اضطررت من مدة لولوج أنبوب ظاهره ضخم..وباطنه غاية في الضيق
وهو جهاز الأشعة بالرنين المغناطيسي..
وقد اختلجتني مشاعر لا تكاد توصف
أذكر نتفا منها للعبرة..
أول شيء..فإني أعترف بكوني مصابا بالخوف من الأماكن الضيقة..!
فلأول وهلة أُدخلت فيها كدت أن أصرخ لولا أن ثبتني الله بذكره..
وبعد نحو ثلاث دقائق أنزل الله السكينة عليّ..بعد قدر من الرُهاب عجاب
فتأمّلت ظلمة القبر على ساكنيه ما أوحشها..لولم ينزل الله السكينة..!!
مع الفارق..فالجهاز الذي أدخلته..مكيّف..وم ُضاء..وثم سمّاعة للتواصل بينك وبين الممرض الذي يراقب الأمر من بعد كالثعلب الفرٍح بضحيته..
تأملت..وتفكرت..
كيف هو هو حال أهل المدارس اليوسفية..
والزنازين المظلمة الضيقة..وشرعت أسأل الله لهم العافية وأن يفرغ عليهم صبرا وثباتا..
تدبّرت لحال من يخرج منهم وهو أصلب عودا..كيف يتأتى له ذلك..لولا طمأنينة قذفها الله في قلبه
وأيّ جحيم يتلظى به المحجوب عن ربّه وهو لا يشعر
مع ضعفه البالغ..وعظيم افتقاره للرب عز وجل..
تأمّلت في المتصارعين على حطام الدنيا..على أيّ شيء يختصمون؟!
ولأي أمر جلل ينزفون أوقاتهم !
وكدت أقول أنا وحدي من عرفت الله حق المعرفة..وسطَ هذه الكُربة..
وأيّ كُربة؟..إنها ليست غير شيء يعين الطبيب على تشخيص حالتي
فما ظنك بالخطوب الجليلة..؟
تأمّلت..وتأمّلت..
وخرجت لابسا ثوبا آخر..فلم أكن أبا القاسم الذي دخل
بل شخص آخر..مازال في اندهاش..
إلى هذه اللحظة..
والله المستعان