخشى أن يفجأها الحيض أو النفاس فالأفضل لها المبادرة بالطواف ساعة وصولها.
ثم إذا وصل البيت وكان محدثا توضأ للطواف لما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن أول شيء بدأ به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قدم أن توضأ، ثم طاف للبيت.
والحائض لا تطوف بالبيت حتى تطهر وتبقى على إحرامها، وإذا حاضت أثناء الطواف قطعت طوافها بسرعة، لما جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعائشة حين قدمت معتمرة في حجة الوداع وكانت حائضا " افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري".
كما يجب عليه أن يستر عورته لما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا بكر لصديق رضي الله عنه بعثه في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قبل حجة الوداع ـ يوم النحر، في رهط يؤذن في الناس: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.
ثم إذا وصل المسجد الحرام فيستحب له أن يدخل من باب بني شيـبة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دخل منه كما في حديث جابر عند مسلم.
فإذا أراد الدخول قدم رجله اليمنى قائلا: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم.
وإذا رأى الكعبة المشرفة يرفع يديه قائلا: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام، كما جاء عن عمر رضي الله عنه .
وجاء عند ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ترفع الأيدي في سبعة مواطن: إذا رأى البيت، وعلى الصفا، والمروة، وفي جمع، وعرفات، وعند رمي الجمار.
ثم يتقدم إلى البيت متوجها إلى الحجر الأسود ليبتدئ الطواف ناويا ذلك بقلبه غير متلفظ بالنية، لأن النية محلها القلب، والتلفظ بها بدعة.
والسنة للرجل في هذا الطواف: أن يضطبع بردائه في جميع طوافه، لما جاء عن يعلى ابن أمية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم طاف مضطبعا وعليه برد. رواه ابن ماجة والترمذي وصححه، وأبو داود وقال: برد له أخضر. ورواه أحمد ولفظه: لما قدم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مكة طاف بالبيت وهو مضطبع ببرد له حضرمي.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة، فرملوا بالبيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى. رواه أحمد وأبو داود.
والإضطباع: أن يجعل ردائه تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر، ويكون كتفه الأيمن بارزا مكشوفا.
وهذا الإضطباع إنما يشرع حال الطواف فقط، فإذا قضى طوافه فإنه يجعل ردائه على ظهره، وطرفيه على صدره، وذلك قبل أن يصلي ركعتي الطواف.
والسنة للرجل في هذا الطواف أن يرمل في الثلاثة الأشواط الأولى منه ـ إن تيسر له ـ أي: يسرع في المشي مع مقاربة الخطا ـ من الحجر الأسود حتى ينتهي إليه ـ ويمشي في الأربعة الباقية، لما جاء في الصحيحين عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم "كان إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم، سعى ثلاثة أشواط ومشى أربعا، ثم يصلي سجدتين، ثم يطوف بين الصفا والمروة".
وجاء عند مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه، ثلاثة أطواف.
وأما المرأة فإنها لا تضطبع ولا ترمل، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنه لا رمل على النساء حول البيت ولا بين الصفا والمروة، وليس عليهن اضطباع، وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجلد، ولا يقصد ذلك في حق النساء، لآن النساء يقصد فيهن الستر، وفي الرمل والإضطباع تعرض للكشف.
الطواف :
فإذا وصل الحَجَرـ ومنه يـبتدأ الطواف ـ فإن تيسر له استلامه ـ أي مسحه بيده اليمنى ـ ويقبّله بفمه، ويسجد عليه، فحسن لثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
يفعل ذلك تعظيما لله عز وجل، واقتداءا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لا اعتقادا أن الحجر ينفع أو يضر، فقد جاء عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقبّل الحجر ويقول: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولو لا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقبّلك ما قبّلتك. رواه الجماعة.
فإن لم يتيسر له أن يقبّله بفمه استلمه بيده وقبّلها، لما جاء في الصحيحين عن عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما أنه استلم الحجر بيده ثم قبّل يده، وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفعله.
فإن لم يتيسر له استلامه بيده استلمه بمحجن وقبّل المحجن، لما جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عمها قال: طاف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن.
وفي صحيح مسلم عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يطوف بالبيت ويستلم الحجر بمحجن معه ويقبّل المحجن .
فإن لم يتيسر له ذلك، أشار بيده ولو من بعيد، لما جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم طاف بالبيت على بعير، كلما أتى على الركن أشار إليه. وفي رواية: أشار إليه بشيء كان عنده وكبّر.
