اختي الكريمة اقرئي بتمعن ولا تتمادي في وساوس الشيطان ود الشيطان لو ظفر منك
ذكروا عن عمر بن الخطاب t أنه صعد المنبر يومًا فقال: « إني كنت أرعي الغنم لبني فلان علي قراريط وكنت كذا وكذا ، ثم بكي ونزل فقال له عبدالرحمن بن عوف: ما زدت علي أن أذريت لنفسك ، قال: إن نفسي حدثتني بالخلافة فأردت أن أؤدبها » ، قال: أنك أمير المؤمنين والكل رهن إشارتك وقولك في الناس ماضٍ فأراد أن يؤدبها فذكر الأيام الخوالي .
ثمرة تواضع عمر بن الخطاب في آخر حياته:وقد أثمر هذا التواضع في آخر حياة عمر كما في صحيح البخاري لما طُعن عمر بن الخطاب t أرسل عبدالله بن عمر ابنه فقال: « اذهب إلي أم المؤمنين عائشة فقل لها: عمر ولا تقل لها: أمير المؤمنين فإني لست اليوم للمؤمنين بأمير» .
يحتاج الإنسان وهو قادم علي الله أن يتخفف من هذه النياشين: إنها لن تغني عنه من الله شيئا ، يحتاج المرء أن يلقي الله ذليلًا لعل الله U أن يرحمه في بعض طرق هذا الحديث أن عمر بن الخطاب قال لابنه: «ضع خدي علي الأرض لعل الله أن ينظر لي » ، ولا ينظر إليه إلا إذا بلغ قمة الذل ، كما فعل الواثق بن المأمون وكان أمير المؤمنين فلما أدركته المنية قال: (ارفعوا هذه الفرش ، فرفعوها ، قال: أنزلوني علي الأرض ، فأنزلوه علي الأرض فصاح: يا من لا يزول ملكه ارحم من زال ملكه) ، فَقَمن أن يستجاب لمثله إذا لقي الله U ذليلًا متخففًا من هذه الألقاب التي أخذها في الدنيا .
فانتفع بها عمر t وقمن لمثله أن ينتفع « لا تقل لها: أمير المؤمنين يقول: كذا وكذا ، فإني لست اليوم للمؤمنين بأمير» ، فلما ذهب عبدالله بن عمر ورجع قالوا: ها هو عبدالله بن عمر جاء قال: « أقعدوني ، ماذا عندك يا عبدالله ، قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين ، قال: الحمد لله ما كان شيء أهم إلي من ذلك » ، أنه يدفن مع صاحبيه جمعهما الحب في الدنيا فأراد أن يدفن معهما .
من سلسلة الوصايا قبل المنايا للشيخ أبي إسحاق الحويني