وإن سمى مع تكبيره فحسن لثبوت ذلك عن ابن عمر رضي الله عنه.
ولا ينبغي له أن يزاحم، لأنه يؤذي بذلك نفسه وغيره، وربما حصل له أو لغيره الضرر، ويذهب الخشوع، ويخرج الطواف عما شرع من أجله من التعبد لله، وربما حصل به لغو وجدال وقتال، وقد نهى الله عن ذلك كله في كتابه الكريم،
وجاء عند أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعمر رضي الله عنه "ياعمر: إنك رجل قوي فلا تؤذ الضعيف، وإذا أردت استلام الحجر، فإن خلا لك فاستلمه، وإلا فاستقبل وكبر".
ثم يأخذ ذات اليمين، ويجعل البيت عن يساره، فإذا وصل للركن اليماني ـ وهو آخر ركن من البيت يمر به الطائف قبل الحجر ـ إذا وصل إليه إستلمه بيده ـ إن تيسر له ـ ولا يقبله، فإن لم يتيسر له استلامه بيده لم يشرع له أن يزاحم فيؤذي ويؤذى، ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الإشارة إلى هذا الركن لا باليد ولا بغيرها.
ولا يستلم من البيت غير الحجر الأسود والركن اليماني، لأنهما على قواعد إبراهيم عليه السلام، ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يستلم سواهما.
وقد جاء عند أحمد عن يعلى بن أمية t قال: طفت مع عمر رضي الله عنه، فلما كنت عند الركن الذي يلي الباب مما يلي الحجر أخذت بيده ليستلمه، فقال: أما طفت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟. قلت: بلى. قال: فهل رأيته يستلمهما؟. قلت: لا. قال: فانفذ عنك، فإن لك في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسوة.
ولما استلم معاوية الأركان كلها، قال له ابن عباس رضي الله عنهما: لم تستلم هذين الركنين ـ يعني الشماليين ـ ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستلمهما؟. فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورا. فقال ابن عباس رضي الله عنه : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة". فقال معاوية: صدقت. رواه أحمد, وأصله في الصحيحين.
وقد ورد عند أحمد والنسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:"إن مسح الركن اليماني والحجر الأسود يحطان الخطايا حطا".
وجاء عند الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:"ليبعثن الله الحجر يوم القيامة، وله عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحق".
وجاء عند الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:"نزل الحجر الأسود من الجنة، وكان أشد بياضا من اللبن، فسودنه خطايا بني آدم".
والسنة أن يقول بين هذين الركنين "ربنا آتـنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" لما جاء عند أحمد وأبي داود عن عبدالله بن السائب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول بين الركن اليماني والحجر "ربنا آتـنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
وكلما مر بالحجر فعل ما سبق وكبر، ويقول في بقية طوافه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة، فإن كان لا يستحضر شيئا من الأدعية فلا بأس بالإستعانة بشيء مكتوب موافق للكتاب والسنة.
والأفضل للطائف أن لا يشتغل بشيء غير الدعاء والذكر، لما جاء عند الدارمي والحاكم وابن حبان وغيرهم عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:"الطواف بالبيت صلاة، ولكن الله أحل فيه النطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير". وفي رواية:"فأقلوا فيه من الكلام". ورواه الترمذي بمعناه وقال: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم يستحبون أن لا يتكلم الرجل في الطواف إلا لحاجة، أو بذكر الله تعالى، أو من العلم.
والسنة أن يكثر من الذكر والقراءة والدعاء بما شاء من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم، يدعو لنفسه وأهله وأحبابه ولسائر المسلمين.
وإن تيسر له الوصول إلى الملتزم ـ في طوافه هذا أو حين يدخل مكة ـ إلتزمه ـ وهو ما بين الحجر الأسود والباب ـ يضع عليه صدره وخده ويده، ويدعو بأي دعاء مأثور أو بما شاء، وذلك لما جاء عند أبي داود وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: طفت مع عبدالله فلما جئنا دبر الكعبة، قلت له: ألا تتعوذ؟. قال: أعوذ بالله من النار، ثم مضى حتى استلم الحجر قام بين الركن والباب، فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه بين الركن والباب، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفعل.
فإن تيسر له ذلك أتى به، وإن لم يتيسر له فلا حرج.
وهذا الطواف سبعة أشواط: يبتدئ من الحجر الأسود وينتهي به.
ومن شك في طوافه هل هو ستة أو سبعة أشواط؟. فليبن على الأقل وليجعلها ستة وليطف سابعا، ولكن ليحذر الوسوسة وتغليط الشيطان، وإن استعان على عدّه الأشواط بشيء فلا حرج إن شاء الله.
والأفضل أن يأتي به ماشيا لما جاء عند ابن خزيمة عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:"من طاف بالبيت أسبوعا ـ أي سبعة أشواط ـ لا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة وكتب له بها حسنة ورفع له بها درجة".
وإن طاف راكبا ـ خاصة إذا كان لعذر ـ جاز، لما تقدم في حديث ابن عباس رضي الله عنه .
ولا يصح الطواف من داخل الحجر ـ وهو المحوّط عليه شمال الكعبة تحت الميزاب ببناء منخفض نصف دائري وله مدخلان ـ لأن ذلك من البيت، ومن صلى فيه فكأنما صلى في البيت، كما جاء عند أبي داود والترمذي وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بيدي فأدخلني في الحجر، فقال:"صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت، فإنما هو قطعة من البيت ولكن قومك استقصروا ـ أي قصرت بهم النفقة ـ حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت".
وجاء عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: صلوا في مصلى الأخيار، واشربوا من شراب الأبرار. قيل ما مصلى الأخيار؟. قال: تحت الميزاب. قيل: وما شراب الأبرار؟. قال: ماء زمزم. فليحرص المسلم على الصلاة فيه إن تيسر له.
ومن طاف على جدار الحجر الذي تحت الميزاب، أو على الشاذروان الذي تربط فيه حلق كسوة الكعبة لم يجزئه ذلك، لأنهما من البيت، فالطائف عليهما ليس طائفا بالبيت وإنما ببعضه، ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم طاف من وراء ذلك.
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دعاء مخصص لكل شوط ، ففعل ذلك بدعة منكرة.
ومن الأخطاء في الطواف: أن يجتمع جماعة على مطوف واحد يطوف بهم ويلقنهم بصوت مرتفع، فيتبعه الجماعة بصوت واحد فتعلو الأصوات وتحصل الفوضى ويتشوش بقية الطائفين فلا يدرون ما يقولون، وفي هذا إذهاب للخشوع، وإيذاء لعباد الله، وتفويت على النفس أن تدعو بما تحتاج إليه.
ويجب على الطائف أن يتحرز قدر المستطاع من مماسة النساء، لما جاء عند الطبراني في الكبير والأوسط عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:"لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له".
فإن مس امرأة أو مسته من غير قصد ولا نية لم يضره ذلك إن شاء الله، وذلك لما جاء في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى". لكن عليه أن يـبادر بالإبتعاد عنها فورا.
فإذا أتم طوافه سبعة أشواط تقدّم إلى مقام إبراهيم فقرأ قول الله تعالى:"واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى". ثم يصلي خلفه ركعتين قريبا منه ـ إن تيسر ـ وإلا فبعيدا منه ولو كان في أروقة المسجد ولا حرج عليه في ذلك، لكن يجعل المقام بينه وبين البيت،
يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة: قل ياأيها الكافرون. وفي الثانية بعد الفاتحة: قل هو الله أحد.
وليحرص ما استطاع على أن لا يدع أحدا يمر بين يديه وهو يصلي وأن يصلي إلى سترة، فقد جاء عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:"إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه، فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين". رواه مسلم.
وليس من السنة الزيادة على الركعتين، ولا الوقوف بعدها يدعو طويلا، لا سيما إذا كان في جماعة وبدعاء جماعي فإن ذلك من البدع المنكرة.
وإن تيسر له الشرب حينئذ من ماء زمزم ـ إن لم يكن صائما ـ فحسن.
ثم ينطلق إلى الحَجَر فيستلمه ـ إن تيسر له ـ لما جاء في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : لما انتهى إلى مقام إبراهيم عليه السلام قرأ "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" فجعل المقام بينه وبين البيت فصلى ركعتين، فقرأ فاتحة الكتاب وقل ياأيها الكافرون وقل هو الله أحد، ثم عاد إلى الركن فاستلمه، ثم خرج إلى الصفا".
فإن لم يتيسر له استلامه فإنه لا يشير إليه لا بيده ولا بغيرها، وإنما يخرج إلى المسعى ويبدأ بالصفا، لما جاء عند مسلم عن جابر t أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج من باب الصفا وهو يقول "إن الصفا والمروة من شعائر الله" ثم قال:"أبدأ بما بدأ الله به".
(العمدة في مسائل العمرة)